-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 27 - 1 الأربعاء 6/12/2023

  قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل السابع والعشرون

1

تم النشر يوم الأربعاء

6/12/2023

 


- عقاب ايه؟ ما جولنا موضوع فض واتنسى على كدة، هننخر ليه في اللي فات؟


صاحت بها بوجهه، تنهيه من البداية، علّه يستمع منها ويتراجع، وقد زحف بقلبها الرعب بسببه، وهي ترى الاجرام  ارتسم على ملامحه الجامدة، شرار عينيه المتقدة كجمرات حمراء نحوها، ينذر بحدوث كارثة، ولكنها كآنت مجرد محاولة، رفض القبول، هادرًا بها:


- مفيش حاجة انتهت، لما يجي كلب زي ده، ويلف يجابلك من غير اذن في ضهر البيت اللي المفروض تلاجي امانك فيه يبجى لا، لما يتجرأ عليكي وانتي تحت حمايتي، واخته اللي هي كانت مرتي، تغطي وتجلب الآية عشان تجيب اللوم عليكي، يبجى لا.


انا فايدتي ايه لما يحصل دا كله معاكي وانتي في بيتي؟ 

صرخ بالاَخيرة يجفلها حتى ارتدت بأقدامها للخلف، فالتصق ظهرها بجدار الحائط، وصمت الخوف الذي اصابها، اجبره ان يخفف قليلًا من حدته، يؤلمه رؤيتها بهذا الضعف في حضرته، وهي صاحبة حق:


- يا نادية انا بتكلم في حاجة كبيرة مينفعش التهاون ولا السلبية فيها، الأمر ميخصكيش لوحدك، الأمر يخصني جبلك، لا يمكن هعرف اعبرلك دلوك على النار اللي جايدة جوايا من ساعة ما عرفت باللي حصل ، الكلبة واخوها لازم يتربوا على عملتهم. 


- وانا مش عايزة أذية لحد حتى لو هما غلطانين، لو هتكلم على فتنة ، فدي طبيعتها من الأول، غبية وشيطان راسها هو اللي بيسوجها بغشم الكبر اللي اتربت عليه وكبر معاها. 

اما بجي عن ناجي، ف انا خدت حجي منه وجتها، بالجلم اللي رن على خده، ولا مجالتكش روح عليها دي؟


- جالتلي. 

صرخ لها ليتابع بغضب يحرقه،  ضاربًا بقبضته على الجدار من جوارها، وأنياب حادة تنبش قلبه بشراسة، تحفر جروحًا غائرة به:


- ودا اللي مخلي النار بتاكل فيا، ما هو بالعجل كدة، طول ما وصلك للمرحلة اللي تمدي فيها يدك عليه، يبجى الموضوع كان اكبر من انك تفوتيه، زي ما بتحاولي تقنعيني دلوك، عمل معاكي اييييه؟ 


شدد بالاَخيرة يزيد بالضغط عليها، ولكنها رفضت الأنصياع، تواصل الإنكار:


- معملش، هو بس عرض عليا الجواز، وانا ضربته عشان كدة، عشان رافضاه وعشان كلمني بعد ما فاجئني بجيته هنا  


كان كمن اصابه الجنون، يجاريها بهز رأسه المبالغ فيه بقصد استدراجها:

- تمام تمام، انا معاكي فيها دي، بس انا بجى يهمني التفاصيل... يدك طالته ازاي؟ يعني مثلا كان واجف مطرح ما واجف انا دلوك، وفي مسافة امتار تفصل ما بينكم....

روحتي انتي متجدمة عليه من نفسك، وسايبة مكانك عشان تلطشيه بالجلم، ولا  هو اللي جرب للمسافة اللي خلت يدك تترفع غصب عنك وتعلم عليه عشان يرتدع عنك؟


بهتت بوجه تخضب بحمرة قانية،  تجمع ما بين الخجل والفضب الشديد، لقد استطاع بخبرته ان يحشرها في زاوية لا تجد منها منفذًا للهروب، بعدما جمع الخيوط بحنكته والاَن يريد التفاصيل المخجلة، وهي التي لم تجرأ بالبوح بها امام شقيقته، تخبرها هو بها!


- ما تردي يا نادية وريحيني.

صاح بها للمرة الثانية يجفلها، ليواصل بجنون الظنون التي تنهش برأسه:

- كيف مديتي يدك عليه؟


ظلت صامتة للحظات كاد ان يقتله فيها مرار الانتظار، تبحث بتفكير مضني عن رد مناسب، حتى غلبها اليأس تجيبه بفظاظة:

- كيف عاد مش كيف؟ كل اللي اجدر اجولهلولك، هو انه لا جرب ولا جدر يمسني حتى، وبس على كدة وخلصت 


- بس حاول. 

قالها بيقين استقر بداخله، ليستطرد بأعين حمراء، يضغط على حروف الكلمات بشر لا يخفيه:

- كون انه حاول  بس، دي تكفي عندي، تكفي ان اربيه على عملته السودة......، عن اذنك. 


ختم ليلتف مغادرًا، يحفر الأرض بخطواته الغاضبة، يتركها محلها، بخوف جثم بثقله على سائر اعضائها الحيوة، شلل اصاب اطرافها، ولسان انعقد حتى عن النداء بإسمه كي توقفه، بعجز اصاب عقلها عن التفكير في اي شيء يوقفه، وقد بدا من هيئته انه على وشك ارتكاب جريمة. 


جاء صوت صغيرها، كمنبه لها كي يعيدها من شرودها:


- ماما....حمو خازي زحلان؟

قطبت جبينها قليلًا تستوعب الكلمات الجديدة منه، لستدرك بعد ذلك كي تجيبه:


- لا يا حبيبي مش زعلان، هو بس وراه مشوار مهم.......

ربنا يستر علينا منه 


❈-❈-❈


جلس ينضم معها على نفس الاَريكة التي لم تتركها منذ وقت خروج شقيقها،  وقد ظلت واجمة شاردة، بقلق غلف ملامحها بقوة .


- ايه مالك؟ شكلك ميطمنش ، دا غير ان اخوكي نفسه مكنش بطبيعته النهاردة؟ انتو زعلانين مع بعض؟

تطلعت اليه، وهي تتسائل داخلها ان كان يجب عليها ان تخبره ام لا؟ ولكنه لم يعطيه الفرصة للاختيار:


- انتي حرة يا روح لو مش عايزة تتكلمي ، بي انا عايز اطمن عليكي مش اكتر .


- وانا عايزة اتكلم يا عارف، لأني بصراحة خايفة، والخوف اللي جوايا من الناحيتين، خوف من الكلام وخوف من عدم الكلام.

رددت بها برغبة ملحة بالبوح تكتنفها رغم ترددًا يشوب نبرتها، فجاء قوله محفزًا:


- وايه اللي مانعك يا روح؟ انا في كل الحالات معاكي وميهمنيش غير مصلحتك، أو أي شي يخصك.

- ما هو ميخصنيش، دا يخص ناس تانية عزاز عليا،  ولولا تقديري لرغبتها في الكتمان، ما كنت ابدا هجبل بالسكوت، بس شكلي غلطت لما تبعتها ودلوك هتجلب فوج راس الكل.


اثار قولها تحفزًا داخله، شاعرًا بخطورة ما تتحدث عنه، فخرج صوته حازمًا بحسم:

- طب اتكلمي على طول وما تستنيش مدام الأمر خطير كدة.


❈-❈-❈


بداخل الحظيرة الضخمة الملاصقة لمنزلهم من الخلف، وقد اشرف كعادته في هذا الوقت ، في الرعاية والاهتمام بأفراد قطيع المواشي،  من بقر وجاموس وأغنام، تملأ المساحة الشاسعة في هذا المكان الذي بني خصيصًا لهم، من قبل المالك والده، فهذه الأشياء التي تدر المال الكثيف، هي الشي الوحيد الذي يحرص عليه،  بعناية شديدة، ألا تمرض او ينقص وزنها بقلة الطعام او  أي شيء قد يتسبب في الضرر لها ويرتد عليه سلبًا بعد ذلك بخسائر لن يتقبلها، وها هو الاَن يتحدث بانتشاء الفائز مع زوج إحدى شقيقاته، والذي كان يطالع الوارد الجديد، مبديًا إعجابه الشديد بها:


- زينة جوية يا ناجي، البقرة دي مشرعة وعفية، تنفع جوي تجيب زريعة عجول ولا بقر زيها، حاجة كدة ولا الحصان العربي الأصيل، عرفت كيف تقنع عيلة ابو دراع وتاخذ من زريعتهم، دول بيورثوا الفصيلة لبعض وكانها كنز مينفعش يطلع برا العيلة. 


عبس ناجي يجيب صهره  الذي ما زال يربت على ظهر البقرة بانبهار:

- متفكرش اني خدتها بالساهل يا عفيفي، دا انا واخدها بحج ازيد من تمن بقرتين، يعني سمي كدة في جلبك وصلي ع النبي ، دي لسة مجابتش خيرها، ويا عالم، مش يمكن تطلع معيوبة بعد دا كله. 


ضحك الاَخير، يعقب على قوله بخبث وسماجة تستفزه 

- يا راااجل، هو انت برضوا حد يقدر يضحك عليك، ولا هتجيب حاجة من غير ما تفرزها، طب اجطع دراعي، ام ما كنت شاريها عُشر، صح ولا لاه؟


ختم يغمز له بضحكة زادت من اشتياط الاَخر، يضرب كفيه ببعضهما متمتمًا بسخط:

- لا حول ولا قوة إلا بالله، يوم الخميس الساعة خمسة هبجى اجيب الدكتور البيطري يشوفها، وساعتها هبلغك باللي يجولوا. 


- بتخمس في وشي يا ناجي، دا على اساس اني هحسدك مثلا؟ ، هو انت في حاجة بتحوج فيك يا راجل؟

ردد بها عفيفي، بجسد يهتز معه من فرط الضحكات، مستمتعًا بسخط الاخر، والذي كان يحدجه بغيظ شديد، على وشك الانفجار به، قبل ان يلتفا الإثنان على الصوت الجهوري من خلفهما:


- براحة على نفسك شوية يا عفيفي، لا تموت من كتر الضحك، ساعتها محدش هينفعك، ولا حتى جوز اختك اللي بترازي فيه ده.


توقف الاول عن الضحك، وتسائل الثاني بذهول وقد انتصب واقفًا في استقباله: 

- غازي الدهشان، مش بعادة يعني تاجي على هنا وما تبلغنيش بزيارتك، خير في حاجة؟

رد يجيبه بابتسامة صفراء:

- خير يا ناجي، الأول بس نسلم على عفيفي جبل ما يطلع ويسيبنا لحالنا، نتحدت مع بعض. ازيك يا واد عمي  عاملة ايه مرتك والعيال؟


اردف بالاخيرة نحو الرجل، يصافحه على عجالة، فجعله يتجاوب معه بارتياب ، حتى انصرف على غير ارادته، ليقف خارجًا يراقب الوضع، بينهما، شاعرًا بذبذبات في الأجواء غير مبشرة على الإطلاق. 


- ايه؟ زعلت اني دخلت من غير استئذان؟ 

وجه له السؤال يرفع الشال الصوفي عن رقبته ليُلقيه على احد الحواجز، ثم خلع الساعة ايضًا وضعها عليه،، ليجبر الاخر على الاستفسار:


- في إيه يا غازي؟ شكلك مش طبيعي النهاردة! اللي يشوفك كدة يجول داخل على عركة. 


عقب غازي من خلفه:

- برافو عليك، انا فعلا جاي في عركة، لأن دي الحاجة الوحيدة اللي فاضلالي للأسف مع واحد واطي زيك.


ردد الاخر خلفه بغضب :

- واطي، إنت واعي لكلامك دا يا غازي؟ الغلط دا كبير جوي لو مش واخد بالك يعني .


اومأ لن برأسه مؤكدًا

- ايييوة،  هو فعلا غلط كبير، وبنفس الوجت برضوا بالفعل ينطبق عليك..

تحرك يخطو نحوه، متابعًا بالعد على اصابعه؛

- ليه بجى  ينطبج عليك؟ عشان اللي يدخل البيوت ويلف على مكان الحريم، يجلج امانهم، يتجال عليه واطي، اللي يتجرأ على الولية ويجبرها انها تمد يدها عليه، يبطى اجل من الواطي.


تفوه بالاخيرة صارخًا وكفيه حطت على ياقة جلباب الآخر بعنف جعله يهتف بدفاعية، وقد فهم مقصده:

- صلي ع النبي يا غازي، انت جايب الكلام ده منين؟ هو انا من امتى كنت بالاخلاق الشينة دي؟ مين اللي بلغك بالكلام دا اساسا؟

الصفحة التالية