-->

رواية جديدة حياة بعد التحديث الجزء الثاني من بدون ضمان لخديجة السيد - الفصل 32 - 5 - الخميس 14/12/2023

  

قراءة رواية حياة بعد التحديث

الجزء الثاني من بدون ضمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حياة بعد التحديث

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الثاني والثلاثون

5

تم النشر يوم الخميس

14/12/2023


ظلت تسنيم تضرب فوق باب الغرفة بيدها دون فائده، ثم ألتفتت خلفها فوجدته يقف غير مهتم بما يحدث، وتعالي صوتها بعصبية وهي تضرب فوق الباب بعنف مجدداً


= يا ليلي افتحي الباب ما ينفعش اللي بتعمليه ده، ما تقول حاجه لبنتك انت كمان هو انا هفضل محبوسه هنا ولا ايه.


جاءها صوتها من الخارج وهي تقول ببساطة


= ريحي نفسك يا ابله تسنيم الباب ده مش هيتفتح غير لما تتصالحوا انتٍ و بابا؟. 


أغمضت عينها بيأس وقالت محاوله استعطافها 


= يعني ده جزاتي يا ليلى ان انا اول ما سمعت صوتك بتستنجتي بيا سبت اللي ورايا واللي قدامي وجيتلك على طول وانا خايفه عليكي وبعد ما اجي الاقيكي بتضحكي عليا والزفت ده مهربش ولا حاجه وانتٍ جايباني هنا عشان تقفلي عليا مع باباكي و نتصالح بالعافيه، حبيبتي الأمور دي ما تنفعش تتحل كده افتحي الباب انا مش هفضل طول اليوم هنا 


عادت ليلي ترد بصوت غير مهتم بالأمر 


= لو هنفضل كده للصبح عادي جدآ، ما فيش مشكله عندك الحمام وكمان انا سبتلك اكل جوه يعني الامر مش صعب لو هتقعدي كام يوم جوه.


دق قلبها بعنف بعد تلك العبارة التي تضم كلمات موحية بالتفرد مع سالم وقت أكثر و هي بالاساس قبل أن تاتي كانت تسيطر على مشاعرها بصعوبه، غضبت كثيرًا لمقابلته هنا وتعال نبرتها المتشنجة وهي تقول بغيظ واضح


= سامع بنتك بتعمل ايه اهو الجنان بتاعها طلع تاني عليا، ما تتصرف ولا انتٍ عاجبك الوضع.


جلس فوق الأريكة هاتف بصوت رخيم وهو يسبل عينيه نحوها بتافف


= ما تبطلي ازعاج يا تسنيم من ساعه ما قفلت علينا الباب وانتٍ عماله تزعقي وتدبدبي علي الباب وهي مش عاوزه تفتح و كل شويه تقولي لي انت السبب وشكلكم متفقين مع بعض وأنا حلفتلك إني ما اعرفش حاجه واتفاجئت بيكي وانا خارج من الحمام ذي ما انتٍ اتفاجئتي بيا بالضبط، وهي لعبت علينا احنا الاتنين وانا ما كنتش اعرف حاجه 


شعرت بالضيق من طريقته التي لا تستسيغها على الإطلاق، لكنها مضطرة لتحمله حتى تفتح ليلى ذلك الباب وترحل، للحظة تنفست بعمق ثم رفعت رأسها نحوه، ليضيف بثبات


=ولو اعرف صدقيني كنت همنعها بدل الصداع اللي انتٍ عاملاه ومفكره نفسك مهمه أوي عشان اعمل خطط ومؤامرات مع بنتي عليكي، فاضي انا اصلي ومواريش غير جنابك .


جمدت أنظارها المشتعلة عليه، وقالت بسخط 

ساخراً


= طب يا أستاذ طالما انا عامله ليك صداع أوي كده ما تشوفلك حل مع بنتك، ده انت من ساعه ما دخلت ومريح دماغك ولبست وقاعد ولا في دماغك حاجه مش انا عامله صداع و زهقت مني وما بقتش طايقني.. اتصرف و خليها تفتح الباب أو اكسره .


انتبه لما قالته، وسريعًا شد من تعابير وجهه قائلاً ببرود مصطنع


=ما هي عشان بنتي انا عارفها كويس لما بتحط حاجه في دماغها هتعملها، فريحي نفسك وما تعمليش دوشه وهي لما تياس هتفتح الباب لوحدها، و بعد ما تفهم أن خلاص

مهما تعمل مش هترجعي وتفقد الامل زيي انك شلتينا من حياتك


أصابها الغضب من طريقه الجافه معها فابنته 

اوقاعتها في مأزق وهي في المقابل تتلقى توبيخات مهينة لشخصها، ومع ذلك حافظت على جمود تعابيرها وردت بحذر


= ما تبطل تلاقيح كلام اللي عمال تلقحه عليا ده من ساعه ما شفتني، لما انت مش طايقني أوي كده ما تحاول معاها تفتح الباب عشان اغور من هنا، دي كانت جوازه سوداء مش عارفه هلاقيها منك ولا من بنتك.


تحركت تبحث عن أي شيء لتفتح هذا الباب لكنها لم تجد فتلك الصغيره أخفت كل شيء، نفخت بضيق شديد هاتفه بنفاذ صبر


= يعني هنفضل كده حته عيله حبسنا ومش عارفين نخرج .


ردت عليها ليلي من الخارج بنبرة جادة 


= انا مش عيله يا ابله تسنيم وحاولوا تتكلموا بصوت واطي شويه، واتناقشوا مع بعض زي ناس متحضره الجيران هتسمع صوتكم عيب كده .


اندهشت كثيرًا من افعال ليلي معها فقبل سابق كانت تكرهه بشده والآن تسعى بان تعود لوالدها، و رغمًا عن سالم نطق لسانه لحاله بتنهيدة تحمل الأشواق والاشتياق


= معلش يا ليلى ما انتٍ ما تعرفيش اللي فيها، ده عنيدة بشكل رهيب! وما فيش حاجه هتنفع معاها اساليني انا دي طلعت عيني .


توترت الأخري من كلماته تلك، وزادت تخبطًا ثم ضغطت على شفتيها مرتبكة وهي تشير بسبابتها بتهكم


= وانت الملاك أبو جناحين صح اللي ما بتغلطش، مش كده!. 


رغم انزعاجه مما يحدث إلا أنه حافظ على ثبات نبرته وهو يرد بجدية


= بالعكس انا ما قلتش كده على الاقل انا غلطت واعتذرت! بس انتٍ إللي معتبره نفسك عايشه في الجنه مع ناس مستحيل تغلط و لما تغلط تسيبي ليهم الحمل وتمشي .


تنهدت بحرارة، وتعلقت أنظارها به و شعرت بانتفاضة كبيرة في روحها، و أردفت قائلة بنبرة حادة


= انت مش فاهم حاجه وبطل تكلمني باللهجه دي، انت محسسني من اول مشكله سبتلك كل حاجه ومشيت ما انا حاولت كتير واديتك فرص برده كتير، وكل ده عشان بـ..


وقف أمامها بجسده وقاطعها مرددًا بتنهيدة حارة


= عشان بتحبيني، يبقى تسامحي عشاني!


شردت في عينيه البنيتين متأملة حدقتيه باشتهاء واضح، رأت انعكاس وجهها فيهما، شعرت بدفء ينبع منهما، لذا هتفت بنزق ودون تفكير


= أيوه بحبك وانت عارف ده كويس! بس انت بقى أثبت ليا قصاد الحب ده إيه، وهو ينفع اللي بيحب حد يوجعة بالطريقه دي؟


قرأ في عيني زوجته تأثيره عليها فابتسم لها ابتسامة باهتة وهو يقول بحزن


= انتٍ قلبك طيب يا تسنيم ومش كل الناس زيك، وجايز ما تستاهليش واحد زيي فعلا انا عارف ان انتٍ معاكي حق وانا لو عملت مقارنه هلاقي ان انا وجعتك اكثر ما بسعدك في حياتي .


زفرت مجددًا بحزن أكبر وهي ترد قائله


= انا مش عاوزه الأمور توصل لكده يا سالم انتٍ مش وحش كده ولا انا برده طيبه اوي كده انا فيا عيوب برده وغلطات عملتها اكيد في حياتي، وانا لما بعتبك دلوقتي مش عاوزه احسسك الاحساس ده.. بس انت عارف ايه اكثر حاجه وجعتني منك ان انا كنت واثقه فيك اكثر حد في حياتي وكنت مراهنه عليك ان انت هتسعدني فلما اتاذيت منك كان صعب  ارجع من تاني و انسى اللي فات 


لم يكن متفاجئًا من كلماتها لعلمه المسبق بمشاعرها التي نبذها بسبب تصرفاته، كان في حالة صراع كبير بين قلبه وعقله، فأراد ألا يصلح الأمر وينفي عن عقلها جرحه الصعب، لكنه وعدها أن ينفذ طلبها حتى لو كان الرحيل

وكان ضد رغبته! أجاب عليها بصوت نادم بصدق


= عارف وندمت، بس لو تحسي بيا وتفكري فيا شوية! وفي وضعي دلوقتي وقد ايه نفسي نرجع لبعض تاني عشان اصلح كل ده


رفعت بصرها له بأعين تترقرق فيها العبرات هاتفه بحسرة


= غصب عني، ما كنتش قادره انسى احساس خيبه الأمل وحشه والخذلان اصعب .


أحاط كتفيها بذراعه وضمها إليه بحنو محاولة التهوين عليها، وقال بصوت معذب


= حقك عليا بلاش تعيطي، أنا مش بحب أشوفك كده!


لم تعترض على لمسته، ثم مال عليها برأسه وشعرت بأنفاسه الساخنة تلفح أذنها ليهمس لها بجدية مجبرًا إياها على توقف دموعها 


= خلاص، اللي حصل حصل! اللوم و الكلام مش بيفيد.


هزت رأسها دون وعي فاقشعر بدنها من تأثيره القوي عليها، خاصة عندما ضمها إليه أكثر بحب ونظرة شغف لمعت بعينيه وأكمل بهدوء


= ارمي ورا ضهرك يا حبيبتي اي حاجه تضايقك، وماتفكريش فيها كتير عشان ما تتعبيش!


أغمضت عينيها مستسلمة لذلك الشعور الرهيب الذي اجتاح خلاياها ليصيبها بالسكينة، وزاد تأثيره مع كلماته الحنونه بها حينما قال


= انا بحبك اوي، و عمري ما حبيت حد قدك بالطريقه دي .


ثقلت الأنفاس الأخيرة لتخرج تنهيدة عميقة من صدرها أراحتها قليلاً، يكفيها حاليًا ذلك الإحساس المخدر لتوترها المتشنج، ابتسم لتجاوبها معه ولنجاحه في إزالة حزنها تاركًا أثرًا مشوقًا بداخلها، لكنه أردف قائلاً بإصرار


= عاوزه اسمعها منك مش كفايه احساسي بيها هترجعي لي يا تسنيم .


رفعت تسنيم أنظارها و رأت وجهه يظهر عليه تلهف واضح، إبتلعت ريقها مضطربه من تلك المشاعر الكثيرة التي تشعر بها في آن واحد وياست من كتمها، وبعد لحظات أخيراً همست بصوت دافئ


= موافقة .


أبتسم بسعادة غير مصدق أخيراً عفت عنه، 

انحنى سالم مقبلاً إياها ثم اجلسها فوق الفراش محيطاً اياها بذراعيه بينما اسندت رأسها فوق صدره تستمع الى ضربات قلبه المتسرعه و على وجهها ترتسم ابتسامه مشرقة لتسمع صوته قائلاً بمزاحآ 


= الحمد لله نظرتي في البنت ليلي ما خيبتش

أخيراً طلعت منها بحاجه عدله بعد ما طلعت عيني هي كمان .


❈-❈-❈


علي سفره الطعام بداخل منزل سعاد، تناولت الطعام بصمت، وهي تطالع تلك المسرحيه السخيفة التي تعرض أمامها، فكان أبنها يطعم زوجته و يدللها بوقاحه غير عابئ بحوله، و التي كانت تكبره بعمر والدته ولم يكن يوماً يطعمها هكذا ولا يهتم بها بل كان أبن عاق حقا، وأخيراً اعترفت بذلك .


تنهدت سعاد بأسي وهي تري نظرات أبنها وهو يبتسم الي زوجته ويغمز بمرح بعينه وما زال يطعمها، فالأمر ثقيل بشده عليها.. تركها بعد أن اخذ اموال علاجها ولم يسأل عليها أبدا تلك الفتره وعاد بعد شهور الغربه متزوج من امراه اجنبيه تكبره في العمر كثيراً.. بدلا من أن يعود نادم على فعلته معها .


شعرت بالحزن الشديد عليها فلما يفعل ذلك معها و هي لم تقصر معه في شيء أبدا، حتى سابقاً عندما ارتكب جنايه واغتصب فتاه بريئه واصبح في السجن ظلت تسانده وتفعل المستحيل حتى خرج منها فهذا يكون جزاها بالنهايه، ابتلعت طعامها بصعوبه ثم جالت بعينيها نحو زوجته التي كانت مستمتعه لما يحدث وهي تشاهد ما لم تراه يوما وتتعجب بصمت .


أغمضت عيناها وهي تراه يحمل كوب الماء لزوجته وقال باهتمام


= خدي يا ماريا يا حبيبتي .. اشربي ياقلبي 


ثم رفع يدها نحو شفتاه وقبلها والاخري اجابت عليه بلغة عربيه ضعيفه، تنفست سعاد بعمق لتضبط انفعالاتها، فقد شعرت بغلو دمائها، وبحرارة متأججة في صدرها من ذلك المشهد الغرامي فالى هنا يكفي حقا؟ فظلت سنوات ترعاه ولم يعطيها كوب ماء واحد. 


هتف حسام بعدم مبالاة وهو يمضغ طعامه بقوه 


= رايحه فين يا ماما. 


نظرت إليه بغضب وهي تجيبه بغل واضح


= الحمد لله شبعت .


هز رأسه بالإيجاب، وتابع يتناول الطعام قليلا وقليل آخر يطعم زوجته غير مهتم باحد غيرها، وقفت سعاد من بعيد وهي تراقبه بحزن شديد وبدأت تفكر لما تلك السيدة بالذات تزوجها وهي تكبره بالعمر كثيرا، لتصل الى الاجابه سريعا بالتاكيد ليحصل على الجنسيه وليست حبه بها، هزت رأسها بيأس وإحباط فدوما أصبح يبحث عن مصلحته دون غيرها وبالتاكيد قدومه هنا لاجل مصلحته أيضاً ويريد شيء منها .


الصفحة التالية