رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 11 - 2
قراءة رواية حياة بعد التحديث
الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حياة بعد التحديث
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الحادي عشر
الجزء الثاني
تحركت مهرة بعينيها تراقب شرود وصمت وفاء والذي تغيرت أحوالها في تلك
الأيام، وقد خمنت الأخري بأنها ربما نادمه أو مترددة من رفضها للارتباط! فهي قررت
لن تتزوج او تترك مهرة و تعرضها لأذى ما، عندما تدخلها علي عائلة جديدة لا تعرفهم،
حتى وإن كانت متيقنة للحظة واحدة أنهم سيقدمون لها المحبة والود لاطمئن قلبها..
بينما الامر لم يختلف عن مهرة أيضا؟ وبدت متوجسه عندما سمعت بوجود شخص يرغب
بالارتباط بها وعلي الأرجح أنها ستسافر معه الى بلد اخرى اذا وافقت.. و رغم
الألم الذي يجتاحها لوهله شعرت بالقلق و الأنانية! بنفس الوقت.
حينما فكرت بأن من الممكن تتركها وفاء بعد الزواج أو ربما يطلب زوجها
منها لاحقا! لذلك تمنت أن تظل وفاء مصره على رايها بالرفض! لتشعر بالانانيه بسبب
تفكيرها المحدود ذلك؟ فقد أخبرها طه مباشره بأنها رفضت الزواج لأجلها! حتى لا
تعرضها لاي خطر .. خافت ان ترتبط حتى لا تتاذي، بينما هي تفكر بتلك الطريقه؟ فتلك
السيده قدمت إليها الكثير دون ان تنتظر منها شيء مقابل؟ لما لا تحاول ان تجعلها
توافق بدلا من ذلك؟ يجب ان تتوقف عن التفكير بأنانية، فتلك السيده التي ترعاها
واحسنت معاملتها! تستحق ان تسعد بحياتها
حتى وإن كان على حسابها
.
بعد دقائق رفعت وفاء عينيها تنظر إلى مهرة باستغراب وقالت بارتباك
ملحوظ
= كنتي
بتقولي حاجه يا حبيبتي؟ معلش ما سمعتكيش و سرحت
اتجهت تتحرك نحوها ثم أبتسمت رغما ألمها وقلقها من المجهول قائله
بمرح زائف
= وسرحتي
في مين بقى يا ترى في العريس اللي متقدملك مش كده؟ هو شكله حلو كده عشان تسرحي فيه
أوي وما تسمعنيش وانا بقيلي نص ساعه بكلمك وانتٍ مش هنا .
تفاجئت وفاء من معرفتها بالأمر ثم أخرجت تنهيدة مشحونة من صدرها
قائله باقتضاب
= وانتٍ
عرفتي منين موضوع العريس .. طه اللي كلمك مش كده؟ مهره ما لكيش دعوه انتٍ بالكلام
ده يا حبيبتي واعملي نفسك لا اكنك تعرفي حاجه، انا فاهمه كويس وعارفه هو
اكيد قال لك انك تحاولي تخليني اوافق وان انا رافضه الفكره عشانك وممكن يكون ضايقك
بكلامه بس ما لكيش دعوه و...
قاطعتها مهرة وهي تتسائل بجدية أكثر
= طب
ليه؟ ليه ما توافقيش طالما عمو طه بيقول أنه كويس وهو لو وحش مش هيطلب منك تفكري..
بلاش ترفضي وخلاص وتضيعي من ايدك لو هو فعلا شخص كويس! ولو عشاني انا عمري ما
هتضايق ولا هزعل طول ما انا شايفاكٍ مبسوطه وسعيده في حياتك
شعرت وفاء أنها تحمل نفسها سبب رفضها وذلك ليس حقيقي فهي جزء من
أسبابها الكثيره التي لا يعلمها أحد غيرها، فلفت ذراعها حول كتفيها لتضمها إليها،
و همست لها بصوت جاد
= يا
حبيبتي الموضوع مش متوقف عليكي وبس انا لو وافقت هنسافر معاه تركيا عشان هو حياته
كلها هناك ولي ابن! وما نعرفش اهله كويس و هيستقبلونا ازاي وحاجات من دي كتير
شغلاني عشان كده رافضه الموضوع .. وهرفضه تاني؟؟ انا مش هغامر بحياتي وحياتك وانا
مش عارفه اللي ممكن نشوفه هناك
هزت راسها برفض وأصرت قائلة تشجعها علي الموافقة
= كل
دي حاجات مقدور عليها وممكن كل اللي انتٍ خايفه منه يطلع على الفاضي! فكري تقابلي
زي ما طلب واسمعي مش هتخسري حاجه.. ممكن لما تسمعي منه يعرف يقنعك وتفهمي وجهه
نظره .
لوت شفتيها بامتعاض قائله بحنق
=هو
طه كمان قال لك على موضوع أنه عاوز يقابلني برة وانا رافضه.. برده لا يا مهره
الحاجه اللي قلقانه بلاش منها أحسن
صمتت للحظة بيأس ثم لمعت عبراتها بعينها التي مسحتها بسرعه، وأبعدت
رأسها عن صدر وفاء لتحدق فيها، ثم قالت بنبرة مختنقة
=طب
لو قلت لك عشان خاطري فكري ولو لقيتي نفسك جواكي حتى لو احساس 10% انك عاوزه الشخص
ده ؟ وافقي من غير ما تفكري تاني.. وبعدين انتٍ شايله هم ليه أوي كده انا مش صغيره
وانتٍ هتفضلي جنبي هناك برده صح؟ لو حصلت لي اي حاجه وحشه زي ما انتٍ خايفة انتٍ
اول واحده هتنقذيني انا متاكده من كده.. بس ما توقفيش حياتك عشاني انا كده اللي مش
هبقى مبسوطه وهبقى حاسه بالذنب طول ما انا شايفاكٍ كده .
ثم تابعت حديثها وهي ترسم ابتسامة مليئة بالحيوية والدعم وكأن الأمر
بسيط تقبله لها وإليها.
= وبعدين
انتٍ طول الوقت بتقولي لي نفسي اشوفك عروسه وافرح بيكي؟ ما فكرتيش بعد ما اتجوز
واسيبك مين هيقعد معاكي ويونسك إلا بقى؟ نرجع تاني لحكايه ان انا مش عايزه اتجوز
وافضل معاكي؟؟ انا عن نفسي ما عنديش مانع بس انتٍ اطلبي بس مني كده .
توترت قليلا من حصارها أمامها، ثم ابتسمت رغماً عنها تتحدث بصرامة
زائف
= بس
انتٍ هتتلككي، ما فيش الكلام ده انا فرحتي هتكمل فعلا لما اشوفك متخرجه من جامعتك
وفرحتي الثانيه لما اشوفك عروسه جنب عريسك وسعيده .
هزت راسها الأخري قائله بابتسامة صغيرة وإصرار
= تمام
وانا كمان فرحتي هتكمل لما اشوفك عروسه وسعيده جنب عريسك .
❈-❈-❈
في منزل أيمن، أسندت تسنيم برأسها للخلف أعلي الأريكة ثم نظرت أمامها بشرود لتستدير برأسها نحو الأخري قائله بصوت مشحون بمشاعر سلبية داخلها تشعرها بالقلق نحو المجهول الذي ينتظرها ولا مفر منه
= تصدقي
يا ليان فهمتك متاخر لما كنتي بتشتكي من الإهمال وان قد ايه الاهتمام شئ مهم في
الجواز بين الطرفين، لما حصلي كده في اول جوازي صعبت عليا نفسي اوي وقتها..
حسيت ان انا وحيده ومش هو ده اللي انا عاوزاه ولا تخيلته! وعاوزه
اغير حياتي دي باي طريقه بس مش لاقيه الفرصه عشان كده اضطريت أسكت لحد ما أشوف
النهايه هترسي علي إيه
كانت الأخري جانبها أعلي الأريكة، وأجابت ساخراً بواقعية
= اخرجي
من دايره أحلامنا في الجواز يا تسنيم... بلاش أحلام الروايات .. كل ده مش موجود في
الجواز
!
وأضافت وقد آلمتها ذكرى أحلامها التي هدمها
أيمن دون رحمه
= الجواز
مش عايز الست الحالمه اللي فاكره
جوزها هيكتبلها كل يوم قصيده شعر وهيجروا ورا بعض بالمخدات ويحضنها
وهي في المطبخ... وكل يوم يخرجها في مكان شكل، ويقعد اخر اليوم يسمع اللي مضايقها
و يطبطب عليها.
آثار حديث ليان جزء داخلها رغم ان علاقتها
بسالم عادية لحد الان،إلا انها لا تتذكر أنه سألها عن أحلامها
البسيطه او جلسوا يتثامرون ليلا سوياً، فمن البدايه و الاقتراب الاكثر لابنته وهي
لا تريد ان تكون انانيه و تعترض على ذلك حتى لا يفهمها بطريقه خاطئه ثم أردفت بضيق
مبرره
= مش
هي دي كانت احلامنا يا ليان، هي مش كل بنت فينا بتدور على الاهتمام والحاجات اللي
كانت ناقصاها قبل الجواز وما عملتهاش عشان تعملها في الجواز.. مش اهالينا زمان
اللي كانوا بيفهمونا كده كل ما نطلب منهم حاجه يقول لنا لما تتجوزي اعمليها في بيت
جوزك .. لحد ما خلونا ناخد فكره تانيه عن الزوج و أن مجرد مارد ومعاه الفانوس
السحري إللي بيحققلنا كل طلباتنا
ضحكت ليان وهي تتذكر انها من أثرت عليها
بتلك الأحلام، فطبيعة ليان امرأة رقيقه مُرهفة المشاعر، و تؤثر بها
نسمة الهواء من شده حساسيتها، أمرأة ترغب بليلة عشاء أسفل أضائة الشموع وصوت موسيقي
كلاسيكيه يصدع بالخلفية بينما تتراقص علي اجوائها الرومانسية. وذلك الجانب الذي
كان يجعلها دائما تعيسه بزواجها من أيمن سابقا، لانه كان شخصيه جاده عكسها تماماً
= ما
قلنا لك بقى ده كلام روايات مش حقيقي خلينا في الواقع فضلنا نبني احلام في احلام
لحد ما كلنا لبسنا في الحيطه.. وعلى راي ماما الجواز مش اهتمام وبس.. والله يا
ريتني حتى لقيت ربع اهتمام بجانب الحاجات التانيه وكان صبرني .
عقدت حاجبيها متفاجاه من تغير ليان الواضح عليها كليا، و ردت بامتعاض
وهي تشير بيديها بطريقة مرحه
= ايه
يا بنت العقل و الرزانه اللي نزلت عليكي مره واحده دي؟ هو انتٍ لازم يعني تتلسعي
على قفاكٍ عشان تتعاملي وتبقي حكيمه كده؟ الله يرحم ايام زمان والكتب الشعر اللي
كنتي بتجيبيها والروايات الرومانسيه والفرجه على الأفلام لحد الساعه إثنين
بالليل... وتتصلي تقولي لي الجواز والحب لو مش كده ما تتجوزيش .
صمتت للحظة رغم أن الحديث يوحي الى ألم الماضي، لكنها أجابت
وهي تضحك بقوة
= وانتٍ
سمعتي كلامي بقى وصدقتيني ساعتها؟ ذنبك في رقبتي بقى علي كده
ابتسمت لها إبتسامة عريضة وهي تنهض وقالت باقتراح
= طب
يلا يا ست العقله اتصلي بجوزك و خلينا نخرج نشم هواه بدل الهم والخنقه اللي عمالين
نشوفها من بيت لبيت خلينا نفك عن نفسنا شويه .
بعد فتره نهضت ليان الي داخل الغرفة تبحث عن هاتفها لتجده فوق
الكومود، اتجهت نحوه وأخذته لتضغظ علي الأزرار وانتظرت لحظات يأتي صوت زوجها
حتى رد وأخبرته بانها تريد الخروج في نزهه بالخارج، صمت أيمن دقائق حتي أجاب
مرددًا بتلقائيه
= نعم
تخرجي! ومع مين؟ لوحدك.
ارتفع حاجباها للأعلى من رده فعله وهي تهتف بغضب مكتوم
= ومالك
اتصدمت كده ليه؟ لا مش لوحدي ما تخافش هخرج مع اختك ولو عاوز تتاكد ان انا مش بكذب
عليك! اختك قاعده بره وممكن اطلع اديها التليفون عشان تتاكد بنفسك وان انا مش
خارجه مع حد ثاني ولا راحة اقابل حد من وراك .
أجاب بصوت متردد وبسرعه مبرراً
= يا
ليان انا ما قصدتش كده اكيد ولا بكذبك انا اتخضيت بس لما قلتلي هتخرجي و
افتكرتك لوحدك وخفت تتعرضي لحاجه ولا حد من اهلك يشوفك وتحصل مشاكل تاني..
على العموم ماشي اخرجي براحتك بس خلي بالك من نفسك وخلي تليفونك مفتوح عشان اطمن
عليكي تمام.
جزت علي أسنانها بعصبية واضحة، من كل تلك التعليمات وفكرت بأنه عاد
إلى أفعاله السابقة يشك بها فنبره التردد بصوته وكلماته تعبر عن ذلك، ثم أجابته
بتهكم مؤلمة
= تطمن
اه تمام، و لو عاوزني بالمره افتحلك فيديو لما تكلمني افتحلك مش هقول لأ عشان تطمن
أكثر .
تنهد أيمن مطولاً بعدم رضا من كلماتها، واردف قائلاً بجدية
= وبعدين
يا ليان مش اتفقنا الاسلوب ده ما يتكررش تاني؟ قلت لك انا مش بشك فيكي أنا خايف
عليكي.. اقفلي يلا واطلعي عشان تسنيم ما تحسيش بحاجه ولما نرجع نبقى نتكلم
عشان معايا عميل و مش فاضي يلا سلام.
❈-❈-❈
بداخل أحد المطاعم البسيطه، أقترب ذلك المدعي فرج من حسناء ثم رفع
يده أمام فمها وهو يقول باهتمام بالغ
= خدي
دي كمان مني وما تكسفنيش، كلي و اتغذي ده انتٍ خاسه خالص وشكلك ما بتلاقيش اللي
يهتم بيكي وبصحتك وما ينفعش تهملي في نفسك كده، انتٍ ما تعرفيش بقيتي مهمه عندي
إزاي .
لم تصدق حسناء أذنيها، فهناك أحد يعبأ لأمرها حقًا، ليست أوهامًا
وليست خيالات وردية اختلقها عقلها لها، فتلك الطريقة الذي بدأ أن يستخدمها ذلك
الشخص حتى يجعلها تقع له! فهو يعلم جيد بانها وحيده ولم تحصل على اهتمام من أحدهم
حتى عندما كانت صغيره وتلك المعلومات عرفها بالتاكيد من زبيدة جارتها السابقه
بالاضافه الى بعض معلومات أخرى هامه، فتحت حسناء شفتيها السفلى لتأخذ اللقمه منه
وهي تحرك رأسها بالإيجاب بإيماءة خفيفة هامسة بحزن مصطنع
= تسلم
ايدك، انا فعلا عمري ما كان نفسي مفتوحه ذي دلوقتي اصل انا طول عمري عايشه لوحدي
وما ليش أهل.. حتى الوحيد اللي قلبي حبه واتجوزته طلع قليل الاصل وكان طمعان فيا
عشان كده اتطلقت منه على طول.
مسح يده بذلك المنديل الموضوعه فوق الطاوله أمامه وهو يتحدث بغزل
صريح
= عشان
حمار ومش بيفهم حد يضيع الجوهره دي برده من ايده وعلى كده عندك ولاد منه
توترت قليلا لكنها حاولت الثبات بسرعه، و تغنجت بكتفيها قائلة بدلال
= لا
ما عنديش، أصلي كنت عامله حسابي كويس ان انا مخلفش منه، ذي ما يكون قلبي كان حاسس
ومش مامنا له يلا أهو خد الشر وراح.. ما قلتليش بقى وانت كمان متجوز و عندك ولاد
ولا ايه حكايتك.. لازم اعرف عشان نبقى على نور كده انا مابحبش اخد واحد من مراته،
اللي ما رضوش على نفسي ما رضوش على غيري .
هز كتفيه ساخرآ من كلماتها داخله ثم قال بنبرة مهتمه للغاية
= كنت
متجوز ومراتي ماتت قبل سنتين، وما عنديش أولاد اصل بعيد عنك عندي مشاكل في الخلفه
عشان كده ما حاولتش اتجوز تاني عشان ما اظلمش حد معايا، غير ان ما فيش واحده بترضى
برده تتجوز واحد مش بيخلف زيي إلا لو طمعنا في فلوسي، يعني تقريباً الحال من
بعضه.. حتي مراتي اللي ماتت دي كنت عارف أنها طمعانه فيا وكنت ساكت وبعمل لها كل
اللي هي عاوزاه عشان ما ليش غيرها والوحيده اللي رضيت بيا وانا كده .
عقدت الأخري حاجبيها باهتمام كبير وهي تستمع الى كلماته بترقب حتى
تبدأ ترسم شباكها جيد ليقع لها، بينما تابع فرج قائلا بجدية
=مع
اني ما كنتش حارمها من حاجه ولله وكل سنتين تقريباً كانت بتغير عربيتها باغلي
الماركات وعملتلها مشروع خاص بيها غير الشقه اللي كتبتها باسمها.. بس يلا أهو كل
راح وانا اتنازلت عنه لاهلها اصل الفلوس ما تفرقش معايا وعندي منها كثير وما
بتخلص.. انا اهم حاجه عندي الاصل
.
لمعت عيناها بالطمع، ثم تعمدت سحب أطراف ثوبها الحريري للأسفل بيدها
لتغطي فخذها المكشوف أمامه لكنه لم يستر إلا عدة سنتيمترات، وهو رائها وكان يغمز
لها بطرف عينه بخبث، فرمشت بعينيها بخجل مصطنع بائن أغراه للتودد إليها، لتردف
باهتمام
= آه
طبعا معاك حق اهم حاجه الاصل ! معدن الناس الاصيله اللي بتفضل معاك وما بتتغيرش
عليك، بس انت شكلك ما شاء الله يعني ربنا فاتحها عليك من واسعه، ده انا كل ما
اقابلك ألاقي راكب عربيه شكل واللبس اللي بتلبسه شكلك شاريه بالشيء الفلاني هو انت
بتشتغل ايه بالظبط
.
هز رأسه فرج وأجاب موضحًا بهدوء
=بشتغل
في كل حاجه ممكن تتخيليها، بستثمر وابيع واعمل مشاريع وبساعد ناس كتير انها تدخل
بمبلغ صغير مشاريع وفي ظرف شهر ولا شهرين بكبره واخلي الضعف عشرة مرات، غير ورث
أبويا وامي اللي بشغله في البورصه وكل يوم بيدخلي اقل حاجه رابع مليون كده.
اتسعت عيناها بذهول من المبلغ ثم ضحكت برقة مغرية واضعة يدها على
صدغه تمسح عليه، ثم رمقته بنظرات حب زائف وهي تقول بخبث
= لا
ده انت شكلك ما شاء الله شاطر أوي في الشغلانه دي .. وبتشتغل بقى ايه تاني .
❈-❈-❈
جالت عين سالم بين تسنيم وليلي بعدما أخرجت صغيرته هديتها المغلفة
وقدمتها لها ألجمتها تسنيم فعلتها.. فالصغيره منذ أن عادت من الخارج وهي تحادثها
بلطف وكأنها باتت ليلتها واستيقظت لتجد أنها تحبها، رفعت عينيها تنظر إلى ليلي
التي تمد يدها بالهديه وتبتسم نحوها قائله بلطف
= ممكن
تقبلي مني الهديه دي يا ابله تسنيم
ظلت تسنيم صامته بعدم تصديق، حتي فاقت
على صوته الجاد وهو يرمقها بنظرات ضائقة
على صمتها وعدم ردها علي صغيرتة
= حبيبتي
ليلي بتكلمك انتٍ سرحتي في ايه؟
هتفضل رافعه الهديه كده كتير مش هتاخديها منها .
عقدت حاجبيها باستغراب وقالت وهي تشير إلى نفسها
= هديه
لمين ؟ ليا انا منك.
وعندما ألتقت عيناها بليلي لم تري فيهم إلا
البراءه ونظرة اخري لم تفهمها جيد، وهي تجيب عليها برفق
= ايوه
لحضرتك اتمنى تعجبك بس.. ونتصالح ونبقي أصدقاء .. يا ابله تسنيم
نظرت تسنيم إليه بينما هز رأسه سالم بتأكيد بثقه، فها هي صغيرته تثبت
لها حسن نواياها بقلب حنون! رسمت الأخري ابتسامتها بصعوبه من هول دهشتها والتقطت
الهديه تنظر لاعين ليلي التي كانت تطالعها ببراءة، ثم أخذت نفس عميق وقالت بجدية
= احنا
ممكن نبقى اصحاب من غير هدايا يا ليلى، واتمنى حتى لما يحصل بعد كده مشاكل بينا
نحلها انا وانتٍ زي الاصحاب من غير
ما ندخل حد بينا ونوصل لي كلامنا غلط
اسبلت الأخري جفونها بوداعه تنظر نحو تسنيم التي دخل عليها الدور
ولانت ملامحها وابتسمت نحوها بصدق ولامت نفسها على حديثها عنها، طالعهم سالم
بسعاده حقيقيه ينفث أنفاسه براحه وهو يراهم منسجمين هكذا، لكن لم يريد أن يفتح ذلك
الموضوع مرة أخرى! هو يريد تصالحهم وان ينسوا ذلك الموقف ولا يذكر مره ثانياً،
لذلك هتف بنبرة مشدداً
= خلاص
بقى يا تسنيم مش لازم نفتح في القديم ومش مهم مين اللي غلطان المهم نتصالح .
اقترب وهو يتحدث واراد ان يلمسها لكن
أبعدت تسنيم يده عنها بحده وكأنها تصل إليه بانها تصالحت مع ابنته
فقط ! وليس هو أيضا؟ وستظل بينهما حواجز ولم تنتهي فالذي حدث بينهما سابقاً أزعجها
واتهامه اليها بالباطل وأنه لم يصدقها ولم يسمعها بالأساس .
تنهد سالم بضيق ولم يعلق بينما أكملت ليلي في اتقان الدور جيد وهي
تتحدث بخفوت وتخفض راسها بأسف و احراج زائف
= معاكي
حق يا ابله تسنيم انا اسفه
.
لم تكن تسنيم من الاشخاص الخبيثين ولم تتوقع مكر تلك الفتاه، و
رأت بأن الموضوع من الممكن يكون سوء تفاهم أو حتى لو أخطأت بالفعل مجرد موقف
مر ولم يعود! وفي النهايه هي ترغب بالتقارب منها حتى تكسر تلك الحواجز بينهما فهي
لا تحمل اي مشاعر كره تجاهها وعكسها.. لذلك صدقت أسفها دون تفكير أو شك!
ثم أضافت ليلي بدهاء وهي تنظر إلى والدها
= المهم
بابا يكون مبسوط
ليطالعها سالم وهو سعيد بأن صغيرته تتقبل كل شئ لأجله، ثم احتضنها
بحنان وقال
=حبيبتي
انا هبقي مبسوط لما تقربوا من بعض.. وکده اقدر اوعدكم اننا ممكن نخرج اي مكان
تختاروا سوا.. بس في يوم الاجازه
و كأنه أراد أن يكافئهم فلا شئ يرق مزاجه
تلك الفتره الا هما، عواقبه تتلخص بين صراعه معهم يرغب بزوجته
والتمتع معها براحه ولكن ابوته غرزت في اعماقه ولا يوجد مقارنه لديه بين حبهما،
فكرت تسنيم قليلا بالرفض لكنها تراجعت لاجل المراهقة وقالت بهدوء
= مفيش
مشكله، و خلي ليلي هي اللي تختار المكان.. اكيد هي محتاجه تنفصل شويه قبل الدراسه
لمعت ليلي عيناها وهي تنظر لملامح سالم
الذي ينظر لزوجته بسعاده عندما وافقت علي خروجهما هم الثلاثه رغم عدم
تصالحهم هم أيضا، فكان والدها نيته في الخروج معهم وحدهم حتى يجعلهم يقتربوا من
بعض اكثر، لكن ليلي لم يرضاها ذلك ولا يعجبها ذلك؟ فكانوا بالسابق يخرجون هو
وهي فقط! كما يفعل وتعودت منه، تمتمت داخلها بحقد
= برضه
مش هتاخدي مكاني في حياه بابا أبدأ..
❈-❈-❈
تعلقت ليان عيناها بالباقه الورود بدهشة المسنود على الطاولة أمامها
بعد أن وضعها أيمن وهو ينظر لها برجاء، لتفهم بأنها اعتذار عما صدر منه و شكه بها،
رغم ضيقها منه إلا أن أعينها لمعت ببريق مشرق لكنها أجابت بجمود قائله
= الورد
ده ليا انا؟ يعني انت تشك فيا الصبح وبالليل تجيبلي ورد .
ثم نهضت لتحضر هاتفها و وضعته أمامه متابعة بخيبة وحزن فيبدو بفعلته
تلك قد فتحت جروحها من جديد و أصابتها باحباط
= خلي
الورد بتاعك معاك يا استاذ مش هيداوي جروحي واتفضل كمان تليفوني خليه معاك احسن
عشان بالك يهدى وتبطل تشك فيا من تاني
.
هز رأسه بضيق ولم تعجبة تصرفاتها او كلماتها
ثم جذبها إلي أحضانه وضمها رغم اعتراضها وهو يقول بصرامة شديدة
= كده
احنا مش هنبدا صفحه جديده طول ما احنا بنتعامل بنفس طريقه زمان، امال هنبدا صفحه
جديده إزاي؟ نفسي الحب إللي بينا يصحي من تاني؟ عارف ان انتٍ جابتي آخرك خلاص بس
ممكن تدي ليا وليكي فرصه تانيه
صمتت ولم ترد إنما التمعت عينيها بالدموع و ضغطت على شفتيها السفلى
لتمنع هبوطها، وتنهد بصوت مسموع من حالتها، لقد رآها على تلك الحالة مسبقًا تبكي
بصمت وهي بمنزل والدتها عندما كان يرغب عمها يتزوجها من ابنه، ألمه ذلك كثيرًا،
شعر بتأنيب الضمير عندما تردد في الموافقه على خروجها مع تسنيم وذلك جعلها تعتقد
أنه عاد لتلك العادة السابقة الشك! رغم الأمر لم يكن بحاجة إلى كل ذلك التردد!
رفعها إلى صدره وضمها إليه، ثم مد يده على بشرتها ماسحًا دمعاتها برفق، همس لها
وهو ينحني على جبينها
= ليان
انا بحبك والله وعاوزك معايا، و لو لسه الافكار دي مسيطره على دماغي بدرجه كبيره
كده ما كنتش رجعتك.. ما تبقيش حساسه كده من كل حاجه انا والله العظيم ما قصدت أشك
فيكي انا خفت عليكي انتٍ بقيلك فتره مش بتخرجي لوحدك ومامتك قالتلي ان اهلك كل
فتره بيجي يسالوا عليكي عندها
.
أغمضت عينيها بقوة متألمة وهي تسمعه بصمت، فمسح على ظهرها واضاف لها
بتفهم
=انا
عارف إنه مش سهل تنسی بس صدقینی مع بعض هنتوجع بس هنعرف نداوى بعض لكن لو بعدنا
هنفضل طول عمرنا موجوعين.. و رغم أن انتٍ كسرتنی..و كسرتي فرحت قلبي بيكٍ! بس لسه
بحبك
ابتعدت عنه ببطء لكنها لم تظل إلى جواره و ابتعدت خطوتين للخلف،
لتنظر إليه بانكسار هاتفة بندم
= وكسرت
نفسي قبل ما اكسرك واسمع
للشيطان وخسرت نفسي مرة لكن مش هخسرها أبدا تاني، وقلت لك كذا مره ما
حدش هيحاسبني تاني على الغلطه دي
.
أمسك بيدها وهي لم تعترض فكانت بحاجة للعون، فتحرك صوبها مجدداً، ضغط
بأصابعه على راحتها واردف قائلاً بجدية
= وانا
ما حسبتكيش ولا طلبت منك ده شفتيني عملت اي حاجه تدل ان انا بعاقبك، ليان أنا
حبيتك اوى عشان كده ما استحملتش الغدر منك.. وأنا كمان غلط.. بس خلاص اوعدك بايمن
تاني يستاهلك ويحافظ عليكي
ردت وهي في حالة ما بين الخوف والتردد
= بس
أنا خايفة، المرة دي لو فشلنا الوجع هيبقى كبير أوي وأنا مش هقدر استحمله.. هو أنت
مش خايف ذيي
حك أيمن مؤخرة رأسه مرددًا بصراحة
=أنا
مش خايف، أنا مرعوب! بس أنا متأكد إن إحنا هنساعد بعض، وهنعدي المرة دي !
اتسعت عيناها وهو يعترف بخوفه من الاقتراب منها بل وأكثر، لكنه عاد
إليها من جديد هو ملائم لها، ويزيدها رونقًا وتميزًا. إلا أنه كان محق في أمر واحد
أنه أتى من أجلها وإن كان لا يزال غاضبًا منها ولم ينسي ما فعلته بالماضي، فهل
يحبها إلى هذا الحد؟؟ ولكن إذا كان يحبها كثيراً، فلماذا لم يظهر ذلك منذ البداية؟
لماذا لم يفعل ذلك عاجلا؟ ولو أظهر ذلك منذ البداية لكان وفر عليها الكثير من
المعاناة والندم، لكن هذه هي طبيعة البشر. يشعر بقيمة الشيء بعد فقدانه.
❈-❈-❈
تحرك عابد بخطوات ثقيله يصعد الدرج بعد عودته من عمله، تمسك به
الترابزين حتى يتمكن من الصعود فلقد ألمته عظامه وكل قطعة في جسده وبالاخص ألم
قلبه الذي يتزايد و أحيان لا يستطيع التنفس بشكل منتظم، وأصبح على هذه الحالة بعد
عودته من عند ابنته التي رفضت العودة معه! هو تقدم إليها معتقدًا أنها ستوافق علي
العوده معه دون اعتراض علي قراراته مثل سابق، لكن خابت توقعاته وتأكد من خسارتها و
للأبد! هو بالفعل اضعها من بين يده ومن البداية وليست لاحقا .
حاول يلملم بقوة ضعفه الوشيك لكنه عجز عن فعل ذلك، ليشعر اخيرا وبعد
فوات الاوان أنه أخطأ في حق أبنته الصغيرة حين تركها تواجه مصيرها المزعوم وأصعب
لحظاتها وحدها دون أن يمد يد العون لها، ولم يكتفي بذلك فقط بل أجبرها علي التنازل
عن حقوقها كلها دون الشعور بأي عطف أو ذره ندم! هي أصبحت تكره لقد رأي ذلك نتيجة
رفضها المرة السابقة، أبنته اصبحت تبغض وجوده ولا تريد رأيته و تكرهه بشدة! فهو من
أخطأ وعليه تحمل نتيجه افعاله التي جعلته يفقد ابنته ومن الصعب ان تسامحه أو تنسي
ما فعله في يوم.
ليته لم يتخلى عنها.. ليته لم يخذلها.. ليته لم يجبرها على الخضوع
لقيود المجتمع و جعلها تتنازل عن حقوقها لأجل ان تعيش حياه كريمه!! لكنها بتلك
الأفعال خسرت الكثير وعاشت اتعس حياتها .. وليت.. وليت.. لكن من متى يفيد الندم
على الاطلال .
سحب نفسًا عميقًا ليضبط تنفسه ثم اتجه نحو آخر الدرج صاعد عليه بتريث،
لكنه شعر فجأة بألم حاد في قلبه، والتفتت قدمه تحته، مما جعله يشعر بالدوران و
جعله غير قادر على الوقوف بثبات كثيراً حتى تعثر وسقط أمام باب منزله، وحينها سمعت
ريهام صوت بالخارج ونهضت لتفتح الباب بدهشة فتفاجأت بوالدها فاقد الوعي أمامها،
شهقت صارخة بهلع شديد
= بــابــا .
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية حياة بعد التحديث, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية