-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 27 - 2 السبت 16/12/2023

  قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة

  تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري



الفصل السابع والعشرون

 2

تم النشر يوم السبت

16/12/2023


لم يصدق عندما وصل ووجد الشرطة تحاوط المكان وصديقه يجلس على الدرج الخارجي لمنزله وبجواره يجلس مازن يربت عليه فاقترب منهما وابتلع ريقه وهو لا يستعب ما سمعه بتلك المكالمة التي ردها لمازن بعد أن انتهى من تناول طعامه.


تكلم بصوت مبحبوح متسائلا:

-مين اللي كلم البوليس؟


رفع فارس رأسه ورد بصوت خشن وغاضب:

-أنا.


جلس بجواره فأصبح فارس يجلس بالمنتصف بين عمر ومازن وحرك الأول رأسه للجانب قليلا لينظر له وهو يحدثه:

-كنت استنيت لما آجي عشان نقدر نحل الموضوع.


أغلق فارس عينيه ونظر لقدميه ورد:

-أنا بلغت البوليس عشان القانون ياخد مجراه وكده كده الڤيلا كلها متراقبه بالكاميرات فسهل يفرغوها ويعرفوا الحوار اللي حصل.


مسح مازن على ظهره يواسيه:

-ربنا يصبرك.


تركهما ووقف بعد أن استدعاه رئيس المباحث للداخل فوجدهم قد أحاطوا المكان بشريط أصفر ورسموا موضع جثة حنان بالطبشور الأبيض ورقموا الأدلة على الأرض بأرقام متتالية؛ فشرد بنظره لتلك البقعة الحمراء من الدماء وتذكر لحظة تلقيه الخبر ولحظة رؤيته لمربيته الحنون على تلك الحالة.


التفت على صراخ والدته به موبخة إياه بصوت جهوري صدم الجميع:

-بتبلغ عني يا فارس عشان حته خدامه، أنا أمك تعمل فيا كده!؟


لم يعقب عليها والتفت يسأل رئيس المباحث:

-ايه الإجراءات الجايه يا حضرة الظابط؟


أجابه بعملية شديدة:

-الڤيلا باللي فيها بقوا مسرح جريمة ومش هينفع تفضلوا هنا على الأقل لحد التحقيقات ما تخلص، وطبعا كلكم مطلوبين للتحقيق بس عشان الظروف اللي عندك واحنا عارفينها كويس هنشتغل احنا الأول في تفريغ الكاميرات بتاعة المراقبة للقضيتين قضية خطف المدام وقضية القتل.


حرك رأسه يستمع للضابط وهو يضيف:

-المسروقات اللي كانت مع مربية ولادك تم ضبطها واتحطت كحرز في القضية وبعد إثباتها في التحقيقات تقدر تستلمها طبعا، بس الڤيلا وﻷنها مسرح جريمة فمش هينفع خالص تفضلوا فيها.


سأله مازن والحيرة تعلو وجهه:

-لحد امتى يعني؟


حرك الضابط كتفيه وهو يشير لفارس:

-ياريت تتفضل تلم أي مقتنيات ممكن تحتاجها لكن من الدور اللي فوق بس وياريت تسلمنا غرفة التحكم في الكاميرات عشان الناس بتوعي تعرف تشتغل.


استعاد فارس تركيزه للحظة ورد عليه وهو يتوجه لمكتبه:

-حضرتك ليك هاردات الريسيبشن واوضة المربية والجنينه، دول اللي حصل فيهم الحدثتين لكن غير كده ملكش.


حاول الضابط أن يحتد لعله يرجعه عن موقفه:

-مش حضرتك يا فارس بيه اللي تحدد لنا ايه المهم وايه اللي مش مهم، في معمل جنائي وفريق عمل كله هيشتغل عشان...


صاح فارس يقاطعه:

-الحدثتين مفيهومش الغاز يعني، والمشاهد اللي هتوضح الحقايق أنا هسلمالكم، لكن أنا مش هكشف أهل بيتي ليكم حتى لو على حساب الأدله.


تركه ودلف غرفة مكتبه صافقا الباب خلفه فرفع رئيس المباحث حاجبه متعجبا من طريقته الفجة في التعامل مع رجال الأمن والذين يجدون المهابة في التعامل مع كل المجتمعات التي يتعاملون معها ولكن تسقط هيبتهم هكذا أمام هذا النموذج الذي لم يجدوا له سبيلا للفهم.

❈-❈-❈

جلس على مكتبه وبدأ بتفحص المشاهد التي قد يحتاجها البوليس في تحقيقه فرأي وسمع كل ما حدث من مشادة كلامية بين مربيته الحنون وبين من تفترض أنها والدته فزاده حزنا على حزن وهو يجدها ترد وﻷول مرة تدافع بها عن نفسها أمام فريدة فتسبب حديثها بقتلها بتلك الطريقة التي رآها وحشية وعلم أنها دليل قاطع على القتل العمد والذي ربما يفضي للسجن المؤبد.


وضع كل من مشاهد اختطاف صغيرته وزوجته من قِبل شادي ومشاهد قتل والدته لمربيته على جهاز تخزين المعلومات الرقمية وخرج من مكتبه ومد راحته للضابط يعطيه التسجيلات المصوره:

-المشاهد كلها بتاعة القضيتين على الفلاشه.


أومأ الضابط بعد أن زفر مستسلما وتركه وتوجه لمكان تجمع الخدم حتى يأخذ أقوالهم الواحد تلو الآخر، أما فارس فقد خارت قواه وصعد الدرج رويدا رويدا بعد أن لاحظ تشوش وضبابية نظره ولاحظه مازن الذي تبعه وصعد خلفه يسنده ووقف يساعده بجمع متعلقاته الشخصية وآثر فارس على جمع متعلقات زوجته لخصوصية الأمر فسأله مازن بحيرة:

-هدوم الولاد هنجيبها ازاي والأوضه واقف عليها اتنين عساكر؟


رد بصوت مختنق بالبكاء:

-مش مهم هشتريلهم جديد.


غص حلقه وهو يتحدث ولم يستطع كتم عبراته أكثر من ذلك فانهار باكيا وجلس على حافة الفراش وظل يبكي ومازن يجلس بجواره صامتا وكأنه يدعه حتى يخرج ما بداخله وقد حدث فبعد مدة من الوقت استعاد فارس رباطة جأشه ووقف بعد أن نجح بجمع المتعلقات التي قد تحتاجها زوجته ولم يفكر حتى بتفحص حقيبته التي أعدها مازن ونزل برفقة الأخير ليجد ذلك المشهد الذي زعزعه وكل من چنى وميار وساهر يبكون ويحتضنون والدتهم المقيدة بأصفاد حديدية ويقودها الضابط خارج الڤيلا بعد أن جمعوا كافة المعلمومات التي يحتاجونها لحل تلك القضية.


صرخت فريدة وهي تقاد للخارج وابنتيها يحتنضاها بقوة:

-ارتحت كده يا فارس لما سجنت مدحت وسجنتني أنا كمان؟ سجنت أمك وابوك يا فارس! هتروح من ربنا فين وأنت عاق بأمك وابوك.


لم يعقب على حديثها بل تحرك ليسحب اخوته بعيدا عنها ولكن حديثها قد أثار دهشة وفضول الجميع عندما ركزت بحديثها عن والده وكيف له أن يسجن من مات؟ أم هل كانت تقصد مدحت بحديثها هذا؟ أيعقل أن يكون حقيقة؟


كان هذا ما دار بخلد الجميع وأولهم دينا التي ابتلعت ريقها بوجل خصوصا عندما لم يعلق عليها فارس لا بالنفي ولا بالإيجاب، ولكن هل الوقت الآن يسمح لفتح حديث عن هذا الأمر؟ بالطبع لا؛ فآثرت الصمت وتحين الفرصة المناسبة بالوقت المناسب.


تجمع من تبقى من العائلة أمامه فبلل شفتيه وتكلم يخبرهم ما يريدهم أن يفعلوه والجميع يعلم أنه بتلك الحالة لا يريد لا نقاش ولا اعتراض:

-خدهم كلهم يا مازن عند عمي مراد ومحدش يروح هنا ولا هنا لحد ما اظبط أموري وأعرف هعمل ايه؟


هزة بسيطة من رأس مازن كانت بمثابه تأكيد ﻷوامره فانحنى يحمل صغيره من يد زوجة عمه يقبله فوجده يرتعش بشكل أثار خوفه بالرغم من نومه فالتفت يسأل دينا والخوف قد تملك منه:

-الولد ماله بريتعش كده ليه؟ هو شاف اللي حصل؟


توترت وابتلعت ريقها فرد ساجد عنها:

-هو مبطلش عياط من امبارح يا فارس وداده الله يرحمها معرفتش تسكته ولا حد مننا عرف، ونام بعد لما...


صمت ففهم فارس أنه قد مر بما يصعب على طفل مثله تحمله فصر على أسنانه وهو يتوعد:

-كل اللي أذى عيلتي هياخد جزاؤه ومش هكتفي بعقاب القانون.


الصفحة التالية