رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - 25 - 1 - الثلاثاء 21/11/2023
قراءة رواية حياة بعد التحديث
الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حياة بعد التحديث
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الخامس والعشرون
1
تم النشر يوم الثلاثاء
21/11/2023
في أحد الشركات رفعت تسنيم عينيها عندما وجدت ظل أحدهم يقف أمام مكتبها الجديد، رفعت راسها له لتجد سالم كانت نظرات عيناه كالجليد وهو يقف يمسح على وجهه من حين الي آخر وأخبرها قائلاً بهدوء مريب
= هنتكلم هنا ولا بره بتهيالي احسن نتكلم بره عشان أعرف موضوع القضيه اللي رفعتيها عليا كمان.
وقبل أن تتحدث دخل مديرها في العمل وهو يتحدث قائلاً باهتمام
= انسه تسنيم خلصتي ملف القضيه، ايه ده مش معقول سالم ازيك .
وقف سالم ينظر له بنظرات مليئة بالغضب الشديد والسخرية، فماذا يقول ذلك؟ أي آنسه وهي زوجتة بالأساس!!.
بعد مرور وقت لاحق....
اندفعت تسنيم أمامه نحو سيارتها حانقه من ذلك الدور الرخيص الذي فعله أمام مديرها وكأنها طفله صغيره أتى يوصيه عليها، عقدت ساعديها بعدما دلفت للسياره خلف عجلة القياده بملامح مسترخيه فصعد جانبها هو الآخر، مرر أنظاره عليها قائلاً بصرامة
= مالك مبوزه كده ليه
اشاحت عيناها نحو يمينها حتى لا ترى وجهه
وهي ترد بغضب مكتوم
= مكنش لي لازمه الدور ده.. انا مش عيله
صغيره جاي توصي عليها صاحبك اللي اما صدقت ان انت لقيته في نفس الشركه الجديده اللي بشتغل فيها .. وفرحان اوي بنفسك وانت عمال تشكر في مراتك قدامه و شغلها .. انا مش مستنيه منك توصيه انا اعرف اشتغل كويس جداً سواء معاك او مع غيرك .
هتفت بعبارات واثقه ولكن لم تستطع النظر
بعينيه فهي تعرف جيد لما هو هنا الآن! لاجل القضية التي رفعتها ضده، فظل على نفس ضيعته، ينظر نحوها بصمت واتسعت عيناه ذهول عما يسمعه منها فلأول مره يكتشف بها ذلك الطبع وما كان الطبع القديم إلا كانت جامده و زوجة هادئه مطيعه.. وتستقبل كل افعال منه بصدر رحب الغاضبه والهادئه.!. صمت للحظة قبل أن يرد بجدية
= وأنا عملت إيه غلط، المفروض تفرحي مش تزعلي، أنا جوزك يا هانم لو لسه فاكره، حتى لو رفعتي عليا 100 قضيه غصب عني وعنك لسه على ذمتي.. وبعدين كده افضل عشان البيه اللي فوق إللي بيقول لك يا انسه يعرف انك مرتبطه
تجمدت عيناه ببرودة قاتله وبعدما كان
الاسترخاء يحتل ملامحه والزهو يتراقص
في اعينه تلاشي كل شئ فجاه عندما لمح أصابعها فارغة من خاتم الزواج! أشار إليها متسائلاً بضيق ومقت
= وبعدين تعالي هنا فين دبلة جوازنا
لم تستوعب مقصد عبارته الا عندما رفع كفها
اليسري بحده مكتوم، هزت كتفها ببساطة وقالت بعدم مبالاة
= خلعتها هلبسها ليه وانا رافعه عليك قضيه
في المحاكم يعني.
هتفت ببساطه عجيبه إليه استنكرها منها ولكن أسلوب اللامبالاة الذي تتحدث به معه جعلها تدرك أن هذا هو الحل! حتى لا تقضي باقي عمرها مقهوره من سوء المعامله، كانت غارقه في بث الثبات لقلبها لم تشعر بقرب
أنفاسه ولا بيده التي اتخذت طريقها فوق
ذراعيها، و رمقها بنظرات مشتعلة وهو يقول بصوت منفعل مغتاظ
= ده انتٍ لما صدقتي بقى خلعتي دبله الجواز على طول ورحتي رفعتي عليا قضيه في المحاكم كمان.. للدرجه دي ما بقيتيش طايقاني وعاوزه تخلصي مني بسرعه .
أبعدت يده بحده و ردت عليه بجمود مستفز
= انت اللي اضطرتني لكده عاوزني اعمل ايه لما عمال تماطل معايا ومش بترد كمان عليا وقفلت تليفونك كمان وعمال تتهرب، مفكرني هستنى لما تحن عليا وترد وساعتها نتفق هنطلق امتى، مش بمزاجك ده غير اخويا اللي مش عاوزه لحد دلوقتي اعرفه اي حاجه عن الموضوع عشان ما يروحش يتخانق معاك.. كنت عاوزه اخلص الموضوع بينا بهدوء، انت اللي اضطرتني لكده والمحاكم دي لعبتنا وانت عارف ده كويس .
اعتدل في جلسته، وأرخى ساعديه ينظر لها بنظرات غامضة، أخفضت نبرة صوتها لتضيف بضجر
= أنت بتبص لي كده ليه وساكت ما ترد مش انت جاي النهارده عشان تعرف رفعت القضيه ليه ونلاقي حل! انا مش مبسوطه بالحال إللي احنا وصلنا لي و أننا نقف قدام بعض في المحاكم بس انا بجد عاوزه اخلص وانت لحد دلوقتي مفكرني مجرد كلام بهددك بيه
لوي فمه للجانب مبتسماً بسخرية مريرة ثم
أخذ نفساً عميقاً حبسه في صدره ، ثم لفظه دفعة واحدة وهو يوميء برأسه معاتباً نفسه على اعتقاده الخاطيء ومعاملته بالسابق هي التي غيرتها هكذا.. أجابها بإرهاق
= مش مصدق اللي قدامي هي تسنيم اللي اتجوزتها واتعرفت عليها اول مره؟ هو انا غيرتك للدرجه دي ولا انتٍ اللي كنتي كده أصلا
صمتت للحظة ترمش بعينها بحزن فتلك التجربه بالفعل غيرتها ولا تعرف هل تغيرت للاسوء ام للصالح، ثم هزت رأسها قائلة بإستياء
= بسال نفسي نفس السؤال ده برده انا كنت كده من الاول ولا انت اللي خرجت اسواء ما فيا، ولا غيرتني على العموم كل ده مش هيفرق هتطلقني امتى
صمت ليصغي للحظات لها قبل أن ينطق نافياً
اعتقادها، مرددًا بنبرة ثقيلة
= اول حاجه انا ما كنتش بهرب منك زي ما انتٍ فاكره انا كنت بحاول الاقي حل للمشاكل اللي وقعتني فيها ليلى، الزفت اللي اتعرفت عليه مازال بيهددني بالحاجات اللي ماسكها عليها لو ما داتوش الفلوس اللي عاوزها، و لما حاولت اخوفه واهدده ان انا ممكن ابلغ البوليس واودي في 60 داهيه ما فرقش معاه الموضوع وطلب فلوس اكثر .
عضت على شفتها السفلى متمتمة بخفوت
= قلت لك بلغ البوليس و ريح نفسك مصمم تمشي بالطريقه دي، يا سالم انت زي ما بتنقذ بنتك بتنقذ كل بنت ممكن تقع في ايد حيوان زي ده ويبتزها وبعدين انت ضامن منين انه مش هيجيلك بعد ما تدي الفلوس تاني ويهددك.. انت متوقع ان هيديلك كل حاجه ماسكها على البنت كده بسهوله، جري ايه يا سالم ما احنا محاميين وعارفين التعامل مع الأشكال دي كويس .
رجف جسده وشحب لون بشرته نوعاً ما وهو يتذكر المحادثات التي رآها بنفسه تخص أبنته وصورها أيضا، رفع رأسه للأعلى وهو يتنفس بتوتر! مـر بباله مقتطفات سريعة من صدامته الحاميه، وندم على إندفاعه الغير مدروس..
أردف قائلاً بقهر وقلق
= الوضع دلوقتي مختلف دي سمعه بنتي يا تسنيم، مش سهل عليا اروح لي البوليس واقول لهم ان بنتي كانت آآ.. مش هقدر انا صحيح زي ما انتٍ بتقولي مش ضامن الولد ده هيديني كل حاجه بس في نفس الوقت مش عاوزه اغامر وفي الآخر أخسر تاني.. الولد ده لو اخذ خبر ان انا بلغت ممكن في ثانيه ينشر كل الفيديوهات دي والصور ساعتها مش هعرف اعمل ايه كفايه الصدمه اللي انا خدتها في الأول منها .
هتفت قائلة بتجهم من طريقه تفكيره المحدوده
= مش هيستفاد حاجه لما يبلغ هو بيحاول يهددك ويخوفك عشان يبتزك وياخد على قد ما يقدر منك فلوس، جرب تروح لمباحث الانترنت وهم هيساعدوك هناك.. الموضوع ده بيكون بسريه تامه وان شاء الله مش هياخد خبر وتخلص منه على خير.
حرك رأسه بإيماءات ثابتة مستنكراً ذلك المأزق الذي بات فيه.. و هو على وشك خسارة دعم زوجته واكتساب عداوتها، بالإضافة إلي صعوبة التفاهم مع ابنته وكيف كانت تتهمها بأقوال كاذبه، والأسوأ من ذلك احساسها نحوه بمشاعر البغض والكره التي تكنها زوجته له ..
اختنق صدره، تمتم بحسرة
= انا تايه أوي يا تسنيم ومش عارف اتصرف ومش عارف هي عملت كل ده ليه اصلا فيا.. و المشكله مش لاقي مبرر ليها وحتى مبرراتها مش هتفيدني في حاجه، حاجه واحده نفسي افهمها ليه؟؟ انا قصرت معاها في ايه ؟! انا كنت دايما حاططها في اولوياتي كل حاجه بتطلبها بعملها لها بفكر طول الوقت في مصلحتها اكثر مني.. تقوم هي اللي تكسرني بالطريقه دي وياريتها مره ولا مرتين.. ده انا لحد دلوقتي كل يوم بصحى على أمل ان يطلع كل ده حلم! معقول ليلي بنتي اللي انا مربيها تعمل فيا كده .
أشفقت عليه وهو ضعيف بذلك الشكل أمامها، ولكن حاولت إخفاء ذلك حتي لا تحرجه و عقدت حاجبيها وهي تتسائل باقتراح
= ما جربتش ليه تتكلم معاها وتحاول تفهم منها أسبابها .
كز على أسنانه متحدث بأعين تطلق شرراً
= مش طايقها ولا طايقه اشوفها.. ممكن تستغربي كمان لو قلت لك ان انا كرهتها و مش قادر بجد احط عيني في عينها واسالها.. تصوري بعد ما كانت حياتي كلها وباجي على كل الناس اللي قريبين مني عشانها دلوقتي ما بقتش طايقها .
تطلعت فيه بغيظ من طريقته الغير مرغوبة في التعامل مع أبنته، و علقت بصوتها المحتد
= على فكره الطريقه اللي انت بتستخدمها انت وحماتك معاها غلط، يا سالم جرب تحل الأمور بطريقه أحسن من كده، تمام هي غلطت ما قلناش حاجه بس أنت كده بتحل يعني.. ليلي محتاجه تتعالج صدقني
فرك وجهه بغل وهو ينظر لها بحيرة شديدة من رده فعلها تجاه أبنته وتعاطفها رغم ما فعلته بها إنما تجاهه لا، جاهد لضبط انفعالاته العصبية لكنه لم يستطع.. فتلك المصيبه حدثت مع قطعة غالية منه.. صاح فيها بنبرة صارخة تحمل الحقد
= تسنيم ممكن ما تقوليش الكلام ده وتحاولي تبرري ليها.. انا مستغربه أصلا بعد كل اللي عملته معاكي وبيتك اللي اتخرب بسببها بتدافعي عنها و بتقولي نفس الكلمتين بتوع زمان لازم اعرضها على دكتور نفساني!! هي مش صغيره ولو كانت تربيتي فيها غلط زي ما انتٍ بتقولي؟؟ هي برده فاهمه كويس كانت بتعمل إيه وده ما يديهاش الحق انها توطي راسي بالطريقه دي.. ده انتٍ حتى كنتي راجعي معايا المره اللي فاتت عشان تشوفيها لولا اتخنقتي مع مدام ناهد ومشيتي، طب تمام لما انتٍ عاوزه تحلي وتساعدي كده كفايه وجع وارجعي .
نظرت إليه بقسوة، ثم قست نبرتها وهي تجيب
= الحل مش في رجوعي ليك يا سالم، كفايه وجع لينا إحنا الاتنين وخلينا ننفصل عن بعض بهدوء.. ولو مضايقك اوي حكايه القضيه اللي رفعتها، انا كمان ما كنتش عاوزه اخذ الخطوه دي وممكن اتنازل عنها بس بشرط انك تطلقني دلوقتي .
جمدته عباراتها فلطم فوق صدره بجنون، مردافا من بين شفتيه بصوت متشنج
= كل اللي عملتي ده ولسه موجعتنيش... عارفه يعني ايه مراتي ترفع عليا قضيه ونقف قصاد بعض في المحاكم.. المحاكم إللي أنا بدخلها عشان ادافع عن حقوق الناس دلوقتي انا داخلها عشان مراتي تاخد حقها مني.
أبتسمت بسخرية مريرة وهي تقول بنبرة حادة
= انا عملت كده لما وجعك ليا فاض... لو مكنتش بعدت عنك وعن عيلتك كنت هموت مقهورة... القهره اللي عيشت حياتي كلها بدوق مرارها على أمل أن الحياه تدوقني حلوها لكن حتى يوم ما الحياه غرقتني في نعيمها القهره فضلت جوايا.
تابعت حديثها قائلة بجدية
= انت السبب في ضياع بنتك منك يا سالم... متلومش الناس لوم نفسك... حتي أنا ضيعتني كان المفروض اتحامي فيك لكن سبت كل حاجه وبعدت عن حياتك.
اندفعت الكلمات كالرصاص لقلبه فكان يعرف
بصدق ما تقوله لكن لم يواجه نفسه، توقف الكلام على طرف شفتيه وتحولت ثورته نحوها لصمت فمنذ متي كان يلاحظ تفاصيل بها، واضافت هي بواقعية
= جرب تواجه نفسك وتقول أنا غلط.. سالم المحامي المشهور فشل في حياته، عارف
ليه عشان اتعود من الحياه على المكسب لكن
الحياه خسرتك المرادي... ما اصل مش كل
حاجه هتمشي زي ما انت مخططلها.. والمرحله اللي وصلتني ليها بسببك... عارف معناها ايه ان مراتك تهرب منك وتفضل البعد عشان تعبت من وجعك ليها والإهانة من الغير قصاد عينك .
وكأنها بكلماتها العفوية تزيد من لهيب غضبه الفائر رفع رأسه نحوها محدق فيها بأعين حزينه بيأس منها، عادت تنظر إليه نظرة يأس أيضا وهمست بنبرة مختنقة
= كام مره قلت لك خلي بالك من بنتك ومن تصرفاتها سنها ده محتاجلكم جنبها، عارف كنت بتطلعوني ايه لما كنت بحاول انصحكم! ان انا مرات الاب الوحشه اللي بتضر بنتهم ده انتم اتهمتوني حتى ان انا حاولت اقتلها هستنى منكم ايه ثاني .
ألقي نظرة أخيرا عليها ثم خرج من السياره راحل، فقد ألغى التحدث عن التنازل عن القضيه وعودتها له خاصه بعد لقائهما الحـاد ذلك، لم يستطع التفكير بذهنٍ صـاف، فظن أنه من الحكمة حالياً أن يبتعد عن ضغط الجميع حتى يستعيد هدوئه.. لكن أي هدوء وابنته مستقبلها وشرفها علي استعاد الضياع .