-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 25 - 1 الأربعاء 29/11/2023

  

  قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الخامس والعشرون

1

تم النشر يوم الأربعاء

29/11/2023




صعدت حتى سطح المنزل، لتجده متسطحًا على كوم من الرمال، ويبدوا انه قد غفى وبات ليلته عليه، زفرت بقنوط، لتخطو حتى وصلت اليه، فجلست جواره كي توقظه:


- عمر، يا عمر، اصحى يا خوي، ضاجت عليك ملجيتش غير ع الرمل وتنام؟!

فتح جفنيه اخيرًا، ليستعيد وعيه رويدًا رويدًا، حتى خرج صوته متحشرجًا، يضغط بطرفي السبابة والإبهام على عظمة أعلى أنفه، يكتنفه صداع بالرأس:


- خلاص يا جميلة انا صحيت اها، صحيت خلاص ......  

هو انا نمت هنا كيف؟

قال بالاخيرة وهو يعتدل بجذعه يتطلع حوله في الأجواء، ونسمات برد لطيفة بعض الشي، تلامس جسده وبشرة وجهه، ليتوجه لشقيقته الصامتة، يعيد السؤال:


- ما تجولي يا جميلة كيف انا نمت هنا؟.

امتعضت ملامحها تجيبه على مضض:

- لو انت مش فاكر افكرك انا، انت امبارح كنت جالب ع الكل، امك بتجول انك جعدت اليوم كله برا، بعد ما دبيت كذا عركة معاهم ومع عيال خواتك، ولما رجعت متأخر على وش الفجر، محدش دري بيك ، غيب لما صحيوا على صوت الدب فوجيهم، وابوك افتكر حرامي ولا حصين نازل ياخد الطير، لكن اتفاجأ بيك متمدد على الرملة، جعد يكلمك عشان تجوم من مكانك وتنزل على أؤضتك، لكنك مكنتش حاسس اصلا، في الاَخر سابك على راحتك، عشان متجومش متعصب عليه.


مسح بكفه، على الذقن الغير الحليقة ليردف مع تذكره لأحداث الأمس:

- وه، حتى ابويا كمان كش مني؟ لدرجادي انا كنت عفش مع الكل؟ 


التوى ثغرها لتشيح بوجهها للناحية الأخرى، تمنع نفسها عن الانفعال، أو توبيخه عما بدر منه نحو والديها الطيبين من الأساس، ولكنه كان أذكى من أن يتجاهل:

- انا عارف انهم لسة زعلانين، وعارف اني غلطان يا ست جميلة، يعني مفيش داعي تولي وشك عني، هنزل اروح أرضيهم اطمني. 


التفت اليه معقبة على كلماته:

- والله لمصلحتك يا واد ابوي، رضا الوالدين عليك من رضا ربك، بلاش نيجي عليهم، دا انت اكتر واحد عارف انهم غلابة، وما صدجوا ياخدوا نفسهم من الشجا بعد انت ما جومت بالبيت .


اومأ بضيق لينهض من جوارها، ليس لديه طاقة على معارضتها او الجدال معها:

- خلاص يا جميلة عرفت غلطي، وجولت ان اراضيهم، يعني مفيش داعي بجى للتجطيم.... خليكي جدعة بجى وروحي حضريلي لجمة افطر بيها،


اضطرت تجاريه، وقد حسبته استفاق من كبوته، ليعود لواقعه، والحياة التي تنتظره بعدما عاد بالمال الوفير،، ليحقق ما يصبوا اليه 


نهضت على الفور بهمة كي تذهب وتعد له اجمل وجبة افطار، ولكن وقبل ان تصل للدرج اوقفها بهتافه:


- ناوية تروحي فرحها النهاردة ولا لأ يا جميلة؟ 

استدارت له، ليرى مزيج من حيرة وضعف، يعلو تعابيرها، قبل ان تجيبه بوضوح:


- والله يا واد ابوي مش هخبي عليك، عندي رغبة شديدة ان احضر فرح اعز صحباتي، وفي نفس الوجت، مستتجلاها احضر، ولا اشوف غازي الدهشان بعد ما رفضك و....


توقفت فجأة  لتجفله بسؤاله :


- طب افترض روحت يا عمر، هتزعل مني؟

تسمر لبعض الوقت يطالعها بصمت ثم ما لبث ان يجيبها بكذب مكشوف:


- لاه يا جميلة مش هزعل، دي صاحبتك، يعني من حجك تروحي وتباركيلها، كل حاجة في الاخر نصيب. 


بنبرة متشككة سالته:

- صح يا واد ابوي يعني انت متأكد من كلامك ده؟

- ايوة يا جميلة متأكد، وروحي حضريلي الفطار،  خليني انزل اشوف مصالحي، 

قالها والتف يعطيها ظهره، لينهي بينهما النقاش، فهبطت الدرج تسبقه في النزول الى الطابق الارضي.


هم هو بالحاق بيها،  ولكن اوقفه صوت الهاتف، ضجر بغضب وقد ظنه نفس الرقم المتكرر، ولكنه تراجع فور ان راى هوية المتصل، صديق غربته صلاح صابر:


- الوو يا صلاح، عامل ايه يا صاحبي؟

وصله رد الاخر على الفور:

- الوو يا عمر يا خسيس، بقى يا راجل تنزل البلد وتنسانا خالص، طب اعمل حتى بحق العيش والملح اللي كان بينا، وافتكرنا برنة، اخص عليك. 


تبسم لقوله على غير ارداته، يسير نحو حاجز الشرفة الأسمنتي، يستمع لتوبيخه ولسانه السليط لا يكف عن الشتيمة، حتى وصل به للسؤال المُلح:


- طمني بقى؟ ايه الاخبار؟ اتجوزت ست الحسن اللي كنت فالق راسنا بيها ولا اتخلت عنك وفلسعتك؟


استشاط غضبًا يعض على شفتيه بغيظ شديد، فهذا الاحمق، ان علم ما حدث معه، لن يكف عن تذكيره  بذلته، وهو لا ينقصه.

هم أن يكذب عليه ، ولكنه توقف فجأة، فور ان وقعت عينيه على هذه الفتاة الواقفة في الساحة الداخلية بمنزلهم في الأسفل، مع إحدى بنات شقيقاته، تتظاهر بالحديث معها، وعينيها لا تتوقف عن التطلع اليه، بنظرات الهيام التي أصبحت ترطب على قلبه في بعض الأوقات، تلامس هذه الجزء الرجولي به،

ليأخذ القرار على الفور،  يجيب صديقه وكأنه أصبح أمر واقع:


- لا يا صلاح مش هي اللي كنت بكلمك عنها، بصراحة بجى، انا نزلت البلد وعيني زاغت على اللي الأحلى منها، 


وصله الرد على الفور من الطرف الآخر:

- احلى منها كمان، مين دي ياد؟

تهكم ضاحكا:

- ويعني لو جولتلك على اسمها ولا اسم اهلها هتعرف؟.... يا سيدي ع العموم لما تنزل البلد انا هخليك تشوفها وتسلم عليها كمان،  مش هتكسف منك ولا اداريها  


❈-❈-❈


خرج من غرفته على أصوات الشجار العالي بين أبويه، ليتفاجأ بهما بوسط الصالة بعد تركهما الغرفة،  والدته تصيح بانفعال شديد:


- يعني ايه يا فايز؟ برضك منشف راسك ومش ناوي تديني جسط الهدوم والحاجات اللي اشتريتها؟ دا كدة المرة ممكن تمسك سيرتي، ولا انت عايزها تفضحني جدام حريم البلد، عايزهم يجولوا مرة فايز بتاخد ومبتسدش؟


صاح بها الاَخير بدوره:

- خليهم يا ختي ياكلوا وشك ولا يجيبوا ويحطوا عليكي، انا مالي انا، مش انتي اللي بتتصدري جدامهم وتعملي نفسك هانم عليهم، تجيبي وتكومي من غير حساب، هكفيكي ايه ولا ايه؟ اجساط هدوم ولا ملايات ولا اجهزة كهربائية تغيري فيها كل شوية، خبر ايه؟ ما 

تعيشي عيشة اهلك، هو انا كنت مدير بنك.


- لاه مش مدير بنك يا فايز، بس انت معاك فلوس، ولا ناسي فدادين الارض اللي وارثها عن ابوك؟ مخلي الناس تزرعها بالمشاركة وانت بتحصد المكسب اللي بيطلع منهم وتجاسمهم ع الجاهز   


ضحك بصوت ساخر يعقب على قولها:

- حصدت الهم يا اختي، هو انتو اللي يعاشركم يشوف جرش،  كل اللي كسبتهم راحوا على المصاريف، وإجارة البيت ، والوكل والشرب، اللي بتحشي فيه، انتي وعيالك، الكرش اللي مد جدام مترين ده، متعبي ايه؟ مش من اللي بصرفوا عليكم برضوا؟


بهتت تطالعه بصدمة، وكفه تشير على بطنها التي كبرت بالفعل، يذبحها بكلماته القاسية عديم الاحساس ، فما كان منها الا ان ترد له بالمثل:


- بتعايرني يا فايز، وبتعد عليا اللجمة اللي بحطها في خشمي،، طب انا بطني كبرت وفلتت من الحمل بالعيال،  لكن انت بجى، بتتسبسب وتتعدل وتلبس في  الجديد، على اساس انك ترجع الشباب من تاني، ومش حاسس بنفسك وانت عجزت من كتر الكيف اللي بتبلبع فيه، ومش حاسب تمنه، الكيف اللي بهدلك وخلاك هلهولة......


- هلهولة قي عينك. 

صدرت مرافقة لدفعة قوية منه اوقعتها ارضًا، ركض على اثرها مالك ، ليرفعها عن الارض ويدافع عنها :


- متدمش يدك عليها،  هي مكدبتش في اي كلمة جالتها على فكرة.

- هي برضوا اللي مكدبتش،  اسفوخس عليك وعلى جلة ادبك ، لكن اجول ايه؟ ما هي دي تربيتها تربية شربات، تربية زفت زي وشها. 


بصق كلماتها وخرج مغادرًا،  يتركهما غير مبالي، لتغمغم ناظرة في اثره ببكاء:

- ابوك بيعايرني، شاف نفسه علينا وما بجيناش عاجبينه، ولد سكينة بيذلني باللجمة اللي باكلها. 


كبت يربت عليها مهونًا وبمقت شديد يتشعب بداخله، عقب لها:

- ما هي دي طبيعته من الاول، مش جديد عليه البيع ولا الندالة.

- عارفاه يا ولدي وعارفة عفاشته، بس هو ليه يعني كدة معايا؟ لو عايزني اخس ، طب ما يديني فلوس وانا اروح للدكتور يخسسني وابجى احلى من اللي بياجوا في التليفزيون .


اردفت بها تزيد بالبكاء، ليغمغم هو داخله بابتسامة ساخرة:

- دا على اساس انه لسة باصصلك اصلا؟ ومش واخد تخنك دا حجة عشان يبرر لنفسه.


تابع قراءة الفصل