-->

رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 72 الأحد 12/11/2023

   رواية كما يحلو لها

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه

رواية جديدة كما يحلو لها

تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى

من قصص وروايات

الكاتبة بتول طه

النسخة العامية

الأحد 12/11/2023

الفصل الثاني والسبعون

2



تفقدتها "عنود" باستغراب فهي لا تفهم ما الذي جعلها تصل لهذه الدرجة ومما رأته على ملامح "يحيى" الذي كان يبحث عنها منذ قليل لا يتفق على الاطلاق مع كلماتها فحدثتها متعجبة:

-       استني بس قبل ما تروحي في أي حتة عشان يحيي بيدور عليكي، أنتِ كل اللي حصل ده كان فجأة كده؟ ولا هو ضايقك في حاجة؟!

 

ردت عليها مُعقبة بحسرة:

-       لا مش فجأة، أنا اللي عاندت نفسي ونشفت دماغي وقولت أحاول للمرة المليون..

 

تدخلت "مايا" وأخبرتها مُقترحة بنبرة داعمة:

-       طيب روان أنا عندي فكرة، ايه رأيك قبل ما تتسرعي وتاخدي قرار مش في وقته، ليه متاخديش أنتِ ويحيي break وتفصلي شوية وتحددي أنتِ عايزة إيه بالراحة؟

 

تفقدتها بمزيد من الحسرة والحزن حتى التمعت عيناها بالدموع المكتومة مرة ثانية وأخبرتها بنبرة على مشارف البُكاء:

-       مش هاينفع يا مايا، اللي وصلتله لازم يتاخد فيه قرار امبارح مش النهاردة.. أنا هروح أتكلم مع يحيي وهاعرفه إني المرادي مصممة على الطلاق!

 

تركت كلتاهما وغادرت لتبحث عن "يحيي" وبداخلها تلك اللحظة المُقيتة التي جعلتها مستيقظة منذ أمس، يستحيل أن تستمر مع رجل وفي خيالها كلمات رجل آخر!

 --

منذ أربع سنوات وثلاثة أشهر وأسبوعان..

بعد محاولات شتى منه وبعد كل ما عرفه منها بعد إلحاح، الآن يبدو الكثير من التصرفات منطقية وخلفها أسباب قد استغرب لها يومًا ما، ولكن هذا في الحقيقة لا يهمه، ما يهمه هو رؤية عروسه التي يعشقها وهي تبدو حزينة بشدة، وهذا أكثر ما يكترث له الآن!

حاوط كـ ـتفيها برفق وهو جالس بجانبها على تلك الأريكة التي تقع بجناح في أحد الفنادق وأخبرها بلين وحاول بث بعض الدعم إليها:

-       حبيبتي كل حاجة هتبقى كويسة.. قبل ما اقولك أي حاجة عايزك تعرفي إن اللي أنتِ عايزاه أنا هساعدك فيه، بالنسبة لموضوع اخوكي فهو لو مكانش حد كويس مكانش قالك كل ده، وكمان هو اللي صمم ميقولكيش على وفاة باباكي عشان متضايقيش في أول الجواز وكان عايزك تكوني مبسوطة.

 

رفعت عيناها اللتان توشكان على البكاء مرة ثانية وأخبرته بصدمة:

-       أنت ازاي أصلًا بتدافع عنه بعد ما قولتلك كل ده.

 

تراجع أمام اعتراضها الذي يعرف أنه لو صمم على رأيه سيكون سيتعاظم وسيتحول الأمر بينهما إلى شجار بالغ وأخبرها مُصححا لكلماتها:

-       أنا مش بدافع عنه، أنا ببص لعمر من أول ماعرفتك لغاية من شوية لما كنا في بيتك، بحاول أشوف الموضوع كله من أوله لأخره.

 

بالطبع لم تتقبل كلماته وشعرت بالتقزز تجاه ما تفوه به ونهضت وتركته فتبعها وهو يقول:

-       لو أنتِ زعلانة عشان باباكي فده معاكي حق فيه أكيد ومفيش حاجة في الدنيا تقدر تخليكي كويسة بعد الموت غير الوقت، بس بجد لو كل اللي مضايقك هو موضوع أخوكي والمشاكل بتاعته هو وروان فمتفكريش كتير فيها، وأنتِ مالك أصلًا.. شيلي الكلام ده كله من دماغك ومتوجعيش راسك بحاجة أنتِ أصلًا مش قبلاها.

 

التفتت نحوه وعقبت بحدة على كلماته:

-       ازاي اللي أنت بتقوله ده، أنت فاهم أنا حاسة بإيه؟! بابا خبر وفاته زي ما يكون مش فارق معايا، وكمان أنا كنت فاكرة إن عمر ده أحسن واحد في أهلي، ومن شوية اكتشفت هو إنسان قد إيه وحِش ومفتري وميستحقش أصلًا حد يتعامل معاه، وكمان روان، أنا كنت بفتكرها زي أختي الكبيرة وبجري عليها وبسألها في كل حاجة، اكتشف فجأة إنها معندهاش كرامة ومكملة مع إنسان زي أخويا! أنت فاهم أصلًا ده؟!

 

ابتسم لها بسخرية مقترنة بخيبة أمل نوعًا ما وسألها بهدوء:

-       يعني أنتِ شايفة اللي يصمم على حد بيحبه يبقى معندوش كرامة؟ يبقى ليه اتجوزتي واحد معندوش كرامة زيي جري وراكي وحاول مع اخواتك لغاية ما اتجوزك؟!

 

اشهرت سبابتها بتحذير نحوه وأخبرته بعصبية:

-       متخليش الكلام فجأة يكون عني وعنك وأنا بتكلم عن عمر وروان، أنا وأنت وضع مختلف غيرهم!

 

زفر بضيق والقليل من الإرهاق فلقد قارب الصباح وكلاهما مستيقظان منذ الكثير من الوقت فأخبرها:

-       عنود يا حبيبتي أنا مقدر إنك متضايقة، وبأكدلك تاني أيًا كان قرارك هيكون إيه أنا معاكي فيه، أنا كنت بناقشك بس مش أكتر وبحاول أشوف الموضوع من وجهة نظر تانية والفت نظرك ليها.. لو حابة ممكن نأجل الكلام شوية، أو ننام والصبح نكمل كلامنا!

--

منذ أربع سنوات وثلاثة أشهر وأسبوعان..

في نفس الوقت..

شعرت باحتياجها لقضاء حاجتها فاستيقظت لكي تتجه للحمام فوجدته ما زال مُستيقظ ولكنها ذهبت أولًا وهي ناعسة للغاية ثم انتهت واتجهت لتتناول بعض المياه وتفقدت ما يفعله لتجده جالس كالجماد ينظر بكتاب فاستغربت وتفقدت الوقت لتجدها اقتربت من الثالثة صباحًا فاتجهت نحوه وأجلت حلقها لتزيل اثار النعاس عن نبرتها وأخبرته بتساؤل وهي تقف أمامه:

-       أنت صاحي لغاية دلوقتي ليه؟

 

قدم كفه تجاهها فأمسكت به ليجذبها برفق بجانبه فجلست وهي لا تريد أكثر من العودة للنوم فقربها إليه معانقًا إياها وعندما استقرت رأسها على صـ ـدره بدأ بالحديث:

-       أنا قولت لعنود إن بابا مات.

 

ما قاله جعل نعاسها يذهب بلا رجعة فرفعت وجهها نحوه وتأهبت بجلستها واعترضت ولكن بهدوء دون أن تُبالغ بنبرتها:

-       ليه يا عمر أكيد هتضايق حتى لو كانت مش قُريبة ليه.

 

طالعها بملامح لا تدري هل هو مُرهق، حزين، تائه في ملامحها، أم أنه يشعر بكل ما سبق دفعة واحدة وأخبرها:

-       كان لازم بقا تعرف كل حاجة.

 

ضيقت ما بين حاجبيها وطالعته بنظراتٍ مستفهمة فأومأ لها بالموافقة وأخبرها:

-       خلاص، كده أحسن، أنتِ مش مضطرة تخبي حاجة عن حد.

 

لم تستحسن فعلته وأخبرته بحزن:

-       كنت استنى شوية، على الأقل كانت ترجع من العُمرة.. مكونتش جبتهالها كده!

 

عانقها ليُخفي ملامحه وود لو أخبرها الحقيقة بأن وقت عودة أخته لن يكون هُنا على الإطلاق وإن كان محظوظ قد تقرر بعد عام أو اثنان أن تأتي له بزيارة عابرة ليقول بهدوء:

-       حسيت إني عايز اقولها!

 

بادلته العناق وحدثته باهتمام متسائلة:

-       عشان كده مش جايلك نوم؟

 

تنهد بعمق واجابها باقتضاب:

-       يمكن، مش عارف.

 

فرقت عناقهما وهي تنظر له ومررت أطراف اصابعها على لحيته وهي تخبره بعد أن فهمت ما فعله من مجرد نظرات وردة فعل منه جعلتها تُدرك كم كان يشعر بالخزي:

-       متزعلش، أنا عارفة إن رد فعل عنود هيبقى جامد شوية بس سيبني أنا أتكلم معاها، كمان كويس إنك قدرت تحكي ده لحد قُريب منك.. حتى لو مش بتفاصيل.. هي أكيد شوية وهتكون كويسة!

 

التوت شـ ـفتاه بابتسامة ظنتها هي مليئة بالحسرة بينما في الحقيقة كان يسخر من نفسه وعقب بتهكم:

-       اخر حاجة قالتهالي إنها هتسيب البيت وتمشي!

 

استغربت من كلماته وتعجبت قائلة:

-       مش هي قالت هيقعدوا هنا شوية بدل ما كانوا هيقعدوا في اوتيل ومش عايزين حد يعرف إنهم رجعوا، وهيسافروا تاني كمان عشر أيام، هتسيب البيت وهيروحوا بيتهم التاني ولا إيه؟ 


الصفحة السابقة                                الصفحة التالية