-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 18 السبت 4/11/2023

     قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثامن عشر

الجزء الرابع

تم النشر يوم السبت

4/11/2023

في شقته في العاصمة

 

وبعد ان غفى قليلُا، استيقظ على صوت الهاتف الذي كان يدوي بصخب بجوار رأسهِ حتى اجبره على الإستيقاظ، ليتناوله من فوق الكمود، يجيب عنه وهو يعتدل على الفراش:

 

- الوو.... ايوة يا فتنة .

- الوو.... ايوة يا غازي، كدة برضوا متتصلش بيا ولا تبلغني بوصولك؟

 

برغم استغرابه لهذا الاهتمام المفاجئ إلا أنه أجاب، متجاهلًا هذه الشعور بعدم الارتياح،  لربما كان هذا تمهيد منها لتصلح من نفسها، وهو لن يخذلها، فسوف يحاول ايضًا:

 

- انا وصلت ع الإجتماع على طول، شريكنا الأستاذ يوسف بهنسي، ما صدج ولجاني جدامه، ما سبنيش غير عشان اريح جسمي.

 

تثائب بصوت عالي ثم نهض يفرد ويثني في ساعديه وباقي أعضاءه، ليفك عنه تشنج عضلات جسده، والتي تيبست قليلُا بنومه، مستمعًا لها وهي تردف بتردد:

 

- اااه،  يعني على كدة انت ماكنتش فاضي خالص عشان تتصل ولا حتى تبص ع التليفون؟!

 

فهم مقصدها انه عتاب، فرد بسجيته:

- يا بت بجولك والله ما فضيت، ع العموم بس اخلص المشوار اللي ورايا دلوك واتصل بيكي على ما ارجع ، حتى عشان اكلم البنات.

 

- فتنة!

هتف منايا باسمها حينما لم يسمع لها صوتا، حتى ردت بارتباك:

- ايوة يا غازي سمعتك.

- طيب يا ستي، هجفل معاكي دلوك عشان اللحق اتسبح جبل ما يوسف يطب فوج راسي، ورانا اجتماع مهم مع عميل،

 

- ماشي يا غازي.... فهمت.... طب تبجى تتصل عاد، ومتنساش.

- لا مش هنسى، هرن واتصل..... هو انتي عايزة حاجة يا فتنة؟

- ها... لا... لا يا غازي انا بجولك عشان اطمن عليك يا حبيبي

 

- تاني حبيبي؟!.....

غمغم بها قبل أن ينهي معها المكالمة، ثم تحرك نحو المرحاض، بخطواته المجهدة، وحدسه يخبره انها كانت تنتظر شيئًا ما منه، رغم نفيها ذلك، والدليل تقطع الكلمات منها وخروجها بدون تركيز.

 

اما عنها فقد كانت تعض على شفتيها بغيظ مكتوم، تهز قدميها بتوتر شديد، فقد تأكد لها الاَن انه لم يرى الرسالة، لقد ودت ان تكون هي اول من يسمع منه، بل وترى رد فعله حينما يصدم بما يراه، ليعلم بحقيقة مدللته، أو كما يسمها شقيقة روحه.

 

هذا الهدوء في الأجواء يزيدها توترًا وغضبًا، وهذه الملعونة تمارس حياتها الطبيعية، فلا يوجد بشائر لأي شيء حتى الاَن، لنتيجة تلتمسها على أرض الواقع.

 

دارت الظنون برأسها،  حتى تناولت الهاتف لتتصل، بهذه المصيبة شريكتها في الأمر:

- أيوة يا زفتة، انتي متأكدة انك بعتي الصور لنفس الأرقام اللي خدتيها ولا لاه؟

 

على الفور جاءها الرد:

- أيوة يا ست هانم والله، ما سيبتش رقم

 

--

 

وفي خلف المنزل ، في هذه البقعة الخالية من الجميع ، كانتا الاثنتان، يفترشان الارض حول منقل الشواء الصغير، حيث كانتا تضعان عليه بعض قناديل الذرة، التي يتم شويها، مع الاستمتاع بالهدوء الذي يعم المكان حولهما،  والهواء النقي في هذا الوقت رغم البرودة الطفيفة، وأحاديث انثويه لا تنتهي:

 

- يعني مجولتيش برضوا يا ست نادية، انتي لما اتجدملك المرحوم، كان ايه ساعتها رد فعلك؟ كنتي هتطيري من الفرح؟ ولا ايه كان شعورك بالظبط؟

 

تبسمت تجيبها بوجه مشرق، وقد عادت بها لهذه الذكريات الجميلة:

- أكيد طبعًا كنت فرحانة، وكلمة هطير دي حاجة جليلة بالنسبة للي كنت حساه وجتها ، اصلي بصراحة مكنتش متوقعة، الواد الحليوة اللي كل البنات هيتجنوا عليه في المدرسة، ساب الكل ونجاني أنا، تخيلي بجى احساسي.

 

- اممم، طبعا احساس يجنن، بس يعني، معجول مكنتيش حاسة بإعجابه ده؟ ولا شوفتي أي اماره، تبينلك إنه مهتم؟

 

قالتها روح بشقاوة، جعلت الأخرى تزداد خجلا، وسخونة اللهبت وجنتيها لتضيف على تأثرها بدفء حرارة الفحم المشتعل، تعطي ابنها أحدهما الذي نضج سريعًا، وذهنها يعود بالصور القديمة بذاكرتها:

 

- بصراحة كنت حاسة وواخدة بالي هكدب يعني، اما كنت اعدي بالمريلة الكحلي،  وهو واجف جصاد سور المدرسة، عيونه عليا، يبرطم بكلام، اقسم بالله ما كنت بفهم منه حاجة،  المهم انه كان بيعمل الحركة دي ويخليني غصب عني ابص له بعبطي....

 

قالتها بعفوية جعلت الأخرى، تنطلق ضاحكة لمدة من الوقت ولا تستطيع التوقف، حتى خرج صوتها:

- يا عيني دا انتي كنتي على نياتك، وهو كان عفريت وبيعرف ازاي يلفت نظرك.

 

- هو فعلا كان كدة .

قالتها تخرج تنهيدة من العمق، تضم ابنها بقوة ، تشتم رائحة الفقيد به، لتردف بشجن:

- عدت عليا الأيام كانت زي الحلم، سعادة انك تكوني متجوزة واحد بتحبيه وبيحبك،  دي أحلى حاجة في الدنيا، وخصوصا لما يبجى حنين زي شخصية المرحوم، احلى دلع واحلى كلام واحلى كل حاجة والله.

 

وكأنها كانت تعزف على لحن اشواقها، وهذه الامال تداعب خيالها، والاحلام التي تجددت الاَن، وقد أوشكت على القرب منها، حتى رددت لها بتمني:

- ياااه يا نادية، ياااه دا لو يحصل؟ نفسي بجى ، نفسي ومنى عيني والله، انا اتجدملي كتير، كتير جوي كمان، ودايما كنت برفض، عارفة ليه؟ عشان الإحساس اللي بتجولي عليه ده، انا مجدرتش اتجوز عشان لازم اتجوز، بحسها بالظبط زي اللي بياكلوا عشان الاكل حلو وخلاص...... عندي اكلها عيش وكمون، بس اكون حابة الأكل ده.

 

- ربنا يكرمك يارب

تمتمت بالدعوة التي أممت عليها الأخرى، وهي تتمعن النظر اليها جيدًا، وفضول استبد بها، لتسألها:

- روحي انتي حبيتي حد جبل كدة؟

 

وقبل ان تجيبها او تفكر حتى في الرد، قطع عليهم صوت الهاتف، الذي دوى باتصال أحدهم.

ردت نادية على الفور:

 

- الوو،... اهلًا يا خالة وجدان.

ردت الأخرى على عجل:

- اهلا بيكي يا نادية يا بتي، معلش لو روح جاعدة عندك ممكن تديهاني؟

- جاعدة جمبي كمان، استني اديها التلفون.

- ياريت يا بتي الله يخليكي.

 

تناولت الأخرى منها الهاتف على الفور تجيب على شقيقتها الكبرى:

- الوو يا جوجو، لحجت اوحشك؟ دا انا امبارح كنت عندك؟

 

فاجئتها بردها الجاف الغاضب:

- مش وجت جوجو ولا أي جلع يا بت ابوي، انتي ليه مبترديش ع التلفون؟ بجالي ساعة بلف برن عليكي،

 

اجفلت لهذه العصبية المفرطة منها، حتى أجابتها بقلق:

- التلفون مش معايا، نسيته في الأوضة، انا جاعدة بشوي درة مع نادية زي ما كنا نعملها زمان ، انا وانتي وبجية اخواتك......

 

- مش وجت درة دلوك .

هدرت بها مقاطعة بحدة، لتتابع بتشديد:

- تطلعي دلوك على اوضتك على طول، وتشوفي اللي باعتهولك انا من تلفوني على تلفونك، اخلصي ياللا مفيش وجت.

 

بمزيد من الارتياب سألتها:

- طب انتي بعتالي ايه طيب ما تجولي؟

- لا هجول ولا أعيد، اخلصي بجولك، انا معنديش وجت للأخد والرد، خلينا نشوف الموضوع ده.

 

بصياحها الاَخير، اضطرت ان تزعن لرغبتها ، تستأذن نادية ان تسبقها الإنصراف، حتى تقف على ما تقصده شقيقتها، فهذه اول مرة تعاملها بهذا الإنفعال، 

- لمي انتي كل حاجة يا نادية، وانا بس اشوف وجدان عايزاني في ايه؟ واجي اكمل السهرة عندك ان شاء الله.

 

ردت بتفهم، رغم القلق الذي تسرب اليها هي الأخرى:

- تمام روحي، وان شاء الله خير.

- اللهم امين.

 

تضرعت بها على عجالة،  لتأخذ طريقها على الفور نحو المدخل الأمامي للمنزل، وكانت المفاجأة حينما وجدته امامها،  يقف في وسط الردهة بالمنزل الكبير،  وكأنه كان في انتظارها.

- مساء الخير يا عارف، انت واجف هنا مستني حد؟

- طبعا مستنيكي.

باغتها بالرد المفاجئ، ليزيد من دهشتها بهذه النبرة الغاضبة:

- شوفتي ردي طلع معاكي ايه؟ مستنيكي!.... وانتي مستينة مين؟ دا السؤال اللي طول الوجت بسأله لنفسي، لحد ما عرفت الإجابة النهاردة.

 

هتفت به تقابل غضبه بغضب أكبر:

- انت بتخترف بتجول ايه؟ ما تجيب من الاخر وتفهمني غرضك.

 

- اجيب من الاَخر وافهمك غرضي، تمام.

رفع الهاتف ليثبت الشاشة امام عينيها التي اتسعت بذهول، برؤية ما يلوح به، ليضيف سائلًا:

- ممكن بجى يا ست روح، تفهميني من الاتنين اللي في الصورة اللي جدامك دي؟


يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية ميراث الندم, لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة