-->

رواية جديدة كما يحلو لها لبتول طه - الفصل 74 - 7 الأحد 17/12/2023

      رواية كما يحلو لها

الجزء الثالث من رواية كما يحلو لي بقلم بتول طه

رواية جديدة كما يحلو لها

تنشر حصريًا على المدونة قبل أي منصة أخرى

من قصص وروايات

الكاتبة بتول طه

النسخة العامية


الأحد 17/12/2023

الفصل الرابع والسبعون

7

الصفحة السابقة


 

-       خلاص يا مايا، الصح إنك أنتِ اللي تشجعيه، أو عنود، أو عدي، أهله واصحابه يشجعوه، مش الإنسانة اللي اذاها تستنوا منها التشجيع، وعلى فكرة عمر خلاص أنا ولا بقيت بكلمه ولا بنطق معاه بحرف، ولولا الموقف اللي حصل ده أنا مكونتش كلمته وغصب عني قولت لو ريان حصله حاجة يبقا من حقه يشوفه.

 

تفقدتها وهي لا تستطيع بعد إيصال وجهة نظرها لتقول بنبرة مستسلمة:

-       أنا قصدي من كل ده بس إن يبقى فيه قبول من ناحيتك لأسلوبه الكويس مع ريان وتصرفاته الصح من ناحية ابنه لأن في النهاية كل طفل عشان يكون كويس بيحتاج باباه ومامته جانبه.

 

رفعت حاجباها باستهزاء وقالت:

-       هقبل إنه يحضني حاضر وابقا اخده بالحضن! عشان ده كان قمة العقل!

 

أجلت الأخرى حلقها وأخبرتها:

-       على فكرة هو بنفسه قالي إن ده مكنش المفروض يحصل والمفروض إنه هيتكلم مع يحيي عشان الموضوع ده ويعتذرله.

--

في نفس الوقت..

 

-       فاضي خمس دقايق؟

نهض "يحيي" بعدما شعر بتواجده في الغرفة الملحقة بغرفة "ريان" فاتجه نحوه بعدما أومأ له بالموافقة، ومن هذه النظرة غير المرحبة أدرك "عمر" أن فعلته صباح اليوم لم يتناساها بعد، ولكنه كان يتوقع هذا على كل حال فقرر أن يُركز على ما أتى من أجله وكل رغبته في دفع نفسه لمزيد من التغيير الذي يجده متوافقًا مع ما بات مترسخ بداخله:

-       اللي أنا عملته النهاردة كان مش مقصود، روان كانت منهارة وخلتني أحس إن ريان كان ممكن يبقا جراله حاجة أكبر من كده، عمومًا ده مكنش يصح إني أعمله.

 

همهم له وهو يحدق بملامحه ولوهلة حاول قبول اعتذاره، بالرغم من أنه قد انفصل عن "روان" ولكن بداخله القليل من الحقد تجاه هذا الرجل، أن يستبيح تلمس زوجته مرة، ومرة يتلمس طليقته أمام عيناه وبمقر عمله، يستحق لكمة قوية من أجل ما فعله!

 

تفاجئ "عمر" من ردة فعلته التي لم يتوقعها من رجل هادئ مثله ليجده يخبره:

-       أظنك دلوقتي عارف إن اعتذارك مش مقبول!

 

دخلت "مايا" وتبعتها "روان" لتندفع الأولى بسرعة تجاههما بينما وقفت "روان" لتشاهد ما يحدث وشعرت بلذة انتصار عندما رأت "يحيي" يفعل ما لا تستطيع هي فعله:

-       في إيه بس ميصحش كده يا يحيي، ايه اللي حصل يا جماعة؟

 

لو كان في وقت آخر ومكان آخر لكان جعل هذا المهرج أمامه عبرة لمن يعتبر ولكن ما قد غفر له بداخله أن يرد له الصاع آلاف مؤلفة هو أنه زوجها ولا يريد لصورته أن تنكسر بعينيها للأبد مما قد يلحقه به!

 

اكتفى بكظم غيظه وتلك الأحداج التي لا ينعكس بها سوى صورته مفارقًا للحياة بعدما ينتهي منه ثم تركه وغادر ولحقت به "مايا" وكل ما فعلته "روان" هو التنهد بعمق لتقول:

-       تقريبًا دي من أحسن الحاجات اللي عملتها من يوم ما عرفتك!

 

نظر نحوها ثم أخبرها قائلًا:

-       أنا أول مرة في حياتي اعمل كده مع حد، بس هو يستاهل!

--

منذ أربع سنوات وثلاثة أشهر وأسبوع..

في مساء نفس اليوم..

 

وقف يحدق في سماء الصيف الصافية، ليس هناك ما يُعكر رؤية كل محتوياتها بوضوح، كانت له بمثابة إشارة أخرى على أنه لم يعد هناك سبيل للتخاذل في فعل ما كان من المفترض أن يحدث منذ سنوات.. لم يعد هناك المزيد من الحجج التي ستُمكنه من قضاء المزيد من الوقت معها.

 

لا يُصدق أنه الآن يبتعد ثواني قليلة عن فعل ما سيجعلها تكرهه للأبد، لا تكره أكثر من أن ينتعها بالغبية، ولكن كل ما كان يفعله بالأيام الماضية لن تفهم منه سوى أنه كان كاذبًا وتلاعب بمنتهى الخبث معها لأنها غبية، ولكن من وجهة نظره هو لم يكن يتلاعب سوى على مقدرتها في الغفران والتسامح ليس إلا.

 

لأول مرة منذ مدة يُشعل سيجارة أخرى بمجرد انتهاء الأولى، بالرغم من أنه يحاول تقليل التدخين قدر المستطاع إلا أنه قد يكون الملاذ الوحيد عندما ستأتي الآن بعد ثواني قليلة، هو يعرف أن "بسام" سيُرسلها له بأي لحظة الآن.

 

لم يطل انتظاره عندما استمع لصوتها وهي تسأله:

-       اتأخرت ليه كده؟ كل دي سيجارة؟!

 

التفت نحوها وألقى بسيجارته بالمنفضة بمجرد رؤيتها وأدرك أنها قد تكون المرة الأخيرة التي سيتشارك كلاهما بها بهذا الهدوء فابتسم لها باقتضاب وأخبرها:

-       كنت واقف أفكر، قاعدتنا النهاردة مع مامتك وبسام خلتني أشوف حاجات كتيرة ضيعتها بغبائي.

 

اتسعت عيناها واقتربت نحوه وسألته باهتمام:

-       حاجات زي إيه؟

 

همهم بتفكير واقترب هو أيضًا منها واجابها:

-       مش مهم نتكلم عن الحاجات دي، المهم دلوقتي أنا مش عايز غير إنك تكوني مبسوطة في حياتك بعد كل الأوقات الصعبة اللي عيشتيها.

 

ضيقت عيناها وهي تتفحص ملامحه وقالت بنبرة مُستفسرة:

-       هو ده مود مش حلو واكتئاب ولا over thinking عادي؟

 

ضمها إليه وعانقها عناق مطول وهو يجيب تساؤلها:

-       لا ده ولا ده، أنا المفروض مكونتش احرمك من مامتك وبسام زي ما كنت بعمل زمان، مكونتش المفروض أعمل حاجات كتير اوي وهما الاتنين كانوا كويسين معايا من يوم ما عرفتهم..

 

قبل جانب رأسها وامتدت يده لجيب سترته الرسمية الصيفية لتستغرب "روان" لحركة يـ ـده بالرغم من أنه يعانقها وتابع:

-       أنتِ تستحقي واحد أحسن مني بكتير.

 

فرقت عناقهما وهي تنظر له بانزعاج وقالت بنبرة حادة نوعًا ما:

-       مش قولتلك كذا مرة بلاش الـ

 

توقفت عن اكمال كلماتها بفعل يـ ـده التي امتدت لتكمم فمها وأنفها بقطعة من القماش مبللة بمخدر حاولت ألا تتنفس أي منه ولكن بعد مدة لم تستطع أن تكتم أنفاسها وكل ما فعلته كان النظر نحوه بلومٍ شديد على ما يفعله وأدركت كم كانت غبية بشدة طوال الأيام الماضية، ليتحدث وهو ينظر لها بأسف:

-       غصب عني، أنتِ مسبتيليش حل تاني!

--

 عودة للوقت الحالي..

أكتوبر، بعد مرور ثمانية شهور..

 

-       عذرًا، لم أقصد مقاطعتك، ولكن هل يمكنني الذهاب ساعتان لإحضار شيء من البلدة؟

 

تفقده وهو لأول مرة يطلب منه هذا الطلب فأجابه قائلًا:

-       عندما تريد الذهاب لقضاء أمر ما اذهب ويكفي اخبار سوزان أو بوريس، ليس عليك الاستئذان من أجل هذا، إيريك.

-       شكرًا لك.

 

اتاه صوت "مايا" المُعجب بفعلته:

-       يا ريت تبقى مديري ونرمي اللي عندي في الزبالة!

 

ابتسم باقتضاب ساخرًا ليُخبرها:

-       لو كنتي شوفتيني بعامل باسم ازاي كنتي هتقولي إن مديرك أحسن واحد في الدنيا، أنا زمان كنت حاجة تانية خالص غير اللي أنتِ بتشوفيه من يوم ما عرفتيني.

-       خلاص يا عم ما يحسد المال إلا أصحابه.

 

ابتسم بمصداقية وهو يُعقب قائلًا:

-       أنا من يوم ما عرفتك مش قادر امشي الكلام اللي بسمعه منك على شكلك، تحسي دي واحدة واللي بتتكلم واحدة تانية.

-       فُكك من الموضوع ده، أنا على بكرة بليل هكون مظبطة أول حلقة.. عايزاك تسمعها بهدوء تاني وشوف عايز تزود فيها تعديلات ولا لأ ولو تمام نبدأ النشر من بكرة!

 

عقد حاجباه ببعض من التردد وسألها مرة أخرى:

-       أنتِ متأكدة إن محدش هيقدر يعرف إن ده صوتي؟

 

زفرت "مايا" بإحباط على سؤاله الذي تكرر آلاف المرات وأجابته:

-       ما هو لو نبطل افورة وتسمع للمرة الأخيرة هتفهم إن محدش هيعرف صوتك!

 

من جديد تبلبلت أفكاره وكاد أن يتراجع عن الفكرة برُمتها ليخبرها:

-       مظنش أصلًا إن حد هيسمع حاجة وإن الفكرة مفيش ناس كتيرة هتهتم بيها!

-       اقفل يا عمر خليني أكمل تعديل وأخلص اللي معايا وكمان مستنية روان عشان هنتعشى سوا، يا دوب اشتغلي ساعتين قبل ما تيجي.

تمنى لو يستطيع لسانه النطق بسؤال واحد عنها، لا يدرى إلى متى سيستطيع التحكم بالأمر، منذ رؤيتها للمرة الأخيرة بالمشفى عندما حدثت تلك الحادثة لـ "ريان" وهو لم يرها، لم يستمع لصوتها، ولا يعرف عنها أي شيء.

سيكون من الغباء الشديد أن يكرر نفس القصة البائسة التي تبدأ وتنتهي في نفس اللحظة، مجرد التفكير بها الذي لا يتوقف يُصيبه بالألم، فما بال لو عرف أنها تسعد مع رجل آخر وهو وحده بائس لا يستطيع أن يستجيب لأي امرأة غيرها؟!

 

أنهى مكالمته مع "مايا" ثم تفقد الساعة التي عبرت السادسة مساءًا بقليل، تفقد هذا المنزل الذي قام ببنائه في مقابلة منزله الآخر بسلوفاكيا وتحركت قدماه نحو حائط زجاجي ووقف أمامه في صمت وهو ينظر نحو ذاك المنزل الصغير الذي كانت به معه منذ سنوات، يعرف أن الصواب هو الابتعاد عن الماضي بكل ما فيه، ولكن لو الماضي يخصها هي، فليس هناك ملاذ له أفضل منها، حتى ولو كان كل ما سيحصل عليه مجرد ذكريات ليس إلا! 


 يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بتول طه لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة