-->

رواية جديدة قلوب لا ترحم لنانسي الجمال الفصل 32 - الأحد 29/10/2023

 

 قراءة رواية قلوب لا ترحم كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية قلوب لا ترحم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة نانسي الجمال


الفصل الثاني والثلاثون

تتم النشر يوم الأحد

29/10/2023



برواق المشفى تزاحمت عائلة الشنديري لرؤية فقيدهم؛ كان الجميع متواجد وقد جعلتهم الفاجعة يتحركون دون تفكير.


وقفت جميلة وسط الجميع تراقب ما يحدث؛ كانت عبير ونور تجلسان علي المقاعد البلاستيكيه للمشفى وكل منهم تحمل تعبير تائه.


لأول مره تشعر بالشفقة عليهم.


كانت عبير تجلس بمقعدها وهي تحاول فهم ما يجري مازال عقلها لم يستوعب ما يحدث؛ ابنها الصغير وذكرها الوحيد قد لقى حتفة.! 


جرعة زائدة من المخدرات جعلت نهايتة أمر محتم؛ تلك الحشائش والمواد المخدرة التي كانت تعلم بتعاطيه لها وتغض النظر عنها.. شعور المراره كان يتفجر بصدرها وهي ترى لأول مره ما فعلتة يداها. 


إلي جوارها جلست نور؛ ولم تكن حتى الصدمه المتجلية علي وجهها تمنعها من التفكير؛ التفكير بأستغلال وفاة هيثم والتي بالتأكيد ستثير عطف الجميع عليها! 


رفعت عينها تمررها علي الحضور وبالفعل رآت الشفقة تتسلل وتنهمر كما العبرات علي وجنتهم؛ كان شقيقها هي ولكنهم هم من يبكون؛ فقدت حق البكاء علي هيثم منذ زمن.. منذ كانوا اطفال وأدرك كل منهما أن الدماء بينهم تستحل لمياة في دقائق معدوده.. أدركت ذلك وهي تُصفع وتُعنف أسفل والدتها كي تتعري وتتدلل بجسدها لكسب أبناء عمومتها وهيثم يقف متفرجًا دون تدخل ليحول عنها الشر؛ ربما لو تدخل لاستطاعت حبه! لاستطاعت ضمه ومواساته؛ أن تنتشله من بؤرة الادمان والاكتئاب المرفق بالبؤس.. لكن كل منهما لم يشعر بالاخوة أبدًا .



أراك تلك الحقيقة بينما تنتظر خروج جثمانه جعلتها تبكي دون شعور؛ لكن كل ما تشعر به تضاعف لحقد حينما وجدت الرجال يعودون ومعتصم يضم جميلة بين ذراعيه وغريب يختطف انسام ليربت عليها لتتوقف عن البكاء.


هي من تستحق المواساة وليس من عمها العجوز؛ نهضت بخطوات ترتعش دون تصنع؛ ترتعش رهبه وحقدًا؛ ترتعش حزن وقسوة وهي تتحرك حتى وقفت أمام معتصم. 


رمشت جميلة بذهول شابه ملامح معتصم التي أنخفضت في إشفاق؛ ازدادت شهقات نور وهي تلقي ذاتها داخل أحضانه غصبًا شاكية ببكاء وقهر كلماتًا كاذبه

_ هيثم راح يا معتصم؛ اخويا سابني يا معتصم ومبقاش معايا.. هو ليه سابني ان.. انا لسه محتجاه جمبي


كان حاجبيه يكاد يلتصق بخصلاته من شده اندهاشه بذلك العناق؛ جسده تخشب وعينه سقطت علي غريب يبحث في وجهه عن حل؛ لكن الأخر كان ينظر للمشهد وكان هيثم الميت قد عاد.


ابتلعت جميلة مشاعرها تكتمها بداخلها؛ شعرت بالغضب يتحرك بين دمائها عقلها يتفجر بالالف الافكار التي حاولت كبتها ولكنها لم تستطيع حجب صورتهم بينما يتبادلان القبل؛ ذلك العناق بالتأكيد لم يأتي دون مشاعر وثقه! 



تحرك محمد محاولًا تخليص المشهد الذي صلبهم جميعًا حيث جذبها "بصعوبه" لاحضانه هو مربتًا عليها.


استدار معتصم لجميلة وقبل أن يتحدث؛ سبقته بنبرة حازمة

_ لا المكان ولا الوقت مناسبين لاي حاجه 


صمت متذوقًا مراره القلق مما قد تكون بنته علي ذلك العناق؛ كل الشفقه التي حملها لنور تحولت لضيق وبغض.


❈-❈-❈


بعد الدفن تم العزاء والذي كان يمتلئ بمعارف الشنديري؛  كان محمد واقفًا علي رأس ولديه. 


أقبل ناحيتهم عزت؛ ملابسه مهمله وجهه ازداد نحاله واحاطته هالات سوداء واسعه؛ تذكر محمد حديث نوران معه عما حدث

- البقاء لله


تحدث عزت بصوت خفيض وعينه تنظر في خجل وتأنيب؛ التقت محمد يده وربت علي كتفه، أنتقل للشابين اللذان أظهرا ألفه أقل من والدهم.


بعد دقائق كان أحمد يخطوا ناحيتهم؛ عينه تحمل من الخبث والسعاده ما جعل عيني محمد تنتبه له؛ لأول مره يتذكر كلمات معتصم عنه ويشعر بها كانها حقيقه! 


أخفى شكه التام به خلف وجهه الثابت الحزين.


❈-❈-❈


كانت النسوة متجمعات بمنزل عبير؛ جميلة وانسام معهم نوران يضايفن النساء الاتيات للعزاء 


هناء تواسي عبير قدر استطاعتها وفتحيه ترشد الشابات؛ بينما نور كانت تجلس بمقعدها وملامح الحزن تبدوا متشققه علي وجهها ذو النظرات الخبيثه.


أتتها فرصة علي طبقًا من ذهب ستمكنها من السيطره علي معتصم؛ فلا يوجد دافع للرجل اقوي من الحب سوى الحزن والشفقه؛ وهي ستستعملهم ضده .


كانت جميلة ترمقها بين حين او أخر بنظرة منزعجة؛ اقتربت انسام لها وهي تهمس بهدوء

_ ابعدي عينك عنها يا بنتي باين انك شويه وهتقتليها! 


نظرت لها جميلة لثوان قبل ان تجيب بحنق

_ بتمثل يا انسام! زعلها وحزنها كله تمثيل ازاي بني ادم يبقا بالقسوة دي! 



تنهدت انسام بثقل؛ رغم كرهها الصريح لنور لكنها تملك بعض الشفقه التي تدغدغ قلبها ناحيتها جذبت جميلة ناحيتها وهي تهمس بصوت شديد الانخفاض

_ القسوة دي اتعلموها من امهم؛ الاطفال بيتولدوا صفحه بيضه واحنا الي بنكتب فيها الصح من الغلط يا جميلة؛ لما نشرب ولادنا قسوه هيتعلموها ويشوفوا ان دا الصح والطبيعي... قلبهم هيبقى قاسي ونفهم متأخر، نور وهيثم الله يرحمهم من يومهم وهما بيتعرضوا لقسوة امهم؛ كنت بسمع صريخهم بشوف جسمهم الي كله ازرق وكله يضطر يسكت؛ كبروا هما الاتنين ومفيش قدامهم الا رغبات امهم والا هيتضربوا؛ واتعلموا ان عمر ما حد في الدنيا هيدافع عنهم.. واتعلموا ان مفيش وقت يزعلوا ابدًا 




اخرجت حملًا ثقيلًا في تنهيدتها الحارة؛ نظرت بطرف عينها لنور وهي تحاول التخيل؛ كيف كانت وهي صغيرة؛ هل كانت لطيفه ام بغيضه ايضًا؛ ترائى الي عقلها معامله والدهم.. كان حنونًا ورقيقًا؛ لم يتعرض اي منهم لتعنيف طوال سنوات عمرهم؛ ويمكنها بكل فخر أن ترجع لذلك قوتها هي ونوران ...


حل المساء وانفض المعزين من المنزل؛ جلست الفتيات بإرهاق فاليوم كان شديد الصعوبه؛ تيبس جسد نوران وهي ترى عزت يلج من الباب خلف عمها وأبنائه؛ تشعر بجسدها تخشب وان ابسط حركه قد تكسرها نصفين.



التقت عينه بعينها والتمع شوقه لها مضيئًا نظراته الميته؛ كانت تبادله العتاب بصمت عينها تخبره أن ما فعلة كان شديد القسوة علي قلبها.


غمرهما الحنين والشجن فلم يلحظ اي منهما نظرات جميلة التي استحلت لصخور جافه؛ كانها صحراء لم ترى سوى ضوء الشمس الحارق حتى الهبها؛ وبغريزه دفاعية كانت تنهض للوقوف امام نوران قاطعة حلقة الوصل بينهم.


كانت تعلم ان الموقف غير مناسب للحديث؛ لذا التزمت الصمت وهي ترمي نظراتها الكارهة له بوضوح. 


ربت محمد علي كتف شقيقته المتيبسه وضم نور بحنان ابوي كان يقتر منه دائمًا.


حينما اقترب معتصم ايضًا؛ القت نور ذاتها في احضانه بيأس مصطنع؛ ولكن تلك المره استقبلها معتصم بخفه وهمس في اذنها كلمات جعلت ابتسامتها تكاد تظهر بينما يدفعها عنه.



كانت جميلة منشغله بعزت فلم تتمكن من ملاحظة كلمات معتصم الخفيضه؛ كل ما لاحظته هو القاء نور مجددًا لاحضان زوجها! 


ثوان وكانت تشعر بذارع معتصم تلتحم مع خصرها؛ يحيطها بحنان وهو يقودها بعيدًا عن موقعها.


اقترب غريب من انسام التي تجلس بشحوب؛ كان يومًا صعيبًا عليها واستطاع ملاحظه ذلك بسهوله؛ مد يده لها بنظره مشجعة وبعد ثوان تركته يلتقت كفها بخفه ويسحبها للخارج خلف معتصم .


كان عزت يقف مراقبًا نوران وحينما قرر التحرك ناحيتها رآى فتحيه وهي تتجه لها وتقودها بعيدًا عنه؛ ربت محمد علي كتفه ودفعه للهبوط معه هو وهناء.


قبل أن يتوزع كل منهم لمنزله نطق محمد بصوت محهد يحمل من الحزم ما يجبرهم علي الانصياع

_ محدش يمشي تعالوا عايزكم تحت في البيت عندي؛ متقلقوش مش هطول 


وبالفعل تحركوا جميعًا لمنزله برغب التعب المتجذر بهم جميعًا.


❈-❈-❈


كانت لحظات من البارود؛ حيث تنتظر فتيل ناري واحد وتشتعل الغرفة.


كان ذلك وضعهم بعدما غرق الجميع بالصمت حتى قدمت لهم هناء اقداح من الشاي المعتق وطبق مملوء بالكعك الطازج الشهي.


كان عبثًا أن يقاوموا الجوع الذي ينهش بطونهم؛ لذا لم يكابر أي منهم في الاسراع وجذب كعكه لتناولها.


انتظر محمد حتى انتهوا من تناول ما بيدهم وتبادل نظرات كالرصاص والتف الي عزت بابتسامه دبلوماسيه 

_ عامل ايه يا عزت!


زاغت نظراته لنوران؛ كانت انحف مما يتذكر…يلاحظ كل تغير بها وهو يحفظها عن ظهر قلب؛ ارتعشت الانفاس وأن شعر بها أحد لادرك كم يشعر بالتوتر الان.

_ كويس يا حج؛ ان..انا كنت جي يعني؛ انا كنت جي أعزيكم و..وقولت أكيد مش وقته افاتحكم لي حاجه 


ضحكت جميلة بسخريه؛ حاجبها يرتفع بشراسه 

_ لا والله كتر خيرك يا عزت بتفهم في الاصول اوي


رمش عزت بذهول من ذاته؛ لم تثر كلمات جميلة حقده او رغبته بقتلها ودفنها حيث تجلس؛ علي العكس شعر لأول مره كم كان حاقدًا ظالمًا لها، أنخفضت عينه لثوان قبل أن يرفعها لوجهها بصدق يضخ في كلماته

_ انا اسف يا جميلة؛ عارف اني عملتلك أنتِ لوحدك حاجات مؤذية كتير وأني ظلمتك وجيت عليكي ياريت تقدري تسامحيني علي الي عملته؛ وانا والله برغم دا كله بخاف عليكي وبعتبرك أختي.. بس شطان البني ادم شاطر وانا شيطاني غلبني فترة.. بس الحمد لله علي كل شئ 




كانت تستعد للحرب التي اخمدتها كلماته؛ كنثر المياة علي ورقه مشتعله.


ثبتت بدون قدره علي الرد وما كبحها كان الصدق الذي تميزه بعزت؛ الصدق الذي لم يظهر عليه لسنوات طوال. 


ربما كان عزت يملك محاسن اخفتها عن ذاتها؛ أشياء تتذكرها جميعها لكن أمام افعاله البشعة كانت تراها مشوبه بالشر.


لم تستطع نوران كبت ذاتها؛ ارغام الكلمات ان تظل بحنجرتها كان أمر شديد الصعوبه

_ جي ليه يا عزت؟ 


حافظت علي حزم وصلابه ملامحها برغم الاهتزاز الواضح بنبرتها؛ لكن حتى لو بكت بينما تتحدث كانت ستحافظ علي جديتها .


عينها رقت باشتياق وابتسامته الحزينه كانت تنير بعينه 

— وحشتيني يا نوران.. 


وخز تسلل لقلبها جعلها تكاد تتأوه حزنًا، راقبهم محمد لثوان وتدخل بجديه 

_ ادخلوا اتكلموا في البلكونه؛ قومي يا نوران مع جوزك، وأنتِ يا جميلة تعالي انا عايزك شويه 



لحظات صمت وثبات سبقت انصياعهم له.. 


❈-❈-❈


وقفت بعيدًا عنه بخطوات حينما اراح يديه علي حافه الشرفة؛ كانت تراقب ظهره المنحني وعينها تمر علي بأشتياق؛ يحول بينها وبين الحزن منه

_ موحشتكيش! 


سؤال هامس نطقه بينما يستدير بجسده ناحيتها؛ اسبلت جفونها بحزن والتمعت الدموع بعينها حينما واجهته بهم. 


ارتعشت عينه وملئتهم العبرات؛ كفه المهتز بصعوبه أحكم الوثاق علي خاصتها وهو يخبرها بنبره تحمل من الصدق والألم ما يجعل قلبها يتصدع 

_ أنا آسف؛ كل حاجه.. انا كنت غلطان في كل حاجه يا نوران؛ اسف اني مديت أيدي عليكي أسف اني سيبت نفسي للطمع وللشيطان؛ كنت معمي عن كل حاجه، مكنتش عارف قيمتك يا نوران.. من تاني يوم كنت عايز أجي اخدك.. اعيط واشتكيلك وجعي.. قلبي الي فهم كل حاجه اول ما بعدتي عنه.. سامحيني 


لم تسيطر علي دموعها؛ بكت بحزن وهي تنظر له بألم 

_ ومجتش ليه يا عزت! هونت عليك كل دا؟؟



حرك رأسه نفيًا بسرعه؛ وبثانيه كان قريبًا منها تلفها رائحته الممتزجه بالكأبه؛ كان زوجها شامخًا دائمًا وبأحلك الظروف لم يحني ظهره كالان

_ كنت بعاقب نفسي يا نوران؛ خوفت ارجعك وانسي بعد يومين قيمتك في حياتي؛ كان لازم اتعذب بعيد عنك عشان اعرف قيمتك ايه عندي.. سامحيني 


_ هسامحك ومتتغيرش! اسامحك وتمد ايدك عليا؛ ترجع طماع تاني 


كانت تناشده للاجابه؛ كانت تطوق لذراعيه الحانيه وكلماته المواسيه.. هي وهو ليس لهم وجود بعيدًا عن بعضهم .


اقترب منها أكثر؛ رفع يديها لفمه يقبل ظهرهم بأعين باكيه حمراء تحافظ بصعوبه علي ما بها من مياه حارقه 

_ لا يا نوران؛ انا اتغيرت وهتغير عشانك، هسيب الشغل عند عمك وهرجع شغلي هنعيش علي قدنا والمهم وجودنا سوي يا نوران.. صح! 


ابتسمت بارهاق وعينها تلمع بأمل 

_ بجد يا عزت 


بتردد جذبها لأحضانه انفاسه الثائره كانت تشعر بها تحرك صدره بسرعه بينما يجيبها بصدق 

_ بجد يا روح عزت وحياته الي ميقدرش يقعد بعيد عنها..


❈-❈-❈


جلست جميله علي اول كرسي قابلها بغرفه معتصم؛ كانت عينها تدور بهدوء علي حجرته القديمه.. كانت تملك رائحته وهالته. 

_ فسختي خطوبتك من احمد ليه يا جميلة! 


أنتشلها سؤال محمد المفاجئ لتنظر له بأستغراب؛ انعقد حاجبيها ورمشت لثوان، هل تجيبه بصدق! 


ظلت لدقائق صامته حتى أجابته بجديه 

_كان خاطبني عشان يقرب منكم وياخد فلوس؛ الطمع كان بيلمع في عينه من اول لحظه… كنت عارفه خاطبني ليه وكان ليا سببي اني اوافق ساعتها؛ بعدها شدينا سوى و سيبته كدا كدا مكنتش هكمل معاه 


حرك محمد رأسه بتوقع وجلس علي الفراش ينظر لها بهدوء

_ احمد الي بيبعتلك الرسايل وهو الي بيعمل كل دا.. 


إتسعت عينها بأدراك؛ أخبرها أنها ستندم وكانت.. كانت تخشاه؛ الحادث.. كل شئ منطقي ألان 

_ بس اشمعنا شكيت فيه! 


_ معرفش يا بنتي؛ قلبي قالي أن هو.. علي العموم انا هلعب معاه وخلينا نشوف هو ولا ظلمته.. مش عايزك تخافي من حاجه دلوقتي انا بكرا الصبح هكون متصرف. 


حركت رأسها بهدوء وعادوا للغرفة حيث كان عزت ونوران قد عادا. 



الأجواء مزالت خانقه؛ غريب وانسام يتجنبان النظر لبعضهم بشكل مباشر.. معتصم شارد بضيق؛ فتحيه تنظر بشكل حاد لعزت بينما نوران تتطلع حولها بتردد وقلق 


كان محمد وهناء من يتمتع بالهدوء فقط.


جلس محمد وهو يسال نوران بهدوء

_ اتكلمتي مع جوزك و حليتوا المشكله! 


حركت وأسها برقه وعينها خجله من مقابله والدتها وجميلة؛ كان يجب عليهم تقدير موقفها. 

تنهدت فتحيه بأرهاق وتدخلت بحزم 

_ معنديش مشكله ان نوران سامحتك وأنكم حليتوا المشكله؛ لكن انا أمها وليا حق عندك يا عزت.. انا أمنتك علي بنتي وأنتَ مصونتش الأمانه، نوران مقالتش ايه هو سبب الي حصل بينكم بس أنا مش هقدر أرجع بنتي ليك ببساطه كدا؟ 


أرتعش قلب عزت بذنب؛ كان يؤلمه كم أذنب بحقهم؛ بحق منتصر الذي أمنه علي عائلته.. 

_ انا.. مش عارفه اقولك ايه.. لكن دا حقك؛ بس انا اسف والمره دي انا ندمان علي كل حاجه فعلًا .. اديني فرصه واحده بس وشوفي.



كادت تتدحث وتأنبه لكن محمد أسكتها بتدخله 

_ دا مش وقته يا جماعة.. يومنا كان طويل الصباح رباح وكل واحد يكون فكر شويه..  مش كدا ولا ايه؟ 


تنهدات مهمومه كل ما تلقاه؛ نهض غريب بهدوء

_ لو كدا هنروح احنا نرتاح اليوم كان صعب 


بعد مغادرته بداء الجميع تدريجيًا بالرحيل حتى خلى المنزل؛ أقتربت هناء من محمد يدها الرقيقه تتحرك علي كتفيه تخفف حمل اليوم عنه وهي تهمس برقه وتفهم معتادان 

_ ربنا يخليك ليا وليهم يا حج؛ يلا عشان تنام انتَ تعبت اوي انهارده 


مدت يدها تسند جسده لها رغم عدم حاجته؛ قلبها وعشقها له جعلها دائمًا تتحمل كل ما يشعر به محمد.. ترغب أن تقاسمه كل الهم حتى لو خبأة بقلبه.


❈-❈-❈


كانت انسام منكمشه علي ذاتها داخل الفراش؛ جسدها يهتز بالبكاء الخافت وعقلها يعيد مواقف لهيثم. 


كان طيب القلب برغم ما حوله من سواد وفساد وكانت هي.. تشفق عليه وكانه طفلها .


شهقه قوية انتفضت بين شفتيها وهي تتذكر غزله ومزاحه لها؛ كل ذلك أختفى الأن. 



كان غريب يرشق ظهرها بنظرات من نيران؛ كان حزينًا علي هيثم لكن الأمر لم يتغلب علي عقله الذي يشتعل.

كل ذلك البكاء من اجل هيثم… هل كانت تحبه!!


أشتعلت النيران بدمائه ولم يقاوم ذاته وهو يجذبها بحده فوق الفراش معدلًا جلستها؛ صرخاتها المصدومه وعينها المتردده مرت علي هيئته الغاضبه القريبه منها 

_ بتعيطي ليه!


هزمت ملامحها بأستنكار وكشرت وجهها بضيق وقد توقفت عن البكاء تجيبه 

_ هيثكون ليه! اكيد علي هيثم.


أغمض عينه يحيد بوجهها عنها بغضب لثوان محاولًا السيطره علي ذاته؛ أعاد عينه لها يسالها باستنكار

_ كنتي بتحبيه للدرجة! 


نظراته وكلماته جعلتها تشتعل؛ حاربت تحرر يدها منه وهي تنتفض عن الفراش بأستقامه 

_ انتَ أكيد مجنون يا غريب.. أكيد مجنون 


لحق بها يوقفها بحده 

_ مجنون ليه ها؛ مش أنتِ نفسك بتتهميني لو وقفت مع اي حد؟ دلوقتي وأنتِ بتتشحتفي علي هيثم عيزاني مشكش!! 


كانت تشعر بكل ذرات صبرها وتعقلها قد دهست وحرقت متبخره في الهواء؛ كان مختلًا هي متأكدة من ذلك.. وقد جعلها مثلة.



نغزت صدره بغضب وعينها تشتعل بعجز تصرخ بوجهه بتعب

_ أنتَ عايز مني ايــه؛ عايز ايــه ها.. عايز تجنني يا غريب.. مبروك بقيت مجنونه؛ ها عايز ايه تاني 


ذهل واتسعت عينه بصدمه؛ أبتلع لعابه متحدثًا بهدوء

_ انسام اهدي مالك 


_ لاء لاء لاء أنتَ متقوليش اهدي فاهم؛ انا تبعت منك ومن جنانك؛ عايز تعرف بشك فيك ليه يا غريب.. ليه قلبي بيحرقني كل ما اشوفك مع واحده؛ كل دا بسببك أنتَ السبب فاهم.. لكن اتهامك مع هيثم!! لاء دا جنان 



شعر بالرعب وهو يراها تدور حول ذاتها بعجز تلقي كلمات غير مترابطه بأنهيار

_ انسام.. طب اهدي تمام.. اهدي ونتكلم لما تبقي كويسه! 


_ ششششش لاء؛ انا هتكلم دلوقتي.. تعبت منك مش هستحمل، من وانا عيله وانا بحبك.. الدنيا كلها عارفه أنتَ.. أنتَ كنت عارف؛ كنت بتهرب مني وصبرت.. تهتم حبه وبعدين ترميني وصبرت.. ترفعني سابع سما بمزاجك وتغرقني وصبرت؛ صبرت عليك ديمًا وانتَ ديمًا بتفكرني بحقيقه واحده يا غريب.. إنك مجبور عليا.. أني مش اختيارك.. خلتني خايفة منك تقرب من أي حد عشان متخترهوش وتسبني لكن دلوقتي كفايه.. كفايه اولع مش مهم، جي تتهمني انا.. وتشك فيا انا وانتَ الي بتعذبني.. حرام عليك.. والله العظيم دا حرام 



انهارت بالبكاء ليسرع لضمها؛ ضربت صدره صارخه بضيق؛ دفعت وهي تدعي بالخلاص؛ حتى أستكانت هادئة اخيرًا. 


أغمضت عينها رأسها يستند علي صدره بارهاق وهي تخبره بجديه ويأس 

_ خالي هيرجع من السفر أخر الشهر.. هتطلقني وهروح أعيش معاه 


شل عقله؛ لم يشعر بها وهي تدفع ذراعيه بعيدًا وتعود للفراش بأرهاق؛ لدقائق ظل بمكانه وكلماتها تمر ببطئ شديد علي وعية. 


أستفاق أخيرًا وأسرع لها؛ صعد فوق الفراش.. فوقها يده تحتجز وجهها حتى تنظر له بينما يهمس بصدق ملتحف بالحده والغضب 

_ الكلام الي قولتيه دا تنسيه؛ أنتِ مش هتبعدي عن حضني فاهمه، أنا بحبك يا انسام ولو رجع بيا الزمن هختارك من أول ثانيه شوفتك.. انا هصلح كل حاجه لكن كلمه عن إنك تبعدي عني مش هسمحلك 


كانت مرهقه عينها الذابله تناظره بمرض

_ انا عايزه انام يا غريب.. أبعد 


تنفس بهدوء مستغفرًا بخفوت وهو يتنحى للنوم بجوارها؛ يده التفت حول خصرها تجذبها لصدره؛ انفاسها الهادئه كانت تتحرك عليه بثوران لكنها لم تبتعد وهي تغمض عينها بيأس.


❈-❈-❈


خرجت جميلة من المرحاض خصلاتها محاطه بمنشفه كما جسدها؛ كانت تسب غبائها في نسيان أخذ ثياب! 


كانت تدعي بخفوت أن يكون معتصم قد خلد للنوم؛ لم تفكر بالذهاب لغرفته للتأكد وبمجرد أن خطت داخل غرفتها؛ تحركت سريعًا مغلقه الباب خلفها وهي تتنفس براحه .


أشعلت النور وحينما استدارت ثبتت كما حدث مع معتصم الذي يطالعها بذهول. 


أبتلع لعابها بتوتر وشعر بالحرج لموقفه؛ كان يجلس بانتظارها للحديث ليفاجئ بمظهرها وحركاتها السريعه في غلق الغرفة؛ أبتسم ببلاها وهو يرمش لها 

_ بتقفلي الباب بسرعه ليه للدرجه دي مستعجله نقعد لوحدنا؟ 



ارتعشت بارتباك وعينها تزوغ بالنظر في الحجره..

_ انتَ بتعمل ايه هنا! 


تحرك بخطوات هادئة بطيئة؛ كان يبث التوتر لروحها مع ابتسامته الواسعه وقد استعاد رباط جأشه ليسيطر علي الوضع.


وقف أمامها هامسًا برقه 

_ كنت جي أتلكم معاكي؛ أعتذر علي الي نور عملته انهاردة؛ انا مكنش ليا ذنب وحاولت أبعدها عني 


رمشت بتوتر وابتسامه كاذبه ترتسم علي وجهها 

_ محصلش حاجه؛ هي كانت منهاره وانا قدرت الموقف! 


ابتسم بخفه ورفع يده مزيلًا المنشفه التي تحيط خصلاتها؛ ألقاها أرضًا واصابعه تتحرك علي خصلاتها المبتله؛ ارتعشت انفاسها وهي تنظر لعينه الناعسه بنظره محمومه 

_ معتصم.. بتعمل ايه 


اخفض أصابعه لعنقها؛ يداعبه برقه مقتربًا منها أكثر 

_ انا بحبك.. اوي يا جميلة 


ارتعشت انفاسها وقلبها يكاد يغادر محجره حينما مال معتصم عليها مقتطفًا تركيزها بقبلته الهادئة؛ اغمضت عينها وقلبها يضخ بداخلها الدماء سريعًا.. فقدت كل ثباتها أمامه وتركت لقلبها الحريه بالتصرف.

______________

 ابتسمت فتحيه بلين ورقه وهي تقبل جبهه نوران الغافيه؛ منذ هبوطهم وهي تحاول اقناعها بمسامحة عزت ولم تغفى حتى وافقت. 

لم تكن تسامحه فعليًا بعد؛ لكنها تثق بأبنتها وقرارتها .. لن تقف عقبه حاده بحياتها.. كانت تتمنى أن تتنعم جميلة أيضًا بذلك الحب الذي يجعلها واثقه بزوجها لتلك الدرجه.


أغمضت عينها و ومضات حياتها تنير بعقلها؛ تركت منزل لعائلتها للتعلم بعد صعوبه دعمها والدها أخيرًا؛ التقائها بمنتصر ثم محمد عشقها وحربها؛ مولد طفلتيها وفاه منتصر .


كل شئ الان يظهر كحلم بعيد؛ لو كانت تفكر للحظه بحياتها لم تكن لتصدق أن كل ذلك قد يحدث.. 


❈-❈-❈


استيقظ معتصم صباحًا بتكاسل؛ أغمض عينه لثوان قبل أن تتسعا علي وسعهم وهو ينظر بجانبه للتأكد مما يتذكره.



ابتسامه سعيدة ارتفعت علي شفتيه؛ حرك اصابعه برقه علي خصلاتها وانخفض يقبل وجنتها برقه. 

همهمت بنعاس وهي تدفع رأسها بالوسائد اكثر؛ كتم ضحكته عليها. 



صوت هادئ صدر من هاتفة ليستدير يلتقطة؛ ازدادت سعادته وهو يرى رساله من نور..

"معتصم عايزه اشوفك لو سنفع؟"



تحركت اصابعه بسهوله وهو يجيبها 

" ماشي؛ حبه واقابلك علي السلم" 



كانت سعادته بتلك اللحظه في اشدها؛ نظر لجميلة لينخفض مقبلًا هامتها ابتعد عن الفراش وهو يهمس بهدوء

_ معلش يا حبيبتي كله عشان مصلحتك انتِ وبس.


❈-❈-❈


مجرد اغلاقه للباب فوجئ بنور أمامه؛ أنعقد حاجبيه وحاول إخفاء الامر وهو يهمس برقه 

_ قولتلك انا هجيلك مكنش لازم تتعبي نفسك 


ابتسمت نور بحزن مصطنع؛ لم تكن بلهاء لتضيع فرصه اشفاقه وصدمته من موت هيثم في البقاء وانتظاره؛كانت تلك فرصتها الاخيرة وعليها استغلالها

_ مش مهم انا كنت محتاجه اشوفك.. كنت خايفه وبطمن وانا معاك 


ابتسم معتصم وهو يمسك يدها برقه 

_ انا معاكي يا نور متخافيش من حاجه؛ اكي كنتِ بتفكري في هيثم صح! 


ارتعشت يدها وبخطوات متردده مصطنعه جعلت ذاتها في احضانه ويدها تعانقه بحب

_ ايوه، معتصم انا.. انا بحبك


صمتت منتظره ان يدفعها لكنها شعرت بيده تلتف علي ظهرها 

_ وانا بحبك يا نور.


توقف عقلها عن العمل وجسدها تيبس؛ هل… ما تسمعه. 


ابتعدت عنه بابتسامه متسعه وهي تساله بلهفه

_ انتَ بتتكلم بجد يا معتصم! بتحبني انا بجد.. بس انتَ وجميلة وكنت بتصدني؟ 


ابتسم معتصم مزيحًا الحصلات عن وجهها؛ هذا ما يحتاج اليه.. انفعالها رقتها ومفاجئتها. 


يجب ان يتوغل له حتى تعترف بتهديداتها لجميلة؛ والان عليه كسب صفها.


ضحك محركًا رأسه باستخفاف 

_ أنتِ صدقتي تمثليتي علي جميلة! دي مجرد لعبه بيني وبين تفسي اني هكسرها.. كل العند والقوه بتوعها كانوا بيستفزوني وانا عاهدت نفسي اني هكسرها واديني نجحت؛ دلوقتي الي فاضل اني هرميها خلاص وبعدها ابقا انا وأنتِ وبس 



رمشت بذهول وهي تعيد احتضانه؛ أخيرًا احلامها وأمالها تحققت؛ امتلئت عينها بعبرات حقيقه

_ انا مش مصدقه نفسي يا معتصم؛ انا بحبك اوي يا معتصم .. اوي 


ربت علي ظهرها برقه وابتسامه مسمومه تحتل فمه. 


كان سعيدًا بالنجاح الساحق الذي حققه في ثوان.. مجرد نطق أنا احبك جعلتها في قبضتة؛ كان جاهلًا عن جميلة التي تقف تراقب ما يحدث من ثقب الباب. 


يجهل قلبها ذو النبض الضعيف وعينها الجاحظه بصدمه؛ استيقظت علي حركته من جورها واستغربت هدوئه وحينما لحقت به رأت وسمعت كل ما حدث.


أغلقت عينها وهي تبتعد عن الباب وتعود لغرفتها؛ لا تحتاج لسماع المزيد لقد وثقت به؛ هدمت جميع حصونها من أجله؛ لقد.. أحبته. 


والأن تشعر بالسم يمر في عروقها؛ الألم ينخز كل جسدها وكأنه ينعي ما أصابها.


❈-❈-❈



صباحًا جلست فتحيه ونوران لتناول الفطور سويًا؛ كانت نوران مليئة بالحيويه والطاقة علي عكس ما أصابها مؤخرًا .


ضحكت فتحيه بعبث

_ اهدي واقعدي عاقلة الراجل لو شافك هيقول ما صدقت.


توردت وجنتيها بخجل واخفضت عينها مع ابتسامه خفيفه جعلت ضحكات فتحيه تزداد.


حينما دق الجرس انتفضت نوران ركضًا بسعاده وضحكات والدتها تلاحقة؛ وقفت تستند علي الباب مستعيده انفاسها حتى لا تظهر حقيقه ركضها. 


هدئت ملامحها بملل وهي تفتح الباب؛ سقطت كل تعابيرها وهي ترى جميلة أمامها 

_ يوههه بقا دا وقته 


هتفت بيأس أختفى وهي ترى عين شقيقتها الحمراء؛ انعقدت ملامحها باستغراب

_ مالك يا جميلة أنتِ كويسه؟ 


لم تجيبها الأخرى؛ دفعتها للداخل مغلقه الباب وهي تبحث بعينها عن والدتها؛ مجر ان رأتها أسرعت تحتضنها وتنفجر بالبكاء المرير..



شقاتها المرتفعه والمتلاحقه؛ أهاتها التي تجرح حنجرتها بكل مره تترك لها العنان.. كانت مأساة تامة علي فتحيه ونوران؛ مراقبه انهيار جميلة ال..نادر  جعل الأمر يزداد قساوة.



بعد فتره لا بأس بها كانت توقفت عن النواح والبكاء؛ رفعت عينها المنكسره لهم وهي تقص كل ما حدث منذ البدايه وحتى النهاية. 


كانت نوران تشعر بعقلها يعجز في كل كلمه والألم كالعدوى انتقل من جميلة لها؛ رفعت عينها المصدومه لوالدتها لتراها تنظر لجميلة؛ الدمع يتلألأ في عينها ويدها تدعمها بقوة.



الصمت كان حليفة ولم يجد أي منهم حاجه للكلام بعد انتهاء جميلة؛ كيف يمكن مواستها!! على ماذا؛ حبها؛ ثقتها؛ حصونها المهدومه؛ ام على ماذا، قطعت جميلة الصمت بثقه وكلمات ثابتة.

_ انا همشي من هنا


❈-❈-❈


بتلك الاثناء كان محمد اقتحم منزل أحمد؛ بالمعنى الحرفي كان فعلها؛ الباب الساقط أرضًا وأحمد المكبل من رجلين غليظين كان المرادف للاقتحام.


_ بتهدد بنت اخويا؟ 


نبس محمد بهدوء.. نبرته الهامس وملامحه الساخرة كانت تزيد من ارتعاش أحمد؛ لم يتوقع أن تخبر أحد خصوصًا محمد؟! 


كان يأثر بالصمت عل ذلك يخفف من الكارثه؛ لكن ركله أحد الرجلين لركبته من الخلف.. سقوطه أرضًا علي ركبتيه وتأوه مرتفع جعلاه يدر أن لا مهرب.

_ يا معلم انا معملتش الكلام دا هي الي بتتبلي عليا 


ابتسم محمد بهدوء يميل رأسه بجانبيه وهو يحرك رأسه بأقتناع؛ أشار بأصبعه لاحد الرجلين ليلكم أحمد بقوة

_ بلاش كدب يا أحمد بيخليكي شبه النسوان؛ اكتر ما انتَ شبهم، المهم.. انا مش جي هنا اسمع كلام أهبل أنا جي أقولك إني مش عايز أشوف وشك هنا تاني.. قدامك نص ساعه تلم هدومك بس وتنزل تركب العربيه الي سيبهالك وبعدين ملمحش طيفك 


_ انتَ متقدرش تعمل كدا مش من حقك تعمل كدا.. انا مش هسكتلكم 

صرخ بقهر وهو يحاول التحرر من الرجال؛ هزم بحربه وكان يشعر بنيران الهزيمه تسحقه كما تفعل قبضات الرجال به ألان، جلس محمد يراقب بهدوء حتى أشار لهم بالتوقف

_ انا أقدر علي أكتر من كدا يا أحمد.. أقدر أخليك عاجز مش قادر تقف ومحدش هيقول عليا حرف؛ الرجاله هتفضل معاك لحد ما تلم نفسك وتمشوا سوى؛ شوف كرمي سايبلك رجاله توصلك! المهم ان كمان نص ساعة لو مجهزتش هيخدوك بهدومك الي عليك ويرموك ومستحيل تدخل المنطقة تاني.. محتاج تجهز بسرعة 


غادر محمد بهدوء وصرخات أحمد تخترق عقله.. تخلص منه أخيرًا الان يمكن لجميلة أن تحظى بحياة هادئة.


❈-❈-❈


كانت نوران تجلس رفقه عزت داخل منزلهم؛ لم تكن تستمع لكلماته المعتذره وتصرفاته المراعية؛ كل ما تشعر به وتفكر فيه هي جميلة .. جميلة وفتحية؛ التي كلتاهما الان داخل سيارة تبعدهم عن هنا. 


كان كتم الأمر بداخله يزيد من احتراقها؛ أنتفضت بأستفاقه حينما شعرت بيد عزت التي تهزها 

_ نوران أنتِ كويسه؛ بتعيطي ليه؟ 


رفعت يدها بأرتعاش لوجنتها حيث شعرت بالمياة تبلل اطراف اصابعها؛ كانت تبكي حالهم. 

أزداد بكائها وارتعاش جسدها وأسرع عزت يضمها وهو ينطق بتأنيب 

_ انا أسف.. نوران انتِ بتعيطي بسببي صح! سامحيني يا حبيبتي .. ابوس ايدك سامحيني وانا أوعدك اني هتغير يا نوران.. والله بحبك.. انا اسف 


كان بكائها يزداد مع سماع همساتها وجسدها ينتفض؛ لا يمكنها أخبار أحد.. لأجل جميلة.


❈-❈-❈


اراحت نور جسدها علي الفراش بابتسامه واسعه؛ حققت مبتغاها. 


إن لم تكن مجبره لادعاء الحزن والمأساة لكانت تزغرد بسعاده الان 

دق هاتفها لتلتقه؛ قلبت عينها بملل وهي تجيب 

_ عايز ايه يا علي! 


_ تؤ تؤ تؤ دا انا كنت متصل أعزيكي حتى؛ واقولك تيجي انسيكي الاحزان 


قلبت عينها وهي تبتسم بسخرية

_ لا شكرًا مش عايزه خدماتك من انهارده


_ قصدك ايه يا نور! 


_ قصدي واضح؛ انا برضو مكنش لازم اتنازل لواحد رخيص وزباله زيك واحسسه انه وصل لأسياده عشان كدا قولت ارجعك لاصلك.. متتصلش بيا ولا تفكر فيا تاني يا.. علي


ضحكت بسخريه وهي تغلق الخط وتحظر رقمه.. الان هي ببدايه جديدة وجود علي بها مهدد.


غادرت غرفتها بتغنج حتى وصلت لغرفه والدتها؛ فتحت الباب دون تطرق و وجدتها تجلس علي الفراش بملامح شاردة. 

منذ خبر الوفاة وهي تجلس كمن سُلبت روحه؛ لم تهتم نور وهي تتحرك حتى وقفت أمامها؛ انخفتض مستنده بيدها علي الطاوله جوار الفراش وتقراب وجهها من والدتها

_ نجحت 


انعقد حاجبي عبير ونظرت لها باستغراب؛ اتسعت ابتسامه نور

_انا نجحت ومعتصم بقا بتاعي.. هه خطتي نجحت واحلامك اتحققت.. استريحي 


أولتها ظهرها مغادره ولم تبخل بنمحها نظرات تدل علي السخرية. 


حسنما عادت لغرفتها وجلست علي الفراش؛ اخرجت صوره هيثم.. هي وهيثم صغار. 


كان يحيط كتفها ويبتسم بسعاده.. لقد مات هيثم منذ وقت طويل وبقيت جسد فارغ وروح تائهة بينهم.. لذا لم تشعر بفراقه من اليوم او مع خبر موت جسده.. هي كانت حزينه علي هيثم القديم؛ تحركت الدموع من عينها علي طول وجنتها؛ ببطئ وأسى تشارك صاحبتها حتى سقطت علي صورتهما. 


نجحت.. هذا ما يجب ان يفرحها.. هدف حياتهم.. الشئ الذي ماتت هي وهيثم فقت كي يتحقق.. حدث بالفعل لكنها لا تشعر؛ كيف تشعر وروحها قد ماتت منذ زمن.. الان هي فقط نور.. جسد نور.


❈-❈-❈


جلس معتصم محاولًا كتم ضحكته علي غريب وانسام؛ كانوا بمنزل والديهم حيث تتحجج انسام بمساعدته والدتهم ببعض الاشياء للابتعاد عن غريب بينما الاخير يهتف اسمها كل ثانيه

_ انسام هاتيلي مايه 


ارتفع حاجبيها بضيق وهي ترمقه بنظرات ناريه؛ زجاجه المياه كانت علي بعد انشان من يده! 

تحركت تضرب الارضيه بحده بينما تلقي عصا المكنسه بعيدًا؛ تناولت الزجاجه تلقيها بقوة ناحيته؛ تأوه غريب مدلكًا صدره

 _ايه الغباء دا؟ 


_ مش انتَ الي قولت عايز مايه؛ دي مايه

كانت تناظره بحاجب مرتفع ويقابلها هو بملامحه المنعقده؛ قطع نظراتهم انفتاح الباب و ولوج محمد.



ابتعدت انسام من القتال راسمه ابتسامه مرحبه لمحمد الذي بادلها باخرى

_ متجمعين عند النبي ان شاء الله؛ امال فين جميلة! 


_ عند مامتها تحت؛ هنزل اجيبها 

اجابه معتصم وهو ينهض؛ أومأ له محمد يطلب بهدوء

_ اه ياريت تجيبها وتقولها اني عايزها في حاجه ضروري 



نظر له بأستغراب لكنه تحرك منصاعًا، وقف يطرق الباب بهدوء لمرات متتاليه.. مجددًا دون أجابه.


نظر حوله بضيق وهو يخرج هاتفه يطلبها؛ مغلق.


تحولت ملامحه ليشع القلق بها؛ هل حدث لها شئ.. هل أذتها نور!!

ازدادت طرقاته حده مع صواخه الجاف بأسمها؛ يضرب الباب بجسده حتى فُتح أسرع ركضًا للداخل يبحث لك شبر من المنزل ولكن.. فراغ.


أستدار عائدًا ليجد غريب بوجهه 

_ في ايه يا معتصم ايه الزعيق دا وكسرت الباب ليه! 


_ جميلة ومرات عمي مش هنا.. ومفيش هدوم ولا اي حاجه في البيت 


اخبره يبعده عن طريقه وهو يعود أدراجه للأعلى؛ كان مسرعًا يتجاهل كل من حوله؛ لحقه غريب ومحمد.


أخبر غريب والده بما حدث ولحقا به؛ وقف محمد داخل منزل ابنه الذي باشر بالبحث في الغرف

_ طب انتَ ضايقتها في حاجه يا معتصم! او ممكن راحوا يجيبوا حاجات!


خرج معتصم من غرفه نومه بملامحه شاحبه صفراء؛ ينظر لهما بأضطراب 

_ هيجيبوا حاجات بهدومها كلها!! مفيش اي حاجه ليها في البيت؟ 



بعد دقائق كان يجلس علي الاريكه في صدمه؛ والده بجوار غريب يحاولان التفكير بسبب؛ امه مصدومه وانسام تحاول الاتصال بها.. بينما نور تقف مبتسمه.



رفع عينه بهدوء والتقت مع ابتسامتها؛ شعر بالدماء تفور بداخله.. هي كانت تهددها.. أنتفض مقتربًا منها وهو يصرخ بغضب

_ عملتي فيها ايه يا بت الك**… عملتي فيها ايه!!


ارتفع حاجبيها واتسعت عينها بدهشه؛ تراجعت بصدمه وخوف 

_ ايه الجنان دا يا معتصم 


كانت مصدومه؛ الم يعترف بحبه لها صباحًا.. يخبرها انه سيبعد جميله عن طريقه وانه يمثل لما الان يبدوا كمن فقد قلبه وعقله! 


تدخل محمد محاولًا تهدئته 

_ اهدي يا معتصم وهي نور هتعملها ايه؛ وبعدين انتَ ازاي متعرفش مراتك فين من الصبح؟ 



كانت نظراته كسهام مثبته عليها وهو ينطق بحقد

_ هتعملها كتير انتَ متعرفش حاجه يا بابا 



نظر له غريب بأستغراب بينما يحول بينه وبين نور

_ وهو بابا ميعرفش ايه يا معتصم ما تفهمنا 


دفعه معتصم متراجعًا للخلف وهو يخبره بيأس كالمجنون 

_ في حد كان بيهدد جميلة؛ هي مقلتليش انا بالصدفه مسكت تلفونها ولقيت تهديدات كتير بتيجي ليها.. ومفيش الا نور تعمل كدا؛ هي كان بقالها فتره بترسم وتعمل حوارات عليا عشان كدا مفيش غيرها.. دلوقتي عرفتوا تقدر تأذيها ازاي؟؟


كانت نور شاحبه وهي تنظر لهم بقلق؛ لم تفعل ذلك لا.. تحدثت بسرعه وعينها تمتلئ بالدموع مع نظراتهم المتهمه 

_ لاء انا معملتش كدا .. مش انا 


_ مجنون انا بقا عشان اصدقك مراتي فين يا نور؛ انطقي. 


كاد يتحرك ناحيتها حينما دفعه محمد من كتفه للخلف؛ كان ينظر لهم بضيق وغضب 

_ اخرسوا شويه بقا؛ مش نور الي بتهدد مراتك! 


_ لا يا بابا ميغركش طيبتها بتاعت دلوقتي والجبن دا كله تمثيل 

كان يضحك بسخريه وهو ينظر لوالده بجديه؛ يؤكد اتهامه ببغض لكن الاخر تنهد بضيق

_ انا بقولك مش هي؛ الي كان بيهدد جميلة أحمد 


_ أحمد 

همس غريب بصدمه وهو غير مستوعب لكل ما يحدث حوله، كانت انسام تراقبهم بصدمه وهي تحاول الاتصال بجميلة.. لم تتخيل أن الامور قد تنحدر لتلك الدرجه؛ تهديد وتمثيل ماذا يحدث .


أكمل محمد كلماته شارحًا

_ جميلة جتلي وحاكتلي الي حصل والتهديدات ومن أمتى بتجيلها؛ قالتلي إنها مش عايزه تقول لحد عشان محدش يقلق بس كانت محتجاني معاها؛ انا شكيت في أحمد ولما روحتله مأنكرش… او انكر بس كان باين انه بيكدب عشان كدا مشيته وربيته، ودا الي كنت هخليك تجيبها عشان اقوله .


تنهدت نور براحه لرفع التهمه عنها؛ ضاق حاجبيها وهي تتهم معتصم بصوت ملئ بالحقد 

_ انتَ قولتلي إنك بتحبني وكل دا بتمثل علي جميلة وهتطلقها؛ ايه الي بتعمله دلوقتي دا؟ 


أتسعت اعينهم بصدمه وتركزت الابصار عليه؛ لم يهتم وهو يخبرهم بلا مبالاه 

_ كنت فاكرها هي الي بتهدد جميلة وكنت بحاول اقرب منها عشان تعترف لما تطمنلي 


انقدت نور عليه بضربات غاضبه حاقده وقد فلت عقلها؛ تلاعب بها.. بأحلامها وساعدتها.. كان يتلاعب بها 

_ انتَ مش طبيعي كنت بتكدب عليا.. بتلعب بيا ها.. بتلعب بيا يا معتصم والله ما هسكت.. هوريك



أمسك أكتافها بحديه يمنعها من ضربه وهو ينبس بسخريه 

_ هه هتعملي فيها شاريفه ومتربيه! ما كلنا عارفين وساختك يا نور؛ دا أنتِ كنتي بتعرضي نفسك عليا؛ أنتِ عارفه ان جميلة مراتي وبحبها متضحكيش علي نفسك 


أبتعدت عنه بقهر.. تدور حول ذاتها بأنهيار 

_ ليه بتحبها.. ها اشمعنا هي اشمعنا.. انا عملت كل حاجه عشان ابعدها عنك.. اهلها لما جبتهم جوزوكم.. ليها هي ليه مش انا ليــه 


كانت تدور حول ذاتها تصرخ بأنهيار ويأس؛ أسرعت هناء وانسام بضمها ومحاوله تهدئتها لكنها استمرت بالصراخ حتى فقدت الوعي. 


أسرعوا ناحيتها وبسرعه حملها غريب ومحمد يهتف به بجدي

_ وديها المستشفي يا غريب.. روحي معاه يا انسام واحنا هنفضل نحاول نفهم جميلة فين 


❈-❈-❈


جلست انسام علي المقاعد بجوار الغرفه؛ انهيار عصبي.. هذا ما أخبرهم به الطبيب وقد حقنها مهدئ. 


جلس غريب لجوارها بعدما دفع حساب المشفى؛ بعد ثواني بادرت هي بالحديث

_ محدش كان متوقع الي احنا فيه دا صح! 


ضحك بسخريه وهو ينظر لها 

_ لا طبعًا انا كنت متوقع؛ علاقتي مع مراتي تبوظ.. جميلة تهرب .. تهديد؛ معتصم ينهار؛ نور تنهار؛ مستشفي وتهم وليله كبيره اكيد كنت متوقعها.


ضحكت بيأس علي حديثه الساخر؛ كانوا بثقب أسود أبتلعهم بثانيه

_ امم فعلًا كان لازم انا كمان اتوقع؛ خصوصًا حوار التهديد دا!


ضحك غريب يضرب كتفها بخفه 

 _ انا شايف اننا نتصالح بقا عشان الاقي حد يصبرني علي داخلين عليه؛ اصل خدي بالك هحتاج دعم عشان ادعم معتصم 


أختفى المرح عن وجهها وناظرته ببروده 

_ دا في احلامك يا غريب؛ صلح حياتك والي بوظته بأيدك انا مش هعملك حاجه 


نهضت تلج لغرفه نور هربًا منه؛ تنهد بيأس وهو يراقب رحيلها 

_ طب انا هعمل كل دا لوحدي؟


❈-❈-❈


جلس معتصم علي الاريكه تكاد اعصابه تنفجر مجددًا؛ وضعت والدته العصير له و لهما؛ كانت أعصاب الجميع علي المحك بينما أرسلوا في طلب عزت ونوران.. تذكرهم والده بالصدفه.


فتحت هناء الباب بابتسامه مضطربه وافسحت الطريق لهما؛ مجرد أن رائهم معتصم أنتفض من جلسته 

_ تعرفوا جميلة ومرات عمي فين! 


نظر له عزت باستغراب لدقائق يستوعب كلماته بينما نوران كانت تدعي الصدمه 

_ انتَ بتقول ايه! فين ماما وجميلة انا ماشيه وسيباهم عندكم.؟ 


اقتربت هناء متحدثه برقه فلا ينقصهم انهيار احد أخر

_ أهدي يا نوران يا حبيبتي؛ اقعدوا كدا وهفهمكم بالهداوه 


انصاعا لها وقصت عليهم بهدوء ما حدث؛ بكت نوران وهي تتهم معتصم أن السبب بالتأكيد بينما حاول عزت الاتصال بهم.


تنهد محمد بيأس؛ تركهم معتصم و ولج لغرفته بحزن؛ كان ينظر لجانبها من الفراش بضيق وقلب منقبض. 

البارحه فقط كان اول يوم يظهر لها كم يرغبها ويحبها؛ لما هربت!  


كل شئ كان بخير معهم.. حينما أستيقظت وكانت تتجنبه ظنها خجله وقرر ترك بعض الوقت لها لكنها هربت.. لما .


أغمض عينه بيأس وضيق وحينما فتحهما سقطت علي ورقه مطويه أسفل الفراش؛ سحبها بسرعه يفضها وعينه تمر ركضًا لقراءة الكلمات

" لما تلاقي الورقه دي وتقراها هكون مش موجوده جمبك.. اكيد مستغرب ايه الي حصل وانا فين وليه؛ انا بعيد اوي عنك دلوقتي يا معتصم. بمزاجي ورغبتي هربت منك، انا وثقت فيك كسرت كل حواجزي وكل حاجه بحمي نفسي بيها عشانك… وثقت فيك وكدبت عيني الي شافتك بتخوني وقولت اكيد في حاجه غلط، انتَ عارف يا معتصم انا عمري ما وثقت في حد من بعد موت بابا.. اتعلمت اني ابقى قد نفسي وأشيل المسؤلية.. اتعلمت مسلمش قلبي لحد ومخليش حد يدافع عني ولا اثق فيه بس عملت كل دا معاك انتَ، كنت ديمًا بتقولي ان قوتي وثقتي عايز تكسرهم! مبروك يا معتصم أنتَ كسرتني انا وكل قوتي..متدورش عليا عشان مش هتلاقيني يا معتصم.. دي هي النهايه " 


كان ساهمًا بالورقه بصدمه؛ ارتجاف أحتل جسده بأكمله وشعور بالذنب والعار يضاعفان المه.. خيانة.. لقد رأته؛ رأت زوجها يضم فتاة أخرى بعد اول لقاء حقيقي بينهما.. تُرى كم ألمها الأمر. 


لكن كيف خيانه كذبتها و.. أعمض عينه محاولًا ايقاف عقله؛ كان يحتاج للهرب من المنزل والذكريات و.. رائحتها. 


أسرع خارج الغرفة والمنزل متجاهلًا ندائهم خلفه؛ أصطدم كتفه بشاب غريب وقبل أن يكمل طريقه أمسك الاخر كتفه 

_ انتَ معتصم ابن الحج محمد! 


_ ايوه! 

اجابه بأقتضاب واستغراب.. اتسعت ابتسامة الاخر بقوة

_ وانا اسمي علي.. عايزك في حوار مهم.


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة نانسي الجمال لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة