-->

رواية جديدة إرث الحب والألم لزينب سعيد القاضي - الفصل 3 - 1 - اإثنين 27/5/2024

  قراءة رواية إرث الحب والألم كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر




رواية إرث الحب والألم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل الثالث

1

تم النشر الأحد 

27/5/2024



"الإحتواء هو أن تجد شخصاً تنتمي إليه ، يريد أن يأخذك ويبتعد عن العالم أجمع ، و لو إستطاع أن يدخلك داخل ضلوعه ، يخيفيك عن أعين الناس ، أن تجد نفسك تلقي نفسك في أحضانه دون أن تشعر، أن يتفهم هو شعورك ويواسيك دون أن تنطق الألسن بشئ"

فتاة بريئة من يراها يظن أنها طفلة من براءتها وخفتها ولا يخطر بعقله أنها شابه يافعة لا يظهر عليها سوي أنها طفلة صغيرة تجذب من يراها أن يقع أسيراً في حبها وعشقها ، تجلس أسفل إحدي الأشجار مستندة بظهرها علي جزع الشجرة بشرود تام  تفكر في حالها.

اقتربت منها إحدي العاملات في الدار وتحدثت بغلظة:

-انتي قاعدة هنا بقي يا أسما وأنا بقالي ساعة بدور عليكي؟

انتبهت لها ونفضت سريعاً تنفض ملابسها وتتحدث بخوف:

-أسفة يا مس عايدة.

زفرت بحنق وقالت:

-تعالي معايا المديرة عايزاكي.

حركت رأسها سريعاً بإيجاب وقالت:

-حاضر .

خطت خلفها بخطواتها الرقيقة تسير كأنها فراشة صغيرة تتنقل بين الزهور.

اقتربت العاملة من الباب طرقت الباب بخفة ودلفت إلي الداخل وخلفها أسما التي تفرق في يدها.

تحدثت العاملة بإحترام:

-اسما يا مدام صفاء.

تنحت جانبا وظهرت أسما بملامحها البريئة هتفت بخجل:

-افندم يا مس صفاء.

تحدثت صفاء بعملية:

-قاسم بيه جاي هو والمأذون والشهود عشان يكتب الكتاب وياخدك من هنا.

اتسعت عيناها ورفعت أهدابها الكثيفة لتتقابل بوجه الشخص الوحيد الذي أسر قلبه وأشعرها أنها لها قيمة بالحياة .

إبتسم بحب وقال:

-تعالي يا أسما.

إقتربت بحذر وقالت:

-هو هو أنت هتتجوزني فعلاً ؟

أومأ بإيجاب:

-أيوة والمأذون والشهود معايا.

ابتسمت بأمل:

-يعني هتاخدني من هنا ؟

هتفت المديرة بإمتعاض:

-يعني هيتجوزك ويسيبك هنا تذكار.

رمقها بضيق وتوعد:

-متتكلميش معاها كده.

شحب وجهها وصمتت.

نهض قاسم واقترب منها امسك يدها بحنان واجلسها علي الأريكة جواره بحنان.

ألتفت إلي المأذون وتحدث بهدوء:

-أتفضل يا شيخنا أبدأ في إجراءات كتب الكتاب.

تسأل المأذون بفضول:

-هي دي العروسة ؟ 

أومأ بإيجاب:

-أيوة.

تطلع له المأذون بريبة وقال:

-هي عندها كام سنة ؟

رد بتفهم:

-أطمئن يا شيخ هتشوف بطاقتها دلوقتي متقلقش أكيد لو مش تمت السن القانوني أكيد حضرتك مكونتش هتبقي موجود هنا.

تنهد براحة وعقب:

-أسف يا أبني متأخذنيش بس هي شكلها صغير فعلاً .

❈-❈-❈

تنهد بضيق وقال:

-ابدا يا شيخ وتوكل علي الله.

تحدث المأذون بتعقل:

-حاضر يا أبني.

بدأ المأذون في إجراءات عقد القران بعد أن حضر أحد العاملين ليكون وكيل أسما.

بعد فترة رفع المأذون المنديل وهو يقول جملته الشهيرة 

"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير"

ما أن أنهي المأذون جملته نهض قاسم ووقف أمام اسما وساعدها أن تنهض وهي ترتعش بين يديه ضمها بحب وتكاد تختفي بين أحضانه من ضألتها.

ابتعد عنها بعد دقائق مقبلاً جبينها بحب وألتفت إلي المأذون والشهود ووضع يده في جيبه وأخرج منها ظرف وتحدث بإمتنان:

-شكرا يا جماعة علي تعبكم معايا.

اخذ المأذون الظرف وتحدث مبتسماً:

-لا تعب ولا حاجة يا أبني ألف مبروك بالرفاء والبنين.

غادر المأذون والشهود وكذلك العامل بعد أن أعطاه قاسم عدة أوراق من فئة المئتي جنيها.

التف إلي صغيرته وتحدث بحب:

-جاهزة يا حبيبتي عشان نمشي من هنا ؟

ردت ببراءة:

-طيب ممكن أروح أودع اخواتي ؟

ابتسم بحب وقال:

-ينفع يا قلبي روحي.

حركت يدها بإرتباك وقالت:

-أنا مش عايزة اخد هدومي وحاجتي عايزة اسيبها هنا لأخواتي ممكن ؟

داعب وجنتيها بخفة وعقب:

-سيبي كل حاجة يا قلبي روحي يا وأنا هستناكي هنا .

غادرت سريعاً تاركة إياه برفقة المديرة جلس علي المقعد واضعاً ساق فوق ساق بثقة وقال:

-محتاج الاوراق إلي تخص أسما وكمان متعلقتها الشخصية إلي جت هنا بيها.

صمت قليلاً وتسأل بتردد:

-هي جت هنا إزاي ؟

اخذت نفس عميق وقالت:

-اسما جت هنا وهي عندها خمس سنين وأسمها الحقيقي فعلاً هي كانت ماشية في الشارع بتعيط وجسمها كله جروح واضح أنها كانت حادثة عربية حاولا ندور على أهلها أو نعرف حاجة عنهم مقدرناش مكنش فيه غير سلسلة في رقبتها مكتوب فيها أسما ومن هنا عرفنا ان ده اسمها قبل ما تيجي الملجأ فضلت في القسم أسبوع مستنين أي حد يعرف عنها حاجة او يسأل عنها بس مع الأسف كل أقسام الشرطة التابعة لمحافظة الإسكندرية معرفوش حاجة عنها إضطروا يجيبوها الملجأ كانت دايما هادئة كده يا اما سرحانة فضلنا في الملجأ إلي كان في الإسكندرية فترة  كمان قبل ما يجي ليكي قرار إزالة ويتنقل مقر الملجأ هنا في محافظة القاهرة وفضلنا هنا.

تطلع لها بحيرة وتسأل:

-يعني واضح من كلامك أنها ليها أهل فعلاً وممكن يكونوا موجودين بس في محافظة الإسكندرية مش هنا في القاهرة ؟

مطت شفتيها بحيرة وقالت:

-وارد طبعاً بس لو كانوا دوروا عنها في أيه دار ايتام وبلغوا مواصفاتها فاحنا بتيجي لينا أشار بالمواصفات .

غاب الامل عن وجهه فتحدثت بتفهم:

-أنت عرفت أسما وحبتها أزاي ؟

رمقها بعدم فهم وتسأل:

-قصدك أيه مش فاهم ؟

ابتسمت بخفة وعقبت :

-أنت كنت جاي الحفل الخيري للدار زيك زي اي راجل أعمال هتتبرع وتمشي شوفت أسما وتعلقت بيها وحبتها ده بقي اسمه ايه النصيب إلي خلاك تحبها وتختار تكون هي مراتك فعلاً وتتحدى الكل عشانها لو فاكر اني مش فاهمة أن اهلك رافضين وعشان كده فعلاً أنت جيت كتبت الكتاب هنا لوحدك تبقي غلطان أنا عارفة كويس ولولا شايفة نظرات حبك ليها مكنتش هوافق علي جوازك منها بالشكل ده أنا أه أبان قاسية لكن البنات دول كلهم يعتبروا بناتي بالفعل ولازم احافظ عليهم.

أخذت نفس عميق واسترسلت بإيضاح:

-أطمئن أسما شكلها بنت ناس كويسين بس أكيد يوم ما تاهت كانت مع أهلها واكيد عملوا حادثة وهي إلي نجت منهم .

نهضت من مقعدها واتجهت إلى خزانة كبيرة وفتحتها بمفتاحها الخاص واخرجت منه ظرف كبير مدون عليه اسمها.

اتجهت له ومدت يدها له:

-الظرف ده في كل أوراقها وشهاداتها وكمان متعلقتها الشخصية وملابسها إلي جت بيها يوم ما وصلت الملجأ.

أخذه منها وتحدث ممتنا:

-تمام شكراً لحضرتك.

ابتسمت بهدوء وقالت:

-العفو ما عملتش غير واجبي واطمئن لو ليها نصيب فعلاً ترجع لأهلها هترجع .

تنهد بأمل وقال:

-يارب.

ألتفت لها وتسأل:

-ينفع أروح اناديها ؟

هزت رأسها نافية وعقبت:

-لأ ده جناح خاص بالبنات تقدر تستناها عند البوابة وهي هتخرج ليك.

أومأ بإيجاب:

-تمام مشتكر لحضرتك.

ألقي السلام علي المديرة وغادر بعدها متجهاً إلي الخارج.

❈-❈-❈

ودعت أصدقائها في الملجأ أو أشقائها كما تدعوهم هي والقت نظرة أخيرة على فراشها وغرفتها التي مكثت بها سنين عمرها ظنت أنها ستظل هنا الباقي من حياتها فمن مثلها هذا هو المكان الوحيد الذي تستطيع العيش به رغم الشدة والقسوة التي مرت بهم داخل هذا المكان لكن كانت تتغاضي عن كل هذه المساوئ وتركز علي إيجابياته فقط انها لها رفقاء من زويها كلمهم مشتركون أن ليس لهم أحد وهم هنا عائلة واحدة وها هي الأن تغادر هذا المكان وتخطوا بقدمها الي خارج أبواب الدار كانت تدرس بالجامعة بالفعل لكن كليتها نظرية كانت تذاكر طوال العام وتذهب فقط في الإمتحان هي وأقرانها غي عربات مخصصة لهم ولهذا فهي تعد لم تري العالم الخارجي بوضوح ولم تعلم قسوة البشر وشرهم حياتها ملخصة في هذا المكان حتي قابلت الأمير قاسم كما يلقبه أقرانها الأمير قاسم الذي إقتحم عالمهم الصغير وإختطفها من وسطهم علي حصانه الأبيض.


الصفحة التالية