رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 72 الأحد 12/11/2023
رواية كما يحلو لها
الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه
رواية جديدة كما يحلو لها
تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى
من قصص وروايات
الكاتبة بتول طه
النسخة العامية
الأحد 12/11/2023
الفصل الثاني والسبعون
3
هز كتـ ـفاه وهو حقًا لا يدري ما الذي تنوي عليه "عنود" وما
قد يكون دورها في المحكمة ولكنه عليه أن يحاول بشتى الطُرق ألا تُستدعى للشهادة
وغرق في تلك التفاصيل ليجد المخرج الأفضل فنادته "روان" لتنتشله من
أفكار ظنت أنها قد تدفعه نحو الاكتئاب:
- عمر تعالى يالا ننام!
من سوء حظه أنه رجل مصاب بهذا الاضطراب اللعين الذي يدفعه الآن نحو
الاكتئاب دون هوادة، لا هذا لم يعد مجرد حالة مزاجية ونوبات، اكتئابه بات كالتنين
الذي لا يرحم وأمّا عن هوسه فلا يستطيع وصفه سوى بالطفل الطائش الأهوج.
أحيانًا يتساءل بينه وبين نفسه أهو مصاب باضطراب ثنائي القطب من النوع
الأول لأن أحيانًا نوبات هوسه تكون مبالغ بها، وأحيانًا يرتاب بأنه رجل ذو نوبات
مختلطة، لا يدري لماذا تم تشخيصه بأنه من النوع الثاني!
وبين كل أفكاره وتأثير وفاة والده وما أخبره لـ "عنود" ويقينه
بأنهما سيفترقان للأبد بعد أيام قليلة شعر بأنه ممزق لأشلاء ولا يستطيع أن يصمد
ككيان مُفرد وكإنسان ليتحمل كل هذا دُفعة واحدة، وهي بالطبع لم تقرأ بعينيه سوى
الحُزن وظنت أن هذا بأكمله بسبب اكتئابه الذي عما قريب قد يتحول ليُصبح اكتئاب
شديد!
بعدما طال صمته وتمعنه بملامحها التي يعلم أنه لن يحق له النظر لها
عما قريب أخبرها:
- أنا مش عايز أنام، ومش قادر أعمل أي
حاجة.
تناول كف يـ ـدها وهو يتلمـ ـسه برفق شديد بمداعبات لم تتناسب مع كلماته
ولم تتفارق مقلاتهما في تواصل بدا أبدي فردت قائلة:
- مش لازم على فكرة.. خلينا قاعدين مع
بعض..
قربها نحوه محتويًا وجهها بيـ ـده الأخرى وأرغم نفسه على تقبيلها
بالرغم من انعدام رغبته في هذه اللحظة تحديدًا وبالرغم من ادراكها هي لما يمر به
إلا أنها ما زالت كمثل تلك الفتاة التي لا تعرف عن الرجال شيئًا سواه وسُلبت
أنفاسها تمامًا بمذاقه وأنفاسه ولينه المبالغ به ودفئه الذي لم يختلف منذ قبلتهما
الأولى التي تبادلتها معه ونهاية بتلك لتجده يهمس لها متسائلًا:
- بس ده هيدينا وقت كبير نعمل فيه حاجات
كتير، مش نفسك تجربي حاجة جديدة؟
تفقدته بحيرة خلف ما يقصده فنهض وأطفأ كل
أضواء المنزل عد النور الجانبي للفراش ثم عاد لها وانتظر إلى أن أمسكت بيـ ـده
واتجها سويًا نحو الفراش ونظر نحو النافذة ليجدها مُغلقة جيدًا والستائر منسدلة وستمنع
أي أضواء ستأتي لاحقًا عندما يأتي الصباح بعد ساعة وجلس فوق الفراش أولًا بينما هي
تتابعه وكل ما يدور في عقلها هو عدم رغبتها في رفض أي شيء له وهي تراه أمامها كل
يوم منذ وفاة والده يزداد الاكتئاب على تصرفاته وملامحه فوقفت متريثة دون قول شيء
إلى أن أخبرها:
-
عايزك تقعدي أكتر قاعدة هتحسي إنك مرتاحة
فيها!
اتسعت عسليتاها باستغراب قليلًا وأخبرته
باقتضاب:
-
أوك!
باعدت بين قـ ـدماه وجلست بينهما ليُصبح
ظهرها مُقابلًا لصـ ـدره والتفتت قليلًا لكي تستطيع النظر له وهي ترفع عيناها نحوه
وقالت بتساؤل:
-
أنا كده مرتاحة، هنعمل إيه بقا؟
امتدت يـ ـده لتطفأ الضوء الجانبي للفراش
وعانقها ليهمس بأذنها مُجيبًا بنبرة استفهامية:
-
عمرك سمعتي عن الـ nipple orgasm! (عبارة عن انتشاء جـ ـنسي تصل له المرأة بتحفيز
منطقة الثـ ـدي)
❈-❈-❈
###
عودة للوقت الحالي..
رأته من على مسافة فاتجهت نحوه وهي قد حضرت مُسبقًا كل ما ستقوله له فرآها
واقترب هو الآخر نحوها وهي بداخلها تعرف أنها لن تنسى هذه الأحداث للأبد، هذه هي
المرة الأخيرة التي يحاول كل منهما الاقتراب من الآخر وبمجرد أن فعلا سألها:
- ايه يا بوزبوز، أنا عمال ادور عليكي،
أنتِ كويسة؟
أومأت له بالموافقة دون أن يتضح على ملامحها سوى الحُزن واثار بُكائها
باتت واضحة للغاية فأخبرها بجدية متسائلًا مرة ثانية:
- ايه ده فيه
ايه؟ انتي بتعيطي عشان كنت بتفرج على الماتش؟
قلب عيناه من مجرد التخيل بأن القليل من الترفيه له أصبح حُجة حولها
عقلها لإثبات قوي أن تفتعل منها أمرًا هامًا يستحق البكاء والحُزن، ولكنه فاجئه
هدوئها وما قالته:
- لا مش عشان الماتش، بس هطلب منك لآخر
مرة تسمعني وصدقني مش هكلمك تاني خالص بعد النهاردة، ممكن بس نخرج برا ونتكلم
بهدوء، مش اكتر من خمس دقايق وبعدين أعمل اللي أنت عايزه.
حديث؟! مجددًا؟! ألا تشعر بالسأم من هذا؟ يا تُرى ما الأمر هذه المرة؟
وهل حقًا تريد أن تتحدث معه الآن؟ ألا يُمكنها الانتظار حتى يذهبان ويُصبحان بمفرديهما
ولكنه تنازل من أجلها واتجها معًا إلى الخارج ليحدثها قائلًا باستفهام:
- ادينا خرجنا برا، ممكن تفهميني بقا
فيه إيه؟
تفقدته بأسف وكلمته بوضوح شديد بمدحٍ صريح لكل محاولاته بالثلاثة اشهر
السابقة:
- أنا مقدرة اوي يا يحيي إنك بقيت
بتحاول ترجع بدري من الشغل، وفيه أسابيع بقيت بتاخد فيها يوم إجازة معايا، كمان
بقيت بتحاول تكون موجود معايا أنا وريان في أي مناسبة، وعارفة إنك بقيت بتتكلم
اكتر من الأول وبتضغط على نفسك عشاني.
ابتسم ببلاهة وهو يعقد حاجباه من ملامحها التي لا تتلاءم مع كلماتها
وعقب باحتراس مما ستتابع به:
- طيب الحمد لله ده تطور رهيب.. بس ايه
اللي مضايقك بقا؟
شعرت بخيبة الأمل تحتوي كل ما بها وهي تكاد أن تصل لمرادُها:
- بس أنا وأنت مهما حاولنا عمرنا ما
هنرضي بعض، أنت عشان ترتاح عايز ست عمري ما اقدر اكونها وأنت عشان ترضيني لازم
تبقى راجل تاني بأسلوب مختلف، ومش صح يا يحيي إني يكون معايا إنسان اجبره يتحول
180 درجة ويبقى إنسان تاني عشان أكون سعيدة معاه!
لاحظت كيف اختلفت ملامحه ومفاجئته مما استمع له فواصلت:
- أنا وأنا معاك بحس دايمًا إن كل واحد
مننا في وادي، أنا عايزة حاجات أنت شايفها تافهة وأنت عايز حاجات لو عملتها يبقى
أنا من وجهة نظري هبقى مش بهتم بيك.. بص، أنا عارفة إننا ممكن ننجح لو حاولنا، بس
ده هيحتاج سنين مني ومنك..
اقتربت نحوه وهي تنظر له بندم هائل وأعينها بكت لا تلقائيًا وهي تُكمل
كلماتها بإطناب:
- أنت إنسان حلو أوي، لذيذ وبتحب الضحك ومبتحبش النكد وشاطر واجتماعي وكل الناس شايفة وعارفة قد إيه أنت محترم، بتديني حُريتي وعمرك ما اعترضت على أي حاجة أنا بعملها وعمرك ما اشتكيت من شُغلي اللي ساعات بديه كل وقتي واهتمامي، ولو كنت لفيت الدُنيا كلها مكونتش هلاقي حد أحسن منك يكون أب لريان يحبه ويخاف عليه كأنه ابنه بالظبط.. بس أنا مش قادرة أحس إني مراتك اللي أنت بتحبها لأن كل واحد فينا الحب بالنسباله مفهوم مختلف عن التاني، أنا وأنت تفكيرنا مش واحد، وعمره ما هيبقى واحد أبدًا، مفيش ما بينا connection محدش يفهمه غيرنا، أوقات كتير مبتفهامنيش ولا بتفهم قصدي، ولو فهمته بتحس إني تافهة وسطحية، ويوم ما بتقرب مني مبحسش إني عارفة اتعامل معاك ولا أنت كمان عارف توصلني احساسك..