رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 23 - 1 الأربعاء 15/11/2023
قراءة رواية حياة بعد التحديث
الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حياة بعد التحديث
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثالث والعشرون
1
تم النشر يوم الأربعاء
15/11/2023
شعرت ليلي بالدماء تنسحب من عروقها وهي تضع يدها فوق وجنتيها بذهول فالاول مره يفعلها ويضربها لتخمن بأنه بالتأكيد علم ما تخفيه، انتفضت من فوق الأرض بذعر فور رؤيتها والدها يقترب منها أخذت تتابعه بعينين متسعة برعب و بجسد مرتجف .
وقف سالم متجمد وقد اسود وجهه من شدة الغضب والصدمة، فلم يتوقع ان يرى ابنته في وضع كذلك؟ كاذبه مؤلفه جيدة لاختراع قصص غير حقيقيه، تعلم جيد كيف تخدع من أمامها باسلوبها المتلاوع، وليت الامر يتوقف عن هنا فقط! زمجر بحدة وقد التمعت عينيه بشراسة
= ايه اللي انا شفته في التليفون ده؟ انا مش قادره اصدق، انتٍ يطلع منك كل ده يا ليلى طب ليه؟ قصرت معاكي في ايه عشان تكسريني الكسره دي .. انــطــقي .
كانت ليلي تنظر إليه وهي تشعر بدقات قلبها تزداد من شده الذعر ِفهي لا تدري ما الذي راى بالضبط؟ فهي لم تخطئ مره أو اثنين فقط، صاح بحده وقد اشتعل وجهه بغضب
= مين الكلب اللي انتٍ بتكلميه ده وطلب منك فلوس وصور ليكي كمان! ومالك موافقه على اي حاجه يطلبها منك كده ليه؟
همست ليلي برعب
=والله يا بابا معرفوش....انا....
وقبل ان تكمل جملتها انقض عليها سالم يصفعها بقوة مجدداً وهو يهتف بانفعال شديد
=متعرفهوش...امال كنتي بتتفقي معاه ليه على تسنيم و ازاي توقعي بيني وبينها و تخليني أطلقها وما ارجعلهاش تاني هو انتٍ فاكراني ما شفتش باقي الرسائل اللي بيهددك بيها؟؟ و المكالمات اللي بينكم اللي بعتها لك عشان ترضي تبعتي لي الصور و الفلوس!.
اخذت تنتحب بقوة تتألم من قوه ضربه لها وحديثه، فهي في وضع لا يحسد! ولم تفكر بذلك اليوم اطلاقا عندما يتم كشف حقيقتها وصدمه فيها، تنفس الصعداء بصعوبة بالغة وهو ينظر لها بخزي كبير وبدأ يتذكر كل حديث تسنيم و اصرارها بانها غير ساويه ويجب ان ينتبه لتصرفاتها، ليفهم أخيرا أنها كانت تاذيها بالفعل وتسنيم لم تخطا في حقها أبدا.. بل على العكس تماماً هي من كانت تاذيها، لقد استمع بنفسه حديثها وهي تتامر عليها وتعترف بتصرفاتها تجاهها كلها وكم تكرهها وتريد ان تخرجها من حياته مهماً كلفها الأمر خسائر.
ظل مكانه مصدوم وهو ينظر لها بخيبة أمل كبيرة، ثم أردف قائلا بلهجة تهكم غير مصدق
= يعني تسنيم كان معاها حق في كل حاجه قالتها عنك، انتٍ اللي دايما كنتي بتوقعي بيني وبينها وبتالفي قصص مش حقيقيه عنها عشان تخليني اكرهها! وحكايه انك تعبتي ورحتي المستشفى انتٍ السبب فيها برده وانتٍ اللي عملتي في نفسك كده زي ما نصحتي صاحبتك إللي اسمها دنيا انها تشوف نقطه ضعف أبوها ليها ايه؟ وما تاخدش جرعه الانسولين وتتعب وتتهم خطيبه ابوها السبب عشان يكرهها وتوقع بينهم زي ما حصل بيني وبين تسنيم بالضبط.
هز رأسه بعدم استيعاب وهو يكاد أن يجن مما عرفه، خيبه كبيره و صدمه لا يرى مبرر لأفعالها؟ التي لم يصدقها بيوم من الأساس، ما أسبابها.. ما مبررها.. لا يوجد بالتاكيد هو لم يقصر معها بشئ، على العكس تماما خسر الانسانه الوحيد التي أحبها لأجلها.. لأجلها فقط فعل الكثير والكثير دون ان يفكر بنفسه فيكون ذلك جزاته، تخون ثقته العمياء بها! ثقته الكبيره والغير محدوده فيها، هي كانت بالنسبه له اكثر من أبنته! روحه.. قطع منه لا يستطيع الاستغناء عنها ولا العيش بدونها.
وهي ماذا فعلت أمام كل ذلك؟ أضاعت تلك الثقه واستخسرت فيه سعادته! بينما هو كان يفعل الكثير ويمنع نفسه مما يحب أمام سعادتها و راحتها هي! فهل يستحق منها ذلك؟ يا الله سيجن .. لما فعلت به كل ذلك كيف استطاعت من الاساس.
هز رأسه وهو يتالم من الخيبه والصدمه
متأملاً ملامح وجهها المتألمة بعينين ثاقبه حادة
= انتٍ ما طلعتيش كدابه وبس لا ما شاء الله عليكي كمان بتدي نصايح لغيرك في الشر وبسبب عمايلك عيل تافيه زي ده عرف يوقعك كويس ويمسكك من ايدك اللي بتوجعك.. وكمان بتبعتي لي صورك يا زباله يا واطيه .
كانت ليلي تستمع الي حديث والدها وهي تشعر بالصدمه تتخللها فكل شيء انكشف حتى بعد أن وافقت على طلبات ذلك الحقير حتى لا يعلم والدها حقيقتها وينظر اليها تلك النظرات الاستحقار، همست بصوت منخفض مرتجف وقد أخذت ضربات قلبها تزداد من شده الخوف! نعم خوف لاول مره تشعر به تجاه والدها فالذي أمامها الآن ليس ذلك الحنون الذي كان يصدقها و يكذب العالم كله لأجلها
= والله يا بابا ما حصل.....الحكاية مش كده خالصِ.. اسمعني عشان خاطري انا عملت كده غصب عني عشان هددني بيك .
اندفع سالم نحوها يصفعها بقوة مما جعلها تفقد توازنها وتسقط علي الارض من شدة الصفعة وصاح قائلاً بجنون وهو يصفعها علي وجهها مرة اخري
= اخرسي خالص يا زباله، انا مش عارف عقلي كان فين لما كنت بصدقك.. هو انتٍ ايه بالظبط شيطانه التصرفات دي تطلع منك ليه وازاي؟؟ من امتى وانتٍ بالقذارة دي..
أبتسم سالم بسخرية مريرة وعيناه بدأت تدمع من الانكسار شاعراً بقلبه ينقبض من الألم و صدمته في أبنته، فكانت حقا صدمه كبيره له وغير متوقعه! ابتلع ريقه وهو يقول باشمئزاز
= انا ازاي ما كنتش بلاحظ كل ده فيكي وشك الحقيقي اللي كنتي دايما بتخدعيني بي.. ده انا عملت كل حاجه عشانك وياما كنت باجي على نفسي عشان ما اقصرش معاكي في حاجه، حتى بيتي اللي اتخرب ما فرقش معايا قد مصلحتك وان ما حدش يكدبك تقومي انتٍ اللي تطعنيني في ظهري .
اشتعل غضب فور تذكر كل تحذيرات تسنيم أكثر من مره ودائماً، لكنه لم يرد عليها ولم يصدق، أقترب منها وهي انتفضت مذعورة بخوف منه، متحدث بصوت مكتوماً متألم
= هو انتٍ مين؟؟ هاه مين؟ انتٍ مستحيل تكوني بنتي اللي كنت بربيها كل الفتره اللي فاتت ومستعده اعمل كل حاجه عشانها مستعد ايه؟ ده انا عملت كل حاجه عشانك.. انا لغيت حياتي وما بقيتش افكر في نفسي، والمره الوحيده اللي عملتها بقيت اترجاكي وخايف على مشاعرك اكتر واحده رغم انه من حقي.. وانتٍ استخسرتي ده فيا يا ريتك استخسرتي وبس ده انتٍ اذيتيني واذيتي غيري.. عملتي كل ده ليه بجد؟؟ طب أنا عملت ايه عشان استحق كل ده منك.. انتٍ مين بجد مستحيل تكوني ليلى بنتي .
كانت تسمعه وهي تبكي بصمت فقد كانت تشعر بأن كل ما حدث منذ قليل ليس إلا كابوساً و سوف تستيقظ منه بأي لحظة، لاول مرة تري والدها هكذا.. مكسور.. حزين.. مصدوم.. يبكي لأجلها، لأجل طعنتها وصدمته فيها، لا تنكر بانها بدأت تشعر بالندم داخلها لكل تصرفاتها السابقه.. أول ما رأته بتلك الحاله الصعبة ندمت! حتى انها تقسم بانها تخشى ان يصاب بازمه قلبيه أو ما شابه ذلك بسبب عصبيته الزائدة وحالته المنكسرة، فهذه بالأساس أول مره يعاتبها على شيء ويشعرها بأنها أخطأت بالفعل.
واما بالنسبه للصور التي ارسلتها الى ذلك الحقير! فكان ذلك طلبه الآخر؟ حاولت في البدايه ان ترفض وتتهرب منه لكن! كان ذلك دون فائده، بالاضافه إلي انه هددها بوالدها ومستقبله الذي سيضيع بسببها، وبالفعل بدات تخاف ولم تجد حل غير إرسال الصور اليه وقد فعلتها .
نظر سالم ساخراً من بكائها وقد ارتسم الغضب فوق ملامح وجهه لقد كان كالبركان المشتعل مما بث الرعب بداخلها لكنها صرخت بألم عندما اندفع نحوها وقبضت يده علي شعرها يجذب خصلاتها بقوة، و أخذ سالم يسدد لها الضربات دون ان يلتفت او يهتم بدموعها والمها لاول مره في حياته! وبعد فترة توقف متجمدا مبتعداً عن ليلي التي كانت ملقيه علي الأرض و وجهها غارقاً بالدماء متجهاً نحو الخارج و أغلق الباب خلفه جيد .
❈-❈-❈
انهت ليان إعداد كأس اللبن والشطيره وقررت
الخروج للجلوس في الشرفه الواسعه وكان بانتظارها أيمن... ألتقطت عيناها بذلك الجالس وقد فهمت ماذا يريد؟ جلست أمامه وهي تهتف بهدوء
= ريح نفسك يا أيمن ما اعرفش حاجه عن موضوع اختك وحتي لو اعرف بلاش تدخلني بينكم، ما ينفعش اصلا اختك تقولي على أسرارها واروح اقولها لحد حتى لو كان اخوها.. حاول معاها انت بنفسك و ان شاء الله هتقول لك.. وبعدين كده مش هتقول لي حاجه تاني ولا هتلاقي حد تفضفض معاه وهي ما لهاش غيرنا.
نظر أيمن نحوها بأنزعاج، فلا حاجة به لسماع مثل تلك العبارات هو يفهم ذلك جيد لكن يريد الاطمئنان على شقيقته فقط، فحذرها بصرامة
= طب عاوز افهم الموضوع بالظبط من غير تفاصيل حتى، وليه عاوزه تطلق و اللي وصلها لكده.. ما انا لازم اطمن على اختي يا ليان .
تنهدت ليان وهي تردد قائلة باهتمام
= هو فعلا الموضوع بسبب بنت سالم هي ما كدبتش عليك يا أيمن، البنت فعلا مش قادره تتقبل ان في واحده في حياتهم وهي كانت دايما فعلا بتشتكي ليا من ايام الخطوبه بس ما كنتش اعرف ان الموضوع هيتطور كده و يزيد.. والمشكله ان سالم مش بيصدق حد غير بنته وهي دي المشاكل اللي بينهم و مخلياها عاوزه تطلق وحسب كلامها الموضوع كل مره بيزيد وانها اديت فرص كثير بس ما جتش بفايده.. وانا حاولت والله انصحها على قد ما اقدر انها تفكر في حكايه الطلاق تاني وأنه مش سهل وتحاول تاخد منه موقف بس هي برضه مصممه انها تنفصل عنه .
هز رأسه بعدم مبالاة، وأجابها بجمود
= انا مش فارق معايا كلام الناس ولو اختيارها ده هيكون هو سعادتها و فعلا حياتها معاه عذاب ومش قادره انا مش هقف ضد اختيارها عشان دي عمرها ما كانت افكاري، حتى لما كانت بتتاخر في الجواز عمري ما جيت و قلت لها الكلام الاهبل اللي كنت بسمعه من بعض ناس تانيه.. يعني بالعكس أنا هدعمها مهما كان اختيارها بس عاوز افهم الحكايه لاني حاسس أنها تعبانه أوي والموضوع مش مجرد خناقه عادية زي ما انا فاكر
ابتسمت له ليان وهي تجلس جانبه هاتفه بجدية
= انا فاهمه يا حبيبي وهي كمان اكيد عارفه كل ده، عاوز نصيحتي طالما هي مش عايزه تدخلنا في الموضوع خلاص نستنى لما تطلب مساعدتنا يمكن ربنا يهدي والامور تتحل لكن لما طرف ثالث يدخل في الموضوع خلاص مستحيل تتحل العلاقه وترجع تاني واختك مش صغيره يا ايمن وهي ما شاء الله عليها بتعرف تحل مشاكلها لوحدها..
استشعرت عدم اقتناع زوجها بالحديث، خفي من كلماته المقتضبة، لذلك عمدت إلى تغيير مسار الحوار إلى شيء أخر كي لا يثير هذا الموضوع حنقه أكثر من ذلك، هاتفه بصوت خافت
= لما تطلب مننا المساعده ادينا موجودين وهي عارفه ده كويس.. انا والله حتى حاولت معاها انها تيجي تقعد معانا بدل قعدتها لوحدها دي وهي في ظروفها .. بس رفضت.
عاود التحديق في وجهها فأومـأ برأسه بضيق وهو يقول بصرامة طفيفة
=عارف دماغها ناشفه كانت دايما بترفض برده لما كنت بقول لها زمان بدل قعدتها لوحدها وهي تقول لي مش هاخد راحتي ولا انتم كمان، ان شاء الله مشاكلها تتحل.
ثم حرك رأسه بالإيجاب بإيماءة صغيرة كإشارة عن انصياعه لنصيحتها باستسلام، ابتسمت له مطمئنًا إياه بأن الأوضاع ستكون جيدة، ثم قربت صينيه الطعام منها تتناول في حين دست الطعام في فمها وتناولته بشراهة عجيبة، تابعها أيمن ناظرًا لها بتأفف وهي تتلذذ باستمتاع بقطع الطعام الشهية، ثم علق ساخراً بمرح
= ما ترحمي شويه بطنك يا ليان هو انا كل ما اشوفك الاقيك بتاكلي؟ ارحمي كرشك شوية يا حبيبتي هتبلعيني بعد كده!
منحته نظره غيظ وهتفت من بين أسنانها وهي مستمر بوضعه الطعام في جوفها
= بتوحم يا أيمن، الله! يعني مش انا اللي طفسه و إللي بياكل ده إبنك .
ضحك بأستمتاع لنبرة صوتها الغاضبة فاحيانا يشعر بأنه يتحدث مع طفله صغيره ليس شابه بالغه، ضمها إلى صدره مبديًا إعجابه لها، ثم علق قائلاً مبتسماً بمكر
= طب مش بتتوحمي على حاجه تانيه مثلا! حاجه كده قدامك طول الوقت ومتاحه من غير تعب ومجهود زي الاكل .
ردت بدلال وهي تطالعه بنظراتها العاشقة
=عيب اللي بتعمليه ده قدام الجيران احنا في البلكونه.. اتلم .
انحني نحو أذنها هامساً بصوت خبيث
= طب تعالي نروح اوضتنا وانا اوريكي قله الأدب اللي على حق .
و ما أن حاول أن يبعد عنها صينيه الطعام انتفضت وشهقت بفزع وأخذتها منه بحده، ضحك بعدم تصديق عليها ومال نحو جبينها ليطبع قبله دافئه عليه وطوقها بذراعه من خصرها.. يضمها اليه وهو يشعر بأن قلبه ينبض بعنف! يعزف بمقطوعه لحن تجعله يطير عاليا وهو يتساءل نفسه؟ كيف سقط قناع الماضي.. لأحيا بالحب مجدداً .