-->

رواية جديدة عقاب ابن البادية لريناد يوسف - الفصل 8 -2 - الثلاثاء 12/12/2023

  

قراءة رواية عقاب ابن البادية كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




قراءة رواية عقاب ابن البادية

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الثامن

2

تم النشر يوم الثلاثاء

12/12/2023



قصير وهو منكث الرأس:

-صح لسانك ياشيخة انا مو عارف ليش هكي سويت وكيف عدت على عقلي.

عوالي:

-عارف ليش.. لانك بعد تشوف الحرمة يصير عقلك في سروالك مو براسك ياسيد الرجال.

ولجل الحقوق تعاود لصحابها انا حكمت اترد سدينة لخيمتك وهن الزوز يقعدن بخيمة وحده.. اللي هي خيمة مكاسب مع البنيات.

وبعد يتم شفاء سدينة تختلي بيها في خيمة مكاسب واعلى فراشها.


ردت مكاسب معترضه:

 لا ياعمتي.. 

عوالي:

- عما يعميكي صكري فمك ولا حرف ياكبيرة ياللي ماتعرفي العيبة.. ليش ماراضيه بيها لانها واعره وتوجع موو.. اللي يوجع ينوجع يالكياده. 

هذا حكمي وما نسمعش من حد اي اعتراض.

ومن اليوم تباشري انتي وياها ملي المي من البير. 

قصير:

بس سدينه ماطاب دراعها ياشيخه؟! 

عوالي:

تملا بذراع واحد، كل مازاد الوجع زاد الخوف من الرجوع للاغلاط.. والحين خذ مرتك واغربوا عن وجهي الله لا وفقكم. 


غادرت مكاسب وهي تشعر بنيران تأججت في قلبها، فكيف لسدينه أن تنام في خيمتها وفي فراشها، ظنت أنها قد كسرت انفها بفعلتها هذه ولم تضع في حسبانها قصاص عوالي منها وانقلاب السحر على الساحر. 


أما قصير فذهب لخيمة سدينه واخبرها من الخارج ان تذهب للشيخه عوالي لتخبرها بما تريد منها، وتركها وذهب قبل إن تخرج له، فهو يعلم ان سيل من نواح وعويل في إنتظاره منها وهو لا ينقصه هذا. 


ذهبت سدينه للشيخه عوالي واخبرتها بحكمها، وبرغم اعتراض سدينه على جزء من الحكم إلا ان باقي الحكم قد اثلج صدرها.. وغادرت الخيمة في اتجاه البئر تملأ الماء وهي لا تدري كيف ستسحب الماء وترفعه بيد واحده؟! 


وعند البئر اجتمعت مع سدينه، وتبادلا النظرات النارية دون اي كلام.. ومكاسب كانت الأولى في سحب الماء وحملته وهمت بالمغادرة، ولكنها توقفت حين رأت محاولات سدينه الكثيره المضنيه في سحب الماء من البئر، فحدثت نفسها:

- ايش بيك يا مكاسب هاذي بنت عمك ومكسورة.. 

رق قلبها وعادت لتعينها فانزلت دلوها، وسحبت الماء لسدينه ورفعت لها الدلو فوق رأسها وحملت خاصتها وغادرت سدينه دون ان تتفوه بكلمة شكر لمكاسب نظير مساعدتها. 


مايزه:

-ياحليله ياشيخه شوفي كيف الضراير صيرات يساعدن بعضهن، والله مكاسب قلبها خضر رجيج وحنونه.

عوالي:

-وسدينه بعد.. لكن صغر سنها وطيشها وغيرتها متحكمين بافعالها، بس راح ياخدن علي بعضهن ويسلمن بانهن لازم يصيروا خوات، مافي مفر من اخوتهن. مافي بكل الباديه ضراير صارت بينهم مجاتل وعرايك غير بالبدايه، 

وبعدها بتخمد النيران وتبرد القلوب وتبرا الجروح.. بس انتي خليلي عينك اعليهن واللي تبدا بالغلط قوليلي اعليها وانا اقص لسانها.


 والحين قومي اجمعيلي كل الصبايا قوليلهم الشيخه نازله الحضر واللي ودها شي تجي تقوله، واللي تنسى شي ماتلوم غير روحها لان النزله الجايه بعد شهرين.

مايزه:

-بالله اعليكي ياشيخه تجيبيلي شالين وملابس داخلي ملابسي دابن والبرد عم ينخر بعضامي نخر.

عوالي:

-ابشري.. انتي جايه معي وكل اللي تريدينه جيبيه

وبعد أن جمعت مايزه طلبات جميع نساء الباديه واخبرت بهم الشيخة.. 


عوالي:

-يارب ماتكوني نسيت حد يامايزه

مايزة:

لا ياشيخه ماغفلت عن فرد بالقبيله الا واخذت طلباته.. وصمتت قليلاً تفكر ثم قالت:

-انقولك ياشيخة.. هالوليد الضيف مو واجب نسالوه بلكي خاطرة في شي؟ 


الحريم كل وحده طلبت حاجيات عيالها لكن هو قليبي امه غايبه عنه.

عوالي:

-الباين فيك خرفتي.. ضيف الشيخ منصور ماينهمل ولا يحتاج شي في حضرة الشيخ واكيد طلباته مجابه قبل مايفكر فيها.. 

لكن من يالى ضروري انه يحس ان هنا فيه حِن كيف مافي قسوة 

ابعتي جيبيه لي.

خرجت مايزه تبحث عن الصغير فرأت سالم يحمل صحن به لبن رايب ورغيفين من الخبز، 

فسالته عن آدم فأخبرها بانه يجلس بجوار الشواهي وأنه ذاهب ليأكل معه فقالت له:

-بعد ماتاكلون احضره وتعال لخيمة الشيخة عوالي. 

فرح سالم فهو يحب جدته عوالي كثيراً

فذهب وتنارل الطعام مع آدم وبعدها احضره لخيمة الجده عوالي.. 

وما ان رأته حتى  حن قلبها له وكانه من دمها! 

فتقدم سالم وقبل يدها ورأسها وهي قبلت راسة،وسألته عن حاله واخبرته ماذا يريد من الحضر فقال لها انه يجمع النقود ليشتري حصان خاصا به

واقبلت على ادم:

-كيف حالك يا وليدي تعال سلم علي.. 


اقبل ادم وهو متردد ولكن سالم حثه على ان يقبل يدها ورأسها 

ولكن الشيخه عوالي احتضنته وقالت له.. اطمن ياوليدي مانك لحالك هنا، ووين ماتكون دير اهل واخوان.. والخيّر معاك خليك اخير منه والطيب معاك خليك اطيب منه، 

واللي يقسى عليك اعفس عليه باقدامك.. الحن بالحن والقسوة بالقسوة.. وانا هيني متل امك فيك تخبرني اللي تخشى تخبر بيه اي حدا ولا تخاف سرك ببير وماحدا بيعرفه واللي تاتمني اعليه يندفن جوات صدري لحين اندفن بيه تحت الأرض. 

نظر لها ادم وأومأ برأسه انه فهم 

وبعدها سالته:

- تريد شي من الحضر؟ 

 فجاوب براسه لا ،فانهت حديثها معهم واعطتهم حلوى من التي تخبئها دائماً لتكافئ بها الاطفال المطيعين، ففرحا بها وذهبا، واخذ سالم يريها لسائر الاولاد وهو متباهي، فهذه الحلوى في نظر الجميع كالنيشان الذي ياخذه الأبطال ولا يتحصل عليها ايا كان. 


مر شهر على هذا الحال سدينه ومكاسب بخيمه واحده وادم من تدريب لتدريب حتى شعر قصير بانه ماعاد يحتاج شيئاً اخر، وانه الآن اصبح جاهزاً لمواجهة أي اذي والتغلب عليه.. ولكن يبقى الجانب الآخر لثقله. والذي أجله قصير لبعد ان يعلمه فنون البقاء، وحان الآن وقت تفتيح عقله لحياة الحضر وتجهيزه لإدارة شركته، وهذا له خطة اخرى قد حان وقتها.. 


أما سدينه فقد طابت كلياً، ومن إقامتها مع سدينه في خيمتها بدأت نار الغيرة تهدء قليلاً بالتعود، ولكنها تتأجج قليلاً حين يختلي قصير بمكاسب ويطلب منها المغادرة.. واليوم هو يومها الذي طال إنتظاره.. اليوم هو يومها مع قصير.. في خيمة مكاسب وعلى فراشها.. اليوم هو يوم استرجاع الحقوق. 

فتزينت واستعدت واخبرت قصير الذي طلب من مكاسب وبناتها إخلاء الخيمة، وظنت سدينه انه يوم حظها، ولكن فرحتها لم تكتمل وهي تستمع في الصباح لمكاسب وهي تزف اليها وإلي قصير خبراً افسدت به فرحة سدينه ونشوة الانتصار نهائياً. 

 


اما في القصر.. 

الجميع واقفون في استقبال محمود وزوجته فريال.. 

وفور ان رأوه يدخل من باب القصر وقد تحسن حاله وتورد وجهه قليلاً حتي هوت قلوبهم، فها هو يعيدهم لنقطة الصفر.. فنظرت فريال ليحيى بغضب ولوم، وهو نكس رأسه ارضاً فليس بيده حيلة على الأمر. 

سلم محمود عليهم وسلموا عليه، وتركهم وذهب لغرفته سريعاً بحجة انه يود ان يستريح من عناء السفر، ولكنه في الواقع لا يحتمل رؤيتهم أمامه ولا يقوى على تمثيل الغباء امامهم اكثر من ذلك.. وكم ود لو يطردهم خارج القصر وخارج حياته شر طرده، ولكنه يعلم جيداً أن فعل كهذا قد يكلفه حياته أو حياة زوجته في لمح البصر، ويحرمه من المحاولات المستترة التي تعطى فرصاً للنجاة، أما الهجوم الصريح لا نجاة منه. 

عايده:

هاه يامحمود هنعمل إيه دلوقتي انا خايفه اووي..انا صحيح ناويه اعمل كل احتياطاتي وناخد كامل حذرنا، بس القاصد غالب زي مابيقولوا. 

محمود:

ربك هو الحارث ياعايده.. ارمي تكالك علي الله وهو خير حافظ.

صمتت عايده قليلا ثم نظرت اليه وأردفت بقلة حيله:

- تعرف يامحمود انا شايفاك ازاي دلوقتي.. انا شايفاك راس فجله فعلاً زي ماكان عمي الله يرحمه مسميك. 

قهقه محمود ونظر اليها وأمسك يديها وسألها:

وياترى تقصدي المعني اللي كان يقصده ابويا ولا المعنى اللي الناس كلها فاكراه؟ 

تنقلت بعينيها على جميع ملامحه وهمست له:

الاتنين.. اقصد انك طيب وبراك زي جواك ابيض زي ماكان يقصد والدك، ودا بجانب ان فيك حتتة سذاجه وغباء زي مالناس فاكره. 

اردف محمود ضاحكاً:

- يعني انا الأبيض الغبي.. طب والله لقب حلو وعجبني. 

لترد عليه عايده ساخره:

ماشي يافجله.. هقوم انا احضرلك حاجه تاكلها.. قالتها وتوجهت للحقيبة التي احضرتها معها من العزبه وبدأت في إخراج بعض المكونات، فسألها محمود بغرابه:

ايه دا ياعايده؟ 

فاجابته وهي تحمل كل شيئ بين ذراعيها:

دا الاكل اللي هتاكل منه، منا مش هستخدم مكونات من اللي في البيت واللي مضمنش حاطين فيها ايه، انا من النهارده الخضار عالحله علي بوقك وبوقي والباقي يترمي ومش هغفل عن الحاجه ثانيه وحده.. بصراحه هيكون موضوع مرهق وصعب بس مفيش قدامي حل غير كده، وخصوصاً انك عامل بيتنا وكر للتعابين ومش راضي تتخلص منهم، وبرضوا مش فاهمه وجهة نظرك في كده ولا مقتنعه بيها. 

انهت حديثها دفعة واحدة وتركته وذهبت لإعداد الطعام له، أما هو فهتف لنفسه بعد مغادرتها:

مش هتفهمي ولا عمرك هتفهمي غرضي ياعايده.. انا بس اللي فاهم وعارف بعمل ايه. 


دلفت عايده إلي المطبخ وبدأت في تجهيز الطعام، ولحقتها فريال وبدأت في الحوم حولها لايجاد الفرصة كي تضع التركيبة في طعام محمود، ولكن عايده كانت مثل النمرة التي تحرس صغيرها، لم تعطها الفرصة ابداً، وحينما شعرت فريال بتنبه عايده الزائد سألتها بخبث:

امال ايه الحكايه ياعايده جايبه اكلك معاكي هي الفيلا مفهاش اكل ولا ايه؟ 

فاجابتها عايده وهي تقلب في الطعام وتنقل في باقي المكونات امامها.. 

لا مش كده بس الدكاتره اللي شافو محمود في البلد قالو إنه عنده بكتيريا فمعدته من الاكل الملوث والمليان كيماويات وعشان يتخلص منها لازم ياكل أكل صحي بمكونات عضويه وطبيعيه مش مغشوشه، وعشان كده جبت كل حاجه من البلد وانا متاكده من اللي جبتها منهم انها خاليه من أي سموم.. وكمان جبتله عسل طبيعي وسمن بلدي وكل حاجه من حاجة البلد.. وعملت حسابكم انتوا كمان وحاجتكم في العربيه. 


تبسمت فريال وهي تشعر بالإنهزام، وادركت انه ليس السبب الحقيقي وراء تصرفات عايده، فابالطبع عرفت شيئاً او شكت في شيئ، فغادرت المطبخ وهي تهتف لنفسها.. حسناً إن لم يكن في الطعام فهناك الف طريقة، المهم أنه أصبح بجانبي وأنا لن يغلب لي فكر في إيجاد طريقة أخرى.


تابع قراءة الفصل