-->

رواية جديدة كما لو تمنيت لبسمة بدران - الفصل 34 - 1 - الخميس 21/12/2023

  قراءة رواية كما لو تمنيت كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية كما لو تمنيت 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 


 الفصل الرابع والثلاثون

1

تم النشر يوم الخميس

21/12/2023


الفصل الرابع والثلاثون

(عتاب صامت)



غضب عميق اجتاحها عندما لم تجد منه ردا فألقت الهاتف أرضا بعصبية ليتحطم إلى أجزاء صغيرة ثم صرخت بقوة وهي تتوعد له فهي ليست بساذجة كي تغفل عن نظرات الحزن التي كست عينيه بالأمس ومن المفترض أن يكون أسعد رجل في هذه الدنيا لأنه ارتبط بفتاة مثلها وهي حلم لأي شاب من عينته.

راحت تدور حول نفسها كلبؤة جريحة تفكر وتفكر ترى ما الذي تغير لماذا يذبلها بهذه الطريقة هل عاد لتلك الشقراء مجددا؟

وعندما جاءت هذه الفكرة تطاير الشرر من مقلتيها فهي لن تسمح لها أن تنتصر عليها بعد ما فعلت هي

لذا اتجهت إلى غرفة الملابس الخاصة بها تنتقي ثوبا أنيقا عازمة على الذهاب إليه وليحدث ما يحدث.


بإرهاق شديد قام بتنظيف المنزل ثم جلى الأطباق وبعدها اتجه يبحث عن الصور التي سيعلقها كما طلبت منه بالأمس.

راح يعلقهم بحيرة شديد وهو يدعو الله بداخله بألا تغضب عليه ثانية فغضبها بالنسبة له كالجحيم لم يتوقع يوما بأن شيئا كهذا سيحدث معه

ترى من التي تأتي إليه أليست شهد قد ماتت ودفنت هل هذه روحها كما يقولون وعادت كي تنتقم منه في ما اقترفه في حقها؟

وهل حقا الروح تنتقم؟

تلك الأفكار كادت أن تصيبه بالجنون لذا راح يستكمل عمله وهو يحاول طرد تلك الأفكار من رأسه.

شعر بالعطش لذا اتجه إلى المطبخ وأحضر كوبا من الماء ورحا يرتشفه بشراهة عاد ملء الكوب مرة ثانية وارتشفها جرعة واحدة ثم وضعه مكانه ودلف للخارج

لكنه تجمد مكان عندما أبصرها تتفحص عمله لكن نظرة الاستياء كانت هي سيدة الموقف.

فبلل شفـ تيه بلسانه ثم سألها بخوف: أنا عملت كل اللي أنت طلبتيه مني بتبصي لي كده ليه؟


حدقت فيه بتركيز ولم تعقب

مما جعله يزدرد ريقه بصعوبة وقبل أن يفتح فاهه لتكرار سؤاله عاجلته بالحديث مردفه بفظاظة: ليه صوري مش في المطبخ والحمام أنا شفت في الصالة وفي الأوض لكن ليه مش في المطبخ والحمام؟

أنا مش قلت مش عايزة حيطة في البيت ما علهاش صورتي يا محمود؟


أجابها باندفاع: صور إيه اللي في الحمام هو حد يحط صور في الحمام؟


تطاير الشرر من مقلتيها عندما ارتفع صوته عليها فدنت منه على حين غرة تهتف بشراسة: أنت بتزعق لي؟


أجابها متلعثما: خالص أنا بس...


قاطعته بإشارة من عينيها والحقيقة كانت نظرات مرعبة لو كانت تقتل لسقط تحت قدميها صريعا

مما جعلته يشيح ببصره بعيدا عنها فنظراتها بالنسبة له كالسم القاتل.

وعندما التفت لينظر إليها وجدها قد تبخرت وكأنها تراب

دب الذعر في أوصاله وجلس القرفصاء فوق الأرضية الباردة ودموعه تنساب دون توقف والسؤال الوحيد الذي يدور في خلده كيف سيتخلص من تلك المصيبة والمدعوة شهد.


❈-❈-❈


يقدم قدم ويؤخر الأخرى وهو في طريقه إلى مكتبها وقف قليلا ينظم أفكاره ثم طرق الباب بخفة وولج بعدما سمحت له بالدخول.

اغلق الباب من خلفه ودني منها.

أما عنها فقد كانت تتابع عملها باهتمام لكن عندما شعرت بقدومه رفعت عينيها من فوق الأوراق ثم سألته بهدوء: خير يا باش مهندس يوسف ولا نقول مبروك؟


شعر ببصيص من الأمل يتسلل إليه فمعنى أنها تعرف بزيارته لعائلة أروى إذا فهي تهتم لأخباره ظنا منه بأنها تبحث خلفه لا يعرف بأن أروى هي التي أخبرتها كي تكيدها

وهنا أدرك بأنه على الطريق الصحيح.


جلس قبالتها ثم منحها ابتسامة هادئة مردفا دون مقدمات: أنت لسه بتحبيني مش كده؟


ارتبكت من سؤاله وصمتت قليلا تفكر كي تجد ردا مناسبا كما أنها أرادت أن يكون ردها حازما وثابتا لذا رفعت عينيها لتواجه عينيه مباشرة مجيبة إياه وهي تضغط على كل حرف تتفوه به: كنت. كنت بحبك يا يوسف بس دلوقتي لا وما تنساش أنك لسة عريس جديد مش كده ولا إيه والموضوع ده أتمنى أنك تقفله نهائيا.


نزلت كلماتها على أذنيه كالصاعقة لم يتوقع يوما بأنها ستخبره بتلك الكلمات القاسية وأنها بكل بساطة أخرجته نهائيا من حياتها.


رمقها بعتاب ثم هتف بجدية: عارف أنك ليكي حق تقولي أكتر من كده بس صدقيني يا لارا أنا لسة بحبك ومشاعري عمرها ما هتتغير أنا لما شفتك...


قاطعته بحزم: لما شفتني وأنا محجبة غيرت رأيك مش كده حسيت ان دلوقتي بقيت البنت المناسبة للباش مهندس يوسف لكن قبل كده كنت بنت مش كويسة وما القش بيك

لكن دلوقتي أنا اللي بقول لك أنت اللي ما تليقش ليا يا يوسف و-من فضلك- يا ريت تركز في شغلك وأنا بالنسبة لك دلوقتي مديرتك وبس مفهوم


صك على أسنانه حتى كاد أن يهشمها فلأول مرة يتحدث معه أحد بتلك العجرفة تذكر على الفور مقابلتهما الأولى معا ورغما عنه ابتسم بحنين

مما جعلها ترمقه باستغراب لكنها سرعان ما صوبت عينيها على الأوراق التي أمامها غافلة عن النظرات المشتاقة التي رمقها بها.

فقبل أن يخطو خطوة للخارج انفتح الباب وطلت هي من خلفه بهيئتها الغاضبة تصرخ في جنون: أنت هنا بتعمل إيه يا يوسف وما بتردش على تليفوناتي ليه؟


❈-❈-❈


ألقى نظرة خاطفة على غرفة ابنته والتي لم تغادرها إلا للضرورة ثم ارتشف رشفة كبيرة من كوب الشاي الذي في يده متسائلا: قولي لي يا أم يوسف هو إيه اللي بيحصل مع بنتك بالظبط وما تقوليش أنها جية تقعد يومين والكلام الفارغ اللي قلتيه ده أنا مش مقتنع بولا كلمة من الكلام ده عشان كده قولي لي الحقيقة فورا.


أعتراها الخوف من نبرته المحذرة تلك فلم تجد سبيلا أمامها سوا أن تقص على مسامعه ما عرفت من ابنتها.


والآخر ينصت لها بتركيز شديد وكلما توغلت في الحديث شعر بالغضب يجتاحه رويدا رويدا ناهيك عن النظرات القاسية التي ملءت عينيه.

وبعد أن انتهت هب واقفا يرمقها بعتاب ثم اتجه للخارج بخطوات غاضبة

والأخرى تشيعه بنظرات خائفة وهي تدعو الله أن تكون العواقب سليمة.


الصفحة التالية