رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 22 - 2 السبت 18/11/2023
قراءة رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الجزء الثاني
تم النشر يوم السبت
18/11/2023
زفر واضعًا يديه في جيبي بنطاله، يطالع الفراغ أمامه، بصمت وكأنه شرد لبعض الوقت، ثم ما لبث ان يعود إليه قائلًا:
- على فكرة انا مجدر ظنك ده ومخاوفك اني اتجرح من تاني، او اني مثلا اكون واخدها انتقم منها، ما هي برضك بت اخوك وتعز عليك، بس انا عايزك تطمن من الناحيتين، لأني كبرت وهديت دلوك، معدتش عارف بتاع زمان في العصبية او الغضب.
انا دلوك عرفت الحجيجة ، وعرفت السبب اللي كان واجف حاجز ما بيتي وما بينها عشان متشوفنيش زين، اللوعة في العشج، علمتني الصبر يا ابوي.
- يعني ايه؟ برضوا مش فاهمك يا واد؟
تبسم متجاهلًا الرد عن سؤاله، ليستدير عنه متمتمًا:
- دي حاجة مينفعش فيها الشرح يا بوي، اعمل حسابك بس انت بكرة،
خرج من الغرفة التي يختلي بها والده من أجل العبادة، ليتركه متطلعًا في الفراغ للحظات، حتى غمغم متسائلًا بصوت واضح مع نفسه:
- يا ترى دماغك في ايه يا ولد ابو عارف؟
❈-❈-❈
وفي مكان اخر
على أطراف الأرض الرطبة بجوار المصرف الزراعي ،
حيث الهدوء الشديد، والاختفاء عن اعين الجميع، واالضوضاء الاَتية من الجزء الأعلى بالقرب منهم، حيث تجمعات الورش والصناع وعالم القهاوي وما يخدم عليهم من محالات للبقالة واشياء أخرى
جلسا الاثنان كعادتهما كل مساء، في هذه البقعة الزراعية الخالية من البشر في هذا الوقت،
يدخنان سجائرهما الممنوعة، وأحاديث لا تنتهي من الشابان، نظرا للصداقة القوية التي تجمعها، بالإضافة لقرب الافكار بينهما:
- هيشلني يا حافظ، عامل فيها عم الجمور وبيبلس اللي ع الحبل، وكل دا ليه؟ عشان يرجع المحروسة القديمة من تاني، لا وماشي كدة مع نفسه، وفاكر ان احنا اغبيا ومش فاهمينه
علق الاخر بضحكات متقطعة متحشرجة:
- يعني عايش فيها في دور الناصح عليكم، مش هين ابوك يا مالك، رغم ان لما تشوفه ميبانش عليه خالص.
لم يستجب لمزاحه، بل بادله بنظرة قاتمة يردف
- يا حافظ افهمني، انا مش هاممنني ان كان يبان عليه ولا ميبانش، انا دمي بيغلي عشان مش لاجى نتيجة، وكل يوم يثبتلي انه ندل وممكن يبيعنا في أي وجت .
قال حافظ بخبث لم يخفيه:.
- بصراحة لو ابويا اروح فيه اللمان، ما هو مش بعد التعب والمرار دا كله، تطلع كمان من المولد بلا حمص، وياجي هو وياخد ع الجاهز، دا ايه الحظ دا يا عم؟
زادت ملامحه اظلاما مع الظلام المحيط بعم، ليردد بحريق يسري بداخله:
- ومين جالك اني هسكت؟ ولا استنى لحد ما يعرف يميل راس المرة الوحدانية من تاني؟
- طب يا عم ما تصبر شوية، مش بمكن لو عرف يميل راس مرة ابوك ، يطولكم من الحب جانب يا عم مالك.
زجره بعنف رافضًا عرضه:
- يعني نستني لحد ما يرميلنا الفتافيت ، والله ما يحصل، انا الاحج باليغمة ده، انا الاحج، صدقي ابو سليم في انتظار اشارة بس، الراجل هيموت ويعمل التجمع اللي بيحلم بيه.
- اااه
تأوه ضاغطًا بأسنانه على طرف شفته بغيظ شديد يردد بتحسر:
- اه لو يحصل يا حافظ، انا بجالي سنين متعشم وببني احلامي على بيع البيت ده، وكله بسببهم ، فضلوا يكبروها في مخي، ودلوك عايشين حياتهم ولا اكن حصل شيء ، هي بالشرا اللي ما بيخلصش وهو بتخطيطه عشان يكوش ع المرة وورثها.
نفث حافظ الدخان الاخضر لسيجارته، ثم سأله بريبة، وكأنه يستشف ما برأسه:
- وبعدين؟ ناوي على ايه؟
التمعت عيني مالك، ليطل منها وميض خطر ، رغبة عنيفة على التواصل حتى يصل لمبتغاه، وليحدث ما يحدث:
- مش هسكت يا حافظ عن حجي، ممكن استني اشوية عشان اراجب واشوف الدنيا موديانا على فين؟ بس مش كتير، عشان انا محدد بالظبط هعمل ايه؟
❈-❈-❈
في اليوم التالي
دوت صوت الزغروطة العالية حتى رجت بروعتها قلب المنزل، تعبيرًا عن الفرح بإتمام الاتفاق بين افراد العائلتين،
- لولولوي
- بس يا نادرة، وجفي .
هتفت بها توقف شقيقتها عن المواصلة، لتحتج جدتها من خلفها:.
- بتمنعيها ليه يا بت؟ خلى الفرح يخش البيت.
التفت بحرج تعبر عن رغبتها في ذلك، ولكن وقعت عينيها على سهام خاصتيه المتربصين، وهذا الغموض الذي يعتلي تعابيره رغم صمته.
- انا بجول انتا نخلي الأمر كتيمي دلوك، لحد ما يحصل حاجة رسمي.
عبرت نادرة عن استيائها:
- ونتكم ليه؟، هو احنا كل بيدخل عندينا الفرح؟ ما تجوليلها حاجة يا جدة البت دي
تدخل شقيقها يحزم لا يخلو من اللطف:
- اسمعي الكلام يا نادرة، الرسول بيجول ، واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان،
- عليه افضل الصلاة والسلام.
تمتم بها الجميع من خلفه، حتى خرج صوته الاَخر برزانة ولطف:
- اسمعي الكلام يا نادرة، ووفري طاقتك لليلة الكبيرة،
ارجصي واعملي اللي نفسك فيه ساعتها، لطن خلي الأمر دلوك يعدي على خير، وراعي ان واد عمك ما صدج
قالها وصدرت الضحكات من افواه البقية، حتى اغتصبت هي ابتسامة باضطراب لم يغقل عنه، يعلم جيدا بالحرب التي تدور داخلها، لقد اختارت شقيقها ومكانته، وقبلت به مضطرة، رغم اختياره لها من يوم مولدها، نعم هو لم يرى من النساء غيرها ولن يرى، كما انه لن يتراجع وقد خطا الاَن اولى الخطوات فيما يخطط له.
قطع شروده بها صوت جدته التي هتفت تشاكسه:
- يا واد شيل عينك عنها شوية، اتجل كدة و متبقاش خفيف يا جزين.
استجاب ضاحكا يجاريها:.
- وانتي يعني مركزة معايا ليه؟ ما تسبيني في حالي يا فاطنة.
قالها ليتبادل معها ومع البقية المزاح، ليشيع جوا من المرح والدفء الأسري، حتى استعجبت هي لهذه البساطة التي تجدها منه، رغم تشدده بالأمس معها، انها حقًا لا تفهمه.
تسائلت فاطمة باستدراك مندهشة:
- الجعدة حلوة والله يا ولاد، ناجصها سعيد يحضرها معانا، ولا يكون زعلان على موضوع طلاج بته؟ بس انت ايه دخلك يا يامن انت وعارف؟
تحمحم المذكور ، يجيبها باضطراب، فهي الوحيدة بهذا المنزل التي لا تعلم بحقيقة ما حدث:
- بصراحة يا أمي انا اللي مدعتهوش، جولت نخليها ما بينا في الاول، حتى عشان نعرف نتفاهم انا وواد اخوي، ما انت عارفة ولدك وطبعه.
لم تجادله فاطمة وبدا انها صدقته حتى عقبت بانفعال:
- هو فعلا عصبي، والطبع بتاعه زفت، بس برضك اهون من بته، غازي مجالش عن السبب الحجيجي لطلاجه بيها، بس انا متأكدة انها غلطت غلط جامد معاه، حتى من غير ما اعرف .
تدخلت وجدان لتغير دفة الحديث بعتاب لطيف:
- وه يا جدة، ودا برضوا وجته، نجيب سيرة الطلاج والكلام العفش ده ، في لحظة حلوة زي دي، اجولك يا بت يا نادرة، زغرطي ولو سألنا اي حد، نبجى نجول، ان الصوت طالع من السماعات، أو التليفزيون.
سمعت الأخيرة لتنطلق بزغروطة أعلى من السابقة، تعود بهم للإبتهاج بهذا الحدث السعيد والغير متوقع.
مرت اللحظات حتى انتهت الجلسة بذهابهم، وكأنها كانت زيارة عادية، مؤجلين الإشهار والإعلان، حتى يتم الأمر رسميًا وبحضور كبار العائلة.
قام غازي بإيصال الاثنان والخروج معهم.