-->

رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 72 الأحد 12/11/2023

     رواية كما يحلو لها

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه

رواية جديدة كما يحلو لها

تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى

من قصص وروايات

الكاتبة بتول طه

النسخة العامية

الأحد 12/11/2023

الفصل الثاني والسبعون

6


ابتلع وتنهد بحرقة نادمًا ثم واصل:

-       نفسي كنت مقابلش غيرك، نفسي كنتي تعرفيني زمان قبل ما ابقى إنسان مش كويس وأعمل حاجات كتيرة.. كان يمكن كل حاجة في حياتي بقت أحسن..

 

دنت قليلًا ثم قبلت جبهته برفق وأخبرته:

-       اعتبر نفسك قابلتني زمان وركز إنك تنسى أي حاجة وحشة حصلت، أنسى كل حاجة في حياتك ومتفتكرش غير إني بحبك، وإنك بتحبني.. وأننا محظوظين إننا قابلنا بعض ولقينا بعض.. وأتأكد إني عمري ما هقدر أبعد عنك ولا اسيبك مهما حصل بيني وبينك..

 

تمنى لو يستطيع أن يفعل ما تُطالبه به ولكنه سيظلمها للأبد، ليس عليها أن تتحمل رجل مريض مثله يتحول لحالة من الجمود ويتقوقع بغمٍ لا نهائي يجذب كل من حوله إليه، جنونه ليس لها ذنب به مهما بات رجل أفضل، لقد تبقى أيام قليلة لتصبح قانونيًا ورسميًا زوجته السابقة وسيُصبح هو الشخص الذي لا يملك ذرة من المروءة ليقوم باختطافها وحبسها بعيد عن أعين الجميع!

 

كل ما يمكنه فعله هو الاستسلام بين ذراعيها لثُبات يتمنى لو استمرت للأبد ولا يستيقظ منه أبدًا، ولو حتى استيقظ منه بعد ساعات، سيكون بمثابة أفضل ما يتذكرها به، عليه فقط أن يكون محظوظ ولا ينسى أي من هذه اللحظات بعد جلسة من جلسات تنظيم إيقاع المخ للسيطرة على اضطرابه اللعين!

--

عودة للوقت الحالي..

قام بإغلاق حقيبة أخرى من حقائبه بعد أن رتب بها ما يحتاج أن يحمله معه من هذه الحياة القديمة وجذب هاتفه ليقرر أن يحاول لآخر مرة أن يُنجز هذا العمل العالق بشفقة حقيقية تجاه تلك المرأة التي وجدت نفسها زوجة لرجل حقير يُشاركه نفس دمائه ليجيب اتصاله رادًا باقتضاب:

-       ايوة.

 

حاول السيطرة على تقززه منه وأخبره متسائلًا:

-       أنت بايت عند ماما في البيت ولا فين؟

 

أجابه "عدي" بقليل من السأم مهمهمًا:

-       آه عندها

-       طيب انزل عشان عايز أتكلم معاك.

 

تأفف مما قاله وعقب باقتضاب:

-       ماشي.

 

انتظره "عمر" بالحديقة التي تفصل بين الثلاث منازل وكم حقد بداخله أن "عدي" أصبح الآن مقيم بهذا المنزل الذي منذ أكثر من خمسة عشر عام ظن أنه ملاذه وقد شيده من كسبه هو وحده، يعرف أنه بالرغم من كل هذا النضوج والعلاج لأكثر من ستة أعوام ونصف والجلسات والحديث الطويل، ما زال يحمل غضاضة تجاه أخيه ولا يستطيع الوصول لهذه النقطة بأن يحمل تجاهه حيادية ومشاعر عادلة ليخبره بمجرد اقترابه منه متسائلًا:

-       أنت حاولت تكلم مراتك من ساعة ما كلمتك في الموضوع؟

 

انقلبت ملامحه للتحدث بشأن هذا الأمر ومن آخر من يستطيع أن يتحدث معه بهذا الشأن وأجابه بما لا يعتبر رد واضح:

-       بقولك إيه أنت مش منزلني في الساقعة دي عشان تكلمني في الحوار المقرف ده، وبعدين أنت مالك أصلًا بموضوع زي ده! ما تفكك مني بقا!

 

همهم له بتفهم وقد كان يتوقع ردة فعل كتلك ليُخبره بهدوء قاصدًا استفزازه ما دام عقله الغبي لا يريد الاستجابة:

-       تمام.. أنا كنت عايز اعرفك اللي هيحصل عشان متبقاش آخر من يعلم!

 

عقد حاجباه متعجبًا ليسأله بمبالغة في عدم اكتراثه:

-       إيه يعني اللي هيحصل؟

 

وقف أمامه وهو يضع يــ ــده بجيبه بغطرسة شديدة وقال:

-       أنا حاولت اتفاهم معاك اكتر من مرة الكام شهر اللي فاتوا دول بس أنت سايبها لا منها مراتك ولا منها مش مراتك وحتى ولادك رافض تصرف عليهم.. ما دام أنت وسخ كده ولسه ابن ماما فاعمل حسابك إنها هتطلق منك الكام شهر الجايين!

 

بدأ الغضب يتحكم به ليعقب بنبرة حادة:

-       بقولك إيه أنا يوم ما كنت بتدخل بينك وبين طليقتك مكونتش بتقبل مني كلمة، متجيش أنت دلوقتي وتعملي فيها صعبان عليك!

 

ابتسم له متعمدًا أن يستفزه ويدفعه للجنون ولم يكترث بغضبه ليواصل حديثه له ببرود:

-       أنا مبتدخلش، أنا مجرد عم ولادها اللي بيفهم في القانون والقضايا ولسه اعرف كام محامي شاطر، راجل معايا فلوس وعندي أربعين سنة وممكن لو خلفت تاني ولادي يجيلهم نفس اللي عندي.. فليه متطلقهاش واتجوزها أنا وأربي ولاد أخويا واعاملها عِدل وهي إنسانة غلبانة هي وأهلها وعمرها ما هتوجع دماغي وهاعرف احافظ على كرامتها قدام أمي اللي مش من حقها تبيع وتشتري فيها! وبصراحة هي عجبتني!

 

تلك اللكمة القوية بوجهه كان يعرف أنه يستحقها لو انقلبت الأدوار ليبتسم له باستفزاز بينما أخبره "عُدي" بتحذير:

-       طب ابقى اعملها كده وأنا

-       إيه، هتخطف ابني ولا هتتجوز طليقتي غصب.. مش هتعرف تلوي دراعي زي ما أنا ما بلوي دراعك اللي هتتقطع لو قربت من روان أو من ريان.. على الأقل أنا بعاملهم كويس مش واطي زيك!

 

قاطعه بينما تفحصه جيدًا وهو يرى الغضب على ملامحه ليطرق على الحديد وهو ساخنًا فتابع:

-       بكرة الصبح تروحلها وترجعها وترجعوا بيتكم وافصل بين أمك ومراتك وخليك راجل.. ولأول مرة هاحلف يا عدي قدامك، والله العظيم ما هسكتلك على البهدلة اللي مراتك وولادك عايشين فيها بسببك.. يا تطلقها يا ترجعلها، يا إمّا همسخر بكرامتك الأرض قدامها وهردلها كرامتها!

 

تركه والتفت مغادرًا إياه ليوقفه الآخر صارخًا خلفه بغضب:

-       وهو أنا فارق معاك اوي كده عشان تتخانق معايا وتعملي فيها كبير وعايز حياتي تبقى عِدلة؟

 

التفت بملامح متقززة ورد معقبًا:

-       أنت عمرك ما فرقت معايا، بس لما أشوف واحد بيعمل نفس غبائي وسايب ولاده في وقت هو الأولى بيه إنه يقضيه معاهم همنعه.. عارف ولادك دول لما يكبروا هيكرهوك زي ما أنت كنت بتكره أبوك يا متخلف..

 

ابتسامة ذات مغزى احتلت ملامحه وهو يتهكم منه قائلًا:

-       معرفتش تبقى ابن مها الجندي بعد سنين ولا عرفت تخليها تحبك فجاي عايز اللي في ايديا وخلاص بعد ما مراتك بهدلتك!

 

ليته يعلم حقًا معنى ما يتحدث عنه ولكنه لن يكترث لذلك وأخبره متوعدًا:

-       اه بالظبط كده، أنا عايز اللي في ايديك، لو محلتش مشاكلك مع مراتك وطلقتها هتجوزها أنا بعد ما تخلعك وهاخدها واسافر بعد ما تاخد حضانة الولاد منك، وهلبسك قضية يا عدي مش هتعرف تخرج منها، ولو على الفلوس اللي أنت حارمها منها هي وولادك هديهالها أنا، وابقى خليك مستني ماما تيجي تزورك في السجن يا حبيب ماما!

 

تركه خلفه بعد تهديده السابق بينما لم ير "عدي" وقتها سوى صورة أمامه لـ "يزيد الجندي" تتمثل في أخيه الكريه بعد أن ظن أن والده قد ذهب دون رجعة!

--

الوقت الحالي..

بعد مرور أسبوع..

اتجهت لتقف أمام بوابة المبنى السكني التي تقطن به ثم عقدت ذراعيها وهي تتفقده بانزعاج بعد رفضه لكل مكالماتها إلى أن ظنت أنه قد قاطعها للأبد وسألته:

-       خير، عايز إيه؟

 

زم شـ ـفتاه ونظر لها بأسف ثم اجابها:

-       متزعليش بقا وتعندي.. كنت متعصب وكلامك نرفزني!

 

رفعت حجباها له وهي تتعجب بتهكم:

-       وأنت فضلت متنرفز مني أسبوع بحاله؟

 

تنهد وابتسم لها وهو يُجيبها:

-       خلاص يا مايا.. حقك عليا، ده أنا مسافر النهاردة الفجر ومش عايز امشي واحنا زعلانين..

 

تفاجئت بما قاله واختلفت ملامحها ثم سألته بجدية:

-       مسافر ازاي يعني؟ أنت لحقت تخلص كل حاجة بسرعة كده؟ اشتريت أصلًا أي بيت ليك أو قولت لريان أو حتى عرفت روان إنك ماشي أو كلمت بسام، أنت هـ

-       بالراحة شوية.. افصلي وبطلي واستني اديني فرصة!

 

قاطعها موقفًا إياها وهو يرمقها بانزعاج وتنهيدة مطولة تغادر صـ ـدره ثم أخبرها:

-       اطلعي غيري هدوم البيت دي وهستناكي تحت وتعالي نروح أي حتة نتكلم فيها وهفهمك كل حاجة قبل ما أسافر!


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بتول طه لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة