-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 28 - 1 السبت 23/12/2023

  قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة

  تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري



الفصل الثامن والعشرون

تم النشر يوم السبت

23/12/2023

❈-❈-❈

المصائب التي يمر بها الإنسان قد تكون السبب الرئيسي في إنكساره إذ ما وجد نفسه وحيدا يحارب الحياة بمفرده، ولكن بوجود الداعمين له يمكن أن يتخطى تلك العقبات بسهولة ويسر حتى ولو بعد حين؛ فهكذا هو حال الدنيا، لا يظل الإنسان سعيداً دائما ولا تعيسا أمد الدهر.


حاملا طفلته ومتمسكا بنصفه الآخر ويتبعه رفيق دربه يحمل صغيره ودلف ثلاثتهم لمنزل عمه فاستقبلتهم دينا بترحاب بعد أن هيأت غرفة خاصة ليمكث بها فارس وزوجته رفقة صغيريهما.


تعجبت ياسمين قليلا بسبب مجيئهم لمنزل مراد فالمتعارف عليه عندما تحدث كارثة بالعائلة هو أن يفتح فارس ساعديه لاستقبال أي من العائلة ببيته الذي يتسع للجميع، ولكن تلك المرة مغايرة لسبب لا تعلمه فقد آثر فارس على إخفاء حقيقة موت حنان عنها وظنت أنها توفت قضاءا وإنقضاءا ﻷجلها دون أي حوادث.


أصرت دينا على إدخالها للجناح الذي خصصته لهم حتى تستريح ريثما تنتهي من تجهيز الطعام:

-ادخلي ارتاحي انتي وفارس والولاد على الأكل ما يخلص وعيزاكي تاكلي كويس عشان انتي محتاجه تتغذي وتعوضي التعب ده يا بنتي.


وافقتها دون مماطلة ودلفت رفقة زوجها الذي ساعدها بتغيير ملابسها ﻷخرى مريحة بعد استحمامها وجلس يجفف لها شعرها فتسائلت وهي تنظر ﻷنعاكسه بالمرآة:

-احنا ليه مروحناش بيتنا يا فارس؟


أجابها وهو يتحاشى النظر لها حتى لا تلاحظ حزنه الظاهر عليه:

-عشان الدكتوره دينا تاخد بالها منك ومن الولاد.


لم تبتاع الأمر فسألته:

-ايوه بس كنت تقدر تخليها تيجي هي، من امتى واحنا بنسيب بيتنا ونقعد عند حد!


ترك المجفف من يده وجلس على طرف الفراش:

-مفيش حد هناك يراعيكي انتي والولاد وخصوصا إن الخدم كلهم في أجازه.


بالطبع قادها فضولها لتسأله عن سبب إعطاءه تلك الأجازة لكل الخدم، ولكنها لمحت حزنه البادي عليه واستنتجت أنه ربما لا يود العودة لمنزلهما لتواجد الكثير من الذكريات التي جمعته بمربيته الحنون والتي حزنت عليها كثيراً فتركت مقعدها وتوجهت ناحيته لتجلس بجواره وربتت على كتفه:

-حبيبي، أنا عارفه داده كانت بالنسبه لك ايه وأكيد صعب عليك تدخل البيت وهي مش فيه، بس أنا مش هرتاح هنا، فايه رأيك نروح نقعد عند جدي؟


ترك مكانه وحاول كبت غضبه فأولاها ظهره حتى لا تلاحظه وتكلم بصوت حاد:

-انسيهم بقى يا ياسمين.


لم تفهم ما قاله أو سببه فتبعته ووضعت راحتها على كتفه وأدارته ليواجهها والحيرة بادية على وجهها:

-أنساهم! ليه؟ أنت هتاخدهم بذنب شادي ولا ايه فهمني؟


رمقها بنظرات جامدة فاتسعت حدقتيها وقد تأكدت من ظنونها، ولكنها لم ترض بالأمر الذي يود فرضه عليها فاعترضت وهي تحاول كتم عبراتها بداخلها:

-عملولك ايه؟ ليه دايما بتاخدهم بذنب غيرهم و...


قاطعها محتدا بغلظة:

-أجلي كلام في الموضوع ده دلوقتي.


رفضت ووقفت ندا له تحاول إعداله عن قراره الذي تعلم تماما أنه قد اتخذه مسبقا:

-ﻷ يا فارس، مش كل مره تحصل مشكله مع أي حد أهلي يتاخدوا في الرجلين، حتى لو شادي عمل أكتر من كده 100 مره فأهلي ملهومش ذنب في حاجه.


تركها وابتعد صوب فراش الصغيرين ليتفقدهما وأحكم الغطاء عليهما وهو يهمس هلا:

-وطي صوتك عشان الولاد نايمين.


صرت على أسنانها من طريقته التي حفظتها عن ظهر قلب:

-اشمعنا لما حصل كوارث من أهلك ما اخدتش كل اهلك بذنبهم؟ لما مروان خطفني وحاول يقتلني بمساعدة عاليا وفضلت تراعيها وفتحت بيتك لولاده لكن لما ييجي الموضوع عند أهلي يكون رد فعلك كده.


ظل واقفا أمامها يستمع لحديثها وهو عاقدا ساعديه خلف ظهره فأغضبها أسلوبه كثيرا فصاحت فورا:

-بطل طريقتك دي، أنا مش موافقه على....


قاطعها مقتربا منها حتى بات قاب قوسين من حد الإلتصاق وسحبها من خصرها ولضعف جسدها نتيجة لغيبوبتها التي مكثت بها أكثر من يومين فكادت أن تسقط داخل حضنه وما كان إلا أن استندت براحتيها على صدره وهي تزفر بضيق لعلمها طريقته المتبعة لتشتيتها بتلك الأفعال حتى تتوقف عن مجادلته، ولكنها لن تصمت تلك المرة عن حقها:

-يا فارس أهلي واقفين معاك ضد شادي و...


عاد لمقاطعتها ساحبا ثغرها بداخل خاصته وقبلها بشغف واحتياج فلم تجد أمامها مفر سوى لمبادلته القبلات الحارة، ولكنها ابتعدت مذعورة وهي تهتف:

-فارس، احنا اتطلقنا.


أضحكته رغما عنه فحقا لم يبتسم وجهه منذ ذلك اليوم سوى الآن بسبب سذاجتها فسحبها مجددا من خصرها وقبلها من جديد وابتعد يسحب زفيرا عميقا وطرده بتمهل:

-أولا الطلاق بالإكراه لا يقع، نفس وضع چنى لما طلقتها منه بالغصب، وثانيا الطلاق بالنيه وأنا كانت نيتي أني هموت وانتي على ذمتي.


وضعت راحتها تمنعه من الحديث معترضة بلهفة:

-بعد الشر، بطل تجيب سيرة الموت عشان خاطري.


ابتسم حتى تجعدت عينيه وأكمل:

-وبعدين دي بوسه حتى لو مش متجوزين ما أنا كنت هاريكي بوس قبل الجواز.


غمز لها فخجلت وأطرقت رأسها فزادت ضحكاته ورفع ذقنها بسبابته:

-وش كسوف أوي، يا بت ده أنا مربيكي على ايدي.


دفعته بصدره موبخة:

-بس بقى، أنا عارفه طريقتك دي عشان تنفذ اللي في دماغك ولو اتكلمت أبقى أنا النكديه اللي بعمل مشاكل مش كده؟ اهلي خط أحمر يا فارس ولو...


قاطعها ينظر لها بحدة وحاول أن يتمالك غضبه حتى لا يخرج أمامها وحدثها بهدوء ينافي ما يشعر به بداخله:

-طيب يا ياسمين حقنا للدماء فأنا بقولك إن قراري في الوقت الحالي هو إن ممنوع تتواصلي معاهم أو تجيبي سيرتهم أو تطلبي زيارتهم حتى نرمين، والوحيدة المسموح ليكي بالتعامل معاها هي شيرين وده اضطراراً لأنها مرات ساجد، غير كده مفيش.


لم تعقب عليه ونظرت له بحزن وهو يكمل:

-أنا حاليا وصلت ﻷعلى مراحل ضبط النفس ومش عايز أرجع انتكس وحقيقي أنا على شعره واحده للرجوع لفارس القديم اللي أنا وانتي بنكرهه، فهعيد عليكي بهدوء ومن غير نرفزه ..... تنسي أهلك على الأقل الفتره دي لحد ما أهدى.


صمتها جعله يضيف وهو يقبل وجنتها:

-يمكن لو سمعتي كلامي مرة واحده في حياتك من غير ما تتعبيني وتجادليني أغير رأيي وأعفو عنهم.


ضحكت من كلمته وهي تعقب:

-الحاكم بأمره عشان تعفو عنهم، تعفو عنهم ليه؟ عملولك ايه؟


بدأ يفقد صبره معها ولكنه جاهد حقا حتى لا يحتد عليها فزفر بقوة قائلا:

-اعتبريني بغلس عليكي من غير سبب ونفذي كلامي مره واحده بس من غير نقاش.

الصفحة التالية