-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 31 - 5 - الإثنين 11/12/2023

 

قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الواحد والثلاثون

5

تم النشر يوم الإثنين

11/12/2023




بعد رحيل رسلان تغيرت حياه مهره كثيراً و أصبحت تهمل في نفسها بعض الشيء وفي دراستها أيضا، لقد افتقدت الكثير بعد رحيله وبدات تعرف بانه كان جزء كبير في حياتها ومهم و داعم اكبر لها، لكنه ذهب دون مبرر او بمعنى اوضح اختفى من حياتها وهي أصبحت رافضة السماح لمشاعرها بالتحرر منه، نعم هي أحبته ولا تعرف كيف حدث هذا، لكنها عشقت رجولته وشجاعته الداعمة لها وخوفه عليها من أقل شيء يمكن أن يؤذيها، تلك السمات التي افتقدتها في شريك حياتها الأسبق الذي كان على النقيض تمامًا، فأتاحت الفرصة لشخصه للتسلل إلى قلبها والاستحواذ عليه كليًا، وبالمقابل اختفى هو الآخر، ابدا لم تشعر مطلقاً بانه كذلك شخص سيء.. ندمت على تسرعها في اعترافها له بذلك الجواب الذي اختفى بعده على الفور، لكنها كانت محاولة أخيرة بائسة ظنت أنها ستفلح معها وستجد شخص مناسب لها يعوضها عما فات، وأتت النتائج عكس توقعاتها، وها هي تجلس جانب والدتها وهي تعرف منها نتائج اختبرها بالمدرسة اليوم! 


فغرت وفاء شفتيها متمتمة باستنكار


= ايه ده يا مهره مالها درجاتك قلت كده ليه خالص، و ما بقيتيش تهتمي بدراستك هو ده يا حبيبتي اللي هتعوضي اللي فاتك .


ضغطت على شفتيها بيأس قائله بنبرة باهته


=انا اسفه يا ماما مش عارفه بس الايام دي مالي، بس هحاول المره الجايه .. عن اذنكم


زفرت الأخري بنفاذ صبر من أسلوبها واهمالها في نفسها، لترمقها بنظرات مزعوجة وهي تعلق عليها بغيظ شديد


= تعالي هنا هو انتٍ مش هتتغدي معانا النهارده كمان، ما هو ما ينفعش حالك ده مش هتهملي في الدراسه وفي الاكل كمان انتٍ عاوزه توصلي لايه بالظبط من اللي بتعمليه .


تنهد سراج الجالس فوق السفرة، وتمتم بكلمات خافتة محاولة تهدئتها، قائلاً بهدوء


= مهره روحي انتٍ يا حبيبتي خلاص اوضتك وخلي بالك من نفسك .


هزت مهرة رأسها بالإيجاب بامتنان له، و تحركت تجرجر أذيال خيبتها عائدة من حيث جاءت، فنظر سراج إلي زوجته هاتفاً بضيق


= ممكن تهدي شويه عشان اللي انتٍ بتعمليه ده مش هيفيد بحاجه وبطلي تضغطي على البنت، اللي هي في ده طبيعي اديها فتره تحاول تطلع من الحاله دي لما تتعود .


التفتت وفاء نحوه بتهكم، وردت عليه على مضض


= تتعود علي ايه بالظبط دي بتاخدني على قد عقلي عاجبك الاهمال اللي عملته في نفسها ده وكل ده عشان ايه ؟؟. 


استنكر طريقتها الهجومية على ابنتها، ناهيك عن اقتحامها لحريتها بشكل سافر، استشاطت نظراته سريعًا، ورد بتشنج


= انا وانتٍ فاهمين كويس هي كده ليه! عشان كده طلعيها من دماغك وبلاش تضغطي عليها يا وفاء، ومش كل حاجه لازم تمشي زي ما انتٍ عاوزه .


تفهمت اعتراضه بعد صعوبة، وردت قائلة بحذر


= تمام، بس لو مفكره باللي هي بتعمله ده ان انا ممكن اسمحلها ترجعله من ثاني تبقى بتحلم هي صغيره وهتنساه على طول واياك اعرف ان ابنك اتواصل معاها من ورايا، في مرة .


نكس رأسه بقله حيلة منها، ووضع يده على شعره عابثًا به وهو يرد بندم


= سيبي أبني في حاله، هو كمان حاله مش كويس.


❈-❈-❈


دلف أيمن المنزل يزيل عنه عنقه رابطته التي تخنقه، هتف بأسم زوجته لكن لا اجابه كالعادة

اتجه نحو الغرفة يفتح الباب دون طرقه ليجدها تجلس فوق الأريكة وبيديها تصنع قطعه قماش لصغيرها بشرود، أبتسم بسخريه واعتقد انها عادت الى افكارها الجنونيه مره اخرى وتريد العمل، ومعه كل الحق! فاصبحت الفترة السابقه مزاجها سيء جداً وضجر من تقلباتها عليه، تحبه ولا تطيقه وبين هذا وهذا كان يجن جنونه! تنهد بقوه واقترب منها ليتمالك اعصابه وهو يبتسم بصعوبه قائلاً باقتراح 


= ما تاجي نروح يومين اسكندريه نشم هوا.. و متزعليش مني لما اتعصب عليكي ما بقيتش قادر تبقى بعيده عني


نظرت إليه وهزت رأسها برفض دون حديث، وذلك ازعاجه أكثر وبعد دقائق نهض وأغلق الباب صافعاً خلفه ليتركها تبكي كالعاده

دون سبب أو مبرر، وهتف بصوت عالي


= خلاص تعبت وقرفت كل يوم نكد.


سمعت كلماته من الخارج وبدأت تبكي أكثر فهي في حاله صعبه أيضا هواجسها طول الوقت وكوابيس سيئه تأتيها دوماً بأنها ستموت وتفارق الحياه دون أن ترى طفلها، تشفق عليه فوحدها من عرفت الحقيقه! و خشت أن ما يحدث معها بسبب ذنب خيانتها وما زال يلحق بها طيلة عمرها وهي الآن تنال عقابها رغم أنها ندمت وتوسلت للجميع حتى يغفر لها.. لكن تعلم جيد بان الله غفور رحيم وهذا ابتلاء لامتحانها وعليها التحمل، لكن زوجها لم يعد يفهم حالها... يُدلل ، يُرعى ، ويصبر وهي لا تخبره إلا انها لا تطيق أنفاسه، فكرت أن تذهب له لكنها ترددت بذلك فهي تعلم نهايه المُصالحة... فخصام آخر سيحدث بعدها.


في الخارج زفر أيمن أنفاسه بسأم فلم يعد يتحمل رفضها واخبارها الدائم له انها لا تطيقه، تفاجأت بها تتقدم له بأعين مليئة بالدموع ليقول بعصبية


= جايه تكملي وصله النكد بتاعتك هنا لو كده اتفضلي ادخلي جوه... عشان خلاص زهقت.


لتنظر ليان إليه وأخذت تبكي حتي مشاعرها المضطربة، ازدادت في بكائها لتضع يدها فوق بطنها من شدة آلمها ليسرع أيمن إليها بقلق


= ما كفايه عياط عشان اللي في بطنك، هو انا كنت عملت لك حاجه ده أنا إللي ما بقتش فاهمك و تعبت من كل يوم خناق 


أدمعت عيناها بحزن شديد وقالت 


= معلش بس انت كمان مش قادر تفهم انه غصب عني، وانا اللي تعبانه اكتر منك .


تنهدت بقلة حيله لتسرع تنظر له وهو يزفر أنفاسه بضيق ظاهر فوق ملامحه فدوما هذه كلماتها دون غيرها، تحركت نحو غرفتها وحاولت ان تتواصل مع الطبيب الجديد الذي بدأت تتابع معه لعله يجد حل لها!. 


وبعد فترة دلف أيمن والصدمه احتلت معالم وجهه عندما لاحظ انتفضها فوق الفراش بذعر واغلقت الهاتف بسرعه، ثم قالت بنبرة متوتره


= مش تخبط على الباب قبل ما تدخل، خضتني انا هروح اجهز الأكل .


انصرفت ليان تطرق رأسها أرضاً، ليهوي فوق مقعده يضع وجهه بين كفيه وبدأ يفكر في احوالها وابتعادها عنه الملحوظ.. ليان لم تعد تحبه، مرت ساعه وهو جالس هكذا لينهض وبعدها اقترب من هاتفها ليفتحه لكن تفاجئ بها وضعت له رقم سري على غير العاده . 


وهنا لم يعد غبي لا يفهم شيئاً فليان بالتاكيد تخفي عنه شيء ما! وذلك السبب في تغيرها وابتعادها عنه فهي لم تكن كذلك إلا مؤخراً، بالاضافه هذا الإبتعاد وهذه الحاله التي أصبحت فيها تغلق الهاتف بسرعه عندما يدلف لها وأن تضع رقم سري للهاتف لم تكن كذلك مطلقاً إلا عندما بدات تعرف غيره وتخونه! وبدأ يتذكر كلماتها سابقاً؟؟ من تريد الخيانة ستخون زوجها مهما أغلق ألف باب عليها .!؟؟. 


❈-❈-❈


حرص سالم على المتابعة الهاتفية اليومية مع الطبيب المتابع لحاله أبنته ليلي المرضية كي يتبع نصائحه خلال الرعاية المنزلية وبعد أن يتم شفائها ستبدأ تذهب إليه من جديد للمتابعه و والدها سيكون معها خطوه بخطوه، وبسط الأمور لناهد أيضا ليسهل عليها الفهم حتى تساعده هي الأخرى وتلك هي الخطوات الجيده في رعاية صحتها النفسيه، وكانت أهم توصياته هي الإهتمام المشترك من بين الجميع لها، وتغير بالفعل الجميع في المعامله تجاهها  بعد محاوله انتحارها وهذه المره غير .


وفي يوم من الأيام، نهضت ليلي من نومها واتجهت الى المطبخ حتى تشرب، وتحركت عائدة من حيث أتت لكنها لمحت بطرف عينها شيئًا أثار ريبتها زوجه أبيها تقف بمفردها في الغرفه وتلم ملابسها داخل الحقيبه، دققت النظر أكثر نحوها وهي تقترب هاتفة بقلق


= هو حضرتك مسافره .


نظرت إليها بهدوء ثم أجابت بعدم اكتراث 


= لا يا ليلى انا خلاص ماشيه وانتٍ أهو الحمد لله بقيتي كويسه وموضوعك خلص و خلاص اتصلحتي مع باباكي هفضل تاني ليه؟ مهمتي خلصت .


سألتها ليلي بفضول واضح عليها لم تبذل جهدًا في إخفائه


= مش فاهمه؟ هو حضرتك كنتي موجوده عشان حاجه محدده و دلوقتي ماشيه! طب هو بابا وافق يسيبك كده عادي انا فكرت هترجعوا لبعض بعد اللي حصل.


تنفست تسنيم الصعداء بقله حيلة، ثم اغلقت حقيبتها ووضعتها جانبها على الارضيه و أردفت بصوت مخنوق


= ليلى حبيبتي في حاجات اكبر من أن اشرحهلك او احاول افهمها لك بس انا وباباكي  خلاص حكايتنا خلصت وهننفصل قريب بس هنتقابل تاني اكيد لأن في بينا طفل واللي هو هيكون اخوكي كمان .


كورت قبضتها متفهمة سبب رحيلها، هي أصبحت تعيسه الحظ مع والدها بسبب أفعالها، دومًا تضعفها الظروف في مواقف لا تخدمها أبدًا، استشعرت تعقد الأمور، فهتفت موضحه  بتوجس


= هو انتٍ عاوزه تمشي وتسيبي بابا عشاني!  عشان اللي عملته فيكي مش كده، هو انتٍ لسه زعلانه مني وما سامحتنيش ذيهم .


تحركت نحوها بتمهل حذر مرددة بعتاب لطيف


= هكدب لو قلت لك مش زعلانه واني اضايقت بس خلاص دلوقتي الوضع اتغير وانا مش ماشيه عشان موضوعك ولا عشان زعلانه منك، خلي بالك من نفسك واظن أنك اتعلمتي من تجربتك ومش هتعملي اللي عملتي تاني.


تحركت تسنيم خطوه وامسكت الحقيبة والتفتت تتابع سيرها المتعجل كاتمة كم المشاعر العديدة المشحونة بداخلها بصعوبة بالغة، ما أزعجها وجعل همومها تطبق على صدرها تسلل فكره العوده لهم وإلى حياتها القديمه رغمًا عنها، لا تنكر أنها باتت تفكر في ذلك مؤخرًا، أخرجت من صدرها تنهيدة تحمل الكثير من الأثقال التي تكتم على روحها.  


ظلت ليلي مكانها عده لحظات ثم التفتت ناحيتها بواهن حينما رأت العبرات تخونها وتنساب برقة على وجنتيها، وضعت يدها على صدغها تتحسسه بصدمة من أنها حزينه جداً لهذه الدرجه علي رحيلها وأصبحت شخص مهم بالنسبة لها، وهتفت بعدم تصديق


= استني ما تمشيش .! 


تسمرت تسنيم مكانها بعدم استيعابها الأمر واستنكرت بشده بأنها تطلب منها أن تظل ولا ترحل، صحيح ليلي تغيرت كثيراً عن سابق لكن ليست لهذه الدرجه التي تتوقعها، أسرعت تقف أمامها وهمست تضيف بنبرة مؤثرة


= ما توقعتش ان انا ممكن اقولها لك في مره بس عشان خاطري ما تمشيش وتسيبينا، بلاش حتي عشاني عشان بابا هو بيحبك وانا مش عاوزه يكون زعلان تاني.. ولو مشيتي هيزعل وهو محتاجلك.. وآآ أنا كمان .


تأثرت للحظات بنبرتها المتوسلة لها، أكد لها حدسها بأنها تريدها حقا وتطلب منها ذلك؟؟.  نظراتها المستعطفة لقلبها لكي ترفق وتعطي لهم فرصة أخيرة، خشيت من افتضاح أمرها فعمدت إلى تجميد ملامحها، وردت متأهبة للتحرك


= أنا اتأخرت ولازم أمشي، عن اذنك!. 


يئست ليلي من إقناعها، فتنحت جانبًا لكي تمر من جوارها زافره بصوت مختنق بيأس اقتربت تسنيم منها لتحتضنها بحنو أمومي صادقه لها، و تنهدت هامسة بقلق طفيف بدا على قسماتها


= أشوف وشك بخير يا ليلى، كفايه انتٍ عليه  خلي بالك منه سلام .


نظرت ليلي لها بحزن لاعنة ما كانت تفكر فيه نحوها و وقاحتها الزائدة، و رافضه تصديق رحيلها من هنا عكس سابقة، تعلقت أنظارها بها رغم ابتعادها، ثم سرعان ما ركضت نحوه والدها تبحث عنه بلهفة وهي تردد بخوف 


=بابا الحق ابله تسنيم هتمشي


رفع سالم رأسه وتوتر قليلاً، ولكنه جاهد ليحفظ على ثبات انفعالاته، فابتسم قائلاً بحذر


=عارف يا حبيبتي، خلاص اتفقنا على كل حاجه! بس وانتٍ مالك متضايقه انها هتمشي مش ده إللي كان نفسك فيه زمان وان احنا نرجع لوحدنا من تاني .


هزت رأسها نافية وهي تقول بنبرة مرتجفة


= ايوه بس ده قبل ما اعرف انها طيبه وكمان هي ساعدتني انكم تسامحوني، وما طلعتش زي ما كنت فاكره.. انا مش عاوزها تمشي يا بابا .. امنعها .


وضع سالم يده على كتفها ليضغط عليها برفق، واكتفى بالابتسام وهو يرد بإيجاز متصلب


= ولا انا كمان عاوزها تمشي، بس مش هقدر امنعها يا حبيبتي، هي مش قطه عشان احبسها وده قرارها وهي حره فيه .


كانت تسنيم مازالت تقف بجانب الباب ولم ترحل، فاستمعت الى حديثهما واعينها بدأت تدمع بتأثر ثم انتبهت الى نفسها و تحركت تسرع في خطواتها تاركه المكان برمته.


الصفحة التالية