-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 24 - 1 الأحد 26/11/2023

  

  قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الرابع والعشرون

1

تم النشر يوم الأحد

26/11/2023



بفضول القطة الذي قد يؤدي فعلها في البحث خلف المجهول لهلاكها، تحركت تتبع خالتها جميلة كما تلقبها دائمًا،  تحمل عنها قفص الطيور من أجل مساعدتها، ومن جهة أخرى كي تستطلع اخر الأخبار عن اميرها الوسيم، وهذا السؤال المُلح بداخلها والذي لم تكف عن توجهيهه للمرأة، حتى وهي تقطع الطريق معها الاَن نحو وجهتهما:


- يعني معجولة يا خالة جميلة، لحد دلوك العروسة مردتش عليكم؟ كيف يعني؟ دي المدة طالت جوي .


قلبت جميلة عينيها، تزفر داخلها بسأم وملل، فهذه المتطفلة تجبرها على تأليف القصص، وهي ليست جيدة في الكذب من الأساس، لذلك فضلت الصمت، فهي الاَن ليست بحالة تسمح لها بهذا الهراء أو المماطلة، لشيء قد حسم من الأساس،  ولم تعد به فائدة الكتمان. 


- يا خالة جميلة انتي ليه ما بترديش عليا؟ ولا انتي مسمعتيش سؤالي من الأساس؟..... دا انا كنت بسألك على موضوع خطوبة المحروس اخوك....


- خلاص يا هدير. 

هتفت بها تقاطعها بضجر حقيقي داخلها، ولكنها تمالكت  كي تجيبها ببعض الزوق:


- بصي يا بتي، انسي الموضوع دا حن عليكي وما تفكرنيش بيه تاني، اعتبريني مجبتش سيرة خالص بيه .

- ليه يا خالة؟..... هو محصلش نصيب؟.

صدرت منها بلهفة أثارت الاستفراز بداخل الأخرى، لتتمتم بضيق ردًا عليها:


- لا محصلش، وفوضيها بجى، خلينا نكمل طريجنا.


قالتها لتسرع بالخطوات امامها، تأمرها بخشونة:

- ياللا بجى، همي برجليك دي ورايا.


لم تطاوعها اقدامها على  التحرك سريعًا خلفها، ف لحظة الاستيعاب وهذا الابتهاج الذي كان يسري بداخلها،  اجبرها على التوقف، لتغزو ابتسامة بلهاء ملامحها، غير عابئة بوجع رقبتها بحمل القفص التقيل، ولا بتوقفها في وسط الطريق،  لتجذب الانظار نحوها بتساؤل. 


حتى انتبهت جميلة، لتلتف اليها تصيح عليها بسخط:

- اجولك سرعي، تجفي خالص يا هدير،  يا بتي هو انتي بتفهمي الكلام عكس ولا ايه بس؟


❈-❈-❈


بعد قليل 

وصلت برفقتها لداخل المنزل ، والذي لم تتوقف عينيها بالبحث و التجول داخله، بشكل فضح تفكيرها امام المرأة والتي ندمت بالفعل على زلة لسانها معها،  كما ندمت على قبول مساعدتها من الأساس، لتتناول منها القفص تضعه على الأرض،  تردف لها بكلمات الامتنان قبل ان تأمرها بلين:


- ربنا يبارك فيكي يا بتي ويريح جنبك زي ما مريحاني وشايلة عني دايمًا.....

- تعبك راحة يا خالة جميلة، دا انا اساعدك بعيوني التنين.

- تسلم عيونك، خلاص روحي انتي عشان امك ما تجلجش عليكي.


وقبل ان تبحث لها عن حجة للتلكأ في الذهاب،  جاءها العون من ناحية أخرى، من الوالدة نفسها،  والدة جميلة وعمر، وقد كانت جالسة مع احفادها يتسامرون في هذا الوقت، فاعترضت بخروجها الاَن فور مجيئها"


- وامها هتجلج عليها هنا في بيتنا كمان؟ خبر ايه يا جميلة، هي البت لحجت تاخد نفسها حتى من الشيلة التجيلة، تعالي يا بتي اشربي الشاي، وهرجي معانا شوية.

تلقفت منها الدعوة بترحيب شديد، لتردف بلهفة، ترافق سرعتها نحوهم:

- لا طبعًا، دا هنا زي بيت جدي بالظبط، يبجى امي هتجلج كيف؟ 


نظرت جميلة في اثرها، وقد اتخذت مقعدها وسط الفتيات من بنات شقيقاتها، لتندمج معهم في الحديث، وكأنها واحدة منهن.


زفرت بيأس تتركها، وتتحرك باحثة عن شقيقها، والذي وجدته بعدها في الباحة الخلفية للمنزل، اسفل الشجرة العتيقة، جالسًا بوضع الاسترخاء، على احد المقاعد، ممدًا قدميه على الآخر،  وشرود حاله خير دليل على ما يكتنفه من الداخل. 


- عمر.

التف على النداء ليتحمحم بصوت خشن يجيبها:

- اهلا يا جميلة تعالي .

تقدمت لتجلس على أحد الصناديق لتكن بالقرب منه، وظلت تتمعنه للحظات بصمت، مترددة في فتح الحديث معه، حتى مل هو ليبادرها القول:


- طلعي اللي في بطنك يا جميلة، عارفك هتموتي لو متكلمتيش.

تلقت الدعوة لتنطلق على الفور، تبوح بما يدور داخلها:

- والله انت اكد حاسس باللي داير جوايا، انا خايفة عليك يا عمر، طول الوجت جاعد سرحان، وموجف حالك عن....


- عن ايه؟

- عن انك تشوف نفسك يا واد ابوي،  متزعلش مني، بس الدنيا مبتوجفش على حد، وانت يدوب تلحج تدور على عروسة، عشان تتجوز انت كمان، وتفرح أهلك بيك ، ابوك وامك ليهم حج عليك، نفسهم بجى يشوفوا خلفتك ولا انت ناسي ان انت الواد الوحيد فينا.


تجاهل عن عمد كل ما أسهبت به، ليخبرها وكأنها لا تعلم:

- النهاردة كتب كتابها وحنتها يا جميلة. 

اخرجت تنهيدة متعبة لتطالعه صامتة وهو يتابع:

- مش دا برضوا، كان هيبجى يومي انا معاها ؟


عقبت بما يشبه الرجاء:

- كل شيء نصيب يا واد ابوي، هنفضل نجولها كام مرة بس ؟ 

ردد بتصميم وكأنه يحدث نفسه:

- كانت نصيبي يا جميلة، كانت نصيبي.


- خالة جميلة انتي جاعدة هنا؟

اجفلت المرأة تستفيق من حالة الحزن التي تلبستها على حال شقيقها، لتتبدل للحنق الشديد، مع انتباها لهذه الخفيفة كما تلقبها، وقد اخترقت داخل المنزل حتى جاءت الى هنا بجرأة تذهلها، في توجيه الحديث لها وعينيها مسلطة عليه:


- اصل انا كنت مروحة، بس جولت اشوفك لو عايزة مني حاجة جبل ما امشي، عامل ايه يا استاذ عمر؟


رمقها بنظرة فاحصة من أعلى الى  الاسفل ، قبل أن يجيبها بتمهل:

- اهلا يااا هدير، عاملة ايه انتي؟

- انا زينة والله والحمد لله، تشكر على سؤالك وزوجك يا استاذ عمر .


تبسم يبتعد بوجهه عنها، ونهضت شقيقته، تنهرها بلطف:

-  روحي يا هدير وانا لما اعوذ حاجة منك هندهلك أكيد، انا مش عايزاكي تتأخري عن امك ، وتيجي بعد كدة هي تلومني. 

همت لتزيد من تلكأها، باختلاق أي حديث برأسها، قبل عن ان يقطع هو بأن انتفض فجأة، بعد أن القى بنظره على شاشة الهاتف،  ورأى محتوى الرسالة التي أتت له من احدهم  


- رايح فين يا عمر؟.

هتفت شقيقته تسأله، ولكنه تجاهل، ليتخطى الأخرى وكأنه لا يراها، وذهب سريعًا نحو وجهته.


❈-❈-❈


بداخل مدافن القرية


وبعد ان أنهت زيارتها لقبر والديها، وجدها الأكبر، وبعض الراحلين من العائلة، فلم يتقبى سوى زيارة الساحة الكبيرة لشيخ القرية الراحل ، والتي تبقى مفتوحة دائما لإطعام المحتاجين، وذلك من تبرعات المحسنين ، واولهم هي، لا تفوت زيارة للمدافن بدون ان تعطي من مالها الخاص. 


توقفت امام الباب الاخضر الكبير الخاص بمدخل النساء،  فخرجت تستقبلها المرأة القائمة برعاية الساحة بابتسامة امتنان وحب لها:


- يا اهلا يا اهلا، دا ايه النور ده؟ الست روح بنفسها مشرفانا؟

تبسمت لها تبادلها التحية ، وجاء الرد من شقيفتها:

- ايوة يا ست حفصة، عشان تعرفي بس غلاوتكم عندها، جاية تزوركم النهاردة في يوم حنتها وكتب 

على الرغم اننا متأخرين والله .


- وه يا نادرة، جات يعني ع الخمس دجايج دي؟

تفوهت بها عاتبة نحو شقيقتها قبل ان تتجه مباشرة للمرأة:


- انا جاية احط اللي فيه النصيب يا خالة، هتاخدي انتي بجى، ولا لازم ادخل بنفسي؟

- يا بنتي، وانا من امتي باخد بيدي بس؟ ادخلي حطي بنفسك في الصندوج، الدنيا فاضية دلوك، دا وجت صبحية.


- ادخلي انتي وانا هجعد هنا وهستناكي مع الست حفصة، مشوار المدافن هد حيلي 

عقبت بها نادرة على قول المرأة، لتدلف هي وحدها، داخل الساحة الشاسعة التي اعتادت عليها،  حتى وصلت الى المكان المعروف، وضعت حزمة كبيرة من النقود بعد ان قرأت الفاتحة على روح الشيخ الراحل، ثم استدارت لتتخذ طريقها نحو الخروج ولكنها تفاجأت به أمامها:


- عمر .

تفوهت بالأسم وقد توسعت عينيها بجزع، لتردف بتخوف:

- انت ازاي جيت هنا؟ 

القى بنظرة نحو السور الصغير للساحة الشاسعة، فهمت منها انه قفز من الخلف، ليأتي اليها الاَن ويفاجئها :

- ازيك يا عروسة، النهاردة كتب كتابك وحنتك جال ؟