-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 26 - 1 الأثنين 2/12/2023

 قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل السادس والعشرون

1

تم النشر يوم الأثنين

2/12/2023

 

بين ذراعيه، يضمها بين ذراعيه،  حبيبة الطفولة وأحلام الصبا، يتأمل وجهها وحسنها الفتان عن قرب، بكامل جمالها وسحرها، شعرها الذي توقف عن رؤيته منذ أن كبرت امامه، وغطت ضفيرتها بالحجاب، يخلل اصابعه بين الخصلات الناعمة بحرية، ذراعه الملتفه حول خصرها، أعلى الملابس الخفيفية الناعمة، تشعل نيران الرغبة، بعد أن الصقها به، يتنشق رائحتها المسكية وكأنها تحيه، هي بين يديه واحلام النوم واليقظة معًا على وشك التحقق، 

ولكن....

بشعور غير مريح على الإطلاق، رفع رأسه عنها مغمغمًا لها بضيق:
- تاني برضوا يا روح؟ اجربلك ازاي انا وانتي بترتجفي كدة. 
رفرفت بأهدابها وللمرة الثانية تتشتت ابصارها، ما بين التهرب والارتباك عن التطلع اليه جيدًا، حتى شدد يضغط على خصرها ويهزهزها بانفعال:

- تاني هجولك بصيلي في عيني يا روح؟.... احنا اتفجنا مفيش هروب تاني، عارفة يعني ايه مفيش هروب؟
تطلعت اليه بعدم فهم، وقبل ان تستفسر عن مغزى مقصده، باغتها بقلبة جامحة، يعصرها بين ذراعيه، ليبدل الكلام بالفعل الحقيقي، كي ينهي لحظات الخوف والترقب بالهجوم المباشر، 

ولكن...

نزعها عنه فجأة يبتعد، يحدق بها بجمود اجفلها،  فتزداد اضطرابًا، وتطالعه بتساؤل جعله ينفعل عليها:

- انا عايز افهم، سبب الرجفة دي خوف بزياده،  ولا هو توتر ولا ايه بالظبط؟
خرج صوتها اخيرا تحتج مرددة بدفاعيه، وهي تنكمش وتزيد بضم طرفي المئزر عليها، بمبالغة لا يغفل عنها:
-  يعني هيكون ايه تاني كمان يا عارف؟ كسوف، ولا دا كمان حاجة غريبة؟

تخصر يردد خلفها باستهجان:
- لا مش حاجة غريبة يا روح، الغريب هو الزيادة، مفيش راجل يكره الكسوف من الست اللي بيحبها في اللحظة دي بالذات، بس الشي اللي بيزيد عن حده بينجلب لضده، ولا انتي ناسية ان كان ليا تجربة جبل كدة؟ 

قالها وتحرك بغضبه نحو خزانة ملابسه يلتقط ملابس للنوم، متجاهلًا عن قصد، بيجامة العرس المُلقاة على الفراش،، ليتخذ طريقه بعد ذلك نحو الخروج، ويجعلها تسأله باندهاش:

- طب انت واخد هدومك دي ورايح تغير فين؟ الحمام هنا في الأوضة.

اشارت على الأخير في الجهة القريبة منه، ليلقي نظرة خاطفة نحوه، قبل ان يلتف اليها مصدرًا قراره:

- هطلع اغير في الحمام اللي برا،  لأني ببساطة مش هنام هنا، وهسيبك تهدي مع نفسك.
صعقت لتردد بصدمة :
- يا لهوي، هتسبيني النهاردة يا عارف؟ انتي عايزهم يثبتوا الكلام عليا. 

توقف يفاجئها بابتسامة كاشفة ليعلق ردًا لها:
- اطمني يا روح، محدش يجدر يجيب سيرتك بنص كلمة، انتي بجيتي مرتي ، يعني اللي يمسك يمسني. 

هم ان يتحرك ولكنها فاجاته باعتراض طريقه:
- بلاش تطلع يا عارف.... 
اسبلت اهدابها عنه بخفر ، لتتابع بضعف وصوت يخرج بصعوبة:
- بكرة الصبح لازم هياجوا عشان يطمنوا، عايزني ارد عليهم واجاوبهم بإيه لما يسألوني عن......

اردف يجيبها بصرامة وقد فهم مقصدها :
- جوليلهم عارف منبه عليا ، الحاجة الخاصة بيني وما بينه، محدش يطلع عليها غيرنا، ولو هتتكسفي سيبي الأمر عليا. 

على قدر إعجابها بثقته بها، الا أنها لم تقوى على الزحزحة من محلها ، لتستطرد :
- طب وانت ايه اللي يجبرك تكدب على حاجة لسة متأكدتش منها بنفسك،  مش يمكن.....

- يمكن ايه ؟ هو انا مستني دليل عفتك عشان اتأكد قبل ما ادافع عنك، انا مجدر وضعك يا روح، واللي خلاني اصبر بالسنين على أمل ضعيف، مش هيخليني اصبر وانتي في بيتي دلوك؟

قالها بصوت يمزج بين الحنو والحزم في اَن واحد، يخترق حصونها ويزلزلها من الداخل، لتخاطبه بالرجاء اخيرا:.
- طب حتى لو كان، نام هنا في فرشتك برصةا، ليه تطلع برا؟ 

لاحت على وجهه ابتسامة حقيقية ليعلق بجرأة أخجلتها، 
- عشان مينفعش، لو جعدت هنا شوية الصبر اللي بجولك عليهم ، هيطيروا في الهوا.... ف انا احسنلي اني انام برا. 

قالها ثم خرج من الغرفة، لتسقط هي محلها، تشعر بخيبة اختلطت بيأسها وحزن .

❈-❈-❈

عاد الاثنان بعد انتهاء حفل الزفاف، واطمئنانه على شقيقته في كنف ابن عمه زوجها الاَن، وحديث بين الاثنان لا يتوقف، حتى وهو قليل الكلام ، لكن مع صديقه الثرثار لا يصمد امام مزاحه ومناكفاته معًا، ترجل الاَخر من السيارة اولا، قبل ان يلحق به نحو مقر ضيافته بالمنزل، 

كانت هي في هذا الوقت تودع ابناء شقيقها، قبل ان يغادرا مع والدتهم، لفتت انظار هذا الغريب، والذي تأنى بخطوات المقصودة يطالعها باعجاب انتبه عليه الاخر، ليزمجر ثم يدفعه بخشونة كادت تجعله يقع منكفئًا على وجهه، ثم ليسحبه من مرفقه حتى اذا وصلا الى داخل المنزل ، صاح به معترضًا:

- في ايه يا عم الحج؟ دي يدوب نظرة بريئة، وحتى ملحقتش املي عيني منها....
- يوسف..
هتف يقاطعه بحدة ينهاه:
- انا لولا اني واثق في اخلاجك، وعارف ان انت انسان كويس، اقسم بالله ما كنت هفوتهالك دي.

رد يجيبه بدرامية:
- وانا عملت ايه بس؟ بصراحة بقى انا عرفت قصتها وصعبان عليا تعيش كدة من غير راجل، وهي لسة في عز شبابها....

لم يكمل الأخيرة حتى قطع مجبرًا، وقد أجلفه الاخر بأن قبض على عنقه بعدائية مرددًا:
- وكمان لحجت تسأل عنها وتعرف ظروفها،  يعني عينك راحت على حريم البيت يا يوسف، دي اخرة ثقتك فيك.

صرخ بالاَخيرة حتى جعل الاخر يرجوه مخاطبًا:
- والله ما راحت على حد، دا كان صدفة زي ما شوفتها دلوقتي، فك ايديك دي شوية عني، روحي هتطلع في ايدك، 

تركه بعدها بلحظات،  ليسعل الاخر لمدة ليست محددة 
بالوقت، حتى تحول لصحكات متقطعة خبيثة، زادت من حنق الاَخر ليهدر به:

- ليك عين تضحك كمان، دا انت باينك عايزني اروح فيك في داهية النهاردة،  وجف يا بني آدم، شيطاني بيوزني عليك. 

اومأ بكفيه باستسلام ليحاول السيطرة متمتًا بمهادنة:
- خلاص يا عم اهو، وقف شيطانك دا عني، انا في الأصل مقصديش من اللي في دماغك، وحتى لو في، دلوقتي مينفعش خلاص. 

قطب يرمقه بدهشة وغضب متزايد، ليردد الاَخر موضحًا بتسلية:
- ايوة يا عم مينفعش امال ايه؟ مدام فهمت وعرفت انها تخصك، يبقى خلاص بقى، ربنا يجمعك بيها على خير يارب.

برق بإجفال شديد يتمم بصدمة:
- ايه بتجولوا دا يا جزين؟ هو انت فهمت ايه؟ انا بكلمك عن....
صدح يقاطعه بمكر كاد ان يطيح بعقل الاَخر:
- يا سيدي خلاص فهمت، ولا محتاجة تعب منك في الشرح او التوضيح، دي حاجة كدة باينة زي عين الشمس، حاجة حلوة وجميلة كدة، على قد ما تبقى مكتوي بنارها، على قد ما تبسطك اقل همسة منها ، ربنا يوفقك ويحقق امانيك. 

ختم يغمز بعيناه ليضرب الاَخر كفًا بالاَخر، ينكر بكذب مفضوح:
- لا حول ولا  قوة الا بالله ، انا خابر من الاول ان فيك ربع ضارب،  بس الظاهر كدة جلبت معاك بتهيؤات، روح عالج نفسك يا يوسف، روح عالج نفسك يا حبيبي. 

- انا برضوا اللي اتعالج؟ الله يسامحك، مقبولة منك، بس عشان ظروفك....
- ظروف ايه اللي يخرب عجلك. 
هتف بها يندفع نحوه بانفعال، جعل الاَخر يرتد بأقدامه للخلف، يزيد بالضحكات يغيظه، 

حتى استشاط الاخر حتى كاد ان يفتك به، قبل ان يوقفه نداء رجله:

- غازي بيه، كنت عايزك في كلمتين.
التف نحوه يتمالك الغضب والصخب الدائر بداخله ، ليجيبه باضطراب يخفيه:

- بكرة الصبح يا بسيوني، خد يوسف بيه دلوك ووصله للأؤضة بتاعته. 
تمتم بها وتحرك مغادرًا على الفور من أمامها، تتبعه ابصار بسيوني بتعجب، جعل الاَخر يخاطبه بتساؤل:

- ايه يا بسيوني؟ هتفضل لازق في مكانك، مش ناوي يا حبيبي توصلني زي ما قالك غازي؟

❈-❈-❈

الفراش الجديد، أم هي الغرفة الغريبة عنها، ام هو الشعور بالذنب وتأنيب الضمير الذي لا يكف عن تعذيبها، في أن تتركه في تلك الليلة الخاصة، ألا يحصل على حقه الطبيعي في نيلها، وينام ليلته خارج الغرفة.

- يووووه. 
تمتمت بها بضجر اصابها، لتعتدل بجذعها وترفع الغطاء عنا، ثم تنزل بقدميها، لترتدي خفها وتحركت لتخرج على الفور. 

لم تتعب في البحث عنه، وقد وجدته متسطحًا على أحدى الارائك الاَثيرة، غاطسًا في النوم، يخبئ بساعده على عينيه، تقدمت نحوه حتى وقفت بجواره متخصرة بغيظ، تغمغم بصوت خفيض:

- عندك جلب وبتاكل رز مع الملايكة، وانا النوم ما راضي يعتب جفني.

زفرت تخرج دفعة كثيفة من الهواء بصدرها، قبل أن تجلس بعدها بجواره، وحيرة تستبد بها، ما بين تردد يقيدها في ايقاظه، وعذاب الفكر في تركه.

حاولت اخراج صوت بصعوبة:
- عارف. 
لم يستجيب، ولكن مع لمستها الخفيفة على ذراعه، تحركت من فوق عينيه، لتكشف وجهه بالكامل لها، فكانت فرصتها الذهبية في النظر اليه عن قرب، بعيدًا عن حصار عينيه الغافية الاَن، فلا تحتاج الى الهرب منه كما يخبرها دائمًا.