رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 28 - 2 السبت 23/12/2023
قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية روضتني 2
(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)
طمس الهوية
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الثامن والعشرون
2
تم النشر يوم السبت
23/12/2023
❈-❈-❈
استيقظت على صوت مؤقتها وارتدت ملابسها وهي عازمة على انهاء الأمر واليوم تحديداً بعد أن استقبلت مكالمة توأمها ليلة أمس والتي أخبرتها فيها بقرار فارس بقطع التعامل بين عائلته وعائلة زوجته تماماً ونهائياً.
دلفت من بوابة الشركة فتقابلت وجها لوجه مع مديرها الذي حاول إخفاء بسمته وحرك لها رأسه كمصافحة من بعيد وتركها واقفة تتحدث من زميلاتها بالعمل ودلف المصعد قاصداً الطابق المتواجد به مكتبه.
لحظات ووصلت هي الأخرى لنفس الطابق والمتواجد به مكتبها أيضا فتركت حقيبتها النسائية وطرقت باب مكتبه وانتظرت حتى يأذن لها بالدخول ففعلت فورا.
وقفت أمامه تشبك أناملها بعضها ببعض بتوتر وهو جالس مكانه كما هو لم يحرك ساكنا وانتظرها أن تبدأ هي الحديث الذي يعلمه تماما:
-أنا هعمل الإستقالة انهاردة إن شاء الله، وياريت حضرتك تمضيهالي عشان الحق اقدمها للـ HR.
هز رأسه موافقا وسألها سؤالاً بدا عابراً:
-أظن هتفضلي ال15 يوم لحد ما ألاقي حد ياخد مكانك مش كده؟
نفت فورا موضحة:
-أنا كنت ناويه على كده والله عشان أنا بحب الشغل البروفشنال ومكنتش حابه أبدا أعطل الشغل، بس.
صمتت فلم يحثها ولم يبد أي تعابير بل انتظر حتى عادت للتحدث:
-أكيد عارف قرار فارس وأوامره إن الكل يقاطع عيلة غزال بكل اللي فيها ما عدا شيرين.
أومأ وهو زاما شفتيه فتابعت:
-فمش منطقي أبدا أفضل شغاله في شركه من شركاته وهو موقفه كده من ناحيتنا.
سعل سعلة خفيفة ليزيل حشرجة صوته وعقب:
-طب ما ياسين وضعه نفس وضعك ومظنش انه استقال!
فسرت فعلة أخيها:
-ياسين راجل وفاتح بيت وعنده مسؤليات وجرب قبل كده يدور على شغل كويس بمرتب زي اللي بياخده هنا وملقاش، فهو مضطر للوضع ده ولحد ما فارس هو اللي يمشيه بنفسه من الشغل مظنش ياسين يقدم استقاله، بس أنا وضعي مختلف.
هز رأسه عدة مرات متتالية:
-تمام يا استاذة نرمين، تقدري تتفضلي تخلصي اوراقك وأكيد مش هيكون في عقبات ولا تأخير لاستلام مستحقاتك.
ابتلعت ريقها متوترة وغادرت لتجلس على مكتبها وتبدأ بطبع استقالتها وعادت لداخل مكتبه تسلمه إياها فقام بتوقيعها فورا دون أن يقرأها وناولها إياها وهو ينظر لها بحزن تملكه رغما عنه:
-تقدري تتفضلي للـ HR وأنا هنا هبلغهم يخلصولك أخلاء الطرف بأسرع وقت.
خرجت وأغلقت وراءها باب مكتبه فأطرق رأسه يشعر بغصة تألمه وهو يوبخ نفسه:
-تستاهل، مكانتش مناسبه ليك ومع ذلك فضلت تجري ورا سراب.
أمسك هاتفه وتحدث مع ساجد ليسأله:
-هي ايه حكاية فارس وأوامره اللي بعيدة تماما عن المنطق دي، يعني ايه يمنع مراتك ومراته عن أهلهم؟ وأنت ازاي توافق بحاجه زي دي؟
رد ساجد وهو ينظر لزوجته التي ترتب بعض الملفات أمامه:
-أنت لسه جديد وسطنا يا يزن ومتعرفش فارس كويس، هو حاليا مضايق من حاجات كتير وبيحاول يخرج غضبه ده في صورة أوامر يديها للعيلة واحنا عارفين انه لما يروء ويهدى هترجع كل حاجه لأصلها فمتقلقش.
ابتسم بنهاية حديثه وكأن الطرف الآخر رأى تهكمة بنبرة صوته فعقب:
-وأنا أقلق ليه يعني؟ أنت اللي محطوط في أزمة إن مراتك تتمنع عن أهلها.
ابتسم بزاوية فمه وهو أصبح مكشوفا له هكذا ورد:
-مراتي هتشوف أخواتها هنا في الشركة ولو على أهلها فالأكيد إن فارس مش هيمشي ورايا يعني لو وديتها تزورهم.
تنفس عاليا وأخرج أخيرا ما بداخله:
-طيب أنت عرفت إن نرمين استقالت انهاردة بسبب موضوع فارس ده؟
أكد له:
-عارف، بس أنت كنت تقدر ترفض الإستقالة وفارس عمره ما كان هيمشيها وإلا كان رفد ياسين يعني.
قضم داخل فمه وهو يوضح:
-منا لما حاولت اتكلم معاها لقيتها مصره على قرارها و.
صمت وتنهد فابتسم ساجد وترك مكتبه متحركا صوب خاصة الآخر وفتح بابه فتافجئ به يزن أمامه ولا زال الهاتف على أذنه فأغلق فورا وجلس أمامه وهو يسأله:
-ليه معترفتلهاش بمشاعرك؟
لمعت عينه وهو يتسائل بداخله إن ما كان أمره مفضوحا هكذا أمام الجميع أم ماذا:
-هو أنا باين عليا أوي كده؟
أومأ له ساجد ولا تزال بسمته مرسومة على وجهه فوضح له الآخر:
-قولت لها ورفضت تسمع مني أي حاجه وصممت على الإستقالة، بس كانت هتفضل مدة التدريب لحد ما تيجي واحدة غيرها بس بسبب موضوع فارس صممت تمشي انهاردة.
أوقفه طرقاتها على الباب وتفاجئت بوجود ساجد فابتسمت له مازحة:
-ازيك يا ابونسب.
ضحك ساجد هو الآخر ومد ساعده يسلم عليها:
-الحمد لله يا نرمين، سمعت أنك قدمتي استقالتك!
أومأت ووضعت ملف أمام يزن:
-إخلاء الطرف، ياريت حضرتك تمضي عليه عشان...
قاطعها ساجد الذي سحب الملف من أمام يزن ونظر له رافعا حاجبه وهو يتكلم بحدة طفيفة:
-هو مش المفروض المدير التنفيذي ياخد خبر بالموضوع ده ولا أنا مليش لازمة في الشركة؟
تحرجت منه وابتلعت ريقها وهو يترك الملف على سطح المكتب:
-للأسف يا نرمين بغض النظر عن وضع العيلة والمشاكل وموقف فارس بس حاجة العمل بتجبرني أرفض استقالتك.
حاولت إثناءه:
-أيوه بس...
قاطعها وهو يمزق قرار الاستقالة بيديه:
-مفيش بس، كملي شغلك عادي وكلنا عارفين أن وضع فارس ده مؤقت لحد ما يهدى وكل حاجه هترجع زي ما كانت.
بالطبع تصنع عدم معرفته ﻷي أسباب أخرى حثتها بل وأجبرتها من وجهة نظرها على الإستقالة فتنفست عاليا واحتدت قليلا عليه:
-ساجد لو سمحت بلاش تجبرني على حاجه أنا مش عيزاها، أنا فعلا عايزه امشي ومن قبل موضوع فارس فلو سمحت بلاش تضايقني.
وقبل أن يرد عليها التف ثلاثتهم على فتح الباب وصوت مازن الذي جاء من خلفهم:
-السلام عليكم.
ردوا عليه السلام وتكلم ساجد رافعا حاجبه وهو متعجب:
-يا ترى ايه سبب الخطوة العزيزة دي؟
ابتسم بسمة جانبية وهو يجيبه:
-ايه ممنوع آجي الشركة هنا ولا ايه؟ ده أنا حتى ليا اسهم يعني.
رد يزن نيابة عن ساجد:
-هو حد منعك تيجي؟ كل الحكاية إن مفيش شغل مربوط بالفهد عشان تيجي تخلصه وبعدين يا سيدي نورت شركتك.
جلس على المقعد ونرمين لا تزال واقفة أمامهم:
-كنت بخلص شوية حجات لفارس عند مصطفي المحامي وراجع الفهد تاني.
التفت ناظرا لها وسألها باهتمام:
-مالك يا نرمين واقفه ليه كده؟
لم تجبه بل فعلها ساجد الذي رد فورا دون إعطاء أحد الفرصة للرد:
-مصره تستقيل يا سيدي عشان موقف فارس منهم، وبنحاول نقنعها أنا ويزن تستنى شويه لحد ما يهدى بس راكبه دماغها.
نفت على الفور حديثه معقبة:
-أنا مش بعاند يا ساجد بس حقيقي هرتاح لو عملتلي اللي أنا عيزاه.
رمقها مازن بنظرات مطولة وتكلم عندما وجد نفسه يحدق بها:
-أولا اقعدي خليني أفهم فين المشكلة.
زفرت بضيق وجلست أمامه فأضاف:
-ودلوقتي لو مش مرتاحه في الشغل فمفيش مشاكل خدي اجازه لحد ما ترتاحي، انما لو الحكاية لها أبعاد تانيه فساعتها هسيبك لحريتك الشخصية.
لم تفهم تماما ما يقصده فسألته:
-أنت تقصد ايه بالكلام ده؟
ابتسم وهو يوضح:
-ولا حاجه خالص، اقصد خدي قرارك والأكيد إن ساجد هيوافق عليه مهما كان.
ثم التفت لأخيه يسأله:
-مش كده يا ساجد؟
أومأ الأخير ويزن صامت ولكنه تضايق من حديثه فهتف بحدة:
-هو ساجد المدير التنفيذي اينعم بس أنا القائم بأعمال رئيس مجلس الإدارة يعني أظن إن مركزي يسمح لي آخد القرارا النهائي في الموضوع ده خصوصا إن نرمين الأسسيستان بتاعتي.
وقفت تهم بالرحيل وهي تقول:
-عموما خلينا نتكلم بعدين.
أشار لها يزن للجلوس:
-اقعدي بس يا نرمين احنا لسه مخلصناش كلامنا وفرصه إن مازن هنا يمكن يعرف يساعد بحكم قربه من فارس.
عادت للجلوس فنظر له مازن بعدم فهم لما يود الحديث عنه ولم ينتظر الآخر وقتا أطول عندما سأله:
-تعرف تتفاهم مع فارس في موضوع عيلة ياسمين ولا الموضوع منتهي؟
ابتسم وهو ينظر لنرمين:
-ولا منتهي ولا حاجه، هو بس يهدى شويه ومش هيقدر يزعل السلطانه منه، بس انتو عارفين إن الفترة دي صعبه عليه بعد موت داده حنان الله يرحمها وكمان على ايد فريدة هانم وتعب ياسمين والولاد وقضية شادي وسفر زين وعمليته، فكل ده فوق دماغه ومش وقته ابدا ندخل معاه في نقاش يعصبه ولا يضايقه.
هزت رأسها بتفهم فتسائل ساجد بعفوية:
-وناوي امتى تكتب كتابك على چنى؟
رد وهو يتحاشى النظر لتلك الجالسة أمامه:
-أظن الوقت مش مناسب لده دلوقتي في ظل الظروف اللي لسه راصصها قدامكم.