-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 18- 1 - الإثنين 30/10/2023


قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد

 

الفصل الثامن عشر

الجزء الأول


تم النشر يوم الإثنين

30/10/2023



عادت تسنيم الى المنزل وظلت بانتظار سالم و

مرت ساعات عديدة حتى اقترب طلوع الفجر وهي جالسه الي أن شعرت بخطواته يدلف من المنزل بمفرده! وذلك جعلها تشعر بالقلق أكثر عندما لم تجد ليلى معه، لكن الأمر لم يكن خطير كما توقعت فحتى الطبيب كتب خروج لها اليوم واخبارهم بأن حالتها ليست سيئه لهذه الدرجه وقد تناولت القليل من اللوز، لكن سالم لم يقتنع فهي ظلت تتألم كثيراً أمامه حتي فقدت الوعي وكانت حالتها توحي الى الخطر الشديد، لتتسائل زوجته باهتمام


= سالم ممكن اتكلم معاك


تجاهل سالم حديثها واكمل خطواته الي أن مر

جانبها فأسرعت بالالتفاف إليه لتقف أمامه واضافت بإنهاك


= سالم انت ليه بتحملني ذنب اللي حصل

لي ليلي.. انا عملت ايه قولي؟ اوعى تكون مصدق ان انا فعلا حطيت لوز في الأكل قاصده عشان ااذيها؟ طب انا هعمل كده ليه وايه اللي هستفاده! انا سبق وقلت لك انا مش بكرهها ولا عاوزه اذيها .


التمعت عيناه بغضب، صر على أسنانه هاتف بحنق بائن


= عايزه ايه مني يا تسنيم ردي...


وقفت محدقه فيه بنظراته المشتعلة متسائلة بتوجس


= عايزك ترد عليا؟ وتقول لي انك مصدق ان انا ممكن اعمل كده فعلا .. والله العظيم ما بكدب انا من ساعه ما رجعت من بره وانا عماله احاول افتكر ومتاكده أن أنا ما حطيتش زي ما انتوا نبهتوا عليا كلكم بس ما اعرفش وصل للاكل ازاي؟ وحتى لو اتحط أكيد نسيت انا مش عاوزه اذيها .


رمقها بنظرات قاسية قبل أن يرد هاتفًا بعتاب


= غصب عنك ونسيتي! آه انتٍ عارفه عشان نسيانك ده لو فعلا صح، بنتي كان هيجريلها ايه النهارده بسببك؟ و انتٍ شايفه الموضوع عادي وايه يعني أنك نسيتي دي حياه بنتي اللي انتٍ مستهونه بيها دي ومش فارقه معاكي، بس صحيح هي هتفرق معاكي في ايه هي بنتك؟ ولا انتٍ عندك أولاد عشان تحسي باللي أنا حسيته النهارده


اتسعت عيناها متألمة من قسوته معها وقد ظهر شحوبًا وجهها، تنهدت بمرارة زافرة عن صدرها همًا أخرًا يطبق على روحها، وهو لم يشعر بها مطلقاً وبما تعاني! هتفت قائلة بخفوت حزين 


= انا اكيد ما قصدتش كده انا والله زعلت عليها النهارده وقلبي كان واجعني عليها وخفت أوي، بس انا بحاول اوصل لك ان انا لو نسيت حتى فالموضوع اكيد هيكون حصل غصب عني وانا مش في نيتي حاجه وحشه 


هتف الآخر قائلاً بجدية


= ليلى خرجت النهارده من المستشفى الحمد لله، بس جدتها رفضت انها ترجع معايا قالت لي بيتك ما بقاش أمان ليها.. وليلي ما اعترضتش وراحت معاها شكلها هي كمان واصل لها نفس الإحساس أنها ما بقتش تحس بالأمان هنا في بيت أبوها .


نظرت تسنيم له لحظات حرجه، وهو لم يشعر بنفسه إلا وهو يقبض على كتفي تسنيم بقوه يصرخ بجنون


= انا النهارده عرفت اني ضيعت عمري هدر...

عشان لأول مره في حياتي اكتشف اني كنت حاسبها غلط.. یا خساره يا تسنيم .. يا خسارة .


سقطت الكلمه كالنخجر فوق قلبها، وهبطت دموع تسنيم فنفضها من بين ذراعيه بحده! كفكفت تسنيم عبراتها محاوله شرحها للحقيقة المريرة، والتي لم يقبلها وتشنجت نبرتها وهي تجيبه 


= انا عذراك رغم غضبك مش في محاله، بس عشان انا عارفه يعني ايه وجع الإبن ! حتى لو ربنا لسه ما زقنيش بيهم .


بدأ سالم غير مكترث بما يظهره نحوها من مشاعر بغض، ثم تابعت قائلة بثبات متعمدة إثارة شكوكه 


= ومصممه أن أنا ما اذيتهاش ومتاكده كمان أن ما حطتش في الأكل حاجه ذي كده وانا عارفه انها هتضرها.. وعارفه هتقول لي زي حماتك يعني هو اتحط لوحده في الأكل وهي مطلعه بنفسها قدامكم.. بس انا متاكده لو قلت لك أن أنا شاكه في ليلي هي اللي حطيته مش هتصدقني كالعاده .


نظر لها عابس الوجه مكفهر الملامح، وهز رأسه ساخراً بعدم تصديق وكالعادة سد أذنيه رافض الإنصات لها، و أصر على رفضه صائحًا بانفعال


= ليلى هي اللي هتحط اللوز في الأكل عشان تؤذي نفسها وتاكله وهي عارفه انه بيضرها؟؟  تسنيم اسكتي لو سمحت عشان انتٍ بقيتي تقولي كلام غريب ما يدخلش الدماغ.. انا جي تعبان وفيا اللي مكفيني ومش شايف قدامي ولا فايق بكلامك ولا أفكارك .. يا ريت تقدري تعبي وتسيبيني في حالي شويه .


نظرت إلي إصابة يدها و رأسها الواضحه، و التي لم يلاحظها مطلقاً منذ أن دخل بسبب توبيخه لها المستمر، أغمضت عينيها مبدية إرهاقها وهي تقول بنبرة مقهورة


= صح باين عليك فعلا تعبان اوي .. ومش مركز مع اللي حواليك ولا انت بتقول ايه؟ تصبح على خير .


بكت بقهر في مكانها بعد أن رحل وتركها بعدم اهتمام، فقد عادت إليها تلك العاده البغيضه منذ الطفوله، حين تتاذى وتكون بحاجه الى شخص ما يبقى بجانبها، ترفض أن تطلب ذلك بنفسها لذلك تجهش بالبكاء كالاطفال .


هي بالفعل كانت بحاجه له في تلك اللحظة اكثر من أي وقت مر عليهما، تحتاج إلى يد حنونة ترتبت على كتفها وتحتويها وتعيد إليها جزء من كرامتها التي هدرت اليوم ويخفف عنها وعن ما عانته اليوم كثيراً، بالإضافة الى رعبها الشديد عندما اصطدمت بسيارتها و كادت أن تنهي علي حياتها ولم تجد أحد معها غير ذلك الغريب!! الذي ساعدها بدلا منه، وكل ذلك مرت به اليوم بمفردها دون أن يلاحظ حتي.


ازدردت تسنيم ريقها بألم واضح، وبعد تلك المهانه التي تعرضت لها اليوم، أخذت تفكر في المسألة من الناحية العقلانية، فرفضه العنيد أن يصدقها ربما يؤدي إلى هلاكه، وبعد لحظات من التفكير المتأني اضطرت مجبرة أن تظل بجانب زوجها ترعاه في موقف صعب كذلك فلم تستطيع أن تتركه وتذهب، فهو أيضاً يمر بضغط عصبي بسبب خوفه على أبنته.


❈-❈-❈


لاحقًا، اختفى ضيقها منها مع استحواذ حماسها المتقد لايامها المرتقبة على كامل تفكيرها، أحبت تودده إليها وهو ينهال عليها بالقبلات الشغوفة، ويغدقها بأحضان دافئة تثير فيها الرغبات لتذوق المزيد معه، سعادة رهيب فجأة استشعرت بها مع قوتها وأحلامها الوردية فلم تفيق على واقعها المرير بعد الآن..... 


كان حلمها غريب وأصبح واقعها الجميل

لم يغمض لليان جفن وظلت مستيقظة طوال الليل لتتأكد أنها باتت بين أحضانه وتغفو! لم تغب البسمة عن محياها، سحبها معه نحو أنهر العشق التي يجيد فنونها ببراعة واستجابت هي لتيار حبه الجارف مستسلمة لأمواجه المتدفقة فتنعمت معه بأحاسيس كانت لم تختبرها من قبل، لكن الآن تغيرت وحلقت معه في عنان السماء مستنشقة أكسيد الغرام الذي حفز حواسها بالكامل لتغدو تحت سيطرة العشق العميق..لقد تخطت تلك اللحظات الموجعه لتشعر بشاعرية مضاعفة فعليًا بين أحضانه، فقد أصبح للحب عنوانًا يخلد بداخلها أسماء العاشقين. 


احنى رأسه عليها يقبل وجنتيها بعمق، فلانت نبرته إلى حد عندما قال لها بتنهيدة متشوقة


= مبسوطه معايا يا ليان 


تململت متأثرة من صوته الهامس الحنون فابتسمت بشغف وهي ترفع نظرها له وأجابت قائله بحب


= طبعاً مبسوطة طول ما أنت معايا، بتحبني قد إيه يا أيمن؟ 


تنهد بصدرٍ يخفق بقوةٍ، وهو يتطلع إليها  بنظراته الوالهة قبل أن يجيبها 


= مش عارف! بس كل اللي عارفه اني لو فاضل في عمري دقيقه واحده هختار اعيشها معاكي، وانتٍ حبيتيني ليه؟ مش هسالك قد ايه عشان ممكن تقولي نفس الاجابه أو محدش بيعرف يوصف حجم حبه للتاني قد ايه .


خفق قلبها في سعادة، استدارت ناظرة إليه، وتساؤلات حائرة تنطلق من نظراتها قبل لسانها

عندما أجابت


= أنا حبيتك عشان لقيت فيك عمري اللي اتحرمت منه عمري كله، و قلبك اللي حبني وحبيته.. وحسسني أنك قادر تسامح الدنيا دي كلها، عشان سامحت ضعفي وخوفي وقِلة حيلتي، حاسه كمان حبك ده اللي بيقويني دلوقتي.. اوعى تفكر تبعد عني تاني يا أيمن وأنا قصدي البعد هنا! وانت معايا في بيت واحد فاهمني .


حاوطها من جديد وألصقها بصدره، ليمنحها حرارته وجاب بيديه على جسدها، يحفز خلاياه على استعادة سخونته، وما إن استكانت قليلاً في أحضانه، حتى مال على أذنها ليهمس لها بعهود الحب 


= احنا هنبدا من أول وجديد صفحة جديدة من اول السطر زي ما بيقولوا، و كأني أعرفك أول مرة، هتكوني عندي اهم من الشغل و المنصب الجديد والفلوس.. هتكوني شغلي الشاغل واللي بتحلمي بيه هتلاقيه متحقق وانا واثق في ربنا وفيكي انك اتغيرتي وعاوزكٍ تثقي ان انا كمان اتغيرت واني هعوضك بالخير والسعاده .


لتنظر نحو عينيه بعينيها الزرقاء الناعسة، و تشعر بخفقان قلبها وهي تضع يدها برفق على وجنته تلمس بأصابعها الناعمة بشرته بشغف عارم يشعر به قلبها فتشعر بخشونة ذقنه النابتة قليلًا، وقوة تقاسيم وجهه أكثر! لمعت زرقة الأمواج المتتابعة في حدقتي وزادت من البريق المغري فيهما، بدا الإعجاب واضحًا على تقاسيمها، حين إبتسم لها إبتسامة عذوبة وتابع بحب جارف 


= بحبك يا ليان!


نامت ليان في أحضانه بعمق ربما لكونها تشعر بالسكينة معه وربما لأن الإرهاق قد تملك منها لكن الأكيد أنها لم تعد تخشي إياه بل تخشي بعده! ضمها إليه محاوطًا إياها بذراعه رافضًا السماح لها بالابتعاد عنه، أعاد إسناد رأسه للخلف مغمضًا عينيه ليستسلم لخدر النوم الذي بدأ يتسلل إلى جفنيه.


❈-❈-❈


بعد الغداء كان يجلس بدر أمام التلفاز يشاهد مبارة كرة القدم ما بين فريقين كلاهما يتميز بالشهرة، يصب كامل تركيزه علي اللعب، بينما زوجته كانت تجلس جانبه تتصفح الأنترنت علي هاتفها بروح شارده وحزينه! فقد اخبرتها سماح بزياره شقيقتها وأمها الي الدار واخبرتها ايضا عن مرض والدها ومن حينها وهي لا تعرف ماذا تفعل؟؟ كافحت بغصة عالقة في حلقها لتكبح تلك الدمعة المتسللة إليها، لتظهر واضحه بملامح باهتة، وواجمة، ثم أفاقت فجاه علي صوته وهو يقول بتعجب


= ايه يا فريده مالك عمال انده عليكي مش سامعاني، وسرحانه في ايه انتٍ كويسه..شكلك مش مطمني انتٍ كده من اول ما رجعت من الشغل .


هزت رأسها بالنفي و أجابت بمروغه 


= لا أبدا ما فيش حاجه، كنت عاوز ايه .


تهربها لتغير الموضوع جعلته يشك أكثر، أشار لها بأن تتمهل قائلاً


= طب مش عاوزه تحكيلي حاجه ؟. 


هزت رأسها يميناً و يساراً برفض لكنه أصر على المعرفة، لذلك تنهدت بقوه قائلة بفتور


= سماح صاحبتي كلمتني وقالتلي ان بابا تعبان شويه وانا مش عارفه اعمل ايه .


تفهم الأمر هنا فاضطرب أن يكبت فضوله مؤقتًا، فرد دون أن يستغرق أي لحظة في التفكير


= فريدة عاوز أسألك سؤال بصراحه كده ما فكرتيش تسامحي اهلك وتديهم فرصه ثانيه ولا حتى بيوحشوكي ؟


لم تتحمل الصمود أمامه، أنها تظل هكذا دون أن تبكي أو تحزن علي والدها أو تتصنع القوة فهي تكره أن يري أحداً عبراتها، أجابت بصوت متحشرج


=بحاول.. بحاول والله طول الوقت، وده اللي ناس كتير مش قادره تستوعبه ولا تحس باللي جوايا .. بس صعب أوي ؟


رد الآخر بتوجسٍ محسوس في صوته


= صعب لدرجه انك تسمعي أن والدك تعبان وما تقدريش تشوفيه .. شايله منهم اوي كده


أبتلعت فريدة غُصتها المريرة كالعلقم وهي تجيب بمرارة


= آه بصراحة ايوه صعب ومش قادرة.. انا مش عايزة أقول أنا مسامحة هبقى كدابة، فمش عايزة أقول كلام أنا مش قده أو مش حساه.. مش عايزة أكدب علي نفسي.. و مش عايزة أكدب عليك ولا عليهم . 


رمقته بقهر و الدموع حبيسة داخل عيناها وهمست في أنفاس متقطعة


= الناس بتعاملني لحد اللحظة اللي أنا قاعدة فيها قدامك على اني بنت عاق! رغم انهم بيكون عارفين ايه اللي حصل، بيعاملوني على أساسه.. الموضوع ما خلصش يا بدر لسه.. هم رسموا صورة معينة عني في خيال بعض الناس ولسه بيعاملوني على أساسها و في ناس بتستغلها ضدي كمان.. حتى لما بحاول ادافع عن نفسي مش بقدر ! 


اختنقت العبرات في عينيها، وبدت عاجزة عن الاحتفاظ بهم وهي تكمل من بين بكائها المرير


=و زهقت من طول ما انا ببرر.. و مش هدافع عن نفسي تاني مش هخش المواجهة دي، الصورة المشـوهة جوايا دي أنا مش هصلحها مش هصلح فيها حاجة لأن ده كتير عليا أوي مش هعرف أعمل كده و أنا واخدة القرار ده من زمان.. أنا مش عاوزه افتح القديم و لا  ألوم، ولا أعاتب.. هو بقي خلاص قدر مكتوب عليا وأنا مستسلمة مش هعرف اغيره.. و رغم كل ده عارفه أن ما فيش حاجه تعوض الأهل .


التهبت عيناها بعبراتها الحارقة بينما شعر هو بالضيق لأجلها وهو يري الحزن الظاهر في  نبرتها مع نظراتها نحوه محتجًا على خذلانها البائس، اجتاحتها رعشة موترة تكاد تقضي على حياتها وهمست تدمدم و توضح كل مخاوفها بطريقة واضحة 


= خليني احسن اشوف النعم التاني في حياتي عوضتني عن الظـلـم ده، أنا ربنا عوضني بما فيه الكفاية وبيعوضني كل يوم عشان كده أنا راضية.. بس انا عيشت ايام صعبة و عيشت في اكتئاب كتير مش هنكر ده كله.. بس ياريت لما ياجوا يطلبوا أسامح يفتكروا هما ده ؟.. عشان كده بقولك ابقى كدابه لو قولتلك قادرة أعمل كده أنا مش قوية أوي للدرجة دي .


أمسك بيدها و قام بتقبيل باطن كفها، ثم مسح دموع الحزينه التي ملئت عينيها؛ و نظرت إليه بإستفهام فأردف مُبتسماً بدعم


= لا انتٍ قويه وشجاعه يا فريده وهتقدري على كل ده صدقيني عشان انا ما شفتش في حياتي بنت قويه ذيك.. 


تحرك أكثر يجلس بجانبها ليحتوي ظهرها ويضمها إليه بذراعيه وهي لم تعترض بل استسلمت الى لمساته لأنها كانت بحاجه إليه بقوه، فقد أحست بقوته على جسدها الواهن، لم تتحرج من البكاء في حضوره، وزاد نحيبها مع قوله الصريح


= والتسامح برده قوه! وانك بتحاولي ومش بتقدري دي برده قوه! وانك قدرتي تواجهي كل المشاكل دي في حياتك ولوحدك برده قوه! فما تجيش تقولي على نفسك مش قويه خالص عشان انا شايف حاجه قدامي تاني .


لم تكن تريد أن يري عبراتها أو رجفة جسدها بسبب انتهاك رغماً عنها مزال اثاروا موجوده لم تزال بعد، لكنها أبتسمت من بين عبراتها، و لأول مرة لم تندم انها كشفت عما بداخلها؟ كانت غير مصدقة! أخيراً وجدت يد حانية بدلاً من يد غليظة تظلمها فلم تجد منهم سوي بطش و ظلم لها فقط. 


تجولت يده صعودًا وهبوطًا على ظهرها لتدلكه، وهو يتابع بنبرة مشوقة


= تيجي نخرج احنا والبنات، يلا قومي غيري هدومك بلاش نكد ده حتى فال وحش واحنا لسه عرسان جداد .


هزت رأسها بانصياعٍ دون كلام، ثم أحنى رأسه عليها هامسًا لها بما يشبه التحذير


= تلبسي فستان واسع و محترم و ممنوع تحطي نقطة مكياچ في وشك يا إما كده يا إما مفيش خروج. 


عادت البسمة لتنير شفتيها ثم بلعت ريقها، وحادثته بترقبٍ


= وده ليه تكونش بتغير عليا وانا مش واخده بالي؟ 


مسح بيده بقايا دمعاتها من على وجنتيها، ورد بإعجابٍ غير مزيف


- اه طبعاً، هو أنا ليا مين غيرك أغير عليه!، هو انتٍ مش مراتي وملكي وست جميله ولا ايه؟ 


ابتسمت في رقةٍ لدعمه، وها هي حياتها قد تبدلت من الحزن والبؤس إلي السعادة و الفرح، فكلما أخبرها و وعدها بشئ يفعل! حتى انه يبذل كل جهده ليعوضها عما فات، بينما هي الأخرى لم تبخل على بناته تعطيهم كل اهتمامها وحبها فهم كانوا مصدر عوضها بتلك الحياه البائسه! وبعد ذلك أخذها إلي إحدي مجمعات التجارية فقال لها 


= تعالي نقي اللي نفسك فيه ومحتاجاه ذي البنات، عاوزه هدوم خروج ولا شنط ولا جذم أي حاجة أنتٍ عايزاها قولي . 


رفعت وجهها لتنظر إليه لتبتلع ريقها بحرج ثم أخبرته قائله 


= لا مش محتاجه، أنا عندي هدوم خروج كتير كنت جايباها قبل الجواز.. وبعدين كفايه كده انت دفعت كتير في لبس البنات وغير المطعم اللي دخلناه شكله كان غالي . 


أسبل بدر عينيه نحوها، ومنحها نظرة متقدة قبل أن يتحدث بجدية


= و أيه يعني جيبي تاني وتالت و كل اللي نفسك فيه هاتيه، هيجرى لهم ايه لما يتحطوا في الدولاب مع غيرهم؟ ولا انتٍ عاوزه توفري لي وخلاص! ما تشليش هم أي حاجة أنا الحمدلله ربنا موسعها عليا فهستخسر فيكم ليه يعني.


نظرت إليه ولم تعرف بماذا تجيب من فرط السعادة التي تشعر بها نتيجه اهتمامه بأدق التفاصيل بالإضافة إلى معاملته الحنونه معها، ودت أن تقفز كالطفلة.. فأخيراً لقد وجدت العوض وعاشت الحياه الزوجيه الحقيقيه مع رجل حقيقي! وليس أشباه الرجال، فبدر حقا رجلاً! لم يفرض نفسه عليها بيوم ولم يجبرها على شيء ضد رغبتها كما وعدها، رغم أنهم ينامون فوق فراش واحد يجمعهم سوا لكن ما زال محتفظ بوعده لها، لم يقترب منها إلا بارادتها التامه، فهكذا يكون الزواج بحق وهذا هو الراجل الصالح.


❈-❈-❈


مرت ساعات طويلة و مهرة بداخل الغرفة حبيسه ترفض الخروج حتى يعود الخدم من الخارج أولا، لكن مرت ساعات طويله ولم يعودوا وبدأت هي الأخري تشعر بالجوع !. 


فتحت باب غرفتها وهبطت الى الأسفل بتردد 

وهي تفكر أن تذهب الى المطبخ تبحث عن اي شيء تتناوله لسد جوعها، فلم تستطيع التحمل أكثر من ذلك، لقد مرت فترة طويله على وجباتها الأولى منذ الصباح ولم تتناول غيرها 

فبالتاكيد ستشعر بالجوع، نفخت بضيق شديد وهي تتحدث بصوت غير مسموع 


= يعني كان لازم ماما تخرج النهارده وتسيبني لوحدي في نفس اليوم اللي الخدم كلهم يسيبوا البيت برده، ده ايه الحظ ده .. اعمل ايه دلوقتي انا جعت اوي . 


تسللت بخطوات بسيطة وهي تنظر في أرجاء الفيلا وعندما ألتفتت خلفها وجدت عيون تحدق بها فأسرعت تبعد خطوه للخلف بذعر  

ثم دققت النظر في لتجد رسلان يقف أمامها وكأنه شبح ينظر لها بإبتسامة عريضة، لتوبخ نفسها علي ما حدث وانها غبيه ومن أول يوم اثبتت ذلك لنفسها بأنها كتله من الغباء فأسرعت تتحدث بارتباك ملحوظ


= يا ربي، اخفتني لما ظهرت هكذا فجاه.


عقد حاجبيه بمكر و رد باقتضاب غامض


= ما الأمر؟ أيتها السنفوره الغاضبة من يزعجكٍ؟!. 


اغتاظت مهرة من تلك الألقاب التي يخترعها  لها دوماً، فصاحت معنفة إياه بحدة


= هل ستتوقف عن مناداتي بالقزمه وتناديني بالسنافر! أوقف هذه الأسماء السخيفة التي تناديني بها، اسمي مهرة، ما مدى صعوبة نطقه؟


رد مازحًا وهو يحاول كتم ضحكاته


= لا يوجد صعوبه لكن لما افوت فرصه اغضابك وهي تشعرني بالتسليه.. المهم الان ما الذي كنتي تفعلي هنا وجعلك غاضبة؟ لقد رايتك تتحدثي مع نفسك لكن باللغه لم افهمها . 


نظرت له بغضب لتنخفض نبرة صوته دون إرادة وهو يقول بانتصار


= ممم حسنا فهمت السنفور الصغير جائع لذلك تكرم وخرج من غرفته حتى يأكل؟؟ أليس كذلك؟ قولي الحقيقه لقد فات ساعات طويله ولم ناكل شيئا بالتاكيد ستشعرين بالجوع


نظرت نحوه بضيق شديد متسائلة بارتباك وإحراج 


= نعم صحيح أنا جائعه هل ارتحت الآن، ما الذي نستطيع صنعه في ذلك المنزل لناكله.


صمت رسلان وكأنه يفكر ثم تحدث هاتفًا بصوت متنمر ماكر  


= وجدتها، نأكل قصيرات القامة؟ 


هزت رأسها بنفاذ صبر، و صاحت فيه باهتياج واضح


= يا إلهي، سيبدأ من جديد. متى ستتوقف هذه الثرثرة؟ أنا أتحدث بجدية حبا في الله، رأسي لم يعد يتحمل كلامك السخيف هذا. هل أنت متأكد من أن عقلك سليم بما يكفي لتحمل كل هذه الثرثرة؟ 


نظر لها مطولاً بغموض عده لحظات، ليقول فجاه بعملية زائدة متجهم الوجه


= انا بخير سيدتى ..شكرا على اهتمامك و معكٍ حق قد تجاوزت حدودي بالحديث معك ويجب أن أتوقف 


فغرت شفتيها مدهوشة من تحوله المفاجاه دون مقدمات، رمقها بنظرات حادة وهو يضيف بغلظة


= حسنا من اليوم لن اتحدث معك ولم ازعجك واسف على كل ما فعلته سابقاً، واذا وجدتيني قريب منك مجدداً افعلي ما شئتي حتى اذهبي واشتكيني الى أبي بنفسك هذه المره .. 


قطبت جبينها بعدم فهم، واضاف هو دون أن يتخلى عن تجهمه 


=طالما تريني مزعج ومتطفل لذلك الحد ساظل بعيد عنك ولم اتحدث واذا وجدتك تمرين امامي ساخفض وجهي ولم انظر اليكٍ حتى 


اتسعت عيناها بعدم استيعاب وكأنها تحاول فهم ما الذي قالته حتى يغضب بتلك الطريقه لترتسم على وجهها علامات الدهشة متسائلة باستفهام


= سيد رسلان ايمكننى التعرف على سبب تجهمك المفاجئ ؟


عقد ساعديه القويين بلا مبالاة، وأجاب موضحًا بجمود


= عذرا سيدتى احاول ان احافظ على المسافة بيننا حسب اوامرك المسبقة.. فأمرتنى بالصباح بكل تكبر بأن احافظ على المسافة بيننا؟ والآن تريني مزعج! أليس صحيح


حمحمت بحرج فهذا الغضب كله سبب كلمه قالتها دون قصد منها حتى يتوقف عن ازعاجها ولم تقصد احراجه مطلقا، فالأمر حقا لم يكن يستدعي كل هذا منه


= مهلا لم اقصد كل ذلك اهدا لما ضخمت الامور هكذا بشكل مفاجئ، لم انزعج الى هذه الحد، لما أخذت الأمور على محمل الجد.. انسى الامر ولا تشعر بالاحراج بسببي .. انا أسفه .


صمت لحظة قبل أن يبتسم بمكر داخله فهو لم ينزعج منها على الإطلاق بل فعل ذلك متعمد حتى يستغل الأمر وتوافق على صنع الطعام له ثم أردف بتكبر زائف  


=حسنا أقبل بهذا على أن تقومى بتعويضى عن احراجي ذلك .


عقدت هى ساعديها بغيظ، قائله بحنق


= وكيف هذا ؟


رفع ياقة قميصه بغرور مصطنع وقال


= قدمى لى العشاء 


اتسعت عيناها بدهشة ليقول بسرعه بهدوء 


= واذا لا تعرفي سنتشارك في صنعه أنا وأنتٍ

و سيكون هذا اتفاق جيد .


فكرت بسرعة لا ضرر في هذا فهما سيجلسان هنا ويتناولان الطعام بود بسرعه قبل أن تعود والدتها من الخارج وتراها معه... وبالنهايه لم تستطيع التحمل اكثر من ذلك وهي تشعر بالجوع، وهذا بالفعل اتفاق جيد فعلى الأقل سيعود وجهه مشرقا! مهلا لما مهتمه الى أمره من الأساس، إبتلعت ريقها وهي تقول بنبرة متوترة


= حسنا لا مانع.


اتسعت ابتسامته عكس تجهمه من قبل، وأشار نحو المطبخ قائلا بحماس  


= حسنا هيا خلفي الي المطبخ أيتها القزمه 


ابتسمت هى أيضا هذه المرة ولم تتهجم الوجه من لقبه علي غير عادتها، لتحدق هي في خطاه بصمت قبل أن تسير خلفه.. وبعد فتره بدأت في وضع الطعام على الطاولة لتجلس أخيرا .


تناولا الطعام وتبادلا حديثا وديا رغم أنه لا يعلم عنها شئ لكن تصنع عدم الإهتمام، لتتحدث معه بأريحية لكن ما زالت تضع حدود بينهما ولم تتحدث عن اي شيء يخصها، لذلك تحدث هو وبدأ يقص لها عن أحلامه المستقبلية وعلاقته بوالده واصدقائه بالعمل، شعر براحة للحديث معها فكانت هي مستمع جيد! . تناول رسلان الطعام بشهية كبيرة و ابتسمت له وهى تراه مقبلا على الطعام بتلك الصورة.


أبتسم براحة وهو يقول بصوت هادئ


= الطعام لذيذ جدا شكراً لكٍ، مع إنكٍ خدعتيني في البدايه بانك لا تجدي صنع الطعام لكنك ماهره حقا.


ثم أضاف وأردف باعتراف بترقب


= أوه وبالمناسبة، لأكون صادقًا معكٍ لم أكن غاضبًا منك عندما علقتي بأني بكامل قواك العقلية لتحمل كل هذه الثرثرة، لكنني وجدت ذلك فرصه لموافقتك على إحضار الطعام لي.


لم تغضب أو تتفاجئ انما لتضحك بنعومة ورقة 


= شكيت بالأمر من الأساس محال .


حرك بكتفيه بطريقه واثقة، لتبدو هامته أكثر شموخًا، كمن استحوذ على ثقه و غرور الدنيا،  ثم قال بلمحة من الغرور


= لم يخلق مخلوق على وجه الأرض يستطيع أن يجعلني اتوقف عن ثرثرتي ومازحي الذي لا مثيل لهم . 


هزت رأسها بيأس منه، لترد بنفس الرقه بل وزادتها بسمتها فتنة


= إذًا لا يوجد شيء يمكنني عمله لاوقفك؟ 


زم فمه للأمام هاتف بغموض واضح


= هناك شيء واحد


زادت ابتسامتها تدريجيًا عاقده حاجبيها باستغراب وقالت بنبرة تدل على الاهتمام


= ما هو؟


صمت عمدًا ليجذب انتباهها، ونجح بسهولة في هذا، فابتسم ابتسامة خبيثة وهو يقول بنبرة ذات مغزى


= لم أستطع جعلك تقعي في حبي!. 


حدقت مهرة مباشرة في عينيه، مشدوهة بما يقوله، و هربت الدماء من وجهها لكنها بسرعه فهمت أنه يمزح بالتاكيد كعادته السخيفه،

تورد وجهها من غزله المتواري، فأبعدت نظراتها بعيدًا عنه، وقالت بأنزعاج


= هل تبدأ من جديد؟ نكتة سخيفة منك، لماذا تفعل هذا معي حقًا؟!


رد عليها بحذر دون أن يخفي ابتسامته العذبة


= ماذا فعلت لكٍ توقفي عن تلك الدراما .


أزعجها تصرفه معها بشده، كزت على أسنانها بقوة قائله بتوبيخ 


= دراما؟ الم تشعر بانك أحياناً تتجاوز في الامر مع الآخرين.


هز رأسه مستنكرًا تفكيرها السطحي، و أجابها بهدوء عجيب محاولاً تقليدها


= لما أنا حاليا رجل أعمال، ابن تاجر كبرت وأنا أعرف قيمة الشيء وأعرف كيف أتمنها، وأنتٍ امامي جوهرة! جوهرة ثمينة أتمنها، وقد أرسلها الرب لي.. فما المانع في التعبير عما يعجبني .


استدارت مهرة ناحيته لتقول بجدية


= لك مطلق الحرية فى التعبير عن ما تحبه بطريقتك الخاصة ..لكن بشرط.


طالعته بنظرات مزعوجة قبل أن تتابع مضيفه بتنهيدة منهكة


= شرط ألا تتعدى حدودك مع الاخرين ولا تتدخل بحياتى، فأنا أكره المتطفلين


زفر بعمق مظهر تأففه، ثم رد بامتعاض


= انسى ذلك. لم أقصد شيئًا سيئًا، لذا لا تقلقي مني هذه طبيعتي في التعامل مع الآخرين، لكن هناك الكثير ممن يرحبون بذلك إلا أنتٍ ولا أعرف سبب صعوبة الأمر. إنها مجرد مزحة وليس أكثر.


نظرت له بفتور قائلة بهدوء رغم حزنها 


= تعلم أتمني أن أكون مثلك غير حساسيه وقوية، ولا احمل هموم الدنيا فوق كتافي


شعرت بأطراف انامله فوق شفتيها يزيل لها

الصوص الذي سقط بخيط رفيع على طرفي

شفتيها عندما كانت تتناول للتو! انصدمت منه، بينما لوي ثغره للجانب ليضحك بتهكم


= لا تنخدعي بالمظاهر مهرة! حتى الجبال  ذاتهم احيانا يسقطوا من كثره الانهيار وعدم التحمل .


كانت المره الأولى التي يناديها باسمها!. أبتعدت برأسها بخجل وتملكها الفضول لتعرف أكثر عنه، خاصة أن كلماته كانت غامضة وتحمل بين طياتها الكثير، لكنها حاولت ان تسيطر على فضولها وقالت بهدوء متوتر


= اعتقد انني يجب ان انهض لاكمل دروسي 


نفخ بضيق شديد وقال بملل وهو مسلط أنظاره عليها 


= لم أري في حياتي فتاه مثلك تعشق الدراسه لهذا الحد؟ ما بكي يا فتاه قبل سابق كنتي تدرسي الم تملي.. لما لا تهتمي باشياء اخرى غير الدراسه .


ضغطت على شفتيها السفلى بألم وهي تتذكر عندما مزق والدها كتبها ومنعها من الدراسه سابقاً حتى تتزوج، لذلك هي تعرف قيمه ما تفعله جيد ولا تريد ان تضيع الفرصه مجددا، ثم أخرجت تنهيدة عميقة من صدرها و أوضحت له مقصدها بحذر  


= لاني لا أرغب فقط أن أبقى على قيد الحياة، أريد أن أعيش، وهناك فرق بين الإثنين؟ 


جمد أعينه عليها متابعًا باهتمام ما تبوح به، ثم سحبت نفسًا عميقًا لتضبط به انفعالاتها المتأثرة خاصة بعد أن لمعت عيناها بقوة، فبدت نبرتها مهتزة وهي تقول بدعم لنفسها


= وأنا يوما ما سأكون كما أريد..وسأفخر بنفسي وما صنعته في حياتي .


تنهد ببطء، ثم تحدث هاتفًا بصوت حزين


= حديثك ذلك يذكرني بامي، بالماضي كانت مثلك تعشق الدراسه جدآ هكذا .. حتى انها ظلت تدرس اشياء كثيره بعد أن تزوجت أبي و انجبتني وكانت تساعدني على الدراسه ايضا وتعلمت منها الكثير من الاشياء قبل أن تموت.


انتبهت لصوته الحزين فكانت أول مره ترى ذلك الشخص هكذا عكس شخصيته المرحه  مع الجميع دون هموم، حمحمت قائله بحرجٍ


= رحمه الله عليها .


صمت شاردًا يفكر في فراق والدته، كسا الحزن تعابيره وبدا بائسًا إلى حد كبير بعد استعادته لتلك الأحداث في عقله، نظرت له مهرة  بإشفاق، و إبتلع غصة مريرة عالقة في حلقه قائلاً بآسى


= أمي علمتني كل شي في الحياه إلا؟ كيف اعيش بدونها فأنا لا احتاج في هذه الحياه الآن الا وجودها. 


حرصت على عدم إزعاج رسلان حتى يستمر في استرساله الكلمات دون خجل أو تردد! 

تنفس بعمق، وأخرج زفيرًا يحمل الكثير من الهموم وهو يضيف 


= في ذات يوم صرخت و ناديت على أمي كثيرا من المرات، و عندما لم أسمع صوتها تأكدت أنها فارقت الحياة، في آخر مرة أغمي عليها بها كنت أبكي، أبكي و أناديها فلقد كنت تائها حقا وقتها أصبحت يتيم الأم، وكان حينها لا يغنيني سبب للعيش في هذه الدنيا ولا راحه بهذا بالعالم.. تمنيت أن أموت بعدها فلم يعد لحياتي نكهة.. أنا حزنت على امي لدرجه انني كرهت الحزن والاكتئاب من كثر ما انا عشت بهم وقت طويل.


كانت تنظر إليه نظرة أسي فقد تذكرت والدتها المتوفيه أيضا وحياتها بالسابق، أزعجها بشدة ذكر ذلك المقيت الذي سبب لها الأذية، وحفر في عقلها ذكريات أليمة، بصعوبة واضحة عليها سيطرة على أعصابها، تنحنح بخفوت و وأصل بما يجيش في صدره قائلاً بإبتسامة باهته


= لا يوجد أسهل من الفلسفة، اعتقد لو كنت اريد إختيار الحزن و الاكتئاب وان انطوي على نفسي ولا اتحدث مع الآخرين كنت سافعل.. حتي الضحك كنت ساجد صعوبه في فعله .. ليس كما تريني الآن؟ لكن بالتاكيد احيانا يمر عليا وقت أشعر به بالحزن والضيق الشديد .. لكن لا أحب أن اظهر ذلك .


شعر بحزن ملامحها ولاحظ تساقط دموعها تاثرا من كلماته، ليشعر بالقلق ربما اسرف فى اظهار ألمه حمحم قائلا بصدمه  


= أوه، أيتها القزمه ما بكٍ.. لا تبكي أرجوك


قال بنعومة وهو ينهض من مكانه على الفور ويتجه نحوها، ينخفض على الأرض بجانب أمامها ثم يمسك يدها على الفور من دون أي

تردد، ضغطت مهرة على أصابعها بقوة مستشعرة الحرج الشديد من أنها تحدثت هكذا معه وهي لا تعلم عن اموره الخاصة و لا يستوجب عليها معرفتها، لكن يجب ان تضع في حساباتها كل شخص منا يحمل ماساه داخله ولا يعرفها أحد فقالت بتهذيب وآسف


= أنا آسفة.. لم أقصد البكاء 


نظر لها متوجس قائلا بتنهيدة متأثرة


= لا تعتذري انا من يجب يعتذر، أنا لم احكي لكٍ كل ذلك حتى تبكي .


قالت بهمس وهي تحاول الهرب من نظراته، لكنه كان يضغط على يدها بخفة لتعود وتنظر إليه


= لا انا اسفه للغايه كان لا يجب ان اقول شيئا كذلك وانا لا اعرف ما الذي مررت به، لقد تأثرت من حديثك ومن كوني السبب في فتح ذلك الجرح من جديد داخلك.


هز رأسه باعتراض وهمس برجاء


= أخبرتك أن تتوقفي عن البكاء والاعتذار.. لا

يستحق الأمر دموعك، أنا بخير حقاً!


حاول رسلان جعلها تتوقف عن البكاء لتمسح دموعها بظهر يدها بخفة وقالت


= تعلم لم اريد رؤيتك حزيناً بعد الآن حسنا تكلم كثيرا حتى تشعرني بالصداع كما تحب .. لكن لا تدخل في نوبه اكتئاب مره اخرى الحزن شعور سيء للغايه و صعب .


رمقها بنظرات ممتنة على موقفها المتفاهم، وثبت أنظاره على مهرة، واردف غامزًا  


= حسنا لكن تذكري انك من قلتي، لن اصمت بعد الآن .


نظرت مهرة إلى يده التي تعانق خاصتها بينما

يتحرك إبهامه بخفة على بشرتها، ثم إلى عينيه

التي تنتظر أن تنظر إليه! لتجد نفسها لقد تجاوزت الأمر فأسرعت تجذب يديها بسرعه منه ونهضت بإحراج وهمست


= الوقت تأخر يجب ان اذهب للنوم .


نظر لها مطولاً ثم أجابها بإرهاق قليل


= الوقت تاخر بالفعل والامطار توقفت بالخارج، وبالتاكيد العاملين في الطريق الان لياتوا الي هنا.. حسنا تصبحي على خير .


تابع قراءة الفصل