رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 71 - 3 الأثنين 6/11/2023
رواية كما يحلو لها
الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه
رواية جديدة كما يحلو لها
تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى
من قصص وروايات
الكاتبة بتول طه
النسخة العامية
الأثنين 6/11/2023
الفصل الحادي والسبعون
3
توقفت وهي تترك المياه والعبوة الورقية التي تحمل الأقراص بداخلها وانزعجت من مجرد الفكرة ليتدارك "بسام" ما قاله وسألها:
-
أنتو ناويين تيجوا امتى؟ مامي على فكرة متعرفش أي حاجة من اللي حصل. ولا
تعرف أصلًا إنكم اتطلقتوا، هتقوليلها ولا لأ؟
شردت بالفراغ وهي تُفكر بالأمر واتكأت على الجزيرة الرخامية للمطبخ خلفها
واجابته:
-
بلاش يا بسام ملهاش لازمة، أنا الفترة اللي فاتت كنت بقولها إنه مشغول
وخلاص.. مش لازم بقا اقولها اتطلقنا ورجعنا والكلام ده..
لقد كان بالطبع كل هذا مخطط تعاون به كلًا من "بسام" و
"عمر" ليسألها مرة ثانية:
-
تمام أنا مش هجيب سيرة، بس هتيجوا امتى؟
همهمت بتفكير لوهلة ثم اجابته:
-
بصراحة مش عارفة، هشوفه كده هيقدر على امتى واكيد هعرفك قبلها..
-
ماشي..
-
أخبار ربى إيه؟
سألته وهي تتجه للأعلى لغرفتها ومنها لغرفة ملابسها لتسمعه يُجيبها:
-
هي كويسة، سافرت اليونان مع مامتها وباباها وجاية الشهر الجاي.
مازحته متسائلة بقليل من الخبث:
-
ومفيش حد كده عايز يروحلها ولا حاجة؟
اجابها متجاذبًا أطراف الحديث معها:
-
لا بقى أنا هقعد معاكي أنتِ، تعالي بس بسرعة أنتِ وعمر ونبقى نسافر كلنا.
-
أوك، أنا هحاول كده أقوله نغير جو وبالمرة يريح اعصابه شوية..
أخذت تضع بعض من الملابس المنزلية بحقيبة متوسطة الحجم بعد أن أنهت
المكالمة وخلعت قميصه القطني وارتدت ثوب صيفي مُلائم للمنزل وبعدها ارتدت حذاء
منزلي يلائمه وأخذت الحقيبة لتضعها بالأسفل بجانب الباب وتوجهت نحو الاصطبل دون تذكرها
لتناول مانع الحمل، وتفقدت ما الذي يفعله، فوجدته يُمسد "برق" ويُلاطفه وقد
أنهى قهوته بالفعل فاقتربت منه وسألته:
-
أنت هتفضل قاعد هنا في الحر ده؟
لم يلتفت نحوها واكتفى بتوجيه لمحة سريعة لملامحها وود لو نطق بالمصداقية
بأنه سيشتاق له للغاية لمدة سنوات وعليها أن تتركه معه ولو قليلًا ولكنه أخبرها:
-
هنا بعيد عن الشمس ومش حر اوي يعني.. تعالي..
اقتربت له أكثر فتوجه ليتناول السرج واللجام واللباد لكي يُعلمها كيف عليها
فعلها فهي ستوكن الوحيدة التي ستتعامل معه لاحقًا ولقد أعطاه لها بالفعل منذ قرابة
العام فتفقدته لتخبره متعجبة:
-
ده فعلًا دلوقتي في الحر والشمس دي؟
ترك كل ما يمسك به جانبًا ثم اجابها متسائلًا:
-
مين قالك إنه هيتحرك من هنا؟!
استغربت من رده وأخذت تحدقه بتساؤل وعقدت ذراعيها لتجده يقترب منها حتى
أصبح خلفها تمامًا وفجأة دفعها للاقتراب من نفس المكان الذي ترك به كل ما أحضره
منذ قليل وأخبرها:
-
الست اللي بحبها لازم تعرف تتعامل مع برق، احنا بقى مفيش حاجة ورانا
النهاردة غير لما تعرفي تتعاملي معاه!
فهمت ما يُرمي إليه لتلتفت نحوه وأخبرته متعجبة:
-
أنت أكيد متقصدش إني هحط الحاجات دي كلها عليه لواحدي..
ابتسم بقليل من الشماتة وأجابها:
-
اهو ده قصدي بالظبط، وهتعمليها أكتر من مرة، مش حصانك برضو.. اتعاملي يالا
يا حبيبتي.
❈-❈-❈
منذ أربع سنوات، وثلاثة أشهر، وثلاثة أسابيع..
في نفس الوقت، بجزر المالديف..
تجمد بمكانه عندما رآها تخلع ذلك الرداء فوق ملابسها وهو بحمام السباحة
الخاص الذي من المستحيل أن يراهما به أحد فلقد راعى الخصوصية تمامًا عندما قام
بالحجز مُسبقًا لسفرهما، وكل ما تساءل به وبين نفسه هو كيف سيستطيع أن يتمالك نفسه
ويُكمل في بقائه الفتى المهذب الذي لن يقترب منها إلا عندما توافقه على الأمر؟!
ابتلع وهي تخطو أولى خطواتها بداخل المسبح مستخدمة ذلك السُلم المعدني ليمتن
باختفاء منتصفه السفلي تحت المياه ولم يكن يستطيع تكوين أي كلمات تُذكر أمام ما
يراه منها الآن.. هذه حركة غير متوقعة منها!
لم يستيقظ من غفلته بتفاصيلها إلا عندما لاحظ أن أغلب ما بها قد اختفى أسفل
المياه وهي تنظر له بوجه أحمر اللون ليمازحها قائلًا:
-
ده عشان الـ tomato face يليق مع المايوه ولا إيه!
ابتسمت له ولم تُعقب وأخفضت بصرها في محاولة منها للتخلي عن التوتر الذي
يُفسد عليها أغلب لحظاتها معه وبعدها نظرت نحو الغروب فوق ذلك اللون الساحر للمياه
وحاولت الاستمتاع بما حولها فاقترب نحوها متشجعًا بعدما رأى منها عدم الاعتراض
وغضبها وأسوبها الحاد المعهود وحافظ على مسافة ضئيلة فيما بينهما ليُطالعها
بابتسامة وقال بمصداقية بعيدة كل البُعد عن الرغبة وهو يُشاهد ملامحها التي
يعشقها:
-
اللي أنا بتفرج عليه ده أحلى منظر شوفته في حياتي..
تفقدته وحاولت أن تمازحه وأخبرته متعجبة:
-
كل ده عشان شوفتني بالمايوه؟
أومأ لها بالنفي وأطنب بالنظر إليها وأخبرها مجيبًا سؤالها بتوضيح حقيقي
بعيد عن المُزاح أو الرغبة:
-
ملامحك وأنتِ باصة كده وشكلك مبسوط، عمري ما شوفت بنت في الدنيا بحس قدامها
نفس الإحساس اللي بيجيني وأنا شايفك.
ابتسمت بعذوبة وهي تستمع منه لتلك الكلمات ثم نظرت نحوه بقليل من الدلال
وأخبرته:
-
أنا مبعرفش اعوم على فكرة.. زي ما مبعرفش أرد على الكلام الحلو بتاعك ده!
ضيق عيناه نحوها وطالعها باستفهام ليسألها:
-
طيب كنتي عايزة تنزلي الـ pool ليه لما انتي مبتعرفيش تعومي؟
قضمت شـ ـفتاها وشردت بعيدًا عن ملامحه واجابته بخفوت نوعًا ما:
-
أنت هنا، والمكان حلو اوي، وأنا يعني عارفة إنك بتعرف تعوم.. فليه لأ!
همهم مطولًا واقترب لها أكثر وأخبرها بمرح:
-
Tomato face عايزة تعرف تعوم..
أطلقت همهمة بالموافقة دون أن تنظر له وأخذت تنظر بعيدًا نحو مياه البحر
التي تقع خلف المسبح الخاص مباشرة وقرص الشمس الذي أوشك على المغيب ليتشجع وهو
يسألها مرة أخرى:
-
بس لو علمتك ده معناه إني هقرب منك، ده عادي؟
ازدادت حمرة وجنتيها وهي تحاول استلهام الشجاعة قليلًا وابعدت بعض خصلاتها
خلف أذنها واجابته بتساؤل:
-
وأنت شايفني بمنعك؟
فهم ما تُرمي إليه ورفع حاجباه باستحسان لما استمع له منها فاقترب نحوها ثم
دفعها برفق وهو يخبرها:
-
سيبي رجليكي خالص ومتشديش جـ ـسمك والمياه هترفعك لوحدها..
حاولت الاستجابة لما يقوله بالرغم من أن يـ ـداه اللاتي تحاوطاها تسببان
لها المزيد من الارتباك وبمجرد فعلها لم تنجح بها من المرة الأولى فوقفت فجأة
واستندت بيـ ـدها على صـ ـدره ليبدأ هو في الشعور بالتوتر فاقترابها منه ولمـ
ـستها الأولى له مع القليل من الملابس وحولهما هذه الأجواء الساحرة، جعلته يدرك أنه
لن يستطيع التظاهر بكونه الفتى المهذب لكثير من الوقت.
حاول تجاهل هذه المشاعر الممزقة بين اشتياقه الذي حبسه بداخله وبين رغبته
الفطرية كرجل يتمنى الاقتراب من زوجته التي يعشقها فحدثها مستفهمًا:
-
خوفتي ولا إيه؟
أجلت حلقها وهي تجيبه:
-
شوية..
أبعدت يـ ـدها التي كانت تستند بها عليه ليقول بإحباط:
-
شيلتيها ليه بس!