-->

رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 71 - 2 الأثنين 6/11/2023

    رواية كما يحلو لها

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه

رواية جديدة كما يحلو لها

تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى

من قصص وروايات

الكاتبة بتول طه

النسخة العامية

الأثنين 6/11/2023

الفصل الحادي والسبعون

2

النساء كالرجال تمامًا، هن لسن بقديسات وليس هناك نص يتهمهن بالإلزامية المُغرضة بأنهن وُجب عليهن ألا تشوبهن شائبة حتى تنال كل واحدة منهن السعادة، الرجال مثلهن، الجميع خطاء، وكل أحد لديه الفُرصة في الاختيار، سواء في الحياة أو في العلاقات، فمن يسمح للرجل بأن يرتكب الذنب ثم يتوب ولا يسمح للمرأة بالمثل فما هو إلا ظالم يُطلق الأحكام بتعصب شديد لكون الرجل كائن مُنزه عن الخطأ يستطيع فعل ما يحلو له كالدابة التي لا تملك عقل لنغفر له في النهاية، وهذا ليس حقيقي على الإطلاق..  

 

قبل أن تُطلق الأحكام المُسبقة على العلاقات لابد من أن تطنب بالتفاصيل، أن تعرف جيدًا ما الذي حدث وما الذي فعله الطرفان وتحكم بحيادية لتكون عادل بمنطقية بعيدة كل البُعد عن حفنة من تقاليد ليس لها أي أساس سوى ترهات سنّها أمم لم تكن المرأة لهم سوى صورة نمطية لو حادت عنها، استباحوا لها الوأد بدلًا من حقها في الحياة الذي حصل عليه الرجل بمنتهى السهولة.

 

هناك امرأة لا تريد سوى علاقة سعيدة من وجهة نظرها، كما يسعى الرجل لذلك، وهناك امرأة ترضى بالوضع القائم كما هناك رجل يتقبل الأوضاع ولا يُزعجه الأمر، هناك امرأة تبحث عن نصفها في الجنس الآخر وتجده، وأخرى لا تفعل، والرجال مثلهن، وهناك من لا يتنازل، بينما في خضم كل هذا السعي تتواجد قلة قليلة محظوظة بنول كل ما أرادته..

ولولا الاختلاف بين الرجال والنساء لم تكن لتدوم العلاقات، لم تكن لتنتهي، ولم تكن لتبدأ على الاطلاق..

--

منذ أربع سنوات، وثلاثة أشهر، وثلاثة أسابيع..

بجزر المالديف..

أسندت رأسها على ساعدها وهي مسترخية فوق الفراش بعد أيام طويلة لم يتوقف أيًا منهما خلالها عن الذهاب لأماكن كثيرة، وبالرغم من كل توترها الذي تحكم بها بالأيام السابقة ويأخذ في التلاشي شيئًا فشيء، إلا أن كل ما به وكل ما يتشاركانه سويًا أصبح أفضل ما في حياتها بأكملها.. ولو عاد بها الوقت، لن تكون بمثل قسوتها عليه كما كانت معه في البداية.

 

طالعها "يونس" وهو يرى ذلك الاختلاف المُغري المُحرض له على الوصول لمرحلة أخرى معها ولكنه أعطاها كل الوقت الذي تحتاجه، فلم يمر سوى أسبوع واحد منذ ليلة زفافهما، ولقد ظن أن بوصولهما هنا لهذه الأجواء التي تدفع المرء على الاسترخاء بتلقائية شديدة ستجعلها متسامحة قليلًا معه، وهو بالفعل يحترق شوقًا لنول المزيد منها ولكنه لا يريد الاستعجال على الإطلاق.

 

التفت نحوها واتكأ مثلما تفعل هي ثم أخبرها:

-       الخدود شكلها تعبان أوي، بس مبسوطة برضو..

 

ابتسمت نحوه وعقبت باقتضاب رغبةً منها في عدم ترك كلماته عالقة في الهواء دون رد منها:

-       ده حقيقي.. بس مش جايلي نوم برضو.. ممكن عشان السفر والطيارة!

 

 همهم مُفكرًا وهو يتفقدها ولم تستطع عيناه اغفال تلك الملابس التي اختلفت عن سابقتها فهو يستطيع رؤية أغلب ساقيها، ذراعيها، مقدمة نهـ ـديها، وتلك الملامح بوجنتيها المثاليتين وخصلات شعرها الأسود الفاحم التي تتدلى بعبثية رائعة على جـ ـسدها ومُقلتيها اللامعتين بالسعادة بصحبة ابتسامتها، فحاول إيقاف نفسه عن تخيلات كثيرة وأخبرها مقترحًا بتساؤل:

-       تحبي نعمل حاجة نشربها ونطلع نقعد برا أو ننزل الـ pool شوية؟

 

فكرت لوهلة، هي لم تختبر قط تجربة أن تسبح بملابس شبه عا رية بالرغم من خجلها ولكن هو زوجها في النهاية، تبًا، هو يُعطيها كل الأسباب للمتعة وعليها أن تتساهل قليلًا، بعد كل ما فعله من أجلها هو يستحق ذلك.

 

قضمت شـ ـفتاها ثم اخبرته:

-       ممكن ننزل الـ pool شوية!

 

هي بما تملكه من حُسن ستصبح معه في حمام سباحة خاص بهما وأمامهما البحر وحدهما بملابس ستكشف أكثر مما يراه بالفعل، ما الذي سيفعله وقتها؟ وكيف سيستطيع التماسك أمامها؟!

 

ولكنه يُريد ذلك، لذا حدثها وهو ينهض:

-       ماشي، يالا يا tomato face غيري هدومك إلا لو هتنزلي الـ pool زي ما أنتِ كده! أنا هستناكي برا.

 

توجه نحو خزانة الملابس وتناول سروال قصير خاص بالسباحة وتوجه لملحق الغرفة لكي يبدل ملابسه بينما تابعته هي بعينيها إلى أن غادر وحاولت التحكم في ارتباكها لتنهض وتناولت احدى أردية السباحة التي قامت بابتياعها من باريس عندما كانا هناك وزفرت بعمق ثم توجهت نحو الحمام وهي تُسلط كامل تركيزها على التحلي بالشجاعة!

 

تفقدت كيف تبدو في هذا الثوب الأحمر الداكن الذي يبرز تفاصيل قدها، وكيف تبرز درجة بشرتها بمزيج لون الثوب، لتجلي حلقها وهي تدفع نفسها على التخلص من التوتر وتناولت رداء لتحتمي به مؤقتًا قبل أن تترك له الفُرصة في الاقتراب منها كما يحلو له.. هي تريد المزيد منه على كل حال.

--

منذ أربع سنوات، وثلاثة أشهر، وثلاثة أسابيع..

أطنب بقبلته التي يتبادلها معها إلى أن شعرت بأنفاسها قد تلاشت بالكامل وهي تبادله واحدة من تلك القبل التي تتجه بهما لعالم آخر تمامًا غير هذه الحياة حولهما ثم فرق قبلتهما ولكنه ما زال يحتوي جانب وجهها بكفه وأخبرها برفق:

-       متنسيش تاخدي الدوا يا روان!

 

ابتسمت له بالرغم أنها ما زالت ترفض الأمر:

-       حاضر..

 

طبع قبلة على جبهتها ثم تناول كوب القهوة الذي يتناوله بمنتصف اليوم بعد كل هذه الممارسات التي تعصف بكيانهما معًا ثم أخبرها:

-       أنا هروح أشوف برق شوية، وأنتِ شوفي لو حابة تروحي البيت التاني وتجيبي هدوم ليكي.. أنا مبسوط بالقاعدة هنا ومش عايز اقعد في بيتك..

-       أوك..

 

تركها وتوجه للخارج وهي تُمسك بعبوة مانع الحمل وتناولت هاتفها وهي تشعر بالخجل مما فعلته منذ أيام واتصلت برقم "بسام" الذي اجابها بعد القليل من الرنين وبمجرد استماعها لصوته أخبرته:

-       أنا آسفة.. أنا مش عارفة عملت كده ازاي! متزعلش مني.

 

تنهد وهو يتذكر كيف لطمته بينما أضافت هي بعد صمته:

-       بسام أنا حسيتك بتبصلي كأني واحدة مش محترمة، وعمر جوزي وأنا بحبه ومن حقي ارجعله برضو.. أنا زعلت من بصتك ليا، واحنا رجعنا بعد الفرح اتكلمنا والساعة ستة الصبح وصلنا خبر باباه!

 

حمحم وهو يُفكر، هو يعرف أن في النهاية هي أُخته ولو صدق معه "عمر" سيكون هو الوحيد بجانبها فأخبرها:

-       خلاص يا روري محصلش حاجة..

 

تناولت العبوة الورقية ثم توجهت للخارج نحو منزلها الذي يقع في مقابلة منزله الصغير وانشغلت بمكالمتها:

-       فعلًا مش زعلان؟ أنت عارف أنا عمري في حياتي ما عملت حاجة زي دي بس غصب عني أنا بقيت لما بتعصب ما بشوفش قدامي.

 

اجابها على الفور فهو على علم بأن ما سيحدث سوف يكون من أسوأ ما عليها مواجهته وقال:

-       لا مش زعلان بجد، عرفيني اخباركم ايه؟ الدنيا ما بينكم بقت احسن؟

 

همهمت له بالموافقة وهي تقوم بالدخول إلى منزلها ثم توجهت نحو المطبخ وهي تخبره:

-       اه الدنيا تمام، بس هو لا عايز يخرج ولا عايز يعمل أي حاجة ولسه موضوع باباه ده مأثر فيه. 

-       اكيد يا روري، أنتِ فاكرة لما بابي مات احنا كنا عاملين ازاي! 


تابع قراءة الفصل