-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 25 - 3 الأربعاء 29/11/2023

  

  قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الخامس والعشرون

3

تم النشر يوم الأربعاء

29/11/2023




مساءًا وامام المنزل الكبير 

توقفت السيارة السوداء والتي وقف غازي الدهشان بنفسه، لاستقبال صاحبها، والذي ما هم ان يترجل منها ، حتى هتف بمرحه المعتاد:


- اشهد ان لا اله الا الله، أخيرًا وصلت، هي بلدكم دي برا مصر ولا ايه يا عم الحج؟

تبسم غازي يضرب كفًا بالاَخر يغمغم بتصنع الغضب:

- لا اله الا الله، اهي دي جزاة اني دعيتك، لا وبعتلك عربية بسواج مخصوص، تاخدك من المطار عدل، انت مكانش ليك التعبير من أساسه .


- لا يا عم الحج متقولش كدة، انت قفشت ولا ايه؟ هو احنا نطول ونحضر فرح في بيت الدهشان بحاله،  الف مبروك يا كبير.

- ايوة كدة اتعدل .

هتف بها غازي قبل ان يقبل عليه ويعانقه عناقًا رجوليًا، يرحب به، وبزيارته الاولى للبلدة:

- شرفت البلد يا يوسف ونورت. 


- والله البلد هي اللي منورة بناسها، بس ايه الفخامة دي كلها ، بسم الله ما شاء الله، اول مرة اشوف فرح واخد نص البلد لوحده، هي البلد دي مكتوبة باسمكم ولا ايه يا باشا؟


هتف بالاَخيرة ممازحًا مع غازي، والذي سحبه بعد ذلك ، ليعرفه على باقي افراد العائلة، قبل ان يحضر معه فقرات الحفل والتي لم تبدأ بعد .


❈-❈-❈


وفي مكان اخر.


حيث المناظر الخلابة بهذا المكان الذي اعد خصيصًا لهذه المناسبات والتقاط الصور الرائعة به، نظرا بموقعها المميز على أطراف النيل ، بالإضافة إلى الاستغلال الجيد من قبل احد المستثمرين، بتنظيمها الجيد .


وقفت بالقرب منه تضع كفها على موضع قلبه اعلى عظام صدره،  تتبع تعليمات رجل التصوير، والذي امر الاخر بلف ذراعه حول خصرها، ليزيدها ارتبكًا، مقربًا رأسيهما، جبهته تستند على جبهتها، عسليتيه منصبة على سوداوتيها، لا تستطيع الهرب بعيناها عنه كما تفعل دائمًا،  انفاسها مضطربة، في وضع ليست معتادة عليه من الأساس. 


- حلو اوي .

هتف بها رجل التصوير، بعد التقاط الصورة، لتتنفس بالارتياح اخيرًا، حينما وجدته انشغل مع شقيقتها ، لتلفت انتباهه في التعقيب ساخرًا:

- احنا لسة مخلصناش على فكرة. 


خرج صوتها باعنراض:.

- مخلصناش ايه؟ كفاية كدة صور يا عارف، وخلينا نروح، انت لسة متعتبش مناظر، 


ازداد اتساع ابتسامة مشاكسة منه، لينفي متلاعبًا بحاجبيه، فتشيح بوجهه عنه بخجلها الدائم، وتزاد فتنة على فتنها، وكأن الحسن خلق لها وحدها، الفستان الأبيض زادها بهاءًا، وهي اليوم عروسه، روح قلبه اصبحت له اخيرًا، حتى وان كان على غير ما يريد، أن تكون له بإرادتها الكاملة، لكنه لن يمل ولن يهدأ حتى يأتي هذا اليوم قريبًا. 


- معالي العريس،  نستعد بقى للمنظر التاني.

- معاك يا غالي .

هتف بها كإجابة للرجل، قبل ان يجفلها بلف ذراعيه يقربها اليه فجأة، حتى سمع شهقة اجفالها ، ليتمتم بخبث بالقرب من اذنها:

- اهدي كدة امال وبلاش فضايح جدام الراجل، ارخي شوية وبلاها الرجفة دي، احنا جدام الناس، يعني لسة ما بجيناش لوحدينا .


زادت صدمتها لتطالعه متوسعة العينان كالجماد، ويقابلها هو بعبث أفعاله الجديدة عليها، لينقذها رجل التصوير،  بأن اقترب يجهزهما لمنظر اخر. 


❈-❈-❈


- بتجول مين يا عمر؟ 

- ايه مسمعتيش كويس؟ ولا البت محتاجة تعريف؟

تمتم بالكلمات متهكمًا،  ليزيد من دهشة شقيقته التي لا تزال حتى الاَن، لم تستوعب بعد صدق نوياه، قبل ان تؤكدها فرحة والديها:


- ودي محتاجة تعريف، يا الف هنا يا ولدي ان ربنا هداك، يا زين ما اخترت، هي البت خفيفة صح،  بس حتة عجينة وهتشكلها على يدك. 

- ايوة وناس غلابة، يعني ما هيصدجوا  

اضاف بها والده، ليخرج صوت الاحتجاج منها:


- ناس غلابة وعجينة في يده! انتوا بتتكلموا ازاي؟ في ايه يا بوي؟ فيه ايه ياما؟ هدير دي عيلة يدوب مجفلة السبعتاشر الشهر اللي جبل اللي فات، يعني ولدك يزيد عليها في العمر الضعف، تيجي ازاي دي؟


لاح الغضب على ملامح الثلاثة، وكانت الأم هي الأسبق في الرد بحمائية نحوها:

- وهي اول واحدة، ما كل بنات البلد بيتجوزا صغيرين، ثم كمان اخوكي شباب وصغير يا اختي، مش راجل عجوز عشان تجولي انظلمت. 


- ايوة صح وانا متجوز امك على عمر ١٣ سنة يا ست جميلة، يعني بلاها من الكلام الفارغ ده.

علق بالاخيرة والدها داعمًا لرأي زوجته، لتصيح بهما مرددة :

- يا جماعة افهموني، انا بجولكم بنت سبعتاشر سنة، يعني حتى الماذون مهيرضاش يعجد لها، دي مجابتش السن القانوني، ولا انت ناوي تستناها سنة يا واض ابوي، معجولة ليك مرارة للصبر تاني؟


- لاه يا جميلة مش هصبر  

صاح بها بوجهها،  ليواصل باندفاع الحديث منه:

- انا هعجد عليها بالسنة، زي الاغلبية ما بتعمل في البلد، ودي حاجة مفيش اسهل منها.


- كمااان عايز تتجوزها بورجة وتمضي على وصولات بمبالغ ضخمة ضمان، طب ليه يا واد ابوي؟ ما تستني ندورلك على بت تكون مكملة السن ومناسبالك حتى في التعليم عشان تفهمها وتفهمك، دي واخدة شهادة الإعدادية بس وانت خربج معهد خدمة اجتماعية. 


وكأن بمحاولاتها لأقناعه تهدف الى العكس،، ليزداد تشبثًا بالأمر، تبسم باتساع يقارعها:

- طب وانا مالي بتعليمها؟ مش كفاية تعرف تقرا وتكتب، ولو ع الوصولات، كانت من امتى نفعت حد دي؟ عمرك سمعتي عن واحدة في بلدنا اشتكت جوزها بالوصولات؟


هتفت بالاخيرة المتبقية لها:

- طب وليه الاستعجااال؟ ليك عليا من الصبح انا واخواتك البنتة نطلع وندور......


- انا هخطب واقرا فاتحة الليلة يا جميلة!

برقت عبنيها في التطلع اليه بصدمة؛ اكتملت اركانها وهو يتابع:

- انا كلمت جوزك، يدي فكرة لابوها، والراجل ما صدج ورحب بزيارتي، يعني ليكي عليا يا بت ابوي اتمم الأمر بالكتير خمس تاشر يوم او سبوع، وافرحكم، ولا ايه رأيك ياما؟


- رأي، ربنا يتمملك على خير يا ولدي، دا يوم الهنا اللي اشوفك فيه عريس .


تحولت الجلسة للمباركات من الوالدين مع مزاحه معهما،  متجاهلين عن قصد اعتراض جميلة، والتي وضح لها جليًا الاَن، سبب الإصرار الغير مبرر من شقيقها ، وقد علمت ما يحمله خلف هذه الابتسامة المرتسمة على ملامحه بزيف،  ليخرج صوتها في جملة اخيرة:


- خليك فاكر ان العند يورث الكقر يا واد ابوي. 


❈-❈-❈


تطلعت الى صغيرها تملي عينيها منه، بعد أن انتهت من  تصفيف شعر رأسه، وقد اصبح أمامها كطقعة الحلوى بحلته الصغيرة، ورابطة العنق التي التفت حول ياقة القميص،  زادت على سحر طلته، لتشبعه بالقبلات 


- ايه يا واد الحلاوة دي؟ جمر يا ناس جمر .

ضحكت جليلة من خلفها، لتتمتم بالآيات الحافظة، قبل ان تقترب وترفعه اليها مغمغمة:

- ما براحة يا بت ع الواد، ان كان حبيبك عسل متلحسوش كله، سيبي حباية لسته،  


قالتها لتأخذ دورها هي الأخرى بتقبيله، ثم لتضمه اليها بعشق قائلة:

- ربنا يخليهولك يا بتي، وتشوفيه ببدلة فرحه هو كمان .

- يارب ياما، امتى اليوم دا ياجي.

- هياجي ان شاء الله ، دي السنين بتمر في غمضة عين، بس انتي جولي يارب.


- يارب. 

تمتمت بها، ثم انتبهت على نظرة المرأة المتقحصة لها، قبل ان تسألها:

- وانتي صح مستنيه ايه؟ يدوبك تلحجي تغيري جلبيتك ، خلاص العروسة على وصول.


اعتلى التردد تقاسيمها لتردف بالرقض:

- انا بجول تروحي انتي كفاية، اهو تراعي معتز معاكي..

- وانتي ما تروحيش ليه؟ ايه اللي يمنعك؟ دا الفرح في جلب البيت. 


ردت بحرج يكتنفها:

- مش حكاية برا البيت ولا جواه، بس انا حساها تجيلة ، امبارح كانت ليلة حريم وعدت، النهاردة دخلة كبيرة وهيلمان، خليني أحسن هنا في البيت.


شعرت جليلة بالشفقة على صغيرتها، ان تفقد المعنى الحقيقي للفرح بهذه العمر الصغيرة ، وقد حرم عليها مظاهره،  ولكنها لن تتركها للحزن:


- نادية، اسمعي مني يا بتي، متحرميش على نفسك لحظة زينة ولا حاجة تفرحك، انتي مش هتجضي عمرك كله في عزا، المرحوم جرب ع السنة، انا مجولتكيش اجلعي الأسود دلوك، بس ع الأجل نوعي حتى بتحجيبة رصاصي أو كحلي، مش لازم كله يبجى اسود غطيس، دي ليلة صاحبتك وحبيبتك، هايهون عليكي تسبيها برضوا في ليلتها لوحدها؟ دي حتى تبجى عيبة في حجك.


❈-❈-❈


واحد، اتنين، تلاتة، صلي على رسول الله

تمتم يوسف بالاَخيرة بجزع، بعدما تفاجأ بالعديد الطلقات التي تطلق من عدة أشخاص، في عدة اتجاهات، اقربها كان من صديقه المجنون، والذي فاجئه بمسكه السلاح وكأنه لعبة بين يده، لا يكف عن استخدامها  


- ما كفاية يا كبير، كل التحية دي مكفتكش، ولا حتى خايف من طلقة عشوائية تيجي في حد وتعمل مصية زي ما بنسمع.


ضحك غازي ليعقب، ويغيظه بمرح:

- لا يا حبيبي، احنا معندناش عشوائية،  محدش فينا بيمسك السلاح غير لما يكون متأكد من التعامل معاه، لو خايف انت خش استناني جوا في المندرة.


- خايف ايه يا عم انت كمان؟ ما تحسن ملافظك،  انا برضوا هخاف، انا بس بحذرك، افهم بقى.

ردد بها يوسف مستنكرًا الاستخفاف به، ليقابل الاخر احتجاجه ضاحكا يقول:

- يعني انت مش خايف من السلاح ولا ضرب النار، طب اهي عربية العرسان دي اللي داخلة علينا ، وريني شطارتك بجى. 


وقبل ان يخرج منه الاستفسار،  اجفل بانطلاق وابل من الطلقات التي تصدر في وقت واحد، بعدد الأشخاص الذي تزايد فجأة، 


ليغمغم يوسف بارتعاب يخفيه:

- يا نهار ابيض، كل ده عشان الترحيب بوصول العرسان امال لو حرب أهلية، كان هيبقى الوضع ازاي؟