رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 19- 1 - الخميس 2/11/2023
قراءة رواية حياة بعد التحديث
الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حياة بعد التحديث
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل التاسع عشر
الجزء الأول
تم النشر يوم الخميس
2/11/2023
لاحظ سالم حالة التجاهل المسيطرة على من معه بالمنزل، وفهم أسبابها لذلك حاول في الشركه أن يطلب تسنيم ويتحدثون مجدداً في الأمر هنا، وعندما طلب من السكرتيره تخبرها تفاجأ بها تعود بمفردها وتبلغه بأنها لا تريد التحدث معه! غضب بشده ونهض متوجه إليها
بداخل المكتب ليقف أمامها ولوى ثغره للجانب وهو يقول بامتعاض
= بعتلك من شويه مع السكرتيره ما جيتيش ليه؟
هزت كتفها بشكل ملحوظ ببرود قائله بعبثٍ لاهٍ
= عشان عارفه ان انت عاوز ايه وبعت الملف ليك معاها، ما افتكرش أنت ممكن تكون عاوزاني في حاجه تاني.. ولا في حاجه بينا تاني هنا غير الشغل.
اجتاح خلاياه غضبًا جمًا، وهتف معترضًا بانفعال طفيف
= هتعملي فيها انتٍ اللي زعلانه وانتٍ اللي غلطانه المره دي وما فيش اي مبررات تخليكي تخرجي من الموضوع ده وتقولي مش غلطتي المره دي، وانا ما عملتش حاجه.
مجدداً تجاهلته ولاحظ سالم تجاهلها ثم تحرك للخلف أعتقدت أنه سيرحل لكن اغلق الباب وعاد اليها مره ثانيه ضغطت على شفتيها قائله بزفير مزعوج
= قفلت الباب ليه افتحه ده مش مكان نتكلم فيه، وبعدين انا معترفه.. الغلط اللي بعمله بعترف بيه! وبعدين مش فاهمه جاي تكلمني على اي أساس ! مش كنت الايام اللي فاتت
ما بتعملش حاجه غير انك تفضل ساكت وتتجاهلني دلوقتي حلو الكلام؟ طب انا مش عاوز اتكلم ودوق شويه من اللي انت عملته فيا.
نظرت له مطولاً دون أن تبدل تعابير وجهها وهي تضيف بنبرة إحباط
= على فكره انا كنت هقول لك على موضوع الحبوب دي عشان كنت ناويه اوقفها، انا عمري ما كنت حابه اعمل حاجه من وراك ولا اخبيها بس انت اللي وصلتني لكده .
سألها سالم بنزق وهو يشعر بألم تجاه ذلك الموضوع بالأخص
= و إيه اللي خلاكي ما تقوليش؟ يلا قولي لي ايه اسبابك ممكن اقتنع وأعرف ليه الهانم مراتي ما كانتش عاوزه تخلف مني .
عبس وجهه بصورة واضحة من جملته الأخيرة فلاحظت تجهم تعبيراته وردت بجدية شديدة
= سبق وقلت لك انت السبب وهفضل مصممه على كده، انا مش فاهمه انت عاوزني اعمل ايه ولا اتعامل ازاي مع الوضع الصامت والغريب اللي انت كنت معيشني فيه؟ هتفضل طول عمرك تؤمرني وانا انفذ! بدون اعتراض..حاولي تقربي من ليلي دي طيبه وما بتغلطش والعيبه ما بتطلعش منها حاضر! اي غلطه انا اللي لازم اكون السبب فيها ما انتٍ أسمك مرات اب فلازم تكوني بتكرهيها تمام، تجاهلت كل ده و فضلت جنبك ومسنداك عشان ما يتقلش عليا زوجه قليله الأصل وبرده اتقال عليا ان واحده مش محترمه واتهزقت قدامك في المستشفى
كلها وانت واقف سامع وساكت وما فتحتش بقك.. عندك اي خبر؟ حالتي كانت عامله ازاي لما نزلت وسبتكم وعملت الحادثه وكنت خايفه قد ايه وانا لوحدي ومش عارفه اعمل اي حاجه، وفي نفس الوقت مش لاقياك جنبي ومش عارفه اروح اطلب منك المساعده حتي.
لكن هتعرف كل ده ازاي وانت اصلا خدت بالك متأخر أوي أن أنا اتصبت
شعرت بالم يكاد يحطم روحها الي شظايا أثر حديثها و عندما تقطع صوتها واختنق على الأخير وهي تكمل بصعوبة بصوت مرتجف
= و رغم كل ده برده طلعت مبررات ليكم ولي ناهد هانم، وسكت احتراما لسنها للموقف اللي فيه، بس للاسف اكتشفت انك بتستغل النقطه دي لصالحك.. سكوتي ده بقي بالنسبه لك نقطه ضعفي يلا ادوس عليها واطلع فيها هي بتتكلم ولا بتشتكي! قلت لنفسي بعد ما تهدي هترجع لي كرامتي اللي اتهانت؟؟ بس ولا فتحت الموضوع ولا فرق معاك أصلا وكل اللي كان فارق معاك برده بنتك وبس!! ده انا يوم الحادثه ما رضيتش ارجعلك عشان كنت عارفه رد الفعل اللي هتستقبلني بي وكنت هرجع بخيبه امل لما تقول لي انا مالي.. انا دلوقتي مشغول مع بنتي والغريب هو اللي ساعدني !.
ظل سالم صامتاً لا يدرى ما يجب عليه قول شاعراً بقلبه يقصف كالاعصار بداخله لكنه افاق من جموده هذا عندما لاحظ عصبيتها الزائدة وحالتها الثائرة فجاهد لامتصاصهما، و زفر بصوت مسموع رافضًا تلميحاتها الصريحة هاتفا بتوجس
= و مين قال لك ان انا ما كلمتهاش على الموضوع؟ بالعكس انا عتبتها وكنت بحاول اخليها تتاسفلك بس هي رفضت وانا كنت مصمم و...
ابتسمت بسخرية مريرة مبتلعة الغضه التى تشكلت بحلقها بصعوبه فقد كانت تحاول تجنب ذلك لكن لم تستطيع، نظرت له بأعين مغلولة موضحًا بانفعال
= طب وحقي منك من هيعاتبك فيه؟؟ ولا هتجيبه ليا ازاي؟ انا ما كنتش لاقي حد اتكلم معاه كل اللي حواليا كانوا مشغولين عني فجاه حسيت نفسي لوحدي وانت عمال تضغط عليا وبس! لا وبعد ده كله جي تعاتبني عشان مش عاوزه اخلف منك وانا مش عارفه وضعي ايه لحد دلوقتي معاك؟ طب اقول لك على حاجه بقي بكمله اللي عرفته! انا احسن قرار اخذته في حياتي ان انا لحد دلوقتي ما ربطتش نفسي بيك اكتر واظلم حد معايا تاني! ومش عشان موضوع بنتك بس وانك مش عاوز تصدقني لا عشان خايفه تعمل نفس اللي بتعمله في معاملتك مع بنتك مع ابني او بنتي اللي جايين
رد معترضًا بعصبية على اتهامها الضمني بكونه يسبب نوع من الأمور السيئة والخطيرة لصغيرته
=وانا بعمل ايه بقى مع بنتي مخليكي خايفه اوي كده من تربيتي لابني او بنتي اللي جايين منك.. شايفاني بعذبهم ولا حاجه .
لم تتحمل المزيد من الضغوطات والأسئلة المحاصرة لها، هي اكتفت من كتم كل ما تشعر به في صدرها حتى اختنقت على الأخير، تريد تفر من أمامه كي لا تنهار، لكنه لم يتركها بمفردها، حدسه إحساسه بسوء حالتها النفسية وقسمات وجهها تؤكد له الأمر.. اقتربت مندفعه نحوه منفجره بغضب مخرجه جميع ما بداخلها منذ بداية الامر و هى صامته لكنها لا يمكنها الصمت اكثر من ذلك وهتفت بشراسة وهى تنظر إليه بنفور واستياء
= بتربيهم على الانانيه وحب الامتلاك وانهم ما يفكروش في مشاعر غيرهم، وتخليهم يرفضوا يعترفوا بغلطهم المشكله ان ده كان واضح قبل ما اتجوزك وانت لمحت لموضوع زي كده في كلامك في مره بس للاسف عملت زي غيري وقلت بعد الجواز ممكن يتغير أو هو ما كانش يقصدها بالمعنى الحرفي واديني في الآخر لبست ..
نفخ مستاءً من عدم مقدرته على تهدئتها بعد أن اعتصره الألم حزنًا عليها و شعر بتأنيب الضمير الشديد نحوها، حاول التهوين عليها بالاقتراب لكنها تراجعت للخلف لتجلس على طرف المقعد دافنة وجهها بين راحتيها وهي تكمل بصعوبة
= ده حتى اهانتي طلعت ليها مبرر يا اخي! انت عارف الست اللي جوزها يقف يتفرج عليها وهي بتتهان وما يعملش حاجه، بيبقى ايه في نظرها بعد كده.
صدم مما تفوهت به، فرمش بعينيه باضطراب، وارتبك لوهلة من كلماتها الموحية، اجابها و هو يطلع بقلق الى وجهها الذى شحب بشدة
= تسنيم هو انتٍ مش ملاحظه ان كلامك جارح شويه ومزوده الموضوع وما ينفعش تقولي الكلام ده حتى لو حاسه بيه في وشي
تألمت من كثرة الضغط عليها حتى أنهكها الألم وأوجعها بدرجة ملحوظة، لذلك توقفت عن الصمت مجبرة لتلتفت نحوه بوجهها العابس المتشنج، نظرت له باحتقان وهي تجيبه بتهكم يحمل السخرية والاستهزاء
= جارح شويه! طب كويس عشان تحس باللي جوايا من بعض ما عندكم.. يا ريت تتفضل تطلع بره عشان اعرف اركز واكمل شغلي مش هتبقى هنا كمان ما فيش راحه! وكمان ما ليش مزاج اتكلم دلوقتي؟ ما هو انا برده مش تحت امرك.. تفضل معيشني اكتر من شهر في السكوت ويوم ما تفكر تيجي تتكلم المفروض اسمعك .
شعر سالم بالدماء تتجمد فى عروقه فور كلماتها التي توحي الى خيبه أملها فيه وحزنها وألمها بسببه، لكنه أنتبه من هذا عندما تطلع نحو تسنيم التى شحب وجهها و جسدها اخذ يرتجف بعنف، ظل محدق فيها بارتباك، فقال محاوله الوصال مؤكداً
= يا تسنيم انا كنت..
لم تعطيه فرصة ثانية، لقد عانت من قسوته وجحود قلبه في أحلك الظروف، لذلك ردت تقاطعه بجدية صارمه
= استاذ سالم من فضلك بره عشان اكمل شغلي، وقلت انا ما ليش مزاج اسمعك
فيا ريت تريح نفسك وتتفضل بره .
لعبت عباراتها المنتقاة دورًا في التأثير على نفسه المضطربة، ربما ليس كبيرًا، لكنه كان بحاجة إلى مثل ذلك الكلمات ليفكر بذهن صافٍ في اختياراته وافعاله المستقبلية.
❈-❈-❈
مسحت بأناملها قطرات الصوص الذي تساقط بجانب شفتيها وهي تتذوق الطعام وظهرت ابتسامه خفيفه علي ثغرها مع بشرتها المتوردة بحيوية ونظره راضي، فهي تحيا سعادة غامرة لم تظن أنها ستحظى بها بعد كل ما مرت به من أحداث عصيبة، تخلت عن ذلك الحزن القابع في حياتها ليحل محله! حياه جديدة أروع ما كانت تتمنى تعيشها مع شريك حياتها وحبها الوحيد والأول والاخير .
فقد توطدت العلاقات العاطفية مع كل من أيمن و ليان وباتا كيانًا واحدًا، بعد مرور أكثر من شهور واسابيع وأيام وسنوات! لا تعرف عددهم بالضبط لكنها متاكده بانها كانت فتره طويله جدآ، فها هي قد فازت بحب عمرها مجدداً بعد صبر سنوات.
بينما عاد أيمن من الخارج يبحث عنها وجدها تقف في المطبخ تعد الطعام و لم تنتبه إليه، مد يديه إلي خصرها ليعانقها من الظهر فانتفضت في مكانها وهي تعتدل في وقفتها، و عاتبته بدلال
= حرام عليك يا أيمن قلبي هيقف، مش تكح و لا تعمل صوت بدل ما تخضني؟
أختطف قبلة ناعمة من شفتيها وابتسم قائلا بمشاكسة
= سلامتك يا روحي بعد الشر على قلبك من الخضه، أصل بصراحة أول ما شوفتك نسيت نفسي و لاقيتني بحضنك، أصلك وحشاني أوي.
ضحكت في حرجٍ وعضت على شفتها السفلى، لترد بعبوس لطيف
= لحقت أوحشك و أنت لسه سايبني من الصبح! بكاش أوي
أمسك يدها و قام بتقبيل راحة كفها و أجاب من أعماق قلبه
= أنتِ أصلاً بتوحشيني و إحنا مع بعض، فما بالك لما ببقي بعيد عنك و لو دقيقة واحدة؟
أقترب منها و الإبتسامة تشق ثغره من الأذن للأذن الأخري ثم تفوه بحروف حبها بصوت يسلب الألباب و يقفز له الفؤاد
= بأحبك!
رمقته بنظرات عشق و وله، وأخبرته بابتسامه هادئه
= وانا كمان بحبك، روح غير هدومك عقبال ما أحط الأكل.
وبعدما حررت موطن كلماتها من خاصتها سحبت يدها من راحته متجهة نحو البراد لتبحث فيه عن شيء ما في إعداد طعام الغداء دون أن تنتبه لأعينه المسلطة عليها و تصرفت بتلقائية أهلكت أعصابه فورًا، شعرت بيد تحاوطها مجدداً من الخلف فشهقت بفزع وجعلها تلتفت إليه لتهتف بتذمر
= أيمن وبعدين ماينفعش كده! مش هعرف أجهز الأكل .
حاولت إبعاد ذراعه عنها لكنه، حدق فيها بابتسامة ماكرة و اخبرها بنظرة شوق عاشق متيم مرادفا
= أنا مش عايز أتغدي، سيبك من الأكل دلوقتي وتعالي أقولك حاجة!
أجابت ليان بدلال و تتغنج بين يديه
= مش وقته! نأكل الأول
أقترب منها وعانقها بقوة، مرددًا بإلحاح
= خلاص أنا نفسي اتفتحت على حاجات تانية أهم!
لكزته في صدره، كنوعٍ من الدلال عليه، ثم هتفت بعبوسٍ زائف تشكل على وجهها
=ما انا عامله لك الاكل اللي بتحبه، ولا عاوز تاكل حاجه تانيه؟
ألتقط شفتيها و عانقها مرة أخري بقوه كأنه يريد أن يخبئها بين أضلعه، فكل يوم يزداد عشقه نحوها، ثم قال بنبرة مليئة بالشوق و اللهفة
= عايز أكلك أنتِ.
جعلها تكف عن الحديث بوضع سبابته علي شفتيها وأخبرها بطريقه الخاصة هذه المرة، فكل منهما كان للأخر الفوز بعد صبر و عناء، أنهال علي شفتيها بسيل من القُبلات يتخللها همس يطرب قلبها الصغير و يجعله يقفز و يود أن يترك صدرها و يذهب إلي قلب عاشقه و يعانقه بشدة.
❈-❈-❈
فتحت مهرة عينيها بوقت متأخر في هذا اليوم المشرق وقد شعرت براحة نفسية عجيبة تجتاح نفسها عقب هذه الليالي التي قضتها مع الطبيبة النفسية، منذ أسابيع وقد بدأت الذهاب إليها وظهرت نتيجتها الواضحه على نفسيتها الشغوفة للحياه اكثر، وكأنها قررت أن تولد من جديد .
نهضت تغسل وجهها وارتدت ثيابها، لتهبط إلي الأسفل بخطوات بسيطة حتي وصلت إلى الأسفل لتخرج الجنينه وهي تستنشق الهواء
الطلق براحه وهدوء، ثم تحركت خطوات للامام لتجد رسلان يجلس أعلي المقعد جانب و عقد حاجبيه باستغراب وقد شعر بتغييرها الملحوظ الأيام السابقه، ثم صاح مهللاً كعادته
= بونجور أيتها القزمه، كيف حالك اليوم .
توقفت في مكانها تنظر له بأعين لامعة، ثم ارتفع حاجبها للأعلى وهي تطالعه بنظرات حادة، ثم أجابت بضيق زائف
= تعلم، إذا كنت بوقت لاحق كنت غضبت منك بسبب هذا اللقب؟ الذي لا ترغب في التوقف عن مناديتي بي، لكنني لا أريد أن يفسد أي شيء مزاجي اليوم.
رمقها رسلان بنظرات عابثة وتسائل قائلاً بمزاح
= لماذا كل هذا؟ لما مزاجك سعيد اليوم، ما الجديد؟ هل نظرتي في المرآة ووجدتي نفسك يتزايد طولك بمقدار متر واحد؟
أخفضت عينيها قليلاً فلفت أنظارها تلك الابتسامه العابثه أعلي شفتيه، تنهدت بيأس منه وقد بدأت تتعود على طريقته بالحديث معها، و زادت إبتسامتها إشراقاً لتجيب بإيجاز
= في الفترة السابقة كنت قد بدأت بالذهاب إلى طبيبه نفسيه. كانت والدتي سعيدة جدًا بهذا القرار وقد أحدث فرقًا كبيرًا بالنسبة لي. لم يكن الأمر سيئًا كما توقعت، وكانت تلك الطبيبة جيدة وساعدتني كثيرًا.
إبتسم رسلان وهو يقول بحماس
= جيد أظن أنكٍ تعافيتي من مخاوفك .
تنهدت بحرارة، ثم أغمضت عينيها بقوة متألمة وهي تقول بصوت شبه مكتوم
=لم أكن اتعافى .. لقد أُجبرت لتخطي كل شئ.
فرك عنقه بكفة، وأجابها قائلاً مبتسماً بدعم
=حسنا ستتعافين بعد الان! أقصد بعد تلك الخطوة التي اتخذتيها، كوني حذره في حياتك القادمه
فغرت فمها مشدوهة من جملته، وتساءلت قائله باهتمام
= اكون حذره بحياتي حتي لا أخطئ او تقصد ان لا أخطأ
أجابها مبتسماً وهو يرمقها بنظرات حانية
= الانسان معرض للاخطاء مهما كان حذر.. أنا أقصد لا بأس بالوقوع بالاخطاء ولكن خذي منها دروس وتعلمي بعدم تكرارها بدل من اضاعة الوقت بالندم دون فائده؟ ﻣﻦ ﻻ يقبلكِ مخطئة ﻟﻦ يقبلكِ ﺃبداً.
قطبت جبينها بإستغراب، وهمست وهي تضغط على شفتيها
= اتعلم أمرك غريب حقًا. من يراك يشعر أنك شخص متهور مدلل لا تصلح لشيء وغير مسؤول ولا يفهم شيئا في هذه الحياة، أما من يقترب منك ويتعامل معك يراك العكس تماما.
نظر لها رسلان مطولاً عده لحظات قائلاً بسخرية
= لا أعرف إذا كان ما تقولي جيدًا أم سيئًا، لكنني سعيد لأنكٍ بدأتي في التغلب على الأشياء السيئة في حياتك.
تراجعت مهرة للخلف تضحك من دعابته الطريفة، ثم لحق رسلان متابع بصوت مهتمة
=نحن أصدقاء أليس كذلك لذا ما رأيك ان نوطد علاقتنا؟!
تساءلت مهرة بابتسامة ماكرة تريد العبث معه بخفة هي الأخري
= هممم، ولما تود توطيدة علاقتك معي سيد رسلان؟ كما ترى انا فقط مراهقة بسيطة لما رجل طائش مثلك يود مصادقة شخص مثلي ؟!
أجاب رسلان بخبث وهو يبتسم ويشد انفها الصغير بمرح
= لأنني أحب مصادقة الاقزام...
أبعدت يده بحده وقالت متذمرا للآخر الذي قهقه عليها ولم يتوقف بعد
= لكن، انا لست قزمه
تراجع متحاشيًا هجومها الوشيك عليه و محاولاً إخفاء ضحكاته المتسلية، وهتف بسرعه قائلاً
= أهدي أمزح، لكني بالحقيقه احب الحديث معكٍ رغم اني لا املك ما اقوله احيانا
توترت ملامح وجهها نوعاً ما، ولم تتحدث مرة أخرى معه تعجب هو من التغيير الذي طرأ على تعابير وجهها تحول للنقيض، وهتف قائلاً متسائلاً بهدوء
= اذا قلت لكٍ اكذبي كذبه تتمنى أنها تصير حقيقه.. ما هي؟
أنتبهت إليه وظلت تنظر نحوه لثواني ثم أجابت بإبتسامة لطيفة أعلي ثغرها
= أن نكون لدينا قوى خارقة للذهاب إلى أي مكان نريد
إختلس النظرات إليها، وتشكل على ثغره إبتسامة خفيفة وهو يتساءل مجدداً
= ممم و إلى أين تريدين أن تذهبي؟
أشارت إلى سماء الليل وهي تتحدث بصوت هامس باشتياق
= للنجوم!
فغر فمه مشدوهة من جملتها، وســألها باستفسار
= ولما اخترتي الصعود إلى القمة، هل تكرهي الأشخاص إلى هذا الحد؟!
تهدل كتفيها وعبست تعابير وجهها، وأردفت قائلة بإستياء
= أنا لا أكرههم، ولا أريد أن أكرههم، لكن في نفس الوقت أيضًا لا أستطيع أن أحبهم بشكل أفضل
ثم أضافت مهره بنبرة ثقيلة
= برايك لو اختفيت مَن سيهتم ؟ لا أحد في تلك الحياه، باستثناء أمي وفاء، أتمنى أن نبقى ضائعين هكذا ولا نلتقي بأي شخص نعرفه أو يعرفنا
تنهد رسلان وأردف قائلاً بجدية وهو يشير بيده
= عندما تكبري ستعرفي أن هناك بين الحب و... الكراهية هي 200 شعور ليست حباً ولا كرهاً. وستعلمي أيضًا أن العيب لم يكن فيكي؟ العيب فيهم... لأنهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع ملاك مثلك.
تورد وجهها وتحولت نظراتها للرضــا، ســاد صمت مترقب بينهما للحظات، فسألها بإهتمام وهو مضيق نظراته لتغيير الموضوع
= الآن أخبريني إلى أي نجم تريدين
الذهاب؟
أشارت مهره إلى النجمة في الزاوية اليمنى من
سماء الليل بحماس، وهي تردد
=أعتقد.. هذه! أريد أن أذهب إلى ذلك النجمة لاحقا.
إبتسم هو لها بعذوبة ، وهمس قائلاً
= حسنًا، إذا قلت لكٍ، فلنفترض معًا أن اليوم هو ليلة النسيان. ماذا تريدي أن تنسي من حياتك؟!
ردت عليه بلا تردد أو تفكير بالأمر، بصوت متشنج
= الماضي باكملة.
حرك كفيه في الهواء قائلاً بإحباط
= اتفقنا إن ندفن الماضي و لا ننظر ورائنا صحيح.
هزت رأسها نافية وقالت معترضة بيأس
= وعدت الطبيبة إلا أكون مثل سابق... لكننى لم أعد مهرة التي اعرفها الماضي له أثار جانبية.. قسوة كان لابد منها حتى لا ينسى التاريخ كل فاسد اذاني، و يبقى السؤال هل سننسى يوما ما حدث أم يؤلمنا الزمن الى الأبد؟؟
أردف رسلان مستنكراً وهو يرمقها بنظرات شبه معاتبة
= الأمر ليس صعب وليس سهول ايضا، لذلك اعطي الوقت الكافي الى جروحك حتى تلتهم ولا يعد لها اثر جانبيه.. انا لا اريدك ان تتخذى قرارات فى لحظات انفعال قد تندمين عليها فى المستقبل، ولا تفكري كثيرا بالامر حتى لا تفقدي الأمل .
رمقته بنظرات ممتنة فهي كل يوم تكتشف شيء جديد بشخصيته الغامضه لم يظهر بعد، لوت ثغرها بإبتسامة رقيقة وهي تســأله بخجل
= أتعلم الغريب بالأمر، هو أنك لم تسأليني أي شيء عن الماضي بالرغم من أنك تساعديني.
نظر إليها بعدم مبالاة و أخبرها بجدية أكثر
= لأنني ببساطة لا أريد أن أعرف! أولاً، هذا الأمر يخصك أنتٍ وحدك وثانياً، ليس من حقي أن أعرف عنك أي شيء يعنيك. بالإضافة إلى كل ذلك، أنتٍ تحاولي النسيان! لذلك يجب أن أسيطر على فضولي ولا أسألك عن أي شيء حدث معكٍ في الماضي.
تطلعت مهرة فيه بإعجاب، وفي ذلك الأثناء كانت وفاء تبحث عنها لتتفاجا بها تجلس كعادتها مع ذلك الشاب رغم تحذيرها اكثر من مرة، احتقن وجهها بشدة ، فصاحت بغضب
= مهره يلا عشان تنامي يا حبيبتي الوقت أتأخر .
ألتفتت خلفها لتجد والدتها تقف بملامح غاضبة لتفهم الأمر بسرعه ثم رمشت بعينيها بتوتر بإبتسامة خجولة وهي تهمس له
= يجب أن اذهب للنوم، ليله سعيده .
هز رأسه بتفهم وتنهد قائلاً بعمق
= ليلة سعيدة لكٍ ايضا أيتها القزمه.. هاتفينى إن احتجتي شيئا .
هزت مهرة رأسها بهدوء وتحركت لترحل بسرعه إليها، لينظر هو نحو وفاء فإبتسم لها إبتسامة هادئة، وهي تراجعت للخلف بضيق ثم تابعت سيرها، نظر مدهوشًا من معاملة زوجه أبيه له دون مبرر، ليردد بتعجب
= هذه السيدة غريبة حقا.
❈-❈-❈
في مكتب سالم كان جالساً فوق الأريكة و هو محنى الرأس وقد ارتسم الحزن و الالم فوق وجهه، وبدأ مزعوجًا من خروجه من مكتب تسنيم دون ان يواصل الحديث معها ويصل الى حل مناسب يرضي الطرفين، لكنها هي من رفضت الحديث معه هذه المره ومعها كل الحق تماماً! هو من بدأ في ذلك التجاهل عليه تحمل
النتائج، بالاضافه أن لم يأتي بحقها الى الآن لكنه لم يكذب عندما عاتب ناهد بعد خروجها لكن ناهد غضبت وأخبرته إن هذا حقها واقل شيء تفعله معها؟ فماذا ستفعل مع امراه مثلها كادت أن تتسبب في اذيه حفيدتها الوحيده .
الأمر كل مره يتوسع بينهما والفجوه تزيد، لكنه جرحها بطريقه صعبه لا يستطيع إنكار ذلك؟ فحتى لو أخطأت عندما اخذت حبوب منع الحمل دون علمه فهو من اوصلها الى ذلك.. غير إصابتها التي كانت من الممكن تكون خطيره ووجهتها بمفردها، هو بالفعل تجنبها كثيراً دون الاهتمام أو النظر لكل ذلك وكان مقصر بشكل ملفت وزائد عن الحد وهي لا تستحق ذلك منه.
لذلك بلا أدنى لحظة تفكير أو تردد نهض مجدداً ذاهب إليها و انطلق نحو مكتبها وهو متجهم الوجه، لكنه تفاجئ بشخص ما كان يقف يتحدث مع زوجته بداخل المكتب
= ازيك اخبارك ايه فاكراني ولا لاء؟ أنا أدهم
اللي ساعدتك لما عملتي حادثه وخدت عربيتك عشان اصلحها اصل لقيتك مش بتسالي زي ما تكوني خلاص اتنازلتي عن العربيه فقلت اجي أسأل انا .
وقبل أن يسمع ردها لاحظ وجود شخص ما جانبه، فاعتدل ذلك الشخص في وقفته المائلة قائلاً بجفاء
= خير يا استاذ في حاجه .
ضاق عيني سالم باهتمام كبير من حديثه المثيرة للفضول متسائلاً بحده
= والله دي شركتي وحضرتك اللي جاي وانا المفروض أسألك، خير انت اللي عاوز حاجه واقف تتكلم مع مراتي في ايه.
تفهم ذلك الشخص الأمر سريعًا سبب نظراته المتعصبة، فرد قائلاً بصوت بارد
= آه ما كنتش اعرف انك جوزها اللي سبتها تعمل الحادثه لوحدها وما كنتش جنبها، على العموم اكيد سمعت وعرفت انا مين بس ممكن اعرفك على نفسي تاني انا ادهم الجندي وعندي شركه لتصليح السيارات وكنت واخد عربيه الهانم عشان اصلحها يوم الحادثه .
سلط سالم عينيه المتقدتين بشرر مخيف عليه وهو يرد بصوت متشنج
= تمام فهمت بالنسبه للعربيه كلامك معايا وانا اللي هاجي اخدها، في اي حاجه تاني ولا خلاص كده مع السلامه متشكرين لا افضالك .
قطبت جبينها مستغربة مما يتفوه به، فصاحت غاضبة كانها تعاتبه على انه لم يفعل ذلك هو معها بدلاً منه
= سالم في ايه ما تتكلم معاه كويس وبالراحه الراجل كثر خيره فضل معايا و رجعني المستشفى تاني واستنى الدكتوره لما خلصتي و وصلني لبره تاني واطمن عليا.
لوي فمه سالم بتهكم وعلق بعدائية مخيفة
= والله! ده إيه الاهتمام الكبير ده، لا اذا كان كده فعلا لازم اشكره.. ناقص كمان تقولي انك وصلتها لحد بيتي .
نظر ادهم إلي تسنيم واجاب موضحًا بإبتسامة عريضة
= عرضت عليها فعلا بس هي رفضت للأسف وبالمناسبه انا لقيت جوه عربيتك محفظتك وعرفت العنوان منها اتفضلي.. اخبار ايدك ايه دلوقتي اوعى تكوني ما رحتيش للدكتوره تاني عشان تطمني، اهم حاجه صحتك بلاش تهملي فيها .
استدار سالم ناحية مسلطًا أنظاره النارية عليه وتشنجت تعابيره أثر كلماته التي توحى الى شيء ما يجعله يثور اكثر، وبدا على وشك الفتك به وهو يقول بانفعال
= لا شكلك فعلا صاحب واجب!.
مط أدهم شفته بضيق وهو يردد باهتمام
= طب بما اني هنا بالمره كنت عاوزه استشيرك في كذا حاجه كده قانونيه اهو بالمره استغل المشوار واني مع محاميه شاطره زيك.. بس هو الاستاذ مش فاكر كان اسمه ايه هيفضل واقفلنا وانا بستشيرك دي اسرار برده ولا ايه ؟.
وجد صعوبة في ضبط انفعالاته حينما سمع تعليقات ذلك الشخص السخيف على علاقته مع زوجته وكانه يلمح الى تقصيره هو الاخر، ولم يكتفي إلا ذلك الحد! فباقي الحديث يسير غليانه ليعاتب نفسه عشرات المئات بان تركها وحدها في موقف كذلك ومع ذلك الشخص البغيض بالذات .
لكن إلي هنا لم يستطع الصمود وأقترب يضغط على قبضة يده قائلاً بزفير مزعوج
= الشركه عندك مليانه محامين كثير، روحلهم بس مدام تسنيم مشغوله دلوقتي .
لاحظت تسنيم انفعاله الظاهر في نبرته وإيماءاته فردت بتجاهل باقتضاب
= انا مش مشغوله ولا حاجه ما انا كنت قاعده بشتغل اهو ممكن بس تطلعـ..
امتعضت تعبيرات سالم بانزعاج بائن لم يخفيه، فزوجته تثير الأعصاب بتصرفاتها هي وذلك الأحمق المستفز، لذلك قاطعها بإصرار
= لا مشغوله انا وانتٍ خارجين دلوقتي عشان نروح للدكتوره تشوف ايدك يلا.. ومش عاوزه اعتراض، نطمن على صحتك اهم من أي كلام ملوش لازمه مع البيه .
اكتفت بعدم الرد عليه تجنبًا لافتعال أي مشاكل معه، و ضغطت على شفتيها محدقة فيه بنظرات قوية وسخرت منه داخلها فالان فقط بدأ يلاحظ تدهور صحتها، ثم أجابت قائله بجمود
= سالم انا كويسه ايدي بقيلها كتير مربوطه ما حبكتش دلوقتي.. انت كنت من شويه عاوز تتكلم وانا قلت لك مش فاضيه عشان الشغل ودلوقتي برده عندي شغل .
انزعج من رفضها وهتف معلل محذرًا
= يتحرق الشغل علي اللي فيه المهم اطمن عليكي..وانا بقى ليا مزاج اخرج دلوقتي معاكي، يلا عشان بالمره نطمن البيه اللي تاعب نفسه لحد هنا عشان يطمن على صحه مراتي .
لوت تسنيم شفتيها جانب هاتفة بضجر
= طب وبالنسبه لعربيتي اللي في التصليح.
أسرع أدهم يتحدث قائلا بإبتسامة سخيفة
= انا ممكن اجيبها لك لحد عندك لو حابه يعني ما تعطليش نفسك .
صاح به بنبرة غاضبة ملوحًا بذراعه وعينه بها بتهديد صريح
= ما تخليك في حالك بقي ويا ريت ما تتدخلش ثاني مره بينا وده احسن لك، وقلت انا اللي هجيبها متشكرين على خدماتك.. عن اذن الأستاذ.
تحركت معه تسنيم بضيق شديد عندما شعرت بتهور الأمر و نظر لها بازدراء قبل أن يسير مبتعدًا ليلحق بها مغمغمًا بهمس بغيظ
= يلا عشان شكلي هارتكب جناية هنا!