رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 72 الأحد 12/11/2023
رواية كما يحلو لها
الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه
رواية جديدة كما يحلو لها
تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى
من قصص وروايات
الكاتبة بتول طه
النسخة العامية
الأحد 12/11/2023
الفصل الثاني والسبعون
4
حاولت التوقف عن البُكاء وقالت بسخرية بينما تحول وجهه ليُصبح كعلامة
استفهام يتبعها علامة تعجب:
- اديني رغيت اهو برضو ومعرفتش الخص
اللي عايزاه في كلمتين زي ما أنت ما بتحب.
انزعج من كونه لا يجد بكل ما تقوله جديد ولم يستطع أن يبرر بُكائها
الشديد ليُطالبها باقتضاب:
- روان أنتِ بتقولي الكلام ده كله ليه؟
قضمت شـ ـفتاها وأخبرته مجيبة بحزن:
- أنا آسفة يا يحيي إني مقدرتش كل حاجة حلوة
فيك، ومن غير خناق ولا مشاكل، أنا مش هقدر أكمل معاك وعايزاك تطلقني.
كاد أن يتساءل بالمزيد ولكن قاطعهما قدوم "ريان" الذي لم
تعرف "روان" كيف وجدهما وتسائل بلهفة:
- مامي أنتِ بتعيطي ليه؟
❈-❈-❈
منذ أربع سنوات، وثلاثة أشهر وأسبوعان..
شعرت بأنها فقدت كل حواسها في تلك الظُلمة ولا يعمل بها سوى حاستان
فقط، كل لمـ ـسة تنعكس عليها تؤججها إلى أن قاربت على الاحتراق، وكلماته التي
يهمسها بأذنيها كانت لا تملك عليها رد سوى أنفاس صارخة بالمزيد.
لا ترى ولا تلاحظ منه أي شيء بعد أن غمر كل كيانها بالكامل في قاع
الرغبة، لا تشعر بأنه لا يملك رغبة على الإطلاق وهو يُجبر نفسه أن يتظاهر بالمشاعر
من أجلها، منتصفه الأسفل بعد كل هذه المحاولة التي عبرت ساعة كاملة لم يتأثر، بعد
كلماتٍ مثيرة ولمـ ـسات قد تملك سُلطان بصحبة استجابتها له على أي رجل حتى ولو
كانت قدرته الجنـ ــسية منعدمة لتدفعه للرغبة.
تبًا لاضطرابه اللعين، هي لا تستحق رجل تنعدم رغبته تمامًا وكأنه عاجز
جنـ ـسيًا بالكامل لأنه فقط مكتئب، لا تستحق أن يغتصبها ويُرهقها رجل ارتفع مزاجه
واصلًا لنوبة هوس قاسية قد تودي بكلاهما للقاء حتفهما، هو يكره نفسه، ويحتقرها،
ولا يريد سوى الموت..
هذه كانت أفكاره، أمّا هي فلا تجد الهواء اللازم لتنفسه وهي توشك على
الوصول لذروتها بفل أنامله التي تُعذب نهـ ـديها بطريقة لم تخطر على بالها قط، أنينها
وآهاتها التي تُطالب بالمزيد باتت الوحيدة التي تخالط أنفاسها، لا تعرف كيف يفعلها
بها ولكنها تشعر بأنها تُحلق فوق السحاب بأفعاله وكلماته التي يهمسها لها:
- يالا يا بنوتي، عايز اسمعك وأحس
بيكي.. يالا يا روان، احلى صوت في الدنيا بسمعه منك لما بحس إني ببسطك.. يالا يا
حبيبتي
أغمضت عيناها وهي بالفعل لا ترى شيئًا بات جـ ـسدها يتحرك حركات لا
يُمكنها السيطرة عليها، لا تفهم كيف تبث كلماته بها الوصول لذروتها، كيف امكنه
التحدث لها طوال ذاك الوقت السابق دون ملل، ولا تُدرك سوى أن ما تشعر به ويسيطر
على كيانها، عقلًا، رغبةً، وشعورًا لن يمكنها الوصول لمثل ما يُضاهيه حتى ولو
بأحلامها.
وجدت نفسها ترتجف بقسوة وهو يحتويها بين ذراعيه وهمسه يستمر بكلماتٍ صريحة تُثيرها، لا يفشل أبدًا في صُنع مزيج
بين المشاعر وتسمية واضحة كل شيء بمسمى يتجلى به الجُرأة، حتى وجدت نفسها تصل
لذروة جنـ ـسية لم تختبرها قط معه وهي ما زالت بين ذراعيه المعانقتين لها، تحتويها
بقوة، تغمرهما بدفء جـ ـسده الذي ما زال يفترق عنها بملابسه، ولم تتخيل أن هناك ما
شابه وقد يتواجد حقًا بين رجل وامرأة!
استكانت وهي تشعر بدوار شديد، أو راحة بالغة،
لا تفهم ما عليها تسمية ما تواجهه الآن ولكنها لم تشعر قط بمثل هذه اللذة
والاسترخاء في حياتها، وابتسمت بعدما سمعته يهمس بأذنها:
-
بحبك.
بالكاد استطاعت رفع يـ ـديها لكي تعانق ذراعيه،
بعد هذا الارتعاش الذي كان أطول ما اختبرته معه في لقاء حميمي وهو حتى لم يتم
بالشكل المعهود من عدة مداعبات والقليل من الكلمات ثم الادخال وعقبت هامسة بامتنان لما فعله من أجلها:
-
استحالة تكون بتحبني زي ما بحبك دلوقتي.
ابتسمت شـ ـفتاه بحسرة وشعر بالألم ينهش كل
ما به فعانقها له أكثر وهو لا يدري كيف له أن يعيش دونها بل ويتركها لوغد آخر لكي
تُصبح له.
حاول التفكير بمنطقية بأنه لا يستحق امرأة
مثالية مثلها، ولا هي عليها أن تتحمل رجل مريض نفسه لتنتشله من صمتهما وهي تخرس
أفكاره السوداء التي تُشابه هذه العتمة لجالسان بها بعد أن اعتدلت بجلستها وهي
تخبره بلمـ ـسات لطيفة لا تتوقف:
-
أنت خليت عندي استعداد اعمل أي حاجة أنت نفسك
فيها بعد اللي حصل ده، عارف لو اوضتك القديمة موجودة كنت خليتك تشعلقني فيها زي
زمان لو ده بس هيرضيك ويحـ ـسسك بنفس اللي أنا حـ ـسيته من شوية.
وجدها تتحــ ــسس الفراش وهي تنهض في هذه
الظُلمة لتجلس على ركبتيها وتعانقه لتهمس بأذنه:
-
أنا مش هاسيبك النهاردة غير لما ابسطك كده
بأي طريقة أنت تحبها.
بادلها العناق وهو يشعر بالكراهية المُطلقة
لنفسه وأخبرها متحدثًا بصعوبة وصوته مختنق يحاول عدم البكاء:
-
أنا آسف بس مش قادر خالص.
انتبهت لنبرته وحاولت التحرر لتضيء الضوء وتعجبت
باندهاش:
-
ايه ده فيه ايه أنا مقصدش اضايقك.
لم يستطع منع نفسه من البكاء ولكنه عانقها
بقوة لكي يمنعها من رؤية ملامحه الباكية ويقسم أنه لم يقصد في هذه اللحظة أن يستغل
مشاعرها أو يملك تعاطفها وشفقتها عليه ولكنه قد فاض به من تحمل هذه الحقائق وحده
فقرر أن يُشارك القليل من مشاعره التي يعرف أن بعد اعترافه لها بها ستجعله أفضل
وهو أيضًا على يقين بأنها ستتفهمها:
-
مش قادر يا روان احس بحاجة، مش قادر اتحرك،
بعد كل اللي أنتِ حسيتي بيه ده أنا من الاكتئاب عقلي مش قادر يترجمه..
وجدت بكاؤه يشتد فعانقته وهي في حالة من
الاندهاش ليتحكم بها القلق بما واصل به بمصداقية انتقلت على لسانه دون أن يلتفت
لما يُجهز له من افتراقهما الأبدي:
-
عشان كده كنت شايف إنك تطلقي وتعيشي حياتك
بعيد عني مع حد تاني يديكي اللي مش هقدر اديهولك وأنا في الحالة دي، أنا عارفك
كويس إنك مش هتقدري تعيشي مع إنسان مش مكفيكي، ويا ريت بس على كده، أنا كنت خايف
اقولك إيه اللي حصلي بعد جلسات الـ ect
بس..
توقف عن الكلام وهو لا يستطيع المواكبة بين
كلماته وبين بُكاؤه لتُحدثه بمحاولة منها أن تبث به بعض الأمان وتوقفه عن التحدث
بمثل هذه النظرة الدونية تجاه نفسه:
-
من غير بس يا حبيبي، مش لازم تضغط على نفسك
كده وتجبر نفسك، أنت كنت كويس معايا الأيام اللي فاتت وطبيعي ومفيش حاجة اتغيرت ومفيش
مشكلة اصبر عليك حتى سنة واتنين لو مش مستعد أي حاجة ما بيني وبينك تحصل، اهدى
أرجوك ومتفكرش في الموضوع وبلاش في وقت أنت متضايق فيه تعمل حاجة تاني زي دي
معايا.
مسدت شعره وهي ما زالت تعانقه بينما تحدث
بقهر وكلمات بالكاد استطاعت تفسيرها بين نشيجه وهو على يقين تام بأن شعوره بالذنب
الهائل في هذه اللحظة مجرد عرض من أعراض اضطرابه ولكنه لا يستطيع التحكم بها ولا يتملك
الرأفة قليلًا على نفسه:
-
الفكرة إني مش قادر، الفكرة إني عشان افضل
كويس لازم انسى حاجات كتيرة.. أنا مش فاكر حاجات بعد آخر جلسات عملتها، روان أنا
مش فاكر امتى أول مرة قولتيلي إنك بتحبيني، لغاية النهاردة مش فاكر اللي حصل في
حياتي شهر ونص، عايزة تكملي حياتك مع إنسان في يوم ممكن يصحى وهو مش فاكرك؟!