رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 27 - 2 الأربعاء 6/12/2023
قراءة رواية ميراث الندم كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ميراث الندم
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
2
تم النشر يوم الأربعاء
6/12/2023
هزهزه بوحشية يردد:
- ما هو حظك ان محدش بلغني وان عرفت لوحدي بس للأسف متأخر، عشان لو كنت عرفت في وقتها، كنت ساعتها طلعت روحك، انت واختك اللي غطت على عملتك، هي دي اخلاج الرجالة ياد؟ مع حرمة مكسورة الجناح، لجأت لينا لاجل امامنها وامان ولدها؟
- انا كنت طالبها للجواز هي اللي فهمت غلط؟ يعني دا ذنبي اني عايز استرها في بيتي بدل ما هي مشندلة في بيوت الناس.
- ناس مين ياد؟
صاح بها يعيد تعنيفه برجه بين يديه:
- انت فعلًا واطي، والظاهر ان من كتر معاشرتك للخواجات والناس السو، خلتك افتكرت انك ان كل الحريم واحد، لا يا ناجي، شكلك كدة عايز تتربى من جديد عشان تفكر الف مرة بعد كدة، جبل ما تكلم مرة حرة وتتجرأ عليها.
- اتجرأت عليها!
خرجت من الاخير باستهجان ساخر، قبل ان يفاجأه بتبجحه:
- ولما انا اتجرأت عليها هي متكلمتش ليه؟ كانت مكسوفة مثلا تجول ع اللي عملته ولا خايفة مني؟ وع العموم يا سيدي ساهلة خالص اهي، اتجوزها ونلم الموضوع.
- تلم مين يا كلب؟ هي كانت مبعترة؟
صرخ بها يدفعه من طول ذراعه، حتى سقط فوق كوم من القش، وتحفز غازي يشمر أكمامه، ليردف بإجرام قبل ان يتقدم نحوه؛
- طلبتها ونولتها يا ناجي.
❈-❈-❈
واضعًا كفيه في جيبي بنطاله، والنظارة السوداء تغطي على عينيه لتحميه من حرارة الشمس، فتضيف مزيدًا من هالة جاذبة تخطف الأبصار نحوه، بالإضافة لأناقة المظهر المميزة،
وتسائلًا لا يتوقف من الافواه، عن هوية الغريب المرافق لبسيوني في سيرهم عبر طرقات البلدة، في جولته لتفقد البلدة الريفية الغريبة بأجواءها عنه:
- ما شاء الله يا بسيوني، البلد كلها كأنها جنينية كبيرة ، في كل حتة اراضي مزروعة، عروش العنب ولا اشجار المانجة الكبيرة محاوطة كل بيت .
عقب بسيوني بزهو يكتنفه:
- البركة في الدهشان الكبير، هو اللي استصلح الصحرا، وبعدها الدنيا اتعمرت زي ما انت شايف كدة، وعياله كملوا الرسالة، ربنا يباركلهم هما كمان.
- فعلا عندك حق، بس انا بقى عايز اشوف جنانين الفاكهة اللي بنصدر منها ، هنلحق نروحها على رجلينا ولا نرجع على البيت الكبير، ونروح بالعربية؟
تبسم يجيبه بمشاكسة:
- يا بيه ما انا جولتلك من الاول نطلع بالعربية بس انت اللي جولت عايز اتمتع بالهواء النقي.
مط بالاَخيرة ليثير الحنق بداخله، حتى استنكر هاتفًا به:
- بتتريق عليا يا بسيوني، طب انا فعلا بقى مش تعبان، وايه رأيك بقى هكمل معاك كدة على رجلينا حتى لو هنلف كل البلد، المهم انت متتعبش يا حبيبى.
رد بهدوء يغيظه:
- يا سيدي على كيفك زي ما تحب، وانا ايه اللي يتعبني يعني، دا حتى البلد بلدي والسكة سكتي .
رمقه بغيظ حتى هم ان يعقب على كلماته، قبل ان يتفاجأ بالوجه الصغير المألوف، وهي تركض نحوه؛
- عمو يوسف
- ايه ده؟ اَيه! انتي ايه اللي جابك هنا يا بنت؟
تمتم بها، يفتح ذراعيه للصغيرة، قبل ان يجفله بسيوني، بلكزة خفيفة يهمس له بإشارة خفية نحو المنزل الذي خرجت منه الصغيرة:
- دا بيت جدها، طليجة غازي جاعدة فيه.
- اااه
تمتم بها بتفهم، ليتلقف الصغيرة بعد ذلك، وخلفها شقيقاتها، يداعبهم ويلاطفهم، بحكم معرفته بهم من منذ حضوره الزفاف مع والدهم.
وفي الأعلى كانت تراقب من شرفتها باهتمام شديد، لهذا الغريب الذي يداعب صغيراتها وكانه على معرفة وثيقة بهما،
غلبها الفضول حتى ارتدت عبائتها وهبطت اليهم ، لترى من هو هذا الغريب الانيق، ولكنها لم تلحق به، وقد ذهب يكمل جولته مع بسيوني، همت ان توقف ابنتها الكبرى لتسألها، ولكنها تفاجأت بزوج شقيقتها الكبرى عفيفي، يركض قادمًا نحو المنزل، حتى اذا دلف من الباب الخارجي، هتف بها لاهثًا:
- اللحجي يا فتنة، غازي الدهشان داير طحن في اخوكي في الحوش اللي ورا البيت، وشكله كدة هيخلص عليه .
❈-❈-❈
- ايه ده ايه ده؟ حصلت نصيبة ولا ايه؟
غمغم بها سعيد بجزع، قبل ان يهجم وزوج من أبناء شقيقه الأكبر يامن، ليفصلوا ناجي من قبضة ابن عمه ، الذي كان يكيل له من الضربات الموجعة على وجهه، وكامل جسده
صرخت فتنة بدورها،، بعد ان اتت مع زوج شقيقتها الكبرى، ضاربة بنصائح والدتها في الانتظار وعدم الخروج من المنزل نظرا لحساسية الوضع بينها وبين طليقها عرض الحائط، متحدية الاعراف وأحكام الدين وكل شيء:.
طالج نفسك زي الطور الهايج على خلق الله، إيه؟ فرحان بنفسك، بكرة ربنا ياخد عفيتك دي اللي بتفتري بيها.
- بس يا بت اجفلى خشمك انتي؟
صاح بها يامن بحزم ينهرها، ولكن والدها كالعادة عاكسه بتأيدها وهو يرفع ابنه عن الارض، بمساعدة عبد البر واسماعيل، كي يستطيع الجلوس على الأرض:
- وانت عايز تسكتها ليه يا يامن؟ مش اخوها دا اللي غرجان في دمه بسبب واد اخوك ، اللي عامل فيها كبير، طب تجدر تجولي دا يرضي مين ده؟
خرج رد غازي بتحدي صارخ لغضب الجميع:
- عنه ما رضى حد، ولدكم غلط وخد جزاءه بس على كدة.
- شايف واد اخوك وافتراه يا يامن.
علق بها سعيد مستنجدًا بأخيه، الذي صاح بدوره عليه:
- مينفعش الكلام دا يا غازي، انتوا الاتنين كبار مش عيال صغيرين، علمنا يا ولدي بالسبب اللي خلاك تعمل فيه كدة.
- السبب بيني وما بينه يا عمي، هو غلط وخد جزاءه على كدة، وخلصنا.
- لا مخلصناش، ولا انت فاكرها سايبة؟ وعشان ما منصب نفسك كبير على عيلتك، يبجى خلاص، مش هتلاقي حد يحكم عليك.
صاحت بها امام الجميع، بجرأة تعدت الأعراف السائدة، لحكم انفصالهم، حتى حدجها هو بنظرة نارية شرسة، ثم شاح بوجهه عنها للناحية الأخرى مغمغمًا بالاستغفار، يتجاهلها عن قصد:
- استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم، حد يفهمها اني مليش خلق ليها، ولا هي اخوها مش راجل عشان تاجي وتدافع هي عنه؟
خرج رد ناجي بلهاثه بعد ان تمكن اخيرا من الكلام:
- لاه راجل يا غازي، وانا بجولهالك اها، جوزهاني وحل الاشكال على كدة.
- هي مين اللي يجوزهالك؟
صدر السؤال عفويًا من ابن عمه عبد البر، ليشعل نيرانًا في قلب الاَخر، يحدجه بتهديد ووعيد لألى يأتي بإسمها امام احد، ولكن فتنة بعقلها الشيطاني توصلت للإجابة بنفسها، لتصرخ بما توصلت له :
- جول كدة، هو الموضوع كله بيدور حوالين السنيورة اللي جيبتها في بيتك عشان تجيب الخراب معاها، عاملة فيها العصفورة الضعيفة ام جناح مكسور وهي.....
- اسكتي.
صرخ بها، ليردف مخاطبًا لها بإزدراء يتشعب داخله نحو هذه النفس السوداء، والتي لا يردعها شيء عن بث سمومها دون وجه حق، حتى وهي المخطئة، وهو الذي تعمد عدم الزج بها في عقابه مراعاة لبناته الصغار :
- انتي ملكيش صالح، وما تتدخليش في امور الرجال، انا محجم نفسي عنك بالعافية، يا ريت تنتبهي ليها دي .
صاح بها قوية ملوحًا سبابته امامها بنهي قاطع، قبل ان يلتف نحو سعيد مخاطبًا له:
- عمي، جول لبتك تلم نفسها عني وتفتكر انها بجت من المحرمات بالنسبالي،، يعني مينفعش الكلام ما بينا، وهي من الاساس، طلعت كيف من بيتها؟ وعدتها لسة مخلصتش.
وقبل ان يخرج رد سعيد بعنجهيته كالعادة، سبقته هي :
- عدتي ملكش دعوة بيها، وانا اطلع وجت ما يجيني كيفي، معدتش انا على زمتك خلاص يا عنيا، وهتدخل يا غازي، عشان دا اخويا، واللي عملته فيه ده مش هيعدي بالساهل، ولا انت فاكرنا هبل ومفهمينش مين السبب ورا كرهك ليه بعد ما خلاص خليلك الجو.......
صدرت صرخته المقاطعة:
اجفلي خشمك وابلغي السم اللي في حلجك يا فتنة عشان انا فاض بيا منك، وبجيت على اخري، حد يحوشها البت دي عني، انا مش عايز ارتكب جريمة.
جاء الرد من والدها، يساعدها بتشكيكه:
- تمام يا واد اخوي يا كببر، احوشها انا عشان متعصبش نفسك ولا تزعل، بس بجى الكلام اللي هي جالتوا نعديه ازاي؟ .... دلوك عايزين السبب الأصلي اللي خلاك تضرب واد عمك، هل هو فعلا وراه حريم ولا في حاجة تانية؟
بقول الاَخير زاد اهتياجه ليهدر بعروق بارزة بفرط غضبه:
- الحديت الناجص انا مجبلوش، جولتلكم موضوع وخلص، ولدكم غلط وانا ربيته وخلصنا على كدة ، محدش له دعوة باللي حصل .
- وانا جولتلك جوزهالي يا غازي
خرجت من ناجي ليتبع بوقاحة:
- كلهم عايزين يعرفوا اللي حصل وانا مش مكسوف اجول، انا عايز اتجوز نادية وهي ضربتني عشان روحت طلبتها بنفسي.
التفت ررؤس الجميع نحو غازي بتساؤل جعله يتمتم نحوه بازدراء:
- والله ما كذبت لما جولت عليك واطي
حسم يامن بقوله:
- غازي، الكلام دا لازمله جلسة يحضرها الجميع.
❈-❈-❈
توقف به امام المنزل الطيني، والمحاوط بمجموعة كبيرة من عروش الكرم على مدخله من الخارج، مع بعض الخضروات الموسمية في الأسفل، على قدر تواضع المشهد ولكنه كان رائعًا في نظره، حتى عبر عن اعجابه بقوله:
- الله يا بسيوني، هو دا بيتكم؟ دا المنظر هنا يجنن .
ضحك المذكور، منتشيًا بنظرة الانبهار، تلك التي يجدها من الاَخر، على شيء اقل من العادي في نظره، او ربما يكون السبب هو الاعتياد.
- ايوة هو بيتنا فعلا يا يوسف بيه، تعالى اتفضل معايا جوا نشرب الشاي بجى ونريح هبابة جبل ما اخدك على جنانين الفاكهة اللي انت عايزها .