-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 10 - 2

 

 قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد




الفصل العاشر

الجزء الثاني


 العودة للصفحة السابقة


في منتصف الليل بعد أن انتهت حسناء من عملها كانت تسير بين الطرقات بمفردها، و لوهله شعرت بالقلق الشديد عندما رأت نفسها في منتصف الطريق بمفردها وكل الأشخاص ذهبوا الى منازلهم إلا هي! لذلك حاولت ان تسرع في خطواتها لتعود الى منزلها قبل ان يحدث شيء سيئ لها، لكن وكانها بالفعل تمنيتها لتجد شخص أمامها ظهر فجاه يحاول سرقتها و هو يجذب حقيبتها بعنف شديد منها، صاحت بصوت عالٍ بخوف شديد وهي تحاول التشبث بحقيبتها

 

= يا لهوي الحقوني يا ناس يخرب بيتك عاوز ايه؟ سيب الشنطه.. يا نهار أسود حد يلحقني حـــرامـــي.

 

كاد قلبها يخرج من بين ضلوعها وهي ترى ذلك الشخص الملثم يحاول سرقه حقيبتها التي تشبتت فيها بهلع شديد وهي تصرخ باستنجاد بأي شخص لكنها لم تجد أحد.. حتى جذب ذلك اللص الحقيبه والتفت يركض بسرعه هارب.

 

شهقت حسناء صارخة من هول المفاجأة وصاحت خوفـاً، لكنها فجاه وجدت شخص آخر لا تعرف من أين ظهر؟ و قبض علي ذلك اللص بعنف واقترب منه بشده قبل ان يضربه بقوة وأخذ حقيبتها من بين يديه وتركة ليفر هارب بسرعه شديده.. ثم اتجه نحوها وهو يقول بخشونة

 

= اتفضلي يا ست الستات الشنطه اهي و ابقي خالي بالك المره الجايه من نفسك، الدنيا ما بقتش أمان ولاد الحرام كتروا .

 

اخذت حسناء تتنفس الصعداء بصعوبة بالغة بعد أن أخذت حقيبتها منه، ثم بدأت تتحدث بنبرة متوترة بعصبية واضحة

 

= تشكر، مش عارفه اقول لك ايه ده انا قلبي وقع في رجلي لما ابن الـ*** اتهجم عليا وكان عاوز ياخذ الشنطه غصب عني.. الحمد لله ربنا ستر، حسبي الله ونعم الوكيل في الأشكال اللي زيه ما تروحوا تشتغلوا بدل الحرام اللي انتم عايشين فيه ده .

 

أخرج علبة السجائر من جيبه ثم إلتقط واحدة بيده، ومــدها نحو فمه وهو يقول بجدية

 

= معلش الحمد لله انها جت على قد كده، وانتٍ برده ما كانش ينفع تمشي لوحدك في وقت زي ده، تعالي لما اوصلك في طريقي عشان اطمن عليكي

 

إبتلعت حسناء ريقها متوجسة وهي تقول بنبرة مترددة

 

= لا ما لوش لازمه خلاص يا اخويا كفايه لحد كده متشكره .

 

هز رأسه باعتراض وألقى بعقب سيجارته على الأرضية وداس عليها بقدمه وهو يتحدث بضيق ولهجة صارمة

 

= لا إزاي ودي تيجي، هو انتٍ شايفاني لا مؤاخذه قدامك ايه عشان اسيب واحده زيك قمر كده تمشي في حته مقطوعه لوحدها وفي وقت زي ده.. لازم تخافي على نفسك الحلوين اللي زيك بيبقوا مطمع برده.. تعالي معايا ما تخافيش هوصلك حتى لحد اخر الشارع.. انا عربيتي ركنا هناك اهي

 

صمتت حسناء ثواني بعد أن ألتفتت برأسها لترى سيارته والتي يبدو عليها انها ماركه شهيره وباهظه، وهنا تغيرت ملامح وجهها وعيناها للغموض ثم نظرت إليه لتتقدم خطوه للإمام بخيلاء مثير ودلال ناعم هاتفه

 

= ما تعرفناش صحيح انا اسمي حسناء .

 

ابتسم الآخر أبتسامه عريضة وهو يردف قائلا

 

= وأنا فرج .

 

--

 

في منزل سالم، كانت ليلي تجلس في غرفه المعيشه و معها اثنين من اصدقائها يراجعون درسهم مع بعضهما البعض! وبالطبع بعد أن تأكدت ليلي بأن والدها سيتاخر بالعمل اليوم حتى لا يروا اصدقائها فيكفي عليها تسنيم، هتفت صديقتها قائله بفضول

 

= هي مين الست اللي فتحتلنا الباب دي يا ليلى.. ست شيك وجميله أوي .. هي دي مرات باباكي صح؟ بس جميله اوي

 

احتجت ليلي علي حديثها وشعرت بالغيرة أكثر نحو زوجه أبيها قائلة بتجهم

 

= ايوه هي بس ما تتخدعيش زي غيرك فيها،  كنا دائما مبسوطين مع بعض.. بس دلوقتي

هتاخده مني خلاص هي .

 

ارتشفت صديقتها الأخري من كأس العصير خاصتها وهي تردف مؤكدة بنبرة خبيثة مثلها

 

= عندك حق تزعلي.. حتي على طول كان  بيوعدك ياخدك معاه وتسافروا واهو اخدها هي المرة اللي فاتت.. وهي اكيد إللي رفضت وجودك معاهم

 

أشعلت نيران الحقد بها أكثر، بينما كانت الثالثة  لها رأي آخر وهتفت تشاركهم الحديث بضجر

 

= يا جماعه شكلها كويسه وهي هتاخد باباكي منك ليه بس يا ليلى هو طول عمره بيحبك انتٍ، تفكيري بعد الحب ده كله هينساكي يعني بسهوله .

 

رفعت ليلي كفها في الهواء قائلة بتبرم

 

= بس انتٍ بطلي طيبه وهبل دي خبيثه انا عارفاها كويس اكتر منكم، بتحب تبان قدام الناس أنها كويسه وبتساعد غيرها؟ بس هي غير كده! دي شيطانه وعاوزه تاخده مني وتفرق ما بينا وتخليه يكرهني.. بس انا مش هسيبهلها ولا هخليها تتهنى .

 

ثم أضافت قائلة بنبرة خبيثة

 

= استنوا انا هخليها لكم دلوقتي تقول حقي برقبتي.. مش عاوزين تشربوا حاجه تاني؟  هنفضل نطلب منها طلبات كثير تعملها لنا واحنا بنذاكر مع بعض ونعملها حجه

 

تقدمت تسنيم عندما سمعت ليلي تناديها ثم طلبت منها بعد المقرمشات والعصائر ولم تبدي على الأخري أي اعتراض بل ابتسمت بهدوء وطلبت منها تنتظر ثواني وستحضر لها ما تريده هي واصدقائها، وظلت ربع ساعه واكثر على ذلك النحو تطلب منها ليلي كل دقائق طلب لهم، و تسنيم تفعله لها بنيه حسنه دون اعتراض .

 

زفرت مطولاً صديقتها قائله بحنق

 

= خلاص بقى يا ليلى مش عاوزين حاجه تاني والست باين عليها طيبه وكل ما تطلبي منها طلب بتعملهلك من غير ما تناقشك .

 

لوت ليلي ثغرها للجانب وهي ترد ساخرًا بوقاحة

 

= طب ما تعمل وهي هتتناقش ليه اصلا، ما دي خدمتها هنا في البيت تخدمنا يعني ما بتعملش حاجه جديده عليها.. وبعدين احنا ليه نتعب نفسنا ونقوم نجيب آمال هي شغلتها

إيه هنا.

 

ثم تعالي صوتها وهي تقول ببراءة زائفة

 

= ابله تسنيم ممكن كوبايه عصير تاني .

 

و في تلك اللحظة كانت تسنيم تقف بجانب الباب حيث نهضت لتحضر اوراق خاصةً بالعمل من الغرفة.. لكن من حسن حظها استمعت الى حديثها، التفتت برأسها لتحدق فيها بأعينها المشتعلة كمدًا وغيظًا ثم سحبت نفسًا عميقًا لتضبط به نوبة غضبها منها بعد أن فهمت لعبتها وأنها تتعمد اهانتها امام اصدقائها، ثم أردفت قائلة بعصبية شديدة

 

= ليلى حبيبتي المطبخ قدامك مش بعيد لما تعوزي حاجه قومي هاتيها لنفسك او حتى أصحابك يساعدوكي هم مش ضيوف برده.. بس لازم تعرفي انتٍ واصحابك ان عيب لما تطلبي حاجه اكتر من مره من حد اكبر منك وانتٍ قاعده .

 

تفاجات ليلى من ردها وقبل ان ترد بأسلوب وقح كعادتها لاحظت والدها يقف بجانب الباب وقد استمع الى كلمات زوجته وهي تبوخ  ابنته! لذلك فضلت الصمت وهي تبتسم داخلها بانتصار بأن والدها جاء في الوقت المناسب..

تابع سالم بانظاره تسنيم وهي تدخل الى أحد الغرف فلم تراه، رغم أنه تضايق من أسلوبها مع أبنته لكن فضل عدم التدخل حتى يعرف لاحقاً ما حدث.

 

بينما كانت تسنيم ستحل الأمر بينهما لاحقاً بعيد عن اصدقائها و والدها وستتحاور قليلاً  فهي بالنهايه طفله مراهقه لذلك ستتفاهم معها افضل وتشرح لها بهدوء ما فعلته خطأ... ولم تذهب الى شكوتها الى أبيها بالأخص وهو عاد من عمله مرهق لذلك حاولت تتغاضى عن أسلوبها ولكن الصغيره كان لها راي آخر؟ و أسرعت تبخ سمها كما اعتادت ليلي و تفوقت علي سنوات عمرها، دخلت له وعيناها مليئه بالدموع ضمها أبيها إليه وعيناه مثبته نحوها بقلق بالغ

 

= مالك ياحبيبتي في إيه؟ سبتي اصحابك وجيتي ليه

 

ضمت شفتيها بامتعاض قائله من بين دموعها الزائفة

 

= صحابي مشوا، انا ما كنتش قصدي ازعلها يا بابا وما اعرفش انها هتزعل اوي كده

 

هز رأسه بعدم رضا ليمسح دموعها وهو يقول باهتمام

 

= قصدك تسنيم! انا ما فهمتش بتتكلموا على ايه وما حبيتش ادخل ما بينكم بس ايه الموضوع؟ و ايه اللي خلاها تتعصب عليكي كده

 

صمتت للحظة قبل أن تبكي بشدة حتى تتقن الدور جيد بأنها تاذت بالفعل من اسلوب زوجته المهين لها أمام أصدقائها، وكانها لم تفعل العكس تماماً، ثم بدأت تتحدث وتحكي عن شعورها بالاهانه والاحراج

 

= كل ده عشان طلبت منها تعمل لنا عصير وهي مشغوله في شغلها كانت ممكن تقول لي بالراحه مش تزعقلي كده وتكسفني قدامهم.. وكمان ابله تسنيم بتقولي اني بنت مش کویسه عشان بطلب منها حاجه وانا ممكن اقوم اعملها لنفسي .

 

زفر بضيق مبديًا انزعاجه مما فعلته زوجته معها، فذلك الأسلوب الفظ لا يتعامل به مع ابنته مطلقا، ولا يريدها ان تتعامل به هي الاخرى معها ولا أي شخص مهما كان، ثم أردف بنظرات ضائقه

 

= خلاص يا حبيبتي أهدي.

 

دخلت في تلك اللحظة تسنيم ولم تنتبه الى نظرات ليلى الخبيثه التي مرت سريعًا من جوارها تسرع في خطواتها الي غرفتها بعد ما وصلت الى مرادها، بينما اقتربت منه زوجته بأنظارها الواله وهي تقول بنبرة هادئة

 

= انا خلصت الأكل يا حبيبي تحب احطلك تتعشى.

 

أغاظه هدوءها المستفز له وهي تتحدث معه كأنها لم تفعل شيء فهو أستمع إلي طريقتها السيئة مع أبنته بنفسه لذلك متاكد من حديث ابنته، أجاب مرددًا بتهكم

 

= لا علي ايه بلاش تتعبي نفسك طالما انا موجود احط لنفسي، أحسن تضايقي ولا حاجه من خدمتك لينا وتقولي عليا مش كويس .

 

انتبهت لجملته التهكمية التي قالها بصرامة وشدة، ناهيك عن ملامح وجهه المقتضبه دون تفسير! و رحل من أمامها بصمت بينما هي ظلت مكانها مذهولا وعقدت حاجبيها بتعجب متسائلة نفسها بعدم فهم

 

= ماله ده؟!.

 

--

 

بداخل الورشة صباحاً، كأن يقف بدر يرتشف  قهوته التى قدمها له عوض قبل أن يرحل ليحضر عدة طلبات خاصة بالعمل، وبدأ هو  يعمل على التنظيف والترتيب كعادة صباحية، لكن ما زال عقله مشغول بالتفكير بفريده وما عرفة عنها وهل ستكون إختيار جيد لبناته وله؟ إذا استمر في طلبها للزواج بعد ما أخبرته عنها .

 

مسح وجهه متألماً من الحيرة وهو يفكر في نفس الأمر ولم يصل إلى حل بعد كل هذا الوقت و تعمد عزل نفسه، ورمي همومه و مشاكله أمام عينيه، باحثاً عن الحل المناسب.. هو نظرته فيها لم تتغير بعد كل ما قالته له وما قرأه على صفحة الأخبار على الإنترنت. كانت تحكي فيها قصتها، وطبعاً لم تكن كلها، فقد روت له الجزء الأصعب من تخلي عائلتها عنها بسبب مطالبتها بحقوقها.. وهو يعرف جيداً هذا الشعور العيش بلا اسرة أو سند في الحياة، ناهيك عن المعاناة من الألم والظلم.

 

هو في الحقيقة لم يشمئز منها، لكنه يخشى أن يؤذيها من خلال اقترابه منها عندما يقترب دون أن يفكر في ذلك، ثم يجدها غير مناسبة وياذيها في ذلك الوقت برحيله، لكن لما ينفر  منها هي لم تفعل أي شيء خاطئ! اغتصبت المعنى واضح؟؟ لقد أُجبرت على ذلك.. ولم يكن برضاها.. ولم توافق على أقامت علاقة معه.. كل ما في الأمر هو أنه شبيه الرجال ذلك لم يفكر بالله أو يشفق عليها عندما أغتال جسدها بلا رحمة وبلا حق! حتى ذلك الحقير اغتصبها للمرة الثانية بعد الزواج، معتقدًا أن هذا حقه، ولم يفكر في حديث الله عندما قال

و عاشرهن بالمعروف!

 

يعرف جيد قسوة هذا المجتمع عندما يضع نفسه الجلاد أمام الضحية ويعطي نفسه الحق في محاسبة الآخرين دون أي مبرر أو حق، فهو أيضا ذاق قسوتهم التي لم ينساها في حياته عندما كان طفلاً صغيراً عاش ونشأ في الملاجئ ولم يعرف شيئا عن أهله ولم يكن ذلك خطأ بالتاكيد، لكن دائما الناس عندما تجد طفلاً رضيعاً أمام أحد الملاجئ، تسارع الشائعات إلى القول إنه ربما نشأ الطفل نتيجة علاقة غير شرعية... ويبدأ المجتمع بالحكم عليه دون دليل أو حق! هكذا كانت طفولته. نشأ وهو يستمع إلى تلك المحادثة... وعندما تبنته سيدة ذو قلب طيب لم يتوقف الناس عن قول تلك الأشياء بالطبع... وبسبب ذلك المجتمع كره طفولته وشعر بفترة في حياته أنه يفقد ثقته بنفسه ويلوم نفسه على ذنب لا علاقة له به، حتى يتذكر جيد عندما كان يتقدم لخطبة فتاة ما، وهو في بداية حياته! كانوا يرفضوا البعض لهذا السبب لأنه لا يعرف شيئاً عن عائلته... وربما كان طفلاً لقيطاً.

 

بينما لمحته لوزه من على بعد وهو يقف بداخل الورشة بمفرده، أسرعت في خطواتها لتلحق به قبل أن يعود عوض أو تأتي الزبائن له، فكانت الظروف مهيئة تمامًا لكي تنفرد بالحديث معه دون أن يراهما أي شخص، عدلت من حجابها أعلي رأسها وهيئتها متأكدة من تناسق عبائتها على جسدها قبل أن تقترب منه ثم همست راسمة ابتسامة عريضة على ثغرها

 

= ازيك يا سي بدر اخبارك ايه .

 

حك بدر مؤخرة رأسه وهو يجيبها بعدم مزاج

 

= الحمد لله يا لوزه، عوض راح يشتري حاجه  و الاحسن انك تستني في البيت لانه هيتاخر علشان راح يجيب طلبات للورشه من بعيد

 

تحركت خطوة نحوه لتقلص المسافات بينهما متسائلة بغيظ

 

= هو انا كل ما اجي ليك تفتكرني جايه لعوض طب اديني هقولها لك صريحه انا جايه لك انت وكل مره كنت باجي بعمل حجتي عوض عشان أشوفك، عشان بتوحشني يا سي بدر

 

تراجع مستنكرًا جرأتها والتي لم تعجبة مطلقاً وهو يرد بانفعال طفيف

 

= لوزه ما يصحش الكلام اللي انتٍ بتقوليه، لو حد سمعك من الناس في الشارع دلوقتي هياخدوا عنك فكره غلط غير انك قريبه صاحبي وعيب تقولي كده لاي حد حتى لو بتحبي، لازم كرامتك تبقى هي اللي اهم عندك من حبك لاي حد .

 

رمقته بنظرات معاتبة، بدت أنفاسها مضطربة وهي تتطلع إلى وجهه بأعين مشتاقة بحب جارف، وتعجب من طريقتها الغير مريحة معه، ومن نظراتها التي لا تحمل أي حياء أو حرج، وأظهر نفورًا واضحًا مما تفعله لكنها لم تهتم و أكدت على عبارتها وهي توميء برأسها قائلة

 

= ما انا دوست على كرامتي عشانك! عشان تعبت من انك مطنشني ولا عاوز تديني ريق حلو، انا مش عيله صغيره ومش فاهمه مشاعري ولما قلتلك وحشتني فعشان بحبك.. بحبك فعلا وقصداها، وقلتها من غلبي عشان لقياك مش حاسس بيا خالص

 

نظر لها شزرًا وهو مرددًا بسخط شديد

 

= شوف اقول لها ايه تقولها تاني، لوزه قلت لك ما تقوليش الكلام ده وما ينفعش تبقي صريحه كده مع حد انت مش عارفه نواياه و ممكن يستغل لك في طريق وحش، اسمعيني كويس يا بنت الناس انا بعتبرك زي أختي وعمري ما هبصيلك بطريقه ثانيه ولا هفكر فيكي بالطريقه دي؟ مش عاوز اجرحك بس انا صريح معاكي عشان ما تفضليش متعلقه بوهم عمره ما هيحصل  .

 

امتعضت تعابيرها حينما رأته يصر علي رفضها، حينما سألته بعتاب بصوت حزين

 

= طب ليه هو انا ناقصني حاجه عشان تحبني، لو عشان اتضايقت من جرأتي وان انا اعترفتلك بحبي اوعدك مش هعمل كده تاني بس اتقدملي واطلب ايدي من عوض جوز اختي.. أنت ما تعرفش انا ببقى حالتي عامله ازاي كل ما أتخيلك ممكن تروح تتجوز غيري تاني .

 

فرك رأسه بانزعاج واضح عليه، وجاهد قدر الإمكان ألا يبدو فظًا معها، لكنها أخرجته عن هدوئه الحذر، لذا هتف بغضب شديد

 

= استغفر الله العظيم! لوزه انا عمال اتكلم معاكي بالراحه وبهدوء رغم ان انا مضايق ومتعصب من طريقتك دي! شيلي التخاريف دي من عقلك! أنا عمري مابصيتلك، ولا هبصلك أصلاً! وقبل كده قولتلك إننا أخوات، يا ريت تفهمي ده كويس عشان تريحي نفسك مني!

 

لم ينتظر ردها بل اتجه للداخل لتحاول إيقافه فلا يستمع لندائها، لا تنكر أن قلبها تألم وشعرت بالندم لأنها تجرأت على ذلك الاعتراف بلا فائده، لكنها تأملت أن يرضى بدر بالأمر الواقع ويلتفت لنفسه التى اهملها منذ زمن، ضغطت على شفتيها السفلى هاتفه بقلب مفطور

 

= يا كسرة قلبك يا لوزه! اهو مش رفضك وبس ده حسسك كمان قد ايه انك رخيصه.

 

غابت عن ناظريه ليزفر بغضب متمتما بسباب لاذعه متهمها بما آلت إليه حياته من بؤس، اغمض عينيه بتعب شديد وقد عزم على المضى قدما نحو طريق فريدة يجرب حظه،

لكن بالاول عليه فعل خطوه أهم، وهمس بحسم

 

= مفيش حل غير كده هصلي صلاه استخاره وبعد كده احدد القرار النهائي من ناحيه الموضوع ده .

 

غادرت لوزه، ليحول بدر أمره لله؟؟ إن ساقه إليها فكل الخير معها وإن تقطعت السبل فعليه بالرضا لكن فى المرة القادمة سيحسن استغلال أى فرصة تصل له كاشاره نحوها .

 

--

 

نهضت وفاء واقفًة عندما سمعت جرس باب منزلها، وعندما فتحت الباب اتسعت عيناها بذهول وهي تنظر إلى سراج بصدمه قائله بقلق

 

= سراج انت نزلت مصر أمتي؟ وجاي هنا ليه

 

نظر لها لعدة لحظات، ثم أجاب بإبتسامة لطيفة

 

= هي دي المقابله اللي بتستقبليني بيها ما فيش حتى اتفضل وبعد كده اشرحلك انا جاي هنا ليه؟

 

ظلت مكانها مذهولا من رأيته أمامها، وتنهد هو واضاف بصوت يحمل الجدية

 

= ايه يا وفاء هتفضلي واقفه كده كتير قولي لي اتفضل، مش هنعرف نتكلم هنا والناس طالعه نازله تشوفنا، الوضع كده مش كويس

خلينا ندخل نتكلم جوه.

 

بعد فترة سمحت له بالدخول بالفعل وظل واقف يراقبها بصمت، ثم أشارت له بالجلوس على الأريكة وهي ترد بابتسامة متوترة

 

= هتفضل تبصلي كده كتير قول بسرعه عاوز ايه انت مش شايف انك جاي في وقت ما يصحش، وانا لوحدي وما فيش حد هنا وبنتي نايمه جوه .

 

جلس أمامها فوق المقعد، ثم مط فمه ليقول

بضيق من تهربها منه

 

= ما انا مستني ردك افتكر ان آخر تليفون ما بينا طلبت منك طلب! وقلت لك هستنى ردك ومن ساعتها ما ردتيش عليا ولا حتى بتردي على تليفوناتي فما لقيتش قدامي غير ان انا انزل مصر واجيلك بنفسي عشان أسمع الرد .

 

انقبض قلبها بقوة وتوجست بارتباك ملحوظ ثم تنحنحت قائلة بتردد وهي تتحاشى النظر له

 

= رد ايه؟ انا مش فاكره ولا عارفه بتتكلم على إيه بالضبط.

 

تضايق من أسلوبها كثيرا، خصوصا أن لا داعي لها لفعل كل ذلك! فإذا علم أسباب الرفض وأقتنع بها من البداية لكان انسحب من حياتها بهدوء، لكن عنادها ذلك جعله يعناد مثلها، ثم هتف بتبرم ساخط

 

= وفاء بلاش الأسلوب ده و انتٍ فاهمه كويس انا بتكلم على ايه واحنا مش إثنين مراهقين عشان شغل العيال اللي انتٍ بتعمليه ده، طلبت منك اتجوزك واديتك مهله تفكري؟ ايه بقى لازمه انك تهربي مني وما ترديش على تليفوناتي ولا رسائلي حتى .. اظن احنا اتنين كبار وعاقلين كفاية على الكلام ده.

 

ضغطت على شفتيها السفلى بإحراج وأجابته بهدوء واثق

 

= انا ما قلتلكش تنزل مصر عشان تسمع ردي وبعتلك ردي في رساله من الرسائل اللي انت بعتهالي في مرة، وقلت لك انا مش بفكر في الموضوع ده ولا عاوزه اتجوز وانك تنسيني وحتي الشراكه اللي ما بينا هتتلغي .. كفايه بقى لحد كده احنا تجاوزنا حدودنا أوي وانت لسه قايل بنفسك إحنا مش اتنين صغيرين على الكلام ده ولا ينفع حكايه اتنين اصدقاء بيتكلموا عادي عن حياتهم لبعض ..

 

تابعت مضيفة بارتباك قاصدة الضغط على كل كلمة فيها وهي تتعمد لتظهر صلبة أمامه وأن الأمر لا يعنيها عكس ما بداخلها

 

= سراج من فضلك انسى كل حاجه حصلت وكفايه، احنا ما ينفعش لبعض لا طريقه تفكيرك ولا الطريقه اللي انت اتربيت ونشأت بيها بره غير هنا، جو التسليه اللي كنت بتعمله وتتصل نتكلم مع بعض عن حياتنا ماينفعش يحصل في مصر، مفيش حاجه اسمها صداقه بين راجل وست .. انت متعود على جو بره وفاكر الكلام ده هنا عادي .

 

ابتسم سراج باستخفاف من كلماتها،ضرب كفه بالأخر مرددًا باستياء

 

= بجد هي دي الطريقه اللي بتفكري فيا بيها؟ انا مش مصدقك بجد انا عملت ايه معاكي ولا اتكلمت في حاجه ما يصحش عشان تقولي لي ان انا بتسلى بيكي؟ اتجاوزت معاكي حدودي في ايه عشان تفتكري ان انا بعاملك بطريقه بره وناسي أصول مصر هنا، ده انا حتى طلبت إيدك للجواز.

 

أخفضت رأسها بتردد واضـح بقله حيله، في حين تنهد سراج بنفاذ صبر قائلاً بصلابة

 

= مممم سكتي تاني ومش عاوزه تردي عشان ما عندكيش رد، ماشي تمام، هو ده تليفونك؟

 

هزت رأسها بإيماءة خفيفة وهي تجيبه بعدم فهم

 

= ايوه هو، بتسال ليه .

 

أخذ سراج هاتفها من فوق الطاوله أمامه وبدأ يبحث بداخله عن نمره محدده، مرددًا باهتمام

 

= كويس انك مش عامله رقم سري لي؟ فين نمر طه أخوكي مش كان إسمه كده برده قلتلي في مره.. أيوه أهو .. بس يا رب يرد عليا بسرعه

 

سألته بخوف شديد وهي قاطبة لجبينها

 

= سراج انت اتجننت؟ خدت نمره طه ليه من تليفوني وبتتصل بيه دلوقتي هتقول له ايه؟ سراج اقفل بسرعه الخط ما تتصلش بيه .. سراج انا بكلمك رد عليا .

 

وضع هاتفها فوق الطاوله مره ثانيه، ونظر اليها بغموض وتحدي وهو يتحدث عبرا هاتفة الخاص

 

= الو مساء الخير، معايا أستاذ طه، انا سراج

بشتغل رجل أعمال حضرتك ما تعرفنيش.. بس

هنتعرف على بعض بعدين انا بتصل عشان أخد من حضرتك ميعاد .. عشان عاوز أطلب أيد أختك وفاء للجواز.

 

شهقت وفاء بصدمة مما فعله للتو! لم تصدق أنه هاتف أخيها أمامها وهو ينظر إليها بنظرة تحدي. كأنه يرسل لها رسالة مفادها أنه يريد  حقًا أن يكون معها و يتزوجها ولم يكن يتسلي بها كما اعتقدت.

 


يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية حياة بعد التحديث, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة