-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 9 - 1

 

 قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



 

الفصل التاسع

الجزء الأول

ظل الوضع متأرجحًا بين ليان و أيمن، بينما تمسك هو بها ومازال يحتضنها بقوة تجاوز تلك الساعات العصيبة لكن لم تتوقف هي عن بكائها، واقتحم عقلها سيلاً متداخلاً من مشاهد مختلفة لمقتطفات متفرقة من حياتها، السيئه والحزينه.. وخيانتها مع طارق الحقير.. و مشاحنات عنيفة مع زوجها، بعد وقعها في المحظور وجرها لحبائل طارق الخبيثة، و توريطها في مسألة المحادثات التي كانت بينهما وما تبعه من انكشاف المستور وطلاقهما الحتمي، والآن عودتهم الى بعض للمره الثانية.. لكن مع كل ذلك سيظل الأمر يدور حول نقطة واحده العلاقه بينهما ما زالت فاتره .


ازدردت ريقها بانكسار هاتفة بين بكائها المرير


= تعبت، كفاية بقي، يا ريت أموت وأرتاح، خدني يا رب، ارحمني من العذاب ده!


هز رأسه وتنهد بضيق شديد من حالتها وهو يقول بصوت جاد


= ليان كفاية، متقوليش كده، كلنا معاكي وجمبك!


ثم لمعت عيناه بوميض مشرق، متابعًا حديثه


=أنا جمبك ومش هاسيبك، سمعاني يا حبيبتي أنا موجود معاكي


للحظة تسرب صوته الجاد إلى أذنيها فبدا كالترياق لذلك الذي يلتهمها بضراوة، هدأت نسبيًا وانخفضت حدة بكائها الحارقة، ظل يبث في روحها المعذبة كلمات مهدئة حتى خف أنينها المصاحب لصراخها نوعًا ما، و رفض تركها بمفردها و شغل تفكيره حالتها المعذبه تلك وتساءل في نفسه بفضول عن الذي دفعها للوصول إلى الحضيض في مشاعرها، لتعاني بقسوة رافضة التمسك بأقل الآمال لتبقى في حياته.. فهل لهذه الدرجه تعرضت للظلم والمعاناه وهي معه وحتى وان كانت ليس معه

،قبل جبهتها بعمق وهو يردف قائلا


= كفاية عياط لحد كده، عينيكي بقوا كاسات الدم، خلاص يا ليان أهدي عشان خاطري.


تعلقت عيناها به بيأس وحسرة، وقالت بصوت متحشرج


= أيمن علاقتنا مش هترجع في يوم وليله زي الأول، وانت اكيد لسه مش واثق فيا 100% وما تحاولش تنكر ده . 


إبتسامة لطيفة شقت على ثغره وهو يقول


= كويس إنك عارفة ده، فيا ريت نكون صُرحة مع بعض! ليان أنا مش عاوزاك تخبي عني حاجة، أقل حاجة بتزعلك حتى ولا تعصبك ولا تضايقك.. خليكي صريحه معايا من الاول وده هيفرق معانا جدآ في علاقتنا وانا كمان نفس الوضع.


هزت رأسها متفهمة طلبه، امتص غضبه قبل أن يسيطر عليه مكملاً بجدية


= خلينا يا ليان واقعيين مع بعض من البدايه عشان نحاول نتجاوز أي حاجه هتحصل وتبوظ علاقتنا إحنا الحمد لله دلوقتي في حاجات كتير عديناها كانت صعبه علينا، طب اقول لك على حاجه على قد ما تعبت من بعدك! بعد طلاقنا بس حاجات كتير رجعتها في حياتي معاكي وحسيت ان انا غلطان فيها.. او زودتها معاكي او ما كنتش جنبك في الوقت ده وانا فعلا قصرت.. وانا شايف أهو الوضع كمان عندك نفس الحكايه وفي تغير حصل.


هزت ليان رأسها قائلة


= الحمدلله.


وإضاف دون أن يفلتها من أحضانه، بقي ذراعه محيطًا لخصرها، ضمها إليه أكثر قائلاً بهمس


=حتى انتٍ أهو اتغيرتي كتير وبتصلحي من غلطك عكس غيرك مكمل في الغلط ومش راضي يعترف بيه.. بصي خلينا متفقين على حاجه؟ اي اتنين متجوزين بيحصل بينهم مشاكل وده طبيعي فما بالك علاقتنا والتوتر واللي حصل !. 


توترت أكثر وحاولت أن تظهر جامده وهي تقول بنبرة مهتزة


= طب واحنا اللي يجبرنا على العذاب ده كله

ما كل واحد يعيش حياته بعيد عن التاني واحنا مرتاحين !. 


تخبطت في أفكارها التي أنهكت عقلها إلى أن سمعت صوته يجيب بوضوح أصاب جسدها بالقشعريرة


= عشان انا عاوزك ولسه متمسك بيكي!. 


تطلعت فيه مطولاً ولم تستطيع النطق بحرف واحد ثم أغمضت عينيها متألمة، فلا وجود في قاموس حياتها التعيسة لعلاقة مثل التي تتمناها داخلها سواء كأن مع زوجها الحالي او والدتها، كانت تريد ظهر في حياتها فقط ليعيد لها روحها المفقودة ليكسبها ثقتها بنفسها، صحيح لا تنكر هو أنعشها ببث بروحها المختبئة، الأمل في أبسط الأشياء، وقتل فيها الرهبة من المصائر المجهولة، تنهدت بتعب فقد أرهق التفكير عقلها وأتعبها ومع ذلك كانت سعيدة في داخلها لأنها عادت إلى المنزل من جديد، كم اشتاقت لفراشها ولأشيائها الخاصة، تقوس فمها بابتسامة راضية، هي حصلت على سلام داخلي وتصالحت أخيرًا مع نفسها، لذلك لم يعد بداخلها ذلك التشاؤم الدائم الذي أظلم قلبها، وحجب بصيرتها عن رؤية النعم الموجودة في حياتها، اكتسبت شخصيتها خلال تجربتها القاسية سماتًا جديدة غيرتها للأفضل، لكن مع كل هذا! مازالت لم تحظي على الإهتمام الذي كانت تنشده.. ولم تحسن علاقاتها بالجميع حتي الآن.


بينما هو كان يعلم جيدًا أن علاقتهم لن يحرز تقدمًا إيجابيًا كبيرًا في وضعهم الحرج هذا، لكنه على الأرجح سيخفف من آلامها وسيواجه ذلك المصيرًا الحزينًا تترقبه هي بيأس، بينما هو يتمني أن تحدث معجزة تمحي كل شكوكو تمامًا، لكن الأهم هو إشعارها بأهمية وجودها في الحياة؟ باستمرار الحياه بينهما وان يوجد أمل دوماً مهما كان الواقع سيء.


حاولت أن تتحدث وتبعد عنه حتي لا تتأثر من كلماته المهلكه الى قلبها، وتنذرها بالاستسلام وهي لا تريد ذلك مطلقاً، لكنه قاطعها بهدوء وأصر قائلا 


= أنسي يا حبيبتي وما تفكريش في الموضوع ده تاني ماشي، أنسي يا ليان.. أنسي و لازم تنسى عشان نعيش اللي جاي.


❈-❈-❈


بداخل غرفه فريدة، وقفت أمام المرآة ترتدي حجابها بهدوء، بينما كانت تقف خلفها سماح و قطبت جبينها بضيق و نهرتها قائله


= يا بنتي حطي شويه مكياج حتي في وشك ده منظر واحدة رايحه تقابل عريس متقدملها ، يعني الراجل لما يشوفك على الميعاد اللي انتوا اتفقتوا عليه بالليل بالمنظر ده يقول ايه 


أشارت بكفها بعدم إهتمام، ثم ابتسمت فريدة بتهكم تردف


= قصدك رايحه اطفش عريس متقدملي هو انتٍ مفكره هيكمل معايا بعد ما يعرف مصايبي خليكي واقعيه يا سماح أحسن.


عقدت سماح ساعديها ونظرت نحو فريدة بتركيز وتحدثت بشك


= هو انتٍ رايحه تقوليله دلوقتي كل حاجه عنك؟ طب اصبري شويه مستعجله على ايه؟ تصدقي قلبي كان حاسس موافقتك بسرعه دي كأن وراها حاجه .


احتل الغضب قسمات وجهها وعادت لها روحها الهجومية الرافضة لأى كيان ذكورى بالقرب منها وهي تقول بنبرة حادة


= من فضلك يا سماح انا لسه مش قادرة اتحمل فكرة الجواز تانى.. انا موجوعة فاهمه يعني ايه وطبعاً مفيش راجل بيستحمل وجع ست من راجل تانى.. هنرجع نوصل لنفس النقطة ... بلاش يا سماح تخليني اعشم نفسي في حاجه عمرها ما هتحصل.. اذا كان اهلي ما استحملوش الغريب هيستحمل .


تنهدت سماح بصبر وهي تقول بجدية


= طب يمكن بعدين تقدري بس بلاش تقفليها يا حبيبتي هقولها لك تاني زي ما في الوحش في الحلو صدقيني، و محدش هيغصب عليكي تتجوزيه ولا تتجوزى غيره .. انتٍ لما رفضتى الفكرة انا قلت في بالي لما تقابل الانسان الكويس هي من نفسها قلبها هيحن واهو بدر ده جه لحد الباب من نفسه وانا ماقولتش توافقي علي طول لازم نسال عليه مره واثنين وثلاثه وانا هخلي جوزي بنفسه يعمل كده هو يعرف واحد قريبه في المباحث وهيفيدنا في الموضوع ده .. وانتٍ كمان لما تقعدي معاه كتير هتعرفي اذا كان وحش ولا لاء


صمتت فريدة تفكر بنفسها حيث تتعجب من أمر هذا الرجل، الذي يدعي بدر ! لا تعرف لما مصر على أن يتقابلان رغم رفضها لكن أصر ان يعرف سبب الرفض أولا حتى يصرف نظر عن الموضوع؟ عكس هي تعتبره جزء من صفحة يجب طيها؟ لكن الأمر كله مثير للريبة بالنسبه لها، إبتلعت ريقها بجمود قائله بعدم ثقه 


= لما أشوف الأول رد فعله من اللي هقوله، عشان شكله كده هيطفش لما يعرف اللي فيها 


صمتت سماح بقلق من تلك الزيارة ثم قالت محاولاً بث الأمل بداخلها


= برضه مش هتخسرى حاجة لو قابلتيه.


❈-❈-❈


نظرت وفاء إلى هاتفها الذي لم يتوقف عن الرنين منذ الصباح برقم سراج، لكن وفاء هذه المرة تجاهلت كل تلك المكالمات والرسائل ولم ترد! فبامس في منتصف الليل، وبعد أن أغلقت الهاتف معه، بدأت تلاحظ ما فعلته من قبل و كيف تجاوزت حدودها معه!! وما زاد من ضيقها هو اكتشافها لما فعلته مؤخراً، حتى لو كان يفعل ذلك بحسن نية. فيجب عليها أن تضع أمامها أخلاقها وطريقة تربيتها هنا، بينما هو عاش سنوات طويلة في بلد غريبه ونشأ مع عاداتها وتقاليدها بغير هنا؟ لذا كان القرار الصحيح الذي اتخذته هو الإبتعاد عنه، وإلي هنا يكفي! لقد تجاوزت حدودها معه بالكلام، وإذا استمرت في ذلك ستتجاوز أكثر فأكثر.


لم تكن هكذا من قبل ولم تجرؤ قط على التحدث مع رجل كان غريباً عنها يوماً ما، لكنها لا تعرف هذه المرة كيف سمحت لنفسها بذلك؟ نسيت عاداتها وتقاليدها و ربها ايضا! فبالنهايه هو غريب عنها، رغم أن حديثهما كان يدور حول العمل فقط! لكن أي عمل كهذا، هي تكذب على نفسها. ففي الآونة الأخيرة، ومنذ أكثر من شهرين، أصبح حديثهما خارج إطار العمل وعن حياتهما الخاصة.


جلست منتصبة، و وضعت يدها على قلبها النابض، ولكن لماذا؟ هل افتقدته لانها لم تتصل به كما في السابق وتظل تتحدث معه ساعات حتى تمل؟ انقبض قلبها بقوة خوفاً من أن يصيبها سهام الحب! ولكن كيف ومتى؟ ولماذا الآن؟ في الماضي حاول شقيقها طه كثيراً أن يجعلها تنفصل عن زاهر وتعيش حياتها و تتزوج من شخص جيداً لكنها كانت ترفض دائما؟ لقد انغلقت على نفسها مبكراً ورفضت الخطبة أو الزواج. لذلك لم تجرب تلك المشاعر مع أحد، ولم يهتم بها أحد كما كان يفعل سراج ويسأل عن حالها و يشتاق إليها كما كأن يخبرها... ولعل هذا هو سبب تحرك مشاعرها تجاهه لأنها لم تجرب ذلك من قبل، أو هكذا تخيلت.


أفاقت فجاه علي صوت مهرة بالخارج، تبحث عنها لتركض ناحيتها هاتفه بتلهف


= ماما انتٍ فين؟ ماما وفاء .


وقفت مهرة قبالتها متابعًة حديثها بسعادة غامرة وهي تشير بسبابتها بورقة الامتحان 


= المستر اداني امتياز في الامتحان؟ و قاللي انتٍ شاطره أوي و كلها شهر واخلص الكرس الانجليزي ويديني الشهاده .


أبتسمت وفاء لها إبتسامة عريضة واقتربت تحتضنها بسعاده، بينما قبلت مهرة وجنتيها بحب قبل أن تلف يدها حول خصرها، ثم لاحظت هاتفها يرن للمره الثانيه لكنها اشاحت بوجهها نحو ابنتها بحزم، وهي تنظر إلي مهرة بحب وحنان وقررت داخلها أن تتجاهل أي مشاعر أو ما شابه ذلك وتركز مع ابنتها فقط.


❈-❈-❈


في منتصف الليل، بداخل الفندق لفت تسنيم ذراعيها حوله ليلتصق رأسها بصدره، أغمضت عينيها مرددة بصوت خافت


= مش مصدقه أن الاسبوعين عدوا خلاص و هنرجع مصر للشغل والمشغلوليات من تاني، بس اوعى تنساني وسط مشغوليتك دي تاني 


عمق نظراته نحوها قائلاً بنبرة شبة مترددة وهو يحتضنها أكثر بحنان


= لا خلاص توبه حرمت، بس في حاجه يا حبيبتي عاوز استاذنك فيها أول ما نوصل ممكن أخد ليلي ونخرج برة شويه واحاول اعوضها عن الاسبوعين اللي سبتها، عشان متاكد انها هتكون متضايقه لما هرجع .


تقوس فمها للجانب ثم أبعدت رأسها عن صدرة قائله بابتسامة صغيرة


= سالم ده طبيعي ومش لازم تستاذن مني عشان تخرج مع بنتك، وممكن كمان اقول لك علي أماكن حلوه تخرجها فيها وتفرحها اكثر


شعر سالم بالارتياح لقبولها للأمر بهذه البساطه وحتي انها بدأت تقترح عليه بعض الاسماء للاماكن ليزرها هو وابنته معآ عندما يعود، فهتف ممتنًا


= انتٍ جميله اوي يا تسنيم وطيبه، انا مبسوطه اوي انك في حياتي ومتفهمه كل حاجه كده وبتتعاملي مع الأمر بهدوء وعقلانيه 


لم ترد انما تطلعت فيه بابتسامة لطيفة وعادت واختبأت في أحضانه مرة أخرى الدافئة مستشعرة الأمان بقربها الملتصق به، لكن داخلها خشيت أن تكون سعادتها لحظية، أن تتلاشى مع مرور الوقت وتعذرها عند العودة إلي مصر مجدداً، أخرجت تنهيدة مطولة من صدرها نافضة عن عقلها مؤقتًا تلك الأفكار التي باتت هاجسها الحالي، وهي ترد بحب


=ربنا يخليك ليا ومايبعدنيش عنك!


ابتسم سالم على تصرفها وأماء برأسه متمتماً

بصوت غامض


= مش كفايه كلام بقى عن ليلى، في حاجة كنت مخبيها عنك من زمان ولازم تعرفيها


تسنيم وقد أنعقد ما بين حاجبيها بذهول 


= حاجة ذي إيه


سالم وهو يغمز لها بنصف عين واردف بمكر


=هقولك، بس تحت البطانية


قهقهت بصوت رنان آثار رغبته فيها أكثر فنطق

بها، بلهجة حماسية تفعمت بالحيوية ولم تشعر سوى بتسرب بيداه نحوها ليسحبها نحو فراشهما السعيد.. وبالنهاية نامت على ذراعه كعصفور اسفل جناح النسر.. وعندما اشرقت شمس الصباح بدوا في تجهيز الحقائب ليعودوا إلي المدينة.


❈-❈-❈


على الموعد كأن بدر أمام الدار.. ذهب أولا ليطمئن على السيده عواطف وترك الاطفال معها ثم ذهب ينتظر فريده في الكافتيريا كما طلبت منه، وبنفس الوقت تحركت فريدة بخطوات بسيطة تغلب قلبها ليهدأ من ضخاته المؤلمة التي تتزايد وتزيده ضغطا وتوتر، فهي لم تخف دهشتها منذ مغادره بدر مع رجاء شديد الإلحاح لمقابلتها بالوقت الذى تحدده، وبعدها أسلمت عقلها طيلة الليل للظنون تتقاذف هنا وهناك؟ لما هي بالذات يصر على الارتباط بها، هل سيعيد عليها نفس معامله حسام الذي ترك أثراً ليس فى وجهها فقط . 

هي حاولت تتجاوزه و تنسي طلبه! لكونه رجلاً ؟؟ تلك الفئة التى صارت تكره وجودها بحيز حياتها .. لكن يضيق صدرها بمجرد احتمالية حدوث ذلك .


ربما رأها فتاة خاضعة بمفردها وارادها لنفسه أو لاولاده، ستكون مناسبه له وهي بدون عائله او أطفال ليستطيع السيطره عليها دون الإعتراض منها! ستكون خادمه الى اطفاله و إليه فمن سيقف جنبها ويساندها ويمنعه من التطاول عليها.. تألم قلبها للفكرة! هل هذا هو دور الأنثى فى الحياة ! ألم سيعاملها رجل بهذه الحياة كانثى ! بالطبع أنثى لكن خاضعة فى عصر انتصرت فيه حقوق المرأة لهو مكسب لأى ذكر .. لكنها ليست خاضعة؟ ولم تعطي الفرصه لاحد يسيطر عليها .. ولو يظن أنه سيحصل عليها ليعيد ما قام به ذلك الذى تكره ذكره فهو أحمق .. لن تعود خطوة للخلف مهما حدث .. ستقابله لتلقنه درسا لن ينساه .


هزت راسها بيأس وحزن علي حالها، تواجه الكثير في هذه الدنيا ويترك أثر داخلها يظل يؤلمها ويجعلها تخشى الإقتراب من أحدهم لتعيد نفس التجربة .. لهذا السبب لا نتقبل الاعتذارات لأننا أصبحنا هكذا من الداخل.


جلست فوق المقعد أمام بدر والذى قابلته بتحفظ بقلق منه لكنها تجاوزته سريعاً حتى لا يظنها ضعيفه، أبتسم بدر بوجهها بعد أن تساءل عن أحوالها ورددت باختصار بأنها بخير ثم أردف قائلاً محاولة فتح حديث 


= تحبي تشربي حاجه


لتنظر نحوه بتحدى وتلاقت الأعين ليبتسم برضا لكونه وصل إلى هذا القرب منها رغم يجهل سبب غضبها بعد، وقالت بإقتضاب


= انا مش جايه هنا عشان أشرب ياريت نخش في الموضوع على طول، عشان نوفر وقت وانا كمان مستعجله. 


اعتدل بجلسته واومأ إيجابياً ليعقد حاجبيه مرددًا باهتمام


= مدام فريدة هو انتٍ في حاجه حصلت ضايقتك أو زعلانه مني، في حاجه عملتها من غير ما أقصد .. اصل حسيت انك متضايقه مني وانا ما عملتش حاجه حسب ما انا فاكر


لم تحد بعينيها عنه وتحدثت مباشرة بحدة


= هو انت عاوز تتجوزني ليه؟ اشمعنا أنا .


بهتت ملامح وجهه قليلاً و أخيرا أنقذه عقله ليتحدث لسانه بتلعثم


= هي الناس بتتجوز ليه؟ اه ممكن يكون كل واحد لي سبب غير التاني بس انا يعني اسبابي واضحه وبسيطه، عاوز زوجه تكون كويسه وبنت ناس وتساعدني في تربيه ولادي بس مش عاوزك تفهمي غلط النقطه دي.. اللي اقصده بمساعده أنك كل اللي بايدك تقدمهلي و عاوزه تقدمي برضاكي قدمي، انما مش هغصبك على حاجه أنتٍ مش ملزمه بيها.. 


جاءتها زفرة حارة من قلب متألم لتجيب بتساؤل يتصارع داخلها


= هو انت عندك فكره ان أنا سبق و اتجوزت 

وكمان مش هقدر أخلف لأني شايله الرحم 


زادت ملامحه شحوبا واومأ إيجابياً مجدداً قبل أن يتحدث بغرابة


= ايوه عارف بس ما كنتش اعرف انك شايله الرحم جه في دماغي ان عندك مشاكل في الخلفه، بس في الحالتين ما عنديش مشكله ومكتفي كمان بولادي اللي معايا ، لان كل اللي يهمني ان اربيهم كويس مش بالكتره 


ضغطت على شفتيها السفلى محاوله تخفى ألمها الصارخ، ثم هزت رأسها بعدم مبالاة هاتفه بصرامة


= لا انا مش بسالك ولا بقول لك الكلام ده عشان اعرف عندك مشكله في انك عاوز اولاد تاني ولا لأ، لأن كده كده متاكده أن الموضوع مش هيكمل من قبل ما يبدأ حتى بعد اللي هتعرفه .. مش كنت مستعجل ونفسك تعرف 

ايه أسباب رفضي .


استغرب من طريقتها المحبطة، وأثار داخله فضول ليعرف سبب غضبها منه دون مبرر


= اتفضلي سامعك، و عندي فضول كمان اعرف ايه الحاجه اللي متاكده وبتتكلمي بثقه أوي كده ان انا هرفضك عشانها.


إبتلعت ريقها مجيبة إياه بحذر و غموض أشد


= متعرفش إني كنت بحـارب!؟ آه و انتصرت.

بس مكانتش حربي ضد خصم واحد.. كانت مع الناس اللي بكرههم وبحبهم واهلي والعالم كله تقريباً .


لم يفهم شئ بالطبع ثم هتفت فجأة بنزق أصابه بالصدمة


= انا شلت الرحم بسبب ضرب جوزي ليا وأنا حامل و ما اتطلقتش منه عادي، لا أنا رفعت قضيه خلع عشان كان رافض يطلقني . 


انتفض بدر كمن لدغه عقرب فور سماع كلماتها التي تقولها دون مقدمات، و ردد بدهشة 


= هو للدرجه دي كان انسان وحش! طب كان رافض يطلقك ليه؟ وكان عارف انك حامل علي كده.


سلطت أنظارها عليه وهتفت فريدة بين جنبات نفسها بضيق كبير


= مش ده المهم ليه ما رضيش يطلقني، المهم انا اتجوزته ليه؟ انا كنت أصلا مخطوبه لواحد تاني قبله وكان فاضل على فرحنا أسبوع واحد وكنت بشتغل ممرضه في مستشفى وحياتي كانت ماشيه طبيعيه جدآ، لحد ما في يوم وانا مروحه متاخر من شغلي .. آآ اتعرضت لاغتصاب


قست نظراته اكثر نحوها، وتشنجت قسمات وجهه مما سمعه منها لم يصدق أذنيه، هو صحيح كأن يعلم أنها مطلقه ولا تستطيع الإنجاب لكن لم يعتقد الوضع كذلك مطلقا؟ والآن أي اغتصاب هذا تتحدث عنة، أردف قائلا بعدم تصديق


= إيه .

تابع قراءة الفصل