رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 14 - 1
قراءة رواية حياة بعد التحديث
الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حياة بعد التحديث
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الرابع عشر
الجزء الأول
تم النشر بتاريخ
17/10/2023
في مقر عمل تسنيم جاء أيمن ليتحدث مع أخته، بعيد عن زوجته ليكشف عن مخاوفه كلها براحه لعله يشعر بالأمان قليلا وتزرع داخله الثقه من جديد، فبالفعل هو ايضا يحتاج الى دعم حتى يخرج من تلك القوقعه! قوقعه الماضي والشك. بلع ريقه، وحادثها بترقبٍ
= عملت زي ما انتٍ قلتيلي وحجزت عند الدكتور اللي اقترحتي عليا، اخصائي العلاقات الزوجيه.. وليان الحمد لله وافقت كمان يا ريت بس كل ده يجي بفايده
عقدت أخته حاجبيها بتعجب متسائلة بقلق
= مالك يا أيمن حساك ليه متضايق ومش مبسوط، هو مش انت اللي جيتلي وفضلت تشتكيلي وقلتلي حاسس ان علاقتنا هتفشل تاني ومش لاقي اي فرصه امسك بيها وليان نفس الوضع.. ولما قلت لك على موضوع الاخصائي فرحت وقلتلي هعمل كده! ايه بقي اللي مضايقك دلوقتي تاني
أسرع يتحدث بتوضيح فهو لا يريد خسارة كل شئ مجدداً، وعاد تنفسه الذى توقف للحظات بينما قلبه يدق خوفاً من القادم
= مش عارف، الموضوع ان انا حاسس نفسي زي ما انا، انا عمال احاول مع ليان اننا نفتح صفحه جديده وعمال ارسملها ان انا خلاص اتغيرت بس جوايا غير كده؟ لسه جوايا خوف ومن كل حاجه مش موضوع انها ممكن تعملها تاني وتخوني بعد كل اللي انا عملته.. اقول لك على حاجه بيني وبينك انا لسه اصلا جوايا شك من ناحيتها؟ بس مش زي زمان مجرد قلق بس من انها في اي لحظه اغفل عنها شويه تروح تكلم غيري تاني! المشكله الموضوع لو حصل تاني انا مش عارف هكون عامل ازاي و...
أسرعت تقاطعه وهى تمسك كفه بدفء وتحدثت بهدوء حتى يطمئن بأن تلك المشاعر والحيره من الطبيعي يمر بها
= أهدى يا أيمن كل ده عادي، انا لو حاولت احط نفسي مكانك او اني افكر ان سالم عرف غيري واديته فرصه ثانيه هفضل قلقانه و عماله افتش وراه فما تقعدش تحبط نفسك وانك لسه زي ما انت ما تغيرتش وتخاف لان كل ده عادي يحصل، المهم في دلوقتي خلاص اللي حصل حصل زمان وكل واحد عرف غلطه واعترف.. نصلح بقى دلوقتي .
هز رأسه بقله حيلة ليشعر ببعض الأمل يسرى لقلبه وهو يتساءل
= تفتكري ليان هتفضل في نفس الوضع و التغيير ده هيدوم.. وهتفضل كده زي ما هي ندمانه وخايفه تغلط وعامله حساب لربنا .
لم تلتفت لنظرة الشك على وجهه وقالت ببساطة
=المفروض انت اللي هتشوف التغيري ده و تحس بيه مش انا، انت اللي بتقعد معاها اكتر مني وهتشوف عمايلها وهتطمن.. وانا على فكره متاكده انها كمان لسه مش واثقه فيك ذيك.. اللي حصل بينكم مش سهل برده.. لما يحصل بينكم مواقف اكتر وازمات هي دي اللي هتخليكم تثقوا في بعض من تاني .. حاول انت بس تساعد نفسك على التغيير ده وموضوع الدكتور ده صدقني هيفرق معاكوا انتوا الاثنين
بعد ساعه قد رحل أيمن وظلت تسنيم تعمل لفترات طويلة حتي استمعت الى صوت أمامها فرفعت رأسها ونهضت من مكانها بسرعه قائلة بعدم تصديق
= فريده!! أنا مش مصدقه عنيا.. انتٍ بجد موجوده هنا قدامي!
أبتسمت فريدة لها وهي تردف باشتياق
= ازيك يا تسنيم وحشتيني، كنت طول الوقت بتيجي على بالي وببقى نفسي اجي ازورك انا عمري ما نسيت جمايلك معايا عشان كده؟ جيتلك النهارده وانا نفسي تزودي جميل تاني على باقي الجمايل وتيجي تحضري كتب كتابي .
هللت الأخري متحمسًه بسعادة لأجلها وهي تردف مبتسمه
= حبيبتي انتٍ كمان هتتجوزي أخيراً مبروك
ما تتصوريش فرحتلك قد ايه
ضحكت في بساطةٍ، وهي ترد رغم توترها
=هنعمل احتفال على الضيق في بيت العريس، المفروض كل واحد هيعزم قرايبه! هو مالوش قرايب بس هيعزم أصحابه والجيران.. بس انا لما جيت عشان اعزم غير صحابي ؟ ما لقيتش قريب ليا.. عشان كده فكرت فيكي..
ثم تابعت قائلة وهي تشعر بالاختناق مضيفة بنبرة مهتزة
= هترضي تيجي وتقفي جنبي عشان محسش أن أنا يتيمه في يوم زي ده .
إبتلعت ريقها وقلبها فقد صوابه محطم باك تشعر بغصة. بالاختناق. لكن الغصة لا تنبلع والاختناق لا يزول.. حتى عينيها ليس بهما دموعاً لتخرج ما بقلبها من ألم .. الأمر بالفعل صعب التحمل.
كانت بالماضي دوماً تخبر نفسها انها ستفعل أى شئ لتحقيق حلم العائلة !!! لكن ماذا قدمت لها العائلة؟ فهي تشعر نفسها الابنة الأقل في كل شئ.. أرادت أن تتمتع بدفء عائلتها، و فرحه الجميع بعوضها بزوج و أولاد بينما هم يصرون على إيلامها بأى طريقة ممكنة فكانت أيامها تلك سيئا للغاية وتمكنت عائلتها ببراعة من قتل سعادتها ليحل محلها الألم والحزن .
بينما فهمت الأخري بأن ما زال توجد مشاكل بينها وبين أسرتها ولم تحل حتي الآن.. وبعد تلك الفترة، ثم أبتسمت تسنيم لها إبتسامة حنونه واقتربت منها تحتضنها بدعم .
❈-❈-❈
في أحد المستشفيات، تحركت سلمى تركض بخطوات سريعه حتى وصلت الى احد الغرف و دخلت لتنظر بقلق لوجهه الشاحب وهو جالس فوق الفراش بلا حول ولا قوه، ولم يكن غيرة طلقها طارق! حيث كان وجهه مليء بالكدمات الواضحه والعنيفة.. فقد أخبرتها من قبل الممرضه عبر الهاتف بأن المريض حالته حرجه وقد وجدوا امام المستشفى وهو بتلك الحاله.. ورغم خيانه لها وما فعله معها بالسابق ركضت اليه دون تفكير فيظل بالنهايه والد اطفالها، تحركت عينيه ببطء تجاهها براحه عندها رآها وهي تقترب منه بلهفه وخوف
= طارق ايه ده مالك؟ ايه اللي حصل لك انا ما صدقتش لما اتصلوا بيا من على تليفونك و قالوا لي لقوك مرمي قدام المستشفى وغرقان في دمك.. مين اللي عمل فيك كده .
تألم طارق بوجع وهو يعتدل فوق الفراش ونظر إليها بامتنان وهتف بتعب
= كنت هموت يا سلمى الحمد لله ان ربنا ستر آآ حادثه عربيه كده وجت بسيطه
إبتلعت ريقها متوجسة وهي تقول بنبرة متوترة
= كويس أن تليفونك كان معاك و اتصلوا باخر نمرة، نمره الاولاد عشان اجي اشوفك.. انا لاحظت اختفائك وبطلت تتصل بالاولاد بس قلت ممكن تكون بتصرمح مع واحده هنا ولا هنا و مشغول معاها .
تنهد طارق بضيق شديد و أجاب مرددًا بتهكم
= مع واحده مين بس يا سلمى هو انتٍ شايفه فيا حيل لكده بمنظري ده .. ده انا شفت ايام سوداء كنت حاسس ان انا خلاص هموت .. و مش هشوفك تاني ولا انتٍ ولا الاولاد
عقدت سلمي حاجبيها بتعجب متسائلة بشك
= ايام! هو انت مش بتقول اللي انت فيه ده من حادثه عربيه انا مش فاهمه تقصدي ايه بكلامك.. هو انت في حد ضربك ما هي غريبه الممرضه اللي اتصلت بيا قالتلي ان لقوك قدام المستشفى وما جابتليش سيره حادثه عربيه ولا حاجه انت مخبيه عليا إيه تاني؟ يا طارق مش كفايه بقى مشاكل لحد كده .
كان طارق مرتبكًا بشكل ملحوظ. من المؤكد أن إصابته لم تكن نتيجة حادث، بل نتيجة اعتداء من قبل عائلة ليان، حتى لا يقترب منها مرة ثانية ولم يتركوا بعد أن وعدهم بأنه لن يقترب منها مرة أخرى وسوف ينساها من حياته! أردف قائلا بلهجة بائسة
=هكون مخبي ايه يعني؟ كل الحكايه أن في حراميه طلعوا عليا واتخانقت معاهم و ضربوني وبعد كده ما خدتش بالي من العربيه اللي خبطتني.. وبعدين بدل ما تقولي لي حمد لله على السلامه عماله تنكفي فيا فالكلام حتى وانا تعبان الرحمه شويه مش كده .. انتٍ مش شايفه حالتي؟ انا عمال ارد عليكي بالعافيه أصلا.. بعدين ابقى كملي التحقيق بتاعك ده
لوت شفتيها بامتعاض قائله بحنق
=ولا بعدين ولا قبلين خلاص مش اطمنت عليك عشان الاولاد بس.. ولما وشك يتعدل شويه هبقى اجيبهملك تشوفهم عشان ما يتخضوش لما يشوفوك كده .. سلام .
شعر بإنقباض صدره وهو يراها ترحل ليسرع قائلا بتوجس
= ايه يا سلمى انتٍ هتسيبيني وانا كده؟ انتٍ عارفه ان ابويا وامي مسافرين الحج وما فيش حد يخلي باله مني! خليكي معايا عشان خاطري انا ما ليش غيرك برده! انا عارف ان انا ما استاهلش بس انتٍ طول عمرك احسن مني وبتسامحي .
نظرت إليه نظرة خيبة أمل وهي تردف بحزن
= وانت عملت ايه استغليت طبتي وبعدين اسامحك على ايه؟ احنا خلاص اتطلقنا وكل اللي ما بينا انتهى ولا نسيت.. سبتني عشان تروح تتجوز إللي حبتها وتشوف غيري و اهو غيري رميتك وراحت لجوزها و رجعتله ثاني .
شعر بالخزي لأنه صار وراء أوهم وترك أسرته، هو بالفعل شعر بالندم فلم يحصل على اي شيء من وراء نزواته غير الخساره والندم ليجيب هاتف بنبرة مرهقة
= طب ما انتٍ متابعه الأخبار كلها وعارفه اللي فيها اهو، علي العموم انا خلاص صرفت نظر عن الموضوع ده كله و اقول لك كمان على حاجه؟ انا حاسس اصلا اني ما كنتش بحبها وكنت بعاند مع نفسي وخلاص او شويه إعجاب وراحوا لحالهم.. وعاوزكٍ تسامحيني ونرجع لبعض تاني! هو إحنا يعني مش احسن منهم عشان ناخد فرصه احنا كمان ونجرب ذيهم
لم تصدق أذنيها، هل طلقها يعبأ لأمرها حقًا ويطلب منها العودة، ليست أوهامًا أو خيالات وردية اختلقها عقلها لها؟ فلم تتوقع مطلقاً بأن يعود إليها نادم ويطلب السماح ايضا، لكن هل ستسامحه بالفعل مثل ما فعل أيمن مع زوجته! أفاقت من شرودها عندما تابع قائلا بجدية
= حتى انتٍ أهو!! أول ما عرفتي ان انا تعبان سبتي كل اللي وراكي وجيتي تطمني عليا، يعني في أمل ان القديم يرجع تاني ما بينا .. ها قلتي ايه؟؟ موافقه .
بلعت لعابها بارتباك شديد وهي تفكر في كلامه بحيرة! كما أنها ندمت على أنها بحثت عن أيمن وجعلت نفسها رخيصة من أجل الانتقام، وفي النهاية فقدت هي أيضًا كرامتها! و الفتاة التي دمرت حياتها عادت لزوجها من جديد! فهل هي أفضل منها حتي لا تحصل على فرصة ثانية مثلها! فلماذا لا تفكر في العودة هي الأخرى وإعادة بناء حياتها التي دمرت، خاصة بعد أن تأكدت وفقدت الأمل في أن يلتفت إليها أيمن و يريدها له !!!!
كان موقف صغير بالفعل ولكنه كان كافيآ لحسم حيره ما.
❈-❈-❈
مرت الأيام هادي نوعاً ما بين أيمن وليان، رغم أنها مازالت تنام في غرفة الضيوف عزلاً لها بعد ما حدث وهو لم يعترض على ذلك.. هي قررت أنها ستعطيه فرصه ثانيه أو فرصه أخيراً، ربما يأتي يوماً ويستغل تلك الفرصه حقا هذه المره، فلا بأس أن تتحمل قسوة ما يُمنح لها سابقاً حتى يكون دافع لها بأن تصل إلى ما ترجو، جمع أيمن أوراقه الخاصه بالعمل و تركها بعدما شعر بصوت يتألم يصدر من الخارج؟ أتخذ يتحرك تجاه المطبخ ليراها تقف
ولمح يدها التي لسعتها حراره الفرن وقد
ضمدتها، تسائل باهتمام
= مالها إيدك و ربطها كده ليه؟ انتٍ كويسه
التفتت برأسها نحوه مرددة بعدم مبالاة
= آه دي حاجه بسيطه اتلسعت بس من الفرن وانا بطلع الأكل.. أيمن بتعمل ايه؟ مفيش حاجه خلاص انا لفيتها مؤقت .
لم يستمع إلى رفضها وأشار لها بعينيه لتتبعه في زاوية بعيد عن فرن البوتاجاز، حين أمسك بيديها حتى يعيد لفها من جديد لكن بطريقه صحيحه لعلاجها، و دني منها ليقول بنبرة ذات مغزى
= وانتٍ لما تلفيها كده يعني هتخف لوحدها بس يا ليان تعالي معايا خليني احطلك مرهم للحروق الأول؟ علاجي الحاجه صح عشان ما تلاقيش ليها اثر بعد كده .
ارتعشت من لمسته الناعمة وتوترت أنظارها نحوه، ثم ابتعدت عنه تنظر إليه كأنها تلومه ولوت ثغرها للجانب مرددًة بتساؤل
= هو انت بتلمح على حاجه بكلامك ده ولا ايه؟
هز رأسه برفض وهو يبتسم و رد بجدية
= انا حددت ميعاد مع دكتور كويس لحالتنا سمعت ناس كتير بتشكر فيه وعملت سيرش عليه على النت كمان عشان اتاكد، وحجزتلنا عنده على آخر الأسبوع و هنروح .
توترت في مكانها وتسارعت دقات قلبها أثر كلماته، ثم قالت بنبرة حزينة وهي تشير بيدها الأخرى
= تمام هجهز نفسي وقتها حاضر .. تفتكر بس بعد كل ده في امل في حالتنا خصوصا بعد كل اللي حصل ما بينا
ربت أيمن على كتفها برفق محفزًا إياها واجابها محذرًا بصرامة
= بلاش تشاؤم يا ليان وانا قلتلك ان الاوضاع ما بينا اتغيرت الى حد ما، زي مثلا ان زمان ما كنتش عارف ولا فاهم! اللي مطلوب مني قصاد ما عاوز .
حاولت أن ترد و تحررت يده من كفها ليضع إصبعه على شفتيها، ألزمها الصمت باختيارها وقال وهو يداعبهما برقةٍ
= انا كنت اناني برده... ازاي عايز من غير ما
أدى.. بس من هنا ورايح انا هدى عشان ألاقي
الحب و الاهتمام منك برضه.. عشان هي دي الحياه الزوجيه مشاركه بين الطرفين! وما ينفعش طرف واحد بس يدي كده العلاقه مش هتكمل و المفروض نتوقع فشلها من البدايه أصلا .
احتلي الخجل ملامحها تطرق رأسها أرضاً وهمست بألم
= بيقولوا الحجات بتيجي أول ما بنبطل ندور عليها أو نستناها.. المشكلة بقى هل لما تيجي هيكون لسه جوانا نفس الشغف ولا لأ؟
فهم ما الذي ترمي اليه وراء كلماتها، و عاد يقترب و جذبها نحوه يدفن وجهه بعنقها
ثم صمت هيمنة ليقول بعدها بتعهد
= أنا عاوز اعوض كل اللي فات منك ومنى، عشان كده انتٍ لازم تساعديني زي ما انا بساعد نفسي .. وبعدين مش قلت لك ادي لنفسك فرصه عشان حبنا يحيى من جديد جواكي؟
عضت على شفتها السفلى، وهزت كتفيها قائلة بارتباك ملحوظ
= صح قلت .. آآ وانا بحاول؟ بس الموضوع صعب في الأول.. مش عايز تعرف كنت رافضة ليه
تطلع فيها باهتمام ثم أشارت نحو قلبها وعيناها تفيض بالآلم
= عشان ده جواه نار... عارف يعني ايه نار
زم شفتيه بطريقه باهته وهو يقول بفتور
= النار دي انا عايش بيها من زمان يا ليان...
بس تعملي ايه بقي نصيبك تعيشي في وسط النار دي لحد ما تتحول لنور... ومش هتتحرري منها ابداً
حرك أيمن ذراعه ليمسك بيدها، وخلل أصابعه بين أناملها منحها نظرة أخرى عميقة، تنطق عما يجيش بين جنبات صدره من احلام وامنيات مفتقدها معها ثم تحدث قائلاً بصراحه
= ليان انا مبعرفش الح على حد انه يقولي زعلان من إيه ويمكن أحياناً مبهتمش... أو مش عارف امتى المفروض اعمل كده أصلا طبيعتي كده.. ومش دايما بحب الاهتمام الزايد ذيك و اللي انتٍ كنتي بتطلبي مني والكلام الرومانسي
عبس وجهها نوعًا، وشعرت ليان بتبدل تعابيره إلي الإشراق وحاولت ألا تظهر تأثرها بذلك، وتسائلت بأعين متسعة
= يعني انا مهما زعلت مش هتلاحظ؟ طب انا بقى مبعرفش اقول لحد اني زعلانه
هز رأسه ثم تحدث أيمن والذي أجابها وهو يفرك طرف ذقنه بتفكير بالأمر
= طب والحل؟!.
نظرت له من طرف عينها قائلة باستخفاف
= الحل معاك، انت الراجل ولازم تلاقي الحل
وبعدين ما انا بلاحظ لما تكون متضايق من حاجه كنت بسالك
تدلت على شفتيه بسمة عذبة تذيب الفؤاد، و رمقها بنظرات دافئة متقدة دومًا برغبته فيها ليردد قائلا
= بتعرفي عشان برد عليكي و بقول لك مالي لكن انتٍ ما كنتيش بتردي اوقات.. فمش هيجرى حاجه كمان لو انتٍ قلتلي اللي مضايقك من غير ما اخد بالي ولا الاحظ حتى مش كده؟؟
عقدت حاجبيها بتفكير بالأمر مثله، ثم استطرد ليقول لها مداعبًا
= ولا هتعملي بقى زي البنات اياهم وتقولي الإهتمام ما يتطلبش و لازم تعرف لوحدك لو مهتم؟ ما الجو ده مش هياكل معانا في حاجه ومش هنوصل لحل في النهايه وانا مش هعرف عشان انا مش بعلم الغايب!
لم تتمالك نفسها وضحكت علي كلماته، وهو أيضا شاركها الضحك بخفه، و للحظات تمني تطال أكثر وأكثر بينهما، أو ربما تتوقف عقارب الساعه عند تلك اللحظه.. غابت عيناها في نظراته الحنون، و استأثرت على مشاعرها غير المنطوقة.. ثم أخفض هو رأسه في منحنى عنقها ليضع بضعة قبلات صغيرة عليه، اشرأبت بعنقها قليلاً لتتيح له المجال ليتذوق شهدها المغري! وهي تغمض عينيها دون وعي.
كان أن يحصل على المزيد منها وبارادتها، حتى انتفضت ليان مفزوعه من بين ذراعيه لتركض من أمامه وهي تهتف بهلع
= ايه الريحه دي، الأكل شكله اتحرق
تطلع فيها لثواني بصمت قبل أن يبدأ بالضحك علي منظرها وهي تركض أمامه بتلك الهيئة،
و قد عادت الضحكه لشفتيه من جديد وهو يرى أفعالها المحبة و الموده إلي قلبه.
❈-❈-❈
انقضى عده أسابيع سريعًا، ومنذ الصباح الباكر، كان سالم يقف أمام المراه يحاول ربط الكرفته باعين ناعسة للغاية حتي يرحل الي عمله،و كانت تسنيم في الخلف تتابع كسله وهي تبتسم بلطف ثم تحركت تجاهه بخيلاء مثير ودلال ناعم يلهب المشاعر ويؤجج العواطف أمامه، ثم رفعت يدها لتداعب طرف ذقنه قائلة
= أبعد خليني أساعدك!
أبتسم سالم وهو ينظر إليها بعيون مفعمة بالحب و ذراعه التف حول خصرها النحيل
بدا مسترخيًا في وافقته وهو يشعر بالامتنان الشديد لمساعدتها، لكن خلال لحظات بدا يشعر بالاختناق من محاولتها لعقد الكرافته حول رقبته بقوة، علق عليها بسخرية بحس فكاهي
=بالراحه يا حبيبتي ولا شكلك عاوزه تخنقيني عشان تخلصي مني! بتنتقمي مني في الكرفته يا تسنيم بقى دي اخرتها عاوزه تورثيني وانا لسه داخل دنيا..
ضمت شفتيها بعبوس لطيف ثم بإلحاح جذبتها أكثر وهي تحاول عقدها وألحت بتذمرٍ
= ما تبقاش رخم بقي وخليني اعرف اركز، صوتك بيغلوش على تركيزي أسكت شويه .
ظهرت إبتسامة من ذاك النوع الذي لا يقاوم على زاوية فمه، قبل أن يجيبها
= لا والله كمان! مش كده هموت في ايدك بجد .
ابتسمت ضاحكة وهي ترد بملل
= ما تكبرش الموضوع كده دي ربطه كرفته مالك خايف من ايه، عمر الشقي باقي لسه بدري عليك شويه .
ارتسمت علامات الصدمة على تعبيراته، و أشار بحاجبيه مازحًا وهو يصطنع الدهشة
= ايه شويه كده دي؟ هو انتٍ عارفه حاجه عني ومخبياها انا قلبي كان حاسس انك عملتي حاجتك الكرافته عشان تخلصي عليا..
زفر أنفاسه بتنهيدة متعبة وهو يراها ما زالت تحاول بإصرار لكنها تفشل، ثم زفر بملل وهو يضيف بضيق
= تسنيم مش وقته بجد، هتاخر على الشغل هو انتٍ عشان عندك جلسه متاخر النهارده هتاخريني أنا .
كانت متحمسه لما تفعله ناسيه انه يحني رقبته
نحوها، ثم بررت له رغبتها في فعلها وهي تتحدث بحماس
= ان شاء الله مش هتتاخر، سيبني احاول قربت اعملها آهو
ظلت تعابيرها محتفظة بجديتها وهي تحاصره بتلك العقدة بإصرار رافضة تحركه قبل أن تفعلها، التقط سالم أنفاسه بصعوبة من تلك العقدة الملفوفة حول رقبته و رد عليها مداعبًا
= بقالك ساعه بتجربي، خلاص كفاية انتٍ هتطلعي روحي في إيدك يا ماما بالشكل ده.. مش هبقي بعد مكانه دي كلها؟ شهيد كرافته في الآخر عيب علي هبته .
اغتاظت زوجته من تعليقاته الساخرة ولم ترد عليه، ثم صدح صوت قادم نحوهم ليميل قليلا برأسه وقد لمح أبنته تقف تتابع ما تفعله الأخري بصمت، وفجاه صاحت تسنيم بعلو صوتها دون قصد منها بسعادة وهي تشعر بأنها حققت انجاز عندما فعلتها، قائله بفخر
= أخيرا عملتها عشان تعرف بس، لما احط حاجه في دماغي لازم اعملها .
فضحك هو رغماً عنه، علي فرحتها وهو يقول
= تعالي يا ليلي شایفه تسنيم معذباني ازاي كل ده عشان تتعلم تربط الكرافته .
لم تبتسم مثلهم بل كانت تشرد بصمت في رابطه عنقه التي كانت تهوى فعلها له يومياً بالصباح وكان يضحك على فعلتها و يخبرها أنها بافعالها تلك تتاخذ دور الزوجه بحياته وليست ابنته وكانت تتذمر منه وتخبره بأن لم يتزوج يوماً ويتركها وهو يؤكد علي حديثها ويضحك على عابثها معه، تمالكت حالها و رحلت في اتجاه غرفتها.. حتى بعد لحظات استمعت الى غلق الباب لتعرف بأن والدها رحل.
استدارت تسنيم بجسدها عائده نحو الغرفة بعد رحيل سالم، فالتقت بليلي في طريقها لتقف أمامها مرددة بابتسامة صغيرة
= ايه يا ليلى مالك وافقه كده ليه يا حبيبتي؟ محتاجه حاجه، بقول لك انا لسه عندي ساعه على الشغل ما ناجي نقعد مع بعض شويه
لوت شفتيها بامتعاض قائله بسخرية لاذعة
= ما خلاص مشي مش محتاجه تمثلي دور الزوجه الصالحة اللي انتٍ فيه ده عليا انا كمان، اذا كان بيدخل عليه مش هيدخل عليا
عقدت حاجبيها بتعجب من طريقتها معها متسائلة بغرابة
= نعم تقصدي ايه بكلامك ودور إيه اللي انا بمثله.
جزت علي أسنانها بعصبية شديدة وهي تصرخ
بتعنيفٍ قاسٍ
= ما تعمليش فيها طيبه وغلبانه يا خطفت الرجاله انا فاهمكٍ كويس من اول يوم دخلتي هنا، انتٍ عاوزه تاخدي بابا لوحدك عشان ينساني وتطلعيني من حياته.. بس انا مش
هناولك اللي في بالك ابدا ..
صمتت تسنيم بذهول ولم تعقب عليها، أو لم يكن لديها من الكلمات ما ترد عليها بها فهي لم يسبق وراءتها بتلك الحاله من قبل! لم تصدق حديثها المهينة ذلك، ثم تابعت الأخري تصيح بشراسة وحقد
= غيرك حاول وانا وقفته فمش هتيجي عليكي وهتبقي صعبه هي كلها ايام بس وهتطلعي من هنا ومن حياتنا كلها .
شهقت مصدومة وتسمرت في مكانها مذهولة، بينما رحلت ليلي وهي ترمقها بتوعيد و رددت الأخري من بين شفتيها بنبرة مدهوشة
= ايه ده؟ البنت دي مش طبيعيه .
❈-❈-❈
وخلال تلك الأسابيع التي مرت سابقه بدأت الكثير من التجهيزات، حتي أتي اليوم لتجتمع بعدها عائلة وفاء في قاعه صغيرة ليتم عقد القرآن، لتصبح وفاء زوجته رسمياً.. لتتولى بعدها تهنئه العروسين وتقديم الهدايا لهما، وبعد ساعتين توجهوا الثلاثه تجاه المطار ليسافرون وبدأت رحلتهم الثانيه.
مرت ساعات طويلة على متن الطائرة حتى وصلوا أخيراً إلى تركيا، ومن ثم توجهوا إلى فيلا سراج. وبالطبع فإن المساعدين في المنزل لم يدخروا جهداً في استقبال الجميع بالشكل الذي يليق بهم، كما أمرهم سراج بذلك. إلا أن وفاء لم تكن تفهم اللغة إطلاقاً، على عكس مهرة التي كانت تفهمها جيداً لأنهما يتحدثان الإنجليزية، وهذا ما فاجأها. قليلا، لأنهم في تركيا ويتحدثون لغة أخرى.
نظر سراج إليهم بتراقب ثم قال باهتمام
= هتحبوا البلد أوي هنا ما تقلقوش، في البدايه بس هتحسوا انكم مش مرتاحين بس بعد كده لما تشوفوا الأجواء هنا وتتعرفوا على الناس هتتعودوا.. وهتحبوا المكان هنا .
كانت مهره تنظر الى المنزل حولها بإعجاب شديد، بينما أردفت وفاء قائلة بقلق بسيط
= هي البلد فعلا شكلها جميله، بس الفكره أن الواحد اتربى وعاش سنين حياته في بلد تانيه فمش من السهل هيتعود على هنا .
هز رأسه بتفهم ثم حرك سراج يده قائلاً
= ما تقلقيش كل حاجه بعد كده هتحسي انها سهله لما تنسجمي انتٍ ومهره.. ما بتتكلميش ليه يا مهرة ولا مش عاجبكٍ البلد هنا وقلقانه زي والدتك .
تحرجت منه قائلة بخفوت
= لا خالص المكان جميل وانا من زمان بحب تركيه أصلاً من المسلسلات وكان نفسي ازورها بس ممكن زي ما، ماما قالت الموضوع تعود مش اكتر .
وفي ذلك الأثناء تقدمت منهما سيده بسيطه في مقتبل الاربعين، ليتحدث سراج بهدوء
= تعالي يا وفاء لما أعرفك على الخدم هنا، انا عملت حسابي وجبت مساعدة هنا مصرية عشان تعرفوا تتعاملوا معاها براحتكم
وتفهموا بعض .
ردت السيده ثريا بابتسامة متسعة
= أهلا بحضرتك يا مدام وفاء مبروك أولا على الجواز و أن شاء الله تتبسطي هنا معانا، أنا أسمي مدام ثريا وهكون مسؤوله عن حضرتك انتٍ و الانسه الصغيرة مهرة .. ومن هنا ورايح لو احتاجتي اي حاجه اؤمريني بس وانا انفذها ليكي .
أبتسمت لها وفاء وهي تنظر إليها براحة، فقد شعرت بالحيرة من كيفية تعاملها مع كل هؤلاء الخدم وهي لا تفهم لغتهم ولا هم كذلك، لكن بالطبع سراج لم ينسي ذلك، ثم قال سراج بجدية وهو يخرج من جيبه هاتفه الخاص
= يلا يا ثريا روحي انتٍ وخليهم يجهزوا الغداء لينا عشان بعد كده نطلع نرتاح شويه..
وبعدين هنبدا في تجهيزات الحفله اللي هتبتدي بالليل .
استقبلت ثريا كلماته بابتسامة صغيرة، قبل أن تهز رأسها بالإيجاب هاتفه بأدب
= تحت أمرك يا سراج بيه، عن اذنكم
عقدت وفاء حاجبيها بتعجب قائله بذهول
= حفله ايه دي اللي هتبتدي بالليل و لازم نجهزلها يا سراج .
رد زوجها سراج موضحاً بابتسامة سعيدة
= انتٍ عارفه طبعاً يا وفاء ان انا يعتبر أعلنت جوزي منك في مصر بس، إنما هنا لأ وانا رجل أعمال وأي كبيره أو صغيره عني الصحافه لما تصدق تكتبها.. فقبل ما يشوفوكم انتٍ ومهره معايا وتبدأ الأخبار تنتشر بسرعه حوالينا هنا بطريقه مش لطيفه، نلحق إحنا ونعمل حفله صغيرة نعلن فيها أننا اتجوزنا .
ثم أضاف قائلاً بتوضيح أكثر
= هي الحفله هتكون هنا في الفيلا ولازم كلنا نكون جاهزين لاستقبالهم، ومن ضمنهم هيكون بعض الصحافه موجودين اللي انا واثق فيهم عشان يخدونا كام صوره .
ردت عليه بصوت خفيض وهي تشير بحاجبيها بضيق
= لازم يعني في نفس اليوم اللي لسه راجعين فيه من السفر وتعبانين.. انا بصراحه ما ليش في الجو الحفلات ولا مهره كمان ومش عارفين هنجهز نفسنا إزاي؟ عشان نستقبل ناس إحنا مش عارفينها .
حدق في وجه زوجته البشوش، و رد مبتسمًا
= ما تقلقيش كل حاجه انا عامل حسابي عليها
ثريا هتكون معاكي خطوه بخطوه وهتكون مسؤوله عن الترتيبات وهي اللي هتجهزك وهتفهمك الأمور بتمشي ازاي وانا كمان هكون موجود معاكي أكيد.. و مهرة كمان انا هكلم حد يكون مسؤول عن لبسها وتشوف هي حبه ايه؟ اذا عاوزه اللبس يجيلها لحد هنا، ولا هي تروح بنفسها وتختار وبالمره تتفرج على البلد .
كان هذا الجو غريبًا عليهما، وشعرت مهرة بالفضول لأنها تريد أن ترى أشياء كهذه وتجرب! التفتت ناحيتها وتساءلت وفاء بتلهف
= مهرة اكيد تعبانه دلوقتي ومش لازم كمان تحضر الحفله، مش كده يا حبيبتي
ضغطت مهرة على شفتيها السفلى وهي تقول بنبرة متوترة
= اللي تشوفوا، بس انا مش تعبانه ولا حاجه يا ماما
تفهم الآخر أنها تريد مشاهده البلد لكنها تخشى القول أمام وفاء حتي لا ترفض أو تنزعج، لذلك احتج عليها قائلاً
= وفاء ما تقلقيش عليها وخليها براحتها، و انا هبعتها مع السواقه و مدام ثريا الإتنين واثق فيهم ومدام ثريا تعرف محلات كويسه وايه الأنسب ليها و يختاروا مع بعض، خليهم هما براحتهم و احنا هنا نجهز اللي فاضل لنا، تمام .
تطلعت وفاء فيه بصمت وكادت أن تعترض مجدداً، لكنه عاد يتحدث بنبرة جادة
= وفاء تعالي معايا افرجك على الفيلا وباقي
الناس اللي بتشتغل هنا لحد ما يرجعوا، و ثريا هتعمل حسابك أكيد وهتنقي لبس يناسبك تلبسي في الحفله.. ومهره معاها واكيد عارفه ذوقك.
انشرح قلبها لموقف سراج معها، و بالأخص عندما هزت وفاء رأسها باستسلام قائله بنبرة مترددة
=خلاص زي ما انتٍ عاوزه روحي طالما دي رغبتك، هو انا يعني هحبسك هنا.. روحي و اتفرجي على البلد بس خلي بالك من نفسك وما تبعديش عن الناس اللي انتٍ رايحه معاهم عشان ما توهيش .
❈-❈-❈
علي الجانب الآخر، أنهت المصففة عملها و وضعت لمساتها الأخيرة على بشرة العروس الجميل، وتأكدت من ضبط حجابها الأبيض حتي أصبحت أكثر إشراقًا وجمالاً، حدقت فريدة بنفسها بأعين لامعة متأثرة لما يحدث حولها، ثم وضعت سماح كفيها على كتفيها قائلة بنبرة سعيدة للغاية
= بسم الله ما شاء الله، زي القمر يا فريدة! شفتي لما سمعتي كلامنا ورضيتي تلبسي فستان وتحطي مكياج خفيف بقيتي طالعه زي القمر ازاي؟ واحلى عروسه في الدنيا كمان.
رمقتها تسنيم هي الأخرى بنظرات إعجاب وهي تضيف
= هي قمر من غير حاجه أصلا، مبروك يا فريده ربنا يتمملك على خير
رمشت فريدة بعينيها قائله بامتنان حقيقي
= بجد أنا مش عارفة أقولك ايه يا تسنيم، أنا متاكده ان انتٍ أكيد كنتي مشغوله في يومك بس مع ذلك جيتي زي ما وعدتيني، بس و جودك فارق معايا انتٍ وسماح فعلا.. و انتي بالنسبالي أكتر من أختي!
هتفت تسنيم قائلة بجدية
= على ايه يا بنتي؟ هو أنا عملت حاجة
بطلي عبط! عشان انا كمان بقيت بعتبرك زي أختي فعلا
زاد لمعان عينيها متأثرة بما قالته، و نظرت إليها بود فلم تتمالك فريدة نفسها فضمتها إليها لتحتضنها بحب واضح، ثم أرجعت ظهرها للخلفة مضيفة بجدية تحمل التحذير
= هو الموضوع جه فجاه عشان كده أنا مش عارفه ملابسات الموضوع إيه، ولا اتعرفتي على العريس ازاي؟ أنا بس مش عاوزاكي تكوني مجبورة على الجواز عشان اللي حصل زمان! خصوصا اني عرفت بالصدفه انه كان متجوز وعنده اولاد؟ اوعي تحسي نفسك انك قليله وتستحقي اي حاجه والسلامه .
نظرت لها مطولاً قليلا، قبل أن ترد هامسة بابتسامة خجلة
= لأ يا تسنيم، اطمني! كل حاجه بتم برضايه.
لتعلو بعدها أصوات الزغاريد والتهليلات الفرحة عند خروج العروس من البيوتي سنتر وبصحبتها تسنيم التي لم تتركها، راقبهما بدر من على بعد متعجبا من تلك الألفة الزائدة بين تسنيم و فريدة، فلم يتعرف بعد عن تلك الفتاة ولم يراها سابقاً معها، بالاضافه انه متاكد بأنها أصرت لم تخبر عائلتها بحفل زفافها الذي يقام اليوم!
اصطحب بدر العروس نحو منزله والذي كان لا يبعد مسافه كبيره عن البيوتي سنتر بل كان بنفس المنطقة والتي سيقيم بها عقد القران،
كانت فريدة تتألق في فستان انسيابى أبيض بسيط يظهر قوامها الممشوق وطولها قامتها الملفت تتهادى بجوار بدر يخطفا الابصار..
مرت ساعه علي تلك الأجواء والجميع كان سعيد تقريباً، نهض بدر من مكانه حينما رأى عوض مقبلاً عليه وبصحبته بعض اصدقائهم المشتركين ليرحب بهما، استقبلهم بألفة معهودة منه، فقد قرر أن يحتفل بزواجه بإقامة حفل متواضع حضره أغلب رجال و سيدات المنطقة لتقديم التهنئات والمباركات.
بينما لم تتوقع فريدة ذلك الترحاب الودود ولا تلك الليلة الجميلة خصوصا والبعض لا يعرفها هنا، لكنها أظهرت لهم محبة للجميع متبادله، ماعدا لوزه الحقوده التي كانت متجهمه الوجه قاسية التعبيرات، ثم انهالت المجاملات النقدية على العروس التي جلست في منتصف الشارع فوق المقعد كنوع من التهنئة بعقد قرانها فبدت متحرجة للغاية مما يقدم لها حتى وإن كان قليل، لكنه العرف المتبع في تلك المناسبات السارة.. و رغم توترها بدأت خلال لحظات تتعامل مع الأجواء ليظهر على صفحة وجهها فرحتها الصافية.
وبعد مرور نصف ساعة، اقتربت منها سماح وهي تبتسم بخفوت ومالت عليها مداعبة
= هيكتبوا كتابك يا قمر! وهيعلوا الجواب .
رفعت فريدة رأسها نحوها محدقة فيها بتوتر شديد واكتفت بابتسامة خجلة على محياها، ثم نهضت بهدوء تقترب منهم واستقبلها بدر بأعين لامعة، و نظرت له و قلبها يخفق مع نظراته أكثر، فخلال دقائق بسيطه ستصبح زوجتة رسمياً.
و كانت تتبعهم نظرات لوزه المحتقنة غيظًا، شعرت بدمائها الفائرة تحرق خلايا عقلها، فمنذ أن رأت العروسه وهي تقارن نفسها بها؟؟ فماذا تزيد عنها حتى يرفض بدر حبها ويتزوج هذه! ويفضلها عليها، كادت تنفجر من كثرة ما تكتمه في نفسها مجبرة منذ أن سمعت بزواجه للمره الثانيه؟ يذهب أمام عينيها ويرتبط بغيرها .
بينما فريدة رغم ارتباكها وخوفها الظاهر من نظراتها، لكنها أيقنت أنها مستعدة كليًا إلى تلك الخطوة الحاسمة في حياتها، ستصنع مما تمر به ذكريات أخرى خاصة بها تحمل مستقبل جديد و جميل؟ وستمحو أثار ما خلفه الزمن من أحداث مؤلمة، نعم عقدت العزم بشدة على نسيان ما يؤلمها، والتشبث أكثر بحاضرها و مستقبلها القادم مع بدر.. و بناته .
آفاق الإثنين علي صوت المأذون وهو يتساءل عن وكيلها، و كأنه هنا ضغط على جرحها.. خزات حادة ألمتها في قلبها لكنها حاولت الثبات وتجاهل تلك الغضه التي شعرت بها فجاه، فكزت على أسنانها بقوة غير قادرة على إخفاء حزنها الممزوج بوجعها ؟ بأن يمر عليها يوم مثل ذلك وتكون بمفردها، و بصعوبة نطقت بأنها هي وكيله نفسها .
بدأ المأذون في الإجراءات، وانتبه الجميع إلى صوته الجهوري الذي صدح في الميكروفون لتنخفض الأصوات العالية تدريجيًا، ثم بدأت فريدة تاليه تردد العبارات على استحياء خلف المأذون! ليزداد مع أصواتهم خفقات قلبها المتحمس، و زاد توترها أكثر حينما انتهت الإجراءات الخاصة بعقد القران سريعاً، و وقعت بأنامل ثابتة على ورقة زيجتها للمرة الثانية! لكن هذه المره كانت برغبتها التامه .