-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 24 - 1 السبت 18/11/2023

 تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري


الفصل الرابع والعشرون 

الجزء الأول

تم النشر يوم السبت

18/11/2023

استيقظ على لمسات صغيره وهو يداعب وجهه ففتح عينه بخمول ليجد الصغير يبتسم له وهو يتمتم بصوته الطفولي:

-بباببا


حمله وقبله وداعبه وهو يسأله:

-مين اللي جابك هنا؟


استمع لصوت زوجته التي دلفت لتوها حاملة الصغيرة چاسمين وجلست بجواره ووضعت الصغيرة من يدها وأجابته:

-أنا اللي جبتهم عشان بوسي هتاخد أجازه انهارده.


جعد جبينه وسألها:

-ليه؟


ضحكت وهي تجيبه:

-حقها تاخد أجازه يا حبيبي، دي ماأخدتش ولا يوم من ساعة ما اشتغلت.


أومأ وهو يعقب:

-عارف بس ليه انهارده بالذات والمفروض أنا وأنتي عندنا حفله هنحضرها، وبالليل حفلتنا بقى.


سحبها من خصرها وهو يعض على شفته السفلى مقبلا عنقها وكالعادة صرخ الصغير جاسر ووقف يدفع والده بعيدا عن والدته فابتعد فارس ورفع حاجبه ورفع الصغير من مؤخره عنقه وظل ينظر له بعيون جاحظه وياسمين تضحك وتتوسله:

-سيبه يا فارس.


ابتسم عندما وجد الصغير يركز بصره عليه بخوف ولكنه عاد ينظر له وهو رافعا إياه ﻷعلى وقدمي الصغير تتحرك بعشوائية وهو يخرج أصوات طفولية فحدثه فارس وهو يغير نبرة صوته لنبرة طفولية:

-بص بقى، سكتلك مره واتنين إنما الوضع ده كتير أنت فاهم؟ أنا بعد كده هعاملك معاملة العبيد.


ضحكت ياسمين وقد سحبت الصغير منه وقبلته وهي تحتضنه :

-حبيبي ده سيبه ملكش دعوه بيه.


غمز لها وهو يحتضنهما معا:

-مش هتقوليلي هديتي ايه؟


نفت وهي تحرك كتفيها بدلال:

-دي مفاجأة بقى.


استلم رسالة على هاتفه فترك مكانه ومسك الهاتف ينظر وقرأ ما به فأخرج زفرة ارتياح قوية وشكر ربه:

-الحمد لله يارب.


اقتربت ياسمين منه تسأله والفضول يأكلها:

-خير يا حبيبي؟


ابتسم لها وسحبها داخل حضنه وقبلها قبل كثيرة ومتتالية وأنهى وابل القبلات بأخرى عميقة فتجاوبت معه وابتعد أخيرا يخبرها بفرحة:

-أنا ابن ماهر الفهد.


نظراتها الفضولية جعلت ابتسامته تتسع ﻷذنيه وهو يقرص وجنتها ويسحبها للجلوس بجواره ليخبرها بما مر به منذ أن خرج من زيارة مدحت الفهد بمحبسه وذهب لمقابلة الطبيب المختص بإجراء تحليل اثبات النسب ونتيجته النهائية.


أرسل له نتيجة التحليل فنظر لها ليجد تطابقا لعينته بنسبة 90% وتطابق عينة أخيه بنسبة 99% فاتصل بالطبيب وسأله:

-أنت قولت لي طالما فوق ال90% يبقى النسب للأب.


أكد حديثه وهو يوضح:

-بس حضرتك قولت إن العينه الأخيرة أب للعينة التانية وعم للعينه الأولى يعني النتيجة منطقية واحده 99% عشان ده الأب الفعلي و التانية 90% عشان ده العم.


لم يستطع لا الموافقة ولا تصديق هذا الحديث الغير مفهموم بالنسبة له فسأله بعد أن فكر قليلا:

-هو احنا ينفع ناخد عينه اثبات نسب من حالة اتوفت من 30 سنه؟


تعجب داوود وسأله:

-تقصد إن الأب الحقيقي اتوفى من 30 سنه؟


أكد له فارس فعقب الأول:

-لو مفيش حد اتدفن في نفس القبر ممكن طبعا بس ده لازم له إجراءات قانونية كتيره عشان تطلب فتح القبر وأخد العينه من المتوفي وعمل التحليل فالموضوع مش سهل أبدا.


فكر فارس واتخذ قراره وربما إن أخبره بحقيقة الأمر استطاع أن يسهل له البحث والعثور على الحقيقة فأغلق الهاتف واتصل به ليجيبه الأخير وهو يضحك عاليا:

-انت مش قادر تبعد عني ساعتين بس، انا لسه مروح يا فارس وبجهز لعيد ميلاد دنيا.


لم يجد منه لا تعقيب ولا حتى كلمته المعتادة بانه لا يوجد لديه وقت ليضيعه بالثرثرة فتفاجي عندما وجده يقول:

-خلاص روح شوف وراك ايه يا عمر.


بالطبع هو تراجع عن اخباره بعد أن شعر أنه تسرع بقراره ولكن شعر به عمر على الفور فساله:

-مالك، انا نازلك انت فين؟


أجابه وهو يتنهد بتعب:

-قريب من البيت.


تحرك عمر فورا وهو ينهي معه المكالمة:

-طيب اقفل أنا جايلك.


لحظات ووصل عمر لموقعه فوجده يستند على سيارته فاقترب منه يسأله مهتما لما يراه من حالة وهن أصابته:

-وحد الله يا فارس، متقلقش على زين إن شاء الله هيبقى كويس.


أومأ وهو ينظر أمامه للفراغ:

-أنا مستني الصبح بس عشان الظابط ياخد اقواله وهنقله على طول لمستشفى الفهد.


لم يعقب عليه ولكنه آذره بأنظاره واستمع له يتكلم بغصة ألم تحرق جوفه:

-أنا عندي مشكلة كبيره اوي ومحدش هيعرف يساعدني غيرك، ده عشان أنا عارف انك تقدر بس من غير ما تروح تكب كل حاجه في ودن مراتك احسن أنا عرفت أنك بتقولها كل كبيره وصغيره بتحصل معاك.


ضحك عمر وهو يبتسم حرجا:

-ما انت لو تعرف أنا وخديجه مرينا بايه خلانا نبقى كده مكنتش اتكلمت.


زم شفتيه للامام وهو يعقب:

-بغض النظر، اللي يخصني ميطلعش برانا احنا الاتنين، مفهوم؟


وافقه دون أن يتجادل معه فاستمع له يقص عليه مأساة حياته مع والدته وكيف انهت عزيمته وقوته بالنهاية بإخباره تلك الكذبة التي زعزعته وجعلته لا يستطيع استكمال حياته دون أن يكشف الحقائق كاملة لحياته البائسة.


نظر له عمر بانصات وهو يتعجب من أفعال والدته التي تتنافى مع كونها أما له وقد تذكر والدته الحنون التي هي بالحقيقة زوجة ابيه وكيف احتضنته بعد وفاة أمه بل وعاملته في بعض الأحيان أو بكثير من الأحيان كتعبير أدق افضل مما عاملت أبنائها.


انهى فارس قصه له وهو يجاهد حتى لا يبكي فتضيع  هيبته أمامه:

-ودلوقتي بقى الحل الوحيد اللي قدامي اني اعمل تحليل DNA لبابا فلازم افتح التربه واسحب العينه بشكل صح ومن غير لا ورق ولا تصاريح.


نظر بعمق عينيه وسأله:

-تقدر تعملي الحكاية دي؟


أومأ وتحدث متعجبا:

-بسيطه يا فارس وكده كده انا ليا عند داوود حق وأظن جه وقت أنه يرده، بس اللي مستغربه هو ليه والدتك بتعمل كده؟


كادت أن تدمع عينيه وهو يحاول تمالك نفسه وتحدث بقوة مصطنعة:

-مش موضوعي دلوقتي بتعمل كده ليه، أعرف الحقيقة الأول وبعد كده حسابها معايا طويل مهما كانت النتيجة لاني لو طلعت ابن مدحت فهحاسبها على كل حاجه عشتها بسببه وهي مخبيه عليا وعليه حقيقة أني ابنه، وهحاسبها على خيانتها لماهر الفهد اللي ملوش داعي أبدا.

ابتلع ريقه بتباطئ ودمعت عينه رغما عنه وهو يضيف منزعجا:

-ولو طلعت ابن ماهر فساعتها حسابي ليها هيكون فوق توقعاتها ﻷن ساعتها هكون بنتقم مش بحاسب


❈-❈-❈

يتعجب الإنسان كثيرا من معجزات الكون والخلق ومهما وصل العلم لتطور يظل الخلق البشري أكبر أعجوبة لم يستطع العلم حل طلاسمها إلى الآن فكيف يستطيع هذا الجسد الفاني من الحتفاظ بصفاته الوراثية بعد أن تحلل ومر عليه أكثر من عقد من الزمان؟


وقف برفقة صديقه أمام قبر أبيه وبدأ عامل المقابر بالحفر والرجال يمسكون كشافات مضيئة حتى يروا معالم المكان المظلم، ونزل داوود برفقة عمر ﻷسفل المقبرة بينما وقف فارس بالأعلى ينتظر صعودهما فهو مهما كان يظهر قوته دائما إلا أن قوته تلاشت أمام قبر والده وهو يتذكر يوم فقدانه له.


صعد عمر وداوود بعد أن سحب الأخير العينة مما تبقى من رفات ماهر الفهد وأومأ له محاولا الابتسام له بعد أن علم بحقيقة اهتمامه بتلك التحاليل وهو ارتباطه الوثيق بها.

الصفحة التالية