-->

رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 44 -4 - السبت 16/12/2023

 

قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد

تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية



رواية عازف بنيران قلبي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد


 

الفصل الرابع والأربعون

4


تم النشر السبت

16/12/2023



وصعدوا إلى أن وصلوا للمكان المنشود، وجدوا جاسر بجوار يونس أمام غرفة العمليات

-نورسين متصابة جامد، ونزفت كتير، بقت عاملة زي المدبوحة، اتحجزت في مستشفى السجن، 

-امجد مكنش هناك..هز رأسه بالنفي

-عايز اسال حمزة ومدام ليلى بس الوضع مش سامح..احنا نطمن بس على راكان وبعدين هشوف نعمل ايه

جلست ليلى أمام غرفة العمليات بجسدا خاويا من الحياة،  وكأن أحدهم أصاب قلبها بسيخا حديدا ، فتسرب األما هائل الى جسدها حتى شعرت بتمزق قلبها وخرت صريعا.. وصل والدها ودرة إليهم يبحث بعينيه على ابنته خوفا عليها بعدما 

ليلى...قالها عاصم بقلب متلهف، ضمه إلى صدره 

-حبيبتي حمدالله على سلامتك

بكت بأحضان ابيها بصوتا ضعيفا 

-راكان بيموت يابابا، جوزي بيموت..استمعوا الى شيئا سقط بقوة بجوارهم، وإذ بها زينب التي هرولت تبكي بقلب مفطور على فلذة كبدها، ولكنها هوت ساقطة فاقدة الوعي،ربما فاقدة الحياة بعدما فقدت ابنائهم جميعا 

بمكان آخر 

تجلس على مقعدها بجوار ابنتها 

-مفيش اخبار يافرح، نورسين ولا حتى أمجد اتصلوا، استمعت إلى رنين هاتفها 

-ايوة..أجابها 

-انا امجد، نورسين البوليس قبض عليها، وراكان العربية ولعت بيه، فيه اخبار بتقول أنه مات وفيه اخبار بتقول أنه بيودع، بس دا ميمنعش انك تسافري برة البلد

وقفت جاحظة العين وابتسامة شقت ثغرها 

-قول والله راكان مات، سيبك من الاخبار التانية

زفر بضيق قائلا

-مدام عايدة انا بقولك لسة مفيش تأكيد، انا كنت هناك لما العربية انقلبت وولعت، بس معرفش مات ولا لا، فيه ناس تبعي في المستشفى بيقولوا حالته خطيرة في العمليات..فكري ازاي تهربي عشان نورسين دلوقتي بين أيديهم ..قالها وأغلق الهاتف حانقا

-ست رزلة..أخرج بعض النقود..يشكر الرجل وابتاع سجائر وتحرك ينظر حوله وهو يرتدي نظارته ليخفي ملامحه..استقل السيارة التي استأجرها 

-يعني كان بيني وبينك خطوة ياليلى، بس نورسين بغرورها ضيعتك..بس ماتخافيش ياحبيبة أمجد هجيبك اكيد ونعيش بأمان بعد موت ابن البنداري

❈-❈-❈


عند عايدة وفرح 

اتجهت فرح إلى والدتها السعيدة، وهي تجلس بانتشاء وتقوم بتشغيل هاتفها على الموسيقى الصاخبة 

-ماما ايه ال حصل خلاكي مبسوطة كدا 

نهضت وهي تمسك بكف ابنتها وتدور بها 

-اخيرا يافرح، اخيرا اخدت طاري من عمك اسعد وموتله ابنه الحيلة

تركت كف ابنتها وهي تدور حول نفسها 

-النهاردة اسعد يوم في حياتي كلها ..هوت فرح على مقعدها تهز رأسها رافضة حديث والدتها 

-قصدك ايه بالكلام دا ..وضعت ساقا فوق الأخرى وتحدثت 

-راكان ابن عمك بح..أو تقدري تقولي بودع الحياة ياحرام 

هبت فزعة تهز رأسها بهسترية رافضة حديثها، ونيران الذنب تحرق احشائها، وهتفت بحزن 

-لا مستحيل..اكيد كدب، راكان مستحيل يموت، لا..قالتها ببكاء واسرعت إلى هاتفها وقامت بالرنين على سارة

التي تجلس بجوار أسعد الذي كأنه فقد الحياة، جالسا بجسدا ، فاقد الحركة والكلام، عيناه زائغة بجميع الانحاء 

استمعت إلى رنين هاتفها، توقفت وأجابت اختها

-نعم يافرح..بكت فرح وتحدثت بصوت مفعم بالبكاء

-قولي ال سمعته مش صح ياسارة، راكان مات 

انسدلت دموع سارة وهي توزع نظراتها على الجميع، وحالتهم الحزينة والمتألمة، زينب التي فقدت وعيها وحُجزت، وسيلين التي تجلس بأحضان نوح ولا تشعر بشيئا ، أما ليلى الحاضر الغائب بأحضان ابيها وعيناها على غرفة العناية المركزة التي احُتجز بها 

اخرجت تنهيدة متألمة وأجابت وهي تزيل عبراتها 

-هو عايش الحمد لله ، بس حالته خطيرة واتحجز في العناية، جسمه كله كان بينزف، محدش قال كلمة تطمن

عارفة انك فرحانة وماما كمان، بس هو محتاج دعواتنا، عمو اسعد حالته صعبة اوي، وماما زينب فقدت وعيها، فرح لو سمحتي سامحي راكان والله هو طيب و..قاطعتها ببكائها المرتفع

-انا مش زعلانة منه ياسارة، دا ابن عمي في الاول والاخر، وعمري مااتمنيت له حاجة وحشة، ربنا يقومه بالسلامة..طمنيني لو حصل حاجة، لو مش خايفة من بابا كنت جيت شوفته واطمنت عليه 

-ان شاءالله حبيبتي..ماما عاملة ايه، لسة زي ماهي يافرح، لسة عايزة تنتقم 

أزالت فرح عبراتها وهي تنظر إلى والدتها التي تجلس تتلاعب بخصلاتها ووجهها وتستمع إلى الموسيقى بوجه مبتسم 


بعد شهر من حادثة راكان الذي أدت به إلى غيبوبة

جالسة بغرفتهما تنظر إلى جدران الغرفة التي أصبحت كثلاجة الموتى، ظلت بمكانها والظلام يحاوطها...دلفت ابنتها 

-مامي.. مامي..أنارت الأبجورة بجوارها 

-اشارت بيديها وتحدثت بصوتها الضعيف الذي أصبح كجسدها الهزيل

-تعالي حبيبة مامي 

صعدت ابنتها بجوارها، تمسح دموعها بكفيها الطفولي الرقيق

وتساءلت:

-هو بابي فين يامامي، قولتي هيرجع من السفر بكرة، وبكرة عد وبكرة التانية، بكرة كتير عدت يامامي وهو لسة مجاس 

ارتفعت شهقاتها تضع كفيها على فمها وتضم ابنتها إليها 

-هيجي يامامي، هو عنده شغل كتير وبكرة هيخلص شغله ويجي

رفعت بصرها وتحدثت بصوتها الطفولي

-اوف مامي بكرة دا مش عايز يجي خالص..دلف امير بعدما وجد باب الغرفة مفتوح 

-مامي ممكن ادخل..قالها امير بهدوء كشخصيتة الهادئة 

-طبعا ياحبيبي ادخل..دلف إليها..نظر إليها ثم اتجه بنظره الى أخته قائلا 

-كوكي انطي سارة بتعملك كيك تحت، انزلي شوفيها خلصت ولا لا..هرولت الصغيرة وهي تضحك قائلة 

-هكلها كلها، بابي مش هنا ومش هيمنعني، بس اكيد هسبله قطعة يامامي لما تكلميه قوليله ..تعالى بسرعة انت وحشت كوكي 

انسابت عبراتها بصمت ..جلس امير بجوارها يزيل عبراتها بحنان ثم تحدث

-ماما هو بابا كويس مش كدا، انا عارف أنه مش مسافر،ةعارف أنه تعبان وفي المستشفى، لو سمحتي يامامي طمنيني عليه

رفعت عيناها الزابلة ونظرت إليه بذهول تتحدث بصوت متقطع 

-أمير انت كبرت امتى ياحبيبي وعرفت منين..قالتها وهي تقبل كفيه 

حاوطها بذراعه وبكى بصوته الطفولي 

-بابا عايش ياماما صح، ولا هو راح عند بابا سليم 

ضمت ابنها بقوة وارتفعت شهقاتها وتحدثت بصوت باكي

-لا ياحبيبي بابا كويس، هو بس تعبان، وهيخف ويرجعلنا بالسلامة..احتضنت وجهه ومسحت دموع صغيرها وأردفت 

-ميرو، انت كبرت اوي ازاي مااخدتش بالي أن حبيبي كبر وبقى راجل يعتمد عليه، عشان كدا هياخد باله من أخته كويس لحد مابابا يرجعلنا بالسلامة

رفع الصغير كفيه الذي يشبه والده وأردف

-مامي انا متأكد أن بابي هيرجع، بس أنتِ بطلي عياط، بابي هيزعل منك اوي، لما يعرف انك على طول بتعيطي، أشار إلى بطنها وتحدث

-والنونو يامامي هيكون زعلان عشان بابي ..أطبقت على جفنيها لا تعلم اتسعد من حديث ابنها ام تبكي، كبر ابنها ذات السبع سنوات حتى شعر بها 

نهضت تمسكه من كفيه واتجهت إلى الخارج 

-تعالى نشوف كوكي بتعمل ايه، ممكن تاكل الكيك كله وتتعب وبابي يزعل منها...قالتها حتى تخرج ذاك الصغير من حالته الحزينة 

بعد فترة من اطعام أطفالها ، اتجهت إلى غرفتها حتى تستعد لزيارة زوجها والمبيت عنده كعادتها منذ شهر..نظرت إلى الساعة وجدتها الخامسة مساء، اتجهت إلى مرحاضها وانعشت نفسها بحمام دافئ، ثم جلست تغمض عيناها عندما شعرت بوهنها وجسدها الضعيف، ذهبت بغفوتها لعدة ساعات تراه باحلامها، بضحكاته وهمساته العاشقة لها، اقترب يطبع قبلة على كرزيتها وهمس إليها 

-قومي يامولاتي نمتي كتير وحشتيني هبت من غفوتها   تفتح جفنيها بتثاقل ، تنظر حولها فوجدت الظلام يحاوط الغرفة،ورغم ظلامها إلا رائحته المندية لجفاف قلبها تنعش رئتيها، فردت جسدها على الفراش تلمس مكانه بيديها المرتعشتين، دفنت وجهها بوسادته تستنشق رائحته، احتضنتها فأصبحت رفيقة لياليها الحزينة المكللة بدموع فراقه، ذكرياته معها جعلت صدرها يختلج بإشتياقها المميت له، حسمت أمرها وتوقفت متجهة للخارج وهي تعزم على زيارته وإشباع روحها، ولا تتركه حتى لو كلفها الأمر النوم باحضانه إلا أن يفيق ويعود لها نبض قلبها الذي توقف عن الحياة،منذ غيابه بتلك الغيبوبة الغبية.. ركضت للخارج متجهة للمشفى، كفى شعورها بالأنهيار الكامل 


وصلت حيث غرفته، نظرت إلى أصدقائه بالخارج، ووضعت يديها أمامهم 

-كفاية محدش يقولي المفروض اعمل ايه، انا الوحيدة ال ليها الحق هنا..اقترب نوح إليها

-ليلى احنا قولنا ايه..دفعته بغضب وعينان نارية رغم ذبولها

-كفاية ضعف مني، دا لازم يفوق، انا مش هقعد واستسلم لكدا، سمعت كلامكم شهر كامل ..صاحت كالمجنون

-لازم يفوق قبل ماابنه يجي على وش الدنيا، حتى لو اضطريت أن انام جنبه أربعة وعشرين ساعة ، قالتها واتجهت اليه

 بساقين مرتعشقة، وقلبا يأن ألما، هي تحاول أن تكون قوية، ولكن كيف تستمد القوة وقوتها به وحده، تحركت بخطوات واهنة ، تصلب جسدها وكأن خنجرًا يدق بمنتصف قلبها من حالته التي تراه بها، اقتربت بخطوات بطيئة ورغم بطئها ولكن أنفاسًا مرتفعة، شهقة خرجت من فاههة وهي تجثو بجوار فراشه، رفعت يديها المرتعشة على وجهه الذي يوضع عليه التنفس الصناعي، شحوب وجهه الذي يحاكي الموت، وشفتيه التي تغير لونها، شهقات مرتفعة وهي تضع وجهها بصدره تبكي بنشيج وتصيح بإسمه

-راكان كفاية كدا، ليلى بتموت من غيرك ياراكان، قوم لمولاتك، مولاتك انهارت معدش عندي قوة 

طبعت قبلة على وجنتيه تمسد على وجهه

❈-❈-❈

-حبيبي فوق بقى طولت قوي، ينفع توجع قلبي كدا، رفعت رأسها تتجول بأنظارها على جسده الذي أصبح كأجساد الموتى، رفعت كفيه وقبلته ودموعها تنسدل بقوة على وجنتيها، ملست على وجهها، واقتربت تهمس له عله يشعر بأنين قلبها 


-بتعمل كدا فيا عشان تعرف أنا بحبك ولا لا، والله بحبك بجنون، اجتاح كل خلية بجسدها بألمًا مفرط، وروحها تتمزق، وعبراتها التي تحولت لنيران تحرق وجنتيها 




رفعت ماسك تنفسه الصناعي ووضعت ثغرها تقبله بإشتياق، تكمل همسها له، ياله قوم أنا بعطيك قبلة الحياة، وانت رجعلي نبض قلبي معذبي، ألم تعلم أن القلب لا ينبض إلا بمعذبه.. سأظل بجوارك حتى تفتح جفنيك وترسل لي بسمة الحياة




وضعت رأسها على صدره تمسد عليه ودموعها كمجرى لشلال


فتح عيناه بتشوش، يتمتم بأسمها، حتى أعتدلت تنظر إليه وابتسامة تشق ثغرها قائلة


-بارد ورخم حبيبي المغرور، كأنه يحلم بها فأردف بلسان ثقيل


-أنا فين..اتجه ينظر إلى صورتها المشوشة أمام ناظريه 

ظل يفتح جفونه ويغلقها بألما، حتى رآها بوضوح..ابتسمت وضغطت على زر استدعاء الأطباء..هرول الجميع إلى الداخل وكان أولهم يونس الذي وصل إليه ويكاد قلبه يتوقف عن النبض..ولكن استمع الى ماحطمه عندما أردف راكان وهو ينظر إلى ليلى ويدقق بصره بها متسائلا 

-إنتِ مين؟!


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سيلا وليد من رواية عازف بنيران قلبي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة