-->

رواية جديدة تعويذة العشق الأبدي لسمر إبراهيم - الفصل 18 - 1 - الجمعة 3/11/2023


قراءة رواية تعويذة العشق الأبدي كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية تعويذة العشق الأبدي

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سمر إبراهيم 


الفصل الثامن عشر

الجزء الأول

تم النشر يوم الجمعة

3/11/2023



يتسطح أسفل إحدى السيارات ليقوم بتصليحها بذهن شارد فطوال الشهر الفائت كان محل سخرية من الجميع حتى زوجاته اللائي كن يرتعدن منه ولا يقدرن أن يرفعن أعينهن به أصبحن يتهامسن ويتلاسن فيما بينهن كلما رأينه ليقسم على الانتقام من ذلك العادل وعائلته سيذيقهم من نفس الكأس عاجلًا أم آجلًا.

قطع تفكيره صوت صياح أحد العاملين لديه:

- يا أُسطى عزب، يا أُسطى عزب.

خرج من أسفل السيارة ليراه يلهث وكأنه كان في سباق للعدو فأجابه باستفهام:

- فيه إيه ياد؟ ومالك بتنهج كدا ليه؟ أوعى يكون حد لمحك وانت بتوزع البضاعة وانت بغباوتك جيت على هنا.

حرك رأسه يمينًا ويسارًا بنفي ليتحدث بصوت متقطع وهو يأخذ أنفاسه بصعوبة:

- لا يسطى اطمن مفيش حاجة من دي.

عقب بنفاذ صبر:

- ولما هو مفيش حاجة من دي مالك ياد انت؟ عامل كدا ليه؟

أجابه بفرحة من بين لهاثه:

- أنا لقيت الأسطى عادل.

لمعت عيناه بظفر لا يصدق أنه وجده أخيرًا فأمسك به من كتفيه وحدثه بصياح وهو يهزه للأمام والخلف:

- انت بتتكلم جد ياد يا مرزوق؟ شوفته في أنهي داهية.

- شوفته في البساتين كان شايل طلبات قد كدا.

قال ذلك وهو يشير بيديه علامة على كثرة ماكان يحمله في يديه ليضيق عزب عينيه بتعجب وعقب على حديثه مستفهمًا:

- حاجات قد كدا؟! انت متوكد إنه عادل؟

أماء له مرزوق دون أن ينطق بشيء علامة على تأكده لتزداد دهشته فهو يعلم مدى حرص عادل على النقود فأردف بتساؤل:

- طب معرفتش كان رايح فين؟

ابتسم الصبي وأجابه وهي بشير إلى نفسه بفخر:

- ودي حاجة تفوتني برضه يا عم الأسطاوات معلوم مشيت وراه لحد ما عرفت مكانه واتطقست كمان من الجيران لحد جيبت قراره.

اتسعت ابتسامته وتحدث وهو يحثه على إكمال حديثه:

- ها وبعدين ما تنطق ياد عرفت إيه؟

- بسلامته اتجوز عيلة صغيرة من دور عياله أديله شهر أهه وغرقان معاها لشوشته في العسل أصل البت مزة آخر حاجة وشكلها كدا واكلة دماغه لا وإيه صارف عليها دم قلبه جايبلها شقة في البساتين وكل كام يوم يخرج فاضي ويرجع محمل من خيرات ربُنا.

اغتاظ كثيرعند سماعه لحديث صبيه وشعر بحقد شديد على عادل فهو من كان يجب أن يصبح مكانه لتزداد بداخله دوافع الانتقام منه فاقترب من الفتى واضعًا يده حول كتفيه وحدثه بود جديد عليه:

- طب اسمع يا واد يا مرزوق عايزك من هنا ورايح ملاكش شغلانة غيره وشوف حد من الصبيان وخده معاك تلبدوله قدام البيت اللي قاعد فيه وتجيبولي كل تحركاته هو ومراته مش عايز النفس يغيب عنكم ومن النهاردة يوميتك بقت الدبل.

هز رأسه بموافقة وتحدث وهو يربت على صدره بحماس:

- وَجَبْ يا سيد الاسطاوات فُريرة.

أنهى حديثه وهو يهرول بعيدًا عن الورشة لتنفيذ ما أمره به في الحال لينظر عزب في أثره وحدث نفسه بتوعد:

- والله ووقعت تحت إيدي يا عادل الـكـ لب إن ما خدت حقي منك تالت ومتلت وخليتك مقلسة الحارة كلها من كبيرها لصغَيّرْهَا مبقاش أنا الأسطى عزب.

❈-❈-❈


لا يصدق نفسه أنه سيراها بعد دقائق معدودة فمنذ أن حدثته وأخبرته بقدومها وهو يحصي الساعات بل الدقائق المتبقية للقائهما وها هي قد حانت لحظة اللقاء فلقد وصلت الطائرة بالفعل وما عاد يفصلهما سوى لحظات.

ابتسم باتساع فور رؤيته لها تتقدم نحوه وهي أيضًا لم تستطع منع ابتسامتها عندما وجدته بانتظارها فلقد اشتاقت إليه كثيرًا هي الأخرى فابتعادهما عن بعضهما البعض طوال هذه المدة جعلها تدرك أنها تُكِن له الكثير من المشاعر والتي كانت تنكرها قبل ذلك ولكنها تأكدت منها خلال الشهر الفائت.

اقتربت منه بعيون مشتاقة حتى أنها تناست زملائها القادمين معها وقامت بمد يدها لتصافحه ليقوم بمبادلتها ولكنه أبى ترك يدها وحدثها بعشق واضح على تقاسيم وجهه:

- وحشتيني.

جحظت عيناها وأحست بحرارة تضر ب جســ
دها عندما استمعت الى كلمته هل حقًا قالها دون مقدمات فطأطأت رأسها أرضًا ولم تستطع أن تنطق بكلمة ليتهامس زملائها فيما بينهم فلأول مرة يرونها هكذا فلطالما كانت جادة في التعامل مع الجميع ولم يشاهدوها تتحدث مع رجل بهذه الطريقة من قبل.

طالت مصافحتهما دون أن تسحب يدها أو تتحدث إليه ليميل برأسه نحوها هامسًا في أذنها:

- لو اعرف ان الكلمة دي هتقلبك طمطاية كدا كنت قولتها من زمان.

حمحمت بخجل وهي تتلفت حولها لتتفاجأ بهمسات زملائها فقامت بسحب يدها من يده وتحدثت بتوتر من بين أسنانها:

- اتلم يا يونس زمايلي معايا وواخدين بالهم.

ازدادت ابتسامته ليعقب على حديثها بمشاكسة:

- ولو متلمتش هتعملي إيه؟

حدجته بغيظ فهو يستغل عدم قدرتها على فعل شيء في وجودهم لتلــ عن حظها على مجيئها معهم على نفس الطائرة وقبل أن تنطق بشيء وجدته يبتعد عنها قليلًا ويوجه حديثه لزملائها بجدية قائلًا:

- حمد لله عالسلامة يا شباب أنا يونس الأسيوطي قريب عهد ومقيم هنا في الأقصر وطبعًا تحت أمركم في أي مساعدة.

اقتربت منه واحدة منهن وقامت بمد يدها لمصافحته وحدثته بغنج وعلامات الإعجاب متضحة بسخاء على تقاسيم وجهها:

- اتشرفنا بمعرفتك يا أستاذ يونس بقى كدا يا عهد يبقى عندك قرايب حلوين كدا في الأقصر وتخبيهم عننا.

قالت جملتها وهي تنظر لعهد التي تملكها الغيظ واستشاطت غضبًا من حديثها ودون أن تدري بما تفعل اقتربت منهما وقامت بنزع يده من يدها وحدثتها وهي ترسم ابتسامة سمجة على وجهها:

- معلش يا سلوى مجاتش فرصة علشان أعرفك شجرة عيلتنا المرة الجاية هبقى أخد بالي واديكي كشف بيهم.

أحست وكأن دلوًا من الماء البارد قد صب فوق رأسها خاصة عندما وجدت ضحكات زملائها الساخرة عليها لتحمحم وتحدثت بحرج:

- سوري يا عهد أنا مقصدش أزعلك.

لم تحصل منها سوى على ابتسامة متكلفة لم تلامس عينيها وحدثتها باقتضاب:

- ولا يهمك يا حبيبتي.

رأى توتر الأجواء بسببه ولكنه لم يخفي سعادته لتيقنه من غيرتها عليه هذا إن دل على شيء فهو يدل على أنها تبادله المشاعر وإن أنكرت هي ذلك فتحدث مغيرًا مجرى الحديث:

- طب اتفضلوا معايا أنا حجزتلكم في الأوتيل عندي.

لمعت أعين سلوى لما سمعته فهو ليس رجل وسيم وحسب ولكنه ثري أيضًا ولكنها شعرت بالإحباط عندما استمعت لتلك العهد وهي تتحدث بجدية:

- متشكرة يا يونس بس متتعبش نفسك احنا محجوزلنا أوض في فندق... تبع الشغل

شعر بالاشمئزاز عندما استمع لإسم الفندق الذي ذكرته ليحدثها برفض قاطع لا يقبل النقاش:

- فندق إيه ده اللي عايزة تقعدي فيه لا طبعًا انسي الكلام ده إنتي أصلًا مش هتقدري تقعدي فيه ساعتين على بعض وأنا خلاص حجزت الأوض وانتهى الأمر.

أنهى حديثه وهو يمسك بيدها يحاول الخروج بها من المطار ولكنها أبت ذلك وأرادت أن توضح له الأمر فسحبت يدها ووقفت أمامه لتوقفه عن المضي وحدثته بصوت منخفض:

- استنى بس يبني مينفعش اللي انت بتعمله ده أنا عارفة الفندق وقعدت فيه شهور، أكيد مش زي الفندق بتاعك بس شغال يعني ومتعودين عليه والموضوع ممكن يطول حرام نكلفك دا كله أنا عارفة الأوضة عندك بكام في اليوم مش علشان تجاملني تخسر دا كله وياريت هكون أنا لواحدي لا دنا معايا زمايلي كمان أنا مرضاش بدا كله كفاية أوي اللي عملته معايا من يوم ما عرفتك أكتر من كدا يبقى استغلال.

عقد حاجبيه وعقب باستنكار لما قالته خاصة آخر كلمة نطقت بها:

- استغلال؟ انتي شايفة إن فيه بينا الحاجات دي وإني ممكن أفكر إنك بتستغليني؟

شعرت بالأسف لكونه لم يفهم مقصدها فزفرت بحزن ونفت برأسها وهي تعقب:

- لا طبعًا مش ده قصدي بس حتى لو انت عمرك ما هتفكر كدا أنا مش هبقى مستريحة علشان خاطري سيبني على راحتي وبعدين الفندق بتاعك بعيد عن الموقع جدا وهنضيع وقت كبير في المرواح والمجي ولا انت عجبتك ست سلوى وعايزها تبقى قدامك علطول بقى ولا إيه.

أنهت حديثها وهي تنظر إليه رافعة إحدى حاجبيها وكأنها تخبره بأنها لم تنسى ما حدث منذ قليل فلم يستطع منع ابتسامته ليميل عليها قليلًا وهو يتحدث بهمس:

- لا وانتي الصادقة واحدة تانية خالص اللي عاجباني وعايزها تفضل قصاد عيني علطول.

ها هو يلمح بإعجابه بها مرة أخرى حتى وإن لم ينطق بها صراحة ولكن كل أفعاله تخبرها بذلك لتتخضب وجنتيها بحمرة الخجل مرة أخرى ولكنها حاولت إخفاء ذلك قدر استطاعتها خاصة وهي ترى من يسترقون السمع يحاولون معرفة ما يتحدثان به فقامت بتغيير مجرى الحديث:

- لا بقولك ايه انت شكلك فايق ورايق وعمال تهزر وأنا ورايا شغل ولسة عايزين نروح الأوتيل نحط حاجاتنا قبل ما نطلع عالموقع.

فهم جيدًا ما ترمي إليه فقام بمجاراتها في الحديث حتى لا يخجلها أكثر من ذلك فهذا ليس الوقت المناسب للإفصاح عن مشاعره ولكنه قد غلبه شوقه إليها ولم يستطع التحكم فيما يتفوه به:

- طب على الأقل أوصلكم الأوتيل.

أماءت له بموافقة ليوجه حديثه لباقي المجموعة:

- اتفضلوا يا شباب علشان أوصلكم.

تحركوا خلفه لتسير سلوى على مضض وهي تهمس في أذن زميلتها:

- شوفتي بوز الفقر قطاعة الأرزاق صعبان عليها نقعد في حتة نضيفة ونقابل ناس عليها القيمة تموت في الفقر والعنطظة.

عقبت على حديثها بهمس مماثل:

- طب اسكتي لحسن تسمعك ودي رئيسة البعثة دلوقتي بدل ما تلاقي نفسك مشحونة على أول طيارة عالقاهرة دا إن مكانش قطر كمان وتخسري بدل السفر هو الواد حليوة آه بس امسكي نفسك شوية شكلهم فيه حاجة بينهم.

لوت شفتيها بعدم اقتناع بحديثها وحدثتها وهي تسير معها خلفهم:

- ماشي يختي أهو ده اللي انتي فالحة فيه يلا خلينا نمشي بدل ما يمشوا ويسيبونا ونتدبس في أجرة التاكسي.

❈-❈-❈


تقف في الشرفة شاردة الذهن تزفر ببطئ وهي تتذكر الأيام الماضية التي مرت عليها وغيرت حياتها من أقصى اليسار لأقصى اليمين ولكن للأسف حدث ذلك بعد أن خوت روحها واحترقت لتتحول إلى رماد تذروه الرياح.

رفعت رأسها إلى السماء لتتساءل بينها وبين نفسها هل ما تعيشه الآن حلم جميل وستستيقظ منه لتجد أنها مازالت في منزل والدها يلحق بها عار فعلتها أينما ذهبت أم أن ما تحياه الآن هو عقاب من الله على مما افترفت من ذنب؟ وهل هناك عقاب أسوأ من أن تحيا حياة لا تمتلكها ومهدد بتركها في أية لحظة لتعود لنقطة الصفر مرة أخرى؟

استدارت متكئة على سور الشرفة لتدور بعينيها أرجاء الشقة التي انتقلت إليها منذ بضعة أيام، لا تصدق أنها تعيش في ذلك البيت الرائع ولا تشعر بالسعادة، فلو أخبرها أحد بذلك منذ بضعة أشهر لنعتته بالجنون فمن يراها من الخارج يحسدها على ما هي عليه فهي متزوجة من رجل تتمناه جميع النساء وتحيا حياة مترفة ولكنها لا تستطيع أن تستمتع بذلك فبداخلها يقين بأن ذلك لن يدوم فهي لا تنسى موقف والده عندما وصله خبر زواج ولده منها.

 فلقد حضر إلى الفندق وكان يصيح به مثل الثور الهائج موبخًا إياه على فعلته الشنعاء فكيف له أن أن يتزوج بدون علمه ومن فتاة دون المستوى؟

نعم قالها صراحة أمامها ولم يعير لوجودها أدنى اهتمام فلقد كانت تقف ناظرة أرضًا تبكي وترتجف من شدة الذعر فلقد كاد صياح والده أن يصم أذنيها وهو يشير إليها بسبابته بتقزز:

- بقى هي دي اللي انت اتجوزتها من ورانا؟ انت شكلك اتجننت يا ولد انت، رايح تتجوزلي بنت لا نعرف أصلها ولا فصلها وكمان من غير ما تاخد رأيي أنا ووالدتك وكأننا مش موجودين في حياتك.

بدأت في التحرك منكسة الرأس باتجاه غرفة النوم ولكنها توقفت فجأة ناظرة إليه بوجه مغرق بالدموع عندما سمعت صوته الهادر:

- لو سحت يا بابا الست دي تبقى مراتي وكرامتها من كرامتي وانا مسمحش لأي شخص مهما كان مين إنه يغلط فيها سواء قدامي أو من ورا ضهري وأعتقد اني كبير بما فيه الكفاية علشان قدر آخد قراراتي بنفسي من غير توجيه من حد.

جحظت عين والده عند سماعه لحديثه فكيف يمكنه مخاطبته بهذه الطريقة ومن أجل من فتاة أتى بها من الطرقات ليحدثه  بغضب وقد تطاير الشرر من عينيه:

- انت بتعلي صوتك عليا علشان دي؟!

قال ذلك وهو يشير إليها من أعلى لأسفل وهو يحدجها بنظرات دونية ليعقب مروان بغضب قد فاق غضب والده:

- هقولها لحضرتك مرة تانية اللي مش عاجباك دي تبقى مراتي ومش هقبل تتعامل بالطريقة دي من أيًا من كان، كون حضرتك والدي دا ميديلكش الحق إنك تغلط فيها.

- لا دا انت اتجننت رسمي على العموم من النهاردة لا انت ابني ولا أعرفك لحد ما ترجع لعقلك غير كدا تنسى خالص إن ليك أب أو أم.

أنهى حديثه وهو يتجه نحو الباب ليخرج صافعًا إياه خلفه بغضب جم ليجلس مروان على أقرب كرسي زافرًا بعنف وعينه لا تحيد عن الباب لتتعجب هي بشدة فما الذي يجعله يدافع عنها بهذا الشكل وهو لا يعرفها وليس بينهما أية مشاعر تذكر.
كادت أن تذهب لتتحدث معه ولكنها تراجعت عن ذلك وآثرت الذهاب إلى غرفتها في صمت وآلاف الأفكار تعصف بذهنها.

أفاقت من شرودها فزعة عندما وجدت تلك اليد تربت على كتفها لتلتفت بفزع ولكنها اطمأنت عندما وجدته هو لتضع يدها على قلبها لتهدئ من دقاته المتسارعة فوجدته بنظر إليها وعلى وجهه ابتسامة هادئة:

- ايه مالك سرحانة في إيه دا كله؟

نظرت إليه ببلاهة لتعقب بتيه:

- ها.

زادت ابتسامته لتزيده وسامة فشردت مرة أخرى ولن هذه المرة في ابتسامته الساحرة لتخرجها كلماته المازحة من ذلك الشرود:

- لا دا انتي مش هنا خالص اللي واخد عقلك.

ابتسمت بخجل وعقبت بمزاح:

- يتهنى به

- ها مقولتيليش ايه رأيك في الشقة؟

قال ذلك وهو ينظر إلى غرفة الصالون من خلال باب الشرفة المفتوح لتعقب باقتضاب:

- حلوة أوي.

نظر إليها متحدثًا بصدق:

- يعني عجبتك؟

أماءت له برأسها لأعلى ولأسفل بموافقة ليستأنف حديثه بود ليحثها على التفاعل معه فهي منذ زواجهما وهي دائمًا صامتة تجلس بمفردها شاردة الذهن لا تتحدث إلا عند توجيه الحديث إليها وفي أغلب الأوقات تجيب بكلمات مقتضبة مما يجعله يشفق عليها أكثر فأكثر:

- طب لو فيه حاجة مش عاجباكي قولي عليها وأنا أغيرها.

نفت برأسها وعقبت باقتضاب كعادتها:

- لا جميلة.

زفر بقلة حيلة وحاول فتح حديث معها فأشار إليها لكي يدخلوا من الشرفة فذهبت وراءه في صمت وجلست على الكرسي المجاور له مطاطأة رأسها بخجل:

- طب لما كل حاجة عاجباكي مش شايفك فرحانة ليه.

رفعت رأسها تنظر إليه على استحياء وتحدثت وهي تضع خصلة هاربة من شعرها خلف أذنها:

- لا عاجباني بجد والله أنا مكونتش أحلم إني أعيش في شقة زي دي.

- طيب أنا هروح الشغل دلوقتي وبعد ساعتين إن شاء الله هتيجي واحدة علشان تساعدك في البيت هي أمينة وكويسه متقلقيش أنا جايبها من الأوتيل.

هل ما تعيشه الآن حقيقي بالفعل وهل يوجد شخص في الحياة مثله يقدم لها كل هذا دون مقابل ودون أن يفرض عليها أن يأخذ حقه الشرعي وقبل أن يهم بالوقوف نظرت اليه وحدثته بامتنان:

- متشكرة على كل حاجة عملتهالي بس مفيش داعي لحد يجي أنا ممكن أعمل كل حاجة بنفسي وأهو أسلي نفسي وأنا قاعدة.

ابتسم لها ابتسامة خطفت قلبها وجعلت دقات قلبها تقرع كالطبول وحدثها وهو يقف ويغلق أزرار حلته:

- لا فيه داعي متتعبيش نفسك ولو حسيتي بالزهق ولا حاجة ممكن أسيبلك عربية بسواق توديكي المكان اللي يعجبك أنا سايبلك عالكومود اللي جمب السرير Debit Card ممكن تاخديها وتشتري اللي انتي عايزاه أو لو حابة ممكن تروحي النادي أو الجيم اعملي اللي يريحك ولو احتاجتيني في أي وقت رقمي معاكي كلميني عادي متترددش.

اتسعت ابتسامته وهو يجد علامات الدهشة على وجهها ليردف وهو يذهي في اتجاه باب الشقة:

- محتاجة حاجة تانية قبل ما أمشي؟

نفت برأسها بعيون تترقرق بها الدمعات ليربت على خدها وينصرف في هدوء وهي واقفة تنظر في أثره وتضع يدها فوق قلبها لتهدئ من دقاته ف فيما يبدو أن قدماها تنزلق في الوقوع في العشق دون إرادة منها

تابع قراءة الفصل