-->

رواية جديدة إرث الحب والألم لزينب سعيد القاضي - الفصل 5 - 1 - الأحد 2/6/2024


  قراءة رواية إرث الحب والألم كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر




رواية إرث الحب والألم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل الخامس

1

تم النشر الأحد

2/6/2024




"نلهو ونركض كما يحلو لنا ، لكن في النهاية نعود إلي موطننا الأصلي ، وكلما ازداد البعد والجفاء ، أصبح الاشتياق والرغبة للعودة أشد"

شهرا كاملاً مر وهي تجلس وسط جدران هذه الغرفة التي قررت أن تنزوي بها منذ آخر حديث دار بينهم والذي لم يأتي بأي نتيجة بعد ، لم يذهب إلي والديه ولم يفكر حتي في الإتصال بهم.

حاول التحدث معها كثيراً وإقناعها بوجهة نظره الخاطئة لكنها ترفض الإستماع له وتتجاهله هو الأن مغيب هي تعلم ذلك أكثر وعلي يقين أنه سيندم علي إبتعاده عن عائلته من أجلها في يوما من الأيام وهي لا تريد له الندم تريد سعادته هو فقط وأن يعود إلى عائلته هي حرمت من هذا رغما عنها ولا تريده أن يحرم بإرادته.

إذا حدث لوالديه أية مكروه من المؤكد سيحملها هي ذنبه لأنه إبتعد عنهم لأجلها لا تريد هذا من الأساس ليته يستمع إلي حديثها ويعود إليهم قبل أن يفوت الأوان حتي وإذا كان ذلك علي حساب سعادتها وحريتها هذه.

فاقت من شرودها علي فتح باب الغرفة ودخول قاسم وهو يحمل صينية الإفطار وضعها أمامها علي الفراش وجلس هو علي قرفيصه أمامها مرددا بعتاب:

-هتفضلي زعلانة مني يا قلبي كده كتير وحابسة نفسك ؟

ألتفت له والدموع تتجمع في مقلتيها وتحدثت بحزن:

-طول ما أنت رافض تسمع كلامي هفضل كده.

مسح علي وجهه بضيق وقال:

-حاضر يا أسما حاضر أوعدك يا قلبي هروح بس مسألة وقت يهدوا بس وهروح ليهم.

رمقته معاتبة وتسألت:

-وشهر مش كفاية ؟

زفر بحنق وعقب:

-لأ مش كفاية يا أسما أبويا وأمي وأعرفهم كويس.

إبتسمت ساخرة وعقبت:

-لأ يا حبيبي كفاية أوي أنت كده بتبعد عنهم أكتر وبتزود المسافات بينكم.

نهض بعصبية ووضع يده في جيبه وتحرك ذهاباً وإياباً بعصبية إلي أن توقف فجأة وإستدار لها:

-ماشي يا أسما هروح ليهم عشان خاطرك أنتي وكمان هتيجي معايا بس لو رفضوا ياريت تقفلي علي الموضوع ده نهائي.

نهضت هي الآخري ووقفت أمامه بتحدي:

-لأ مش هيحصل.

قطب جبينه بعدم فهم وتسأل:

-هو أيه إلي مش هيحصل ؟

إسترسلت بإيضاح:

-يعني هتفضل وراهم مرة وأتنين وتلاتة لغاية ما يوافقوا.

اتسعت عيناه بضيق وقال:

-ماشي يا أسما حاضر اتفضلي بقي نأكل لو سمحتي.

أومأت بإيجاب وردت:

-بعدها تحدد هنروح ليهم امتي مفيش مفر النهاردة وإلا ترجعني مكان ما جيت.

رمقها الآخر بنفاذ صبر ولم يتحدث.

❈-❈-❈


مر شهراً في عمل أسر إستطاع فيه أن يثبت جدارته بشكل واضح لكن ما كان يعكر صفو عائلته إبتعاده عنهم حتي علاقته مع تقي أصبحت شبه معدومة منذ أخر خلاف بينهم عللوا ذلك لإنشغاله بعمله علي الرغم خروجه وسهره كل يوم مع لؤي ونيڤين رغم اعتراض شقيقه على ذلك.

 كما تقرب بشدة من نيڤين واصبحوا يتحدثون سويا بإستمرار  فهو صيد سهل ووفير بدون أدني مجهود منها.


في أحد الأيام يجلس أدهم مستنداً علي ظهر مكتبه مغمض العينين بإرهاق تام منذ الصباح وهو يعمل دون إنقطاع حتي أنه لم يشعر أن باب الغرفة فتح من الأساس ولا الحية التي تتحرك بغنج حتي وصلت أمامه وظلت تتأمله بعشق كم أحبته وتتمني قربه.

اقتربت منه بحذر شديد وما أن تأكدت من انتظام أنفاسه تحركت ببطئ ووقفت خلف مقعدها ووضعت يدها حول عنقه ودفنت وجهها بين ثنايا عنقه تشتم عطره الممزوج برائحة رجولته.

شعر بالإختناق لا يدري سبب وأيضاً أنفاس دافئة تلفح عنقه يشعر بالإشمئزاز منها فتح عينه علي فور وجد يد توضع حول عنقه وجسد انوثي يحيطه من الخلف.

انتفض من المقعد سريعاً وهو يقوم بإبعادها عنه بعنف حتي تراجعت الآخري عدة خطوات إلي الخلف.

اتسعت عيناه ما أن علم بهويتها وصاح بعصبية:

أنتي بتعملي أيه يا زبالة أنتي هنا انتي أتجننتي ؟

إبتسمت بغنج متغاضية عن سبه لها واقتربت منه ووقفت أمامه ورفعت يدها كي تحيط عنقه لكنه تراجع إلي الخلف عدة خطوات وهو ينظر لها بإشمئزاز:

-أقفي مكانك وأبعدي إيدك الحقيرة دي عني أنتي عايزة أيه بالظبط ؟

آخذت نفس عميق وتحدث بغنج:

-عايزاك يا أدهم أنا بحبك.

تطلع لها بإحتقار وأشار إلى الباب:

-بره الشركة كلها أنتي مرفودة من هنا.

تجاهلت حديثه وهتفت بدلال وهي تعود بظهرها إلي الخلف وتجلس علي المكتب:

-إهدي يا باشا مش كده أنا عارفة إنك راجل متجوز وبتحب مراتك كمانخبس أنا بحبك وعايزاكي صدقني مش هتندم معايا أنا هتشوف الدلع إلي عمرك ما شوفت أنا موافقة نتجوز في السر أو عرفي لو مش حابب نتجوز خالص موافقة المهم أكون معاك.

شعر بالإشمئزاز من حديثها ووضع يده علي فمه كي يمنع نفسه من التقئ وتحرك تجاهها وقام بجرها بقسوة من فوق مكتبه وتحدث بفحيح:

-بره يا زبالة مش عايز أشوف وشك هنا تاني.

نفضت ذراعه عنها وهتفت بتحدي:

-مش همشي يا أدهم سامع مش همشي وبكره أنت إلي تيجي تشوف شروطي عشان ارضي بيك ومتفكرش تقول لأسر حاجة لأنه هيصدقني انا سامع أنا وبس.

ألقت جملتها وغادرت المكتب صافعة الباب خلفها بعنف بينما تهاوي هو علي مقعده دافنا وجهه بين كفيه لا يصدق كم الحقارة التي تمتلكها هذه الحية.

❈-❈-❈

آخذت متعلقاتها ورسمت علي وجهها معالم الحزن وغادرت المكتب واتجهت إلي مكتب أسر الذي خصصه له أدهم طرقت الباب ودلفت.

نهض مبتسماً لاستقبالها ولكن غابت الإبتسامة ما أن رأي وجهها الحزين اقترب منها سريعاً وتسأل بلهفة:

-مالك يا نيڤين في أيه ؟

ردت بحزن مصطنع:

-أنا هسيب الشغل يا أسر.

أتسعت عيناه بصدمة وتسأل:

-نعم تسيبي الشغل وتروحي فين انتي بتهزري ؟

حركت رأسها نافية وعقبت:

-وجودي هنا يا أسر معاك وكمان خروجك معايا أنا ولؤي مضايق أهلك مني.

قطب جبينه بعدم فهم وأسترسل بإيضاح:

-لأ طبعاً مين قالك كده ؟ 

ابتسمت ساخرة وعقبت:

-أخوك أدهم هددني أما أبعد عنك أو هيطردني من الشغل هنا.

حرك رأسه بعدم إستيعاب وقال:

-معقولة أدهم أنا مش مصدق طيب ليه يعمل كده ؟ ولو وجودك معايا مضايقهم ليه محدش قال وجه يكلمني أنا ؟

رمقته بإستفزاز وقالت:

-أكيد طبعاً يا أسر عارفين أنهم لو اتكلموا معاك أنت هتعند اكتر ومش هترضي تسبني.

تنهد بضيق وقال:

-وطيب وبعدين هتمشي أنا هروح أتكلم معاه.

ردت بلهفة:

-لأ طبعاً مش هتروح تتكلم معاه أنت عايزه يعند اكتر أو يقول اني عايزة أعمل عداوة بينكم أنا مش عايزة ده يحصل.

صمتت قليلاً وتسألت بخبث:

-أسر أنا حاسة بمشاعرك تجاهي يا تري آخرتها أيه هتفضل تحبني علي الفاضي ولا ده مجرد إعجاب بيا مش أكتر ؟

صدم من معرفتها ببوادر إعجابه لها وكذلك جراءاتها في حديثها هذا.

لاحظت شروده فتحدثت بمكر:

-مستغربش وشك فضحك يا أسر ودلوقتي عايز ايه مني ؟

رد بعفوية:

-أتجوزك طبعاً.

ابتسامة مكر أخذت طريقها علي وجهها جعلتها تتحدث بخبث أكبر:

-بقي إلي هيسكت أهلك إنك تفاتحهم في موضوع جوازنا وكده هتوقف أخوك عند حده أيه رأيك ؟

رفع يده بإستسلام وقال:

-موافق أعمل أي حاجة المهم تكوني جنبي وبس.

أتسعت ابتسامتها وهي تعلم أن هذا الأسر لن يأخذ بيدها الكثير حتي تصل لما تطمح له.

❈-❈-❈

وقفت السيارة الأجرة أمام فيلا كبيرة من الطراز الحديث هبط من السيارة وزوجته تتمسك بيده بخوف وتردد هي تعلم أن الأمر لم يمر مرور الكرام ولكن عليها أن تفعل ما بوسعها كي يسامحه والديه.

ضغط علي يدها بخفة كأنه يطمأنها أنه جوارها ألتفت له مبتسمة وقالت:

-ده بيتكم ؟

أومأ بإيجاب:

-أيوة يا حبيبتي.

صمت قليلاً وتسأل بتردد:

-أسما احنا لسه فيها لو حابة ترجعي البيت ماشي وأنا هيبقي مني ليهم بعدين.

حركت رأسها نافية وعقبت:

-لأ يا قاسم هدخل معاك.

تنهد بقلة حيلة وقال:

-زي ما تحبي.