-->

رواية جديدة عقاب ابن البادية لريناد يوسف - الفصل 6 -1 - السبت 9/12/2023

 

قراءة رواية عقاب ابن البادية كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




قراءة رواية عقاب ابن البادية

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل السادس

1

تم النشر يوم السبت

9/12/2023



عادت مكاسب إلي خيمتها وقد اقسمت أن القادم سيكون دماراً على سدينة وحرباً لن تنتهى إلا بإستسلامها التام وتركها لقصير وعدم العودة إلى الاساليب الملتوية، فإن كانت هي سدينة إبنة عمران فالاخرى مكاسب إبنة مهدي، ولو على كيد النساء فهذا عندها اسهل من شربة المي. 

نظرت إلى صغيرتها التي استيقظت تبكي من جوعها، وهمت ان ترضعها ولكنها تراجعت وهي تنظر اليها وهمست لها ولنفسها:

- سامحيني يارجوه من اليوم مافي حليب من صدري، صار لابد من فطامك  حتى يجف الحليب ونحبل يمكن الله ينصفني ونجيب الوليد اللي يرجعلي قدري بقلب ابوكي، ويرجعلي هيبتي اللي بدت تروح علي يد سدينه. 

انهت جملتها وغادرت الخيمة وذهبت عند المكان الذي فيه الماعز وبدات في حلب احداهن، وعادت بالحليب للصغيرة وبدات في محاولة إطعامها منه، فوجدت نفوراً من الصغيرة وبكاء مرير وهي ترفض هذا الحليب ولا تستسيغ طعمه، ومع ذلك لم يرق قلب مكاسب عليها واخذت تحاول مراراً وتكراراً. 

استيقظت معزوزه وشقيقاتها فيحاء ودره على صوت بكاء رجوه اختهم، ولما رأت معزوزه ماتقوم به أمها اخذت الصغيرة منها وهي تهتف لها بلوم:

والله مسكينه هالصغيره من توها بدت تعاني وتشيل شيلة اكبر منها، بدتها بالضرب والهنوبة بالجوع والحرمان، مظلومات بنات البوادي اذا كانو والديهم كيف قصير ومكاسب. 

مكاسب بغضب:

-صكري خاربك ولا انسكتك بطريقتي يامعزوزه، افطني.. من اليوم ماتحاسبيني ولا تعترضيلي على شي، انا نعرف ويش انسوي ماناقصني غير ضنوتي يقفن لي ويعلمني الصواب من الخطأ.. وشوفي يامعزوزه رجوه من اليوم اعليكي تربايتها، هي من توها ترضع حليب ماعز يعني ماعادت بحاجتي، نومتها وهدمتها وكلها وشرابها رعايتها كلها تخصك انتِ متكفله بها، وبعديها عني ان كنتي تخافين عليها وتحبيها. 

نظرت معزوزه لشقيقتها واردفت وهي تراها تتلوى جوعاً وتضع يدها في فمها وتقوم بمصها عسى ان تأتى لها بحليب:

زين يمي اني من توي متكفلة بشقيقتي، انتي بعد ماعاد لك شان بيها. 

مكاسب:

اي زين. 


نهضت مكاسب وغادرت الخيمة وخرجت تزرع رمال الصحراء ذهاباً وإياباً وهي تفكر من اين ستكون بداية تأديب سدينة على يديها، غير آبهة ببكاء الصغيرة التي تطالب بالرحمة وتصرخ من جوعها، أما قصير فأنتبه على بكاء الصغيرة بهذه الطريقة العجيبة وهم ان ينهض ليرى ماذا هناك، ولكن سدينه تعلقت بذراعه وهمست له متسائلة:

وين رايح  وتاركني بروحي  قصير؟ قصير:

بس اروح اشوف الصغيره من ايش تصرخ وراجعلك، ماهي عوايدها تبكي بهي الطريقة. 

سدينه:

يانبض قلبي ونظر عيني انت حكيتها من حالك، ان الصغيره اول مره تبكي هالقد؛ ، معناها مكاسب مبكيتها بس لتخليك تتركني وتروحلها لانها عشمانة اليوم انت عندها. 

قصير:

مكاسب مافيها الخبث ياسدينه. 

- ياروح الروح الحين كل شي تغير واختلف، هي اليوم عندها ضره واذا ماكان عندها خبث قبل اليوم عالاكيد صار عندها، وبعدين خلينا لا نقول خبث خلينا نسميها غيره وجكر. 

نظر اليها قصير لبرهة ثم ازاح يدها بحركة بطيئة ونهض غير آبه بكل ماقالته، وارتدى ملابسه وخرج متوجهاً لخيمة مكاسب، فدلف ليجد معزوزه تحمل الصغيره التي تصرخ وتحاول اطعامها، وبجانبها اختيها، وبحث عن مكاسب في الخيمة فلم يجدها فتوجه بالحديث لمعزوزه متسائلاً:

يش بيها خيتك تعوي هيك، ووين امك لوين راحت بهالوقت وسيبت الخيمه؟ 

معزوزه:

امي تركت الصغيره وقالت من اليوم صار فطامها وتركت الخيمه وطلعت. 

رفع قصير حاجباه وهو يشعر بالغرابة واردف:

صار فطامها؟ كيف هالشي والبنيه ماصار عمرها غير شهرين؟ 

معزوزه:

فطمتها ورمتها لجل تحبل مره تانيه وتجيبلك الولد.. رمت هالمسكينه لتجيب اللي راح يحرر البلاد ويفتح بلاد العربان ويعاودلها محمل بالغنايم..وكأن اللي كاعندها وليد ما تسوا شي لا هي ولا بنياتها. 

قصير:

صرتي تحكي حكي اكبر من عمرك يامعزوزه.. اسكتي ولا تحكي هيك مره تانيه، واعطيني الصغيره ونامي انتي وخياتك. 

معزوزه:

لوين بدك تاخد الصغيره؟ 

قصير:

هندور على امها ونعطيها لها ونخليها تعقل شوي وترضع البنت من حليبها وتفكنا من عمايل الصغار والمكاليب . 

اخد الصغيرة من معزوزة، وقبل ان يغادر الخيمة ويخرج في الظلام نظر لابنته النظرة الاولي، فتبسم وهو يراها واردف :

ويش هالسماحه كلها يابنت مكاسب من وين جبتيها، والله مامرت اعليا متل عيونك الوساع اللي كيف عيون الريم  ولا هالملامح السمحه! 

تحرك بها للخارج، واقترب من مكاسب التي انتبهت لقدومه علي صوت الصغيرة وتوقفت عن المشي والتفكير وحين اقترب منها ووقف امامها نظرت اليه والي الصغيرة في يده ثم ربعت يديها امام صدرها وحدثته بغضب:

ويش جابك وطلعك من خيمة عروسك ياعريس، ماخايف تغضب عليك سدينه؟ 

قصير:

هندير روحي ماسمعت  كلامك اللي ماله عازه بس لاجل الغيظ اللي ناضره بعيونك، غير هيك كنتي بقاع البير من بدري  عم تلفظي اخر انفاسك. لتتحاكي مع لموات بدل ماتحاكيني

اشاحت مكاسب بنظرها بعيداً فهتف بها قصير:

مدي يدك احملي الصغيره ورضعيها وبلا تفكيرك الخايب، اصبري لتكمل البت سنه وافطمي واحبلي ماحدا راح يعترض، بس الحين مايصير. 

مكاسب:

لا بيصير ويصير واللي بدي ياه بيصير ياقصير، ولا لان سدينه راح تجيبلك الوليد ماعاد تريده من مكاسب، بس انا راح اجيب ولد لبنياتي يشدون ضهرهن بيه ويصير سندهن بس يكبرون، لان ولاد سدينه عرفنا ماراح يكونو حزام ضهر، اللي امهم حربايه من الحرابي مابينشد بيهم ضهر. 

قصير:

غلطتك التانيه وماعدى عالأولي ديقايق يامكاسب، اللي تغلطين فيهم قبل لايجوا ع الدنيا ولادي، ضنوتي من صلبي، واللي ينقص من قدر ضنوتي كنه نقص من قدري.. وانا ماتعودت عليكي ماتراعين الأصول بقول او فعل يامكاسب، ولا الظاهر انك عن جد بديتي تتغيرين وتتبدل طباعك وماعدتي سدينه البنت اللي نعرفها. 

مكاسب بغضب:

اسمي مكاسب ياقصير، سدينه هنااااااك بخيمتها تستناك، عديلها وماعليك بمكاسب كيف كانت وكيف صارتك لانك نسيت طبعي اكيد متل مانسيت اسمي. 

قصير:

ذلة لسان يامكاسب وقصير حتى اذا لسانه ذل ماتحاسبه حرمه، خدي بتك وعاودي خيمتك وانا بس يطلع الضي راح اجيكي ونحكي بكل شي. 

مكاسب:

مافي حكي ياقصير، عاود بالبنيه واعطيها لاختها معزوزه، وانا شوي ونرجع الخيمه، واعمل حسابك من غدوه المبيت راح يتقسم مابيني وبين سدينه بحق الله، ياهيك ياما بشكيك لعمي الشيخ منصور. 

قصير:

تسويها يامكاسب؟ 

-اسويها ياقصير. 

نظر اليها بسخط ثم عاد ادراجه واعطى الصغيرة لشقيقتها وعاد لخيمة سدينة وهو يفكر في عقاب لمكاسب على كل ماتفوهت به وطريقتها في الحديث معه، وحين دخوله للخيمة وجد سدينة هي الاخري قد تبدلت ملامحها للغضب، وبدأ يدرك انه بصدد مواجهة صراعات النساء التي لا يكره في الحياة اكثر منها، ولكنه تذكر أن هناك من سيجنبه كل هذا الهراء.. عمته "عوالي" شيخة القبيلة واخت الشيخ منصور التي ستعود من الحج قريباً مع اخيها نصير.. وهي الوحيدة التي تمسك زمام نساء البادية بيد من حديد ولا تجعل مثل هذه النزاعات بين الضراير أو السلايف ولا تجعلها تصل للرجال نهائياً.

تجاهل سدينة وتجاهل كل شيئ وارتمى على الفراش وغط في النوم فغداً يحمل له الكثير من الجهد ولا ينقصه مثل هذه الخلافات. 

أما سدينه فظلت مستيقظة تنظر اليه وتغلى من قهر تجاهله لها، ونظرت للسلة فوجدت ثعباناً يخرج منها فنهضت وقامت بالقبض عليه وإرجاعه لمكانه وإغلاق السلة جيداً، فثعابين قصير اصبحت هي المسئولة عنهم وعن ضياعهم الآن، ولن تعطه سبباً لتوبيخها وجعل مكاسب تتشمت بها. 

تابع قرءة الفصل