-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 25 - 2 الأربعاء 29/11/2023

  

  قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الخامس والعشرون

2

تم النشر يوم الأربعاء

29/11/2023



وفي المنزل الكبير.


والذي كان يعج بعدد الافراد من العائلة في التجهيز والتحضيرات للعرس الكبير مساءًا، نساء واطفال،  وفتيات من أبناء شقيقاته،  يلوحن له بأيديهن بالتحية، ليعلق ويشاكسهن  كعادته اثناء مروره جوراهن، يمارس سلطته بفكاهة كما يفعل مع اشقائهن الشباب في الجهة الأخرى:


- حركي نفسك زين يا بت، مش عايز لكاعة..

- احنا برضوا متلكعين يا خال؟ انت فعلا جصدك علينا؟

- امال يعني هكون جاصد الحيطة اللي وراكم يا مضروبة الدم انتي وهي، انتوا بينكم عايزين تتروجوا على اول الصبح:


اردف ليزيد بلف ذراع احداهن، بمزاح ثقيل منه، يقابلنه بالصرخات والضحكات، ليزدن من مناكفاته، وكأنه فتى يماثلهم في العمر، حتى كان صوت القهقهات ، يصل لاخر المنزل.


اشراق وجهه وهذه الروح الحماسية،  يظهر جليًا حجم فرحته بزواج العروسين، شقيقته الأحب واقرب الأشخاص اليه من ابناء عمومته، صديقه عارف .


في اثناء ذلك دلفت هي تحمل ابنها ، ذاهبة في اتجاه

غرفة العروس،  لتفاجأ بهن يتصدر الطرقة أمامها، 

يكتنفها الحرج في تنبيههن، كما انها لم تقوى على كبت ابتسامتها، 


حتى انتبهت عليها احداهن :

- خالة نادية تعالي خشي، دي عمتي روح طالباكي من الصبح.

اومأت بابتسامة مستترة تجيبها:

- ما انا جيت والله بس.....


- بس ايه؟ البيت بيتك، وسعي يا بت وانتي سادة الطريج كدة بتخنك ده.

قالها يدفع احداهن بفظاظة يدعيها،  لتصيح به عاتبة، رغم ضحكها مع الاخريات:

- انا تخينة برضوا يا خال؟ طب والله العظيم انت راجل ظالم ، كدة ولا لا يا خالة نادية؟


اجفلت الأخيرة بطلب الفتاة النحيفة بالفعل لتلوح لها بابتسامة متوسعة، قبل ان تتحرك لتكمل طريقها:

- زينة يا حبيبتي والله،، هو انتي فيكي حاجة اصلا؟

- يعني انا اللي ظالم؟

هتف بها واضعًا كفه يده على صدره يتصنع الصدمة، هنا لم تقوي على كبت ضحكتها، لتذهب بخجلها امامهما، تاركة طبولا تدوي وحفلات راقصة بداخله، بالإضافة لتعليقات الفتيات الآتي ازددن في مناكفتهن له، وهو يبادلهن بدون تركيز، وقد ذهب عقله فيمن ملكت قلبه بضحكتها، حينما مرت من أمامه. 


❈-❈-❈


دلفت اليها، تدفع الباب بنفسها بعد ان سمحت بدخول الطارق، وقد كانت بجوار خزينة الملابس تخرج منها بعض الأشياء الخاصة لتضعها في الحقيبة الصغيرة امامها:


- صباح الخير يا عروسة، جالولي انك طلباني. 

تركت ما بيدها لتستقبلها بابتسامتها البشوشة كعادتها:

- صباح الهنا، خشي بسرعة واجفلي الباب، جبل ما تاجي  واحدة من البنات وتتحشر وسطينا.


- وه، دا انت طالباني في امر ضروري صح على كدة.

تمتمت بها وهي تخطو للداخل، وتغلق الباب خلفها كما أمرتها ، ثم اقتربت لتشاكسها بحماس:


- ايه بجى؟ تكونيش لسة عايزة نصايح؟ ما انا جولت اجيبلك ام أيمن...

ضحكت وقد تلون وجهها بحمرة الخجل كما عهدتها،  لتعلق ضاحكة:


- يا شيخة حرام عليكي، ام ايمن تاني، مش كفاية عمايلها امبارح في الحنة، دي خلت اصوات الحريم في الضحك توصل للرجالة برا، انا خوفت ليجي حد ويزعجلنا امبارح وربنا. 


- لا يا ختي اطمني، ام ايمن اساسًا معروفة، لازم اي مكان تدخلوا تجلبوا مهرجان، المهم بجد، انتي كنتي عايزاني في ايه؟


خبئت ابتسامتها، ليعلوا ملامحها توترًا ظاهرًا، قبل ان تجلس وتخاطبها:

- طب اجعدي جمبي وبلاش الوجفة. 


اذعنت تجاورها على طرف الفراش،  لتسألها بقلق:

- انتي شكلك ميطمنش،  ايه الحكاية؟ ما كنتيش كدة امبارح. 

- كنت بمثل يا نادية.

تمتمت لتزيح خصلة متمردة من شعرها للخلف، ثم تابعت تبتلع ريقها بصعوبة:


- انا بحاول واجاهد مع نفسي اني اندمج مع الناس اللي فرحانالي، وامثل اني كمان فرحانة زيهم، لكن جوايا......  جوايا مش عارفة اسيطر على مجموعة المشاعر اللي متلخبطة.... انا......


حثتها نادية على المواصلة، بعدما توقفت، شاعرة بثقل الأمر عليها:

- جولي يا روح، هو انتي خايفة من الدنيا الجديدة اللب داخلة عليها ، ولاااا يعني عشان العريس نفسه.....


سحبت منها طرف الخيط لتردف على الفور:

- الاتنين...... الاتنين يا نادية، انا بجالي سنين وانا بحلم بالليلة دي، بس مع واحد تاني، انتي عارفاه، يعني مش عارف اللي كنت دايما رافضة فكرة ارتباطه بيا من الأساس......


انا يا نادية من ساعة ما قررت انصر اخويا ونفسي أولًا، على حساب حبيب اتمنيته وعشمت بيه، وانا من يوميها بدوس على جلبي لو حن، اضغط على عجلي عشان يقتنع ويمحي أي ذكرة ولا فكرة تخليني أضعف، عايزة الكل يعرف مين هي بنت الدهشان، بس بصراحة تعبت، والتفكير هيجنني، مكنتش عاملة حسابي خالص ان ابجى زوجة عارف.... 


بلمسات حانية ربتت نادية تخاطبها برقة:

- دا احساس طبيعي على فكرة، الجلبة السريعة، وان الأمر كله يتم في يدوبك شهر، هو دا اللي عاملك ربكة في دماغك، عارف واد عمك لحد دلوك بيثبت كل يوم انه راجل بالفعل مش بالكلام، طب يعني انتي حاسة نفسك مش جبلاه؟


ترددت في لحظة بتفكير يسبق اجابتها، ثم اردفت بما تشعر:

- بصراحة مش عارفة اجولك ايه؟.... ومش عارفة اجيبهالك ازاي عشان تفهميني..

اسبلت اهدابها عنها بحياء لم يخفى عن الأخرى، لتواجهها بابتسامة متوسعة:


- انا دلوكت بس فهمتك، ع العموم يا ستي، انا من رأيي  تسيبي الأمور كدة تمشي لوحديها، عيشي اللحظة واخطفي فرحتك من الزمن، دي حاجة ما بتتكررش في العمر كله، ومدام فتحتي صفحة جديدة، وبتجاهدي نفسك  انك تنجحي، أكيد ربنا مش هيخذلك. 


شردت بنظرها للأمام تتمتم بتمنى:

- ياريت يا نادية، ياريت، ربنا وحده العالم بحالي، انا فعلا بحارب نفسي وهواها، 


❈-❈-❈


على شاشة الهاتف تقلب في الصفحات وتبحث عن طلبات صداقة والشخصيات التي قد تود التعرف عليها ، لتزداد تأففًا وحنقًا،  لا يوجد رجل واحد يتساوى مع هذا الأحمق الذي كانت متزوجة منه قبل ذلك، حتى من أبناء عمومته ونائبي المجلسين في الدائرة التابعة لبلدتها، لا احد يصلح،  لا أحد يناسبها، لا أحد يرضي غرورها ان ارتبطت به وتزوجته، تبًا.


تمتمت بها لتدفع الهاتف من يدها، ثم نهضت لتنظر من شرفة منزلها والتي تطل على الطريق الممهد لسير السيارات، متى يتسنى لها ان تخرج بسيارة هي الاخرى ، تتتنفس طريق الحرية، تخرج من قوقعتها وهذه الدنيا الضيقة الى اخرى تستوعب امرأة بجمالها،  


امرأة تستحق الافضل، تستحق التدليل، تستحق الحب، 

ام هو خلق للإناث التي اقل جمالا منها، تعلم جيدا انها ان خرجت من هذه الدائرة سوف تجد من يقدرها، تجد من ينافس الاَخر، بل ويغلبه 


استفاقت من شرودها، وهي ترى سيارة شقيقها تدلف داخل محيط منزلهم، لتترجل منها والدتها وبعدها هو كذلك، انتظرت حتى دلفا اليها لتتخصر في استقابلهم بحنق متعاظم انتبها عليه الاثنان، ولكنهما تجاهلا يلقيا عليها التحية بروتينة، ليكملا حديثُ دائر بينهما:


- يا واد بجولك البنت عشرين سنة، ومعاها اختين اصغر منها، بس هي الأحلى فيهم، انا سألت وعرفت انها في السنة جبل الاخيرة في الكلية، يعني على ما خطبتها، تخلص السنة دي في بيت ابوها، وبعدها تاخد سنتها الأخيرة في بيتك، بعد ما تتجوزها. 


- كمان جوزتيهالي ياما؟ يعني كل دا رتبتيه في اللحظة اللي شوفتيها فيها ،  اما انت يا حجة رئيسة عليكي حاجات. 


أكمل ضاحكًا باستخفافه، ليثير حنق والدته ، والتي صاحت به غاضبة:

- يا بوي عليك وعلى برودك يا ناجي، يعني انا بكلمك على بت حلال عجبتني،  وشوفتها تنفع وتلجليجلك،  وانت بجى بدل ما تديني رأي زين يريح جلبي ، تروح تتمهزج بكلامي، طب تجدر تجولي البت مش عجباك ليه؟ دا انت شوفتها بنفسك،  حلا وجمال ، وكفاية انها في الاصل دهشان، يعني برضك بت عمك .


هم ناجي ان يبرر بنفس الحجج التي يدعيها دائمًا ، ولكن شقيقته تدخلت لتعلق ساخرة:

- سيبيه ياما وريحي مخك احسن، دا هيفضل كدة معلج بحبال الهوا،  لا هو طايل سما ولا طايل ارض .


أثارت حنق شقيقها ليهدر ساخطًا بها:

- امسكي لسانك دا يا فتنة، وما تتدخليش في اللي ملكيش فيه، حرام تسمعي وانتي ساكتة وتوفري علينا حرجة الدم في مرة، اعوذ بالله منك.


حرك قدميه كي يغادر،  ولكن رئيسة اوقفته تجذبه من مرفقه سائلة بإلحاح:

، ملكش دعوة بيها، وخليك معايا انا، البت عجباك ولا لاه يا ولدي؟ ريح جلبي وخلينا ندخلك ورا واد عمك على طول .


رد بجيبها بنزق، كي تتركه ويذهب:

- لاه يا مش عجباني، وشها حلو، بس معضمة ونشفانة، سيبيني بجى، عايزة اتسبح  والبس بدلتي عشان اللحج زفة العريس، مفيش وجت. 


نظرت رئيسه في اثره وهو يذهب من امامها بيأس يتملكها، تريد ان تفرح به كباقي شباب العائلة، ولكنه كالعادة لا يكترث، لا احد منهم يريحها، ان هو، او تلك التي تطالعها الاَن بنظراتها الماكرة، والتي لم يخلصها ان تظل صامتة:


- ما انت لو تكبري مخك عنه وتسبيه، هترتاحي ، بدل ما انتي تاعبة نفسك في المناهتة كدة على الفاضي معاه.


علقت بها، لتلفت نظرها اليها، ولتزيد من غيظها، حتى هتفت بها تنهرها:

- ملكيش دعوة يا فتنة، وانا طول ما انا جاعدة معاكم ، هلاجي الفرح اساسًا ولا اشوف الراحة، جطيعة تاخذني وتريحني منكم.


غمغمت تتابع بكلمات السخط منهم ومن حظها الاسود في العيش معهم وهي تغادر من امامها، كي تجهز نفسها هي الأخرى لحفل المساء،  وعادت فتنة تزفر غيظها مرة أخرى، وحديث نفسها المستمر هذه الايام:


- كلكم شايفني هم تجيل عليكم،  ومش حاملين لي كلمة ، ماشي، بكرة انا أروايكم مين هي فتنة.

تابع قراءة الفصل