-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 9 - 2

 قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد




الفصل التاسع

الحزء الثاني


 العودة للصفحة السابقة

تجولت عينيها بين وجهه باهتمام تبحث عن نفور أو اشمئزاز منه لها بعد ما سمعه، لكنها وجدت ملامح جامده مصدومه!بدت ارتعاشتها واضحة في نبرتها وهي تتحدث ببساطة وكأن الأمر لم يعد يعنيها 


= لا مش وقت صدمات ده لسه في صدمات تانيه كتير هتعرفها، البني آدم اللي انا كنت متجوزاه وبسبب ضربه ليا شلت الرحم و بالمناسبه آه كان يعرف ان انا حامل وقت ما ضربني و ما كانش فارق معاه.. هو نفسه الشخص اللي اغتصبني .


أشاحت بوجهها للجانب بيأس، وظهر بعينيها حزن كبير وهي تضيف


= مش عارفه اذا كنت اتجوزته برضايا ولا غصب عني انا كنت في الأول رافعه عليه قضيه ومصممه اخذ حقي، بس للأسف أهلي كان ليهم وجهه نظر تانيه ما استحملوش كلام الناس ولا نظرتهم وأهلي طلبوا مني بكل بساطه إني اتنازل عن القضيه واتجوز اللي اغتصبني و ده الحل المناسب وهو في النهايه هيستر عليا .. ما انا بقيت في وجهه نظرهم واحده جايبه لهم الفضيحه والعار لازم يستر عليها، في البدايه رفضت كتير بس في النهايه استسلمت لما انا كمان ما قدرتش استحمل كلام الناس ولا قدرت استحمل ضغط أهلي، لأن لقيت فجاه الكل ضدي وحملوني الذنب زي ما الناس عملت بالضبط، والمضحك في الموضوع أنهم بقوا يعاقبوني أنا بدل ما يعاقبوا الجاني! بقي كل إللي حواليا يفكر في نفسه وبس! والدي بيشتغل مدرس وبعض اهالي التلاميذ اللي بيدرس لهم منعوا الاطفال يروحوا له بعد ما عرفوا ان بنته اغتصبت.. مش عارفه ليه اصلا عملوا كده؟ بس ممكن بقيت في نظرهم واحده سيئ السمعه وما قدرتش تحافظ على شرفها يبقى ما ينفعش أبوها يدرس لاولادهم .


هوت كلماتها كالسياط على قلبه تصدمه أكثر، ولم تمهله الفرصة لإظهار تعاطفه أو حتى صدمته فتابعت كلماتها بقسوة أشد 


= الجيران بقى يضايقوا ماما في الرايحه وفي الجايه بيتكلم عني ويسالوها عن قضيتي ويضغطوا عليها بالكلام بدون خجل، ومن ناحيه تاني اختي سابت بيت جوزها وكانت هتطلق بسببي لان جوزها برده ما استحملش ضغط الكلام اللي وصل له بسببي..ولا موضوع خطيبي اللي اختفى فجاه من حياتي من غير ما افهم السبب وبعد كده عرفت متاخر ان والدته بقت تضغط عليه هو كمان عشان ما يكملش معايا وهو بمنتهى البساطه نسي حبنا وداس عليا وراح يخطب واحده غيري من غير حتى ما يفسخ الخطوبه و يواجهني وفجاه بقيت انا المذنبة في نظرهم، اهو تخيل بقى كل دول عليا و يطالبوني ان أتنازل عن القضيه واتجوزوا، بس يفكروا فيا و ازاي هعيش مع واحد اعتدى عليا بالطريقه الوحشيه دي وازاي هكون واثقه فيه بيوم وهامن على نفسي معاه وهصحى الصبح أبتسم في وشه عادي وانام جنبه وانا مطمنه.. لا ما فكروش ولا اهتموا بكل ده.. انا حسيت اصلا ان انا كنت عبء عليهم عاوزين يخلصوا مني باي طريقه ومش مهم يفكروا في مشاعري ولا احساسي ان انا ازاي هعيش مع شخص زي ده عادي كده .


اضطربت أنفاسها من قوة عباراتها وترقرقت العبرات في مقلتيها، فهي تفتح جروحها بيديها لذلك كان الأمر صعباً للغاية عليها، و فكرت أن تتراجع لكنها أصرت مكملة 


= طبعاً مش عارفه اوصفلك عشتي معاه كانت عامله ازاي، بس ممكن اختصر لك إللي حصل في جمله واحده ان انا اتعرضت للاغتصاب تاني بعد الجواز منه! وفي مره من المرات الكتير اللي كان بيضربني ويهني حصل الاجهاض ده واضطريت اشيل الرحم! اترميت في المستشفى زي الحيوانه وهو هرب ولا سأل فيا.. واهلي خدوا وقت عقبال ما عرفوا ويا ريتهم ما عرفوه أصلا.. تخيل بعد كل اللي حصل؟ لثاني مره طلبوا مني ان أتنازل عن حقي واكمل واعيش معاه؟؟ ما انا في الاول كنت واحده فاقدة شرفها و دلوقتي بقت مش هتعرف تجيب أولاد ومطلقه فازاي و كلام الناس.. بس المره دي صممت اخد حقي وسجنته وخلعته كمان وطبعا مقابل الحق ده خسرت كثير ومن ضمنهم أهلي اللي طردوني 


اتسعت عينا بدر شيئا فشيئا حتى صارت صدمته صارخة بقسماته ارتعش كفه ليعيد الكوب دون أن يتذوقه للطاولة بصمت ولازال يستمع لكل جروحها وألمها، وعقله لا يستوعب بعض الكلمات من قسوتها! وضعت يدها على صدرها تأخذ أنفاسها الاهثة بصعوبة متابعة بحرقة


= الموضوع طويل اوي ومهما اشرحلك ولا احكيلك مش هتتخيل، ولا هتصدق مش بعيد تفتكرني بقول كده وخلاص لان اللي انا بحكيه اصلا ما حدش ممكن يصدقه بسهوله! تعرف ممكن وانا بحكيلك اصلا انسى حاجه كده ولا كده فالاحسن هقول لك حل .. ممكن رقم تليفونك أنت عندك واتس .


هز رأسه بدر بالايجاب بصمت بعدم تركيز، ثم اعطته هاتفها ليكتب رقم هاتفة وهو مشتت مما سمعه ولم يفهم حتى لما طلبت رقم هاتفة، وعندما اخذت الهاتف منه بدأت تضغط على الأزرار وتحدثت بحدة اجفل جسده و اتسعت عينيه ليزفر بعمق 


= كويس هبعتلك دلوقتي من الواتس بتاعي لينك افتحه اقراه كويس هتلاقي في قصتي، آه ما ده كان سبب طرد بابا ليا ان انا رحت حكيت قصتي للصحافه! بس ما تخافش ما حطتش صورتي اكتفيت باسمي بس الموضوع عدي عليه اكثر من سنه ونصف.. و بصعوبه عقبال ما لقيت اللينك ده لسه موجود علي النت، اصل الناس في المصايب بتنسى طالما في مصيبه جديده شغلتهم؟ 


عجز عقله عن التفكير فى كلمات مناسبة و عجزه لسانه لتنفض واقفة، واضافت هامسة بصوتها المختنق


= وبعدين أعتقد حتى لو انا حطيت صورتي الموضوع مش هيفرق معاك لانك عمرك ما هتكمل ارتباطك وترتبط بواحده زيي بعد كل اللي حكيته، يعني اذا كان اهلي رموني انت اللي هتشفق عليا وتامن على ولادك معايا؟ 

اظن انت دلوقتي فهمت انا ليه قلت لك انت بنفسك اللي هترفض الإرتباط بيا بعد ما تعرف 

حياتي كانت عامله ازاي زمان..و اسفة الواحدة اللى بتدور عليها مش انا .


❈-❈-❈


في منزل وفاء، بداخل غرفة مهرة شهقت بهلع شديد وخوف عندما استيقظت من ذلك الكابوس المزعج وهي تري في منامها ذلك الحقير زوجها يقتل روحها بإفتراسه لبرائتها .. 

ولم تشفع توسلاتها معه كعادتها فقط يتلذذ بتحطيمها.. إزدادت إرتعاشة جسدها وهي تجبر نفسها علي نسيان ذلك الحلم وأنها الآن في واقعها وهو ليس موجود بحياتها، فوضعت عفوياً يدها على فمها لتكتم شهقاتها حتى لا تصل بالخارج وتسمعها وفاء وتقلق عليها وتصر على زيارتها للطبيب، فلم يكن بالطبع ذلك الكابوس الوحيد الذي تراه ويشعرها بالإرهـــاق الدائم! لذا عمدت البقاء فترة أطـــول في غرفتها حتي لا تنتبه وفاء لتلك المسألة فقد كانت تعتقد أنها غافية.. ونومها هو السبيل لشفائها.


في حين بالخارج، كانت وفاء تتمدد على الأريكة المقابلة للتلفاز بغرفة المعيشة وتنظر له بإهتمام بين الحين والآخر.. ومع هذا انتبهت 

الى اتصالات سراج والرسائل الذي لم يتوقف عن إرسالها وهو يشعر بالقلق الشديد من اختفائها بشكل ملحوظ فجاه دون مبررات! و شعر بأن من الممكن أصابها خطر ما، و هو لا يعرف؟ وبسبب ذلك منعها عن الرد عليه.


تنهدت وفاء بأنزعاج من التردد الذي داخلها، تفكر هل تجيب عليه لمرة واحدة أم لأ؟ ترد وتخبره بأن ينساها، فهي أيضاً مغلوبه على أمرها، تعاني من فقدان الإهتمام والحنان.. و حالتها النفسية شبه متردية.. ولكن هناك شيء ما ناقص في حياتها، ولا تعرفه أو ترفض الاعتراف به .


وفي ذلك الأثناء خرجت مهرة من غرفتها بخطوات ثقيله وعيناها مرهقة، سألتها علي الفور وفاء بإهتمام وهي ترفع حاجبها للأعلى


= مالك يا مهره شفتي كابوس تاني ولا ايه؟ وشك عامل كده ليه يا حبيبتي


تقوس فمها وهي تجيبها بصوت مضطرب قائلة بكذب


= لا أبدا يا ماما وفاء، بس مش جايلي نوم قلت اقعد معاكي اتفرج على التلفزيون، ممكن 


لاحظت وفاء التغيير البادي على وجهها بالاضافه الى الارهاق الواضح عليها ولم تقتنع بحديثها، لكن أيضا لم ترغب في الضغط عليها

وفتحت ذراعيها تنظر لها بحنان لتتقدم لتجلس بجانبها .


❈-❈-❈


تململت ليلي متأثرة من ذلك الصوت الهامس الحنون فابتسمت بشغف وهي تتخيل بأنه حلم، ضمها إليه محاوطًا إياها بذراعه وظل يهمس باسمها عدة مرات! بدت كالطفل الصغير الذي وجد راحته وتثاءبت بإنهاك وهي تجاهد للنهوض من نومتها التي طالت معتقدة أنها تحلم، لكن عندما فتحت عينيها اتسعت بذهول وهي تقول بنبرة متوترة


= بابا أنت رجعت بجد !. 


احتضنها سالم أكثر و رد بحذر


= ايوه يا حبيبتي رجعت وحشتيني اوي اوي، أما صدقت نزلت مصر جيتلك انتٍ اول واحده عشان أشوفك.. ايه مش هتحضنيني انتٍ كمان .. ما وحشتكيش .


تذكرت ما فعله معها، وكيف تركها وذهب مع زوجته، فانزعجت من تصرفاته المستفزة لها، وسألته بحدة


= عادي، يعني هتفرق معاك؟ ما انت رميتني هنا من غير ما تقول لي انك هتسافر وما بقتش مهمه عندك، للدرجه دي خلاص كل وقتك للعروسه الجديده وبس. 


أبتسم سالم قليلاً وتفهم غيرتها، وهو يقول بصوت شبه جاد


= حبيب قلبي اللي غيران، انا ما عنديش اغلى منك في حياتي اوعي تقولي كده.. هو انت يعني مش عارفه انا بحبك قد ايه! بس خلاص لازم احنا الاتنين نتاقلم ان في حد جديد في حياتنا دخل وزي ما هقعد معاكي وهتاخدي كل وقتي برده لازم اخصص نفس الوقت ده لمراتي .. 


تابع سالم قائلا بلين وهدوء محاوله إقناعها بالحديث، فهو يعرف عناد أبنته جيد لذلك تعمد إلى استخدام أسلوب الرفق معها، و وضع كفه على طرف ذقنها ليمسح عليه بحنو وهو يقول


= معلش عارف الموضوع في الاول هيكون صعب عليكي بس بعد كده إحنا الاتنين هنتعود وتسنيم والله ما وحشه جربي تقربي منها وهتلاقيها طيبه وبكره تبقوا أصحاب وقريبين من بعض .


طأطأت رأسها بضيق ظاهر ولم تقتنع بحديثه إطلاقا، لكنه مط شفته مرددًا بمراوغه 


= ايه رايك تقومي تلبسي دلوقتي ونخرج! هوديكي أماكن جميله اوي هتفرحي بيها وهتحبيها، وهنعمل شوبين كمان زي ما بتحبي.. ولا مش عاوزه خلاص ونروح البيت على طول .


رفعت راسها له بانتباه، و رددت من بين شفتيها بنبرة عفوية 


= لوحدنا، هنخرج لوحدنا وتسنيم هتكون في البيت .


ضحك على عبارتها وهو يعلم أنها من حقها..

فطول الاسبوعين الذي قضاء مع تسنيم وهي تجلس هنا بمفردها و الغضب يأكلها من الغيرة! لذا ليس عيله سوي يغرقها باهتمام حذر.. ويتقبل دلعها الزائد لأجلها.


قبل وجنتيها بعمق وهو يردف قائلا مؤكداً


= لوحدنا يا ليلي، انا وصلت تسنيم البيت وجيتلك انتٍ على طول


لم تصدق حديثه فمعنى ذلك انه مل من زوجته واشتاق إليها لذا ركض لها وترك تلك العروس بمفردها، وأقنعت نفسها أيضا أنه أمر زوجته بصرامة شديدة ان تذهب الى المنزل وهو سيذهب ليخرج أبنته ويعوضها عن غيابه لأنه شعر بالندم بسبب فعلته تلك.. فهي كانت بحاجه لدعوة اهتمام مثل تلك منه لتثبت بها عكس مخاوفها داخلها.. من والدها دون أن ترافقهم تسنيم وتظل هي تحدقها بكره منها وتفسد عليها الاجواء السعيده .


لم تستطيع أن ترفض أو تكمل في خصمها المصطنع منه كثيرا، وفي خلال لحظات نسيت كل دموعها و غضبها الشديد ونهضت من فوق الفراش تقفز بسعادة غامرة وهي تقول بفرحه 


= ثواني هغير هدومي بسرعه ومش هتاخر .


أبتسم سالم على سعادتها وخرج ينتظرها بالخارج، وخلال دقائق بدأت ليلتهم بالخارج وكان حريص على أسعدها واخراجها من الاجواء الحزينه كاعتذار على ما فعله سابقاً وصدر منه، ولم يحتاج ان يبذل مجهود بذلك 

فليلى نست كل شيء وبدأت تسعد و تمرح بالاجواء مع والدها بمفردهم حتي منتصف الليل، بينما كان سالم حريص هذه المره أكثر من قبل؟ بأن مثلما أشتري واحضر إلي أبنته يشتري أيضا شيء لتسنيم زوجته حتى يكون عادل في المعامله ولا يفرق بينهما .


بعد فتره عادوا الى المنزل، و تهللت أسارير ليلي بشدة، وأقبلت علي تسنيم الجالسه بغرفه المعيشه تعمل أمام اللاب، واقتربت منها حتى تفسد هدوءها وتزعجها بكلماتها كعادتها والتي اشتاقت لازعاجها، أبتسمت بمكر وقالت 


= شفتي يا ابله تسنيم بابا جابلي إيه، احنا لفينا اماكن كتير حلوه يا ريتك كنتي معانا بس تتعوض بقي مرة ثانية


ردت تسنيم موضحة بابتسامة سعيدة


= مبروك عليكي الحاجات الجديده يا حبيبتي تتهني بيها، مش قلت لك يا سالم الاماكن اللي انا قلت لك عليها ليلى هتحبها اوي وهتلاقي فيها لبس كمان جميل ليها، انا خدت بالي انها بتعشق حاجه اسمها شوبن .. و باين عليكم اتبسطتوا.


أومأ سالم برأسه مؤكدا، وهو يقول بابتسامة صغيرة


= اه فعلا يا تسنيم شكراً اختيارك للأماكن كان اختيار مناسب وليلي اتبسطت أوي .. وما كانتش عاوزه تروح من كتر ما هي مبسوطه . 


عين ليلي تحولت إلي صدمة، فقد اعتقدت زيارتها لتلك الاماكن إقتراح من والدها، لذا تقدمت منها حتى تشعلها بنار الغيره لكن ما حدث العكس تماماً وهي من اشعلتها بنار الحقد!! وكالعاده ظنت بان تسنيم فعلت ذلك حتى تكسب والدها الى صالحها ويحبها اكثر منها.. لتطلع إليها بصمت وداخلها تحولت إلى فتاه حاقده تؤذي من حولها و التفتت لترحل إلي غرفتها وأغلقت الباب خلفها وفي خلال لحظات اترمت فوق الفراش وهي تبكي بحرقة وحقد شديد


= انا بكرهها، دي حيه عاوزه تبان قدام الكل انها طيبه بس هي مش كده.. عامله نفسها بتحبني ومهتمه بيا عشان بابا يحبها اكتر وتاخده ليها لوحدها .. بتمثل الطيبه والبراء قدامه .


رفعت رأسها وهي تمسح دموعها بعنف شديد واضافت بنبرة مغلولة


= بس انا عارفه حقيقتها كويس .. هطلعك من هنا قريب يا تسنيم ..ما تفرحيش كثير انتٍ عمرك ما كأن ليكي وجود في حياتنا ولا هيبقى ليكي .


❈-❈-❈


عاد بدر للمنزل متأخراً بتعمد، فهو لا يريد أن يضع رأسه فوق وسادته ويراقب تصارع أفكاره طيلة الليل، فهكذا اصبحت أيامه السابقه!حاول انهاء أعمال المنزل بسرعه و أجهد بدنه حتى اكتفى و ألقى بدنه المجهد فوق فراشه دون أن يبدل ملابسه فلم يعد لديه طاقة لأى حركة، لم يستطيع ان يغمض عينيه وظل يفكر بحديث تلك الممرضه فريدة، وتذكر أيضاً عندما عاد بنفس اليوم وفتح هاتفه ودخل علي اللينك الذي ارسلته له وظل يقرا حديث الصحافه.. لم ينكر أنه شعر بالصدمه والذهول وهو يكتشف ما تعرضت إليه من مواقف صعبه.. 


اغتصاب.. عذاب.. زواج.. وتخلي عائلتها عنها و تخلى خطيبها ذلك ايضا وذهب يرتبط بفتاه اخرى! وكل ذلك لأنها طالبت بحقها انقلب الجميع ضدها وتم ارغامها بالزواج من ذلك الحقير وبالنهايه اجهضت جنينها الوحيد واستاصلت الرحم وانحرمت من الإنجاب .


أغمض عينيه وهو ينتهد بعمق لا يصدق كم الظلم والعذاب الذي تعرضت اليه ومن أسرتها، وهو كان يعتقد بأنه الوحيد الذي يعاني في تلك الحياه؟ فا ألمه لا يسوي شيء مقابل آلامها .


فتح عينيه فجاه يطالع سقف الغرفة بحيرة لقد أراد أن يعرف سبب رفضها له؟ وبعد ان عرف السبب؟ هل سيتخلى عنها أيضا مثلهم، هل سيفكر بنفس نظريتهم بانها عار ولا تصلح للارتباط وكل ذلك لأنها طالبت بحقوقها وتجرأ ذلك الحقير واغتصبها .. فما ذنبها بكل ذلك؟ 


دارت عينيه بأفكاره، تلك الغائبة والتى رأى بعينيه ما وصلت إليه من جرح وإهانة! فهل ستتقبل تجربة جديدة؟؟ فيجب هو أولا 

يستعد لتقبلها مع كل هذه التجارب حتى تتقبلة هي بعدها . 


بهتت ملامحه مع تباطؤ واضح بدقات قلبه حين قفز سؤال أمام عينيه، أيقبل أن يعيش مع فتاة تعرضت لاغتصاب وتخلت عائلتها عنها، بالإضافة سيكتفي باطفاله الاثنين فإنها لا تستطيع الإنجاب أبدأ ، بل هي بلا رحم ؟؟


الأمر صعب بالفعل لذا يجب ان يفكر جيد واكثر من مره حتى لا يجرحها على الأقل، فيكفي ما تذوقته من عذاب، تنهد بألم هو كأن كل ما يريد زوجه صالحه لاولاده قبل له! لكن الآن وجد نفسه داخل دوامه أخرى .


فمنذ ذلك اليوم بدأ يفقد الأمل ويحاول ترويض نفسه ليرضا رغم كم الألم الذى تعنيه لذلك لكن الأمر صعباً حقا... فكر أن يترك الأمر يسير كما يريد الله حيث بدأ بدر بإنعدام الأمل فى قرب محتمل لكنه رغم ذلك لم يخسره كليا .


هو أصلا يشك أنها ترى صورة متطابقه لزوجها السابق وسوف يعاملها بنفس المعامله، لكن هذا بالتاكيد لا! فلم تكن في صفاته وأخلاقه فكره ان يعنف امرأه تحت أي سبب ويتطاول عليها سواء بيده أو بلسانه ويقفذها باهانه لاذعة بقصد، ويقلل من شأنها أو هو متزوجها لاي سبب من تلك الأسباب.. فحتى مساعدتها واهتمامها باولاده يردها برضاها وبطيب خاطر 

وليس غصب .. ودائما يرددها بينه وبين حاله بان الزوجه الذي سيتزوجها لاحقاً يجب يضع بعقله بأن تربيه اطفاله ليس واجب عليها بل واجب عليه هو فقط .


زفر بضيق من التفكير الكثير قبل أن يلقى بنفسه فى غيامات من نعاس يستلذ الهروب به من ضغوط حياته التى تفرض عليه أغلب ما فيها، وعندما جاء الصباح ظل بالمنزل مع بناته ولم يفتح ورشته للمره الثالثه على التوالي وعلي غير العادة! وذلك جعل رفيقه بالعمل عوض يشعر بالقلق عليه وقام بزيارته، حمحم عوض قائلا بقلق


= ايه يا اسطى بدر انت تعبان ولا ايه بقيلك يومين مش بتفتح الورشه انا قلت انك رحت مشوار ولا حاجه ومش هتفتح النهارده لكن لما عدى يومين تانيين قلقت بصراحه وقلت اجي أشوفك بنفسي 


هز رأسه برفض وهو يرد بعقل مشتته 


= لا يا عوض انا كويس ما فيش حاجه، حسيت بس الايام اللي فاتت ضغطت على نفسي كتير في شغل الورشه وشغل البيت فقلت اخد هدنه واستريح شويه


اقترب منه مستبشرا مزاجة السيئ، ليردف الآخر بتفهم وقال


= خير ما عملت يا اسطى انت الايام اللي فاتت فعلا كنت بتتعب كثير، وانا ياما كنت بقول لك استريح هتقع من طولك في مره من اللي بتعمله وساعتها العيال دول مش هيلاقوا حد غيرك .


وعند هذه النقطه شعر بألم شديد يتردد داخل قلبه وينبض بقوة، فإذا حدث له شيء سيء بالفعل كيف سيكون مصير أطفاله وهو بالأساس عاش وتربى في ملجأ وليس له عائله 

لذلك يعلم جيداً صعوبه الحياه بدون أسره أو مأوى ويعرف معنى أن ينشأ طفل بدون رعايه واهتمام، تنهد بألم وهو يردد بحرقة


= معاك حق يا عوض ، انا لو جرى لي حاجه مش عارف العيال دي هيروحوا فين .. حلها من عندك يا رب وابعتلي البشاره


عقد الآخر حاجبيه باستغراب وهو يسأله بغرابة


= مالك يا اسطى! انت متاكد انك كويس حاسس ان في حاجه حصلت وانا ما اعرفهاش 


أخفى وجهه عنه تضارب الحزن والحيرة بقسمات وجهه ثم عاد ينظر نحوه قائلاً بثبات 


= لا خالص ما فيش حاجه لو عاوز تاخد المفتاح وتفتح انت الورشه اتفضل وانا بكره ان شاء الله هتلاقيني نزلت على الشغل لو قعدت اكثر من كده العيال دي مش هتلاقي اللي يصرف عليهم .


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد من رواية حياة بعد التحديث, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة