-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 31 - 1 - الإثنين 11/12/2023

  

قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الواحد والثلاثون

1

تم النشر يوم الإثنين

11/12/2023



لم يحتاج الأمر إلى تفكير وأسرع سالم يحمل ليلى متجه بها الى المشفى وكانت خلفه تسنيم ولم تتركه، وكان سالم يشعر أنه بعالم آخر وهو يحملها بين ذراعيه والدماء تسيل منها، لم يصدق هل انتحرت بالفعل؟ هل ستتركه و ترحل ولم يعد يراها مره اخرى؟ وبدأ يشعر بالذنب نحوها وبتأنيب ضميره لانه هو من اوصلها الى تلك الحاله الضعيفه . 


أوصلها إلى المستشفى، و وقف إلى الخارج منتظر خروج أحد من الداخل يطمنه عليها ويريح قلبه، ثم جلس فوق مقعد المستشفى وهو يشعر بسوء حال ابنته وتدهور صحتها فجأة و اقبالها على الانتحار، حاولت الأخري تهدئه زوجها بكافة الوسائل لكنها لم تنجح، ففي النهاية هي أبنته وقطعة منه، حتي انخرطت تسنيم في بكاء مستمر حزنًا عليها .


بعد فترة وصلت جدتها والتي انهارت باكية حزنًا على حفيدتها الوحيده بعد معرفتها خبر انتحارها الصادم، وجلست جانبهما باكية بقلب منفطر عليها، وضربت كفها بالأخر محركة رأسها للجانبين آسفة على حالها وهي تشعر بالعجز هامسة بصوت متألم


= لا حول ولا قوة إلا بالله، هو اللي بيحصل لنا ده بس! ده البت لسه صغيرة وفي عز شبابها


وقفت تسنيم تطالعهما بنظرات دامعة، هي تشفق على تلك الصغيرة كثيرًا حقا هي بالنهايه ضحية مخاوفها من البدايه، ثم أقتربت منه فهو بحاجة إليها وإلى دعم قوي ومستمر ممن حوله خاصة هي! احتضنت يده رافضة تركها في تلك المرحلة الحرجة ليتجاوز الأزمة.


رفع سالم بصره للسماء بأعين تترقرق فيها العبرات وقال بنبرة مرتعدة


= خايف أوي يا تسنيم.


مسحت على ظهره برفق متفهمة حالته تلك، فهي لم تختلف عنه كثيرًا رغم العداوة الغير مبررة التي كانت بينهما بالسابق، لكن لا شماتة في الموت فهي لا تملك أمر نفسها، وما هي فيه ليلي ما هو إلا ابتلاء من المولى ليمتحنها، وإجابته بأمل


= إن شاء الله خير، ربنا موجود!


ساد صمت ثقيل بين الثلاثه لبعض الوقت، ثم تساءلت ناهد بقلق شديد


= هي مش كانت كويسة وبدأت تتحسن، ايه اللي حصل؟


هزت تسنيم رأسها بعدم معرفة وهي ترد بتوتر


= مش عارفة فجأة كده لاقينها واقعة ولما قربت منها اكتشفت انها قطعت شرايينها ومش بترد علينا، وجبناها على طول هنا .


زفر سالم بحزن أكبر وهو يجيب بتوجس 


= انا السبب قبليها حاولت بتتكلم معايا وتصالحني وفضلت تتاسفي وتقولي انها ندمانه بس انا كالعاده ما سمعتش ليها واديتها كلمتين صعبين، تلاقيها ما استحملتش عشان كده انتحـ... 


صمت ولم يستطيع اكمال حديثه بينما نظرت ناهد له مطولاً ثم أجابته بصوت نادم


= مش لوحدك جيت عليها بالجامد كلنا يا سالم، وعلي رأي مراتك ما حاسبناش نفسنا الأول قبل ما نحاسبها تقوم بالسلامه بس ولينا كلام تاني معاها! 


ضغطت تسنيم على شفتيها مرددة بتوجس ظاهر


= مافيش حاجة صعبة على ربنا! تفائلوا خير


لاحقًا، انتهى الطبيب من فحص ليلي بغرفة المستشفى، وأعطى تعليماته للممرضه بضرورة متابعة حالتها أولاً بأول وإبلاغه بالمستجدات، فقد استقر وضعها إلى حد ما وبدأت تستعيد وعيها مما أعطاه مؤشرًا طيبًا، وعندما فتحت عينها أول شيء تساءلت عنه بنبرة ميؤوس منها 


= أنا هموت، صح؟


نظر لها الطبيب واردف هاتف باهتمام


= لا الحمد لله ما حصل لكيش حاجه، انتٍ لسه ليكي عمر! من حسن حظك جرحك ما كانش عميق اعتبريها فرصه من ربنا وحاولي تصلحي أمورك بدل ما تهربي منها بالانتحار .


لم يستطع إقناعها فقد كانت متأكدة من عدم سماح أسرتها لها لذلك أصبحت تكره حياتها ولم تجد غير الانتحار هو الحل، إبتلعت ريقها بصعوبة هاتفه بصوت منخفض


= هما.. أهلي بره؟


أومأ الطبيب برأسه قائلاً مبتسماً


= ايوه، كلهم مستنينك وهايفرحوا لما يشوفوكي


دلفت تسنيم في تلك اللحظة ليخرج الطبيب، واقتربت منها تضع يدها على كتفها وهي تقول بعتاب


= كده يا ليلي ده اللي اتفقنا عليه، تنتحري عشان باباكي رفض يسامحك هو احنا مش اتفقنا ان الطريق طويل وهم مش هيسامحوكٍ بسهوله، الحمد لله ان ربنا سترها المره دي بس ماتفكريش في حاجة زي كده تاني مهما كانت ظروفك بلاش تحلي أمورك بطريقه تغضب ربنا منك ده مش حل .


وقبل أن تجيب عليها ظهر فجأة سالم من الخلف وصرخ بعصبية زائدة مقاطعة إياها 


= هو انتٍ بتكلمي مين هي دي عندها دم ولا حاسه بتعمل فينا ايه؟ بتعاتبي مين وتفهميها؟ و انتٍ اصلا لسه هتتكلمي معاها.. 


أخفضت أبنته رأسها وهي تبكي بحرقة بصمت لانه بالفعل محق وهي بدأت تعقد الأمور بدلاً من تصليحها لكنها وجدت نفسها وحيده ولا تعرف لمن تلجأ حتى يسامحها، أشارت له زوجته قائلة بتريث محاولة امتصاص ثورته المنفعلة


= اهدي بس يا سالم، مالوش لازمة الزعيق!

المهم ان احنا اطمنا عليها وهي بقت كويسه 


تجاهل إياها ثم صاح بزمجرة متشنجة


= جربي كده تساليها هي عارفه احساسي كان عامل ايه وانا شايلها؟ وهي غرقانه في دمها بين ايدي! ومش عارف ياتري هشوفها تاني ولا لأ؟ جربي تساليها عارفه يعني ايه احساس اب يبقى مش قادر يستنى الوقت اللي يعدي عليه وهو خايف الدكتور يطلع يقوله باي لحظة البقاء لله وبنتك مش هتشوفها تاني ؟. هاه! فكرتي في كل ده قبل ما تنتحري .


وضعت ليلي يدها فوق فمها وهي تبكي بحزن شديد، نظر لها شزرًا وهو يصيح بانفعال قوي


= ما تردي ساكته ليه؟ طب عارفه إحساسي كان عامل ازاي وانا خايف عليكي تروحي مني وأنا مش عارف ازاي هعيش من غيرك، ولا انتٍ ما تعرفيش بس غير انك توجعي قلبي عليكٍ


رفعت عينيها إليه بتأثر وهي تتوسله بصوت شبه مختنق


= انا اسفه يا بابا بس ما قدرتش اشوفك زعلان مني كده وانا السبب، والله ندمت ومش عاوزه حاجه غير انك تسامحني حقك عليا .


نظر سالم بجمود رغم تأكده من صدق كلماتها، لكن سريعًا ما زاد حنقه وقال بصوت مرير


= بسهوله كده توجعي قلبي عليكي وترجعي تقولي لي اسفه؟ عارفه لو فكرتي تعملي حاجه 

تاني في نفسك هعمل فيكي ايه ؟. 


تعالت صوت بكاء ليلي بضعف معتقدة أنه لن يسامحها و بسبب فعلها ذلك ساءت الامور اكثر بينهما، أدمعت عيناه الآخر بألم، ثم هز رأسه ساخراً بقهر


= للاسف مش هقدر اعمل حاجه عشان انتٍ بنتي الوحيده واللي ما ليش غيرها ومش هقدر اعيش من غيرك، اوعي تفكري تحرميني منك تاني فاهمه .


أبتسمت ليلي وسط دموعها فجاه وهي تهز رأسها بالإيجاب بعدم تصديق، في حين أقترب سالم وسحبها إلي صدره بذراعيه وهو يقبل رأسها بحب صادق واشتياق، ابتسمت تسنيم بسعادة من بين عبراتها الساخنة ونظرت في اتجاه ناهد التي كانت تقف جانب تطالعهما بنظراتها الحنونة، وظلت تهمس بكلمات شاكرة للمولى على رحمته الواسعة بها.


بكي سالم فرحًا في احضان أبنته لأنه لم يفتقدها بعد، وأنها لا تزال على قيد الحياة و لذالك قرر أن يعطيها فرصه ثانيه وينسى الماضي لأنه لم يتحمل فكره رحيلها عنه، بينما ليلي شعرت براحة تجتاح قلبها الملتاع عليها عندما وجدت والدها بدأ يتعامل معها من جديد و سامحها، وذلك أزال هموم كبيرة من أعلى صدرها أخيراً .


الصفحة التالية