-->

رواية جديدة لهيب الروح لهدير دودو - الفصل 19 - 2 الثلاثاء 5/12/2023

  قراءة لهيب الروح كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية لهيب الروح

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

بقلم الكاتبة هدير دودو


الفصل التاسع عشر

2

تم النشر يوم الثلاثاء


5/12/20234


في الصباح... 


قبل ذهاب جواد إلى عمله استوقفه نداء أروى المردفة باسمه بدلال زائد وقف مردفًا بجدية وخشونة


:- نعم يا أروى في حاجة؟! 


تكره تعامله الجاد معها، لا تعلم لما يحدثها دومًا بحدة وكأنه يفعلها عنوة عنه، تلعنه سرًا متوعدة له ستجعله يندم على أفعاله، حاولت أن تخفي شعورها وغضبها منه متمتمة بهدوء زائف وغرور


:- مش عاوزاك تزعل مني ملاحظة أنك من آخر موقف بينا وأنت بتتجاهلني بجد سوري يا جواد أنا مكنتش عارفة أنا بعمل إيه مش عاوزاك تزعل مني. 


رمقها بعدم اهتمام أومأً برأسه أمامًا وأجابها ببرود وعدم اكتراث للأمر الذي قد نساه تمامًا 


:- مفيش داعي لده كله يا أروى خلاص زي سما مابتغلط محصلش حاجة المهم أنك عرفتي غلطك. 


ابتسمت باصطناع وأسرعت تحتضنه معقبة ببرود 


:- خلاص بقى كده مفيش زعل بدأنا خلاص صفحة جديدة. 


وقفت رنيم تطالع ذلك المشهد من الشرفة بأعين مشتعلة من الغضب لا تعلم لماذا يقف الآن وهي داخل حضنه، عقلها قد آتى إليه العديد من الأفكار السيئة التي نفضتها وأسرعت مهرولة إلى أسفل حيث يقف معها بخطى سريعة لتستطع ملاحقته  وهو واقف معها بالفعل وجدته يضحك على شيء ما اردفته تلك الماكرة لتجعلها تستشاط غضبًا محترقة بنيران الغيرة المتأهبة بداخلها. 


أردفت تقطع حديثهما بغيظ مشددة فوق كل حرف تتفوهه بضيق 


:- في حاجة يا حبيبي مش كنت مستعجل عشان تلحق تروح الشغل. 


أسرعت مقتربة منه دافعة تلك الماكرة إلى الخلف لتلتصق هي به بدلًا عنها بغيرة لاحظها جواد عندما رأى تعبيرات وجهها النارية ونظراتها الغاضبة فاسرع يحتضنها بحنان يخفي ضحكته بمهارة 


:- اه طبعا يا حبيبتي مستعجل والله بس قولت اشوف أروى كانت عاوزاني في إيه قبل ما أمشي. 


رمقته بعدم رضا وأسرعت تحثه على الذهاب مسرعًا ليختفي من أمامها


:- طب يلا يا حبيبي عشان تلحق ترجع بسرعة بليل أنت عارف مش بنام غير لما ترجع ياحبيبي. 


طبعت قبلة رقيقة فوق وجنته شاعرة بلذة الإنتصار على تلك الواقفة التي ترمقها بنظرات غاضبة مشتعلة عالمة ما تريد أن توصله رنيم لها لاعنة إياها سرًا.. 


شدد من احتضانها بقوة كعادته لم يخجل يومًا أن يظهر حبها أمامهم مبتسمًا بسعادة لغيرتها عليه ورد عليه عليها بهدوء 


:- حاضر يا حبيبتي أنا همشي أهو خلي بالك من نفسك. 


همهمت مجيبة إياه بخفوت وعينيها معلقة نحو أروى التي تطالعها بنظرات حادة كأنها ستقتلها متوعدة لها بمكر، حاولت ألا تعطي وجودها إهتمام وودعت جواد بابتسامة رائعة يعشقها جعلته يبتسم هو الآخر وسار بخطى واسعة متعجلًا للذهاب إلى عمله..


كادت تذهب هي الأخرى تعود إلى غرفتها كما كانت لكن استوقفتها تلك التي قبضت فوق ذراعها بقوة غارزة أظافرها بها بحقد مغمغمة بغضب والدماء تغلي داخلها بعدما رأت نظراته اللامعة الرائعة التي رمقها بها 


:- أنتي فاكراه هيفضل يحبك كده كتير بكرة يزهق منك وهتترمي زي الكلبة محدش هيعبرك فوقي لنفسك يابت 


تألمت رنيم بسبب قبضتها القوية لها فدفعتها بغضب إلى الخلف لتجعلها تتركها بعدما امتعضت ملامح وجهها وأجابتها بحدة 


:- جواد عمره ما يعمل كده جواد بيحبني بجد ووقف قدام الكل عشان يتجوزني. 


ضحكت ببرود محاولة أن تخفي غيظها وأجابتها بغضب لم تنجح في إخفاءه


:- عشان كدة هو اللي وقفني وعاوزني فوقي لنفسك يا رنيم ومتحلميش كتير أنتي مجرد فترة وهيزهق وفالآخر يوم ما هيكمل هيكمل مع واحدة زيي جواد مش لحد غيري خليكي عارفة ده كويس. 


شحب وجه رنيم وصمتت بصدمة وعقلها يفكر في حديثها فرمقتها أروى الماكرة بشماتة تخفي خلفها غضبها من حديثها العالمة بصحته وتمسك جواد بها مهما حدث فهي قد رأت ما فعله مع والده لأجل الزواج بها.. 


حاولت رنيم أن تنفض حديثها السام من عقلها وألا تفكر فيه محاولة تذكير ذاتها بحبه الذي يزداد كل يوم  وتشعر به دومًا، وسارت هي الأخرى نحو الداخل بخطى متعثرة بطيئة تعجبت جليلة التي رأتها معقدة ما بين جبينها بدهشة لهيئتها الحزينة الشاحبة فأسرعت تستوقفها بهدوء لتطمئن عليها 


:- رنيم استني يا حبيبتي. 


توقفت رنيم مسرعة ملتقطة أنفاسها بصعداء لعلها تنجح في إخفاء حزنها وهمهمت بهدوء ترد عليها


:- أيوة يا طنط حضرتك عاوزة مني حاجة. 


ابتسمت بهدوء مربتة فوق ظهرها بحنان شاعرة بحزنها وأجابتها نافية 


:- لأ يا حبيبتي مش عاوزة حاجة كنت بشوف مالك شايفاكي داخلة زعلانة في حاجة حصلت ولا إيه؟ 


ترددت كثيرًا بين أن تسرد عليها حديث أروى الذي أزعجها أم تصمت كما اعتادت لكنها لم تستطع منع ذاتها فأردفت تخبرها بضيق 


:- مفيش يا طنط بس كنت بكلم أروى لقيتها بتقولي أن جواد مسيره هيزهق مني وهيتجوزها هي في الآخر عشان هي اللي من مقامه. 


شعرت بحزنها وخجلها وهي تتحدث فأسرعت تجذبها داخل حضنها بحنان وأجابتها بهدوء وتعقل لتمحي ذلك الحديث عن ذهنها


:- لا طبعًا يا حبيبتي ده هي تلاقيها بتهزر معاكي ولا عاوزاكي تتضايقي جواد بيعتبرها زي أخته وهو من زمان قلبه مشافش غيرك ولا عمره اتمنى حد غيرك بلاش تخلي كلام يأثر عليكي ويزعلك لازم تكوني واثقة في جواد. 


اتسعت ابتسامتها بعد استماعها لذلك الحديث الذي يبدي مدى أهميتها لديه وحبه لها الكبير الذي ازداد بمرور الزمن سرعان ما أشرقت بنيتيها بسعادة نادرة الحدوث متخيلة عن مرارة أيامها وحزنها المتواجد في قلبها دومًا وتعكسه عينيها دون حديث، وحاولت أن تبرر لها موقفها بتوتر 


:- لـ... لا والله يا طنط أ... أنا بثق في جواد طبعًا بس اتضايقت من كلامها. 


احتضنتها جليلة بهدوء وغمغمت بحنان 


:- أكيد طبعًا يا حبيبتي ولو عاوزة أي حاجة تعالي قوليلي في أي وقت حتى لو جواد مزعلك هو عشان ظابط فاكرة أن محدش هيعرف يكلمه هو بس لو ضايقك بكلمة تعاليلي وأنا ازعلهولك.


ابتسمت رنيم متعجبة لحالها لأول مرة تجد من يتعامل معها بهذا الحنان واللطف التي حُرمت منه لم تجد الحنان مع والدتها منذ صغرها وهي تراها تفضل شقيقها عنها تعطيه هو الحب والدلال وهي تتلقى القسوة والغضب وفي النهاية اختارت تعاستها دون اهتمام لها ولأمرها ذهبت إلى بيت يزداد قسوته كل مكان به شاهد على بكائها وصرخاتها المتألمة المقهورة من أشخاص انتزعت الرحمة من قلوبهم، لكنها الآن تجد كل ما سُلب منها على يد والدته التي تتمنى وجود أم مثلها في حياتها وكأن ربها أراد تعويضها عما رأته من ظلم وقهر، حزن ووجع، ضعف وألم... سيتبدل كل ذلك إلى سعادة وفرح شعرت بهما على يده.. 


❈-❈-❈


في المساء... 


عاد جواد من عمله سريعًا متلهفًا لرؤيتها بعدما رأى تحول حالها صباحًا وعادت ابتسامتها مرة أخرى تزين ثغرها وتمحي الحزن المتواجد عليه. 


وجدها جالسة فوق الفراش بصمت فأسرع يحتضنها من الخلف هامسًا داخل أذنيها بمرح ويده تمر على جسدها بلهفة عاشق أحترق من لهيب اشتياقها لابتعادها عنه في تلك الأيام الماضية لعدم تحسن مزاجها


:- قاعدة بتفكري فيا صح للدرجادي بتحبيني. 


لأول مرة تتخلى عن خجلها الدائم وباغتته بردها العاشق 


:- لو مش هحبك أنت هحب مين يعني أنا قلبي معرفش حاجة اسمها حب غير على إيدك من زمان أوي. 


ابتسم بشغف وطالعها بعدم تصديق ثم شدد من أحتضانه عليها وتابع مرحه معها


:- أيوة بقى ده إحنا اتطورنا خالص تتحسدي النهاردة الصبح الاقيكي غيرانة عليا ومولعة ودلوقتي بتقولي كلام جامد يستاهل مكافأة حلوة. 


سرعان ما اعتدلت أمامه في جلستها وغمغمت بضيق بعدما تذكرت غضبها منه لما حدث صباحًا 


:- أيوة صح الصبح كويس إنك فاكر واقف مع أروى وبتضحك من قلبك كدة ليه وهي بتضحك بصوت عالي. 


ازداد ابتسامته اتساعًا مستمتعًا بغيرتها عليه عالمًا بنيران الغيرة التي حرقت قلبه سنوات عديدة


:- لا ده حصل تطور خالص محتاجين نشوفه ونشوف الغيرة دي.


تطلعت بعينيها بعيدًا هاربة من نظراته المصوبة نحوها شاعرة بالخجل وغمغمت بتوتر


:- لـ.. لأ طبعاً أنت بتقول ايه أنا مش بغير أنا بس بتكلم معاك. 


أمسك وجهها بهدوء ليجعلها تتطلع نحوه وعاد عليها سؤاله مرة أخرى باصرار 


:- لا بلاش كدب دة أنا ظابط بعرف أكشف الكدب خدي بالك فقولي الصراحة عشان معاقبكيش بتغيري عليا؟

الصفحة التالية