-->

رواية جديدة ميراث الندم لأمل نصر الفصل 30 - 1 السبت 16/12/2023


 قراءة رواية ميراث الندم كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى





رواية ميراث الندم

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثلاثون

1

تم النشر يوم السبت

16/12/2023 




- راجع من فين يا غالي؟

هتف سائلًا له فور ان حطت قدميه داخل المنزل عائدًا من الخارج، ليرمقه الاَخر باندهاش لم يخلو من الاستنكار برده:


- ومن امتى السؤال؟ وايه لازمته اساسًا وانا راجع على بداية المسا ، متأخرتش يعني.

صاح فايز يستقبله بسخطه مرددًا:

- متأخرتش يا حبيبي، بس انت اساسًا بجيت مش مفهوم، عامل زي الديب الصحراوي، بتلف وتدور ولا حد عارفلك مركز ياد؟ رايح جاي على بيت جدك ليه؟ ايه ليك هناك عشان تتحفهم يوماتي بطلتك البهية؟


- ليا جدتي. 

تمتم بها بثبات ليتخطاه بعدم اكتراث، حتى جلس بأريحية على الاََريكة، يجيبه بمراواغة واضحة:


- بروح أطل على جدتي الغالية،  لتكون عايزة حاجة ولا محتاجة أي شي،، ، هي صلة الرحم بجيت حاجة عفشة دلوكت يا بوي؟


صاح فايز بانفعال جعله بميل برقبته نحوه:

- اطلع من دول ياد، هو انت من امتى ليك في الحنية ولا تعرف جدتك من اصله، عشان تراعيها وتراعي طلباتها، فاكرني مش فاهمك ولا عارف باللي بيدور في مخك.


- ايه هو بجى اللي بيدور في مخه؟ جول ونورنا.

هتفت بها زوجته، والتي اتت على أصوات الشجار ، لتدلي بدلوها هي الأخرى، وتواجهه بغضبها المكتوم، فهي أيضًا ليست بالغافلة عما يدور برأسه الاَن:


- سكت ليه؟ ما ترد يا فايز.

- ارد اجول ايه يا بت؟ انت ايه دخلك اصلا في الكلام ، واحد بيستفسر من والده، ايش دخلك انتي؟ ولا هي جلة ادب وخلاص منك؟


عضت على نواجزها، تكبح لسانها بصعوبة عن الرد بما يليق به، تفضحه امام نفسه بعدما نفض يداه من معظم المصروفات، يدفع بالكاد لطعامهم والملتزمات الأساسية للمنزل،  اما تحتاجه هي من اشياء جديدة كما كانت معتادة فقد اصبح من المستحيلات، واقساط القديم يعذبها حتى يمن عليها بهم.


- لا مش جلة أدب يا غالي، انا برد الرد الطبيعي على شندلتك للواد، واحد بيزور جدته ، انت زعلان ليه؟


بشرار انظارها الحادة، صارت تواجه جحيم عينيه ، في حديث مشتعل، يحمل العديد من الرسائل المتبادلة بينهما، امام هدوء يثير الحيرة من ابنهم المتابع الحرب الباردة بينهما بدقة، حتى خرج رده:


- معلش ياما، هو يمكن فاهم غلط ولا فاكرني لسة عيل صغير على الأصول،  لكن انا عايز اطمنك يا بوي، انا بروح بس اطمن على جدتي اصلها مسكينة بتتعب كتير،  وعمتي سليمة يدوب كلامي معاها على كد  السؤال.


تهكم فايز يردد خلفه بغيظ:

- عمتك سليمة! مرة ابوك..... خليتها عمتك يا مخبل ؟

تبسم مالك ينهض عن مقعده ليضيف عليه ببرود، قبل ان يتحرك ذاهبًا نحو غرفته:


- وه يا بوي، يعني هندهلها واجولها ايه بس؟ ما هو انا  فعلا  شايفها زي عمتي هوايدا ونعيمه.

- شايفها زي عمتك، خيبة تاخدك يا خوي.

غمغم بها فايز بغيظ لا يخفيه أمام ابصار زوجته، والتي تراقب ردود أفعاله بتركيز شديد 


❈-❈-❈


باستهزاء جلي، وقفت تتأملها وهي تحاول بالملقط، نتف الشعيرات الزائدة من حاجبيها بغرض تزينهم بما يرضيها كامرأة متزوجة  شعرت بها لترى انعكاس صورتها في المراَة التي تمسكها بيدها، تضحك بوسع فمها لتعلق باستهزاء:


- بتعملي ايه يا خايبة؟

عبست عزيزة تشيح بوجهها للناحية الأخرى، بإحباط متعاظم تعبر عنه:

- يا بوي عليكي يا فتنة وعلى كلامك التجيل، مفيش مرة اجيلك عشان اجضي لحضة زينة معاكي، الا ما كنتي تسممي بدني بكلامك.


ضحكت الأخيرة تتقدم بطبق الفاكهة لداخل الغرفة الاتي اتخذتا الجلسة بها ، لتعلق بمزيد من التقليل:

- انا برضوا اللي بسمم بدنك ولا انتي خايبة صح؟ اسيبك عشان شوية ارجع الاَجيكي، ماسكة الملقاط وشغالة جرطيم في حواجبك، ما تشيلهم احسن. 


ضربت عزيزة بكفها على صدرها تردد بجزع، متأملة حاجبيها مرة أخرى بتمعن في المراَة:

- يا مري....... حرام عليكي يا فتنة،  مش لدرجادي يعني ، ليه بتخلعيني عليهم؟ دا بدل ما تشجعيني، عشان اكمل التاني.


- اشجعك .

رددت بها لتزيد  بانتقادها القاسي:

- انا مش فاهمة انتي ليه عايزاني اضحك عليكي؟ الحاجب ان ما كان يبجى رفيع ومرسوم الرسمة اللي هي ، الوش يبان كيف؟ ثم كمان، الحاجات دي ليها ناسها، مش جادرة تدفعي وتكلفي نفسك؟ معاكيش فلوس؟


- لأ معايا يا فتنة، بس مفيش وجت عشان اروح كوافير  واتعدل، ما انت عارفة الخدمة والعيال والراجل اللي عايزة طول الواجت، مرة شديدة.......


توقفت برهة تطالع الأخرى وهيئتها المهندمة، والمتأنقة على الدوام حتى في الملابس البيتية، بنظرات اعجاب، لتردف بتحسر:


- نفسي اهتم بنفسي زيك كدة يا فتنة، بس عزب شديد،  وعامل زي الجطر، مش واخدة فرصتي معاه واصل.


بثقة تعدت الغرور سخرت الأخيرة لتعقب ردًا لها:

- هو الاهتمام محتاج فرصة؟ ما تبعتي للبت نفيسة، تظبط حواجبك، وتنضف الوش والجسم وحتى صبغة الشعر كمان تعملها، وتخليكي عروسة جديدة كمان وانت في بيتك ، لا تحتاجي لكوافير ولا كلام فاضي، معايا رقم تلفونها، اتصلك عليها تجيلك هنا جبل ما تروحي، ايه رأيك؟


سمعت عزيزة ليلتوي ثغرها بامتعاض، لتظل صامتة لبعض الوقت ، قبل ان يخرج ردها:

- يعني انا اجولك عايزة اهتم بنفسي، وانتي تجوليلي ، اجيبلك نفيسة، انتي عايزة عزب يطلجني؟ دا يطيج العما ولا يطيجها، ثم تعالي هنا، مش البت دي سبب الخراب عليكي، كيف لساكي بتكلميها؟.


احتجت فتنة تنفي بتعالي:

- سبب الخراااب! لا يا ماما، مش هي سبب الخراب، دي  مجرد خدامة تخدمني وتاخد اجرتها، واد عمك هو اللي خرب على نفسه يا حبيبتي، عشان خاطر يبرئ البرنسيسة اخته، ودي حمارة بتخاف من خيالها، مش هتخاف منه؟ ولا تنفذ اللي يأمر بيه؟ يا للا بجى في داهية، هو الخسران


ابتعلت عزيزة اعتراضها كالعادة، لتصمت بجبن منها، حتى لا تغضبها، ولتحتفظ برأيها لنفسها ، فتابعت الأخرى بعملية وهي تتناول الهاتف:


- انا هتصل بيها تجيني دلوك على طول

- يا مري، لا يا فتنة  يبجى انا ماشية عاد 

قالتها تنتفض ناهصة عن الفراش ترفع طفلها النائم معها،  لتلحقها الأخرى باستهجانها:


- انتي هبلة يا عزيزة؟ دا انا هجيبها مخصوص عشان خاطرك ، لاجل ما تتنيلي وتهتمي بنفسك، يمكن تأثري في جوزك ده ويخف شدته عليكي لما يشوفك حلوة. 


- يشوفني حلوة!

تمتمت بها عزيزة داخلها،  بتأثرًا وحزن تخفيه، لتعمد فتنة الدائم بالتقليل منها، مما زادها تصميمًا للمغادرة:


- يا ستي عنه ما شافني حلوة، برضو احسن ما يطلجني لو عرف ان نفيسة هي اللي عدلتني!


صدر صوت شقهة الاستنكار من فتنة تتبعها بعيناها حتى خرجت لتغمغم خلفها بازدراء وسخرية، وقد وصلها ما تقصده:

- وه يا مخبلة........ دي افتكرت نفسها مرة دي كمان، وبتلجح عليا، جبر يلم العفش.

ختمت بمصمصة بشفتيها قبل ان تضغط الاتصال على الملعونة الأخرى:


- ايوة يا بت يا نفيسة، سيبي اللي في يدك وتعالي عشان تصبغيلي شعري وتمكريلي يديا ورجليا......


❈-❈-❈


أنهت زيارة منزل العائلة، بعدما قضت نصف يومها وسط اخواتها المتزوجات وابناءهم، في تجمع اقيم خصيصًا من أجلها، لتنسى بلقاء الاحباب وقضاء الوقت السعيد معهم، زيارتها الكارثية لمنزل زوجها الراحل، وقد فاجئتها سليمة بجفاء لم تعتاده منها ابدا، ولكنها الاَن في حالة مزاجية رائقة، تدفعها لعدم التفكير في أي شيء يقلقها، هي اليوم تتصرف بحرية، بعيدا عن تحكمات فرضت عليها منذ وفاة الراحل،  لقد خرجت بدون اذن من احد، والاَن عائدة، وبيدها طفلها بحرية انتزعتها في غفله من المراقبين، ولكن يبدوا ان فرحها لن يكتمل، وقد تفاجأت الاَن بهذا البغيض يغلق بسيارته الشارع الممهد والذي من المفترض أن تمر به، تاركًا جزء صغير للمرور، 


- ايه يا نادية، واخدة في وشك وهترجعي عن طريجك ولا ايه؟

هتف بالسؤال حينما التفت تستدير بقصد تغيرها طريقها بالفعل، وقد انحصرت الحلول امامها، إما التكملة والمرور بجانبه في هذه المساحة الضيقة، اي ترك فرصة له ليحتك بها، او الغوص داخل الاراضي الزراعية على جانبي الطريق.


لذلك قررت على الفور، أن تغير السير لجهة أخرى هو الحل الأسلم، ولكنه لم يتركها لخيارها، وقد تحرك من محله ، ليجفلها بأن يتصدر أمامها، يمنع عنها المواصلة، صدرت منها شهقة الاجفال في البداية وقدميها ترتد للخلف، ثم تنهره غاضبة:


- إنت اتجننت يا ناجي ولا خيبت؟ واخد الطريج لحسابك، واديني سيبتهولك، جاي ورايا تتصدر جدامي كمان؟


- واعملك ايه؟ ما انتي مش مدياني فرصة، عاملة غازي الدهشان ولا اكنه ولي امرك، ودلوك عاملينها لعبة عليا ومدعيين انك مخطوباله، طب مش كنتي عملاها حجة انك مش عايزة تتجوزي بعد اللي غار يا به، دلوك ايه اللي حصل؟


- غار في عينك. 

احتجت بها غاضبة بوجهه لتردف بنيران تستعر داخلها ، نتيجة لتبجحه في الحديث معها، غافلة عن من استرقت السمع اثناء مرورها بجوارهما، تلعن حظها انها لم تنتبه لوقفتهما من البداية، لكانت اتخذت محلها في المراقبة جيدًا:


الصفحة التالية