-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 15- 1 - الإثنين 23/10/2023


قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد

 

الفصل السادس عشر

الجزء الأول


تم النشر يوم الإثنين

23/10/2023



كانت تسنيم تجلس بغرفة المعيشة فوق مقعد السفرة تعمل علي ملف قضية هامه أكثر من ساعات، بينما تقدمت ليلي لتجلس أمامها وهي تحمل بين يدها كتب المدرسه، دققت الأخري النظر فيما تحمله بيديها واستغربت لما جاءت هنا بالأخص لتذاكر؟ لكنها لم تعطيها إهتمام كبير وانشغلت في عملها، ثم بعد أكثر من ساعه انتهت أخيرا وهمست بتعب شديد وهي تدلك رأسها بارهاق


= آه انا تعبت أوي .. أخيرًا خلصت .


نهضت تسنيم تجاه المطبخ وهي تفرك رأسها بسبب صداع شديد أصاب رأسها من التركيز والكتابه في الملف، بينما في تلك الأثناء كانت تراقبها ليلي بنظرات غامضه! وعندما عادت تسنيم تجمدت أنظارها على الطاوله لتجد الملف غير موجود ظلت تبحث حولها مثل المجنونه لكن لم تجده، وتسارعت دقات قلبها بخوف كبير من ضياعه بعد كل ذلك المجهود الذي بذلته به، فاقتربت من ليلي متسائلة بغرابة لانها لم تكن غيرها أمامها


= الملف فين انا كنت سايباه هنا؟ ردي عليا انا بكلمك .


تطلعت فيها مطولاً بعدم مبالاة لترد ليلي بغموض ماكر


= قصدك الملف اللي كنتي قاعده بتكتبي فيه من الصبح ده؟ تقريبا لي علاقه بشغلك صح 


هزت رأسها على الفور قائله باهتمام


= أيوه هو فين ؟.


كتفت ساعديها أمام صدرها قائلة بجمود تتلاعب باعصابها


= وانا مالي ما تشوفي ضيعتي حاجتك فين،

انا اصلا ما اعرفش بتتكلمي على ايه انا بخمن بس.. عشان يا عيني شايفاكي من صباحه ربنا قاعده مركزه أوي في اللي بتعمليه، ومش بتعملي حاجه غيره.


أمعنت تسنيم النظر إليها بفقدان أعصاب فلم ينقصها استفزازها الان، بينما تراجعت ليلي متحاشيًا هجومها الوشيك عليها ولم تحاول إخفاء ضحكاتها المتسلية علي مظهرها حتي كادت أن ترحل لكن الأخري لحقت بها متابعة باهانة لاذعة قاصده استفزازها أكثر


= شكلك تعبتي في كتابته أوي؟ تؤ تؤ يا حرام دي هتبقى مصيبه لو مش لاقيه فعلا.. دوري عليه كويس ممكن تلاقيه.. بس هو انتٍ كده على طول خايبه وبتضيعي حاجتك؟ ما انتٍ لو بتركزي في شغلك بس! بدل ما بالك مع الرجاله اللي مش متجوزه .. كان زمانك مضيعتوش دلوقتي .


نظرت لها بحدة وهي تصيح بانفعال


= انتٍ قليله الادب وما لقيتيش اللي يربيك احترمي نفسك واتكلمي معايا بطريقه احسن من كده، انا مش عارفه ازاي سالم مش شايف اسلوبك الزباله اللي بتتعاملي بيه مع غيرك . 


كركرت ضاحكة علي عصبيتها الواضحة باستهزاء، وقالت بعبث ماكر


= معلش أصل الأيام دي بقي ينشغل مع واحده تانيه غيري ومخدوع فيها وما يعرفش انها خطافه رجاله وبتمثل عليه البراءه والاحترام وهي... 


تعالت ضحكات ليلي بطريقه مثيره للأعصاب،

في حين صمتت تسنيم للحظات تنظر إليها وهي لا تصديق وقاحتها اللا محدودة و استشاطت نظراتها على الأخير لتنفجر غيظًا منها، ولوهله لم تتحمل المزيد منها لتصمت علي إهانتها خصوصاً لم يتجرأ شخص ما في حياتها و اهانها بتلك الطريقه! و بفقدان صبر وتهور رفعت يدها للاعلي تريد ضربها .!!!!  


دخل في تلك اللحظة سالم والغضب أصبح يحتل كيانه وهو يري كيف زوجته تهين أبنته و ترفع يدها للاعلي تريد ضربها! تراجعت تسنيم عند آخر لحظة عندما تداركت ما كانت ستفعله بسبب كلماتها التي لا تحتمل واقترب منها وهو يتسائل بصدمه وعدم استيعاب


= تسنيم ايه اللي بتعمليه ده؟ انتٍ كنتي هتضربيها .


شعرت ليلي بالخوف لوهله وهتفت بهلع وهي تتراجع للخلف وظلت تنادي على أبويها ببكاء كبير! فقد جاءت أمامها فرصه ذهبيه مثل تلك فلم تفوتها بالتاكيد لعلها تساعدها في التخلص من تسنيم الى الأبد، وتحركت تختبئ خلفه مرددة بنحيب


= تعالي اللحقني يا بابا شوف الست اللي انت جايبها دي؟ كانت هتعمل فيا ايه .


اتسعت عيناها بصدمة واضحة من تحولها  المفاجئ، وصاحت مزمجرة


= لا انا بجد مش مصدقاكي؟ دي انتٍ تاخدي أوسكار في التمثيل؟ مش كنتي من شويه بتقولي عليا مركزه مع الرجاله ومش مركزه في شغلي عشان كده اتجوزت باباكي .. اطلعي بالملف عشان ده لشغل مهم؟ اخلصي وديتي الملف فين لعب العيال بتاعك ده مش فايقه له .


نظر لها بعتاب أكبر، لقد تحدث معها مرارًا وتكرارًا في تلك المسألة كي لا تصبح شاغلها الأكبر بليلي وتتعمد مضيقتها، رغم انها وعدته بعدم الاقتراب منها والامتثال لطلبه، لكنها خالفته وانشغلت بذلك الأمر دونًا عن غيره مجدداً، والأمر لم يتوقف هنا فقط! فقد راها مرة أخرى تحاول اهانتها وهذه المره كانت ستضربها!. رد عليها سالم بجدية


= في ايه يا تسنيم مالك بتكلميها بالطريقه دي ليه و ملف ايه اللي ضاع؟ وايه اللي حصل خلاكي عاوزه تضربيها، انا سبق وقلت لك انا مش بتعامل مع بنتي بالطريقه دي وما اسمحش لاي حد يكلمها كده


اعتدلت في وقفتها فزادت غضب، لم ترغب في معرفته بتلك المسألة كي لا يوبخها من جديد لأنه دائما يقف ضدها مع ابنته حتى لو أخطأت توترت أكثر حينما انتبهت الى نفسها وما كانت ستفعله بسبب كلماتها المهينه التي اشعلتها بالغضب الشديد دون وعي، حاولت أن تشرح له الأمر بانفعال فتلك الصغيره قد تجاوزت الامر كثيراً معها، وحتى لو أخطأت في حقها لأنها حاولت ضربها، فلها مبررات كثيرة، لكنها لم تفهم مبررها بعد معها.


= تمام هاتلي انت حقي منها بقى، انا كنت قاعده هنا بشتغل في الملف بتاع قضية بكره مسافه خمس دقائق رحت اجيب حاجه من جوه، و رجعت ما لقيتوش وهي كانت قاعده على السفره جنبي بتذاكر وما فيش حد في البيت غيرها يبقى راح فين هي اللي خدته؟ 


استغرب من تصرفاتها المتجاوزة ضد أبنته  وإصرارها على أنها أخذت الملف منها لكن لم يقتنع! فلماذا ستفعل ليلي كذلك وما الاستفاده؟ فبدا الأمر بالنسبة له مريبًا بدرجة مقلقة، رفع يده عاليًا وهو يسألها بحدة


= وهتاخده تعمل بايه؟ وليه هتعمل حاجه زي كده ومع ذلك ماشي انتٍ خدت حاجه زي كده يا ليلى؟ 


تداركت ليلي الموقف بسرعة وهبطت عبراتها الزائفة، ولقد صدمها حضوره الغير متوقع لكن بسرعه قلبت الأوضاع لصالحها كالعادة، وبدأت تبكي بحرقة وازدردت ريقها أمامه مصطنعة التخوف وهي تدافع عن نفسها 


= وانا هعمل كده ليه يا بابا حرام عليكي هتظلمني زيها، انا آآ كـ كنت قاعده فعلا جنبها في حالي بذاكر ومش مركزه معاها اصلا هي بتعمل ايه ولا شفت الملف اللي هي بتقول عليه ده.. ممكن تكون خدته وهي داخله جوه ونسيت، انا لقيتها فجاه جايه بتتخانق معايا وعاوزه تضربني وبتقول لي ألفاظ وحشه .. انت عمرك ما قلتهالي ولا مديت إيدك عليا..ليه تهني بالطريقه دي على حاجه ما عملتهاش .


كانت ليلي تبكي بهستريه لتتقن الدور جيد لتستغل عواطف والدها اليها، ألمه ذلك كثيرًا و شعر بتأنيب الضمير والغضب من زوجته لتعنيفها بقسوة لها، والأمر لم يكن بحاجة إلى كل ذلك التعصب والانفعال أخذها إلي أحضانه  رفعها إلى صدره وضمها إليه، ثم مد يده على بشرتها ماسحًا دمعاتها برفق، همس لها وهو ينحني على جبينها


= بس يا حبيبتي خلاص أهدي و كفايه عياط معلش حقك عليا أنا .. بس يا ليلي .. بس يا حبيبتي.


شعرت تسنيم بالذهول والغضب الشديد منه، 

فردت بحده أكبر وهي في حالة ما بين الخيبه  والحزن 


=والله! هو ده اللي ربنا قدرك عليه؟ على فكره انا لسه ما خلصتش شكوتي بنتك قالتلي كلام ثاني وما يصحش يتقال وهي اللي اهنتني مش انا؟ عشان كده ما قدرتش أمسك اعصابي من كلامها.. واللي بتحكي اصلا مش هو اللي حصل وهي مش اول مره تكذب.. وتالف قصص ما عملتهاش .


كادت أن تجن منهم هم الاثنين و وجهها اصطبغ بحمرة جلية، فماذا تنتظر منه؟ بالتأكيد سيدافع عن ابنته وسيبرر لها، ثم مسح بكفه على وجنتيها صائحًا بخوف كبير


= بس يا ليلي بطلي تتشنجي كده وانتٍ بتعيطي، كده هتتعبي اكتر قلت لك خلاص حقك عليا.. اهدي خلاص ما حصلش حاجه، تعالي معايا جوه على اوضتك .


حركت جسدها بقوة عصيبة من قوة ندائها له لكنه لم يهتم إليها وحدقت في تعامل سالم مع أبنته بنظرات مذهولة، فهي تشتكي له عن أفعالها وهو ما زال يدعم ابنته في الخطأ دون ان يفكر ربما هل أخطأت هذه المره، بدا صوتها لاهثًا وهي تقول بصعوبة


= سالم انا بكلمك انت سامعني؟ 


كفكفت ليلي عبراتها بظهر كفيها، وأجابت برأسٍ مطرق في خبث وقد غالبت دموعها مرة أخرى


= والله يا بابا ما اخذت حاجه.. والله العظيم صدقني.. وبعدين ايه يعني ملف بتاع شغل  ضاع منها يخليها عايزه تضربني بالطريقه دي؟ 

ما في داهيه .


لهث صوتها وهي تصيح بشراسة وغيظ


= والله! تحب اضيعلك حاجه من حاجتك عزيزه عليكي أو تعبتي فيها؟ عشان اعرفك معنى اللي انتٍ عملتيه.. خلصي وهاتي الملف ما تتكلم يا سالم .


نظر سالم بغضب مكتوم إلى تسنيم وهو يضغط على أسنانه بقوة كاتما غيظه


= مش وقته الكلام ده يا تسنيم مش شايفه بنتي عامله ازاي بسببك، و دوري على الملف كويس قبل ما تتهميها وتهنيها بالشكل ده.. و لاخر مره بحذرك اي حاجه تحصل تعالي اشتكيلي بدل ما تزعقي لبنتي مره ودلوقتي عاوزه تضربيها .


أخذ سالم أبنته وتحرك بها تجاه غرفتها متجاهلا إياها تماماً، وهذا كان بمثابة خنجر يطعن في قلبها! 


وفي ذلك الأثناء كانت ليلى تسير جانب أبيها فأبتسمت لها بانتصار و شماته من بين دموعها، ولقد لاحظت تسنيم ذلك ولم تصدق خبثها و حقدها الذي زاد لذلك الحد.


فلم تستطع الأخري إخفاء نقمها وبات واضحًا عليها انزعاجها منها، حتى نظراتها كانت تشير إلى حقدها وسعادتها! فمن الواضح بأنها بدات تلعب على المكشوف؟، ثم أدخل سالم أبنته الغرفة متعصبًا وصافقًا الباب خلفه بقوة.


❈-❈-❈


تقدم أيمن خطوة للأمام، دون أن يحرر يد زوجته من بين يديه ليفتح لها باب سيارة  يدعوها للجلوس بها وبعدها صعد ليسوق وهو يقول بضيق شديد


= على فكره الدكتور اللي فوق ده غريب يعني ايه نعمل نفسنا كاننا لسه في فتره الخطوبه ونتعرف على بعض من جديد، احنا متجوزين أصلا مع ايقاف التنفيذ لسه هنعيده تاني  


لم يكن مقتنع أيمن أبدا باقتراح الطبيب، على عكس ليان تماماً التي تحمست لتلك الفكره، وطبيعي يكون غير مقتنع فهذا هو المشكل والفاصل الذي كان بينهما دوماً عدم الإهتمام والحب الظاهر في العلاقه بينهما والمتبادل، 

لذلك اقترح الطبيب تلك الفكره لتنعش الحب بينهما من جديد! ثم أجابت بصوت هادئ يغلبه الحماس


= طب على فكره، هي فكره كويسه جدآ عشان نبدا نتعرف على بعض ونعرف بعض كويس، وما تقولش ان احنا متجوزين أصلا؟ ايه العلاقه ما في كتير متجوزين بس ما يعرفوش حاجه عن بعض و اعتقد احنا مرينا بالفتره دي اصلا في حاجات كتير في حياتنا ما نعرفهاش على بعض وعرفناها بالصدفه.. ايوه احنا فعلا كنا بعيد عن بعض مع أننا في بيت واحد .


عقد حاجبيه باستغراب وقال متفاجئ من ردها 


= يا سلام كنتي مترددة من موضوع الدكتور ومش عاجبك في الأول! دلوقتي الموضوع جي علي هواكي..


قالت بتنهيدة وهي تسبل عينيها نحوه


= أهو تغيير والدكتور قال بنفسه أن دي خطوه كويسه في علاقتنا، ليه لا؟ ولا مش عاوز نحسن علاقتنا.


صمت وهو يفكر في الأمر ثم تنهد قائلا بنوع من المزاح


= خلاص تمام طالما انتٍ شايفه كده نجرب، تحبي بقى بما اننا لسه مخطوبين من كام ثانيه نخرج مع بعض اي مطعم نتغدى.. ولا تحبي اتصل بمامتك استاذنها الأول .


أبتسمت له ليان وثبتت نظراتها عليه، فلم يكن من النوع الذي يمازح أبدًا، ثم غابت عيناها في نظراته الحنون، هاتفه


= بطل تريقه وسخافه واطلع يا أيمن، بس حلوه حكايه نتعرف على بعض في المطعم دي وتكون اول خروجه لينا، ماشي موافقه  .


انحرف عن الطريق السريع بعد قيادة متواصلة لما يقرب من الساعتين، لينتقل إلى ذلك المطعم المتطل للشاطئ، وهنا تبدلت الملامح المتعبة لأخرى منتبهة ومهتمة بمتابعة المشهد الخلاب،وبلباقةٍ تحسدها عليها الكثيرات، ذهب أيمن يفتح الباب لها لتهبط وهي تنظر إليه نظرة رضا وحب، فكان يفعل ذلك في بدايه زواجهم، أشعرها حرصه على أدق التفاصيل بالقليل من الارتياح، ومع هذا عاد القلق ليستبد بها عندما جلسوا وقال بعدم رضا 


= انا مش عارف ازاي طاوعتك انتٍ والدكتور على الهبل ده بجد .. يعني من قله الحلول هنعمل نفسنا لسه مخطوبين من اول وجديد يا حبيبتي انا اتجوزتك مرتين اصلا .


عبث الهواء بطرف حجابها الخفيف، فأعادت ضبطه وهي تلتفت ناحيته، خفق قلبه بقوةٍ لتلك الابتسامة الرقيقة التي ازدانت بها شفتاها وهي تحاول مجاريته ليتفاعل معها بذلك الحل


= انت عارف ايه أسرع حل لإيه مشكلة بين الراجل والست، وممكن الخناقه تخلص في اقل من خمس دقائق 


وضع أيمن يده فوق يدها الموضوعه فوق الطاوله قائلاً بصوته الخشن


= شكلك بقيتي خبره في الحاجات دي قولي 


حركت رأسها بتؤدةٍ لتنظر عن كثب لعينيه المحاصرتين لها، وهمست في أنفاس متقطعة


= في كل خناقه اتخانقناها حتى في بدايه جوازنا وكانت صغيره، يعني مره ايام ما كنت بشتغل لسه حصلت مشكله معايا مع زبونه وبعد ما طلبت اكثر من ست فساتين وعملتهم لها اللخبطه كانت في المقاس وكانت هي مصممه انها قالتلي المقاس صح وانا اقول لها لا المقاس اللي انتٍ قلتهلي في الاول كان غير كده.. ورجعت يومها من الشغل متخانقة مع المديرة بتاعتي ولما قلت لك على مشكلتي فضلت تانبني زيها شويه و تقولي ممكن ما سمعتيش كويس ما انتٍ ساعات بتسرحي برده لما اكلمك في حاجه واطلبها منك في البيت وشويه تديني نصايح وانا بقيت متنرفزه أكثر وعمالة اشتكي و أشتكي وأنت قاعد؟ شويه تديني في حلول وشويه تفتح لي في اخطاء في البيت برده بعملها.. وأنا فضلت اسمعك وفي الآخر راحت قايله لك خلاص وفر نصائحك لنفسك وانا استاهل اللي انا باخد رايك في حاجه ومشيت وسبتك.. 


هز رأسه باهتمام وهو ينظر لها، لتضيف بصوتها الخفيض


= انت اتضايقت واتجننت اكتر وشفت الموضوع من وجهه نظر تانيه؟ مش فاهم انا بعمل معاك كده ليه؟ و انت كنت عمال تساعدني.. وفي الاخر قومت وسبتك وانت من نرفزتك شويه وقومت ورايا وكملنا خناق اكثر.. اما انا بقى كنت شايفه الموضوع من وجهه نظر تانيه خالص عنك؟ راجعه من الشغل متضايقه ومش عارفه اذا كان الغلط مني ولا منهم واخذت منهم كفايه لوم وعتاب 

وكنت طول الطريق بفكر في حاجه واحده بس منك انك تاخدني في حضنك وتخفف عني و لو حتى انا غلط تقول لي اكيد انتٍ ما تقصديش تبوظي شغلك خصوصا انك بتحبيه والكلام ده، صحيح بدات تعمل كده في الاول بس في نصف الكلام قلبته وبقيت تغلطني زيهم ومش بس كده، لا كمان بقيت تفكر في مواقف بينا وتقارني بيهم وتقول لي ما انتٍ برده بتعملي هنا ذي هناك وبتنسي حاجات .. 


ارتسمت علامات الصدمة والجدية على تعبيراته حين بدأت تخبره بصيغة جاده وهامه


=في اللحظه دي والطبيعي ان اغضب منك انت كمان لاني مش ببقى مستنيه لوم وعتاب في اي خناقه او غلط انا تسببت فيه غصب عني، يعني زمان بابا الله يرحمه كان بيتخانق مع ماما وانا كنت صغيرة وفضلت خايفة منه  وبجري ومش مخلياه حتى عارف يحضني، بس اول ما حضني وفضل يتكلم معايا بالراحه ويفهمني انه كأن غصب عنه انفعل بالطريقه دي وهو اسف وبدا يلوم نفسه وأنه فعلا كان غلطان، انا وقتها ابتديت انسى طريقه غضبه وخوفي منه مقابل الحضن ده وانه اعترف بغلطه .. ومع مشاكلنا ابتديت فعلا افهم ان الست مننا بتبقى اوقات كثير في اي مشاكل او خناقات بتكون عاوزه حاجه واحده بس حضن او ايدي تطبطب عليها مش عاوزه لوم ولا عتاب ولا مين فيهم صح ومين غلط .


حدق بها لثواني ثم استرخت ملامحه وابتسم

بعد أن تفهم ما الذي تريد الوصول إليه


= يعني لو أنا عارف من الأول انك عايزة حضن وانتٍ عرفتي اني عايز أساعدك مش أتحكم فيكي ولا اظهر لك اخطائك زي ما وصلتلك بالعكس انا كنت بحاول احسسك انك ياما بتغلطي فعادي ومش اول مره يعني.. ماكنش هيبقى فيه خناقة اصلا . 


ردت عليه زوجته مؤكده بثقة


= بالضبط كده .


حرك أيمن ذراعه ليمسك بيدها، وخلل أصابعه بين أناملها، ثم منحها نظرة أخرى عميقة، تنطق عما يجيش بين جنبات صدره من آمال متقدة، ثم علق قائلاً


= تعرفي أنا متهيالي انا كمان الراجل بيكون عاوز برده نفس الحضن ده في اي خناقه عشان ينهيها، واوقات فعلا بيكون مش قادر انه يتخانق ولا يعاتب ولا يلوم.. بس فتحتي كمان عيني على حاجه لما الخناقه بتنتهي في نصها كل طرف بيروح في حته ودماغه بتقعد تودي ويفكر بوجهه نظر غير التاني.. مع انى الموضوع هنا كان ممكن يتحل ان كل واحد يقول اللي جواه بدل ما كل واحد بيفكر ان قد ايه التاني مش بيحبه ودايما مصمم يطلعه وحش وغلطان وانه اناني وطول الوقت شايف الغلط منه ومش بيحبه .


ظلت تعابيرها محتفظة بجديتها وهي تحاصره بأسلوبها المستريبة، وقد اقترح عليها بجدية بحتة متعهد لها بشدةٍ


=طب ناجي هنا نتفق اتفاق، بعد كده اي حاجه مضايقانا نقولها بس نختار وقت مناسب ما نكونش احنا الاتنين متعصبين.. وبلاش جو نستنى كل واحد ياخد باله من التاني أنه زعلان مش هيجرى حاجه لو قلنا اللي مضايقنا لبعض.. وبلاش نسيب بعض زعلانين ولا في نصف الخناقه من غير ما نشرح احنا زعلانين من بعض ليه؟ بدل ما نسيب دماغنا تودينا في حاجات تانيه، وكل واحد يسيء الظن في التاني .


كانت تحاول ليان بجدية أن تخفي انبهارها العميق بتلك الكلمات الرائعة، وبوسامة شريك حياتها وعشق عمرها وهي تظهر ابتسامة خجولة على شفتيها، تنظر نحو عينيه بعينيها  وتشعر بخفقان قلبها، ثم مدت يدها الأخري لتمسك بكفه أيضا قائله بامتنان بنبرتها الحانية


= هو الموضوع هيكون صعب في البدايه اكيد بس أنا عن نفسي هحاول.. ممكن ده يوفر علينا خناقات كتير . 


❈-❈-❈


بدأ ليلها طويلاً رغم انقضاء معظمه، لكن عقلها لم يهدأ من كثرة التفكير، بقي سالم مع ابنته لساعات طويلة، يرفض تركها دون الاطمئنان عليها بينما كان يداعبها ويواسيها، في حين يتركها هنا وحدها تضرب رأسها بالحائط. لم يزعجها ذلك، لكنه على الأقل يعطيها فرصة للدفاع عن نفسها وشرح الأمر له وموقفها. و أسبابها! يعاملها كما يعامل ابنته دائمًا! لما طول الوقت يضعها في الجانب السيئ، في أي شكوى أو موقف تواجهه أمام ليلى، تكون هي الخاسرة.


ظلت تستعيد في ذاكرتها الموقف! هي بالفعل أخطأت لا تنكر ذلك، كان يجب ان تتمالك نفسها وتسيطر على اعصابها أكثر؟ لكن لم تستطيع فقد اهانتها تلك الصغيرة بطريقة صعبة التحمل بالاضافه الى كلماتها المهينه فالامر لم يتوقف هنا ولم يتكرر مره واحده، لذلك لم تتحمل، يكفي حقا لقد تحملت الكثير سابقا.. فلقد اتهمتها بشرفها بطريقة صريحة فكيف تصمت بعد كلماتها الوقحه تلك، بينما الآخر لم يصدقها . 


نظرت حولها فلم تكون تلك الحياه التي كانت تتمناها وتتوقعها معه، لديها يقين ما، بأن تلك الصغيرة ابنته ليست صالحه وكل أفعالها تدل أنها مريضه نفسيه وتحتاج الى طبيب يراها، و مراقبة أكثر.. فلم تنسي عندما نظرت بأعينها المغلولة رأت فرحه و انتصار !! بسبب تحقيق مرادها، هي بالفعل تريد طردها من المنزل ومن حياة والدها بالكامل .


تقسم أنها شاهدت فرحتها السعيدة بما فعلته؟ وكأنها حققت انجاز عظيم وكانت تنتظره و تسعي له، عندما تشاجرت مع والدها وأصبح يبغضها بسببها، هي أنانية بحبها له وتملك قلب حقود متمنية في نفسها أن تفسد فرحتهم بأي شيء وبدون ان تهتم بالنتائج بعد ذلك، لكن تظل بالنهايه لديها عذر مقبول ولكن سالم هل لهذه الدرجه معمي عن أفعالها وتصرفاتها الخطيره .


من تزوجت هي! هل هو نفسه الشخص الذي خفق قلبها له، من ملأ فراغ حياتها واستحوذ على تفكيرها، رفعت تسنيم أنظارها لتحدق في سالم الذي كان متجهم الوجه ويقف على بعد خطوات منها، علقت قائلة بجمود


= كويس ولله انك افتكرت أن ليك زوجه و كانت محتاجه تشتكيلك وتتكلم معاك ! زي ما انت بتروح تطيب خاطر بنتك رغم ان هي اللي غلطانه .


صاح بها سالم بعصبية وهو يشير لها بيده


= يعني انتٍ مش غلطانه برده! تسنيم انا شفتك بعيني وانتٍ عاوزه تضربيها وتمدي ايدك عليها لولا لحقتك في اخر لحظه! ليلي حساسه جدآ وانا عمري ما عملتها بالطريقه دي 

اتصدمت منك ومش لوحدها الحقيقه.. أنا عمري ما كنت أتخيل تعملي حاجه زي كده في

بنتي تحت أي سبب ولا مبرر .


انزعجت تسنيم من طريقته الحادة خاصة أن مزال يزداد تشبثًا و تصديق أكاذيب أبنته، فردت قائلة بعبوس


= هو انت حتى بتسمع مبرراتي؟؟ انت بتصدر عليا الحكم وخلاص من اول ما بتسمع كلمتين من بنتك و بتصدقها وانا لأ، رغم ان كلامها كله مش حقيقي وهي بتالف قصص كتير ما حصلتش وبتكذب.. ومش اول مره تعملها؟ في الأول كنت بقول معلش غيرانه مني! عيله صغيره لسه مراهقه وحاطه في دماغها ان انا وحشه وممكن اؤذيها .. لكن اكتشفت ان هي اللي بتاذي اللي يقرب منك .


أشاح بوجهه للجانب مبرطمًا بكلمات متشنجة لم تفهمها بوضوح، وظلت تلك الرجفة القوية تعتريها، وردت بحذر وهي تبتلع ريقها


= سالم صدقني بنتك مش طبيعيه وفيها حاجه ومحتاجه تعرضها على دكتور يشوف سلوكها، هي قالتلي في وشي انها كلها مجرد وقت وهتطلعني من هنا زي ما عملت مع غيري! تقدر تقولي معنى كلامها ده ايه؟؟. 


لوح سالم بذراعيه أمام وجهها صائحا بنفاذ صبر وغضب عارم


= تسنيم خلي بالك من كلامك! حتى لو قالت كده أكيد مش في نيتها انها تاذيكٍ فعلا ولا تعمل حاجه، هي عمرها ما اذيت حد أصلا ولا من النوع ده؟ ايه الكلام الغريب اللي بتقوليه ده اصلا.. تلاقيكي انتٍ اللي فهمتي كلامها غلط؟ ولا بتقولي اي كلام عشان تغلوشي على غلطتك؟ عيله صغيره زيها ايه اللي ممكن تقدر تعمله وهي في سنها ده .


ردت عليه بسخط بارز على تعابيرها ونبرتها


= انا بحاول انبهك على بنتك عشان تلحقها  وانت تقول لي بتغلوشي على عملتك؟ يعني انت برده مصمم ان انا اللي غلطانه واللي بنتك قالته صح؟ ومصمم تصدقها وتكدبني انا .. 


رد عليها سالم بصوت غليظ ولم يقنع بكلماتها

علي الاطلاق


= تنبهيني عن ايه؟ هو انتٍ اللي بتقولي ده حد يصدقه؟ كل مره بدخل بشوفك فيها بتحاولي انتٍ اللي تاذيها ودلوقتي بتقولي لي هي اللي عاوزه تاذيكي؟؟ انا اللي بفضل اطلعلك مبررات كل مره مش انتٍ يا تسنيم .. واحد غيري ما كانش اتصرف بعقل لما يشوفك في مواقف زي ده مع بنته، وانتٍ عارفه ليلى بالنسبه لي ايه؟ دي بنتي الوحيده و ما بيستحملش عليها اي اذيه .. ما بالك اللي بياذيها ده اقرب الناس ليا، بتحطيني في الموقف ده ليه مش فاهمك .


اتسعت عيناها متألمة ومستنكرة تفكيره فيها

لترد بصوتها المتشنج ونظراتها المحتقنة نحوه 


= قلبت الايه في ثانيه وطلعت انا زوجه الأب الشريره كالعاده، ماشي براحتك مصمم تشوف بنتك ملاك وما بتغلطش وانا الوحشه خلاص انا مالي انت حر، ما هو في النهايه كل واحد بيحصد نتيجة اللي زرعه وانا مش هغصبك تصدقني ولا هعرف اعمل زي بنتك ما بتعرف ما شاء الله عليها .. واستخدم اساليبها .


جز علي أسنانه بعنف، هادرًا بنفاذ صبر


= تقصدي ايه بكلامك المستفز ده .


شحوب مريب حل على بشرتها حينما رأت تلك القسوة تنبعث من نظراته و معاملته لها، لتهتف بجدية حذرة  


= يعني انت في الاخر اللي هتدفع وتشيل عمايل بنتك مش انا يا سالم! انا حاولت اقرب منها زي ما انت قلتلي وشفت منها اسلوب وكلام صدمني واهانتني بالمعنى! والكلام الغريب اللي قالتهلي خلاني أشك ان في حاجه في أسلوبها غريب؟ واول حاجه جت في بالي أن لازم اقول لك عشان تلحق بنتك وفي الآخر ده ردك؟؟ يبقي خلاص .


ساد صمت ثقيل بينهما للحظات عجزت فيها عن إيجاد المزيد من الكلمات المناسبة لإخراجها من حالة الصدمه المتمكنة منها، ثم قالت بصعوبة


= أنا رايحة أنام برة.


استاء من تصرفاتها وكلامها نحوه أبنته، فلا يحتاج الأمر لكل هذه العصبية ثم رآها تلتقط الوسادة و المفرش من فوق الفراش، اشتعلت عيناه بعنف فقبض على معصمها ناهراً


= ارجعي مكانك نامي وبلاش شغل العيال ده

هو انتٍ كل ما نتكلم ولا نتناقش في حاجه؟  هتتقمصي ذي العيال الصغيره وتسيبي الاوضه وتمشي تروحي تنامي في حته ثانيه 


هزت رأسها برفض شديد، وأشار لها بكفه آمرًا

مضيفا


= اسمعي الكلام، مش مع كل نقاش بينا هنوصل لكده... انا مبحبش تصرفات الستات وصغر عقلهم


لم تشعر بنفسها إلا وألقت ما في يدها فوق الفراش، ثم نظرت له شزرًا وهي ترد بجمود


=بس الاسلوب اللي انت بتكلمني بيه مسموش نقاش.. ده كان اتهام وظلم لي وانت حتى مش راضي تسمع وتصدق غير بنتك ولا تخليني ادافع عن نفسي.. وبعدين انا لحد دلوقتي بحاول اتصرف بعقل وما تسرعش! 


اختنق صوتها للحظة حينما تذكرت وضعها  الحالي المعقد، واضافت بمرارة


= وكويس إني بغضب في نفس البيت! لكن مين عارف مره من المرات الجايه هغضب فين ؟. 


توتر من تأثير كلماتها الغامضة، وفهم ما ترمي إليه! احتج سالم قائلاً بحدة


= تقصدي ايه بكلامك بقى؟ هو انتٍ بتهدديني انك هتسيبي البيت يا تسنيم 


عادت تلتقط اشياءها من جديد، لترد بتردد وبقلب منقبض، فبالتاكيد لن تظل هكذا طول حياتها وتتحمل تلك المعامله! ربما يأتي يوم وتفر دون عوده


= افهمها زي ما تفهمها بقى .. عند أذنك يا حضره المحامي .


تابع قراءة الفصل⏪