-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 12 - 1


 قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الثاني عشر

تم النشر بتاريخ

11/10/2023




بعد مرور أسبوع أخر، وافقت أخيرا وفاء على مقابله سراج في احد المطاعم العامة بعد أن استأذن من أخيها أولا بالتاكيد، وهو وافق الاخر على ذلك كمحاوله منه أن يجعل وفاء تتقبلة وتوافق علية، لوي ثغره للجانب بضيق شديد واردف قائلا


= اخيرا تكرمتي و رضيتي تقابليني ما كنتش اعرف انك دماغك ناشفه كده وعنيدة، عاوز بقى مبرر قوي لكل اللي انتٍ عملتيه وتهربك مني وكانك شفتي مني حاجه وحشه مخلياكٍ كده مش طايقاني .


سحبت نفسًا عميقًا لتضبط به نوبة خجلها الواضح و توترها الذي يجعلها لا تجمع كلماتها لتقولها بصراحة


= سراج انت فاهم غلط انا ولا قصدي ادلع ولا عاوزه اعند معاك وخلاص! بس انا فعلا خايفه من التجربه دي اعيدها تاني؟ انا فشلت فشل زريع في جوزتي الاولانيه وكنت قفلت الموضوع ده خالص.. واكتفيت ان انا هعيش اربي بنتي وبس .


مل من رفضها الصريح لمسألة الارتباط، فأشاح بوجهه بعيدًا عنها متجنبًا افتضاح أمره، وأتاها صوته مرددًا بحنق 


= وانا همنعك يعني تربي بنتك، يا ستي ربيها واتجوزي برضه عادي، صوابعك كلها مش زي بعضها مش عشان فشلتي في اول مره؟  هتفشلي في ثاني مره برده وبعدين حتى لو فشلتي ايه المانع اديكي بتجربي! حياتنا كلها كده في الدنيا تجارب لاننجح فيها لا نفشل عشان نتعلم . 


اعترضت وفاء على تفكيره الخاطئ نحو العلاقات قائلة


= ليك حق تقول كده الموضوع سهل عليك،  انت راجل وعايش بره وايه يعني تتجوز وتطلق.. خسران ايه .


اغتاظ سراج من تحول مسار الحوار مجددًا للشد والجذب بينهما فدائما عندما تقول تلك الكلمات بأنه شخص سيئة ولا يعرف عادات وتقاليد المجتمع وديانته، فصاح بها بضجر


= عارفه كل مره بتحسسيني ان انا قليل الاصل وبتعدى حدودي وبنسى اخلاقي اللي اتربيت عليها هنا، بسبب الكلمتين دول؟ و ببقى نفسي اقوم اكسر لك دماغك دي! مش كل ما اقول كلمتين تفهميهم غلط وتترجميهم بالمعنى ده.. وبعدين تعرفي بقي الأجانب والله احسن مننا في الحته دي 100 مره.. الاجانب بس اللي مبيضحكوش علي نفسهم ...حبوا يتجوزوا.... محبوش ينفصلوا ...معندهمش الاعتبارات اللي ضيعت عمرنا اونطه دي.. طول ما انتٍ خايفه من كلام الناس والعادات اللي ما لهاش اي معنى هتفضلي كده خايفه و واقفه في مكانك


شعرت وفاء بمدي خطأها وانها بالفعل قد تعددت حدودها بتلك المساله لذلك صمتت ولم تتحدث، و لم يرغب سراج في فرض نفسه عليها أكثر من ذلك، فقال معنفًا إياها بقوة


= المهم احنا مش جايين هنا عشان نتكلم في الكلام ده، عاوزه تقولي ايه يا وفاء ايه اسبابك للرفض لو عشان بنتك هعملها زي ابني بالظبط وعمري ما هاذيها.. حتى انتٍ هحطك في عيني وعمري ما هاذيكي، انا بعد وفاه مراتي ما كنتش رافض الفكره وكانت لسه في دماغي بس مش لاقي شخص مناسب اتشد لي لحد ما قابلتك؟ شخصيه محترمه وبرتاح معاها في الكلام واتشديت ليها يبقى ايه المانع لما طلبتك للجواز .. وعلى فكره لما بعدت عني فجاه ورفضتي تكلميني ثاني عشان حاسه انك بتعملي حاجه غلط و حرام، ده شدني ليكي اكثر واعجبت بيكي اكتر كمان. 


ضغطت على شفتيها السفلى مترددة ثم أردفت قائلة بعصبية طفيفة


= عاوز تسمع اسبابي انا كمان، ماشي بس مش عاوزه اتكلم عن اللي حصل في جوازي زمان لانه شخص مات خلاص و زي ما بيقولوا اذكره محاسن موتاكم وانا لو جبت سيرته مش هقدر امسك لساني، انا اصلا بعد فتره قصيره من جوازي لما شفته معاملته ليا طلبت الطلاق كثير بس هو رفض ! مش حبا فيا لا عشان يفضل يذلني كده وما يحسش ان في ست انتصرت عليه وفعلا انفصلت عنه بس فضلت على ذمته، سبتله البيت وعشت انا بعيد عنه طبعا هو ما سابنيش! ولما فكرت ارفع عليه قضيه هددني باخويا او فعلا اذاه بعتله واحد يدوسه بالعربيه ولولا ساتر ربنا ما حصلوش حاجه وطبعا انا جريت و اتنازلت عن القضيه وخفت عليه؟ اخويا الوحيد وما ليش غيره وخليت الوضع يفضل زي ما هو كده احسن على ذمته اه بس مش فارق معايا و بعيد عنه احسن مليون مره من العيشه معاه لحظه واحده .


شعر بحزنها البادي على وجهها، استشف سبب ضيقها ما رأته من زوجها السابق وأنها عانت معه وذلك سبب خوفها، لكنه غيره وليس متطابقين بشيء حتى يجعلها تشعر بالقلق والخوف منه، هو أراد أن يحتويها، أن يعوضها عما فات لا اكثر، وليست كما تظن أنه يريد استغلالها ثم علق قائلا بصرامة عقلانية


= تمام بدات افهم شويه ليه رافضه ترتبطي وتجربي موضوع الجواز تاني، وعارف ان في رجاله كتير مش كويسه وكلمه وحشين قليله عليهم.. بس خلاص مات مش هتتعقدي بقى بسببه وتفضلي كده طول حياتك عايشه على الذكريات القديمه واللي كان بيعمله فيكي زمان... وانا لما قلت لك لو فشلنا مع بعض تنفصلي ما كانش قصدي حاجه وحشه زي ما وصلت ليكي كان قصدي انك جربتي تعيشي حياه ومش عايزه تكملي براحتك انا مش هغصبك حتى بعد ما نتجوز على اي حاجه ضد رغبتك .. فكري في بنتك وفي نفسك دلوقتي احسن .


صمتت للحظة واحدة تفكر جيد قبل أن تصرح بالأمر ثم هتفت بنبرة مشدداً وبتعمد قاصدة تري رده فعله وذلك وحده سيحدد مساله الارتباط به


= بمناسبه بنتي، انا مش بخلف وعمري ما كنت ام .. ومهره دي بنت انا اتبنتها بعد ما فقدت الامل في الموضوع.. و للعلم كمان مهرة دي المفروض يعني زي ما بيقولوا ضرتي جوزي اتجوزها وهي عندها 14 سنه اهلها باعوها لي شفتها مره بالصدفه عنده حالتها كانت صعبه أوي و من ساعتها صورتها ما راحتش عن بالي وانا شايفه عذابها قدامي ومش قادره اعمل لها حاجه.. لحد ما المحامي جه وقال لي ان انا ورثت كل فلوس جوزي واملاكه ..ساعتها هنا فكرت ان انا اتبناها واعوضها عن اللي شافته من اهلها ومن جوزها .


صمتت للحظة لتلتقط أنفاسها قبل أن تتابع وتتسائل بغرابة شديدة عندما تجمد مكانه ولم يتحدث


= مالك سكت ليه هو انت اتضايقت عشان قلت لك ان انا مش بخلف وان انا اتبنيت بنت مش بنتي .


اشتدت قسمات وجهه حدة أثر كلماتها الصريح و المفجعة لمسألة تلك الفتاة التي ترعاها، فهو توقع عده أسباب أخري تخص الارتباط، لكن لم يتوقع مطلقاً قولها ذلك؟ فهو خارج اطار الاستيعاب أساساً، أجاب بنبرة مشتتة


= اكيد لا بس بستوعب اللي انا سمعته هو انتٍ شايفه أنك قلتي حاجه عاديه؟ يعني يوم ما تتبني! تتبني مرات جوزك وجوزك كان متجوزها أصلا وهي طفله عندها 14 سنه عشان اهلها باعوها لي، شايفه ان ده كله عادي وايه البني ادم اللي كنتي متجوزه ده بجد .


انهمرت العبرات منها دون سابق إنذار حسرة

بألم على تلك الطفلة الصغيرة وعلي معاناتها فالفاجعة صعبة عليها بالتأكيد، وقالت ساخراً بقهر


= امال لو قلت لك ان مهرة دي كانت حامل منه وخلفت والبنت ماتت، وهي اللي وقفت وغسلت بنتها بايديها ودفنتها .. وجوزي رفض يعترف بالبنت عشان يربيها لانها هربت وسابته في فتره من عمايله فيها، وفضل مشحطط مهره في المحاكم كتير وهو رافض يعترف بنسبها لأن طبعا الجواز كان عرفي عشان سنها الصغير... وفي النهايه البنت ماتت وريحته من ظلمه 


فرغ ثغرة وهو لا يصدق الأمر الذي تسمعه  أذنه للتو، رافض تصديق الواقع المخيف وهو يري صوره مريرة تتجسد امامه لطفله صغيره لم تتخطى الرابع عشر حينها، و تلك المهانة والمذلة التي تعرضت لها، وبدا يشعر بالغضب والكره الشديد تجاه ذلك الشخص الذي لم يراه، لكن ما قالته يكفي داخله يشعره بالنفور نحوه، وعلق قائلا بازدراء


= هو انا لو شتمت جوزك ده دلوقتي أو البني ادم اللي كنتي متجوزاه ده مش حرام صح؟؟ إيه اللي انا بسمعه ده، انا متهيالي لو سمعت الكلام ده في تلفزيون ولا فيلم هقول بيافوره شويه لكن انا بسمع قدامي واقع مش قادر استحمله.. واهلها فين كانوا من كل ده ما صعبتش عليهم ولا لحظه وازاي جاله قلب يعمل فيها كده! ده انتٍ بتقولي كأن متجوزها وهي عندها 14 سنه!! انا مش قادر استوعب السن الصغير واللي حصل لها في الفتره دي .. الله يكون في عونها بجد البنت دي؟ قدرت تستحمل كل ده ازاي 


كفكفت عبراتها تحدق فيه بأسي، ثم أجابته بنبرة مختنقة


= مهره دي حكايتها حكايه وشافت اكتر من اللي انا حكيتهلك متهيالي انا كمان لو حد كان حكيلي الموضوع ده ما كنتش هصدق بس انا شفت بعيني، وبالنسبه لاهلها كل واحد كان همه نفسه انا بقول لك باعوها لي تفتكر هايسالوا عليها ولا هتهمها، للاسف ما حدش واقف جنبها وهي ياعيني لما كانت بتتحامى في حد من جوزها أو أهلها كانت بتتحمى في الغريب ويا ريته حد سابها في حالها، هنقول ايه ربنا يجازي إللي كأن السبب .


بدا سراج مهتمًا بمعرفة أمور اكثر عن تلك الفتاة الصغيرة والتي لم يراها مطلقا، فسألها بجدية 


= لا حول ولا قوه الا بالله، انا فهمت ليه دلوقتي انتٍ اتبنيتي البنت دي بالذات، مش هي نفسها تقريبا البنت اللي كانت بتصوت عندك وشافت كابوس مزعج لما جيتلك اول مره البيت وانتٍ قلتي انها بنتك وهتدخلي تشوفيها وأن ده بيحصل لها عادي كثير .


هزت رأسها بالإيجاب بيأس وحسرة وهي تقول بنبرة باهته


= اه هي يا حبيبتي، ما هي مش هتطلع من التجربه دي سليمه انا بحاول اهياها نفسيا بالعافيه .. والكوابيس دي بتحلم باللي كان بيعمله فيها زاهر زمان وبتحلم ببنتها كمان وهي بتدفنها وغسلتها.. حاولت معاها كتير اعرضها على دكتور نفساني بس هي بترفض ومش عايزه تتكلم في الموضوع ده ولا تحكي لحد عن اللي حصل لها وانا محترمه رغبتها بس في نفس الوقت بخاف عليها أوي وحاسه هيجريلها حاجه في مره كل مابفتكر المصايب اللي حصلتلها .. ربنا يقويها يا رب ويشفيها .


نظر لها مطولاً لعدة لحظات كثيرا، وتحولت نظراته تلك المره الى إعجاب أشد فلم يصدق بأنه يوجد امرأه مثلها قد تفعل كل ذلك وتمدي يد العون الى طفله لا تعرف عنها شيء بالاضافه انها تكون زوجه زوجها السابق، فالأمر حقا صعب تصديقه ثم قال مبتسماً بغرابة شديدة


= واضح انك بتحبيها اوي ومتعلقه بيها ربنا يخليها لك، انا بس مش قادر استوعب الفكره انك اتبنتي ضرتك .. هي تبان مضحكه بس لما نعرف تفاصيلها نعرف الحزن والمأساة اللي فيها، صحيح ما ينفعش نحكم على كل حاجه بالمظاهر .. بس انتٍ طبعا عملتي الصح واحسن اختيار فكرتي فيه انك تاخديها تراعيها بعيد عن الناس دول اللي ما يعرفوش الرحمه .


هزت راسها مؤكدا علي حديثه بصمت، ثم أضاف عليها بنبرة ذات مغزى


= طب مش هنرجع بقى لموضوعنا شويه على فكره ما فيش حاجه اتغيرت من قراري بعد اللي عرفته بالعكس زاد اكثر تمسكي بيكي اني ارتبط بواحده زيك قلبها رحيم بغيرها وطيبه..

ومتهيا لي كمان ما ينفعش اضيع واحده ذيك من أيدي.. هاه مش ناويه تقولي رايك عشان اقول لك مبروك .


حدقت وفاء في وجهه أمامها متأملة إياه بنظرات مرتبكة، و تورد وجهها خجلاً منه، و حادت ببصرها بعيدًا عنه قبل أن تنهض هاربة لكنها إجابته بسرعه بغموض لكنه صريح له


= آآ ردي هتسمعه من اخويا بنفسه، مش مني عن اذنك.


❈-❈-❈


هل يمكن للمرء أن يختار بين ماضیه و

مستقبله؟ هل ذلك مسموح حتى.. ربما ان كانت شخص آخر غيرها فقد تختار المستقبل آمل للافضل.. أو ربما هناك شخص آخر سيختار الماضي محاولا تصحيح اخطائه.. مع ذلك كان هناك تلك الفئه الخارجه عن المألوف التي قد تقول انها ستختار الحاضر الذي تعيشه متجاهلة قلق المستقبل و ندم الماضي!. 


ولو كان بيدها هي لم تكن لتختار الحاضر او

الماضي او حتى مستقبلها التي لا تعرف عنه

شيء أبدا.. ولكنها حينما لم يكن قد حدث ما حدث؟ فلقد اكتفت من الالم، و عدم الثقه و الخيانه.. تريد إثبات.. تصدق ما يقوله ببعض كلمات لتريح نفسها و مشاعرها التي لا تسمح لها بالعبور هذه المره من دون قيود! ..فالوحده لطالما كانت قاسيه لها تبتعد عن الآخرين بسبب الخوف من الخيانه.


سارت فريدة تتحرك بخطوات هادئه امام الدار في الليل، لتستنشق نسمات الهواء المنعشة تريح بالها وهي تفكر في أحوالها كالعاده؟؟ و ظلت تسير بشرود دون ان تنتبه حتى وصلت الى آخر المنطقه وعندما لاحظت ذلك التفتت حتى تعود بسرعه فالمنطقه كانت خاليه من البشر بذلك الوقت، لكن توقفت حينما انتبهت الى هاتفها الذي يرن برقم مجهول أجابت وبعد ثانيه جاء صوت خشن يهتف


= ازيك يا فريده اخبارك ايه؟ انا بدر لو مش فاكراني قريب مدام عواطف، وابو البنات.


عقدت حاجبيها بذهول متسائلة بحدة


= هو انت ما مسحتش النمره من المره اللي فاتت وبعدين بتتصل بيا في الوقت ده ليه؟ 


جاء صوته وهو يرد بهدوء واثق


= لا ما اعملي حسابك الفتره دي هتصل بيكٍ كثير، اهدي بس الأول و ما تفهميش مكالمتي غلط في الوقت ده، انا بتصل بيكٍ عشان عاوزكٍ تديني نمره حد من اهلك عشان أجاي اطلبك رسمي منهم.


اتسعت عيناها بصدمه وعدم استيعاب، و صمتت للحظات تستقبل طلبة وعقلها يتساءل ما استمعته صحيح ام انها تتوهم؟ إبتلعت ريقها بصعوبة بالغة مجيبة إياه بارتباك ملحوظ


= انت بتقول ايه؟ انت عاوز تتجوزني أنا! طب إزاي وليه؟ هو انت مش كنت صرفت نظر عن الموضوع .


أجاب بدر مرددًا بجدية أكثر


= انا ما قلتش ان انا صرفت نظر عن الموضوع انا الايام اللي فاتت كنت براجع حساباتي قبل ما اطلب الطلب ده وانا واثق منه، واي تفاصيل تانيه بقى عايزه تعرفيها المره الجايه لما نقعد مع بعض هتعرفي.. المهم دلوقتي عاوز نمره حد أطلبك منه.


لا تعرف بماذا تجيب؟ فهي لم تتوقع طلبه مجدداً وقد اعتقدت بانه تراجع عن الموضوع بعد ما أخبرته عن الماضي، لكن مهلا اذا بالفعل يريد ان يتزوجها فمن سيتفق معه فهي تركت عائلتها منذ فتره ليست قليلا، وقبل أن تجمع كلماتها لترد سمعت صوت أمامها جعل جسدها يتصلب للحظات؟؟ في حين ان الخوف قد انتابها بعد رؤية أسر وهو يقف أمامها ويتطلع فيها بملامح مخيفة، دق قلبها بعنف و أردفت قائلة بقلق


= اسر !! انت بتعمل ايه في الوقت ده هنا .


استمع بدر عبر الهاتف صوتها المتوتر وهي تهتف باسم شخص ما وتساله عن سبب مجيته اليها بذلك الوقت؟ بينما زادت حدة نظرات أسر وهو يقترب منها وهي تراجعت للخلف بخوف شديد و انزلت الهاتف من اعلى اذنها لكن الخط ما زال مفتوح! 


ليجذب ذراعها بقوة وسقط هنا الهاتف أرضا،  ارتعدت له فريدة بتلك اللحظة أكثر وهي لاول مره تراه بذلك الشكل، انما الآخر لم يحد نظراته الغاضبة عن وجهها وهو يعتصر ذراعها بحده ثم أظلمت عيناه وهو يرى رغبتها في التخلص من اسره لكنه لم يتركها بل زاد تمسك وهو يهتف بشراسة و بوعيد


= بهدوء كده ومن غير دوشه تعالي معايا،  عشان انا مش هسيبك غير لما أخد حقي فيكٍ

ومش هسيبك لغيري ..!!!!!


❈-❈-❈


انتهي أيمن من الإستحمام، وخرج من غرفته بعد ان ارتدى ثيابه وكان يجفف خصلات شعره بالمنشفة، وقعت عيناه علي زوجته التي كانت تجلس فوق الاريكه صامته وهي تنظر أمامها بملامح محتقنة! عقد حاجبيه باستغراب واقترب منها وهو يتسائل بغرابة 


= مالك في ايه؟ قاعده كده ليه هو تليفوني اللي جنبك ده هو انتٍ كنتي بتكلمي حد منه 


نظرت إليه نظرة لم يفهمها ثم وضعت الهاتف فوق الطاوله أمامه وبدأت تتحدث بصوت غاضب


= فضل يرن وانت في الحمام طنشت وما ردتش في الاول بس لما قربت منه حسيت ان النمره دي اعرفها ولما رديت اتفاجئت بسلمى إللي كانت مرات طارق هي اللي بترد اتعصبت لما لقيتني انا اللي برد وقالت حاجه غريبه ما فهمتهاش.. قالتلي عاوزه تاخدي مني ده كمان؟ هي تقصد ايه بكلامها، هو كان في حاجه بينكم .  


أبتسم قليلاً في تسلية مستمتعة بغضبها الذي يوحي الى غيرتها قبل أن يعقب بإيجازٍ غامض


= هو انتٍ بتسالي بجد ومستنيه رد؟ يعني أنا سبق و قلت لك ان انا ما قدرتش اخونك ويوم ما اعملها؟ اعملها مع دي .


أمعنت ليان النظر في بإحباط وحيرة وهي تقول بنبرة حادة


= انا ما بقتش عارفه حاجه ولا فاهمه اللي حواليا، ومش بشك فيك زيك انا بسالك لان كلامها كان غريب وعماله تزعق فيا ومتضايقه وزعلانه أوي لما سمعت صوتي وحسستني ان انا خدت منها جوزها الثاني؟؟ و كاني كان في حاجه ما بينكم، فهمني أنت بقي .


اقترب منها أيمن حتى أصبحت المسافة بينهما لا تذكر لكنهما لا يتلامسان، ثم أردف قائلا بلهجة حادة بالحقيقة


= شفتها مره بالصدفه في النادي هي اللي جت وكلمتني وبرده كلامها كان عجيب ما فهمتوش في الاول ذيك، وخدت نمره تليفوني حتى من غير ما تستاذني ومن ساعتها كل فتره تكلمني من نمره شكل وانا عمال اعمل لها بلوك و فهمت هنا هي عاوزه توصل لي ايه؟ ما تحطهاش في دماغك يا ليان هي مش فاهمه أصلا هي بتعمل ايه؟ وليه؟ هي بس السكينه سارقاها ومش حكايه بتقرب مني عشان تنتقم 

لموضوع طلقها بس؟ هي عايزه تنتقم من كل اللي حواليها وكانت بتلمح انها ترتبط بيا عشان تحرق قلبك وقلب طلقها بس انا طبعا رفضت الهبل ده وقلتلها صريحه ان انا مش موافق .


لم تفهم ما الذي يدور في رأس تلك السيدة بالضبط ولما لا تريد ان تتوقف عن شرها تجاهها حتي بعد انفصال كلا منهم، فما زالت قريبه منها وتحوم حولها ولكن هذه المره تريد ان تقترب من زوجها لإبعاده عنها و يكن لها، هوت فوق الأريكة و تنهدت تسأله من جديد، في حيرة واضحة عليها


= انا مش عارفه هي عاوزه ايه مني، امتى اخلص من وجع القلب ده، أخلص من طلقها تطلعلي هي ولما انت قلتلها بصراحه ان انت مش عاوزها لسه بتتصل بيك ليه 


لفظ الهواء ببطءٍ من صدره ليقول بصرامةٍ تناقض هدوءا من قبل 


= قلتلك كبري دماغك منها يا ليان هي هتفضل كده شويه لحد ما تزهق انا مش في دماغها اصلا! و الانتقام عاميها ومش عارفه انها بتاذي نفسها كمان، سيبك منها ولو فضلت كده كتير ههددها ان هقول لاهلها و أعتقد هنا هتخاف على سمعتها وهتتراجع عن اللي في دماغها .


هزت رأسها بيأس ولم ترد ليقترب منها يلامس على وجنتيها برفق كي تنسي و تتجاهل ضيقها من تلك السيدة، و أضاف مبتسمًا


= خلاص بقى فكك ما تضايقيش عشانها


دني منها متابع حواره معها، وبربكةٍ لطيفة في نبرتها أجابت بنبرة مُختنقه تعبر عن احساس الذنب داخلها


= انا مش متضايقه منها،و رغم كل اللي بتعمله مشفقة عليها لأنها هضيع نفسها و ممكن طلقها لو عرف حاجه زي كده ولا اهلها يحرمها من عيالها.. ربنا يهديها بقى لنفسها، انت زي ما قلت السكينه سرقها يا رب تنتبه لنفسها قبل ما تضيع مش عاوزه اشوف نفسي فيها واحس بالذنب اكثر ان انا السبب .


هز رأسه باعتراض هاتفًا بجدية


= ولا السبب ولا حاجه هي كبيره وعاقله و عارفه بتعمل ايه، بعدتي عن جوزها من زمان ودلوقتي طلقها و راح بكل بجحه يتقدملك وهي لسه مكمله في اللي بتعمله يبقى هي اللي بتاذي نفسها مش انتٍ.. بس ما كنتش اعرف ان قلبك أبيض كده وهتصعب عليكي رغم انها حاولت تغريني وتاخذني منك 


نظرت إليه نظرة ألم و أجابت عليه بلهجة بائسة


= ما تقولش إنتِ قلبك أبيض، أنا قلبى بقى أزرق، مليان كدمات.. من كل اللي حواليا ! انا مش عارفه اصلا السنه اللي انفصلنا فيها لسه لحد دلوقتي ما ارتبطتش ليه بغيري وبتفكر في اللي ما بينا 


صمت ثانية واحدة متطلعًا إليها بنظراته الهائمة، وذراعه يلتف حول خصرها النحيل ثم وضع يده الأخرى أسفل ذقنها، داعب بشرتها بإبهامه، وهو يتحدث بنبرة عميقة


= السنه اللي بعت عنك فيها لما انفصلنا عن بعض، كان كل دقيقة بتمر عليا كنت بتعذب فيها؟ عاقبت نفسي قبل ما أعاقبك، أكتشفت أن كلمة حب دي قليلة أوي علي اللي جوايا  ليان أنا بعشقك أوي.


تفاجئت من كلماته ولم يساعدها لسانها علي الرد حيث كان قريبًا من شفتيها، ورمقها بنظرة نهمة تعكس رغبته المتقدة بحبها، توردت بشرتها حرجًا من تقاربه الجريء وأنهي حديثه بالتقاط شفتيها في قبلة بث إليها من خلالها كل مشاعره و هیامه عانقها بشوق، حبه الجارف إليها.. عمق في قبلته لها بضعف والتي هي سبيل ضعفه آه مشتعله صدحت بقلبه.. ضعفها ونقائها يضعفه اكثر، فلم يجد منها رفض لكن لم يجد منها تجاوب أيضا ؟ هو وجد نفسه يملكه شعور بفعل ذلك وفعل! دون التفكير بالأمر أو بعواقب.


ولكن مع كل هذا اقتحم الاثنين عقلهم مشاعر مضطربة فجاه ولم يرغبوا في اكتمال الأمر!! لتضع يدها فوق كتفيه ليتوقف عن فعل ذلك وهي تشعر بالاختناق الشديد، وهمست دون أن تستغرق أي لحظة في التفكير


= لأ مش قادرة.. أبعد .


خضع لامرها دون اعتراض فذلك الاحساس توصل اليه هو الآخر، شعور بالفتور بينهما! و الخطر أنه أصبح يتزايد بينهما، أومأ بهدوء برأسه مؤكدًا وهمس مثلها باختناق 


= خلاص اهدي ولا أنا قادر! الموضوع مش هيجي بعد كل اللي حصل مره واحده ولا حتى حياتنا الطبيعيه هترجع في يوم وليله .. 

ليان ايه رايك نروح لاخصائي علاقات زوجيه! 


اتسعت عيناها بصدمه من طلبه، فكل افعاله دائما توحي الى شيء واحد؟ هو يريد إكمال تلك العلاقه! وتعهد لها بشدةٍ مضيفاً


= لو وافقتي هفهم منك انك عاوزه تديني فرصه تانيه.. لانك لو لسه باقيه على علاقتنا زي ما انا عاوز أكيد هتوافقي، وصدقيني دي هتكون فرصه كويسه لينا احنا الاثنين عشان نصلح اللي ما قدرناش نصلحه زمان .


لم تجيب وابتعدت لترحل من أمامه، وتيقن من استمرار ضيقها منه وفكر مليًا في إزالة رواسب تلك المشاحنة الطفيفة بينهما على طريقته الخاصة، ربما كبريائها يمنعه من المبادرة بالتصالح لكنه سيسعى لكسر أي حواجز بينهما.. لكن تفاجأ بها عادت إليه من جديد وهتفت بنبرة مترددة 


= أنا موافقه يا أيمن، موافقه علي الفرصه التانية والأخيرة لينا .


❈-❈-❈


وفي لحظات اندفع بدر دافعًا حارس بوابة الدار ذلك دون الاكتراث بمحاولاته الفاشلة لمنعه من الدخول بذلك الوقت المتاخر، وكيف يمكنه أن يتصرف بعقلانية وقد استمع الى صوت فريدة عبر الهاتف وهي تستغيث وهناك شخص يحاول خطفها، بينما هو في تلك اللحظه علي الطرف الآخر كان يخبرها بطلبه للزواج منها ؟؟ وقبل ان يسمع ردها؟ تفاجا بصراخها وهناك شخص ما، يصرخ عليها و يأخذها، ففزع لمجرد سماعه للأمر و فورًا ترك اطفاله عند عوض مؤقتاً دون ان يخبره بشيء، لأنه ببساطه كان لا يملك وقت للتفسير! فهو ترك ما بيده ليصل إلى ذلك المجهول الذي أخذ خطيبه المستقبليه في غفلة من الجميع.


وصل بدر للداخل يبحث عن اي شخص يدله عما حدث ولعل وعسى يطمئن أنها بخير، وجد سماح كانت تجلس فوق المقعد فاقترب منها بسرعه وهتف مهللاً من على بعد ليلفت الأنظار إليه


= لو سمحت ما تعرفيش فين فريده الممرضة اللي بتشتغل هنا.


تجمدت سماح أعينها عليه بغرابة شديدة ثم أجابته بعدم مبالاة  


= تلاقيها في اوضتها هي خلصت الشيفت بتاعها من نصف ساعه، بس خير حضرتك عاوزها في ايه؟ هو مش انت برده العريس اللي كنت متقدملها وبعد كده صرفت نظر 

عن الموضوع


نفخ بضيق شديد وهو يقول بصوت متوتر


= انا كنت بكلم فريده على التليفون وفجاه سمعت صوتها وهي بتزعق مع حد وبتقول له سيبني وبعد كده الخط اتقطع وحاولت اتصل بيها تاني؟ ما ردتش وانا شاكك أنها تكون اتخطفت .


كادت أن تتحدث دون وعي أو اهتمام الي كلماته، لكنها صمتت للحظات وقد استوعبت حديثه للتو!. هبت الأخيرة واقفة من مكانها 

وشهقت مصدومة من جملته الأخيرة وتسمرت في مكانها مذهولة وهي تتسائل بلهفه


= انت بتقول ايه و مين ده اللي هيخطفها، انت هتقلقني عليها ليه، انا ما شفتهاش وهي داخله الاوضه بس خمنت ومين ده اصلا اللي كانت بتزعق معاه.. تعرف اسمه.


بدت لهجته متشنجة إلى حد ما، وهو يهمس عفويًا بخوف


= مش عارف! مش فاكر اوي وهي عماله تزعق كانت بتقول اسمه وتقريبا كأن اسمه ياسر أو باسم حاجه كده .


رددت من بين شفتيها بنبرة مدهوشة بذعر 


= يا لهوي قصدك اسر هو اللي خطفها ده خطيبها السابق؟ وكان بيحاول يخليها ترجعله وهي رفضت؟؟ معقول يكون خطفها؟ يا نهار اسود هي البنت ناقصه ما كفايه اللي هي فيه.. انا هروح اشوفها في اوضتها ولو مش موجوده يبقى فعلا ممكن كلامك صح .. بس هنعمل ايه لو فعلا خطفها هو ممكن يعمل فيها حاجه وحشه .


مسح بدر علي وجهه بنفاذ صبر فكل الشكوك حوله تؤكد له أنها قد أصابت بخطر ما، لكن مع ذلك رسم الثبات حتى يحاول إيجاد طريقه ما لتعود دون ان تتاذي، ثم شدد من لهجته قائلا بصرامة


= أن شاء الله ما فيش حاجه هتحصل لها وحشه، خشي بس دوري في الاوضه زي ما قلتي وفي المستشفى كلها، ولو ما لقيناهاش يبقى فعلا خطفها وما فيش حل قدامنا غير اننا نبلغ البوليس بسرعه قبل ما ياذيها .


بدأت الأخري تشعر بالرعب علي صديقتها، لتدمع عينيها بخوف شديد وهي تقول


= حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا أسر مجيتك كانت شؤم يا شيخ، هي حصلت كمان تخطف فريدة . 

تابع قراءة الفصل