رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 27 - 1
قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد
تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية
رواية عازف بنيران قلبي
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة سيلا وليد
الفصل السابع والعشرون
تم النشر بتاريخ
10/10/2023
الجزء الأول
ماتت حروف الحب من دفتر الكلمات فقد ظُلمت مثلما ظلمتُ، مثلما حكم الجميع على قلبي وحالي من بعيد، دون أن يسمع احد او يرى في عيني انكسارات قلبي السابقة ، حكموا على مشاعري دون أن يلمسوها في العلن، حكموا على إحساسي دون أن تدخل قلوبهم لقلبي، ، أصبحت قلوب الجميع قاسية لا تعرف عن الحب شئ، إلا استغلال الفرص ان كانت لصالحة أو لاء، ، مات الحب مثلما قتلوا قلبي أمام عيني، ثم تركوني أبكى وحدي في جنازتي...!
❈-❈-❈
اتجه توفيق إلى درج مكتبه وفتحه، ثم ألقى إليه بعض الصور قائلا بصوت مرتفع
-عشان أحافظ على شرفك ياحضرة المستشار، عشان شرف البنداري يفضل مرفوع متجيش بنت تمرمطه في الأرض
دنى ينظر إلى راكان الذي فتح الصور ينظر إليها ورفع نظره إلى جده كالذي فارقت روحه جسده عندما تحدث توفيق
-عشان لو اتأخرت يوم واحد كان الصور دي في كل وسائل الأعلام، ومفيش غير الست اللي خانت جوزها
هنا هوى على مقعده وكأن أنفاسه سلبت منه عندما شعر بإنسحاب الأكسجين من رئتيه، وهو يراها باوضاع مخلة
أطبق على جفنيه حتى تساقطت عبراته رغما عنه وهو يهمس بإسمها "ليلى"
دلفت الشرطة بعد قليل ينتظرون أوامر راكان، الذي جلس وكأنه فاقد للوعي ولم يفعل شيئا سوى همسه بإسمها
صراع عنيف اندلع بداخله وخز قلبه بأشواك الحسرة مما فعله جده بزوجته..رفع نظره وانتابه شعور كره وحقد مما جعله ينهض متجها إليه وفجأة قبض على عنقه حتى تحول لون وجهه إلى شحوب مثل الموتى، متحدثًا من بين أسنانه
-قولي اعمل فيك ايه، يعني أموتك واريح الناس منك انت ايه شيطان!!
صرخ بها راكان عندما فقد سيطرته بالكامل، حتى أسرع الضابط المسؤل على القبض عليه
يجذب راكان من ذراعيه، في حين وصل خالد عمه وزوجته التي صرخت بعدما وجدته بتلك الهيئة
تحرر توفيق من يد راكان وهو يسعل بقوة، حتى يلتقط أنفاسه بصعوبة
اقترب خالد يصيح بغضب على راكان قائلا:
-اتجننت ياراكان!! عايز تقتل جدك يابني
ظل راكان يرمق توفيق بنظرات نارية كادت أن تحرقه، وهو يقاوم نفسه حتى لا يخرج سلاحه ويطلق عليه طلقة نارية ويتخلص منه، ولكنه اقترب منه بخطى سلحفيه بثت الرعب لقلبه
-تعرف انا ممكن أموتك وارتاح منك، بس لو موتك هيبقى برحمك، سمعت عن رصاصة الرحمة، دي مش في قاموسي
أشار للضابط
-خدوهوا وممنوع حد يشوفه ولا حتى محامي صرخ بها حتى اقترب من الضابط لسحبه
حدق به توفيق بعينين متسعتين وكأنه صفعه بقوة فتحدث غاضبًا
-عايز تسجن جدك ياراكان..مسح راكان على وجهه بغضب حتى يسيطر على نفسه
-انا قولت خدوه..صرخ بها بصوتًا مرتفع
صاح توفيق غاضبًا
-انا هروح يابن ابني، بس خليك فاكر انت عملت ايه في جدك
استنى ياحضرة الظابط..قالها خالد متجهًا إلى راكان قائلا بهدوء:
-إيه اللي بتعمله دا يابني، انت عارف نتيجة اللي بتعمله دا
قاطعه توفيق مزمجرًا
- خالد سيبه خليه يغلط كويس، بكرة يعرف الحقيقة، ويعرف أنا عملت ايه عشانه
طالعه بنظرات مشمئزة قائلا بصوت كاد أن يخرج من بين شفتيه عندما فقد شعور بأن هذا الرجل لا ينتسب إليه
-خده يابني بلاش توصلني لمرحلة تخليني أفقد عقلي..اقترب خالد يترجاه
-راكان فهمنا بس إيه اللي حصل
قبضة قوية اعتصرت قلبه عندما تذكر مافعله بزوجته، رفع نظره لعمه قائلا:
-قصدك تقولي ايه اللي معملوش، دا مستحيل يكون بني آدم
تحرك مغادرًا بعد خروج توفيق مع الضابط متجها إلى زوجته
❈-❈-❈
عند ليلى
جلست على فراشها ونبضاتها الهادرة تتخبط بعنف بين ضلوعها وكأنها فقدته للأبد
ضمت ركبتيها واضعة رأسها عليها، وعبراتها تنذرف على خديها بصمت، تتذكر حديثها له الذي شوه قلبها قبله همست من بين بكائها
-ليه ياليلى قولتي كدا وانت هتموتي لو بعد عنك، من إمتى وانت قاسية كدا
دفع باب غرفتها ودلف آلمه قلبه عندما وجدها بتلك الحالة، ورغم ذلك جلس بمقابلتها
-توفيق خطف والدك وهددك بيه مش كدا؟!
ظلت كما هي كأنها لم تستمع إلى شيئا، تنهد بألمًا ثم أكمل حديثه متسائلا:
-هددك بإيه تاني، ماهو مش غبي عارف ومتأكد موضوع الخطف دا مش كافي عشان يضغط عليكي بيه
اخذ يملي رئتيه بالأكسجين الذي يحتاجه حتى يهدئ من حرقة صدره، نهض متجها يجلس بجوارها على الفراش ثم أخرج الصور وألقاها أمامها
-أو ممكن عشان يضغط عليكي عشان الصور دي..رفعت نظرها إلى الصور التي ألقاها أمامها وأطبقت على جفنيها تهز رأسها وارتفعت شهقاتها قائلة:
-مش انا وحياة ربنا الصور دي مش بتاعتي معرفش هو عملها ازاي، اه الهدوم بتاعتي والأوضة كمان بس وحياة ربنا ماانا، أنا عارفة إنك ممكن متصدقنيش
جذبها بعنف يضغط على ذراعها
-اخرسي ياليلى!! اخرسي مش عايز أسمع صوتك خالص
عانقته بقوة وهي تبكي بشهقات حتى مزقت نياط قلبه؛ مما جعله يضغط عليها بقوة داخل أحضانه حتى شعرت بسحق عظامها
تركت نفسها له يفعل بها مايشاء..دام صمت بينهما لدقائق مرت عليهما كلا منهما يشعر باحتياجه للأخر حتى قاطعه راكان حينما أردف
-إزاي قدرتي تتحملي دا كله لوحدك، إزاي قدرتي تخبي عليا دا كله مع إني سألتك مليون مرة
-مقدرتش اتكلم، مقدرتش والله ياراكان حاولت أقولك..بكت بصوت مرتفع
ربت على ظهرها فالقلوب الآن تحترق بهدوء قاتل والألسنة عاجزة عما يحدث لهما..أطبقت على جفنيها تعتصره ثم همست هي وبين أحضانه :
-قالي لازم تطلبي الطلاق من راكان، وإلا هخرجك من البيت دا بفضيحة، أنا كابرت ودافعت عن جوازنا، حتى قالي انك مش جوزي دا مجرد عقد عشان أمير، بس مصدقتوش عشان عارفة ليلى بالنسبة لراكان إيه
شهقة خرجت من فمها، وهو تقص له، مسد على خصلاتها الناعمة
-أشش اهدي..خرجت من أحضانه ونظرت لعيناه وأكملت من بين بكائها
-جالي بعد فترة هنا وجابلي ورق الطلاق وقالي لو ممضتيش هاخد منك أمير واعملك قضية شرف، وفعلا خد أمير مني ورمى الصور دي قدامي، وقفل الباب عليا وهو بيقولي
-لو ممضتيش قبل راكان مايرجع صورك هتغرق السوشيال، وابوكي هيموت واختك وحمزة
شهقة مرتفعة خرجت منها مما جعلها تضع كفيها على فمها لتمنعها وهزت رأسها وهي تطالعه
-مكنتش عارفة أعمل إيه إنت مش موجود، غير الفيديو اللي وصلني وانت ونورسين، وكلام عايدة انكوا بتقضو يومين حلوين
وقعت ياراكان ومعرفتش الصح فين والغلط فين، ابويا اللي بيموت من الألم، ولا اختي اللي لسة بتفتح عيونها لحياة جديدة، أنا مهمنيش نفسي كل اللي همني ابويا وبس، عشان عارفة حتى لو انت مش هتصدقني كنت هعرف ابرئ نفسي
تجمد جسده من حديثها، ابتعد بعدما فاق من مشاعره المتضاربة من قربها فتحدث وهو يطالعها
-ليه شايفاني ضعيف ومقدرش أخد حقك..رفعت نظرها وتحدثت وعيناها متعلقة بعينيه قائلة
-الموضوع مش موضوع إنك ضعيف ولا قوي..نهض متحاملا على نفسه وكأنها تصفعه في كل مرة فأردف
-الموضوع مفيش فيه ثقة بينا للأسف، عمرك ماوثقتي فيا
نهضت تقف بمقابلته
-ولما أشوفك في حضن واحدة، واكذب عيوني واستناك لما ترجع وتفهمني دا يبقى ماوثقتش فيك
وضع يديه بجيب بنطاله ثم ابتسم متهكما
-أيوة استنتيني فعلا، دا من وقت مارجعت وأنا في نظرك الراجل الخاين اللي مقضيها
اقتربت منه وصاحت بغضب
-ودي مش الحقيقة..أشارت بيديها بغضب
عملت إيه غير انك جريت على واحدة مفيش بينك وبينها اي ارتباط وحضن وبوس عشان بس تنزل بكرامتي الأرض وتعرفني إنك متجبر وتقدر تعمل كل حاجة قدامي، وكأن الست اللي قدامك دي معندهاش قلب، أهم حاجة اكسر ليلى اللي دايما توقف قدامي وتقول لا
تجمد بمكانه لايعي ماذا يفعل لها حتى تتأكد انه بيعاقب نفسه قبلها، نظر إليها وألم هائل اجتاح كيانه من اتهامتها الشنيعة دائما، قاطعه رنين هاتفه استدار وخرج بجسد بلا روح وهو يجيب صديقه
-راكان أسما مش موجودة، ومش عارف اوصلها
توقف راكان عن الحركة متسائلا:
-مش فاهم يعني إيه مش موجودة، اتصل بيها شوفها فين، قاطعه نوح صارخًا
بقولك من الصبح وهي مختفية، والعربية لقيتها على أول الطريق، ومش موجودة فيها
-تمام يانوح أنا جايلك عشر دقايق واكون عندك..استدار ودلف إلى غرفته، دلف مرحاضه وخرج بعد قليل، وجدها تدلف الغرفة تفرك كفيها، توقف ينظر إليها متسائلا
-عايزة ايه؟! وبعدين مش قولت متدخليش الأوضة دي تاني
اشتعلت نيران الغيرة بقلبها واقتربت منه كقطة شرسة
-اوعى تفكر جايلك عشان اتحايل عليك، توقفت عن الحديث تلتقط أنفاسها بصعوبة بعدما وجدته يخرج ثيابه ويقوم بخلع البورنس
صرخت به:
-انت بتعمل إيه، أنا بكلمك مش صابر لما أخرج
فوجئت به يطوق خصرها يجذبها بعنف وهو يرمقها بتسلية
-جاية ليه اوضة واحد بتكرهيه ووقفة قدامه وبتبص عليه وهو بيلبس هدومه
لكمته بصدره حينما فقدت قدرتها على الوقوف وأصبحت ساقيها كالهلام عندما استنشقت رائحته وشعور يتسرب بداخلها الأقتراب اكثر وأكثر حتى تشبع روحها المفقودة من قربه
ترقرق الدمع بعيناها وارتجف جسدها بين ذراعيه حينما فقدت قدرتها ، انزلقت عبراتها رغم عنها:
-مش قصدي ازعلك بكلامي والله، أنا لما بكون متعصبة بقول أي كلام وخلاص، عمري ماتمنيت أطفال من غيرك ولا عمري فكرت أبعد عن أمير حتى لو كلفني أن أعيش في نار حبك عايزة أكدلك، دا كلام أهبل قولته من غيرتي ونار قلبي
بكت من حالتها الغريبة التي تعيشها في خضم أحاسيس أرهقتها واثقلت تجاهلها بعشقه الندي لقلبها لا تعلم ماذا عليها أن تفعل
مسح على شعرها بكفه ثم ضم رأسها إلى صدره وأطلق نبرة جياشة قوية:
-تعباني معاكي ياليلى، معنتش عارف أخد قرار، ليه دايما مصرة توجعينا كدا، من اول مرة شوفتك لحد دلوقتي وانت في حضني وبرضو بتوجعيني
يود لو يصرخ من أعماقه بكل مااوتي من قوة حتى تشعر بعذابه، هي لا تعلم بأنه يبذل كميات مضاعفة من الصبر عليها حتى لا يخسرها للأبد
ظلا الأثنين في خضم احاسيسهم هي تنعم بقربه ورائحته ودقات نبضه، وهو يريد ألا يخرجها من أحضانه حتى لا يفقدها، لديه شعور يملأ كيانه إنه سيخسرها بعد فعلتها الأخيرة
رفعها من خصرها متجهًا لأريكته جلس وأجلسها بأحضانه بعدما وجدها فقدت قدرتها على الحركة، رفع خصلاتها التي غطت وجهها وتعلقت شمسه بليلها الدامس
-وبعدين هنفضل نعذب في بعض كدا، هتفضلي تدوسي عليا لحد إمتى
رفعت نظرها إليه:
-مش عارفة صدقني مش عارفة، عايزة أفضل في حضنك طول الوقت، وفي نفس الوقت عايزة ابعد عنك واضربك واموتك وكل كل حاجة
احتضن وجهها بين راحتيه
-لو دا هيريحك أعمليه، بس ضعفك دا مش عايزه، قلبي بيوجعني لما بشوفك كدا
دنى يهمس لها أمام شفتيها
-عاقبيني ماهو أنا هعاقبك برضو، تفتكري هسيب حقي وكسرتك ليا..دنى حتى كاد أن يلمس شفتيها وأكمل
-مش بالسهولة دي يالولة قلبي، لازم ادوقك حرقة قلبي واشوف عذابك لما تلاقي حبيبك في حضن واحدة تانية عشان قبل ماتعملي حاجة تفكري مليون مرة ان الراجل دا اللي دوستي عليه، على قد حبه على قد وجعه
هبت فزعة من أحضانه تهز رأسها بعنف رافضة حديثه
-بعد اللي عرفته، بعد خيانتك ليا، هو فيه وجع أكتر من كدا..نصب عوده واقترب منها
-اه فيه، فيه اللي يوجع أكتر يامدام، لما تكوني ورايا هنا ..أشار إلى غرفتها وأكمل بقلب يأن
-تكوني هنا لوحدك تعاني من فقدان حبيبك اللي بينك وبينه جدار واحد، وانتِ عارفة هو بيعمل ايه مع مراته
اخرررررس، صرخت بها بقهر ودموعها تنزلق كالشلال على وجنتيها تحرقها، ورغم ماقاله الا ان دموعها نزلت فوق صدره تشحذ طبقات جلده طبقة طبقة
دنت بخطوات سلحفية وهي تحرقه بنظراتها
-أنا اللي استاهل حبيت واحد زيك، واحد ميعرفش قيمة القلب اللي يحب ويعشق، ميعرفش وجع القلب من الحبيب بيكون إزاي، رغم عمايلك السودة جتلك واتكلمت معاك قولت نفتح صفحة جديدة، بس كالعادة
اتجه لغرفة ملابسه:
-اطلعي برة عايز اغير هدومي، أما لو عايزة نقضي وقت لذيذ في أوضة ضرتك معنديش مانع
اقتربت منه بهدوء ماقبل العاصفة
-طلقني ياراكان..زم شفتيه وابتسم بسخرية وتحدث متهكما
-متخافيش هطلقك بس لما نتعذب شوية مع بعض
وقفت تكاد تخرج مقلتيها من محجريها وقلبها يأن وينزف من كلماته...أشار على باب الغرفة
-إيه اخلع معنديش مانع لو ..قاطعته عندما استدارت متحركة وهي تصفع الباب خلفها بقوة حتى كادت أن تخلعه
وصلت غرفتها ويكاد قلبها يتوقف من الوجع، وضعت يديها على صدرها، لعل ذاك الألم يتوقف، ثم وضعت يدها على أحشائها
-طيب ياراكان، لو معلمتكش الأدب مكنش ليلى
قامت بخلع ردائها وألقته بغضب على الفراش، ثم اتجهت لتنعش نفسها بحماما دافئ بعدما حرق أعصابها ذاك المتجبر كما أطلقت عليه
ولكنها توقفت عن السير بعدما استمعت لصرخات
..اتجهت سريعا للاسفل متناسية ثيابها التي كانت ترتديها عبارة (عن برمودة باللون الأبيض وكنزة بحملات باللون الأحمر..)
وصلت إلى زينب التي تجلس تضم أسعد على ركبتيها، فصاحت لليلى
-اتصلي بالدكتور بسرعة يابنتي..اتجهت ليلى لمحاكاة الطبيب في تلك الأثناء وصل راكان
-ماله بابا ياماما، اغمى عليه ليه؟!
قالها راكان الذي حاول حمله متجها به لغرفته، محاولا إفاقته، وصل الطبيب بعد قليل
كانت ليلى تقف بجوار زينب، لم ينتبه راكان الذي يعتني بوالده لأفاقته، استمع لصوت العاملة
-الدكتور وصل ياباشا ادخله..التفت للعاملة
-أيوة دخليه ولكنه توقف وهو يراها تجلس تنزل برأسها للأسفل وخصلاتها تغطي وجهها ، فصاح بغضب للعاملة
-استني يانعيمة لما مدام ليلى تطلع أوضتها
رفعت نظرها تحدجه بنظرات نارية متناسية ماترتديه فأجابته
-ليه ان شاء الله هو حرام استنى اشوف الدكتور وهو بيكشف على عمو
هب من مكانه يجذبها بعنف ويجرها خلفه، قائلا :
-لا يامدام يابتاعة الحجاب، حرام يشوفك بلبسك دا اللي المفروض يكون فوق مش تحت للكل، اقول ايه بس يمكن عايزة تغريني، عبيطة متعرفيش الحاجات دي متأثرش فيا
❈-❈-❈
دفعته بغضب بعيدًا عنها، بعدما باتت كلماته تعصب جروح قلبها، فغاصت في عتمة عناده وحيله، فاستدارت له تحدجه بشموخ وكبرياء ولم تمنحه إلا نظرة تمرد فقالت:
-مش مستنية ألبس حاجة عشان اغريك، دنت مقتربة منه ورفعت كفيها على صدره موضع نبضه قائلة وعيناها متعلقة بعيناه
-مجرد لما تشوفني من بعيد دا كافي إنك تتحول ياحبيبي وتتمنى القرب
جذبته بعنف من قميصه حتى خلعت زر قميصه بيديه وتحدثت:
-متعلبش معايا ياحضرة المستشار عشان محرقكش بنار لعبك ..قالتها واستدارت بخطوات ثابتة تتحرك أمامه بخيلاء كأنها لم تكن التي تبكي بأحضانه منذ قليل
تجمد بوقفته وهو يفترسها بملامحه الحادة، يود لو أغلق عليها الغرفة لكي يخرس تلك الشفاة التي ارهقته
فاق من شروده على رنين هاتفه، نظر إليه متذكرًا نوح
تأفف بضيق وهو يمسح على وجهه:
-ياربي دا كفاية عليا عروسة المولد بتاعتي هي ناقصة نوح واسما
ارجع خصلاته للخلف كاد أن يقتلعها
-بابا تعب يانوح، الدكتور يطمني وهجيلك..قالها ثم أغلق هاتفه ..متجهًا لوالده
ارتدت ليلى إسدالها وهبطت للأسفل حتى تكون بجوار زينب ..بينما بالأسفل كانت زينب تجلس بجواره على تخته وراكان يقف بجوارها أثناء كشف الطبيب عليه
تحدث الطبيب متذمرًا
-مش قولنا بلاش نتعصب يااسعد باشا، ضغطك مرتفع للاسف، متنساش أن القلب تعبان
تحدث أسعد بصوت مجهد
-هو فيه حد يتمنى التعب لنفسه يادكتور..نظر الطبيب إلى راكان وتحرك للخارج
-لازم يتحول عناية، ويعمل فحوصات كاملة للقلب..قاطعته زينب
-هو مكنش خف يادكتور ليه رجع يتعب تاني
اجابها الطبيب
-للأسف شكله أتعرض لصدمة وغير ازمته القلبيه، شاكك يكون فيه حاجة في الشريان التاجي، عشان كدا لازم نعمل فحص كامل، ونبعده عن التوتر
اتجهت بنظرها لأبنها
-ينفع كدا، قولتلك بلاش..ودع راكان الطبيب وهو ينظر لوالدته بغضب
-ابنك اتقتل !! مستنية إيه تاني، نسيتي عمو وخالتو، اينعم هو مقتلهمش بس كان عارف انهم هيموتوا، بلاش تضغطي عليا ياماما لو سمحتِ، الراجل دا وجوده أذية للي حواليها
أشار بسبباته
-بلاش توصيليني اني اقتله بأيدي، دا خطف ابو ليلى عشان يضغط عليها والأستاذة رفعت قضية طلاق على ابنك
شهقت زينب وهي تضع كفيها على فمها وتحدثت مذهولة
-بتقول ايه ليلى رفعت قضية طلاق...أومأ برأسه متنهدا بألمًا وأردف بصوت مختنق
-ياريت كدا بس، دا مركب صور ليها ولأبن عمها
حد يديني عقل بعد كدا اصبر على الراجل دا..توقفت زينب قائلة :
-عشان كدا أخد منها أمير اليوم اللي قفل عليها الباب
مسح راكان على وجهه بغضب
-انتِ قولتي أهو ياماما قفل عليها واخد ابنها، وضربها دا كله ليه عشان الفلوس، ملعون ابو الفلوس اللي تعمل فينا كدا..
تحرك خطوتين وأشار بسبباته
-تعرفي لو جه قالي، كنت مستعد اتنازله عن كل حاحة، بس نعيش مرتاحين؛ لكن كالعادة بيخنق فيا مش عايزني أعيش
ربتت زينب على كتفه:
-معلش ياحبيبي استحمله، ماهو مهما كان جدك، أنا استحملت السنين دي كلها عشان باباك ميجيش يقولي موتي ابويا، وشوف أهو ماستحملش لما خالد اتصل بيه ووقع من طوله ومفيش على لسانه غير
"راكان هيقتل جده" تحرك راكان للداخل حتى يطمأن عليه، وجد ليلى بجواره تقوم بمساعدته لأعتدال نومه
رفع نظره لأبنه قائلا:
-ينفع اللي عملته دا يابن اسعد، وصل بيك الحال تسجن جدك..اغروقت عيناه بالدموع وقال بصوت يملؤه الألم
-عايزهم يقولوا ابنه سجن ابوه ومات في السجن، هتفضل متعلقة في رقبتي لحد مااموت يابني..كانت تقف بجواره ولا تعلم عن أي شيئا يتحدث حتى تحدث راكان
-جدي يستاهل يابابا، للأسف الراجل دا بيفكرني بالديب اللي في الكتب بيقولوا بيدعي الديك عشان يصلي الفجر وهو بيخطط لأكله
اقترب من والده ونظر إليه بوجع
-قولي حاجة واحدة عاملها معايا من يوم فهمت الدنيا، كل مااخرج من مصيبة يدخلني مصيبة تانية
أطبق على جفنيه حتى كاد أن يمزق عيناه من الألم وحياته أمامه كشريط سينمائي قائلا بصوت يملؤه الألم
-ضغط على أول بنت حبتها وبعدها عني في اجمل يوم بيستناه اي شاب، موت مراتي وهي في حضني وكأنها فرخة ولا همه حتى إزاي هتكون حالتي
نسيت عمل ايه في تولين لما قررت اتجوزها، ياريت يتهد بعد دا كله، دخل يأذيني في شغلي وشغل حمزة مجرد إنه صديقي وبس
حاول يضغط على سلمى عشان تبعد عنه، وراح عايز يجوز يونس لسارة مع إنه عارف ومتأكد بحب يونس لسيلين، وصل عدي لشخص مالوش غير في السهر والبنات، عمل من سارة بنت مهماش غير نفسها وبس
ياريت يسكت على كدا، لا عمال يضغط ورجع يدبح فيا ورجع عايزني أطلق مراتي مجرد إنها بقى ليها في ورث سليم
- آسف يابابا، الراجل دا جاب آخره معايا، ولازم يتعاقب، أنا صبرت عليه لحد مافاض بيا، واوعى تفكر سكوتي عليه السنين دي ضعف، لا عشان خاطرك، بس لعند مراتي ولازم يتعلم لكل فعل رد فعل ..ومش هضحك عليك واقولك قضيته سهلة، بالعكس اقل حاجة عشر سنين...قاطعهم دلوف العاملة
-فيه اتنين ظباط برة ياباشا طالبين مدام ليلى، بيقول عايزين اقوالها
اعتدل راكان متجها للخارج وهو ينظر لليلى
-الحقيني على برة وتقولي كل اللي قولتيه فوق
ترجاها أسعد بعيناه بعدما فقد محاولته مع ابنه
تحركت خطوتين، ولكن توقفت بعدما استمعت لحديثه
-أنا عارف اكيد بابا آذاكِ بدل وصل راكان للجنون دا، بس أنا أب يابنتي وبترجاكِ متخليش جوزك يدمر جده، وقبل جده هيدمر العيلة
سعل أسعد بشدة حتى فقد تنفسه، أسرعت زينب تضع جهاز التنفس على وجهه وانسدلت عبرة من عينيها لما يحدث، وقفت عاجزة لا تعلم ماذا تفعل زوجها المريض، أم ابنها
مسدت على رأسه وتحدثت وهي تنظر إلى ليلى بمغذى
-ليلى عاقلة ياأسعد ومستحيل تعمل حاجة تاذيك بيها، هو راكان زعلان عشانها، بس لما يروق هيندم ماهو مهما كان جده، والضافر عمره مايخرج من اللحم مش كدا ياحبيبتي
أومأت برأسها وتحركت للخارج، وجدته يجلس بهيبته بجوار الضابط وشخص آخر نفس مظهره كأنه يعمل وكيل نيابة، ألقت السلام
نهض راكان يبسط يديه إليها
-تعالي ياليلى، ثم اتجه لصديقه
-حسن مشكور مرضاش تروحي النيابة وجه لحد هنا ياخد اقوالك...اجلسها بجواره وضم كفيها ينظر إليها
-عايزك تحكي لحسن كل حاجة، كأنك بتحكيلي انا..قاطعهما رنين هاتفه، فنهض من مكانه
-هعمل تليفون ياحسن، ومدام ليلى هتقولك اللي حصل
جلست خائرة القوى وكأن روحها تزهق من جسدها، وكأنها داخل متاهة لا تعلم ماذا عليها فعله..قطع شرودها حسن عندما اردف لمساعده
-افتح واكتب اللي مدام ليلى هتقوله، اكتب اسمها، وكل مايتعلق بها
-سامعك مدام ليلى، حضرتك قدمتي بلاغ في توفيق حسين البنداري على انه خطف والدك وابتزك بصور مركبة للضغط عليكِ وتهديدك بالانفصال عن زوجك
هنا تذكرت نظرات أسعد الراجية، وكلمات زينب لها، فهبت واقفة وتحدثت بأسفًا
-محصلش انا مقدمتش بلاغ في حد، معرفش مين اللي قال لحضرتك كدا
-انا..صاح بها راكان بغضب وهو يقترب منها وعيناه تحرقها بنظرات نارية وتحدث وهو يجز على أسنانه
-انا اللي عملت البلاغ، ودلوقتي جدي موقوف في السجن، وافادتك لوكيل النيابة هتاكد التهمة عليه، احكي اللي قولتيهولي ياليلى
تراجعت للخلف وهي تهز رأسها رافضة حديثه
-محصلش، معرفش انت بتقول كدا ليه، دا عشان رفعت قضية طلاق وعايزة امشي من هنا
صدمة شُلت جسده حتى شعر بفقدان اتزانه في حين تسارعت نبضاته من كلماتها المفاجأة التي جعلت قدمه تتجمد بمكانها، ابتلع جمراته الغاضبة وقال بصوت كاد أن يخرج
-يعني أنا كذاب..قالها بصوت متألم ولسان ثقيل
هزت رأسها وارتجفت شفتيها وهي تناظره بأعين مشوشة فتحدثت بقهر
-مقولتش كدا
وضع كفه أمامها وتحدث بصوت كالجليد
-اطلعي فوق..ثم اتجه إلى صديقه، ورسم إبتسامة إمتنان على ملامحه التي أهلكتها تلك الغبية من الحسرة والألم فاردف بهدوء
-خلاص ياحسن، شوف شغلك بدل المدام أنكرت يبقى اللي بتعمله مالوش لازمة
نهض حسن متحركا للخارج دون حديث بعدما استشف الألم الظاهر على وجهه
ظل واقفا بجسد متيبس فاقد قدرته على الحركة او الكلام..وصلت والدته إليه تنظر إليه بحزن بعدما احست بما حدث، اقتربت تربت على ظهره
-متزعلش منها ياحبيبي باباك اللي طلب منها كدا، مش معقول بعد السنين دي كلها نقهره على والده، مهما يعمل هيفضل ابوه
تحرك للخارج بجسد واهن وكأنه يتحرك على جمرات من النيران، وصل بعد قليل إلى نوح الذي ينتظره مع الضابط الذي أرسله راكان إليه
❈-❈-❈
ترجل من سيارته وتحول كليا عن ماكان عليه، اتجه للضابط متسائلا
-فيه جديد حصل..مسح نوح على وجهه بغضب وكأنه فقد عقله
-هتجنن، معرفش راحت فين، ولا حد خطفها
اتجه راكان للضابط
-شوفت الكاميرات اللي في الشارع عند العربية
هز الضابط رأسه بالرفض..أشار بيديه
-شوف شغلك ياحضرة الضابط وشوف كانت بتكلم مين قبل ماتنزل، ثم اتجه إلى نوح متسائلا
-تليفونها معاها
جلس نوح بكتفين متهدلين، وجسدًا يأن وجعًا قائلا
-لقيته في العربية،رفع نظره إلى راكان يترجاه بعيناه
-راكان لو سمحت انا هتجنن وانا معرفش عنها حاجة ...أشعل راكان تبغه وسحب نفسا طويلا حتى يسيطر على حالته من الغضب متسائلا
-سألت والدك، مايمكن بيعمل حركات استعباط عشان يضغط عليك
سألته وقالي روح دور عليها شوفها باعتك لمين
قوس راكان فمه وتحدث بسخرية
-كنت هتتوقع منه إيه غير كدا..توقف نوح وامسك هاتفه
-ليلى، إزاي مجاش في بالي إنها ممكن تعرف مكانها ..وكأن حديث نوح ضغط على جرحه المتقيح فصاح بغضب
-متعرفش حاجة وماتتصلش بيها دي مبدفتش حد، انفلتت ضحكة موجعة وأكمل
-دي توجع بس، تهدم بس تفيد لأ
طالعه نوح وتسائل بشكًا
-انتوا متخانقين تاني..
اطلق زفرة حارة من أعماق قلبه عله يخفف من أوجاعه التي لا تنتهي ثم أجابه
-لا هنتخانق ليه..نصب عوده ووقف متجهًا للضابط المسؤل حتى يعلم أي شيئا عن أسما
-الكاميرا لقطت مسلحين هجموا على العربية
-طيب خد رقم العربية وتجبها من تحت الأرض
بعد عدة ساعات توصل الضابط المسؤل عن مكان السيارة
-العربية في مزرعة على الصحراوي، تبع رجل أعمال يدعى عزت السمري
وصلت سيارات الشرطة بعد قليل لتلك المزرعة وحرب بين رجال الشرطة، والخارجين عن القانون، انتهت بالغلبة لرجال الشرطة البواسل
دلف نوح سريعا يبحث بقلب متلهف وهو يصيح بصوته عليها
-أسماا...حتى وصل لغرفة تغلق بالخارج ..وقف أمامها ينظر بقلبًا منتفض إلى راكان
-خايف ادخل..فتح راكان الباب بهدوء و بجواره احد العساكر، فاقتحموا الغرفة
تسمر نوح بوقفته، بينما خرج راكان هو العسكري سريعًا للخارج مغلقًا للباب
استغرق نوح لحظات وهو متيبس بمكانه ينظر لتلك التي تجلس تحاوط نفسها بشرشف وهي تجلس كافقد الحياة وعيناها تزرف دموعها بصمت..اتجه إليها بساقين مرتعشتين حتى وصل إليها..رفع كفيه المرتعش يحاوط وجهها
وتحدث بصوتًا متقطع متألم
-أسما..أطبقت على جفنيها ولا تفعل شيئا سوى سقوط دموعها،
ابتلع غصة منعت تنفسه، حتى تغير لون وجهه من الألم وقام بجذب ثيابها وقام بإرتداها إياها وجسدها يرتعش بين يديها
ظل يحاوطها بأنظاره الحزينة، حتى انتهى وقام بحملها للخارج وهو يكاد أن يتحرك حتى وصل للخارج، تلقفها منه راكان بعدما وجد حالته المزدرية
-نوح مش وقت صدمة، لازم تاخد مراتك للدكتور قبل أي حاجة، مع إني عارف ومتأكد محدش عمل فيها حاجة دي مجرد قرصة ودن
اتجه بها راكان لسيارته منتظر وصول نوح الذي يتحرك وكأنه يسير على بلور يخدش قدمه حتى وصل إلى سيارة صديقه وجلس بالخلف يضمها لأحضانه وهنا انسالت دموعه على خديه وهو يراها تنظر للخارج دون ردة فعل كأنها جسدا بلا روح..ضمها بقوة واضعًا رأسه بعنقها متحدثًا
-عملوا فيكِ إيه ياقلبي
بمشفى يونس جلست سيلين بجواره متشبسة بكفيه، تمسد على خصلاته وترسم ملامحه المحببة لقلبها تتذكر أفعاله منذ طفولتها حتى آلان، وضعت رأسها بجوار رأسه إلى أن غفت بجواره، فاق يونس بعد قليل، وجد كفيه معلق به المحاليل، اتجه بنظره لتلك التي تجلس بالقرب منه ورأسها بجواره..رفع كفيها المتحرر يمسد على وجهها
-سيلي حبيبتي قومي ضهرك هيوجعك..فتحت عيناها التي تشبه موج البحر فابتسمت كأنها تحلم به قائلة
-حبيبي أنت صحيت..ابتلع ريقه بصعوبه من هيئتها حيث كانت كالحورية أمامه..دنى مقتربًا وكأنه يتعافى بالقرب منها..نظر إليها بأعين تفيض ولهًا فهمس وهو يلمس وجنتيها
-تعرفي من وقت ماحبيتك وتمنيت أصحى من النوم والاقي الجمال دا في حضني
احست بالحرارة تزحف لوجنتيها تشعر بالخجل من كلماته، حاولت الاعتدال بعدما أفاقت، ولكنه رفع كفيه الآخر يضم وجهها
-لسة بتحبيني ياسيلين، قلبي وجعني قوي من كلامك ليا، سيلين ثقي مفيش حد اقتحم أسوار قلبي غيرك، وسواء رضيتي ولا لا، هتجوزك ياإما تموتيني زي ماقولتلك
-أكيد بحبك يايونس، مش معقول حب السنين دي كلها هيتنسي بسهولة، كان لازم اوجع قلبك زي ماوجعتني
أطلق ضحكات صاخبة وبلحظة جذبها حتى أصبحت بأحضانه يداعب وجهها بأنفه
-طيب ماأنا عارف، هو لو مكنش كدا كنتِ زمانك عايشة لحد دلوقتي ياحبيبة يونس
لكمته بكفيها الصغير بصدره
-لا والله، مغرور ..جذب رأسها لتعانق شفتيه ثغرها، ثم غمز بعينيه
-دا مش غرور أد ماهو ثقة في الحب ياحبيبي
وضعت رأسها على صدره وهي تتنهد براحة فكأن عشقهما مثل الورد الجوري وتتطاير حوله الفراشات لتزهو بألوانها الجميلة، وطائر البلبل الذي يتحرك بين الأزهار يتغنى ويعزف أجمل الألحان
❈-❈-❈
مساء اليوم ظلت تجلس بشرفتها تنتظره ولكنه لم يعود، نظرت بساعة يديها وجدتها الثانية صباحًا، زفرت بغضب والغيرة تتآكل بأحشائها، ضمت إبنها الذي ارتفعت حرارته
حملته تضع له بعض الكمادات لخفض حرارته، ظلت بعض الوقت على ذاك المنوال، وهي تحاول الأتصال به ولكنه لم يجيب على اتصالاتها، نهضت متجهة للخارج حتى تأخذه للطبيب، بعدما فشلت في الوصول إليه، وكذلك سيلين التي لم تعود إلى آلان، قابلها عدي دالفا بسيارته..ترجل من السيارة سريعا
-مدام ليلى رايحة فين دلوقتي لوحدك؟!
سحبت نفسا محاولة السيطرة على دموعها حتى لا تسقط فتحدثت بصوت مرتجف
-عدي ممكن توصلني أقرب مستشفى، أمير سخن من المغرب، وحرارته مبتنزلش وراكان تليفونه مقفول
أومأ متفهما، استقلت السيارة بجواره متجهة للطبيب
بعد عدة ساعات مع إشراقة الصباح عادت مع عدي، دلفت السيارة لحديقة القصر، في تلك الأثناء ترجل راكان من سيارته التي دلفت للتو
وزع نظراته بينهما وبفظاظة تسائل
-كنتوا فين، راجعين منين
حدجته بنظرة حزينة واجابته بهدوء
-كنت بكشف على أمير، استدارت تبتسم لعدي
-شكرا ياعدي تعبتك معايا ..قالتها وتحركت للداخل دون حديث آخر
تحرك خلفها للداخل وقبل صعودها الدرج صاح غاضبا
-استني عندك، صرخة مدوية خرجت من فمه وهو يقترب منها
-إزاي تخرجي مع عدي من غير اذني، متنسيش إنك لسة مراتي
بنظرات تحمل بين طياتها الكثير من العتاب اقتربت منه وهي تربت على ظهر طفلها الذي استيقظ يبكي وقفت أمامه بعيونها المشتعلة واجابته
-آسفة ياحضرة المستشار، مكنش ينفع اسيب ابني يموت لحد ماحضرتك ترجع من نزواتك، لو كنت اتكرمت ورديت على اتصالتي كنت عرفت بتصل ليه
توهجت عيناه واقترب يضغط على ساعديها بقوة غير مكترث لبكاء الطفل وتحدث من بين أسنانه
-برضو مكنتيش تخرجي إلا لما ارجع، مش تجري في نص الليل مع ولد صايع سكير
دفعته بعنف وهي تقاتل بضرواة ألم قلبها القاتل الذي يضرب أنحاء جسدها ناهيك عن عبراتها التي تلألأت قائلة
-المرة الجاية، يبقى استنى معاليك..قالتها ثم تحركت لأعلى..وهذا جعله غاضبًا حد الألم الذي يشعر به في حضرتها
صباحا باليوم التالي، وصل توفيق بجواره فريال وخالد، ملقيا تحية الصباح وهو يتحاشى بنظره بعيدا عن راكان
-سمعت ان أسعد تعبان ماله، وهو فين
نهضت زينب تشير على غرفته قائلة:
-هو نايم ياعمي، لسة واخد علاجه ونايم وشوية كدا راكان هياخده عشان يعمله فحص وايكو
اومأ برأسه متفهما، استدار ليغادر، ولكن اوقفه راكان..نهض راكان متجهًا له ووقف أمامه
-آسف لحضرتك، انت كنت صح وأنا غلط، وبعتذر منك قدام الكل، ماهو حضرتك جدو برضو وزي ماما قالت، الضفر عمره مايطلع من اللحم
صاعقة نزلت على توفيق من حديث راكان ونظراته الحزينة، فاقترب توفيق يضمه لأحضانه
-ربنا يبارك فيك ياحبيبي، أنا مسامحك ياراكان
تجمدت زينب بمكانها محاولة استيعاب مافعله ابنها هي تعلم إنه لن يرضخ لجده، رمقت ليلى الصامتة التي تجلس تطعم ابنها..تنهدت بحزن بعدما علمت ردة فعل راكان على تنازل ليلى على القضية
بعد قليل دلفت غرفة مكتبه
-ممكن نتكلم شوية، كان ينظر بجهازه، فتحدث ومازالت عيناه على الجهاز
-قولي سامعك..سحبت نفسا وطردته ثم تحدثت
-هنفضل لحد إمتى كدا..جاوبها ومازال على وضعه
-كدا إزاي مش فاهم؟!
راكان لو سمحت مينفعش الحياة بينا كدا، ياإما نطلق ياإما نصحح من حياتنا، فيه حاجة مهمة لازم تعرفها
استدار بنظره إليها ثم أردف
-إحنا يعتبر اطلقنا، من وقت مارفعتي القضية وانتِ في حكم طلقتي، يعني انت هنا ام لأمير وبس،
❈-❈-❈
هبت فزعت وتحدثت بغضب
-يعني ايه كلامك دا، أنا مستحيل أقبل بكدا، خلاص سبني أمشي..أعاد لجهازه وأجابها
-مش دلوقتي بعد مااتجوز، وهتسألي ليه هقولك مزاج، عجبك مش عجبك اشربي من البحر.. ولو خلصتي كلامك سبيني أكمل شغلي
-اكيد انت مجنون ..قالتها بقهر
نهض وجذب ذراعها بغضب وصاح مزمجرا
-غلط كمان هنسى إنك ست، بعد كدا كلامك معايا بإحترام وأدب، انت هنا ام امير بس..
-غلطان ياحضرة المستشار فيه الأقوى من امير
دنى ينظر إليها مشمئزا
-لو قصدك عن الحب تبقي عبيطة، أنا رميتك من وقت ماطلبتي الطلاق، أشار بسبابته وأكمل
لو عايزة تطلقي اعملي تنازل عن الولد زي ماقولتي، غير كدا مااسمعش صوتك ..قاطعهم دلوف نورسين
-إيه ياراكي جاهز، هنتأخر !!
استدار إليها وتحدث غاضبًا
-مش تخبطي قبل ماتدخلي، اطلعي استنيني برة..استدار إلى ليلى وتحدث
-مش شايفة بتكلم مع مراتي..غادرت نورسين الغرفة دون حديث، ولكن داخلها يكتوي بنيران الغيرة من ليلى
نزعت يديها بعنف وأشارت بسبابتها:
-انا مش مراتك، ودا بناء على كلام حضرتك، ماشي ياحضرة المستشار، هستنى لما تتجوز، ودا عشان اثبت لنفسي قبلك، إنك اكبر غلطة في حياتي، فليذهب حبك للجحيم ياراكان يابنداري
جلس وهو ينظر إليها متهكمًا
-انتِ دلوقتي ولا حاجة في حياتي سامعة، ولا حاااجة، وياله عطلتيني بدل مفيش حاجة تخص أمير ماتدخليش عندي، اياكِ تقربي من حاجة تخصني، برررة