رواية جديدة عقاب ابن البادية لريناد يوسف - الفصل 10 - 1 الخميس 14/12/2023
قراءة رواية عقاب ابن البادية كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية عقاب ابن البادية
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل العاشر
1
تم النشر يوم الخميس
14/12/2023
تحركت مديحه وعادت للداخل واغلقت الباب في وجه فريال التي ظلت صامتة لا
تجد ماتقوله، ولكنها اثرتها لمديحه في نفسها واقسمت على الإنتقام السريع، وقررت
مراقبتها جيداً، هي تعلم أنها ستحتاط هذه الفترة وتأخذ حذرها حتي لا ينكشف
ماتخفيه، ولكن مهما فعلت لن تنجوا هذة المرة، فقد وضعتها فريال في قائمة الإقصاء
وسيتم مهما طال الإنتظار.
ذهب فريال لغرفة عايده بدلاً من ان
تعود لغرفتها حين سمعت صوت ضحكات اطفالها، فتحت الباب دون أستئذان ورأت ما جعلها
تستشيط غضباً، فقد كان واحداً منها يجلس في حجر عايده والآخر يطوق رقبتها من الخلف
وهي تداعبهم وتقبلهم وتوقفت حين رأت فريال وقالت لها بنبرة خلت من أي مشاعر:
-ادخلي يافريال واقفه عالباب كده ليه؟
- متشكره.. يلا ياولد إنت وهو قدامي
عالأوضه بتاعتنا كفايه لعب كده.
لم يستجيب الطفلان للأمر فهدرت بهم
بقوة:
- قلت قدامي يلاااا.
نهض الطفلان بخوف وخرجا من الغرفة
يتسابقا نحو غرفة امهم، أما هي فتبعتهم دون ان تتفوه بكلمة مع عايده، فقد حدجتها
بنظرة سخط وكأنها وجدت بحوزتها غرض من اغراضها اخذته دون إذنها، وليسوا اولادها
الذين لم يفارقا زوجة عمهم منذ ولادة امهم، وكان وجودهم معها شيئ جديد عليها، ولكن
رؤيتهم في احضانها اشعل نيران الغيرة وجعلها تشعر بأنها لو تركت اطفالها لعايده
اكثر ستستولي عليهم وتأخذهم منها.
دخلت فريال الغرفة واقتربت من ولديها
ولانت ملامحها وبدأت تلاطفهم وتلعب معهم كما كانت تفعل معهم زوجة عمهم، ولكن ردة
فعلهم لم تكن هي نفسها، فقد كانوا يتبسمون بثقل، وكانهم يعلمون ان أمهم تفعل ذلك
دون رغبة، أو تفعله جذباً لهم ومحاولة بأن تخبرهم بأنها ايضاً تستطيع اللهوا معهم،
ولكن محاولاتها لم تقترب حتى من افعال زوجة عمهم.. فالأخرى كانت ضحكاتها وضحكاتهم
معها من القلب، ومن يخرج من القلب يستقر في القلب، اما مايقال على اللسان لا
يتجاوز الآذان.
فنظرت اليهم ورأت الإختلاف واضح على
ملامحهم فنهرتهم علي غرفتهم وجلست بجانب إبنتها التي بكت على صوتها العالي،
فحملتها واخذت تطعمها وهي تشعر بنغزات متتالية في قلبها الذي بات لا يتحمل اي
انزعاج ولو بسيط.
عاد يحيى بعد يومه العصيب في الشركة
وبمجرد ان رأى ملامحها المحتقنة المتألمة سألها عن حالها، وإذ بها تخبره بان اخته
وزوجة اخيه الاتنتين اليوم اجتمعتا عليها كيداً حتي انهكوا قلبها، واحدة تتوعد لها
دون ذنب والأخرى تتباهى أمامها بأنها استولت على اولادها ولم يعودا يريدان قربها
او حتى الجلوس معها، ثم اعطته ابنته واستوت على الفراش تتألم، فأستشاط يحيى غضباً
ونادى على الاولاد وبخهم وأمرهم ألا يجلسوا مع زوجة عمهم مرة اخري ومجلسهم الوحيد
من الآن وصاعداً بجانب امهم وأن يطيعا اوامرها.. وإلا سيرسلهم للبلدة ويتركهم في بيت
جدهم حيث الباعوض والكلاب فارتعبا وصرخا معتذرين، فهو يعلم مدى خوفهم من هذين
المخلوقين، وأنهم سبب عدم راحتهم فى البلدة وتنغيص الاجازات عليهم.
بقيت فريال علي حالها ساعات طويله،
متألمة مجهدة وظل يحيي يحوم حولها حاملاً صغيرته التي تبكي، فلا دواء حسن من حال
فريال، ولا رضعة صناعية سدت جوع الصغيره.. فاضطر إلى طلب مساعدة عايده للصغيرة فقد
تعبت من البكاء وفريال حاولت ان تتمالك نفسها وتحملها عنه واكنها لم تستطيع، فما
كان من محاولاتها إلا أن زادت عليها التعب، فاسود وجهها اكثر وازرقت شفتاها،واغمضت
عينيها وغاصت في النوم هرباً من الألم.
أخذت عايده الصغيرة من يحيي وحملتها
بين يديها، وقامت بتنظيفها وتبديل ملابسها، واخذت تتاملها فكم كانت جميلة وملامحها
هادئة لا تشبه ايا من يحيى او عايده!
ولا تعلم لماذا شعرت بأن قلبها رف لهذه
الصغيرة بمجرد أن حملتها، هل لانها اشتاقت للاطفال الصغار، أم لأنها تمنت كثيراً
ان تنجب إبنة ولكن الله لم يرد لها ذلك؟
لا تعلم سبب هذه الرفرفات ولكنها ضمت
البنت على اية حال وتجاهلت كل الأسباب.
أما مديحه فارتدت ملابسها وخرجت من
المنزل متجاهلة كل مايحدث حولها وذهبت لتسرق لنفسها بعضاً من الوقت مع حبيبها
السري الذي عادت لتعيش معه مراهقتها من جديد حيث محادثات الغزل عبر الهاتف لا
تنتهي والشوق دائم والتسلل دون علم أحد واللقاء في الخفاء يجعل من الأمر متعة لها
مذاق خاص وشعور لا يوصف.
اخيراً عادت عايده من ثباتها وأول من
سألت عليها إبنتها "كارمن" حيث تلفتت حولها ولم تجدها ويحيى كان يجلس
على الاريكة مرتدي نظارته وغارق في الاوراق والحسابات..
- يحيي كوكي فين؟
ترك الأوراق من يده ونزع نظارته وقام
اليها يطمئن على حالها:
- متقلقيش كوكي مع مرات عمها اديتهالها
تسكتها لما معرفتش اتصرف معاها ولسه رايح مطمن عليها لقيتها نايمه وعايده قاعده
جنبها.. سيبك من البنت وطمنيني عنك. انتِ بقيتي احسن دلوقتي؟
هزت عايده رأسها بالايجاب ورت عليه
بوهن:
-الحمد لله.. روح يايحيي هاتلي حاجه
مسكره اشربها أو اكلها حاسه بهبوط، واتأكد إن الولاد اكلوا، وشوف مديحه موجوده في
البيت ولا خرجت ولو موجوده بتعمل ايه.
يحي بزهق:
- يافريال قولتلك سيبك بقى من دا فين ودا
بيعمل ايه وراح فين وركزي الفتره دى على صحتك لانك تعبانه وكل مادا وبتتعبي قولتلك
الناس موجوده وكل حاجه تتأجل لوقت تاني بس صحتك اهم.
فريال بنفاذ صبر:
يوووووه.. يااخي متعصبنيش بقى واسمع
اللي بقولهولك انا تعبانه لوحدي.
يحيي:
-طيب حاضر حاضر رايح اهو بس متتعبيش
نفسك الزعل والعصبيه غلط عليكي.
- ابقى هات كوكي وانت جاي.
- حاضر هجيبها.
وخرج ينفذ اوامرها دون ادني محاولة
جدال أخري لجعلها تستريح وتريح قلبها، فأي محاولة معها تاتي بنتائج عكسية.
اما في البادية...
الشيخ منصور:
-يا آدم تعالا هنا.. هادي دارك من هنا
وقادم اللي هتعيش فيها وتبات فيها وتسيب خيمة الصغار .. في النهار معاهم تمرح
وتسرح وتسعى وترعى ومن بعد العصر تعود لدارك هادي تاخد دروسك وتضل وتستذكرهن زين
لين مايركزن في مخك. وماتطلع الا تخلص كل شي، لو فيه سامر اخرج مافي سامر تجلس
بدارك بروحك وتدرس..
ادم:
-ازاي انام فيها لوحدي اخاف.
هدر به قصير..
ويش قولت ياولد؟ تخاااف؟! هادي الكلمه
ما اريدها تتنطق على لسانك ابد ولا ينجاب طاريها، الخوف ماانخلق للرجال، الخوف بس
للحريمات وانت رجال ماتهاب شي.
آدم:
طيب سالم بس يبات معايا دا صاحبي وانا
مقدرش استغنى عنه.
منصور:
- لا.. بروحك تبيت، اولادنا مايسكنون
الديار ويدارون خلف الحيطان .. مااريد وليد من اهل البدو يعتاد عيشة الحيطان ويلين
عضمه وينعم جلده مايتحمل برودة الجو ولا رياح الشتا وامطاره.. اترك كل حي جسمه
ياخد اعلى عيشته
انت تسمع كلامي وماتجادل.. وسالم طول النهار معك بس الليل ماحد
يشاركك بمطرحك ولا فرشتك، ودارك ماحد
يدخلها ولا يشوف ايش بيها فهمت.. والحين روح شوف ويش عندك وغدوه لستاذ جاي ليعطيك
اول دروسك جهزلي حالك.
هز آدم رأسه وانصرف من أمامهم وهو
يتمتم في سره علي قراراتهم التعسفية، وذهب ليبحث عن سالم فوجده واقف بجوار خيمة
العمه مكاسب هو ورابح يتحدثان مع معزوزه
التي تحمل اختها وتهدهد فيها والإخرى تصرخ دون توقف
اخبرهم بما قاله له الشيخ واخذهم وذهبا
للمرعى فهذا وقت رعي الاغنام حتي يعودوا بهم قبل حلول الظلام
أما معزوزه فعادت بأختها رجوه لداخل
الخيمة وهي لا تزال علي حالها تبكي دون انقطاع وقد جد عليها هذا الأمر منذ ولادة
اخيها.. فجلست بها مقابل امها واخذت تراقب أمها التي تناغي في طفلها وترضعه
واعتزلت العالم كله واختصرته فيه، ورجوه رغم قساوة امها تشعر بالغيرة من اخيها ومن
قربه منها، فنزلت من حجر معزوزه وذهبت لأمها ووقفت امامها واخذت تجذبها من ملابسها
حتى تترك الصغير وتنتبه لها، فكانت امها ترمي لها كلمة وتعود لملاعبة هلال، فهدرت
بها معزوزه بغضب:
-امي انظري للصغيره وسكتيها ولا شوفي
معاها حل،
والله راسي يوجع في من صراخها كل
ماتشوفك تحملين هلال وترضعية وتهدهدي فيه،
خليتيها نار من يمه..
والله امس لو مالحقته كانت بتاكله
بسنيناتها