رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 14 - 2
قراءة رواية حياة بعد التحديث
الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حياة بعد التحديث
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الرابع عشر
الجزء الثاني
تم النشر بتاريخ
17/10/2023
بدأ أيمن وليان يذهبون الى الطبيب المختص في العلاقات الزوجيه بالفعل منذ أسبوعين وأكثر، رغم أنهم لم يجدوا تحسن ملحوظ في علاقتهم، لكن ما زالوا بأول الطريق وعلى أمل بحدوث ذلك بالمستقبل وهم مستمرين بالذهاب له، حتى ضمن جلسه من الجلسات طلب الطبيب من ليان أن تعود تمارس حياتها كما كانت في بدايه زواجهما.. وتعود للنوم معه بنفس الغرفه! كما كأن حتى لا تشعر بالفتور الواضح في علاقتهما، كانت مترددة في البدايه بفعل ذلك! لكنها وافقت في النهايه، فيكفي أن أيمن لم يطلب منها شيء كذلك و تركها تفعل ما تريد دون ضغط منه.. لذلك رضخت للأمر افضل أن يجبرها على ذلك بيوم! لانه بالتاكيد لم يستمر بينهما الوضع كذلك .
في الصباح جهز أيمن نفسه ليذهب الى العمل ليجد ليان تطلب منه أن يتناول الفطور معها أولا قبل ذهابه، تفاجأ من طلبها في البدايه لكنه أبتسم موافق لانها تسعى الى التغير في روتين حياتهم عكس الأسابيع الماضية كانت تتجنبه بتعمد، أبتسمت هى أيضا وطرب قلبها لمجرد موافقته فهي تفعل تعليمات الطبيب.. وبدأت في وضع الطعام على الطاولة لتجلس أخيرا .
تناولا الطعام وتبادلا حديثاً ودي وهو يتجنب أن يصمت في بعض الأوقات، تارك لها المساحه لتتحدث معه بأريحية كما كانت حياتهم في بدايه زواجهم وهى تقص له عن أحلامها المستقبلية، شعرت براحة للحديث معه وكم كان هو مستمع جيد! عكس سابقه، تناول أيمن الطعام بشهية كبيرة ابتسمت له ليان وهى تراه مقبلا على الطعام عاد يتكأ بظهره الى المقعد قائلا
= آه مش قادر أكل اكتر من كده، الأكل طعمه حلو أوي بجد تسلم ايدك
أشرق وجهها وهي تتساءل بلهفة
= بجد عجبك !!
مسد بكفه على معدته بطريقه فكاهيه وهو يرد بمداعبه
= هو مش باين عليا ولا ايه؟ ده انتٍ بقيتي خطر على نظامى الغذائى يا ليان، كده هضطر اتمرن لساعة كاملة
ضحكت بسعادة ليحملق في ابتسامتها البريئة، وهي تتسائل بصوت خافض
= هو انت رجعت امتى تاني تتمرن في الجيم، كان بقيلك فتره مش بتروح.. بس كويس أهو عشان صحتك برضه و انت كنت بتحب تروح تتمرن دايما .
مد كفه ليداعب كفها وهو ينظر لها بحنان
= صح وانتٍ كمان كنتي بتحبي تروحي معايا تشوفيني، مش عاوزه تيجي تشوفيني زي زمان .. ونتمرن سوا .
عقدت حاجبيها وهي تجيب عليه مترددة بالتفكير في الأمر
= دلوقتي صعب بعد حجابي يعني، بس ممكن في مكان مخصص اعتقد.. مش هاخد راحتي في مكان مختلط وانا بتمرن، بس ممكن اروح اتفرج عليك زي زمان لو انت حابب
هز رأسه أيمن بهدوء متفهم الأمر، وقبل ان يجيب استمع الى جرس الباب يرن! استغرب من سياتي اليهم بذلك الصباح وقبل ان ينهض منعته ليان وهي تنهض قائله
= خليك .. انا هفتح وكمل اكل انت .
حاول منعها لكنها أسرعت تنفذ قولها بعد ان ارتدت الحجاب فوق راسها أولا والتي كانت تضعه بجانب الباب حتى يسهل عليها الأمر، بدات تنظر خلف العين السحريه ثانياً لتتفاجا
به عمها و والدتها؟ ابتعدت للخلف بصدمه وخوف وعادت تدخل الي غرفة المعيشة ليجدها أيمن ترتجف وما ان رآها امامه بتلك الحالة نهض بسرعه يقترب منها بقلق شديد وهي ارتمت بين ذراعيه تلقاها أيمن بحنان
= مالك يا قلبي ماتخافيش انا معاکی، مين اللي على الباب خوفك كده .
قطبت جبينها قائلة برجاء
= مشيهم یا أيمن.. مشيهم عشان خاطري دول ماما وعمي جابر! انا ما بقتش عاوزاهم في حياتي وبعدت عنهم عاوزين مني ايه تاني وجايين هنا ليه؟ قول لهم مش عاوزين حد يزورنا من هنا و رايح .. انا مش عاوزاهم في حياتي .
برر سبب قدومهم بذلك الوقت ليطمئنوا عليها، وقال مفسر وهو يحاوطها بيده بهدوء
= لا يا حبيبتي مايصحش دول اهلك برضه وليهم عليكي حق صلة الرحم وبعدين دول اكيد جايين يطمنوا عليكي مش زي ما انتٍ فاكره، خلاص ما حدش فيهم هيقدر يعاتبك من هنا ورايح على اي حاجه .
لوت شفتيها للجانب بقهر وزفرت قائلة بإنهاك
= يا سلام فجاه افتكروا ان ليهم بنت دلوقتي ما الفتره اللي فاتت من ساعتها ما حدش بيعبرني بتليفون حتى، مشيهم مش عاوزة منهم حاجة صدقني دول جايين يطمنوا على نفسهم مش عليا؟؟ جايين يشوفوا عملت مصيبه تاني تمس سمعه العيله ولا لأ .. انا عمري ما حسيت بحد فيهم قريب مني من عيلتي ولا خايف عليا
تنهد أيمن بقله حيلة وهو يفكر بحل سريعاً ثم
رد عليها موضحًا محاوله إقناعها
= وبعدين يا ليان ما هو ما يصحش نسيبهم كده وممكن يكون البواب تحت قال لهم ان إحنا هنا! كده هيبقى شكلنا وحشه لو ما فتحناش، طب اسمعيني نفتح لهم وتقعدي معاهم خمس دقائق بس وبعد كده اتحججي باي حاجه وقولي انك تعبانه.
هزت راسها برفض وهي تحملق فيه بتوجسٍ قلق وكادت أن تعترض مجدداً، فوضع بين شفتيه ابتسامة مطمئنة، ليقول لها بعدها عن ثقة
= متخافيش محدش هيضايقك ولا هيدوسلك على طرف، هفضل جانبك ومش هسيب حد فيهم يضرك، خديها مني كلمة!
بعد معاناه وافقت أخيراً علي قرارة وتركت أيمن يفتح لهم ليستقبلهم بإبتسامة هادئة، بينما هي أصبحت تشعر نفسها لا تربطها اى علاقة بهم، لذلك فضلت أن تترك مساحة بينها وبين والدتها لتنتقل نفس المساحة مع الوقت لتكون بينها وبين عمها فى المستقبل، فعلاقتها بوالدتها أصبحت شبه منقطعة تماماً لا تواصل بينهما بأى شكل كان بل كانت تحرص ليان على عدم التعامل مع دلال إلا للضرورة.
استمرت الزياره بشكل روتيني للغاية ولاحظت دلال تعامل ابنتها معها بجفاء، لكن لم تبذل اي مجهود لتغيير الوضع كعادتها، وذلك جعل الأخرى تثق تماماً بان علاقتهم من المستحيل أن تتصلح وتلك الفجوه ستظل يوماً بعد يوم تزداد.
حتي قطع ذلك الهدوء عمها قائلاً بصوته الأجش
= قولي يا أيمن أخبار ليان معاك ايه؟ في اي حاجه صدرت منها كده ولا كده تاني؟؟ لو لاحظت اي حاجه علي طول قل لنا عشان نتصرف و....
نظرت له مطولاً بأنزعاج وضيق من طريقه تعامله والتي دائما تشعرها بالتقليل من شانها، فحتي لو أخطأت يعاتبها بينهما وليس أمام زوجها بالأخص! لذلك لم تتحمل الصمت أكثر و ردت عليه ليان معترضة
= تتصرف في ايه هتضربني زي المره اللي فاتت ولا هتجوزني إبنك بالغصب؟ انا قلتها لك المره اللي فاتت وبقولها لك تاني انا مش لسه قاصر ومستنيه حد يتحكم فيا ويقول لي فين الصح والغلط؟ طالما مش عارفين تصلحوا حياتي من الأساس يبقى الاحسن ما تدخلوش فيها وانا ما طلبتش منكم مساعده ولا محتاجاكم في اي حاجه.. طول عمركم بعيد عني ايه اللي حصل جديد يعني كل ده عشان خايفين على سمعتكم اصلا مش عشاني .
تلفت جابر حوله ضارب كفه بالأخر متحدث بعدم تصديق من جرأتها، وعلق بعصبية واضحة
= اما انتٍ بنت قليله الربايه صحيح، انتٍ ليكي عين تتكلمي بعد عملتك السوداء دي! واحده غيرك تفضل طول عمرها تطلب السماح مننا وما ترفعش عينها في عينينا بس هنقول ايه بجحه.
قطبت ليان جبينها قائلة بجدية
= لا انا مش بجحه يا عمي انا واحده غلطت زي أي حد! وطلبت السماح منكم وانتم ما صدقتوش فمش فارق معايا، فطلبته من ربنا اللي بيغفر! واللي احسن منكم، على الأقل هو مش هيفرق معاه اذا كان إللي غلط راجل ولا ست .. ومتهيالي بقى اللي محتاج ياخد باله من كلامه حضرتك مش انا .
صدمت دلال من كلمات ابنتها الفجة في الإساءة من عمها، وفي خلال لحظات نهض جابر واستدار نحوها ليرمقها بنظرات أكثر كراهية ثم رفع يده في الهواء حتى يضربها و قبل أن يفعلها؟ صرخ به أيمن مستنكراً وأمسك يده بقوة، قبل أن تلمس ليان التي كانت أنظارها مسلطه على والدتها تعاتبها بصمت لأنها هي من فتحت المجال للجميع لاهانتها دون مبرر أو حق مكتسب، أردف أيمن قائلاً بازدراء
= أستاذ جابر من فضلك ما تفكرش تمد إيدك علي مراتي تاني! طول ما هي على ذمتي مش هسمح بحد يهينها وحتي لو غلطه؟ مش انا الراجل اللي بيستخدم أسلوب العنف ده ضد ست ولا اتربيت عليه .!
نظرت له ليان بأعين لامعة بدموع لكنها لم تكن حزينه هذه المره بل سعيده وممتنه لمساندته، ثم لاحظ أيمن غضب جابر يتضاعف، لذلك تدخل وقال بصرامة لكي يقطم ذلك الحوار الذي علي وشك بعد لحظات سيتحول الى شيجار عائلي عنيف
= عمي من فضلك وبعد اذنك! و يا ريت ما تفهمش كلامي غلط بس دي حياتنا واحنا مش عيال ولسه مستنين حد يتحكم فيها، لو صدر اي غلط مني او منها احنا اللي هنحله سوا و الافضل ما ندخلش حد غريب ما بينا!! و انت اكيد ما ترضاش ان انا اتدخل واحكم في مسائل وامور خاصه بحياتك الزوجيه ولا ايه .
صمت جابر مجبر بعد حديث أيمن، وبعد قليل نهضوا ليرحلون ودع أيمن الاثنين بعد السلام، ثم تحرك تجاهها و دنا منها هاتفًا بعتاب طفيف
=خلاص يا ليان هم مشيوا، بس كنتي حاولي تمسكي نفسك شويه.. ما كانش لازم تقولي الكلام ده لعمك وهو متعصب منك، انا عارف ان انتٍ مش طايقه من ساعه ما مد ايده عليكي بس برده حاولي ما تقطعيش صله الرحم اللي بينكم .
التفتت ناحيته بدموعها الحزينه وأجابت عليه بصوت واهن
= صله رحم ايه بس يا أيمن هم قاطعينها من زمان أصلا حتى واحنا في بيت واحد، انت اصلك مش عارف حاجه ولا شفت معاملتهم معايا خصوصا ماما..و رغم كل ده كنت بحاول لحد آخر نفس فيا عشان ما اخسرهمش بس هم اللي مصممين، يبقى هم اللي يشيلوا ذنبهم مش انا .
ثم إبتلعت ريقها وهي تضيف بخفوت
= تلاقيك اتاخرت على شغلك انا اسفه، يلا روح انت وما تشغلش بالك بيا.
باغتها بوضع إصبعه على فمها ليمنعها قسرًا عن الكلام قائلاً بهدوء
= ما تاخرتش ولا حاجه انتٍ كنتي محتاجاني وانا كان لازم افضل جنبك، ما هو ما كانش ينفع اسيبك في الحاله دي تقابليهم لوحدك .
صمتت ليان والتى كانت تنظر له بحب وسعادة وتمنحه ابتسامة رائعة ليبادلها ابتسامتها فحين همست بندم نوعاً ما بصوتها المرتجف
= متشكره أوي يا أيمن على كل حاجه بتحاول تعملها رغم ان انا جرحتك بالشكل ده في يوم من الأيام، بس مازلت انت الوحيد اللي مصمم تصلح اللي بينا عنهم .. وانت الوحيد برده فيهم اللي اعترفت بغلطك، ولسه باقي على العشره اللي كانت ما بينا .
رفع أيمن رأسه نحوها محدق فيها بأعين لامعة، واكتفي بابتسامة محبه على محياه، وحدقت هي أمامها رامشة بعينيها لعدة مرات ضاغطة على شفتيها فأضافت مبتسمة بامتنان حرج
= النهاردة حسيت إن أنا مش لوحدي، وانت معايا، إنت رجعتلي إحساس الراحه ده تاني بعد ما فكرت إني خسرت كل حاجة! أنا مش عارفة أقولك ايه!
لمعت عيناها أكثر متابعة بنعومة
= وانت وجودك فرق كتير معايا!
أبتسم أيمن لها بعمق علي حديثها، ثم باغتها بالاقتراب أكثر منها تارك يده لتحاوطها بذراعيه محتضن إياها برفق، فانفرجت شفتها مصدومه لكنها، أسندت رأسها عليه لتستمع إلى دقات قلبه التي تسابقت بسرعة رهيبة من فرط الأدرينالين المتدفق بقوة إلى شرايينه..
وقبل أن تفكر بالابتعاد فرفعت رأسها مقابل له ليستقبلها بقبله لطيفه وعميقة خطفت أنفاسها، اتسعت عيناها بدهشة من اندفاعه المباغت نحوها، واستندت بكفيها على صدره محدقة فيه بنظرات مشدوهة ممزوجة بالخجل وهو مستمر في تقبلها بشغف كبير، تحول لون بشرتها إلى حمرة صريحة، بادلها نظرة شغوفة متلهفة لما يفعله معها لاقترابه الساحر، و نجحت خطته في جذب انتباهه وتشتت ذهنها عن حزنها... وبات ذهنها معه فقط .
استشعرت بأصابعها دقات قلبه العنيفة، فأحست بتأثيرها عليه، وبارتباك يسيطر عليها من تغلغل ذلك الشعور فيها، لم يتوقف عن تقبلها إلا للتنفس أخيرا وبقى كالصنم مسلطًا فقط أعينه عليها، وبحذر واضح انسلت مبتعدة عنه! ليظهر انزعاجه من تصرفها وهي تلتقط أنفاسها الاهثه مثله.. وفرت من أمامه هاربة..
ظل مكانه يتابعها بشغف اكبر! حسنا اذا لم يكن اليوم فسيكون لاحقاً؟ وذلك قريب بالتأكيد وسيعمل يومها على الإقتراب منها بشكل أكثر حميمية.
و بعد دقائق تحرك مسرعاً نحو المرحاض يستجدي من رطوبه المياه ان تطفي نيران قلبه المُشتعله، قبل أن يذهب الى عمله هارب من مشاعره مثلها .
❈-❈-❈
بداخل فيلا سراج بعد مرور ساعة، وضع كفه على طرف ذقنها ليمسح عليه بحنو وهو يقول
= هاه قولي لي عجبتك الفيلا لو في اي حاجه عاوزه تغيريها براحتك، اعتبري من النهارده ده بيتك وانتٍ حره في .
ابتسمت له بنعومة محببة لقلبه، طوق كتفيها بذراعه متبادلاً معه اطراف الحديث قائله
= لا خالص المكان شكله جميل وكل حاجه مترتبه بطريقه كويسه، ذوقك حلو.. هي مهره مش اتاخرت كده، ما تتصل بيهم وتشوفهم.. موضوع انها بعيد عني في مكان ما اعرفوش قلقني أوي
عبس وجهه نوعًا ما من خوفها الزائد عليها،
و رد عليها بضيق
= وبعدين يا وفاء كل ما بتعدي 10 دقائق تقولي نفس الكلمتين يا حبيبتي سيبها براحتها ما تقفليش على البنت كده خوفك الزياده ده هو اللي هيضرها، وبعدين انتٍ عارفه البنات و الشوبنج بينسوا نفسهم في قد ايه .. سيبيها تقيس وتفرح وتشتري اللي هي عاوزاه براحتها ولو في اي حاجه حصلت لقدر الله هيتصلوا بيا على طول يعرفوني! امال انا مخرج معاها ليه السواق و مدام ثريا .
أخفضت عيونها متوترة وشعرت أنها تزيد الأمر سوءا فعلا، لكن ذلك لأنها المرة الأولى التي تبتعد عنها أيضا وبالإضافة إلى ذلك، في بلد لا تعرفها لذلك تشعر بالخوف عليها. سحبت نفسًا كبيرًا أخرجته على تمهل وهي تقول باستسلام
= ماشي خلينا نستنى نص ساعه كمان بس اكتر من كده مش هستحمل انا مش متعوده انها تبعد عني وتروح مكان انا مش موجوده فيه أصلا.. مش عارفه ازاي طاوعتك وسبتها تخرج وانا مش معاها .
قطب جبينه متسائلاً باستغراب
= للدرجه دي بتحبيها، تعرفي رغم أني مش بقيلي كتير معاكم، وشايف معاملتك ليها وهي كمان بتعاملك ازاي؟ و ما كنتش اعرف قصتها كنت قلت انها بنتك فعلا مش ضرتك!!
أجابت عليه بلهجة صارمة وهي تهز رأسها بأنزعاج طفيف
= ما هي بنتي فعلا يا سراج وانا بتعامل معاها علي الأساس ده وعمري ما بحس بغير كده.
أبتسم سراج لها ثم رفع يده ليضعها على وجنتيها، داعب بشرتها بلطف وهو يقول
بجدية
= ربنا يخليكوا لبعض وما يحرمكوش من بعض، وفاء بالمناسبه كنت عاوز اقول لك حاجه بس مش عاوزكٍ تفهميني غلط .. انا شايف ان احنا مش لازم نعرف اي حد هنا من قرايبي موضوع مهره انها مش بنتك وانها كانت متجوزه قبل كده وقصتها اللي حكيتها لي .
نظرت له بشك بنظرات مزعجة، وهو أسرع يضمها أكثر وهو يضيف بتوضيح أكثر بحسن نية
= ما تبصليش كده وتفهميني غلط، انا مش قصدي حاجه وحشه ! بالعكس انا بعمل كده لمصلحتها ، عاوز اقطع لسان اي حد يفكر يعاملها بطريقه مش لطيفه أو يمسها بكلمه مش كويسه.. غير ان ما فيش حد لي الحق اصلا يعرف عنها اي حاجه زي كده.. وما تفتكريش ان زي ما الناس بتفضل تتكلم في الفضايح والمواضيع دي في مصر انها مش بتحصل هنا برده! وانا لسه قايل لك ان انا رجل اعمال واي كلمه عني أو عن اي حد يخصني هتلاقيها منشوره في الصحافة وبقت حديث الجميع، واكيد مش هتكوني مبسوطه بحاجه زي كده، لو حصلت لبنتك وانا كمان
ما رضاش .
صمتت للحظة وهي تفكر في الأمر، ثم شعرت أنه على حق، فهي بالتأكيد لا تريد تعريض ابنتها للخطر هنا أيضًا. لذلك أجابت مبتسمه بامتنان له
= فهمتك ومعاك حق، ماشي تمام لما ترجع هتكلم معاها في الموضوع ده برده و انها ما تفتحهوش مع حد .
❈-❈-❈
دخلت مهرة عده محلات في تركيا وكانت تصطحبها ثريا وهي منبهرة بتلك الفساتين الجميله والرائعه وعالم الازياء هنا المختلفه عنها قليلاً.. وكان كلما وقع عين مهرة بإعجاب على أي قطعه ثياب تشتريها لها ثريا دون ان تسألها حتي؟ فكانت هذه مهمتها كما أمرها السيد سراج.. وحاولت مهرة الاعتراض على ذلك، لكن السيدة ثريا رفضت بشدة وطلبت منها مواصلة المشاهدة... والشراء.
وأثناء خطوتها البطيئة وهي تبتسم مستمتعة وقعت عيناها علي فستان زفاف باللون الأبيض الزاهي الذي تحبه في الفاترينة الزجاجية ومزين بقطع من الاحجار اللامعة اهتزت له.. فهو كان أقل من الرائع و رغم انها لم تحلم أن ترتديه يوماً ما أو تفكر في الارتباط مجدداً بعد زواجها من ذلك الخسيس.. لكن هذه المرة كانت غير؟؟ نظرت إليه طويلا ما أجمله! .. واقتربت أناملها تتلمسه برقة ونعومة.. لتتذكر أنه ليس لها ولن تستطيع امتلاكه!.. ما من مناسبة لها وهي ليست عروس.. هو اختطفها منظره في لحظات يفصلها عن الواقع!! بالاخير قررت الرحيل و ودعته علي أمل لقاء قريب.
لتجد بوجهها السيدة ثريا، وكان واضحا أنها تراقبها لتحصل على ما تحب، ولكن هذه المرة كان الأمر كما لو كان من الصعب عليها الحصول عليه، فسألتها بنبرة هادئة
= الفستان شكله جميل اوي مش كده، هو فعلا يعجب اي حد يمر من جانبه .
هزت رأسها وهي تنظر نحوه مجدداً بخيبة، حزينة نوعاً بأنه سيذهب لغيرها يوماً ما، و كأنها وقعت بحب هذا الفستان لكن لم تستطيع الحصول عليه هي تعرف ذلك، ثم ردت عليها ثريا بود وهي تهز رأسها
= هو ما ينفعش نشتري فعلا؟ عشان انتٍ لسه صغيرة بس ايه رايك لو تجربيه مش هتخسري حاجه مش كده ؟!.
اتسعت عيناها بذهول من اقتراحها و التفتت لتنظر مجدداً نظرة خاطفة نحوه وعقلها يحدثها لما لا تجرب بالفعل إحساس كهذا.. و ترتدي دون أن تشتري.. فقط ستجربه ..!! لا باس بذلك صحيح؟ تطلعت مهرة بامتنان كبير وهي تبتسم لها و أرادت ان تستمتع قليلاً ..
طلبت ثريا من العاملة المسئولة ان تجلبه لها وتساعد مهره في ارتدائه.. بينما هي انسحبت جانب لتترك لها المساحه الكافية تفعل ما تريد
وفوجئت بالعاملة تحمل زي الزفاف بالفعل لها ومناسب تماماً مع حجابها.. تهللت أسارير مهرة بشدة، و فكرة تجربة الثوب تتخلل عقلها و قلبها هي الأخري لتسيطر عليها فورا.. و مدت كفيها تلتقطه بسعادة وما ان لمس ذلك الفستان جسدها تراقصت داخلياً فرحة.. إنه شعور رائع، ضمته بذراعها إلي قلبها وكانت في قمة سعادتها حقاً انه شعور مختلف أن ترتديه برضاها و.. دون إجبار ..
ازاحت الستار بعد دقائق وإذا بها تطل كالأميرة تنظر في المرآة بعدم تصديق! فكانت مهرة تقف أمام المرأة الطويلة ذات العرض الكبير في أحد المراكز الخاصة لبيع فساتين الزفاف والسهرة..
كانت تتمعن النظر لنفسها وهي ترتدي فستان زفاف أنيق، لكن لم يكن الثوب ترتدي لأجل ليلة زفافها كما المتوقع لأي شخص يراها... التي لطالما خافت منها بعد تجربتها السابقه.. حاولت ان تتجاهل اي احزان تقتحم عقلها في تلك اللحظات وتستمتع فقط.
وها هي كالعروس في ليلة عرسها، ياله من شعور رائع بدأت تضحك بخفه على نفسها
ونظرت مجدداً في المرآة وبدأت تتراقص بالثوب الأبيض وتدور حول نفسها حتي كادت تطير... ارادت ان تشعر شعور العرائس .. وهي ليس مثلهم لكن يكفي ان تجرب ولا تريد اكثر من ذلك .
تمايلت يمينا ويساراً وهي تُحرك الثوب بفرحة
غمرت فؤادها، ثم أمسكت بالطرحة لتضعها
أعلى رأسها حتى ترى أكتمال هيئتها في
المرأة.. تنهدت مطولاً ثم تحركت لتمسك
بهاتفها الموضوع على حقيبتها ثم رفعته عقب
أن ضغطت على تطبيق " الكاميرا " وأخذت
تلتقط عدة صور لها وهي تنظر للمرآة .. ثم عدة صور أخرى عن طريق الكاميرا الأمامية، حتى أستمعت لصوت خلفها .. ألتفتت برأسها معتقده بانها السيده ثريا.. فهي كانت تبحث عنها حتى تعطيها رأيها؟ لكن مهلا هذا شخص آخر ؟ .
قبل سابق دخل ذلك الشاب بخطوات ثابتة رفع عيناه نحوها ثم أخفضها ثم رفعها سريعاً مجددا، ليتوقف الزمن عنده! وأهه من نبضات قلبه التي أصبحت تتشارع بكامل قوته.. كأنه يری أمامه سندريلا ..! أو أميرة بفستان زفافها هاربه من حفل، فعندما رآها كان قد تصنم من جمالها كانت حقا رائعة بجسدها الصغيرة وعيونها الخضراء و لون بشرتها الحنطية و شفتيها الممتلئة وجسدها المثالي معتقد !. كانها مثل عارضات الازياء تحافظ على رشقتها لكن كان هذا جسدها بالعاده .
كانت مذهله بحق وهي تلف حول نفسها و تلتقط عده صور لها عبر الهاتف، كان على وشك أن يقترب منها يسألها عن اسمها .. و ربما يجثو على ركبتيه ويطلب الزواج منها؟، فكيف يضيع فتاه مثلها.. لولا أوقف نفسه قسراً فقد ظنها عروس حقا! و لقد حصلت علي أميرها! ليخبر نفسه بخيبة أمل؟؟ لقد جاء متأخراً ! هنيئاً لمن سترتدي له هذا الثوب سيحصل على أميرة مثلها.
تسمرت مهرة مكانها بإحراج..! هناك شخص لا تعرفه أمامها يراقبها؟ و ينظر لها بنظرات مختلفه عنها، أخفضت رأسها بخجل لم تكن تعرف بأي لغة تتحدث معه، إلا أنها كانت تتحدث بطبيعتها بالعربية، و التي لم يفهمها
= أنت مين؟
نظر لها كالمنوم مغناطيسيه ولم ينتبه الى كلامها باهتمام كبير لكن استغرب قليلا اللغه التي تتحدث بها ليعرف بانها فتاه ليست تركيه نظرت مهرة لذلك الشخص الذي أمامها قد يكون غريب لكن عينيه بهما نهر من الحنان، هى ترى هذه النظرة للمرة الأولى على الاطلاق قد يكون بها الحنان المطل من عينى، صحيح وجدتها بوفاء الام الروحيه لها لكن هذا الشخص مختلف عينيه بها شغف وحزن لم ترى مثلهما مطلقاً .
لمعت عيناه بوميض غامض، وبابتسامة إشراقا
أردف قائلاً بشرود
= لقد أخبرني والدي أنه لا توجد لقاءات عبثية في الحياة، كل شخص تقابله هو إما اختبار أو عقاب... لكنه لم يخبرني أن ربما كان لقاء مع ملاك سقط من السماء.
تطلعت له في حيرةٍ، و توترت واحمرت خجلا كادت أن تذوب من نظراته المستمرة... وكاد ان يسألها عن إسمها.. لكن لم يسعفه لسانه فعاد يسكت مجدداً.. حتي قاطعت تواصل النظرات العاملة قائله بجدية
= عفواً سيدي.. لا يجوز الوقوف هنا كثيراً.. اذا كنت تريد شيء دعني أساعدك في القسم الآخر بالخارج.. لكن هذا المكان مخصص للسيدات
اكتفى بالتحديق في خضر عينيها المغريتين،
ولم يحد بنظراته عنها، و ردد عفويًا باستحسانٍ كبير
= أنا لم آتي إلى هنا.. هي التي جذبتني..
لم تفهم حديثه مجدداً حيث كأن يتحدث باللغة التركية، ثم منحها ابتسامة جذابة وغادر ذاهبا، وهي ظلت مكانها متعجبه منه و انتابها الحزن ولم تعلم لماذا..! ولما لا؟ هي ترتدي ثواب خاص بليله الزفاف! ليله تتمناها اي فتاه إلا هي؟ قد مرت تلك الليله عليها باسوء لحظاتها ولا تريد اعادتها.. نظرت إلى نفسها نظره أخيرا هل تبدو كعروس بالفعل؟؟ فمن يراها يظن أنها عروس حقا، هزت رأسها بعدم مبالاة فقررت تغيير ملابسها أفضل .. لتعود إلى واقعها ويكفي أحلام الى هنا .
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية حياة بعد التحديث, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية