-->

رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 25 - 2

 

قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد

تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية



رواية عازف بنيران قلبي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد


الفصل الخامس والعشرون

الجزء الثاني


العودة للصفحة السابقة

--



بعد فترة صعد لغرفة أمير وجدها تجلس بجواره تمسد على خصلاته وتنظر إليه..اتجه وجلس بجوارها 

-إيه رأيك في مدام جاسر وبيجاد وعز 

وضعت رأسها على كتفه: 

-معرفش بس حبيت غنى قوي، لذيذة وربى دي حكاية، شكلها شايلة من بيجاد قوي 

كان يستمع إليها بصمت شعور لذيذ مميز وهي تحكي له ماصار بالحفل.. حاوط خصرها قائلا : 

-كنتِ زي القمر النهاردة، كان نفسي احطك جوا قلبي عشان محدش يشوفك غيري..قالها بصوته المبحوح 

نهضت كالملسوعة عندما فاقت ووجدت نفسها بأحضانه، فركت كفيها وتحدثت: 

- هروح اغير الفستان..توقفت حينما استمعت إليه

-متتأخريش عليا ..تحركت سريعًا وقلبها يتخبط بين ضلوعها 

خرجت بعد فترة من مرحاضها، واتجهت لغرفة ثيابها  انتقت رداء حريري أزرق ذو فتحة صدر واسعة، أظهر مفاتنها بسخاء 

جلست تنظر إلى نفسها بالمرآة، تحدث حالها 

-لازم تحكي له ياليلى، راكان هيقدر يحميكي..أطبقت على جفنيها متألمة وتذكرت والدها، هزت رأسها رافضة 

-لا بابا عمليته بعد يومين، بعد العملية هقوله كل حاجة، مش عارفة ممكن الراجل الجبروت دا يعمل ايه!! 

جلست على الفراش تضم ركبتيها وهي بين نارين، زوجها بكفة، وأهلها بالكفة الأخرى 

شهقة خرجت من فمها وهي تضع كفيها على فمها تمنع بكائها 

-يارب ساعدني، مش قادرة افكر 

بغرفة راكان انتهى عما كان يفعله بجهازه، ثم اتجه إلى شرفته وقام بإشعال تبغه وهو يفكر بحديث جاسر

-جدك فعلا مريض، ودا من فترة، اتأكدت بنفسي، لو تسمع مني، سيبه عقاب ربنا أقوى من اي عقاب..استمع إلى طرقات على باب الغرفة 

دلف والده إليه ..ظل راكان كما هو لم يعريه إهتمام، بل استدار ينظر للحديقة..اقترب أسعد منه 

-ممكن نتكلم مع بعض شوية؟! 

دلف للداخل هروبا من حديثه، وقام بأعتدال مضجعه

-انا تعبان وعايز ارتاح، ولا حضرتك مستكتر شوية الراحة وجاي تكمل ضرب 

دنى أسعد يجذبه من ذراعه 

-آسف ياحبيبي، بجد معرفش إزاي عملت كدا..متزعلش من ابوك ياراكان 

نزع ذراعه بهدوء: 

-بابا لو سمحت عايز ارتاح، فلو مفهاش قلة أدب، ممكن تسبني ارتاح، ولا أروح أوضة تانية 

توسعت حدقته فبسط يديه يتلمس خصلاته..ابتعد راكان للخلف 

-لو سمحت عايز ارتاح، مش هعيد كلامي..ربت أسعد على ظهره قائلًا: 

-هسيبك دلوقتي ياراكان وبعدين نتكلم..استدار يواليه بظهره وكأنه لم يستمع إليه 

جلس بكتفين متهدلين اثقلهما الوجع، نظر لباب الغرفة الذي أُغلق، وشعوره بالألم يتفاقم، لحظات بل دقائق ونظراته على باب الغرفة ينتظر دخولها كنسمة ربيع تبرد قلبه الملتاع 

مرت ساعة، اتجه ينظر بساعته التي وصلت للثانية ليلا، ثم نهض سريعًا إليها وداخله يحترق كمرجل جف مائه 

دفع الباب ودلف يبحث بعينيه عليها، وجدها تجلس بالظلام كطفل معاقب من والديه

تفاقم غضبه من هيئتها فتوقف وانفاسه في تسارع كمتسابق وأشار إليها بمقت 

-دا كله عشان قولت لك هتباتي معايا..طيب كنتِ قولي إنك مش طيقاني كدا 

هبت فزعة من هيئته ودنت بخطوات مرتعشة

-ابدًا ياراكان، أنا بس ..بس صمتت هنيهة ثم رفعت نظرها وتلاقت بنظراته المتألمة من هيئتها 

- قلقانة عشان عملية بابا..رفع ذقنها بأنامله يتلمس وجنتيها الناعمة 

-بابا هيعمل العملية ويكون كويس، ادعيله ان شاءالله، وبكرة هنسافرله، أنا مكنتش عايز أقولك دلوقتي بس منظرك دا وجعني

حاوطها وضمها لأحضانه، ومعركة حامية بين كبريائه برفضها له وبين عشقه وأشواقه إليها 

-ليلى ارتاحي دلوقتي وبكرة نتكلم، قالها وبداخله حرب شعواء ستقضي عليه

رفعت نفسها تطبع قبلة بجانب شفتيه وهتفت بإسمه، تحاوطه بذراعيها 

ران صمتا هادئا ورغم صمتهم إلا أن هناك حديث العيون وحبس الأنفاس، سحبها من كفيها متجهًا لغرفته 

دلف لغرفته وكفيه يعانق كفيها، توقف أمام الفراش وأشار إليها 

-دلوقتي لازم تردي عليا..موافقة أن السرير دا  هيكون دافانا ..موافقة تكملي حياتك معايا لآخر العمر 

وقف بمقابلته وعانقها بنظراته 

-موافقة تكوني ام لأولادي..دنى يحتضن وجهها 

-ووعد مني هخليكي ملكة قلبي وعمري وحياتي كلها 

نظرت إليه بولهًا واقتربت تعانقه:

- موافقة أعيش معاك جنتك اللي وعدتني بيها مرة قبل كدا 

كان لارد له سوى احتضان يحلق بهما فوق السحاب، وشفتيه تعزف لحنه الأثير على أوتار خاصتها ولطالما كانت القبلة بلاغة مطلوبة لتفصح عن عشق يسكن ويتغلغل بأركان قلبيهما ويختبئ بروحيهما، فكان هذا أفصح عن أعظم الحروف الأبجدية كلها      

   

أغمضت عيناها تستمتع بدقات قلبه، وعزفه المثير لشغفها به ..بعثر كيانها بقربه واهلكها بعشقه، لم لا وحبها يجري بعروقه ووريده، وعشقه كبركان متفجر ليسحبها فوق سحابته الوردية، 

وهاهو روحه تصدر ألحانا وقلبه يعزف بوجودها بين احضانه..هامسًا لها

"مولاتي هي من أشعلت نيران فتنتها بروحي، فتعلقت الروح بالروح كما تعلق الجسد بالجسد، فأنتِ تسللتِ بين قلبي وروحي، احييتِ قلبي وزهقتِ روحي، فأود ان ادخلك داخلي ولم أخرجك إلا زُهقت الروح وذهبت لبارئها 

تخللت اناملها وسط خصلاته تنثرها بفوضوية قائلة:

-لو كان حبي بالكلمات لم أجد مااقوله،فحبي لك توقف اللسان والعقل، ولم يعد لحروفي معنى لأعلنها، ولكن حبي لك بنبض قلبي الذي بداخل صدري فأنا أعشقك معذبي 

بعد فترة غاصا بها بلذة عشقهما الذي زرعه الله في قلبيهما، بعدما أصبحا روحًا وقلبا وجسدًا واحدا، ورغم مفارقتهما إلا أن شوقهما لم ينقضي،  غاصا بنومًا مريح بعدما امتلأت روحيهما ببعضهما البعض 

بعد فترة استيقظ راكان، فكيف له أن يغفو أكثر من ذلك وهي بأحضانه،  عشقه ونور قلبه بين يديه آلان، وبعد قليل سيعلنها للعالم اجمع

مرر انامله المفعمة بالحب على شفتيها مرة وعلى وجنتيها مرة، اقترب مغمض عيناه منتشيًا بقربها ورائحة عطرها المسكرة، عبأ صدره وكل عشق العالم يتزاحم داخل قلبه ولسانه، كلما تذكر إعترافها وهمساتها له بعشقها 

أطبق على جفنيها وحاوط جسدها بحبه ..استمع إلى رنين هاتفه 

جذبه سريعا حتى لايفيق معشوقته، بعد ليلة دامية بعشقهما 

-أيوة ياحسن..

أحس بقبضة قوية تعتصر صدره، وشحب وجهه بالكامل، وتسارع بأنفاسه حتى شعر بتثاقل تنفسه وكأن حجرًا طبق فوق صدره، حتى أحس بذاك الألم وهو يستمع إلى كلمات صديقه الذي قال: 

-راكان..مدام ليلى البنداري رافعة قضية طلاق وياريت تتصرف قبل مايوصل للنائب العام 

سقط الهاتف من يديه، وكأن جسده شل بالكامل، وعينين زائغتين، وهو يحاول أن يكرر لنفسه مااستمع إليه 

التفت يطالعها بنظراته..شعر وكأنه غرس بخنجرًا حادًا مزق قلبه دون رحمة 

كور قبضته ضاغطا على مفاصل أصابعه حتى شعر بتمزق اوردته..استدار إليها بعدما استمع لهمسها 

-صباح الخير، إيه اللي قومك بدري كدا هي الساعة كام ؟! 

ظل ينظر إليها بصمت مريب..نظرات غاضبة،  نظرات نارية فقط، اعتدلت تجذب الغطاء على جسدها ثم مدت يديها تمسك ذراعيه

-راكان مالك بتبص لي كدا ليه؟! 

معركة شرسة بين قلبه وعقله، قلبه الذي يدعيه أن يستمع إليها، وعقله الذي يدعيه لجذبها، وسحقها من حياته دون رجوع 

دقائق مرت عليها كالدهر، فاقتربت منه تحاوط وجهه

-حبيبي مالك ساكت ليه..دفعها بقوة وتحدث بصوت غليظ مميت جاف لروحها 

-إنتِ رفعت قضية طلاق، رحتي لمحامي ورفعتي قضية طلاق عليا.. 

شعرت ببرودة تتسرب لجسدها بالكامل، وشحب وجهها وأصبح يحاكي الموتى 

حاوطها من اكتافها يضغط بعنف وصاح بصوته

-ردي ..روحتي رفعتي قضية طلاق عليا..هزت رأسها بعدما فشلت في إخراج حروفها، وكأن لسانها شُل فلم تستطع الكلام 

صرخة من أعماق روحه لهيئتها الذي أيقن إنها فعلتها،نظرات ضائعة، وقلب انتفض ودامى  بخنجر غدرها الذي ادماه دون رحمة 

اقترب منها بأنفاسه الحارقة ونيران تحرق احشائه كاملة قائلا بصوت كالفحيح: 

-طول الليل حاضن حية، واحدة حقيرة عرفت تمثل عليا الحب كويس..

لكزها بصدرها وهو يتحدث بصوتًا متألم

قولي انتِ مين يابت، مين موصيكِ عليا 

اقتربت منه ودموعها كالشلال

-راكان..رمقها بنظرات نارية وأشار بسبابته

- ولا كلمة، مش عايز أسمع نفس، نظرات غاضبه وعيون هالكة صاح بغضب


-وحياة كل نبضة نبضها قلبي ليكي، لاحرقك بيها، رفع كفيه وأشار على الباب   


-قومي روحي اوضتك وإياكِ تدخلي الأوضة دي تاني، ولا تقربي منها 

أحضنت كفيه 

-راكان اسمعني..نفضها كأنها مرض معدي وتحدث بغضب

-ايدك ياحقيرة، تقربي مني حتى لو بالغلط هموتك..قومي برة، وعايزك تمسحي كل كلمة قولتهالك، اعتبريني كنت شارب ومتقل وحبيت اقضي ليلة حلوة 

نظر إليها نظرات نارية وتحدث بمغذى 

-هستنى من واحدة إيه وهي بتبيع جسمها لجوزها ..قومي برة 

صعقت من حديثه، نظرت إليه برجاء وحزن شديد، تشعر بقلبها يقتلع من بين ضلوعها، ودموعها  تحرق قلبها قبل جفنيها 

جذبها بعنف يجرها من فوق الفراش وهو يصيح بغضب:

-قولت اطلعي برة ولا اطلعك زي ماانتِ كدا 

صاعقة صفعت قلبها بعنف حتى اهتز جسدها وأصبح محطم كالاشلاء وفقدت القدرة تماما على كل شيئا 

همست من بين بكائها:

-راكان لو سمحت اسمعني، كان غصب عني 

ركل كل شيئا يقابله حتى من يراه أجزم بأنه مسه مسًا من الجن 

-برررررة، صرخ بها حتى انتفضت رعبًا..جذبت قميصه الذي بجوارها وحاولت ان ترتديه..ولكنه جذبه بعنف يلقي تحت قدمة يدعس عليه بكل طاقة لديه


-شوفتي أهو عشان لمستيه بس، وأي حاجة ليا هتلمسيها هتكون تحت جذمتي 

أشار لجسدها الذي كُشف معظمه أمام عيناه واردف بقلب مذبوح : 

-حتى كرهت نفسي لاني قربت من واحدة حقيرة، ..حاوطها وعيونه تريد إحراقها

- انتِ إيه شيطانة، دا طلعتي أحقر من نورسين، كلكم شبه بعض 

برررة مش عايز المح طيفك، اقسم بالله لو شوفتك لأقتلك، واحمدي ربنا انك وصية اخويا، ووعد مني لأطلقك في أقرب وقت.. 

جذبها بعنف من خصلاتها وألقاها خارج الغرفة وهو يكاد يلتقط أنفاسه 

-حقييييرة ..صرخ بها حتى اهتزت جدران القصر 

❈-❈-❈ 


دلفت ليلى سريعًا غرفتها وجسدها يرتعش، صرخت بقلبًا ينزف من الألم كلما تذكرت نظراته الحقيرة وكلماته التي شطرت قلبها وأدمته 

جثت خلف الباب وهي تضم ركبتيها وتبكي بنشيج وشهقات مرتفعة تخرج بأنين روحها 

ظلت لوقت لم تعلم كم من الوقت مر عليها وهي بتلك الحالة، نهضت بجسد مرهق وروحً فقدت أعز مالديها... دلفت إلى مرحاضها وجلست في البانيو بثيابها لوقتًا طويل ..وضعت رأسها على حائط البانيو وقامت بفتح المياه، وتركت نفسها لإزهاق روحها فهي الآن جسد بلا روح فلما لا ترتاح من تلك الحياة البائسة...شعرت بدوار  فأغمضت عيناها مرحبة بغمامتها التي ربما ستريحها للأبد 

عند راكان خرج من غرفته بعد قليل يصيح على العاملة بغضب اهتز له الجدران حتى خرجت والدته من غرفتها لترى ماذا به 

أشار للعاملة بنظرات نارية قائلا:

- الأوضة اللي فوق دي مش عايز فيها حتى الستارة، فيه عمال هيجوا يغيروها بالكامل، عشان على آخر الشهر هتجوز نورسين 

شهقة خرجت من فم زينب، اقتربت منه قائلة 

-راكان إيه اللي حصل؟! 

صرخ بها 

-إيه في ايه، انت عارفة اني خاطب وهتجوز، مش عايز اعتراض، ولو مش موافقة هاخد بيت برة ..قالها وتحرك سريعا، فداخله نيران تحرق العالم بأكمله 

قاد السيارة سريعًا حتى ضربت إطارتها الأرضية فافتعلت صوتًا مرتفع 

خرجت زينب تنظر لخروجه بقلب منشطر 

وصل إلى مكان خالي، لا يعلم كيف أتى إلى هنا، تمنى لو لم يصل ابدًا لأي مكان، ضرب على المقود بعنف حتى كاد أن يكسر معصمه، كأنه يعاقب يديه التي احتضنتها طوال الليل ، ويهمس لها بعشقه 

صرخة مدوية حتى جعلته فاقد للنطق، أخرج تبغه، بعدما استند برأسه على المقود 

ظل يحرق في تبغه واحدة تلو الاخرى، حتى شعر بتوقف تنفسه 

استمع إلى رنين هاتفه..رمقه بنظرة وجده والدته، نظر للأتجاه الأخر وكأنه لم يستمع لشيئا، مرة واخرى حتى رفع الهاتف اخيرًا 

-فيه إيه ياماما، مردتش اعرفي اني مشغول 

-ليلى ياراكان، ليلى...قالتها بلسان ثقيل 

ظل يستمع إليها بملامح جامدة، حتى انتهت من حديثها

-هاتيلها دكتور، أنا مش فاضي، عايزة تتصلي بالاسعاف اعملي اللي يريحك 

شعر بغصة تمنع تنفسه، ولكنه تجاهلها وهو ينهي الحديث

-انا مشغول مش عايز إزعاج 

عند ليلى قبل قليل:

دلفت زينب وهي تصطحب الطفل الذي بكى بصوت مرتفع يصيح بصوت امه 

-ليلى حبيبتي انتِ في الحمام..جلست زينب تحاول تهدئته ولكن الطفل لم يصمت، تحرك بخطواته يبحث عنها، يخطو خطوة ويسقط الأخرى، إلى أن وصل إلى مرحاضها 

-ماما..بكى الطفل بها..نهضت زينب تصل اليه، استمعت لصوت المياه فحملته محاولة إسكاته 

-ماما هتخرج ياحبيب ناناَ،  توقفت بعدما وجدت خروج المياه من تحت الباب..طرقت على باب المرحاض بعنف وهي تصيح 

-ليلى انتِ جوا حبيبتي. لم تستمع لصوتها، فصرخت حتى وصلت سيلين والخدم إليها

-امسكي ابن اخوكي، لما أشوف ليلى مبتردش ليه ..فتحت الباب ودلفت تبحث عنها 

شهقت وهي تراها تجلس بالبانيو وجسدها بالكامل مغطى بالمياة..ابتلعت ريقها بصعوبة تحمد ربها عندما وجدت رأسها تستند على جدار البانيو 

اغلقت المياه وقامت بتسربيها، اتجهت بنظرها إلى سيلين التي تقف على أعتاب الغرفة 

-تعالي ساعديني نقومها ونلبسها.. تصنم جسد سيلين وعبراتها تنزلق فهمست 

-ماما هي عايشة ولا ...جذبتها زينب وهي تربت على ظهرها 

-عايشة حبيبتي وشها ماوصلوش مية، بس تلاقيها اغمى عليها من السهر والأرهاق 

اتصلي براكان ياماما خليه يجي ياخدها للدكتور ..حاولت الوصول إليه وهاتفته بالفعل بعد إنهاء اتصالها، أيقنت زينب  بحدوث شيئا معهما 

حاولوا إفاقتها، واخيرا استجابت وفتحت عيناها الذابلتين من كثرة البكاء، تذكرت ماذا صار، فانسدلت عبرة غادرة عبر  وجنتيها قائلة بتقطع 

-إيه اللي حصل..أحضرت سيلين ثيابها الخاصة بالحمام 

-مفيش شكلك اغمى عليكي..اتجهت بنظرها إلى سيلين تسأل بعينيها عنه 

حاوطتها سيلين وساعدتها بإرتداء ثيابها، خرجت بعد قليل مستندة عليها، وهي تشعر بالأعياء، وصلت لفراشها..جذبت زينب منامة واسعة ووضعتها أمامها 

-اساعدك حبيبتي تلبسيها..تسائلت بلسان ثقيل 

-راكان خرج ..قالتها ليلى؟!مسدت زينب على خصلاتها ثم طبعت قبلة عليها 

-آه، عنده شغل كتير النهاردة 

عصرا بعد قضاء يومها بالنوم هروبًا من حياتها الميؤسة، اغلقت هاتفها تماما عندما شعرت بعدم قدرتها على الحديث 

نزلت بساقيها المرتعشة متجهة للشرفة علها تستنشق رائحة بعض زهور الربيع التي بدأت تنتشر بالجو.. 

تسمرت بمكانها بنظرات ثابتة بعدما وجدت غرفة نومه أمام بوابة القصر، والعمال يقومون بحمل اثاث الغرفة للخارج 

خرجت بجسد واهن، واقدام حافية، كأنها تخطو على أشواك تخربش وتشحذ طبقات جلد أقدامها 

وصلت إلى الدرج، وداهمها غمامة ساحقة، كادت أن تسقط من أعلى الدرج..هوت جالسة بأول درج..وصلت نعيمة العاملة إليها تصيح بإسمها 

-ست ليلى اسم الله عليكي قاعدة كدا ليه 

هزت رأسها عندما فقدت النطق، وصل راكان وهو يصيح على نعيمة 

-نعيمة...وصلت إليه سريعًا 

-نعم ياباشا..وقف راكان يعطيها اوامره

-عايز عشا النهاردة في الجنينة يليق بخطيبة راكان البنداري مش عايز غلطة سمعتي انتِ المسؤلة قدامي 

استمعت لحديثه الذي شطر قلبها وأدماه..حاولت النهوض ولكن لم تقو..صعد درجات السلم سريعًا بخفة دون أن يراها، توقف بخطواته امامها 

-اووووه مدام ليلى، لسة عايشة أهو، اومال سمعت الصبح إنك كنتِ بتموتي 

بلعت غصة أحزانها وأردفت بنبرة مبطنة بالبكاء -لازم نتكلم..نظر حوله، ثم امال بجسده عليها ونظر إلى مقلتيها 

-بلاش تخليني اكرهك أكتر من كرهي ليكِ دلوقتي، ياريت تحافظي على كرامتك، وتعملي زي ماقولتلك، مش عايز أشوف وشك.. 

خطى بعض الخطوات ثم تراجع إليها 

-آه نسيت أقولك، حرقتلك قضية الطلاق بتاعتك كان نفسي تشوفي الإمضاء بتعتك وهي بتولع كدا، زي اللي هعمله فيكِ

طالعته بنظرات متألمه تترجاه بنظراتها الحانية

-راكان ،لو سمحت  

-اخرصي..اياكِ تشيلي التكليف اللي بينا، انتِ هنا أرملة عيلة البنداري، وأنا هنا اخو جوزك المرحوم، المحترم اللي يستاهل انك تخلي ولادك يشيلوا أسمه 

دنى حتى اختلطت أنفاسه التي تطلق لهيبًا وهمس لها:

-عارفة أحسن حاجة انك ماحملتيش عشان لو كان حصل كنت قتلته بإيدي، عشان مش عايز واحدة من امثالك تكون ام أولادي 

دفعها بقوة حتى اصطدمت رأسها بالدرج فصرخت متألمة، استدار بعدما استمع لأحد العمال 

راكان باشا الأوضة هنوديها فين 

رمق ليلى بنظرات جحيمية ثم أردف 

-ولع فيها،  كنت عايز اقولك اتبرع بيها بس ريحتها وحشة..قالها ثم تحرك سريعًا   

لم تتحمل المزيد من القسوة الذي تكمن في قلبها بل أخذ ينهش بجسدها كاملا فنهضت ببطئ متجهة خلفه..دلفت إلى غرفته بعدما دفعت الباب بقوة وصلت تنظر إلى فراغ الغرفة 

خرج من مرحاضه وجدها تقف بالغرفة..اقترب يمسكها بعنف من ذراعها 

-إيه اللي دخلك هنا، إيه مستنية اولع في الأوضة عشان ترتاحي 

لازم نتكلم..نظر إليها وصاح بصوت كفحيح أفعى: 

-لو متلعطيش حالا هطردك من البيت بفضيحة وهاخد ابنك واخليكِ زي الكلبة 

كلماته طعنتها بشدة حتى شعرت بإنسحاب أنفاسها..ورغم ذلك اقتربت منه محاولة ضم وجهه 

دفعها بغضب عارم حتى سقطت على الأرض متأوهة تمسك أحشائها وعبراتها تغزو وجنتيها كأمطار غزيرة 

انحنى بجسده ورغبة عارمة بإحراقها ولكن كيف..حاوطها بنظرة قاسية مردفًا 

-عايزة تجربي وتشوفي ممكن أعمل فيكي إيه 

أمسكت كفيه 

-راكان اسمعني.. باااس اخرصي بشمئز من صوتك..استمع إلى طرقات على الغرفة 

ارجع خصلاته بعنف وصاح بغضب مين ؟!

دلفت نورسين تتدلى بخطواتها 

-انا حبيبي ممكن ادخل، ثم نظرت لليلى التي تقبع على الأرضية لا حول لها ولا قوة، فاستدارت 

-شكلك مشغول مع مدام ليلى، هستناك تحت 

جذبها من خصرها ثم حاوطها 

-لا ياحبيبي مدام ليلى كانت جاية عشان أساعدها، عايزة تسيب البيت فكنت بفكر معاها هتروح فين 

استندت ليلى على الجدار عندما شعرت بدوران الأرض حولها، ناهيك عن إحتراق قلبها من قربهما..  

تخطه وهي تتحدث بوهن 

-البيت اللي يناسبك عرفني، وأنا هجهز نفسي، لم يعيرها إهتمام ولكنه ضم نور بقوة قائلا وهو يقربها منه 

-وحشتيني قوي، مكنتيش عايزة ترجعي من ألمانيا..دنت نور تحاوط عنقه ورفعت نفسها تطبع قبلة على شفتيه

-كنت هموت من إشتياقي ليك..توقفت ليلى على باب الغرفة وقلبها يدمي، من ذاك الأقتراب، ولكن هناك ماجعلها كطائر ذبيح ذبح عنقه بيد صاحبه عند اقترب راكان يلتقط ثغرها بقبلة جامحة، هو يبث بها كل غضبه، ونورسين تظنها قبلة الإشتياق، فصل قبلته واضعًا جبينه وهو يحاوط خصرها 

-اعملي حسابك هنسهر مع بعض الليلة، أشار للأوضة

-دي اوضتك شوفي عايزة تعملي فيها، رمق الذي تقف بجسد بلا روح فجذب نورسين مرة أخرى يفعل ماحرقها بالكامل  

تحركت إلى أن وصلت غرفتها وهنا خارت قواها وسقطت على الأرضية لتسمع لسقوطها مربية إبنها.. أسرعت خلفها فهي كانت تراقب هذيان تحركها

صرخت باسمها، انتفض قلبه من  صراخهم بأسمها، خرج بقلبا متلهف

لجم بصاعق الصدمة وهو يراها وكأنها فقدت الحياة، اقترب بقلب يتجرع ألمًا لحياتهما البائسة وهو يحملها متجهًا لفراشها.. 

-اتصلي بالدكتور ياسيلين خليه يجي يشوفها

هكذا اردفت بها زينب التي وصلت للتو 

مسدت على خصلاتها بحنان اموي قائلة بقلب ام حزين

-مالك يابنتي، دي تاني مرة يغمى عليك. وصلت نورسين، فتسائلت

- هي مالها...اجابتها سيلين سريعا 

-اتخنقت من الزحمة عشان كدا اغمى عليها..فاقت ليلى بعد قائق معدودة 

مسدت زينب على خصلاتها 

-حبيبتي مالك من الصبح وكل شوية يغمى عليكِ..أنا اتصلت بالدكتور وهو في الطريق 

اعتدلت بوهن وهي تهز رأسها 

-لا أنا كويسة، يمكن عشان مأكلتش بس

-ياريت ياماما تأكلي المدام مش كل شوية تزعجيني بحاجات تافهة، مش مربي طفلة في البيت 

رفعت نظرها جهته، كان يقف يحاوط نورسين 

استقرت كلماته في منتصف صدرها مما ادت إلى شعورها بالأختناق، فهتفت بصوت كادت أن يكون متزنا 

-آسفة ياحضرة المستشار، اخدنا من وقتك الثمين، ثم اتجهت إلى زينب 

-ممكن ياماما تخلي نعيمة تعملي جمبري، عايزة أكل جمبري جاي على بالي 

أطلقت سيلين ضحكة من شفتيها 

-لا ..دا لولة شكلها هتغرق في البحر، إيه يابنتي يغمى عليكِ شوية تصحي على الجمبري 

دققت زينب بملامحها 

-حاضر ياليلى قومي خدي شاور، وانزلي وهخلي نعيمة تعملك جميع أنواع الأسماك 

ظل يطالعها بغضب للحظات ثم تحدث لوالدته 

-البتاع اللي هي عايزاه دا تاكله في المطبخ، مش على السفرة 

نهضت زينب وتوقفت أمامه 

-ليلى تاكل في المكان اللي يعجبها، مش عجبك ممكن تاخد خطيبتك وتتعشى برة 

قاطعتها ليلى قائلة بوهن:

-خلاص ياماما انا هتعشى لوحدي في الجنينة بحب العزلة متخافيش هعرف اتعامل 

هتفت سيلين بمرح

-لولة مش هتطمع على الجمبري كله وهتاخدني جنبها، ضربتها سيلين بكتفها 

-مش كدا يالولة 

رسمت إبتسامة على وجهها ورفعت كفيها الذي شعرت برجفته ولا تعلم لماذا، ووضعتها على وجه سيلين 

-بس متطمعيش عليا، كان يراقب كل حركة تفعلها حتى شعر برجفة شفتيها وكف يديها 

أحس بنيران الذنب تحرق احشاؤه إتجهاها، ولكنها أحرقت كبريائه ورجولته، اعاده عقله سريعًا، فسحب نورسين من كفيها 

-خلاص ياحبيبي، العرض المسرحي بتاع المدام خلص..تحرك للخارج سريعًا حتى لا يضعف أمام نظراتها الحزينة 



❈-❈-❈ 


عند درة وحمزة 

-جلست على سجادة صلاتها تدعو ربها تضرعًا وخشية 

"اللهم رب الناس اذهب الباس اشفي انت الشافي المعافي أشفِ والدي شفاء لا يغادر سقما

يارب اعفو عنه، يارب احفظه بحفظك" 

دلف حمزة يبحث عنها :

-حبيبتي لسة بتصلي، ياله بابا جهزوه للعملية، ساعدها على الوقوف، ألقت نفسها بأحضانه وبدأت تبكي بنشيج:


-خايفة قوي ياحمزة بابا لو حصله حاجة هموت، احتوى وجهه ونظر لمقلتيها 

-حبيبتي ان شاءالله هيقوم بالسلامة، خلي عندك ايمان بربنا..أزالت دموعها 

-ليلى مجتش معرفش ليه!!..إزاي تسيب ابوها في وقت زي دا 

اتجه بانظاره للبعيد مردفًا

-راكان متصلش برضو، وبتصل بيه مابيردش

سحبها خارجًا من الغرفة 

-ممكن يكونوا في المطار ولا حاجة..وصلت عند والدتها التي كانت تهاتف ليلى 

-خلاص حبيبتي خلي بالك من نفسك، واحنا هنطمنك اول بأول 

طالعتها درة بأنظار مستفهمة 

-ليلى مش هتعرف تيجي عشان حامل جديد..وضعت درة كفيها على شفتيها 

-ليلى حامل، إنتِ متأكدة؟! 

ضمتها والدتها وانسدلت عبرة على وجنتيها 

-أنا كنت شاكة اصلًا، ربنا يكملها على خير ويجيبه بالخلقة التامة، بس هي قالت متعرفوش حد دلوقتي عشان راكان مسافر وميعرفش لسة، يعني متقوليش لحمزة 

أومأت برأسها متفهمة، والسعادة تغزو وجهها، بعدما كان يضج بالحزن 

عند ليلى بعدما اغلقت الهاتف مع والدتها، نهضت ودلفت لمرحاضها، خرجت بعد قليل، ادت فرض ربها وجلست تقرأ اذكار المساء، ثم اتجهت لغرفة ثيابها واخرجت جميع ملابسها الذي احضرها بالأمس، وقامت بحملها وصاحت على مربية إبنها التي تدعى بداليا 

- داليا عندي الهدوم دي جبتها جديد، وللأسف مش حابة ألوانها، لو عجبوكي خدي اللي عايزاه والباقي نزليه لنعيمة تحت 

حاولت المربية سبر اغوارها فتحدثت

-الفستان دا كان جميل قوي عليكِ امبارح يامدام 

ربتت ليلى على كتفها 

-محبتوش حبيبتي، خديه هيكون جميل عليكِ هو حلو بس اتخنقت منه معرفش ليه 

أخذت داليا بعض الثياب وتحركت للخارج، قابلها راكان الذي خرج للتو من غرفته وهو يحادث حمزة صائحا

-قولتلك مشغول، يبقى عرفني التطورات اول بأول، اتجه بنظره لغرفتها التي خرجت منها داليا تحمل فستانها وبعض الثياب الأخرى، أغلق الهاتف سريعا مع حمزة واتجه إلى داليا 

-واخدة الهدوم دي فين ياداليا؟! 

ابتلعت ريقها في محاولة للحديث، لحظات مرت عليها وهي تحاول أن تجد كلمات مناسبة فأجابته

-مدام ليلى ادتهملي، بتقولي مش محتاجهم، بس لو حضرتك عندك مانع..وضع كفه لتصمت 

تنهد بحرقة شديدة واردف محاولا الثبات 

-مبروكين عليكي..اتجه لغرفتها يدفع الباب كالثور الهائج يبحث عنها، لم تكن بغرفتها، استمع إلى حديثها بالشرفة 

-يعني معزومين عندنا، معلش يااسما لسة صاحية، خلاص حبيبتي هستناكوا 

وقفت تنظر إلى الحديقة وهي تضع كفيها على احشائها، استنشقت رائحة عطره، فنزلت كفيها وظلت كما هي تنظر إلى الحديقة 

دلف إلى الشرفة، يجذبها بعنف

-افهم من معنى اللي بتعمليه إيه!! نزعت ذراعيها  حاولت التظاهر بالقوة امامه، رافضة نبضات قلبها فقالت بنبرة لم تهتز رغم تمنيها قربه

-بعد كدا لما تتكلم معايا تتكلم  بهدوء، مش في حصة درس، وياريت تخبط على الباب لما تدخل، ودلوقتي اطلع برة مش عايزة أشوف وشك قدامي 

أشارت على الباب ورمقته بإحتقار 

-اطلع برة الأوضة دي، مش مرحب بيك فيها، دي اوضتي أنا وجوزي الله يرحمه وخاصة بينا وممنوع حد يتخطاها، اقتربت تلكمه بقوة بصدره 

-روح للمامة اللي كنت واخدها في حضنك، انت اخرك الأشكال دي، إنما أنا اخري واحد محترم يستاهل ابكي عليه العمر كله، اقتربت أكثر حتى اختلطت انفاسهما النارية، ونظرت إليه بنظرات جحيمية

-ايوة رفعت عليك قضية طلاق، ولو راجل طلقني 

لم يشعر بنفسه وهو يرفع كفيه على وجنتيها بقوة حتى شعرت بتخدير خديها 

تراجعت للخلف خطوة تنظر إليه بنظرات متألمة..جذبها بعنف يصك على أسنانه فقد حولته إلى شيطان مارد 

-ورحمة سليم لأطلقك، بس اشفي غليلي منك، وهاخد منك الولد واخليكي تكرهي اليوم اللي عرفتي فيه واحد اسمه راكان 

أشار بسبابته 

-هعرفك انا راجل ولا لا يامحترمة..قالها وهو يدفعها بقوة حتى سقطت على الفراش 

نكست رأسها اسفا وقالت بألمًا يعتصر ماتبقى من روحها الذي اهدرها دون رحمة 

-هعرفك ياراكان إزاي تخوني وعينك في عيني، هدوقك نار قلبي اللي مرحمتوش ودوست عليه

بعد عدة ساعات تجهزت واردت أفخم ثيابها، كان فستان ابتاعه لها سليم بعيد ميلادها الأول بجوارها، كان فستانًا من اللون الأسود، ضيق من عند الخصر، ييرز مفاتنها بعدما زادت بوزنها بعد ولادتها وحملها، أردت حجابها وانهت زينتها 

ثم اتجهت إلى الأسفل وهي تتشبس بيد أمير الذي يخطو خطوة ويسقط آخرى، فنادت على مربيته عندما فشلت بحمله بعد شعورها بالأرهاق

-خدي أمير ياداليا، سيلين عاملة سفرة صغيرة لينا في الجنينة وديه هناك 

بعد قليل وصلت نورسين وكذلك أسما ونوح الذي دعاه راكان..جلس الجميع على المائدة المعدة بحديقة المنزل 

وصلت ليلى وألقت عليهما تحية المساء

-مساء الخير.. قالتها بهدوء 

نهض نوح إليها يطالعها بصمت رغم زينتها إلا شعر بألم بصوتها، ورغم ذلك سحبها لتجلس بجواره 

- تعالي قوليلي، هو اللي يعاشر راكان يحلو كدا، قلبي الضعيف لا يتحمل يالولا، والله اخطفك مش كدا ياطنط زينب 

قاطعهم وصول يونس وهو يتحدث 

-اهلا بدكتور التجميل، وأنا بقول الدنيا منورة ليه اتاري القمر على الأرض، قالها وهو يغمز إلى سيلين 

دققت سيلين نظراتها بفستان ليلى فأردفت


-مش دا الفستان اللي سليم كان مشتريه يا ليلى، ولا إنت من حبك فيه روحتي جبتي زيه 

تصلبت انظاره على ذاك الفستان الذي كاد أن ينزعه من فوق جسدها وقام بتمزيقه، ولكنه تذكر مافعلته به، فأمسك كوبه يرتشف منه قائلا

-ايوة ياسيلي مدام ليلى بتحب جوزها لدرجة بتحافظ على كل حاجة مرتبطة بيه، قالها بصوت متألم 


كانت تجلس توزع نظراتها بينهما، فتوقفت تمسك بكف زوجها

-اقعد يانوح هنا، وأنا هروح مع ليلى..قالتها أسما 

أما زينب التي تجلس ونيران تحرق صدرها، حاولت بكل قوتها ان تعلم ماذا صار بينهما ولكن كالعادة خيب املها، رفعت نظرها إلى يونس فجلس بجوارها وهمس

-حاولت افهم ماتكلمش، فقولت أعمل شو زي ماشفتي لكن..ربتت على كفيه تشيع نورسين التي تجلس تضع رأسها بصدره وتتحدث تتلاعب بزر قميصه بعد ذهاب ليلى واسما 

زفرت بإختناق وتحدثت إلى يونس

-البت دي مستحيل اخليه يتجوزها، عايزني أوافق على جوازك من سيلين شغل دماغك يادكتور.. 

أومأ برأسه وتحرك متجهًا إلى سيلين التي تحمل أمير وتجلس بجوار ليلى 

-رايح فين يلاَ، تسائل بها راكان

رمق راكان بنظرة وغمز بعينيه 

-رايح لحبيبتي عندك مانع..توقف يطالع نورسين فاطلق ضحكة، واقترب منهما 

-بقولك يانور هو انتِ راسك وجعاكي ولا حاجة

ضيقت عيناها متسائلة: 

-مش فاهمة..أشار بسبابته مردفًا

-اصلك نايمة على راكان، هو إنتِ بتقيسي نبض قلبه ولا إيه، بس نصيحة من العبد لله 

-راكان نبضاته متفرعة زي شجرة الصبار، متينة وممكن تعيش من غير مية، ولو قربتي منها تعورك..سحب كفيها من على زر قميصه وجذبه بعنف،ثم حرك حاجبه للأعلى وللأسفل

- وأدي الزرار يانور اللي خانقك، خليه كدا مفتوح 

-انت غبي يلاَ، دنى يونس وهو يرمقه بنظرات غير مفهومة، وتصنع ضبط قميصه

-لا !! ابدا ياباشا، اصلي لاقيتك مش واخد بالك اننا حواليك، وانت فتحها على الرابع، راعي ان فيه طنط زينب قاعدة ومدام أسما، طيب ليلى مراتك إنما سيلين دي مش بنت 

ضرب يونس على كتف راكان وهو يتكأ بذراعه ينظر إلى نورسين 

-آسف يانور بس بغير على راكان، تقولي ايه صداقة بقى 

انت مش كنت رايح لسيلين يايونس، امشي، قالتها زينب بغموض ..ثم اتجهت إلى نوح ونورسين 

-الأكل دا راكان اللي طلبه يانوح اكيد عارف ذوقك، ثم رمقت نور

-بيقول نور بتحبه..أومأت نورسين

-أي حاجة راكي يقولها بعشقها طبعا ياطنط 

هزت رأسها  بهدوء..بالهنا حبيبتي 



❈-❈-❈ 

بعد إنهائهم الطعام، كان يطالع تلك التي تضحك مع أسما وسيلين، وهم يلاعبون أمير.. شعر بنيران تحرق صدره كلما نظر إلى ذاك الفستان الذي جعلها كالقمر بليلة تمامه 

وصل أسعد ملقيا السلام..نهض راكان بعد قام بتشغيل موسيقي أجنبية هادئة، ولم يعير  والده أهمية فرفع كفيه إلى نور 

-تعالي نرقص..ابتسمت وتوقفت متجهة إليه، اقترب نوح من يونس 

-إيه اللي بيحصل بالظبط؟! 

رفع يونس اكتافه واجابه 

-شكل الموضوع كبير اللي يخلي راكان كدا 

تهكم نوح وتحدث:

-يبقى اللي جاي مرار ياحبيبي دا ليلى لابسة فستان سليم، وراكان عازم نورسين وبيرقص معاها، انا كدا عرفت الأيام الجاية هيكون شكلها إيه 

اختفت ضحكات ليلى وهي تطالعهم وهم يتاميلون على الموسيقى، رفعت نظراتها المتألمة لذراعيه الذي يطوق خصرها، وهي تعانقه مقتربة من شفتيه، وهو يطلق ضحكاته 

جذبها بقوة حتى أصبحت بأحضانه كاملة لا يفصلهما شيئا ، اقترب يداعب وجهها بشفتيه مبتسمًا، وكأنها عشقه منذ سنوات..رفعها من خصرها حتى وقفت على حذائها وبدأت تتمايل 

هنا انهارت ليلى كاملة، واستدارت للجانب الأخر، وانسدلت عبراتها وكأن أحدهم طرق بمطرقة من نيران ثم فوق صدرها 

اغمضت عيناها رغمًا عنها واصدرت شهقة بكاء مريرة خرجت من أعماقها المحترقة، وضعت كفيها على فمها حتى تمنع نفسها من النحيب 

ربتت أسما على ظهرها

-حبيبتي اهدي..ضغطت على فستانها وتحدثت من بين بكائها 

-بيدبحني ياأسما، أنا مش قادرة اتنفس، أسما أنا بموت 

وصلت العاملة بطعامهم

-آسفة مدام ليلى ..اتأخرنا 

نظرت ليلى للطعام وشعرت بتقلب معدتها

دفعته بعيدًا عنها 

-مش قادرة اشم ريحته، وصلت سيلين التي كانت تلاعب أمير، فبعدما وجدت يونس قريبًا منهم، ارتعدت اوصالها فاتجهت لليلى واسما 

جلست واجلست أمير على ساقيها 

-شوف ياميرو مامي بتحب الجمبري وعمتو بتعشقه كمان، سكبت بعض الطعام ووضعته أمام أسما، واتجهت إلى ليلى تضع طعامها 

دفعته ليلى ونهضت تضع كفيها على معدتها  

عند راكان 

ظل يتراقص مع نورسين وضحكاته ترتفع بالمكان على كلمات نورسين 

- قاطعهم جري ليلى للداخل وهي تمسك معدتها 

هبت زينب فزعا من مظهرها، وتحركت متجهة إليها 

دلفت ليلى إلى المرحاض، وقامت بإخراج مافي جوفها..ظلت لفترة ليست بالقليل، وهي تتقيأ حتى شعرت بالداور، فسقطت مغشيًا عليها  

دلفت زينب تصرخ باسمها 

   يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سيلا وليد من رواية عازف بنيران قلبي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة