-->

رواية جديدة مشاعر مهشمة 2 لشيماء مجدي - الفصل 62 - 3 الإثنين 25/12/2023

  

قراءة رواية مشاعر مهشمة الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية مشاعر مهشمة الجزء الثاني 
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات 
الكاتبة شيماء مجدي 

الفصل الثاني والستون

3

تم النشر يوم الإثنين

 25/12/2023


اتضح له أن سعيه في إصلاح ما أفسده، هو الخطوة الأولى نحو إعادة بناء حياته، بصورة خالية من الشوائب، والقاذورات التي كانت تلوث صفاءها، وتدمر كل ما كان يشيده بها، طالما الأساس كان مهزوزًا، ولكن مع بعض الأعمدة التي دعمته، أضحى من السهل عليه الوصول إلى أعلى غايته، دون خلل، أو كلل. 


عندما وطأ بقدمه داخل غرفته، وجد الإضاءة خافتة، ويعلو كل طاولة جانبية، أكثر من شمعة ملونة، يفوح منها رائحة ذكية، زكمت أنفه فور دخوله، رفت بسمة غبطة فوق شفتيه، حينما تدارك ما تحاول فعله، وبدأت عينيه وقتئذٍ تبحث عنها في أرجاء الغرفة، توقف عن الالتفات، ونظره ارتكز عند بقعة بعينها، بالقرب تحديدًا من غرفة الثياب الملحقة بحجرتهما الكبيرة.


تقدمت نحوه بخطوات متهادية، وجسد يتمايل، في ثوب نوم حريري، عمدت إلى أن يكون بلونه المفضل، ابتلع ريقه بتأثر وهو يتابع دلالها المحبب في سيرها نحوه، وما كادت تصير قبالته، حتى اندفعت في حضنه، التصقت به، وحاوطته ظهره، بذراعين تشتد في ضمه.


أطبق وقتئذٍ عليها بذراعيه، مساعدًا إياها في دمغها به، تسلل شعور بالدفء لجسده، وسرى في عروقه فورانًا اجتاح كيانه، وبعد مضي القليل من الوقت، كان له تأثير بالغ في تحفيز المشاعر، وتحريك الكامن، ابتعدت عنه بمسافة لا تقدر بأنملة، فقط أتاحت لها النظر له، بوجهها البهي، وعينيها البراقتين، حينها مسح فوق مقدمة رأسها، معيدًا شعرها النافر للخلف، وقال لها بصوته الرخيم برضاء شديد:


-بقالي كتير مرجعتش من برة وخدت حضن حلو كده.


تشكلت بسمة ساحرة على شفتيها، المحددتين بملمع شفاه كرمزي اللون، جذب نظره، وحثه على تذوقه بفمه، مال نحوها، ولكنها بلهفة حالت دون تجسيد ما دار بمخيلته الجامحة، وتساءلت بنبرة تقطر فرحًا:


-بجد اللي رفيف حكيتهولي؟


تفقه مقصدها، ولكنه أراد العبث معها، وهمهم قبل أن يسألها بمراوغة:


-اللي هو إيه؟


بحماس ينبثق من مقلتيها، سألته:


-نهيت العداوة اللي بينكم وصالحتهم؟


ضيق عينيه بطريقة متفرسة، وسألها باشتفاف:


-الموضوع مفرحك أوي كده؟


أكدت له ملاحظته، مرددة على الفور بسرور:


-طبعا مفرحني.


استبقى نظره المتفحص عليها، وهو يسألها باستنباط:


-عشان صاحبتك؟


ردت عليه بدون تفكير:


-عشانك انت يا عاصم.


قبل أن يبدر منه رد، أضافت بجزع:


-مش عايزه افضل عايشة في خوف عليك ليحصل مشاكل بينك وبين أي حد تاني، كفاية اللي عيشته ومريت بيه وانت بتموت قصاد عيني.


رأى لمعة دموع تسللت لعينيها مع الأخير من قولها، لهذا سارع في التكلم بمشاكسة:


-مانا عايش اهو متقلبيهاش كل شوية دراما.


قرص وجنتها بخفة جعلتها تضحك، ولمعة الدموع بعينيها، تبدلت للمعة سرور، وخلال ذلك سألها باهتمام:


-الولاد نايمين؟


همهمت بتأكيد وهي تومئ له بالإيجاب، حينها انتقلت حدقتاه نحو سرير جوهرته الثمينة، وعندما وجده خاليًا سألها باستغراب:


-مانيسا فين؟


عبثت بأصابع يدها في زرار قميصه، وأجابته بدلال موحٍ:


-سيبتها مع الناني، عشان نعرف نقضي الليلة سوا.


انشقت شفتاه ببسمة جذابة، حملت بعض المكر حينما أخبرها بتلقائية مصطنعة:


-طب هروح اشوفها.


لم يكد يبتعد بعض الإنشات عنها، حتى أمسكت بذراعيه، ولامته بعبوس:


-في إيه يا عاصم؟ تروح تشوف مين دلوقتي؟ هو اللون مش عاجبك ولا إيه؟


ازداد وهج عينيه العابث، وسألها بانتباه زائف:


-انتي عاملة كل ده ليا؟


ازدادت تكشيرة وجهها وهي تسأل بانزعاج:


-انت لسه ملاحظ دلوقتي!


قبل أن تأخذ ردة فعل هوجاء، غير متوقعة، احتجز خصرها بذراعيه، وشاكسها بقوله:


-الحاجات دي محصلتش من زمان.


تراجع الضيق عنها من لمستها المداعبة، أراحت ساعديها فوق صدره، وعاد الدلال يحتل صوتها الرقيق وهي تسأله:


-المهم عجبتك؟


قربه إليه أكثر وهو يرد عليها بصوته المثيرة:


-ودي محتاجة سؤال!


دنا من وجهها، في نية لأخذ القبلة التي تحرق لنيلها منذ مجيئه، حينها تراجعت برأسها للخلف بتدلل متعمد، لترد له الصاع صاعين، بعد ملاحظتها لعبثه المتقصد منذ برهة، وسألته بلؤم أنثوي:


-مش هتروح تشوف مانيسا؟


أغرته فعلتها، وتمنعها الشقي أزاد من رغبته فيها، ورد عليها بانجذاب شديد:


-نأجل مانيسا شوية، مش هتطير يعني ماهي في الأوضة اللي جنبنا هتروح فين.


مال نحوها ملتقطًا شفتيها في قبلة مطولة، رقيقة، ورهيفة، جعلت رعدات لذيذة تسري في خلاياهما، وفيضان من مشاعر الرغبة، واللهفة ينبثق في عروقهما، حتى كادت أعصابها تخور، وتحمسه جعل نيرانًا بداخله تثور، استوى بها على الفراش، وبحالة من السحر الآخاذ عاش، ورغم الحاجة الملحة التي تدفعه للتفاعل معها بجنون، إلا أنه تأنى في لمساته، وتهادى في ممارساته، حتى جعلها تشعر بتحليقها في عنان السماء، مأخوذة بسحر الهوى، الذي أشبع عطشها وروى، حتى انتفضت كورقة شجر تميل مع الرياح المهفهفة، بسرعة منعشة، باعثة على راحة تمتزج بدفء تسلل رويدًا رويدًا في جسديهما، وكأنه كان يعمل بكل جهده على جعلها ذكرى لطيفة، تُثبت لها انتهاء العهد السابق بينهما، ببدء حكاية جديدة، ستشهد على ميلاد حب حقيقي، ذا جذور أقوى وأشد، مع ثقة كاملة بأنه سيحيا بينهما وإلى أجل غير معلوم سيمتد.


ارتاح رأسها على كتفه، بعدما انغمسا بتقارب حسي، التحمت فيه الروح قبل الجسد، وبينما يمسح بيده بنعومة مقشعرة فوق جانب ذراعها، وقد هدأت وتيرة أنفاسه حتى باتت تتتابع بصورة طبيعية، حدثها بهدوء:


-داليا انا ملاحظ انك معدتيش بتروحي الجامعة.


رفعت مقلتيها بانتباه له، وبعدما تداركت ما قاله، ردت عليه بصوت به بحة خفيفة إثرا لما خاضاه منذ برهة:


-مانت شايف اللي كنت فيه، خرجت من حمل نائل ورائف دخلت في مانيسا، ده غير الفترة اللي فاتت مكانتش سهلة عليا لا صحيًا ولا نفسيًا.


مال برأسه لأسفل، حتى يستطيع النظر لوجهها، وعقب بتفهم:


-عارف ومقدر ده، بس كده سنتين ضاعوا عليكي.


أخفضت نظرها وهي تدفع برأسها بين حنايا عنقه، وغمغمت:


-هحاول ارجع اكمل السنة الجاية.


مسد شعرها الناعم بأصابعه، وعلق باستحسان:


-ياريت، عشان حتى لو عايزه تشتغلي أو تعملي بيزنس لـ..


قاطعته بقولها بعد أن حركت رأسها قليلًا:


-بصراحة مش بفكر في الموضوع ده.


ظن أن ردها المتسرع عائدًا إلى توقعها رفضه أن تعمل فيما بعد، رآها ترفع رأسها، حتى صارت مقابل خاصته، ومتكئة على مرفقيها فوق الفراش، حينها أخبرها:


-أنا مش ممانع.


كانت تعلم ذلك، فقد سبق وأخبرها منذ فترة طويلة، إذا كانت ترغب في استثمار أموال ورثها في شركته، وتتدرب بها كذلك، وعند انتهائها من تعليمها الجامعي، تأخذ منصبًا بها، وحينها لم تفكر في الأمر بشكل جدي، هزت رأسه بتفاعل تلقائي مع قولها: 


-عارفة، بس الموضوع متعلق بيا انا..


ثبت نظره المهتم عليها وهي تكمل باستيضاح:


-انا عمري ما كان هدفي اشتغل، من أول ما بدأت احلم واتمنى، كنت عايزاك انت، وبعدها اتمنيت طفل منك، لكن الشغل عمره ما كان أولوية بالنسبالي.


رفع يده ماسحًا فوق كتفها بحنوٍ وهو يعقب بلطف:


-انا مش عايز احس اني جيت على طموحك بالجواز والخلفة في سنك ده.


 الصفحة التالية