رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 22 - 2 - الجمعة 3/11/2023
قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية روضتني 2
(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)
طمس الهوية
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الثاني والعشرون
الجزء الثاني
تم النشر يوم الجمعة
3/11/2023
❈-❈-❈
مرت السنوات ما بين موت حمد الفهد وانتقال ماهر للعيش بذلك المجمع السكني الراقي والذي فور انتقاله له أثار حنق وحقد أخويه مروان ومدحت فحاولا تخريب الشركة بصفقات وهمية؛ ولكنه اكتشف الأمر سريعا قبل أن يضيع مجهوده وتعبه الذي أفنى فيه عمره لسنوات فقرر أن يمنعهما من العمل بالشركة والمصنع واتحد بجبهته كل من مراد وماجدة الأخت الصغرى.
وصل كل منهما لفيلته ودلفا بغضب شديد وصرخا بالخادمه حتى تقوم باستدعاءه فنزل وهو يرمقهما بنظرات ثابته وقوية وأدخلهما مكتبه فجلسا ومدحت ينظر بأركان المكتب وتلك الصور التي جمعته بها وابنه الصغير ذو الخمسة أعوام؛ فزادته تلك الصور حقدا على حقد وكرها على كره.
صاح مروان به بحدة:
-أنت فاكر نفسك صاحب الشركة؟ طيب خرجتنا من الشغل وقولنا ماشي إنما ليه كل اجتماع لمجلس الإدارة متبلغناش بيه.
قوس فمه وهو يجيبه:
-عشان أسرار الشغل متطلعش بره يا مروان، لما اللي منك هو اللي يطلع أسرارك ويخسرك يبقى ميستحقش يحضر، وكده كده انا وأخواتك لينا النصيب الأكبر، فقرارنا ورأينا يلغي وجودكم أصلا.
صر مدحت على أسنانه وهو يوبخه:
-سرقت مني فريده وقولت ماشي طالما هي مبسوطه معاك سكت وبعدت، إنما تسرق ورثي وأنا...
قاطعه ماهر وهو يترك مقعده واقفا بعصبية:
-أولا أنا مسرقتش حد ولا جيت على ورثك، أنتو الأتنين بتاخدوا أرباحكم في الشركة كل نهاية سنه ماليه وأي مصايب بتحصل بشيلها لوحدي وأظن أنتو عارفين عملتوا ايه السنتين اللي فاتوا خرب الدنيا وخلاني أخدت قرض بضمان الفيلا، يعني أنا وراس مالي اللي شايلين الشغل ومع ذلك بديكم حقكم على داير المليم ومش عايز ولا كلمه زياده في الموضوع ده تاني.
خرجا بعجالة بعد أن كادا أن يتهورا ويتشاجرا مع أخيهما الأكبر شجارا عنيفا، وبطريقهما للخارج تقابل مدحت بفريدة بحديقة الفيلا تلاعب صغيرها؛ فنظر لها نظرة حسرة وألم فأطرقت رأسها خزيا وربما ندما وحتى حزنا.
لم تستطع أن تفسر مشاعرها ولكن نظراته جعلتها تعقد العزم على إنهاء ذلك القرار الذي اتخذته منذ عدة سنوات ولم تقم بتنفيذه حتى الآن.
دلفت مكتبه فوجدته جالسا ومطرقا رأسه حزينا على ما آلت إليه عائلته فجلست أمامه؛ فظن أنها آتية لمواساته فابتسم لها وقبل أن يتحدث استمع لها تخبره:
-أنا عايزة اطلق.
اندهش وتوحشت نظراته وهو يسألها بعدم تصديق:
-بتقولي ايه؟
ردت بقوة وثبات:
-بقولك عايزة اطلق.
تنفس بحدة وأخذ يزفر أنفاسه الحارقة وهو يسألها:
-وده من ايه؟
أجابته بجمود:
-قرار أخدته من زمان وأتاخرت في اني ابلغك بيه، قرار كان لازم يحصل من وقت وفاة بابا الله يرحمه.
ضحك وهو يصفق بيديه:
-ﻷ برافو فريدة هانم، احيكي على صبرك كل السنين دي بس يا ترى سبب سكوتك من ساعة موت أبوكي كان ايه؟
أجابته بارتباك:
-ابني، مكنتش عايزاه يبعد عنك بس أنا مش قادرة أكمل أكتر من كده، أنت ضحكت عليا بطريقتك الناعمة وأسلوبك وأنا زي الهبلة صعبت عليا ومرضتش اوجعك بس خلاص أنا اللي بتوجع كل ما أشوف مدحت و...
صرخ بها بشراسة:
-مدحت تاني، أحنا مش كنا نهناه الحوار ده من خمس سنين! ايه اللي رجعه تاني؟ هو اتكلم معاكي لما جه انهاردة؟
نفت وهي ترمقه بنظرات شرسة:
-ولا قرب مني، ولا حاول يكلمني من ساعة ما حملت في فارس، بس كفايه نظراته ليا.
اقترب منها وقام بخنقها وهو يصر على أسنانه بعد أن نجحت بإخراجه عن شعوره وهتف بغيظ:
-أوعى تجيبي سيرته تاني حتى لو بينك وبين نفسك يا فريدة، أنتي مراتي وأم ابني متخلنيش أفقد أعصابي معاكي.
ضحكت وهي تبعد راحته عن عنقها:
-والله أنت متجوزني وأنت عارف أني بحب واحد غيرك، عارف اني بحب مدحت وقبلتها على نفسك فمتجيش دلوقتي تعمل نفسك متفاجئ.
ظل ينظر لها غاضبا وهم بالصراخ بوجهها، ولكن صوت الصغير جعله يصمت ويرسم البسمة الكاذبة على ملامحه وهو ينحنى ويقبله:
-حبيبي يا فارس روح ألعب مع الدادة دلوقتي.
مسح الصغير فارس على وجه أبيه وهو يخبره:
-متزعلش يا بابا، أنا بحبك أوي.
احتضنه بقوة وهو يردد:
-وأنا بحبك أوي يا حبيبي.
خرج الصغير فأكلمت فريدة شجارها:
-حتى الفيلا اللي قولت لي هكتبهالك ضحكت عليا ومكتبتهاش لحد دلوقتي.
قوس فمه وهو يخبرها:
-وكأنك مش عارفه ان مينفعش أكتبها إلا لما القرض يخلص لأنها تعتبر ملك البنك، وأظن أنتي عارفه مين السبب في الكارثه دي! البيه اللي بتجيبي سيرته قدامي من غير لا خشا ولا حيا.
صرخت به باكية:
-أنا عايزة اطلق بقولك، كفايه بقى.
رفع شفته اليسرى ممتعضا وهو يقول:
-تفتكري أنا ممكن أطلقك عشان تروحي تتجوزي أخويا على حياة عيني وتقهري ابني؟ انسي يا فريدة حتى لو هنعيش أغراب عن بعض بس مش هطلقك لحد ما أموت.
❈-❈-❈
أغلقت دفتر الصور بعد أن تصفحته واسترجعت ماضيها وهي تبكي:
-أنت السبب يا ماهر، أنت اللي مرضتش تطلقني وفضلت عايش معايا بالعافية.
عادت لفتح دفتر الصور لتنظر لتلك الصورة التي جمعته بامرأة أخرى وهما بوضع رومانسي وتمتمت:
-لا رضيت تطلقني ولا رجعت كويس معايا زي ما كنت، والأصعب أنك كمان عشت حياتك وحبيت واتجوزت.
عادت بذاكرتها من جديد لتلك الفترة بعد رفضه طلبها بالإنفصال وكم تعامل معها بجمود لفترات طويلة وانتظارها عودته يوميا بوقت متأخر حتى أخبرها بيوم وهما على مائدة الإفطار:
-أنا مسافر بكره عشان الصفقة الجديدة، فياريت تحضريلي شنطتي عشان همشي بدري وأنتي نايمه.
رمقته بنظرة حاده وسألته:
-أنت مش شايف بتعاملني ازاي؟ خلاص لا رضيت تطلقني ولا بتتعامل اني مراتك وكمان كل يوم ترجع وش الفجر ودلوقتي هتسافر لوحدك؟
أومأ وهو يعقب:
-عاملتك كويس ست سنين يا فريدة هانم وانتي طلعتي كل ده معايا بجسمك بس، وروحك ومشاعرك بتخونيني مع مدحت ومش بعيد كل مره كنت بقرب منك فيها تكوني بتتخيليه مكاني، فأنا مش هقبل على نفسي خلاص قلة القيمة دي.
ردت بحدة وعصبية:
-طالما مش هتقبل على نفسك يبقى طلقني وكل واحد يروح لحاله.
نفى بصرامة:
-بردة ﻷ يا فريدة، ابني هيتربى معايا وفي حضني ﻷني مش هروح أرميه لمدحت اللي مبيكرهش حد في حياته أدي.
وقفت متذمرة وصعدت ﻷعلى فاقترب الصغير من والده يسأله بحزن:
-ليه تتخانقوا يا بابا؟ أنا بزعل لما ماما تعيط وأنت تزعل.
مسح ماهر على وجهه وهو يبتسم له بمرار وتركه وذهب لعمله وعاد مساءا يمكث بتلك الغرفة التي انعزل بها عنها واستيقظ صباحا حاملا حقيبة سفره وطرق باباها ففتحت له وهي متجهمة:
-أنت مش قولت مسافر؟
أومأ وهو يدفعها بعيدا عن طريقه:
-جاي اشوف ابني.
سافر لعدة أيام وعندما عاد قامت هي بإفراغ حقيبة سفره لتتفاجئ بتلك الصورة التي زعزعتها وهو يحمل فتاة تعلمها تماما، فهي مساعدته بالشركة.
أسرعت بخطواتها صوب مكتبه وهي تصرخ به:
-ماااهر، ايه ده؟
نظر لها بغير اهتمام وهو يجيبها:
-خير يا فريدة؟ صوتك عالي ليه؟
ألقت بالصورة أمامه وسألته:
-عندك تفسير للصورة دي؟
أومأ وترك مقعده متحركا ناحيتها ووقف قبالتها يبتسم وهو يتصنع الهدوء عكس تلك النيران التي أحرقت داخله:
-دي السكرتيرة بتاعتي.
ضحكت ساخرة وهي تعقب على رده المستفز:
-وهو عادي تشيلها بالشكل ده وتتصور معاها كده؟
أومأ من جديد وهو يوضح:
-عروسه بقى وبتدلع عليا.
حدقت أمامها بتفاجئ وصرخت غير مصدقة:
-ايه؟ أنت اتجوزتها؟
أومأ للمرة الثالثة وهو يضيف:
-ايوه، بس عُرفي متقلقيش محدش هيشاركك أنتي وابني في الورث، مش ده كل اللي يهمك؟
صرت على أسنانها فسحب الصورة من على المكتب ووضعها داخل راحتها وتكلم بصوت عميق:
-الجواز على يد محامي ومتفق معاها لا خلفه ولا إشهار، ايه رأيك أطلقك وأعلن جوازي منها وأخلف وأكون اسرة وتخرجي انتي من حياتي تروحي لسي مدحت؟ ولا أقطع الورقه العرفي وننسى أنا وانتي اللي حصل منك في حقي ونرجع نتعامل مع بعض كويس؟
نهجت بأنفاسها وهي تصر على أسنانها وسألته:
-انت متمسك بيا عشان فارس مش كده؟ وبتعمل كل ده...
قاطعها وهو يمسك ذراعها بقسوة:
-ﻷ خلاص الكلام ده مبقاش يفرق معايا، أنا كنت متمسك بيكي عشان بحبك بس فوقت بعد ما عرفت حقيقتك ولو على ابني فهو هيفضل معايا حتى لو اتطلقتي يا فريدة وده هيبقى شرطي الأساسي.
صمتت قليلا وفكرت بعرضه وسألته:
-مش هتمانع جوازي من مدحت؟
نفى برأسه وهو يبتسم بحزن:
-لو عليا أنا مش ممانع طالما ابني هيكون معايا، الدور والباقي على اخواتك هم اللي مش موافقين وبيهددوا بقتلك، وأنا كل الفترة اللي فاتت دي بحاول استحمل وجودك معايا حتى بعد ما اتأكدت إنك مش بتحبيني خوف عليكي منهم لاني مراعي العشرة اللي بينا ومراعي انك أم ابني؛ فلو أنتي متاكده منهم أنهم مش هيأذوكي فأنا معنديش مانع أبدا للطلاق بس زي ما قولتلك شرط إن ابني يبقى معايا.
تركها بعد أن وضع الصورة براحتها بأسلوب استعراضي وغادر غرفة مكتبه قاصدا غرفة الصغير وجلس يحدثه بحب:
-حبيبي يا فارس، نفسي تكبر وتعرف أنا ضحيت أد ايه عشانك وعشان تفضل بين أمك وأبوك.
أما هي فانتهزت فرصة ذهابه لعمله وخرجت تقابل أخيها الأكبر بمكان عمله حتى تحاول اقناعه:
-اسمعني بس يا فاروق، بابا صمم على جوازي من ماهر عشان عمي حمد كان بيضغط عليه ودلوقتي خلاص الاتنين ماتوا وأنا مش هفضل عايشه حياتي كلها مع واحد مبحبوش.
رمقها اخيها بنظرة غير مكترثة لما ألقته على مسامعه وهتف يوبخها:
-أنتي مش مكسوفه من نفسك وأنتي بتفكري في راجل تاني غير جوزك وأبو ابنك؟ أنتي لو مراتي أنا كنت خلصت عليكي ومش هيكون ليكي ديه، ولو ماهر عمل كده محدش مننا هيلومه، احترمي نفسك واتقي الله في جوزك وابنك.
صرخت به بوجل:
-اتقوا الله انتوا وفكروا فيا شويه، أنا اختكم الوحيدة ومش قادرة أتكلم معاه وخصوصا بعد ما غير معاملته معايا، ده راح اتجوز السكرتيرة بتاعته عليا وبيهددني انه يخليه جواز رسمي.
أخرجت الصورة التي تجمعه بمساعدته الخاصة فلم يهتم أخيها ورد:
-الراجل من حقه يتجوز اتنين وتلاته واربعه كمان طالما قادر يصرف ويفتح بيتين، وطالما مش لاقي راحته في بيته، انتي لو عاملتيه كويس هيرجع زي ما كان معاكي لانه بيحبك، لكن عيزاه يعاملك ازاي وأنتي بتقوليله بحب أخوك؟
بكت وترجته:
-عشان خاطري يا فاروق طلقوني منه.
رفض وهو يحدثها بقوة وتأكيد:
-حتى لو اتطلقتي مش هنقبل جوازك من مدحت يبقى ليه تخسري واحد زي ماهر ناجح وغني وبيحبك.
حاولت الإعتراض عليه ولكنه لم يمهلما الفرصة وتابع حديثه بتهديد:
-يكون في علمك، لو اتطلقتي من ماهر محدش فينا لا هيصرف عليكي ولا ياخدك في بيته وده اولا، وثانيا مش هنقبل تتجوزي مدحت لأننا مش هنسيبك تخلي الناس تاكل وشنا ويقولوا اتطلقت من واحد واتجوزت اخوه وزي ما قولتله زمان إن ممكن نوافق على جوازك من مدحت بس لما تبقى أرمله عشان هنكون قدام الناس عاملين حجة انه بيربي ابن اخوه وغير كده انسي والا دمك هيبقى حلال يا فريدة.
أغلقت دفتر الصور مرة أخرى وهي تردد حديثها:
-أنت السبب يا ماهر، أنت اللي عملت كل ده وفي الآخر استخدمت ابني عشان تضغط بيه عليا.
❈-❈-❈
جلس أمامه وهو مبتسم يسأله بهدوء غير منطقي:
-ايه هو اللي مستحيل يا مدحت بيه؟ ولا تحب أقولك يا بابا؟
ضحك بنهاية حديثه وهو يشير بسبابته على تحليل إثبات النسب:
-التحليل قدامك، أنا ابنك ودي حقيقة.
نفى وهو يصر على أسنانه صارخا:
-بقولك مستحييييل،انا ملمستش فريدة إلا بعد موت ماهر.
شبك راحتيه معا واسندهما على المنطدة أمامه وسأله:
-وتفسر بأيه التحليل ده؟
رد بغير علم:
-معرفش، يمكن العينتين بتوع شخص واحد ويمكن حد لعب في النتايج ويمكن...
قاطعه مؤكدا:
-لا ده ولا ده، وليه فريدة هانم تكدب كدبه زي دي وهي متأكده إن كرهي ليكم هيزيد أكتر وأكتر بالحقيقة دي؟
صاح مدحت وهو ينتفض من مكانه:
-بقولك مستحيل، أنت بمتفهمش؟ أنا مش أبوك وعمري ما خونت ماهر ولا لمستها وهو عايش، يمكن أكون غلطت لما اتجوزتها قبل العدة بتاعتها ما تخلص بس اصلا العدة دي معموله عشان الحمل والنسب وهو كان بقاله سنه تعبان ومحجوز في المستشفى.
ابتسم فارس بزواية فمه وهو يوضح:
-عدة المطلقة 3 شهور و 10 ايام عشان النسب وبصمة الزوج تكون خرجت من جسم الست وتقدر بعدها تتجوز، وعدة الأرملة زيادة شهر ﻷن الحزن بيأخر خروج البصمة دي من الجسم وكنوع من الوفاء للزوج.
عقب عليه مدحت:
-أهو أنت بقيت شيخ وبتعرف في الشرع، فريدة لا كان في بينها وبينه علاقة بسبب تعبه ولا كانت حزينه عليه لما مات عشان نقول وفاء وبصمة وغيره، وأنا غلطت ومش بنفي ده عن نفسي بس أنا مش وسخ أوي كده عشان أنام مع مرات اخويا وهي على ذمته.
دمعت عينه وهو يضيف:
-انا بعدت عنهم يا فارس واسأل مراد وهو يأكدلك ده، أنا مرجعتش أقرب منها إلا لما تعب وعرفت إن تعبه مسألة وقت، وطلبت منها تطلق منه بس هي خافت من اخواتها ومروان قالي الورث بتاعها يقدر يخلينا نعيش كويس ﻷن الشركه في الوقت بتاع تعبه كانت بتقع.
اقترب منه وجلس أمامه وهو يؤكد:
-ماهر كان كويس بس أنا اللي مقدرتش اتخطى أنه اتجوز الانسانه الوحيدة اللي حبتها ولسه بحبها بالرغم من العمر ده كله اللي مر علينا، لسه بحبها ومستغرب أوي كلامها ليك ومستغرب التحليل ده.
ضحك فارس مستهزئا وهو يقول:
-المفروض اصدقك وأكدب التحليل اللي في ايدي مش كده؟
أومأ له وهو يؤكد:
-أيوه ﻷني مستحيل أكون أبوك، أنا لو شاكك ولو واحد في المليون هقعد وأفكر لحظه وأقول كنت بتحاول تقتل ابنك.
مزع بضع شعيرات من رأسه بعنف ووضعها فوق ظرف التقرير وأكد له:
-خد اعمل التحليل تاني بعينه مني انا واتأكد بنفسك لاني مستحيل أكون ابوك يا فارس عارف ليه؟
احتدت نظراته والآخر يستطرد:
-عشان أنا حاولت اقتلك وقت حادثة شرم الشيخ، وطول عمري بكرهك وبفكر ازاي اخلص منك، ومستحيل اكون أبوك ﻷن أول مره ألمس فريدة كان اليوم اللي اتجوزتها فيه.
شعر فارس بصدق عينيه ولكن كيف يفسر التقرير الطبي المؤكد الذي بيده ولكن البحث هو الأمر الوحيد الذي يستطيع فعله فوقف مستعدا للتحرك خارجا فأوقفه مدحت :
-فااارس.
التفت له فنظر الآخر نظرة حزينة وهو يتحدث:
-فريدة مش طبيعيه، أنا ملاحظ من كذا زيارة تصرفاتها الغريبة وكمان كدبتها دي ملهاش منطق ابدا، مهما كانت فهي أمك وأم اخواتك اللي متأكد أنك بتحبهم عشان كده هطلب منك طلب واحد بس وعايزك تنفذه عشان خاطر اخواتك اللي مش هيستحملوا يفقدوا أمهم زي ما فقدوا ابوهم.
وجد صمته فتشجع وهتف:
-وديها لدكتور نفسي وشوف بتعمل كده ليه؟
رد فارس بحنق:
-لو كلامها كدب وأنت الصادق يبقى بتعمل كده عشان مفكره أني اقدر أخرجك من السجن لأنها حرفيا مش بتفكر في حد غيرك.
صمت وهو يستجمع قوته التي ذهبت أدراج الرياح بسبب ما يعاصره من كوارث وعاد يتحدث:
-جوز بنتها مات ومهتمتش لبنتها اللي كانت محتاجه كل الدعم اللي في الدنيا، بنتها الصغيرة تعبت وفضلت شهرين تعاني وخلفت طفل داون وهي مش هاممها حد غيرك.
استرعى حديثه انتباه الواقف يستمع له فسأله بتفاجئ:
-هي مين دي اللي خلفت داون؟
رد فارس وهو يجاهد لكتم عبراته:
-جنى يا عمي، ابن جنى حالة داون.
تركه وتوجه للخارج ولكنه التفت يخبره قبيل مغادرته الفورية:
-على فكرة جنى سمت البيبي مدحت.
❈-❈-❈
وقف أمام سيارته وحارسه يفتح له الباب الخلفي فدلف وجلس وأمر سائقه وحارسه:
-انزلوا وسيبوني لوحدي.
نزل كل من زين وكارم ووقفا بجوار السيارة فأمسك هو هاتفه النقال وهاتف صديقه:
-أيوه يا عمر.
رد عمر بصخب وفرحة:
-والله ابن حلال مصفي.
ابتسم فارس بمرار على كلمته العفوية واستمع له يكمل:
-كنت لسه هكلمك عشان اعزمك على عيد ميلاد دنيا.
ابتسم وهو يسأله:
-امتى؟
أجابه فورا:
-هو المفروض بكره بس هنعمله يوم الجمعه عشان يبقى أجازه ومحدش يتحجج بالشغل.
نظر بالتقويم على شاشة هاتفه وابتسم بمرار وهو يسأله:
-عيد ميلادها 4 نوفمبر؟
أكد له بهمهمة بسيطة فضحك فارس وهو يعقب:
-مولودة يوم عيد الحب؟
ابتسم عمر وهو يتذكر يوم مولدها:
-أيوه، عرفت بحمل خديجة يوم عيد جوازنا واتولدت يوم عيد الحب وجاتلي فرصة أهرب من الاحتفال بعيد الحب وهنحتفل بعيد ميلاد بنتنا بس.
هنئه فارس وهو يعلق:
-كل سنه وهي طيبه، أنا بقى عيد ميلادي الجمعه وكنت ناسي بس ياسمين عمرها ما نست عشان كده معتقدتش هنعرف نحضر.
رفض عمر وصاح بإصرار:
-ﻷ بقولك ايه أنت تيجي تحضر عيد ميلاد دنيا وابقى روح اعمل عيد ميلادك أنت ومدام ياسمين لوحدكم لما تروحوا.
ضحك فارس وقد تذكر سبب مهاتفته له من الأساسا فهتف متعجلا:
-طيب بس اسمعني عشان عايزك في حاجه ضروري.
استمع له الآخر بانتباه وهو يسأله:
-أنت واثق في الدكتور داوود ده ولا ممكن يكون...
قاطعه عمر:
-متاكد منه زي ما أنا متأكد منك، ده لو بتتكلم عن أمانته يعني أنما مخه غبي واللي عمله دكتور ظلمه.
ضحك فارس وهو يضيف:
-انا بتكلم عن شغله ممكن يكون فيه غلط؟
سأله عمر:
-أنا مش فاهم حاجه، ما تقولي في ايه وأنا أعرفلك كل اللي أنت عايزه!
استجمع فارس شجاعته ووضح له:
-تحليل اثبات النسب طلع فيه مشاكل.
استمع لشرحه المستفيض:
-مطلع نسبة تطابق بين الأخوات ب90% والأب بيأكد أنه مكانش متواجد وقت ما الأم حملت في الابن اللي مشكوك في نسبه لدرجة أداني عينه منه عشان أقارنها.
سأله عمر بحيرة:
-هو حسب معلوماتي صعب يبقى في تطابق بالشكل إلا إلااااا
تذكر وقت معضلته عندما شك بأخيه وما أخبره داوود عن تطابق عينات الأخوه بنفس الجنين فوضح له:
-لو الأب شاكك في نسب الإبن ده للدرجة دي والنتيجة طالعه متطابقه ملهاش غير تفسير واحد بس يا فارس.
همهم مستمعا باهتمام:
-إن الأب الحقيقي يكون أخوه، فلو نتيجة عينة الأب معاك هتقدر تثبت نسبة تطابقها بين الولدين.
هنا توقف فارس عن الاستماع له عندما فهم حديثه وتذكر أنه يحمل نفس فصيلة الدماء التي يحملها إخوته بسبب تطابق عينة والده مع عمه.
ترك مقعدة وركب خلف مقعد السائق بعد ان أنهى محادثته مع صديقه وأمر حارسه بالعودة هو وطاقم الحراسه لفيلته وقاد سيارته صوب معمل الطبيب ليتأكد من حديث عمر.
وضع العينة أمام داوود بعد أن وضح له:
-الأب بنفي النتيجة وباعت عينه منه عشان مطابقتها بالعينة A وللعلم إنه بينسب الأبن ده لأخوه شقيقه.
أومأ داوود وهو يخبره:
-طالما معاك عينه الأب سهل جدا نتأكد، ﻷن تحليل DNA بينفي النسب لكن ميأكدوش يعني لو مش أبوه مستحيل يظهر لنا عكس كده، انما لو زي ما بتقول الشك في الأخ فجايز جدا يكون العينة متطابقه زي ما طلع.
سأله فارس بفروغ صبر:
-ايوه يعني هتعمل ايه دلوقتي؟
أجابه بعملية:
-هطابق عينة الأب بالعينتين اللي عندي لو طلعوا الاتنين نفس النسبة يبقوا أخوات من نفس الأب، لكن لو عينه منهم طلعت مثلا 90% والتانيه 80% يبقى الأخير مش ابنه.
هز رأسه يسأله:
-وده ياخد وقت أد ايه؟
أجابه مبتسما:
-مش أقل من 8 ساعات يا باشا، الجهاز بياخد الوقت ده في تحليل البيانات فمش بأيدي.
وافقه وتحرك خارجا ويحثه:
-متتأخرش عليا وطمني ولو بالتليفون.
❈-❈-❈
جلس على المقعد معكوسا فاستند براحتيه على ظهره الخشبي وظل ناظرا لذلك المقيد وهو يبتسم بتشفي وأمر الرجال بصوت غليظ:
-فوقوه.
ألقى أحدهم بدلو مياه مثلجة عليه فشهق الأخير بخضة وصاح متذمرا وهو يسب هذا الجالس أمامه:
-يا حقير يا *** ده أنا هـ...
قاطعه مازن بلكمة قوية على صدغه واتبعها بأخرى هشمت فكه وأسنانه واتبعها بثالثة نزفت أنفه على إثرها وهو غير مبال بصراخه ولا تألمه، وبعد أن انتهى من ضربه مسح الدماء التي علقت بقبضته بطرف قميص ذلك المقيد وعاد جالسا نفس الجلسة وصمت يراقبه ويراقب تنفسه البطئ حتى تكلم شادي أخيرا متألما:
-سكت ليه؟ مستني سيدك يديك الأوامر مش كده؟
اتسعت بسمة مازن وهو ينفى برأسه:
-ﻷ، بريح شويه يا شادي أصل جلدك طخين فبيوجع وزين مش معايا عشان يروقك هو.
صرخ به شادي فورا:
-انسى انك تجبرني اسحب القضايا ولا أني...
قاطعه مازن رافضا:
-تؤتؤتؤتؤ، أنت فاكر أنا جايبك هنا عشان تتنازل؟ بالعكس ده أنا عايزك تزود القضايا دي وتعملي جنحة ضرب مثلا وتحاول تسجني او جناية قتل وآخد إعدام.
ضحك مازن وهو يكمل:
-شوفت أنا بساعدك ازاي؟
لم يستطع شادي مسح سيلان الدماء من انفه فأنحنى يمسحها بياقة قميصه الملطخة بالدماء ورفع وجهه يسأله بعدم اكتراث لحديثه:
-الباشا جاي امتى يا ترى؟
غمز له مازن وهو يرد:
-ﻷ الباشا ميعرفش مكانك اصلا، أصله بيعمل خاطر لبنت عمك عشان كده مقتلكش لما شوفت نفسك علينا مره واتنين وتلاته.
ترك المقعد واقترب جالسا أمامه مستندا على ركبتيه وأضاف:
-وعشان المرة دي الحق كله ليا انا لوحدي فمش هدخل حد ولا حتى فارس يا شادي.
ابتلع الأخير ريقه بخوف بعد أن أيقن أن تلك المرة لن يسلم من أفعاله كما تعود وسأله بتوتر:
-أنت عايز مني ايه؟
وقف مازن وأولاه ظهره وهو يرد:
-ولا أي حاجه، مش عايز منك حاجه خالص بس عايزك تموت مش اكتر.
أخرج سلاحا ملقما من خاصرته وصوب فوهته ناحية رأسه وتمتم:
-تحب تتشاهد ولا تموت كده؟
لم يمهله فرصة للجواب ورد هو نيابة عنه:
-مش لازم تتشاهد ﻷنك متستحقهاش.
وقبل أن يضغط على الزناد استمع لصوت فارس الغاضب يهدر به:
-مااازن.
التفت بتافجئ وهو لا يعلم كيف علم مكانه بعد أن نقله من المخزن القديم لذلك المكان المهجور، ولكنه لم يستبعد أبدا أن يكون رجاله هم من أخبروه فجميعهم ولائهم الأول والأخير لرب عملهم فارس الفهد.
أبعد السلاح عن رأس ذلك الأرعن والتفت له يسأله غاضبا:
-أنت ايه اللي جابك وعرفت مكاني منين؟
رفع فارس حاجبه وهو يقترب منه بحذر:
-رجالتي حست أنك هتتصرف غلط من ساعة ما طلبت منهم يوفرولك سلاح فبلغوني.
دارت نظراته عليهم جميعا وهو يسبهم:
-حيوانات، أنا اللي غلطان اني اعتمدت عليكم.
أمسك فارس السلاح من راحته بقوة ولكنه أصر على التمسك به فعافر معه وفارس يهدر به:
-يا بني متضيعش نفسك عشان خاطر الحيوان ده، ربي ابنك يا مازن وسيبه أنا هعرف أخليه يخاف حتى يبص وراه.
رفض وأصر على تنفيذ ما برأسه وهو متمسك بالسلاح بقوة:
-مش هسيبه إلا وهو جثه يا فارس، سيب المسدس.
رفض وظل يحتد عليه وهو ينظر لحارسه:
-كلنا لينا عنده حق وأولنا زين بس أخد الحق صنعه.
لم يهتم بثرثرة ابن عمه ورفيق دربه وسحب السلاح منه بقوة ووضعه موجها لرأس شادي:
-أنا مش فارق معايا حاجه خلاص، هو نجح يشد فتيل غضبي فخليه يشرب بقى.
اقترب زين منه وتكلم بمهادنة:
-سيبه يا مازن بيه وأنا هربيه والله.
ضحك مازن وهو يهينه:
-أنت بقيت خرع يا زين، اخته لعبت بيك ووقعت زي الجردل وحتى لما كان محبوس فضربك له مخوفوش ولا خلاه يرتجع عن أفعاله فده حله الوحيد هو الموت.
أزال صمام الأمان فلمعت عين فارس وهو يجده وقد فقد السيطرة تماما على غضبه؛ فأشار لحارسه وفهم الأخير إشارات رب عمله وانقضا عليه معا في محاولة لسحب السلاح من يده فخرجت طلقة طائشة استمعوا جميعا لدويها الذي صم آذانهم وسقط منهم السلاح أرضا والجميع ينظرون للدماء التي لطخت ليس فقط المكان بل ووجوههم ايضا.
يتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية روضتني 2، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية